|
هل نملك ثقافة أصيلة
|
المتخصصون في علم الاتصال الثقافي يميزون بين نوعين من الثقافة: الثقافة المنظمة وهي ثقافة راسخة قوية ومن ثم فإن حدوث تغيير فيها أو احتمال تعرضها لرافد ثقافي مستورد يكون بطيئاً جداً وهذا ما يحدث على سبيل المثال في المجتمعات البدويـة التي لا تزال تحتفظ بإرثها الثقافي والحضاري برغم تعرضها لغزوات ثقافية مستمرة، كما أنها ترفض تقبل أي ثقافة واردة وتعمل على مواجهتها وطردها لتبقى متلبسة برداء ثقافتها الخاصـة. أما النوع الآخر فهو الثقافة غير المنظمة وهي على النقيض تماماً للنوع الأول فسرعان ما تتأثر بأي وارد ثقافي أو غزو خارجي. وإذا أسقطنا هذا الفهم على الثقافة السودانيـة "ثقافة الشمال على وجه التحديد" نجدها سريعة التأثر بالثقافات الواردة من أي مجتمع كان بشرط أن تتوفر للثقافة الواردة عناصر القوة التي تمكنها من الانتشار . فعلى سبيل المثال/ حينما دخل الإسلام للسودان لأول مرة لم يواجه بأي مقاومة تذكر أو رفض للفكرة الجديدة بل سرعان ما أنتشر وبدون قوة السيف مثلما كان يحدث للمجتمعات ذات الثقافة القوية التي ترفض عادة الاستجابة إلى أي وافد ثقافي أو تقبل فكرة جديدة. كما أن العديد من الأفكار التي تحمل طابعاً دينياً أو أيدلوجياً أو فكرياً وجدت في السودان مناخاً ملائماً بسرعة انتشارها مثل الطرق الصوفية المختلفة أو الحركات السياسية يسارية كانت أم يمينـية ونماذج أخرى عديدة نشأت في مجتمعات بعيدة عن السودان ولكنها وجدت عندنا القبول والاستمرار ربما بشكل أكبر من بيئتها الأصليـة. فهل نحن شعب يتقبل كل غث وسمين، وهل نمتلك ثقافة لها خصوصية تميزها عن غيرها، وأين تأثير ثقافتنا في المجتمعات الأخرى مع الأخذ في الاعتبار أنك لا تستطيع تصدير ثقافة إذا لم تكن هذه الثقافة من القوة بمكان يسمح لها بالتغلغل والتأثير لدى الثقافات الأخرى. رأيكم دام فضلكم
regular culture = ثقافة منظمة irregular culture = الثقافة غير المنظمة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: هل نملك ثقافة أصيلة (Re: ALHALAWI)
|
الاخ الحلاوي .. تحية لك .. استمتعت بقراءة هذا التحليل الجيد .. فعلا يمكن قراءة الثوابت السودانية الاجتماعية بقراءتها جغرافيا وتاريخيا .. فعلا إن حاولنا إنزال هذا التحليل على واقعنا السوداني لوجدنا أن ثقافتنا لها الكثير من المتغيرات ، أو الأجندة القابلة للتغير .. نحن أيضاً شعب يقبل الجديد ويقبل التجديد .. فهناك عادات كثيرة كان سائدة ومحترمة لدرجة القداسة طرأ عليها التجديد وقبلته وهناك أمثلة كثيرة منها طريقة الغناء وتدرجه من الدوبيت والكرير إلى الغناء المنظم ، ثم الشلوخ ، البطان (وهو ضرب السوط) خفاض الإناث . حتى الملابس تظل تتغير فقد اختفى العراقي التوب للرجال ، الذي اتى بعده العراقي القصير (دون سروال طويل) ثم أنماط معينة من ملابس النساء وأحسب أن الثوب السوداني النسائي أيضاً بدا يستعاض عنه ببدائل أخرى .
أعتقد أن الهجرة والتداخل مع الشعوب من أسباب تجدد العادات والمعتقدات ويستجيب السودانيون لذلك بسرعة لتنوع أعراقهم ومعتقداهم ومستواهم التعليمي . أعتقد أننا نجود لان ننحدر .
ولأسباب أعلاه أجد أنا نتأثر فقط ، لا نؤثر ، بكل أسف .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: هل نملك ثقافة أصيلة (Re: Alsawi)
|
عزيزي أهل العوض أشكر لك مداخلتك الثرة. ومع إيماني التام بأنه لا يمكن لأي شعب أن ينأى بنفسه عن المؤثرات الثقافية الخارجية بفعل تقارب الثقافات التي أنتجتها العولمة و السماوات المفتوحـة، إلا أنه رغم ذلك تبقى لكل شعب خصوصيته. فعلى سبيل المثال مجتمعات الخليج فقد ظلت محافظة على إرثها الثقافي رغم انفتاح هذه البلاد على جميع شعوب وثقافات العالم.. وحتى لا نذهب بعيداً خذ الفلاتة عندنا في السودان فحتى الآن لم يتأثروا بمحيط الثقافة السودانية رغم أنهم ظلوا يعيشوا في بيئة سودانية خالصة ولمئات السنين. وقد أختلف معك في مصطلح التغير، فالتغير يعني الانتقال التدريجي داخل محيط الثقافة نفسها، يعني بدلاً من العراقي يمكن التغير إلى الجلابية وهكذا وفي هذه الحالة فإننا لا يمكن أن نقول أن هناك تبدلاً أو تغيراً حدث في الثقافة بكيانها الشامل. أخي الصاوي: أنا أختلف معك في قولك أن الثقافة القوية هي التي تتأثر فالعكس تماماً إذ أن معيار قوة الثقافة هي مدى قدرتها على الصمود أمام تأثير أي وافد خارجي. أما موضوع الانفتاح على الثقافات فهذا موضوع آخر فالانفتاح أو الانغلاق لا يتعارض مع محافظتك على ثوابتك الثقافية أو عدمها فربما تكون منفتحاً على ثقافة الآخرين أي مسايراً لها ومتفهما خلفيتها ولكن دون أن تتبناها كثقافة لك.
| |
|
|
|
|
|
|
|