مر يوم الاحد بطيئا كئيبا يسحب قدميه وترتمي الدقائق فيه فوق بعضها البعض بخوف.. اليوم تنتهي مهلة الشهر.. لم أجرؤ على تفقد رسائل الواتس اب في هاتفي.. ظللت اتحاشاه طوال اليوم والنفس تمني القلب بما لا يمكن.. كل ساعة تمضي في ذلك النهار بلا اتصال تزيد خوفي من أن الخبر الفاجعة تحمله أحرف رسالة.. لن يتصل أحد.. فالاخبار الرائعة لا تنتظر ولا تطيل الغياب.. في المساء.. قلت لنفسي.. لا شئ يغير الآن ما قد حدث.. استجمعت قواي وفتحت الرسائل.. كانت الرسالة مختصرة وكأنها خبر في شريط إخباري.. طلبوا منها ان تجثوا على ركبتيها ويداها خلف ظهرها ثم اطلقوا النار من مسافة قريبة..
هكذا .. نعم هكذا انتهت حياة حواء واحلامها في عامها الرابع والعشرين..هكذا مضت.. وحيدة لا تفهم ما يجري.. لا يستوعب عقلها كيف تنتهي الحياة بلا سبب وهي التي اختارت أن تكون قابلة لتمنح الحياة حياة.. هكذا مضت تودع آخر لحظاتها بدموع في عينيها وهي التي تحمست وخرجت من مستشفيات المدن لتساعد نساء ضعيفات ألقى بهن الحظ العاثر للنزوح خلف جبال المندرة..
لا أدري لم فكرت طويلا في يومها الأخير.. هل اخبروها أن المهلة تنتهي غدا ولا جديد؟.. كيف كانت تواجه الصباحات كل يوم خلال الشهر-المهلة؟ كم طالت بك الليالي يا حواء.. بم كنت تفكرين يا عزيزتي؟ بما مضى ام بأحلام تعلقت بشروط ومهارة المفاوضين؟ كان مجرد التفكير في تلك الساعات الأخيرة مؤلما.. التقيت بعض الزملاء من منظمات أخرى في اليوم التالي.. في الاجتماع..كان الحزن سيد الموقف.. كان الصمت أكثر ضجيجا بالفقد.. كانت حواء طاغية الحضور رغم الغياب..
تقول صديقاتها أنها ارسلت رسالة في مجموعة الواتس الخاصة بهن.. تقول حواء في رسالتها الأخيرة.. يا إلهي اني اسمع وقع أقدامهم.. انهم قادمون لاخذنا.. أخبروا أمي أني أحبها..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة