00:25 AM June, 13 2017 سودانيز اون لاين منتصر عبد الباسط- مكتبتى رابط مختصر الذي وقع فيه الخوارج القدامى والإخوان كسيد قطب والقرضاوي وعامة الأخوان وكذلك السلفيون في فهم الآية التي وردت في سورة المائدة التي فيها (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. ) ظنوا بأن كلمة (يحكم ) معناها قاصر على الحكم القضائي وهذا غير صحيح البتة فكلمة (يحكم ) وردت ثلاثة مرات في كل مرة كانت تستهدف والله أعلم فئة مختلفة ونوع من الوظائف مختلف في المرة الأولى استهدفت الأنبياء والعلماء ...وكانت تعني (الحكم الفقهي والأحكام الفقهية ) ومعناها أن الذي عدل عن الحكم الفقهي الشرعي والديني الصحيح .. بسبب هوى النفس أو محاولة ارضاء الحاكم أو بسبب الدنيا والكسب الدنيوي (فأولائك هم الكافرون) فأي عالم يفتي بفتوى لم يريد بها وجه الله فهذه الآية خاصة به وتشمله لمذا قلنا هذا الكلام .. تجد الجواب في الآية نفسها في قول الله تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) نحن نعلم بأن معظم بل الكل إلا قليل من الأنبياء لم يكونوا حكام ولا ملوك ولا قضاة..وكذلك الربانيون والأحبار لم يكونوا حكام ولا قضاة إذاً هنا المفصود الحكم الفقهي المتعلق بالعلماء ... فالآية تكفر العلماء الذين لا يحكمون حكماً فقهياً بما أنزل الله إذا كانوا متعمدون أو متجاسرون من غير تثبت أو من غير كفاءة وتأهل هذه الآية خاصة بالأنبياء والعلماء فقط...وليس للحكام أي علاقة بها والآية المتعلقة بالحكام والقضاة هي في قول الله عز وجل : وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) هذه متعلقة بالحكام والقضاة الذين لم ينفذوا الحدود الشرعية أو لم يعاملوا المختصمون والمتحاكمون بالمساواة فهؤلاء وصفوا بالظلم وبأنهم ظالمون أما الثالثة والتي فيها قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) هذه متعلقة بالسلوك الأخلاق ...فمن لم يحتكم لأخلاق الدين فهو من الفاسقين وليس الأمر كما قال القرضاوي هذا والله أعلم ولا قال كما قال ابن عثيمين
ومما يدل على أن الآية التي فيها (فأولائك هم الكافرون) فهمت فهماً عامياً ركيكاً بالنسبة للذين فهموا أن كلمة (يحكم) قاصرة على حكام الدول .... هو ما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني ( الخلافة في قريش ،و الحكم في الأنصار) اسقاط المصطلحات الحديثة المعاصرة على معاني القرآن ومعاني السنة يقلب الموازين ويغير المعاني ففي هذا الحديث نجد الحكم السياسي سمي (خلافة) و(الحكم) قصد به العلم والفقه . وفي لسان العرب والحُكْمُ: العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل.أهـ ،فتبين أن كلمة (حكم) معناها الأولي هو العلم والفقه والحكم الفقهي ثم يأتي بعد ذلك الحكم بمعنى القضاء
فالأمر واضح جداً ففي الآية التي فيها تكفير لمن لم يحكم بما أنزل فيها عبارة ( فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ )والحكام عادة لا يخشون الناس.... الأنبياء أو الرسل عليهم السلام أو العلماء يمكن أن يتعرضوا لبطش الحكام إذا افتوا بفتوى خلاف هوى الحكام الظالمون الجبارون ... والناس هنا مقصود بهم الحكام وأصحاب الجاه والمناصب... أما الحكام فليس هناك ما يخيفهم من تنفيذ حكم الله ...وكذلك عبارة (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا )وكذلك الحكام ليست هناك حاجة أو ثمن يمكن أن ينالوه من شعوبهم إذا لم يحكموا بما أنزل والحكام الظالمون في العادة لا يأبهون بشعوبهم وإذا أرادو من شعوبهم مال أخذوه عنوة ولا يحتاجون للتودد لشعوبهم والعلماء هم المعرضون للإقراءات إذا افتوا بما يخالف الشرع من تحليل لحرام أو تحريم لحلال لنيل ثمن دنيوي وفتاويبهم بما يوافق هوى الحكام أو أصحاب الأموال والجاه كالفتاوي بتحليل المحرمات كالضرائب المكوسية وما يجبى في الجمارك أو الربا أو بعض أنواع التعاملات الغير مشروعة فالفقهاء هم المفروض أدرى بالصحيح من الأحكام وليس الحكام ...لذلك الفقهاء والعلماء هم الذين يقع عليهم العبىء الأكبر ودائماً ما نجد أن وراء كال حكام ظالمون علماء سلطان يزينون لهم أفعالهم ويصنعون لهم فتاوي بحسب هواهم
وللشيخ الشعراوي كلام معقول جداً في شرح هذه الآيات يقرر فيه تفصيل قريب جداً من الذي ذكرته ذكر أن (أولئك هم الكافرون) في من لم يحكم بما أنزل الله ..خاصة بالحكم (العقدي) والأمور العقدية وبقية ما ذكره قريب جداً لما ذكرناه
أهمية هذا الموضوع تكمن في أن هذا الفهم الخاطىء لمعانى هذه الآيات ... هو الذي أسس للمبادي التي قام عليها فكر وفهم الخوارج الأوائل والمعاصرون و كل التنظيمات الإرهابية والإجرامية والمتطرفة وكذلك المعاصرة بداية بتنظيم القاعدة ونهاية بتنظيم داعش.... لأنه بناء على هذا الفهم الخاطىء كفروا رؤساء الدول والحكومات في الدول الإسلامية باعتبار أنهم لم يحكموا بما أنزل الله فصاروا بذلك كفار يحل الخروج عليهم .
ربما هذه التنظيمات التكفيرية لا تعتقد بأن الخروج بالسلاح على هذه الأنظمة والحكومات والدول التي لا تحكم بشرع الله بظنهم مجرد جائز ...بل يعتبرون الخروج واجب.... مع أن الخروج على الحكام الكفارأصلاً لا يوجد دليل على وجوبه... بل دلت النصوص على أن كثير من الأنبياء عاشوا في عهود حكام كفار ولم يعلن هؤلاء الأنبياء الخروج هلى هؤلاء الحكام.. بل أن يوسف عليه السلام وهو النبي بن النبي يعقوب(اسرائيل) ابن النبي اسحاق ابن النبي ابراهيم الخليل عليهم جميعاً السلام كان وزيراً للمالية و التمويل لحاكم غير مسلم . ولكن أمر الخوارج عجيب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة