يستخدم السودانيون تعبير ” الموت سمبلا” لوصف الموت المجاني، وينطبق هذا الوصف بشكل كبير علي العدد الكبير من الوفيات ، التي وقعت في شهر اغسطس الحالي، في عدد من مدن البلاد المختلفة.
ففي احصائية تقريبية اجرتها ” التغيير الالكترونية” فقد تجاوز عدد الموتي ” السمبلة” خلال هذا الشهر اكثر من مائة شخص لأسباب مختلفة ولكنها مرتبطة بالإهمال الرسمي والمتعلق بسوء البنية التحتية، وبطء الاستجابة عند وقوع الكوراث والفساد الذي انتشر في كافة مناحي الحياة.
ففي 18 اغسطس توفي نحو 27 شخصا في حادثين منفصلين، حيث لقي 13 شخصا مصرعهم عندما اصطدم قطار سريع بعربة في منطقة الكباشي شمال الخرطرم ، وبعدها بساعات لقي نحو 14 شخصا مصرعهم اثر اصطدام شاحنة بحافلة مواصلات عامة بمنطقة الثورة الحارة 76 بامدرمان الواقعة غرب العاصمة الخرطوم.
كما فارق 15 شخصا الحياة من بينهم نساء في 16 اغسطس في منطقة واقعة بين القطينة ونعيمة بولاية النيل الابيض عندما اصطدم بص سياحي بشاحنة تحمل اغناما علي الطريق السريع. وقبلها بيومين مات 13 شخصا عند اصطدام بص سياحي بشاحنة أيضاً عند مدخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
اما الواقعة الأكثر تراجيدية والتي اصابت السودانيين بالصدمة والذهول هي غرق 22 تلميذا برفقة معلمتهم في منطقة البحيرة بولاية نهر النيل وهم في طريقهم للمدرسة. واعادت هذه الحادثة للأذهان واقعة وفاة 4 تلميذات في احدي المدراس بمنطقة دار السلام بامدرمان عندما انهار الفصل الدراسي عليهم.
وحصدت الاثار المترتبة على السيول والأمطار والفيضانات حياة اكثر من 40 شخصا خلال هذا الشهر في عدة مناطق ولكن أكثرهم من مدينة النهود بولاية غرب كردفان وكسلا بشرق السودان.
وتعود معظم الاسباب التي ادت الي الوفيات للاهمال الحكومي والبطء في الاستجابة للازمات والفساد. فعلي سبيل المثال فان السبب الرئيسي في وفاة الطالبات في مدرسة دار السلام هو تشييد المدرسة التي يمتلكها رئيس اللجنة الشعبية في المنطقة من مواد غير ملائمة. ومع ذلك فان السلطات المعنية قد منحت المدرسة التصديق لاستقبال التلميذات.
كما ان الوفيات التي نتجت عن السيول والفيضانات في كسلا كان يمكن تلافيها بعد ان تكرر ذات الامر، العام الماضي، والتي كانت قد رصدتها ” التغيير الالكترونية” لكن السلطات المحلية لم تتحرك، طوال العام من اجل القيام بالاعمال الهندسية اللازمة، وركزت جهدها على استضافة الدورة المدرسية وإرضاء رئيس الجمهورية عمر البشير والذي زار الولاية.
بالنسية للحوادث المرورية والتي تعتبر من اكثر أسباب الوفاة في البلاد فان السبب يعود اساسا لرداءة الطرق السريعة والتي تتكون من مسار واحد علي عكس بقية الطرق في بقية انحاء العالم والتي تتكون من مسارين منفصلين.
وفجرت تصريحات المسؤولين حول واقعة غرق التلاميذ في البحيرة موجة من الغضب والسخرية لدى الأهالي وفي وسائل التواصل الاجتماعي ، بعد ان قال الرئيس البشير انه متكفل بحج أهالي الضحايا فيما قال الوالي حاتم الوسيلة انه سيتكفل بعمرة لهم.
ويري استاذ علم الاجتماع بجامعة النيلين عبد الله فقيري ان هذا ” الموت المجاني” يدل على مدى السوء الذي تتعامل به السلطات مع الناس وقضاياهم.
واضاف ” هنالك نوع من اللامبالاة التي تتعامل بها الحكومة مع قضايا الناس ومشاكلهم وهو امر معروف .. لكن ان تصل اللا مبالاة الي حد اعتبار الموت المجاني امرا طبيعيا فهو امر عجيب.
ومضي يقول ” اعتقد ان سكوت الناس وتعايشهم مع الموت المجاني والأزمات ليس هو الصورة المثالية.. أتوقع رد فعل اكبر واقسي خاصة وأنهم لم يعودوا ما يخشون من اجله“.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة