| 
  
  | 
  
  
      الإخوان المسلمون و التطرف الديني ,, 
   | 
   
   
  07:33 PM October, 05 2018 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله محمد- مكتبتى رابط مختصر الإخوان المسلمون و التطرف الديني ,,
  إنّ الغلو في الدين و معه الهوس الديني المصحوب بالتشدد والتعصب المذهبي ,  هو واحدة من الأسباب المباشرة التي أدت إلى إنتشار ظاهرة الالحاد بين الشباب ,  وظهور اللادينيين  في البلدان العربية و الإسلامية ,  فهذا الإنقلاب الفكري والعقائدي جاء كردة فعل طبيعية لما قدمته هذه الجماعة الإخوانية و مناصروها ,  من مشروع ديني وسياسي فاشل شوّه صورة دين الإسلام ,  دين المحبة و الاخاء و التسامح , صائن حقوق المرأة و الطفل والشيخ ,  فأساؤوا بمشروعهم ذلك إلى جميع المسلمين , الأحياء منهم و الميتين ,  منذ بعثة نبي الرحمة محمد بن عبد الله (ص)  وإلى يومنا هذا ,  فلقد فتحت جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في السودان ,  جميع ابواب البلاد وعلى مصاريعها ,  للعديد من هذه المجموعات المتطرفة والمتعصبة دينياً ,  فحزم كل طريد امتعته و يمم وجهه صوب بلاد الإسلام في السودان ,  وولج أرض السمر من اوسع و افسح مداخلها ,  فقدمت له جميع التسهيلات الإدراية وكل الخدمات الإعلامية ,  و أخذ على مدى عمر النظام الإخواني يبث افكاره المسمومة في  اوساط الشباب و الطلاب ,  فجند العديد منهم إلى صفوف جماعته لما وجده من خواء في الساحتين الفكرية و الثقافية ,  و فراغهما من الأصوات الأخرى المعبرة عن منهج التدين الأصيل والحقيقي لأهل البلاد  , ألا وهو التصوف ,  حدث هذا نتيجة لأحادية التوجه الثقافي والسياسي للدولة ,  فحظي هؤلاء المتشددون بكل ما من شأنه إعانتهم  على غسل أدمغة اليافعين من ابنائنا ,  ومن منكم لا يذكر بدايات هذا العهد المظلم ؟ ,  عندما تم إستقدام اصحاب العمائم السوداء من شرقي جزيرة العرب ,  ففتحت لهم المراكز الثقافية في طول البلاد وعرضها ,  وتمدد معهم في ذات التوقيت أصحاب الجلابيب القصيرة و الشوارب الحليقة ,  الذين كانوا قلة في ذلك الزمان , اما اليوم فحدث ولا حرج ,   فقد تكاثر عددهم  وغزوا عقول الكثيرين من المراهقين الباحثين عن جديد التجربة ,  والحالمين  بخوض المغامرة أياً كان شكلها ,  فبحكم تركيبة هذا المجتمع المتنوعة و المتعددة في مشاربها الفكرية والثقافية منذ ما قبل الاستقلال ,  قد نشطت شريحة أخرى من الشباب في تبني  نهج مطلق للتحرر الإجتماعي و العقائدي ,  وتمردوا على العادات و التقاليد  والأعراف ,  في عملية نقيضة ومعاكسة تماماً لما قامت به جماعات الهوس الديني ,  والعجيب في الأمر ان هذه الشريحة الشبابية المتحررة ,  تنتمي لذات الجيل الذي انخرط مع مدرسة المتشددين ,  و اتبع منهاجية التطرف والأصولية  الدينية ,  في دلالة واضحة على تنوع بنية إرث  و وعي المجتمع السوداني ,  الأمر الذي  يؤكد إستحالة غلبة المذاهب الدينية المتشددة الوافدة ,  أو ترجيح  كفة المناهج الدعوية الغريبة والدخيلة على حياة مثل هذا المجتمع ,  مهما طال الزمان.
 
  الناظر للحروب المذهبية الطاحنة والدائرة حول  الإقليم ,  في الشرق الأوسط الذي يجاورنا ,  يلحظ أن مبعث هذه الصراعات هو التنافس التنافس الإقتصادي فيما بين هذه الدول ,  حول الموارد الطبيعية والنفوذ السلطوي ,  و دائماً ما تجد أن ضحايا هذه الحروب هم مواطنون أصيلون في بلدانهم , وعلى حين غرّةٍ ,  عصفت بمصيرهم وبمستقبل اطفالهم رياح هذه الحروب العبثية اللعينة والحمقاء ,  ففي جميع هذه البلدان المحترقة حرباً  يكون المعتدي فيها هو صاحب المشروع المذهبي الدخيل وليس العكس ,  وترى ان المذهب الديني الغالب لسكان هذه الديار هو المستهدف من قبل هؤلاء المعتدين الآثمين ,  فيقع مواطنو هذه الدول أسرى وقتلى وجرحى ومشردون ,  ويكونون ثمناً لتحقيق مشاريع سياسية وأطماع إقتصادية ليس لهم فيها ناقة ولا بعير ,  وسرعان ما يتضح من بعد خراب ودمار المدن و تحويلها إلى منازل مهجورة وبيوت للأشباح ,  أن العملية في مجملها ما هي إلا صراعات يقودها أفراد يحسبون في اصابع اليد الواحدة ,  من أجل إشباع  رغائبهم وشهواتهم الدنيوية الزائلة ,  وأن الأمر لا تربطه أية علاقة أو صلة بمصير الناس بعد الممات ,  وليس له جامع  يجمعه مع نعيم الآخرة المقيم ,  لأن الذين يزجون بالأبرياء في أتون مثل هذه الحروب ويغررون بهم ,  لا يتوقفون عن اللهاث وراء بهرج الدنيا المزخرف الجميل ,  ولا يرتوون من الاستزادة من سلسبيل هذا النعيم الدنيوي اللذيذ ,   فكما يقول احد الفلاسفة , إنّ قيم ومعاني الوطنية متروكة للبؤساء والمساكين والفقراء ,  لكي يعتنقونها ويموتوا من أجلها ,  أما الوطن وما حوى من ثروات فهو للساسة و الحكام و الامراء.
 
  إنّ غالب أهل السودان هم من المتصوفة ,  هؤلاء الأنقياء المنغمسة  روحهم في قيم التسامح ,  و الذين يمتاز سلوكهم بالأدب والمحبة و الصدق في روابط الأخوة وصون وشائج الإخاء ,  فمنذ قرون مضت ,  رسخت معاني هذه القيم النبيلة سلوكاً في تعاملات الانسان السوداني  في شرقه وشماله و غربه وجنوبه ,  فكانت بمثابة القوة الدافعة لبروز أقوى الثورات الشعبية والوطنية التي ثارت في وجه الطغيان والغزو الأجنبي ,  ولو لا متانة  تجذر  روح التصوف في وجدان هذه المجتمعات ,  لما وجد الإمام محمد احمد المهدي المناصرة منها ,  فهذه المشاعر الروحية الشفيفة لا يخبو لهيبها ,  لمجرد قيام الدولة الإخوانية بعمليات  إستيراد الافكار المعلبة و الجاهزة من خارج الحدود ,  ذلك لأن العظم الفقري للتدين في مجتمعاتنا السودانية مصقول بالحب و التسامح ,  ولا يمكنه التعايش مع الكراهية و البغضاء و التشنج والهيستريا ,  فالسودانيون المتصوفون  يقتدون بالمنهج الصحيح للمصطفى عليه افضل الصلوات واتم التسليم ,  سلوكاً و تطبيقاً عملياً لكثير من صفات وطرائق خير البرية في التعامل مع الناس ,  وقبوله للآخر مهما كان اختلافه مع هذا الآخر ,  بل حتى ولو كان هذا الإختلاف من شاكلة تلك الإختلافات التي يمكن ان ان تصل حد الكُفر البواح لهذا الآخر ,  فمشائخنا في طرق صوفية كثيرة مثل السمانية و البرهانية والادريسية و القادرية والتجانية و الدسوقية و الشاذلية ,  يستقبلون مخالفيهم في الرأي بمدأ الحديث الشريف (تبسمك في وجه أخيك صدقة)  ,  ويباشرون الناس في مجالسهم بمنهاج  أبي القاسم الرحمة المهداة ,  في قوله :(لا تحقرن من المعروف شيئاً , ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) ,  فلم يكن تجهم الوجه وعبوثه يوماً صفة من صفاتهم ,  كما هو ماثل أمامنا اليوم من تجهم وعبوث وجوه هؤلاء المتطرفين المتطاير من أعينهم الشرر ,  المزعجين والصائحين والصارخين و الصاخبين بأصواتهم العالية ,  في الأسواق ينفرون ولا يبشرون  , و في الأحياء يرهّبون ولا يرغّبون ,  في مخالفة صريحة للمحجة البيضاء التي تركنا عليها النبي الكريم ,  فحبيبنا المصطفى ليس ببذيء اللسان , وحاشاه أن يكون طعاناً  أو لعاناً ,  ولا يشبه هؤلاء المتشددين في بؤس خطابهم الديني والدعوي الناشز الذي يستحقر النساء و يصفهن بــــ (الشمطاوات) ,  بل نجد رسولنا الرحيم يصفهن بأنهن شقائق للرجال ,  وكذلك لا صلة تجمعه (ص) بذلك الكوميديان و السينمائي البارع ,  الذي ضل طريقه إلى منابر المساجد ,  والذي يكثر من تكرار لفظة (تف) في أحاديثه الساخرة و المستهزئة ,  هذه اللفظة (تف) التي لا ورود لها في قاموس وأدبيات خطباء المساجد ونبهاء الدعوة ,  بل تجد أن أكثر الذين يرددونها  هم الممثلون  و الممثلات ,  في الافلام  السينمائية و المسلسلات الاجنبية بهوليوود مركز صناعة الأفلام الأمريكية.
 
  لقد سارت الدول ذات السيادة مسافةً طويلة في سباقها وحربها ضد التطرف بكل اشكاله ,  سواءٌ كان دينياً أو شعوبياً ,  في حملات توعوية و إجراءات دستورية وقانونية وإدارية حادّة من توسع نشاط هذه الجماعات ,  و المدهش في الأمر ان البلدان التي نشأ و تطور وأستوطن فيها هذا الفكر المتشدد ,  هي من بادر وقاد الحملات المستهدفة والمكافحة لهذا الشر المستطير ,  وأما نحن في بلادنا ... يا لسذاجتنا !! ,  فلقد فتحنا أذرعنا و احتضنا هذه الأفاعي ,  فكان جزاؤنا أن نكتوي بلدغاتها الفاتكة ,  ثم  ومن بعد ذلك نتجرع سمها الزعاف. 
   
   | 
 
 
 
 
 
 
  
 
 
 
 
  
 
 
 
  
 
 |  
  
  
  
      
           
  
 
 
 | 
 | 
   |   
  |