07:24 AM January, 10 2018 سودانيز اون لاين Yasir Elsharif-Germany مكتبتى رابط مختصرلم أكن قد قرأت مقال الأستاذ هاشم كرار قبل اليوم، فقد تنبهت له وأنا أقرأ مقدمة الطبعة الثانية لكتاب الأخ عبد الله الفكي البشير "صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون." التحية للأستاذ هاشم والتحية للأخ العزيز عبد الله الفكي البشير وألف مبروك صدور الطبعة الثانية من كتابه الفريد في عصره. عبد الله الفكي البشير
هاشم كرار
لن أنسى تلك الدمعة .. ولا الابتسامة ! .. بقلم: هاشم كرار التفاصيل نشر بتاريخ: 19 كانون2/يناير 2015
لا تزال دمعةُ الأستاذ عبدالله الفكي، تهزني. كان تلك في العام الماضي، وهو يهديني سفرا، هو الأجمل والأخطر، في تاريخ السودان، عكف على كتابته متضمنا مئات الوثائق، عدة أعوام.. في نوع غريب من المثابرة، والحزن والفرح، معا. كان همُ الأستاذ عبدالله الفكي، أن ينصف مفكرا سودانيا، لم ينصفه أدعياء الفكر والشهامة والمروءة، بل تمادوا في كيد فضّاح لتشويه أفكاره، وآرائه، ومواقفه.. وتمادوا في مخاصمته، والحشد ضده إلى أن أدين بتهمة الردة، ومن ثم ساقوه- وهو في السادسة والسبعين- إلى حبل المشنقة في 18 يناير من العام 1985 ، وهم يهللون! اعتلى المشنقة. ( ملص) بهدوء غريب مركوبه الأبيض البسيط، برغم أنه كان مكبلا بالأغلال حول اليدين المشدودتين إلى الخلف وفي القدمين. نفض رجليه- أي منهما بالأخرى. لقد أراد أن ينفض عن جسده أي ذرة من ذرات الدنيا، وهو الذي مقبل على مقام عظيم. حين إلتف الحبلُ على عنقه، تبسّم في وجوه خصومه والهتيفة. كانت ابتسامته تلك، هى الوحيدة التي تضوأت في تلك الجمعة المشهودة. كان لسان حاله يقول: اللهم أغفر لأعدائي، إنهم لا يعلمون ماكنت فيه، وما أنا عليه من يقين." سالت دمعة، دمعات، والأستاذ عبدالله الفكي يهديني ذلك السفر( محمود محمد طه والمثقفون) أكثر ما يسيّل دموع الرجال الظلمُ.. والرجالُ الأكابرُ تسيل دموعهم، وهم يشاهدون الظلم يطال الأبرياء، أو يقرؤون. آآآه، ما أحر دمعات عبدالله، وهو الذي شاهد وقرأ وحقق وتبيّن فداحة الظلم الذي طال ذلك المفكر الإسلامي: الأستاذ محمود محمد طه. كان أعداؤه- وهم يكيدون كيدا- يبترون عباراته، ويخرجونها- بالتالي- عن السياق المحكم.. وكانوا يتقولون على الرجل بما لم يقله، للعامة، وكانوا يحرضون عليه المؤسسات الدينية.. وحين استبد بالرئيس نميري هوسُ انه إمام المسلمين ومجدد دين الله لمئوية جديدة- وهو الهوس الذي زرعه فيه رجال دين يمتطون الدين للدنيا- أوعزوا له بوجوب قتله، فانضم هو بذلك إلى الكائدين، وإلى الذين يبترون عبارات الرجل، ويحرفون الكلم! كانت المعجزة الحقيقية- كما يقول الأستاذ طه- هى في الفكر، الذي يستطيع أن يفلق الشعرة الواحدة فلقتين، ويستطيع أن يميّز بينهما" لكن حين أهلك شعب السودان نظام النميري في ثورة شعبية اندلعت بعد ستة وسبعين يوما، من يوم المشنقة التي طقطقت فقرات عنق الفكر، ربط الكثيرون بين هذه الستة وسبعين يوما تلك، وبين عمر الرجل، وهو يبتسم على الحبل المشدود! هزتني دمعة الأستاذ عبدالله، غير اني لملمتُ أطراف تماسكي، ورحت أقول له: ابتسم يارجل.. انت كمثقف أنصفت مفكرا، ظلمه رجال دين ومثقفون في زمن خوؤن.. لقد أرحت ضميرك، ولئن كان الظلم ظلمات، فإنك بهذا السفر، لم تلعن الإثنين فقط، وإنما عدلت، وأوقدت شمعة.. شمعات.. والله متم نوره ولو كره الكافرون. مسح الأستاذ عبدالله دمعته.. مسح عن ملامحه كل تعب السنين، ومضى. ظللتُ أتابعه، إلى أن توارى وراء باب فيلته، وأنا أقول في سري: هذا هو الرجل.. هذا هو الإنسان.. هذا هو المثقف.. هذا هو المثقف الحقيقي. [email protected] من سودانايل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة