مذكرات مجنون
يعيش في الخرطوم
(2)
رسالة صغيرة
حملتها النسيمْ
كي ينقل الرسالة
ويوجز العبارةْ
بروعة الإحساسِ
فيوضِحَ الحقيقةَ
حقيقةً أثيمة
وواقعاً أليمْ
هناك في الأعالي
يقتلون القمرَ
ويشنقون الحقَ
في قاعة المهازلْ
القاعة الكبيرة
أسميتها الجنون
حولها حراس
يحرسها رجالٌ
بالحق مؤمنونْ
لا يعرفون الحذرَ
عدوهم إبليس
هذيانهم معلوم
كلامهم نفيس
كأنه من ماسْ
عدلهم حقيقة
نهجهم طريقة
وموتهم قيامةْ
ما أروع القيامةْ
شجعان كالنبالِ
بسطاء كالنعاج
يواجهون القدرَ
ووابل الرصاص
المجد في الأعالي
والناس بالمحبة
يفتتون الحجرَ
اليوم كالأمسِ
وأمسي مثل اليوم
وغداً كالماضي
كلهم سيانْ
لا تقرع الأجراس
حزناً على ذكرى
لا تحبس الأنفاس
بل حرر الفكرَ
فالعقل حين يصير
قاصراً كسيح
لن يجديَ النطاسْ
عدت مساءً حذراً
لوكريَ الكسير
نهاية التاريخ
البعض منتصرون
يرفعون الكأس
والبعض ينتظرون
عودة المسيحْ
وجدت ههرمجدون
دارت بتلك العربة
الواقع القبيح
وقسوة الإحساس
حين تجتمعان
ما أظلم الإنسانْ
وجدت تلك العربة
مقلوبة الوجدان
طرفها حسير
منزلي اليتيم
مقصورتي الحزينة
وملجأي الوحيد
ما أسوأ الوسواس
المجرم الخناس
ألم قرأوا القرآن
لا تنهر اليتيم
لا تزجر اليتيم
الله يا رحيمْ
تجاوزوا الخطوط
وأتلفوا البيوت
وأحرقوا الأثاثْ
يحاربون الريحَ
والطيرَ والإنسانْ
ويحشرون النيلَ
والطلَ والمطرَ
في داخل الأقفاصْ
يا حظي التعيس
ماذا جنيت اليومْ
وجدت شخصاً جالساً
في عتمة النهار
شاهداً وحيداً
جالساً بعيداً
أسمه عباسْ
وخلفه شجرة
جالساً هناك
رأي ما لم أراه
سألته ملتاعاً
يا شاهدي الوحيدْ
قل لي رعاك الله
ماَ الذي جرى
ما هذه الأجناسْ
من عاث في البيوتْ
وهدَّم الأساسْ
قال بصوتٍ خشنٍ
متعب حزينْ
رأيتهم هناك
لا يشبهون البشرَ
لكنهم من طينْ
يدققون النظرَ
في ذلك القرطاسْ
ويحرقون الورقَ
في داخل المقصورة
سألني أحدهم
هل تعرف المجنون
قلت نعم اعرفه
غادرنا صباحاً
نحو ذاك السوق
يلملم الأكياس
قالوا جميعاً يا فتى
كن منه دوماً حذراً
صديقك المجنون
أصابه الجنون
فصار مثل الناس
علاء الدين
08/02/2003
.