|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
فجأة أرفع رأسي لأجده امامي و هو يبتسم. هو دائم الابتسام في سمتٍ ملائكي محبب. أحياناً تخرج الكلمات من لسانه في عجمة محببة:أي شيء تبغي أنا هادر( أي شيء تبغيه فأنا حاضر). و لكني افتقدك اليوم بشدة يا طارق. افتقدك؟ كيف أفتقدك؟ و أنت لم تبارح خيالي ولم تفارقني ابتسامتك البهيجة في حلي و ترحالي؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
من أنت يا( الطاهر) لتجذب كل هذه القلوب الشتيتة؟ هل اتيت من اواسط سهول اسيا لتجبر عواطفنا على أن تركع لإنسانيتك؟ هل حقنت قلوبنا بكيمياء الحب فصارت أسيرة حبك؟
كنت استغرب لتلك الأقدار! إذ كيف تسوقنا من مختلف أصقاع الأرض لنتفق على حبك و أنت إنسان بسيط لا تكاد تفهم عبارة إذا ما أطلقنا للساننا العنان في حديث عربي مبين. لم تقف اللغة عائقاً أمام تواصلنا البشري و العاطفي الحميم و العفوي. فكنا نتغلب على حاجز اللغة بإصطناع تعابير و إنجاز تراكيب تؤدي المعني و تحقق التواصل بيننا و نحن نضحك في حبور لهذا الإنجاز اللغوي الرائع ...الذي تفوّق على شروح اللغويين و نظرياتهم الموغلة في الوعورة( مع الاعتذار لإنجازاتهم السامقة) . كيف اجتمعنا و قلوبنا شتى ... ..... إذ تحسبنا جميعاً و نحن شتى إلا في حبك يا طارق.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
لا زالت الذاكرة تحتفظ بذكرى ذلك اليوم الشتائي الماطر و أنا داخل المكتب إذ تناهى إلى سمعي نشيج حزين مكتوم...كاد قلبي ينخلع من كثافة الحزن في ذاك النشيج... . فخرجت و انا اتوجس من المجهول خيفةً. كان هو بعينه ينتحى ركناً قصياً و الوجه مبلل بالدموع التي تسيل مدرارا... دمعاً سخيناً...طازجاً و حاراً كأنه ينبجس من بركان حزن. تبكي يا طارق؟ تبكي و نحن كلنا فداءك ؟ و في لحظة تنزّل عليّ فجأة حنان تلقائي لم أكن احسب أني امتلكه و ما الذي يبكيك؟.. لكن يبدو أن سؤالي قد زاد جرحه اتساعاً، فازداد صوته تهدّجاً.و علا نحيبه حتى حسبته سيشرق بدمعه ذاك السخين . و طفِقتُ أمسح دموعه بما اوتيت مواساة و حنوٍ و مناديل ورقية. ! يا للأسى! فقد توفيت أمه... إنه اليتم إذن....ي ....ا للأسى فقد اصابت (طارق) واحدة من سهام الغربة المسمومة الغادرة. وأصابته في من؟ في أعز الناس. إنني جد آسف يا الطاهر.إنني جد حزين. و لكن ماذا نفعل؟
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
و نظل طيلة الضحى نجفف الدموع و نخفف الأحزان و نخفف وقع الصدمة الكبرى بما استطعنا من كلمات المواساة و بالعزاء الذي لا ينسينا الأعزاء. و ماذا لدينا غير ذلك نحن بني البشر أمام أكثر الأحداث في الكون قتامة و حيرة؟ و يظل عزاؤنا مجرد عزاء نتلهّى به. في تلك المدينة الخليجية التي تعجّ بالمهاجرين شاءت إرادة المولى أن نلتقي ...و أن نتعارف... و أن نتعامل،..... بغض النظر عن اختلاف سحناتنا تلك التي نحملها في وجوههنا، و بغض النظر عن جنسياتنا، و هوياتنا الوطنية التي تحملها وثائقنا. و لكن) طارق) ببراءة كاريزما فطرية تفوّقت على التكلّف و التجمّل استطاع أن نلتقي حوله حبه و ندور في فلكه.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كان يقف امامنا... و نحن من مختلف الجنسيات العربية في ذلك البلد الخليجي الذي يضم الشتات من مختلف الأصقاع( و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا)ً. كان يقف هكذا دائماً و يكتسي وجهه بنظرة كلها حنان و مودة لكي يستجيب لطلباتنا. إذ كان طارق حسب تصنيفٍ وظيفيّ ظالم.... مجرد نادل. و لكنه حسب التصنيف الإنساني كان ملك لقلوبنا جميعا دون استثناء. كما كانت أحاسيسه الإنسانية الدفاقة فوق التصنيفات التراتبية الوظيفية (و هو في أدنى السلم الوظيفي) مما جعلنا (و نحن موظفين كبار) نستهين عنوةً بتلك التصنيفات المهنية. أحيانا كنا نجده جالسا ساهماً ...مطاطيء الرأس للأرض في حزن و عيونه محمرة من أثر البكاء. كان عندما يجهل عليه أحد من رؤسائه، أو يستثيره تصرف مستفز( من بعضنا) سرعان ما يلتمس ركناً هو ملجأه الأول ..إنهاالدموع التي سرعان ما يطلق لها العنان فتجدها مسترسلةمنسابة مترقرقة في مآقيه في تلقائية طفولية . فنجري إليه مخففين، و ماسحين للدموع، و مهدهدين.... ثم بعدها بساعة كان يدخل المكتب و ابتسامة في صفاء الحليب تنوِّر وجهه الطفولي المستدير .
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كان حينما يسافر في إجازته السنوية يختل التناغم العاطفي و الإنساني بيننا و نظل نحسب الأيام في انتظار عودته كأننا كنا نعرفه منذ دهور...... أو كأن قد عمّد طفولتنا بحبه منذ مولدنا. كان نحسب الأيام في انتظار أن يهل وجهه الباسم ليبعث من جديد في دواخلنا إحساس صادق بالحب و الشوق....الحب و الشوق اللذان يسموان على الحدود و الحواجز الإثنية.إذ كان يقفز فوق تلك الحدود و الحواجز بعفوية و تلقائية كأنه لاعب ماهر ........اتقن ذلك التخطي الذي اصطنعناه. في الصيف قبل الماضي سافر ( طارق) إلى أسرته في كراتشي. كراتشي تلك المدينة التي سمعنا بها كثيرا و لم نراها... و لكن عرفن شوارعها و أسواقها من خلال(طارق). ..... و نظل نحن نتابع رحلته حينما يغيب عنّا مسافراً لأسرته في انتظار اوبته..... .....فقد عبر بنا الطاهر الحدود الجغرافية لنصل معه لمطار بلده حينما يصل و نتجول معه في احياء مدينته حينما يتجول... ثم.. نظل بعدها في شوق نحسب الأيام عن تاريخ عودته.
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
في الصيف الماضي تفرقنا..... حيث سافر كل منا لوطنه .و حينما عدنالم نتفاجأ به إذ يعود.... نفس الإبتسامة الوضيئة، نفس النظرة الحانية. و لكن....... تفاجأنا لشيءٍ آخر...........خلف نظراته الوديعة كانت يلوح شيء غامض يسرى إلى دواخلنا في قلق دفين..... مثيراً فينا التساؤل الحائر. ......الآن طارق بيننا من جديد و معه يبدو للعيان....... نحولاً في الجسم و تثاقل قليلاً في الخطا..و نظرات منه ساهمة. .. و كانا يأخذنا الخوف و القلق بعيداً..... لأشد الإحتمالات قتامة.و لكن سرعان ما كنا نتوقف عن أن نسترسل ...و ذلك خوفا و رهبةً من المجهول ....و كنا نتمتم سراً بالدعاء و نسأل الله له أن يجنبنا و إياه لعنة الفراق. .. ........و لكن كان... داء الكلى اللعين الذي حال بيننا و بين طارق في تلك الايام..... ثم خلال اسبوعين فقط ......حال بننا و بينه إلى الأبد. ...... و افتقدناه....,.,.. إلا صورة مضيئة له في القلوب.... و حسرة في الضمير.... و دعاء في القلب و اللسان. أنت فعلا انت تنتمي للسماء يا (طارق)...السماء الذي ذهبت إليه و في القلب غصة. عليك سلام الله يا أخي في الغربة( طارق).
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
ولعل قصة طارق الحزينة هي حال كل منا في الغربة التي نعيشها غربة يمكن ان تعيشها داخل وطنك وليس في بلاد المهجر فقط.. وفي الغربة قصص مؤلمة كثيرا مثل قصة طارق المثال.. وتبقي قصة كل واحد منا مهما تغلب علي الغربة ومتاعبها مآساة..
......... .........
تحياتي يا محمد عبدالله..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: من ماسي الغربة – لقاء و بعاد و فراق (Re: Muna Khugali)
|
(ولعل قصة طارق الحزينة هي حال كل منا في الغربة التي نعيشها غربة يمكن ان تعيشها داخل وطنك وليس في بلاد المهجر فقط.. وفي الغربة قصص مؤلمة كثيرا مثل قصة طارق المثال.. وتبقي قصة كل واحد منا مهما تغلب علي الغربة ومتاعبها مآساة..) الأخت منى لك تحياتي طبعا يا منى في الغربة يصير الألم و الحزن و القلق مضاعفاً. و في الوطن تجد من يواسيك و يخفف عنك الالم و الضنىز و كما تفضلت بالقول( في الغربة قصص مؤلمة كثيراً مثل قصة طارق) و نسال الله أن يرد غربة من يودذ و أن يجنب المغتربين مقاساة و مكابدة و ىلام الحياة و ان يحفظ الجميع. مع شكري
| |
 
|
|
|
|
|
|
|