بسم الله الرحمن الرحيم الصحافى السودانى فى الإعلام العالمى
كتب : بدر الدين العتاق
فى تجربة شخصية بإحدى الدول العربية للعمل فى المجال الصحافى والإعلامى لجهة سيادية ، مما عساه يفيد فى هذا الموضع إن شاء الله ، أن كان طريق القبول لتلك الوظيفة أن يخضع المتقدم لإمتحان شفاهى وتحريرى فإذا نجح المتقدم فيهما بعد إستيفاء شروط أخرى أن يحظى بنيلها ، وكان مما طُرِحَ بالإمتحانين : أ / تقديم تقرير مفبرك عن أى موضوع سياسى يشغل الرأى العام الآن . ب / ناقش مشكلة سوريا ونظام الأسد ومباحثات جنيف . وقبل أن أستمرر فى تسلسل الأحداث أود الإشير إلى أنه فى الصحافة السودانية والتى أعمل فيها منذ أكثر من عشر سنوات ، أنه يغلب أو يُشترط للعمل بها إلتزام الخط السياسى العام للدولة ونهج الصحيفة ، وأهمها عدم التطرق فى الشئون الداخلية للدول العربية بخاصة والدولية بعامة ، مما ساهم هذا التوجه المُلزِم فى التضييق من مواعين المعلومات المهمة والحساسة المتقاطعة للشارع السودانى والرأى العام ومواكبة العالم الغرفة ذى التكنلوجيا الرقمية الهائلة التى لا شك ساهمت بقدر وافر وملحوظ فى تدفق المعلومات بإختلافها للمستهلك العادى أو المختص بحيث لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال والأحداث السريعة والمتلاحقة ، فأفقده الكثير جداً من البروز والشخصنة والثقة فى وسائل الإعلام الحديث ، المرئى والمسموع والمقروء ، وهنا يلام الطرفان : التوجه العام للصحيفة والخط السياسى للدولة بميزان الصحافة ، والذى تحكمه وتسيطر عليه قنوات مؤسسية بعينها ، أبعد من ذلك .. الصحافى نفسه ، فى عدم إكتراثه لما يدور حوله من جملة أحداث فى الشأن العام الدولى ، طالما هو بعيد عن قطع لقمة العيش والمرتب الشهرى الموؤف ، وحتى من حاول منهم لم يظهر بالشكل اللائق الذى يجعله جدير بالثقة المعلوماتية المتعمقة للمادة المطروحة فيما يقدم عليه من أعمال مصاحبة ، والأمثلة موجودة لمن أرادها . بالنسبة للتقرير المفبرك ، فقد كان ما كان ، وقبلته الجهة المعنية وتفاعلت معه إيجاباً ، بإعتباره تقريراً سياسياً حقيقياً مدعماً بالوثائق والمستندات والتصريحات للمسئولين " والكذب والفبركة حرام " خصوصاً فيما يتعلق بالمسائل المصيرية الدولية كما حدث فى إجتياح العراق 2003 م من القوات الدولية المشتركة والتى قادته واشنطون ولندن إثر تزويد الجهات ذات القرارات السياسية المباشرة من معلومات مكذوبة وتقارير إستخباراتية مفبركة من الطرفين أميركا وبريطانيا ، إيذاناً بالإقتحام والإجتياح ونهب الثروات وإستغلال الموارد الطبيعية والصناعية بذريعة أنَّ بغداد تمتلك أسلحة دمار شامل وأسلحة بيولوجية فتاكة ومحرمة دولياً ويعاقب عليها القانون الدولى ويسمح بالتدخل العسكرى لها تحت الفصل السابع الدولى كذريعة قانونية وغير شرعية فى ذات الوقت ، ويتضح فيما قبل أو فيما بعد أنَّ الغرض الأساسى للإجتياح ليس هو السلاح المدمر الفتاك ، وإنَّما هو حقاً وحقيقةً : إزاحة الرئيس / صدام حسين عن سُدَّة الحكم وإختراق وتفتيت حزب البعث العربى الإشتراكى كضربة أولى فى منطقة الشرق الأوسط والذى يمثل تهديداً مباشراً لإسرائيل وحلفاء واشنطن وأصدقاءها ومصالحها ، وما يمثله حزب البعث وصدام حسين تحديداً من عقبة تؤود فى بسط الهيمنة الغربية على المنطقة بأسرها وتغول بعض دول الجوار كإيران من إحداث حراك عسكرى محتمل أو عمل إرهابى منظم ضد الإبنة تل أبيب الجميلة ، مما جعل ذريعة التفتيش لممثلى الطاقة الذرية الدولية بالدخول إلى بغداد العراق وجدوا أم لم يجدوا سلاحاً أن يمهدوا للإجتياح العسكرى والتغول الدولى كضربة قاتلة لحزب البعث العربى الإشتراكى ومن هم يحملون نفس الآيدلوجية فى المنطقة ، إذ قال جورج بوش الإبن الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأميركية فى مؤتمر صحافى قبل الإجتياح مباشرة : " إنها الحرب الصليبية ومن ليس معنا فهو ضدنا " لتجميع الرأى العام الداخلى وتأييده . إضافة لهذا البند : " التقرير الإستخباراتى المفبرك " فقد تمَّ تنبيه تلك الدولة المانحة للوظيفة بمجريات الأحداث وفق تقرير إستخبارات ملفق مفاده أنَّ مخابراتنا تسيطر بنسبة عالية على الدولة ومؤسساتها مما يُمَهِّد لسقوط الحكومة وخروجها من مجموعتها العربية ، وهى ما تعانيه اليوم من عزلة سياسية ودولية نحو إزالة وإزاحة نظامها الحاكم وهو ما لم تأبه به ، ولا عذر لمن أُنذر فلات ندم بعد . نصيحة أخوية : لا تكتب تقريراً مفبركاً يمس المسائل المصيرية الدولية . ب / الحق يقال فى التقرير والمناقشة حول ما يجرى بسوريا ، فليس لى معرفة بها قط لا من قريب ولا من بعيد حينها ، وكان السؤال : ما هو مصير بشار الأسد والنظام السورى ومفاوضات جنيف برأيك الشخصى ؟ وكانت الإجابة : إلى زوال لا محالة ، لإعتبارات أهمها : - يمثِّل نظام حزب البعث العربى الإشتراكى تهديداً لأمن الولايات المتحدة وإسرائيل القومى مباشرة فإسقاطهما من الأولويات لواشنطن . - من ناحية أخرى ، الأخذ فى الإعتبار التداخلات والتقاطعات الدولية وحماية مصالحها فى سوريا محل نزاعات إقليمية ومحلية ودولية متجذرة جداً كروسيا وإيران وحزب الله ، فيما يمثِّل قوة إقتصادية إن لم تكن بديلة فهى أصيلة لتلك الدول فلا بد من الوصول لحل يرضى جميع الأطراف . - المفاوضات فى جنيف والمعارضة السورية شكل وجسم سياسى مرحلى للدولة السورية الجديدة بعد إسقاط النظام السورى ، فلا بد من المماطلة التفاوضية لأبعد مدى ممكن للوصول لإستقرار سوريا الحديثة . - حزب النصرة وداعش والقاعدة والهجمات الإنتحارية والأعمال الإرهابية التى تمثِّل زعزة الأمن فى المنطقة ، يمس الأمن القومى الأميركى فأمن إسرائيل من أمن واشنطن ، فيجب التخلص من ممارساتهم الإرهابية بهدوء ولضمان تدفق النفط والغاز الطبيعى لأوروبا وواشنطن . - المشروع النووى الإيرانى والتمدد الشيعى فى المنطقة والسيطرة على مضيق هرمز الخليجى يشكل ضغطاً إقتصادياً وعائقاً أمنياً لأوروبا وأميركا لمنع طهران مرور السفن المحملة بالنفط الخليجى ومشتقاته إليهم ، فلا بد من تسوية الخلافات والتقاطعات المشتركة فى سوريا سياسياً وسلمياً . - أمن إسرائيل من أولويات أمن جمهورية مصر العربية بحماية الحدود فى سيناء من عناصر الإرهاب وتمدده للأراضى الإسرائيلية للنيل من قيلولة تل أبيب الحالمة فى خيرات فلسطين المجروحة والمكلومة بمساندة ومساعدة وتمويل القاهرة لوجستياً وعسكرياً بإنشاء قناة السويس الجديدة 2015 م وفتح معبر دولى جديد يضمن نقل الصادرات البترولية من الخليج إلى المحيط بديلاً لمضيق هرمز المتحكمة فيه طهران بمساندة باريسية وما تثيره دولة قطر تحديداً من قلاقل لنظام السيسى شئ من هذا القبيل فالقاهرة حاضنة وراعية للمعارضة السورية . - حزب البعث السورى آخر معاقل آيدلوجة العصر الحديث ، فسقوطه يعنى ما يعنى من تشكيل الشرق الأوسط الجديد وتقسيمه بين روسيا وجيرانها وأميركا وحلفاءها وما ضرب العراق عسكرياً أولاً إلا للدخول لهذه المرحلة التأريخية المهمة جداً فى أحداث العالم اليوم المعاصر . نصيحة أخوية : إيَّاك والتدخل فى الشئون الداخلية لسيادة الدول العربية والعالمية أيها الصحافى السودانى المهذب الأنيق . أمَّا بعد : كنت أرجو أن تشارك الصحافة والصحافى السودانى فى المحافل الإعلامية العالمية بشئ من إنتقال حر ومباشر ومحايد للعالمية فى ظل العولمة والتقارب الزمنى وإلغاء المسافات والحدود الجغرافية لسكان الكوكب اليوم ولو بنذر يسير فالإهتمام الشعبى العالمى الواسع مشتركا بين الجميع وبحثا عن لقمة العيش فى مجالات أوسع وأكبر ، أتمنى ذلك .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بدر الدين العتاق
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست