لمزيد من الفائدة نرد مايلى أحبتى حتى تتضح الرؤيا لمن التبس عليه الامر ..
حروب الردة ومما يلغطون حوله كثيرًا فى هذا الشأن، حروب الردة التى شنها أبو بكر رضى الله عنه على الذين ارتدوا عن الإسلام عقب وفاة النبى ( ، ويعتبرونها اعتداءً على حقوق الإنسان، وحجرا على حرية الناس حينذاك فى الاعتقاد ؟ والحق أن تلك الحروب داخلة فى الإطار الذى أشرنا إليه من قبل من التفرقة بين الكفر الموروث، وبين الكفر الطارئ على من كان مسلمًا ثم إرتد، والذى نضيفه - هنا - أن أبا بكر رضى الله عنه أخلص فى النصح لأولئك المرتدين، قبل أن يشن عليهم الحرب، وأنه لم يحاربهم إلا بعد أن تقين أنهم مصرون على كفرهم.
فقد أرسل أبو بكر أحد عشرة جيشًا إلى القبائل والعشائر المرتدة وحرر رسالة أو بيانًا بصيغة واحدة، وأعطى كل قائد جيش صورة منه، ليتلوها على أسماع القبيلة التى أُرسل إليها، وفى مايلى فقرات من تلك الرسالة:
" وقد بلغنى رجوع من رجع منكم عن دينه، بعد أن أقر بالإسلام وعمل به، اغترارًا بالله، وجهالة بأمره، وإجابة للشيطان ...".
"وإنى قد بعثت إليكم (فلانًا) فى جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان. وأمرته إلا يقاتل أحدًا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقر .. وعمل صالحًا قَبِلَ منه، وأعانه عليه، ومن أبى أمرت بقتاله على ذلك .. وأن يسبى النساء والذرارى، ولا يقبل من أحد إلا الإسلام".
"وقد أمرت رسول أن يقرأ كتابى فى كل مجمع لكم، والداعية الأذان، فإذا أذن المسلمون فأذِّنوا يكفون عنكم، وأن لم يؤذنوا عاجلوهم، وإن أقروا قبل منهم، وحملهم على ما ينبغى لهم".
ونستخلص من نصوص هذه الوثيقة التاريخية ما يأتى:
* إن المرتد لا يقاتل ولا يُقتل حتى ينصح ويدعى إلى الإسلام، ثم يمتنع عن الرجوع إليه.
* إذا رجع المرتد إلى الإسلام قُبِلَ منه، ثم يؤمر إلى العودة للعمل بشريعة الإسلام.
* إن أبا بكر أمر أن تذاع رسالته هذه مبالغة فى النصح لهم.
* إنه لم يأمر بقتال المرتدين أو قتلهم ابتداء ، بل جعل أمرهم بأيديهم فإن رجعوا إلى الإسلام فليس لأحد سلطان عليهم، وإن أبوا كانوا هم الذين اختاروا القتال والقتل، وهذا قمة الإنصاف.
* إن أبا بكر فرَّق من بين الكفر الأصلى، والكفر الطارئ بعد حصول الإيمان، وليس بعد ذلك سماحة يمكن أن يلام الإسلام على قصورٍ فى الوصول إليها.