بتاريخ 11/10/2017 م قمت بكتابة منشور عن مشكلة العملة الوطنية (الجنيه السوداني) و علاقتها بالعملات الأجنبية بشكل عام و الدولار بشكل خاص و أنها تتلخص في محورين هما محور الوفرة أي توفر العملات الأجنبية و محور القيمة أي قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية و بتاريخ 15/11/2017 م قمت بكتابة منشور آخر عن دعم السلع و خاصة سلعة القمح و قد قدمت شرح متواضع عن كيفية تحديد قيمة الجنيه مقارنة بالعملات الأجنبية حيث قمت بإيراد مثال أن الخروف الذي قيمته 2 مليون جنيه سوداني قديم عند آخر منفذ للتصدير يتم تصديره لدول الخليج في حدود 100 دولار و ذلك يعني أن قيمة الدولار الناتج من ذلك يعادل بالتقريب (20,000) جنيه سوداني قديم و حقيقة السعر المجزي للخروف عند التصدير هو 2,500 جنيه جديد و يباع بسعر 100 دولار أي أن قيمة الدولار هنا تساوي 25 جنيه سوداني و نأخذ مثال آخر هو القمح المنتج محلياً تم تحديد السعر التركيزي له بقيمة 550 جنيه للجوال أي 5,500 جنيه للطن و في حالة تصديره يتم بيعه بقيمة 170 دولار أي أن قيمة الدولار هي 32 جنيه و مثال آخر هو أن بنك السودان يقوم بشراء الذهب بواقع 620 للجرام و يتم بيعه بواقع 30 دولار للجرام أي أن قيمة الدولار هي 20 جنيه بالتقريب.
*إنهيار الجنيه السوداني* ما يتم تناوله هذه الأيام حول سعر الدولار بالسوق الموازي فيكفي أننا قد أطلقنا عليه السوق الموازي أو السوق الأسود لذلك فهو تقييم غير حقيقي لقيمة الجنيه السوداني و أنا لست من أنصار نظرية المؤامرة بل من جانبي قد ذكرت في المنشور السابق أن تحويلات المغتربين التي من المفترض هي التي تغذي السوق الموازي يجب أن لا تعتمد عليها الحكومة كمورد من موارد العملات الأجنبية و يجب على الحكومة أن تعالج مشكلتها بعيداً عنها من أي موارد أخرى بل أنني مع إرتفاع سعرها طالما أنها لا تؤثر على حياة المواطن في السلع الأساسية التي تقع تحت مسؤلية الحكومة و هذا لا يعني أن الجنيه السوداني لم ينهار بل أن الجنيه السوداني قد إنهار منذ أعوام طويلة و لم ينهار وفق أحداث هذه الأيام لأن سعر الخروف قد وصل السعر الذي أشرت إليه أعلاه منذ عدة سنين و ليس اليوم و على ذلك قس الكثير من سلع الصادر الأخرى التي يجب أن تكون المورد الرئيس للدولار.
*دعـــم السلــــع* كما تم التوضيح في منشور دعم القمح أن الدعم يكون بصورة غير مباشرة عن طريق توفير الدولار بسعر خاص للسلعة أو بالسعر الرسمي لبنك السودان و هو كما ذكرت أعلاه يمكن أن نقول عنه بأنه سعر غير حقيقي و في تقديري أن الدعم سوف يكون بواقع 18 جنيه لكل دولار كحد أدنى ضمن موازنة 2018 م و الأمر المهم و الخطير هنا أن تقديرات الميزان التجاري للواردات أو السلع المستوردة بقيمة 9 مليار دولار في العام و من جانبي ليس لدي تفاصيل قيمة هذه الواردات فإذا كان الدعم لها جميعاً أي أن بنك السودان سوف يوفر لها دولار بسعر 7 جنيه في حين أن قيمة الدولار الحقيقية هي 25 جنيه فذلك يعني أن إجمالي الدعم هو 162 مليار جنيه في حين أن إجمالي إيرادات الموازنة 2017 م هو 77 مليار جنيه فقط و هذه كما هو واضح كارثة حقيقية لأن ذلك يعني عجز بالموازنة بقيمة أكثر من 85 مليار مع عدم تقديم أي خدمات أخرى فإذا أردنا تقديم الخدمات فسوف يكون العجز بالموازنة بما يزيد عن 150 مليار جنيه و لكن بكل تأكيد أن الدعم لا يكون لكامل قيمة الواردات أي 9 مليار دولار و لكنها لن تقل عن 3 مليار دولار هي قيمة السلع الأساسية مثل القمح و الوقود و الأدوية على سبيل المثال لا الحصر و ذلك يعني أن الدعم يكون بقيمة 54 مليار جنيه و هي تعني 70% من جملة إيرادات الموازنة.
*تشخيص المشكلة و العلاج* في منشور دعم القمح تمت الإشارة إلى أن المشكلة هي في سعر الدولار و هو السبب المباشر و في منشور قيمة الجنيه تم شرح كيفية تحديد القيمة و ذلك عن طريق تكلفة السلعة داخلياً و قيمتها خارجياً و كما تم ذكره أن هذه المشكلة مرتبطة بالحالة العامة و المشكلات الأخرى ففي جانب معالجة مشكلة الوفرة نحن في حاجة لرفع سعر الدولار و خفض قيمة الجنيه حيث يكون الأمر غير مقبولاً تماماً أن يقوم المصدر بشراء الخروف مع هامش أرباحه بقيمة 2,500 جنيه و يقوم ببيعه بقيمة 100 دولار و يقوم بإستلام مستحقاته عبر بنك السودان بقيمة 7 جنيه للدولار أي 700 جنيه و ذلك يعني خسارة 1,800 جنيه و هنا يتضح وجوب رفع قيمة الدولار و خفض قيمة الجنيه من أجل تحقيق الوفرة عن طريق تشجيع التصدير الذي هو النشاط الحقيقي لتوفير الدولار أما القيمة فعلاجها هو السهل الممتنع و هي معادلة من شقين حيث الشق الأول كما تم توضيحه من قبل في كيفية خفض تكلفة السلعة و علاجها واضح أنه عن طريق إلغاء كافة الجبايات على السلع و بشكل غير مباشر بقيام الدولة بواجبها في مجانية و توفر العلاج و التعليم مما يشجع المستثمر على خفض أرباحه إضافة لخفض تكلفة الأيدي العاملة و هي أكبر تكلفة لكل السلع أما الشق الآخر للمعادلة هو في رفع قيمة السلع خارجياً عن طريق الجودة و الإعلام و الإعلان و ملخص العلاج المر في إعادة التقييم للسعر الرسمي للدولار عن طريق بنك السودان الذي يجب أن لا يقل بالأوضاع القائمة عن 25 جنيه حتى و لو أدى ذلك لرفع سعره الموازي لأكثر من 30 جنيه و أخشى من ذكر التعويم و التحرير أو الإشارة لهما ثم لا بد من التفكير في كيفية دعم السلع الأساسية للمواطن ثم وضع الخطة الإستراتيجية لكيفية رفع قيمة الجنيه و ذلك كله لا يمكن تنفيذه ما لم يتم التفكير في إيجاد مصادر بديلة لإيرادات الموازنة العامة للدولة بدلاً عن الضرائب و الجبايات المختلفة. و تفضلوا بقبول فائق الشكر و التقدير و الإحترام حمدي حسن احمد محمد – مواطن سوداني – مرشح رئاسي مستقل سابق 2015 م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة