صدر مؤخرا كتاب بعنوان أوراق في سيرة و مسيرة الإمام الصادق المهدي، و قامت بإعداده و تحريره-، الكتاب صدر عن مكتبة جزيرة الورد، القاهرة ،جمهورية مصر العربية بتاريخ العام ٢٠١٥م. وبالرغم من قيام السيد الصادق المهدي بتدشينه في القاهرة عام ٢٠١٦م، إلا أن توزيعه ظل محصورا في دائرة ضيقة و لم يتم توزيعه حتى الآن في السودان، مما جعل الحصول على نسخة ورقية منه من الصعوبة بمكان. كما أنه من الملاحظ ان السيد الصادق المهدي في إطار روايته لأحداث كثيرة عاصرها ، درج على ذكر رؤيته لها برواية فيها كثير من الانتقاص للاطراف الأخرى التي شاركت في صنع تلك الاحداث، دون مراعاة لصلة الرحم و قرابة الدم ، و أن هؤلاء المذكورين، "في الغالب الاعم قدحا و ذما " هم بين يدي الله، لا يملكون ان يساهموا بتصحيح تلك الرواية بحقيقة ما حدث. للاسباب اعلاه راينا انه من واجبنا تجاه السيد الصادق المهدي ، عملا بالحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم " انصر أخاك ظالما أو مظلوما "، و ايفاء لمسئوليتنا تجاه ما نظن انه الحق، و وفاء لسيرة سلفنا الصالح العطرة ان ندلو بدلونا في محاولة تحقيق الاحداث التي تعرض لها السيد الصادق و يرددها بمناسبة او بدون مناسبة، و آخرها حين اقحم خيانة اعمامه لوصية الامام الصديق، و ذلك في عيد ميلاده، في ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧ ، "الذي درج على الاحتفال به سنوياً"، و ذلك بدون مقدمات، و من غير اي مناسبة، الامر الذي يدل على سوء القصد من وراء التكرار الممل لهذا الموضوع. و عليه رأينا في مركز الإمام عبدالرحمن للتراث و التوثيق أن نكلف لجنة من الخبراء و ذوي الشأن في الشروع فورا في تأليف كتاب لتوثيق تلك الفترة الهامة من تاريخ الكيان، يعطي كل ذي حق حقه، و يفتح الباب لكل من يود ان يدلي بدلوه في التأريخ لهذه الحقبة الهامة من تاريخ السودان و الكيان، نود أن نفتح الباب على مصراعيه ليسطع الضوء و يزيل الهواء العليل ما أثارته الروايات المغرضة من أشياء في النفوس.
و عليه، ادناه ملاحظات اولية حول اوراق السيدة رباح الصادق:
كاتب السير الفرنسي الشهير جيل بيرو عندما قدمت اليه البنات اليهوديات الحزينات ليكتب سيرة معلمهن هنري كوريل استغرق حيزاً من الزمن ليبصم بموافقته ان هناك سيرة تستحق ان تكتب، وهو الاشهر في هذا المجال ( كتب سيرة الحسن الثاني ). كان اول ما لفت انتباه جيل بيرو هو اثر المعلم ( هنري كوريل ) علي تلميذاته. فمن عاملات مصانع او بائعات في الحوانيت المملوكة لاثرياء اليهود في القاهرة او مشغلات هواتف في الترنك الي دكاترة في اللغويات او العلوم او او الاثار. كتب جيل بيرو بتاثير حزينات كوريل سفره المدهش عن هنري كوريل ( رجل من طراز فريد ). الكتابة في السير والاخبار مركب صعب يحتاج إضافة الي حصيلة المعلومات والوثائق و الي انضباط عالي يتجاوز المدي أو الاثر العاطفي للكاتب، لان المجال هنا مرتبط بالتاريخ، فالهوي هنا "كالعتب" مرفوع كما يقول المصريون . ملاحظةأولى حول السيرة والمسيرة، هي الدفاع عن تهمة تلقي علي السيد الصادق كثيراً وهي الفشل. فاالفشل هنا يشمل كل السيرة والمسيرة، الرؤية، التوقيت، الاحلاف والرجال. هذا يلخص المرحلة الاولي للسيرة. والمسيرة من وفاة الامام الصديق مرورا بإمامة الإمام الهادي إلي إنقسام حزب الامة حتى إنقلاب 25 مايو . ملاحظة ثانية في أن السيرة مخصصة في هذا الجزء الاول للهجوم علي الاشخاص الذين لعبوا الدور الأساسي في افشال المسيرة في بداياتها وهم حسب ترتيب ادوارهم: 1- السيد عبدالله الفاضل 2- الامام الهادي 3- محمد احمد محجوب 4- محمد داؤد الخليفة 5- اسماعيل الازهري 6- حسين الهندي ، ابوحسبو، زين العابدين الهندي .....الخ ملاحظة ثالثة المراجع المجتزئة، فالفاتح عبدالسلام ( النزاعات في الاحزاب، حزب الامة نموذجاً ) هو المرجع الاساسي، ولكن عندما يساير هوي المعدة والمحررة للسيرة، يكون ابوشوك أفضل كما في نتائج انتخابات 68. الملاحظة الاهم ان المرجع المعاصر الأساسي للإنشقاق في الحزب هو السيد امين التوم، الذي ظل في اعوامه الاخيرة يردد لكل اصدقاءه وزواره ان اكبر خطا ارتكبوه في حياتهم هو وقوفهم مع القيادة التي قسمت الحزب، فلا أرض قطعت ولا ظهراً أبقت. والغريب ان هذا ما يجمع عليه جميع من وقفوا مع السيد الصادق في الإنشقاق ( اسحق الخليفة ، زين العابدين حسين شريف ، .... ...حتي كمال الدين عباس ). الكتاب يحمل قدراً كبيراً من المرارة علي السيد عبدالله الفاضل المهدي، علي إعتبار أنه أول من ضرب بمعوله هادماً الحلم، بتنصيب الامام الهادي، و رغم إشارة المحررة إلي أن السيد الصادق لم يكن يريد الإمامة، إلا أن السيد يشير الي أن أنصاره ممن وقعوا علي العريضة وقدموها الي السيد يحيي، لم يحسنوا المناورة، مما يشئ بغير ما اشارت له ابنته المحررة في عزوفه عن الامامة! كما أن الاكثار من الاشارة الي وصية الصديق وتجاهلها في المجلس، يوحي بأن الصراع كان اصلاً علي الامامة مهما حاولوا اخفاؤه، والإفراط في ترداد ذلك يوحي بأن السيد يريد أن يقول للقارئ بأن متلازمة الفشل سببها عدم مبايعته إماماً و هو في العقد الثالث من عمره. ولا يفوتنا في هذا المقال ان نؤكد بأن هذا الرد لا يعني بحال من الاحوال محاولة الدفاع عن الاشخاص الغائبين في ذمة الله، بقدر ما هو إضاءة على المعلومات التي أوردها الكاتب، و ذلك من زاويه مختلفة تتميز عن زاوية كاتب الاوراق بشئ من المعاصرة و الصدقية و الوثائق، و لا تدانيها شبهة الاعجاب و الانحياز و الشهادة المجروحة، إذ أن قامات أولئك النفر و امجادهم و انجازاتهم و سيرهم الذاتية أقوى من ان تنالها ترهات و افتئات ذوي النزعات النرجسية و الذاتية المفرطة. و شعارنا: هو الحقيقة ، لنا أو علينا. و عهدنا هو الحرص على الموضوعية، وإبراز الوثائق ما أمكن، و شهادة الثقات الذين لا يخشون في الحق لومة لائم، و التركيز على إيراد الحقائق و إضاءة الزوايا المعتم عليها بقصد من كاتب السيرة. والله من وراء القصد وهو عليه السبيل.
مركز الإمام عبدالرحمن للتراث و التوثيق كلية الإمام الهادي البقعة، ودنوباوي 30 أغسطس 2018
08-30-2018, 06:57 PM
صديق مهدى على صديق مهدى على
تاريخ التسجيل: 10-09-2009
مجموع المشاركات: 10223
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
صديق مهدى على
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست