الله سبحانه وتعالى عادل لايظلم احدا .. هذه احدى العقائد الاساسية للامة ولايمكن الخلاف حولها وقد دل النقل والعقل عليها بما لامجال فيه الى القول بخلافها لكن ماذا يمكننا ان نقول وكبار المسؤولين وكثيرا ما يحاولون رمى اللوم على غيرهم والتملص عن المسؤولية والعمل على تبرئة ساحتهم والقول بان مشاكل البلد ابتلاء من البارى تعالى؟ هل يمكننا القبول بنسبة اى ازمة فى البلد او اى مشكلة تقع او اى نقص يحدث فى اى قطاع من القطاعات فى البلد الى الابتلاء من الله تعالى؟ اليس هذا نوع من القول بعقيدة الجبر الباطلة التى نظر لها وسعى الى ترسيخها فى اوساط الامة الحكم الاموى الظالم حتى لايجد الناس حرجا فى التعايش مع جرائمه وظلمه وبطشه واستئثاره بموارد الامة وتغييب ارادتها ومصادرة حقها فى الاختيار للحاكم ومطالبتها بالرضوخ والتسليم وعدم النقاش اوالاعتراض على الحاكم ولو ضرب ظهرك وبطنك ؟ اليس هذا القول هو ترسيخ لعدم الحراك الجماهيرى والاعتراض على الطغاة ومحاسبتهم ومساءلتهم عن الاخفاق الذى تسببوا فيه فاضاعوا البلاد والعباد بسوء ادارتهم وظلمهم وسفكهم الدم الحرام وتقييدهم حريات الناس ونهب ثرواتهم؟ اليس هذا الحال الذى كان الامويون ومن بعدهم العباسيين ثم العثمانيين ممن تصدوا للحكم عنوة وباسم الخلافة الاسلامية يسيرون عليه فظلموا الناس وانتهكوا الحرمات وحاولوا تخدير الناس بان الله تعالى قد ابتلانا بالازمات والمشاكل التى تحيط بالامة وهى بالتالى دعوة الى الركون الى الوضع الماثل وعدم الدعوة الى تغييره او الاننتفاض عليه ، وهذا القول باطل وهو فهم خاطئ وهو اسلوب الطغاة على مر التاريخ ليبقوا على كراسى السلطة مهما ظلموا وبطشوا وافسدوا وفشلوا فى الوصول الى مايحقق الاستقرار فى البلاد وعجزوا عن تحقيق الرخاء لشعوبهم ، وما يحير المرء ان البشير بعد ان اعيت حزبه الحيلة وبعد ان فشلت حكومته منذ الانقلاب المشؤوم على الشرعية الدستورية فى الثلاثين من يونيو 1989 ووأد ارادة الناس وتسلط على رقابهم منذ ذلك الوقت وعلى الرغم من مرور عقود مليئة بالفشل والمآسى ، ورغم وعوده اكثر من مرة انه لا يرغب فى الترشح للرئاسة مرة اخرى فقد نكص عن وعده ونسى ما الزم نفسه به امام الناس والكل يشهد ، ورغم الضائقة الاقتصادية الغير مسبوقة التى تمر بها بلادنا رغم كل ذلك لايمتلك رئيسنا وحزبه ذرة من الشجاعة للاعتراف بالفشل فى ادارة البلد ولايتخذ قرارا منتظرا - حتى من غالبية اعضاء حزبه ولولا الخوف لجهروا برأيهم كما قال الاستاذ الشفيع احمد محمد - بان يفى بوعده ويتقاعد ، رغم كل ذلك وغيره اكثر يقول لنا الرئيس وهو يخاطب اجتماع مجلس شورى حزبه بعد ان اقر المطالبة بتعديل الدستور واعادة ترشيح الرئيس يخاطبنا - حسب الموقع الالكترونى لشبكة الشروق - قائلا ان الضائقة الاقتصادية التى تمر بها البلاد ابتلاء من الله سبحانه وتعالى ، ولاندرى هل يطالبنا سيادته بالصبر على الابتلاء طمعا فى الأجر والفوز بالجنان \ وهل نسى قوله فى نفس الجلسة وهو يعد بانجلاء الازمة وتحول الوضع الى الافضل تدريجيا الى ان تنتهى المشكلة تماما فى غضون ستة اشهر ؟ فهل هو ينطق عن الله تعالى هنا وقد علم ان الازمة فى شهورها الاخيرة وان الابتلاء قد اقترب اوان ارتفاعه ام ان القول كله ليس الا تخرصا ورجما بالغيب؟ الرئيس بتملصه عن المسؤولية وتبنيه القول - ولو ضمنا - بالجبر وان مشاكلنا ليست الا ابتلاء من الله سبحانه وتعالى انما يسير على خطى الامويين الذى ارسوا هذه العقيدة الفاسدة فى الامة
08-17-2018, 08:54 AM
عبداللطيف حسن علي
عبداللطيف حسن علي
تاريخ التسجيل: 04-21-2008
مجموع المشاركات: 5454
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة