ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... الدكتور حسن الترابى/توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 05:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-06-2016, 04:53 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... الدكتور حسن الترابى/توثيق

    03:53 PM March, 06 2016 سودانيز اون لاين
    الكيك-
    مكتبتى


    رابط مختصرفي التأدّب مع موت الترابي !

    !في التأدّب مع موت الترابي !!03-06-2016 10:29 AM

    سيف الدولة حمدناالله



    ليس من اللائق - في الدين والأخلاق - التعرّض لشخص إنتقلت روحه للسماء باللعنة والشتيمة الشخصية، ويذكر التاريخ أن أتباع الفكر الذي ينتمي إليه الراحل الدكتور حسن الترابي (والصحيح الذين ينتمون إلى فكره) كانوا أول من أدخل هذه الجرثومة إلى أدب الخلاف الفكري والسياسي، فقد أطلقوا – ولا يزالون - على الشهيد محمود محمد طه وصف "الهالك"،

    بما يعني أنه خارج دائرة الرحمة وكأنهم وقفوا معه يوم الحساب، وهكذا يفعلون مع كثيرين غيره من الخصوم السياسيين، فحينما توفى الفريق فتحي أحمد علي نهشت سيرته أقلام النظام من قبل أن يصل جثمانه من القاهرة، وحينما كتب عُقّال منهم بأن هذا عيب، ردّ عليهم الصحفي حسين خوجلي في إفتتاحية صحيفته (ألوان) يقول: "نعم أن ديننا يأمرنا بذكر محاسن موتانا ..


    ولكنه ليس من موتانا" وواصل في لعنه للمتوفي.في المقابل، ليس هناك ما يمنع - في الدين أو الأخلاق - من التعرض لسيرة المتوفي فيما يتصل بكونه شخصية عامة، فقد تناولت كتب التاريخ الإسلامي سيرة الخليفة الراشد العادل سيدنا عمر بن الخطاب عمر رضي الله عنه ولم تحذف منها ما كان يفعله من أفعال الجاهلية قبل دخوله الإسلام، ولا شيئ أضاع معالم التاريخ السوداني خلاف الفهم الخاطئ لقاعدة (الإحسان في ذكر الموتى)، فقد بدّلنا فشل القادة إلى نجاح في كتب التاريخ حتى لا يُقال أننا نُسيئ إليهم، كما بدّلنا كثير من الهزائم إلى إنتصارات حتى نزهو بأمجادنا ونتغنّى بها ونطرب، فزيّفنا التاريخ بالحد الذي لم يعد في إمكان شخص اليوم أن يُجاهر بخلاف ما إستقرّ في عقول الناس بسبب ما يتعرّض له من إرهاب أنصار أي فترة يتم تناولها بالنقد أو بيان الحقيقة، ويصدق هذا الكلام من فترة المهدية حتى الديمقراطية الأخيرة.الذين يظلمون الترابي ويسيئون لسيرته هم الذين يريدون أن يخرجونه من كونه عالِم دين ومُفكّر إسلامي بجعله بطل قومي في دنيا السياسة،

    فتاريخ الترابي ليس فيه ما يجعله كذلك، والعكس صحيح، فالترابي يُنسب إليه أنه كان وراء وأد أول تجربة ديمقراطية في السودان، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك بوقوفه - مع آخرين - وراء طرد أعضاء الحزب الشيوعي من البرلمان (نوفمبر 1965)، ورفض البرلمان تنفيذ حكم قضائي ببطلان القرار الذي تحجّجت فيه القوة التقليدية بإثارة أحد حضور ندوة أقيمت في ذلك التاريخ بمعهد المعلمين العالي بأمدرمان لمسألة تضمنت إساءة للدين خلال ندوة بدعوى أنه ينتمي للحزب الشيوعي، وقد كان ذلك سبباً مباشراً في قيام الضباط الأحرار – بمشاركة رئيس القضاء بابكر عوض الله – بتدبير إنقلاب مايو 1969.كما أن الترابي – وتنظيمه –


    عاد وتحالف مع الرئيس النميري في الوقت الذي كان ينتظر فيه كل الشعب على إسقاط حكمه، ووقف الترابي وراء قوانين سبتمبر التي - على سؤئها - تم تطبيقها بصورة شائهة، فقُطعت مئات الأيدي والأرجل في محاكمات إيجازية لم يكن يُسمح فيها للمتهمين بالإستعانة بمحامين، ودون تدوين المحاكم للبينة كاملة بما كانت تعجز معه محاكم الإستئناف – وكانت هي الأخرى شائهة – من مراجعة ونقض الأحكام بطريقة سليمة، وهي المحاكم التي كانت وراء إعدام شهيد الفكر محمود محمد طه الذي كان إعدامه – مع أسباب أخرى – في إشعال إنتفاضة أبريل.

    ثم قفز الترابي من مركب مايو وإلتحق بالعملية الديمقراطية ثم سرعانما إنقلب عليها بتدبيره لإنقلاب الإنقاذ.لا يستطيع تنظيم المؤتمر الشعبي (فصيل الترابي) أن يخدع الشعب بالحجة التي يرددها بأن خلافه مع المؤتمر الوطني يرجع إلى أنه كان يُنادي بالإنفتاح وتحقيق الديمقراطية، وأنه كان يريد أن ينتصر للشعب من قبضة العسكر، فكل جرائم الإنقاذ الكبرى حدثت خلال فترة مشاركة الترابي وجماعته في الحكم (تخلّى عنه أنصاره واحداً بعد الآخر وقفزوا لجناح السلطة)، فقد شهدت تلك الفترة جرائم التعذيب في بيوت الأشباح، والإغتيالات السياسية (د.علي فضل والمهندس أبوبكر راسخ ..الخ)، وإعدام شهداء رمضان، وإعدام الشهيد مجدي محجوب ورفاقة في قضايا العملة، وتصفية الخدمة العامة بالصالح العام وتمكين أعضاء التنظيم بما أدّى إلى إنهيار الخدمة المدنية، كما شهدت فترة وجود الترابي في الحكم إنهيار القضاء وتسييسه بالنحو الذي لا يزال يعاني منه إلى اليوم.


    لا يُضير المرحوم الترابي أن يحجب عنه أيّ مُعارض دعواته له بالرحمة وحسن القبول، فلديه من الأنصار والأتباع والأهل ما يكفون للقيام بهذه المهمّة، كما أن جميع القنوات التلفزيونية والإذاعية السودانية قد توقفت عن بث برامجها العادية وإنقطعت - ولا تزال - إلى قراءة القرآن الكريم على روحه برغم أنه ليس للفقيد صفة رسمية في جهاز الدولة بخلاف كونه رئيس حزب سياسي، وقد توفى قبله الفقيد محمد إبراهيم نقد وهو الآخر رئيس حزب سياسي ولم يُذكر إسمه في نشرة الأخبار.ليس لائقاً أن تحدث هذه المجادلة التي نراها تشتعل بين الأفراد حول واجب الترحّم على من يرحلوا من هذه الفانية من الشخصيات العامة، فهذا شأن كل أمرء مع نفسه، ففي كل يوم يموت ألوف المواطنين بمختلف الأسباب ولا يجدون من يترحم عليهم غير الأهل والجيران، فالذي يجعل لا شماتة في الموت، أن الشامِت ليس معصوماً منه، فكل نفس ذائقة الموت، فلنترك أمر الترابي إلى ربه، أما ما قام به من أفعال فسوف نذكره له في مماته كما ذكرناه حال حياته ولم يعتذر عنه ولم يطلب صفح ضحاياه.تبقى علينا أن نسأل: أي قواعد الدين أولى بالإتّباع، ومن تُقدّم له النصيحة: الذي يقتل النفس، أم الذي يمتنع عن الترحّم عليها !!سيف الدولة حمدناالله---------------------

    هذا ما حدث لي بعد سماع نبأ رحيل الترابي!


    نشرت يوم 06 مارس 2016


    رشا عوض "



    هذا ما حدث لي بالضبط والسبب الذي جعلني أشرك فيه القراء والقارئات رغم انه حدث ذاتي يخصني وحدي، هو ان هذه اللحظة الذاتية لخصت لي ما فعله بنا "المشروع الإسلاموي"*شعرت بنوع من الحزن الغامض والمبهم حينما علمت برحيل الدكتور حسن عبد الله الترابي! طفرت من عيني دمعة حيرتني وعلى غير العادة ظللت أبحث لها عن تفسير خارج إطار الحزن!*لعلها المرة الأولى التي يختلط فيها حزني على شخص متوفى بنوع من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير! *لأول مرة أشعر بالرغبة في استرجاع دمعة قبل أن تغادر جفني!

    *كثيرا ما نستخدم في صياغة الأخبار عبارات من قبيل: الهدوء الحذٍر، الترحيب الحذِر ..

    الترقب الحذر.. فهل الحزن على الترابي يجب أن يكون حزنا حذِرا؟يبدو أنه كذلك! *مشاعر الحزن شخصية جدا، وذاتية جدا، وانفعالات النفس البشرية عصية على التنميط والإخضاع لمعايير سياسية أو معادلات حسابية، فليس من حق أحد أن يتحكم في عواطف الآخرين وكيفية تفاعلهم مع أي حدث !ليس من حق أحد ان يقول ترحموا على هذا ولا تترحموا على ذاك! احزنوا لموت هذا وافرحوا لموت ذاك!*ليس من حق أحد ان يجعل من الحزن أو عدم الحزن على ميت دليل اتهام سياسي أو براءة نضالية أو صك غفران وطني!

    ولكنني حاسبت نفسي قبل ان يحاسبني أحد على لحظة حزن تلقائي داهمتني دونما استئذان! وهذا مربط الفرس!هذا ما حدث لي بالضبط والسبب الذي جعلني أشرك فيه القراء والقارئات رغم انه حدث ذاتي يخصني وحدي، هو ان هذه اللحظة الذاتية لخصت لي ما فعله بنا "المشروع الإسلاموي"*ليت الذين يبكون المرحوم الترابي الآن – وشخصيا أتقدم لهم ولهن بصادق التعزية والمواساة - يعلمون إلى أي درجة سمم "مشروعهم الاستبدادي الفاسد" الأجواء السودانية فتصلبت شرايين التسامح وجفت عروق الإلفة التلقائية في مجتمعنا ! وسيظل انسياب الدم النقي من السموم في شرايين الحياة العامة رهينا لعملية "عدالة انتقالية جادة" ترد ما يمكن رده من مظالم وترد الاعتبار لمن سحقهم هذا "المشروع" سحقا، في جهات السودان الأربعة، وبغير ذلك لن تعود المياه إلى مجاريها بين الإسلاميين والشعب السوداني!

    *لن تتعافى الحياة العامة في بلادنا ويصبح بالامكان تأسيس تعددية فكرية وسياسية وثقافية وإثنية راشدة ومنتجة للسلام والاستقرار على أساس الرهان على هشاشة الذاكرة ومبدأ "عفا الله عن ما سلف"!*اختلف جذريا وبصرامة مع المشروع الفكري للترابي وأقف ضد مشروعه السياسي الذي قسم وخرب البلاد وأشعلها حروبا وأدخلها في مأزق تاريخي وعصر انحطاط شامل لن تعود بعده كما كانت ولو بشق الأنفس! وهذا الاختلاف الموضوعي من وجهة نظري لن يتغير بموت الترابي، ولا مكان من الإعراب ل" اذكروا محاسن موتاكم" عندما يكون المتوفى من الشخصيات العامة ذات الأثر الكبير والنوعي في حياة الشعب ومصير الوطن، ولذلك يجب ان تظل أفكار الترابي تحت مجهر النقد المنهجي، وسيرته ومسيرته بكل تفاصيلها تحت مجهر التاريخ!

    * قرأت في وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا من عبارات الشماتة والتشفي والفرح، وكما أسلفت ليس من حق أحد التحكم في مشاعر أحد، ولكن لمصلحة الفضاء العام ليتنا نتواطأ على مستوى من اللياقة اللفظية وعدم الانحدار إلى درك الشماتة الفجة والتلذذ بسب ميت قبل دفنه والمبالغة في إظهار الفرح والتشفي! فهذا لا يليق بالنبلاء! * لا معنى مطلقا لأن يكون الترحم على الترابي أو إصدار بيان للعزاء فيه مادة للجدل بين الشباب الراسخين في المعارضة! وميدانا لاستعراض الثورية! فالثوار لا يخوضون معاركهم مع الموتى! خصوصا أن الرجل لم يغتاله الثوار في أحد ميادين الخرطوم حيث "مجازر الصالح العام" و"بيوت الأشباح" أو في الأطراف القصية حيث المجازر الجماعية والقرى المحروقة! كما لم ينفذ فيه حكم محكمة تشكلت بعد ثورة ظافرة على نظامه حينما كان الآمر الناهي بلا منازع في عشرية الإنقاذ الأولى، حتى نتعامل مع موته كنصر مؤزر للديمقراطية وحقوق الإنسان صنعناه بأيدينا! بل توفاه الله من فراش المرض، وهذا أمر محتمل حدوثه لأي واحد أو واحدة منا في أي لحظة! *المعارضة السودانية الماثلة أمامنا الآن – والى حين إشعار آخر -

    ليست معارضة ثورية رادكالية تعمل من أجل استئصال النظام الإسلاموي وإقامة بديل علماني ديمقراطي كامل الدسم على أنقاضه، بل هي معارضة إصلاحية تبحث عن حل جزئي وتدريجي بمشاركة النظام الإسلاموي، هذا لسان حالها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولكن المعضلة ان لسان الحال يتواضع حتى عن "إنجاز التغيير الإصلاحي الجزئي" بينما لسان المقال لدى كثير من المعارضين ثوري ورادكالي لدرجة استنكار كلمة عزاء في الترابي الذي رحل بعد أن سقاه تلاميذه بعضا من الكأس التي سقاها للشعب السوداني... كأس الإقصاء والتهميش والتآمر ! وبعد أن انخرط في تكوينات المعارضة جنبا الى جنب مع حزب الأمة والحزب الشيوعي والاتحادي ووقع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم حتى مع الحركة الشعبية بقيادة المرحوم جون قرنق!

    *توفي الترابي وكان آخر رهان سياسي له "حوار الوثبة" الذي يرأسه ويتحكم في مدخلاته ومخرجاته البشير وحده لا شريك له! بدا الترابي في أيامه الأخيرة كمن يعاقب نفسه بنفسه! وهل من عقوبة أقسى من ان يتحول الرجل الذي عاش كل حياته السياسية مهيمنا على تنظيمه إلى مجرد "كمبارس" في مسرحية بطلها عسكري وضباط أمن ممن كان يسميهم أيام عزه ومجده "اخواننا الصغار" !* هذه ليست تبرئة للمرحوم الترابي من المسؤولية التاريخية عن الأوضاع الكارثية في السودان اليوم، ولكن لا مغالطة في أن الترابي منذ ما عرف بالمفاصلة لم يعد هو الممسك بخيوط اللعبة السياسية في البلاد ولم يعد مركزا للثقل القيادي بل ختم حياته وهو يحاول استرداد فاعليته في النظام الذي أسسه! * الترابي انتقل إلى رحاب "الحكم العدل" .

    ..قبل ان ننجح كمعارضين في الانتصار عليه حيا ونطيح بنظامه ، فهل ننشغل بمعارك وهمية حول جواز الترحم عليه والتعزية فيه أم نترك هذه الصفحة التي طواها الموت ولم نطويها نحن، ونفكر في كيفية طي صفحة البشير وزمرته ومليشياته ونظامه الاخطبوطي بأيدينا لا بأيدي عزرائيل؟! وفي هذا السياق لا بد من بلورة رؤية واضحة في تعامل المعارضة مع "الإسلامويين بمواقعهم المختلفة" سواء أثناء العمل من أجل التغيير أو بعد حدوث التغيير كليا أو جزئيا، فالتغيير الثوري الرادكالي له فلسفته وخطابه وأدواته، والتغيير الإصلاحي القائم على المساومات والتسويات الجزئية له هو الآخر فلسفته وخطابه وأدواته، فأي تغيير نريد؟ وماذا أعددنا له؟

    (عدل بواسطة الكيك on 03-06-2016, 05:42 PM)
    (عدل بواسطة الكيك on 03-06-2016, 05:46 PM)

                  

03-06-2016, 05:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الصادق المهدي ينعي الراحل الشيخ حسن عبد الله الترابي

    بتاريخ: 06 آذار/مارس 2016

    *******

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نعي الشيخ حسن عبد الله الترابي

    جمعتني أول مرة بالعزيز الراحل الشيخ حسن عبد الله الترابي الدراسة في جامعة الخرطوم، فقد كنتُ في أول فصولها وكان في آخرها، ثم التقينا في بريطانيا إذ كنتُ طالباً جامعياً في أوكسفرد وكان طالباً فوق الجامعة. وتزاملنا في اللجنة التنفيذية للطلاب السودانيين في المملكة المتحدة.

    شدني إليه علمه والإخلاص للدين والوطن، واتفقنا أن بعث الإسلام قضية إحيائية لا ماضوية تستوجب استصحاب نظم العصر الحديث التي تكفل حقوق الإنسان، والتي تحقق تنمية اقتصادية عادلة، والتي تحترم التنوع الثقافي والجهوي في السودان، هذه المعاني جسدناها في ستينات القرن العشرين في تحالف بعنوان {مؤتمر القوى الجديدة} شمل معنا حزب سانو بزعامة الحبيب الراحل وليم دينق، وآخرين، ثم جددناها لاحقاً في أوائل الثمانينات في تكوين مشترك سميناه جماعة الفكر والثقافة الإسلامية واخترنا له الأستاذ مدثر عبد الرحيم رئيساً.

    ولفرط تقديري له منذ تعارفنا الوثيق زوجته شقيقتي السيدة وصال بمبادرة مني واستجابة منه ومنها. وشهدت علاقاتنا تعاوناً وثيقاً لمدة من الوقت، لا سيما في الموقف ضد النظامين الانقلابي الأول والانقلابي الثاني. وفي الحالين لمسنا منه ومن جماعته وعياً وصدقاً وإقداماً.

    صحيح فرق بيننا الموقف من قوانين سبتمبر 1983م التي أيدوها واعتبرناها تشويهاً للإسلام، والموقف من الديمقراطية الثالثة التي حرصت أن نشترك معاً في أسلمة قومية وسلام عادل وشامل، ولكنهم استبطأوا نهجنا فاختاروا التجربة الانقلابية التي دبروها وعارضناها.

    ثم ومنذ لقائي به في جنيف في 1999م بدا استشعارهم بالخطأ الذي انتهى بندم على التجربة كما صار معروفاً حتى آخر الأيام.

    ومهما كانت تقلبات السياسة، فقد كان الشيخ حسن عبد الله الترابي عالماً محققاً ومجتهداً، وقائداً مدبراً قوي الإرادة، يقف الآن أمام العادل الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء.

    رحمه الله رحمة واسعة، وأحسن عزاء وصال والصديق وعصام الدين ومحمد عمر وسلمى وأسماء وأمامة وذراريهم، وآل الترابي، وآل المهدي، وزملائه في المؤتمر الشعبي، وسائر تلاميذه ومحبيه، وليعلم الجميع أن يدنا ممدودة لبعث إسلامي صحوي وسودان الحرية والديمراطية والسلام، السودان العريض الذي يحفظ وحدته باحترام تنوعه، رايات بإذن الله نسقط دونها ولا تسقط: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[1].

    (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[2]

    الصادق المهدي

    القاهرة في 5 مارس 2016

    [1] سورة الأنبياء الآية 105

    [2] سورة البقرة الآية 156

    -------------------------

    الحركة الشعبية لتحرير السوادن – السودان: نعي وعزاء في رحيل الدكتور حسن الترابي

    التفاصيل C نشر بتاريخ: 06 آذار/مارس 2016

    تتوجه قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بالعزاء لأسرة الدكتور حسن الترابي، ولأهله وأصدقائه جميعا وللمؤتمر الشعبي قيادة وقواعد ولجميع الإسلاميين السودانيين، الا رحم الله الدكتور حسن الترابي رحمة واسعة والصبر والسلوان لذويه.

    لعب الدكتور حسن الترابي أدواراً هامة منذ ستينيات القرن الماضي ولاسيما في الثلاثين عاماً الماضية ولا تزال قضاياها ماثلة، وتتطلب مجهودات وطنية كبيرة للعبور ببلادنا نحو مشروع وطني جديد.

    ولما كانت رغبة الدكتور حسن الترابي التي عبر عنها مراراً في سنواته الأخيرة بإنه يود أن يسهم في منع تشتيت السودان وتمزيق ماتبقى منه والإطمئنان على إن السودان سوف يمضي في الإتجاه الصحيح، وهي أمنية نبيلة فإننا نتوجه للإسلاميين السودانيين بجميع مدارسهم ولاسيما المتمسكين منهم بزمام السلطة، أن نتخذ جميعاً من رحيل الدكتور حسن الترابي مناسبة للتوجه نحو تحقيق مشروع وطني جديد يقوم على المواطنة بلاتمييز والديمقراطية والعدالة الإجتماعية، وبالدخول في حوار متكافئ وذومصداقية يخرج الحركة الإسلامية من أزمتها بمثلما يخرج السودان من أزمته الراهنة العظيمة. كما إن ذلك سيمنع تشتيت السودان كما تمنى الدكتور حسن الترابي.

    تغمد الله الدكتور حسن الترابي بواسع رحمته(إنا لله وإنا إليه راجعون)

    الحركة الشعبية لتحرير السوادن – السودان

    6 مارس 2016م

    ---------------

    الجبهة الثورية السودانية تنعي الدكتور الترابي

    نشر بتاريخ: 06 آذار/مارس 2016

    بسم الله الرحمن الرحيم

    "كل نفس ذائقة الموت، و إنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز، و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"

    ينعي المجلس القيادي للجبهة الثورية السودانية إلى الأمة السودانية جمعاء الشيخ العلاّمة الدكتور حسن عبدالله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي الذي انتقل إلى جوار ربه ظهر أمس السبت الخامس من شهر مارس عام 2016 بالعاصمة الخرطوم إثر علة لم تمهله طويلاً. غفر الله للفقيد ذنبه، و وسّع له في مرقده، و أسكنه الفردوس الأعلى مع الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أؤلئك رفيقاً، و ألهم آله و ذويه و أحبابه و إخوانه و أخواته في المؤتمر الشعبي الصبر و حسن العزاء. إنا لله و إنا إليه راجعون.

    لقد كان الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي عالماً بعلم الدين و الدنيا، و فقيهاً جريئاً في طرح ما يؤمن به، و كان صانعاً للأحداث في السياسة السودانية و رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه. ترك الفقيد بصماته في الحياة السودانية و على مستوى الفقه الإسلامي، و سيحكم التاريخ له أو عليه.

    التوم الشيخ موسى الشيخ هجو

    نائب رئيس الجبهة الثورية السودانية رئيس قطاع الاعلام

    --------------

    حركة العدل والمساواة تنعي الشيخ حسن عبد الله الترابي

    نشر بتاريخ: 06 آذار/مارس 2016

    حركة العدل والمساواة السودانية

    بيان نعي الشيخ الجليل الترابي

    قال تعالى

    (وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)

    تنعي حركة العدل والمساواة السودانية المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ الجليل العالم بالله الدكتور /حسن عبد الله الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي الذي وافته المنية راضيا مرضيا عند ربه إثر عله لم تمهله طويلا.

    حركة العدل والمساواة السودانية إذ تنعي الشيخ الجليل الدكتور / حسن الترابي إنما تنعي عالما من علماء الأمة الإسلامية ومفكرا لم يلن له عزم حتى قدم الكثير من جهد من أجل خدمة الحياة المعاصرة سيما في الفكر الإسلامي.

    حركة العدل والمساواة السودانية إذ تعزي جموع الشعب السوداني في فقيد الامة المغفور له بإذن الله تعالى تعزي ابناء ومحبي واتباع وأسرة الشيخ حسن عبد الله الترابي سائلين الله أن يتقبله مع معية الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وان يلهم آله الصبر وحسن العزاء "إِنَّا لله وإنا إليه راجعون"

    جبريل آدم بلال

    أمين الإعلام الناطق الرسمي

    05/03/2016

                  

03-06-2016, 05:40 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الطيب مصطفى اعدى اعداء الترابى والذى وصفه فى حياته بالفاظ غير مقبلولة من تلميذ لاستاذه مسجلا رقما قياسيا فى كل خطوة بعد المفاصلة كتب اليوم مقالا عنه هنا بعد الوفاة رغم انه لم يعتذر عن ما بدر من قلمه فلتان وسوف نوثق لذلك فى اخر البوست

    الطيب مصطفى

    رحمك الله أيها العملاق

    رحم الله الشيخ الدكتور حسن الترابي، فقد بذل غاية جهده في سبيل تحقيق مشروعه السياسي والفكري في السودان بل وفي العالم أجمع منافحاً ومبادراً ومصادماً في المعترك السياسي ومفكراً ومجدداً ومؤصلا في مضمار الفقه والفكر الإسلامي،

    واشهد أن الرجل أخلص لقضيته وصدق وبذل في سبيلها حياته كلها ولم يستبق شيئاً.

    لا أبالغ إن قلت أنه ما من رجل أثّر في مسيرة السودان السياسية مثلما فعل شيخ حسن الذي رغم أنه لم يبن مجده السياسي على إرث طائفي أو قبلي قد وضع بصمة بل بصمات كبرى في المشهد السياسي السوداني منذ أن التحق بمسرحه المضطرب من خلال إسهامه الضخم في إشعال ثورة أكتوبر 1964عبر محاضرته الشهيرة في مواجهة نظام الفريق إبراهيم عبود داخل جامعة الخرطوم التي كان قد جاءها محاضراً ثم عميداً لكلية القانون بعد حصوله على درجة الدكتوراه.

    ذلك الدور الأكتوبري هو الذي منحه الكاريزما التي أهلته لحصد أكبر عدد من أصوات الخريجين في الانتخابات التي جرت عام ،1965 ودفع به كذلك لقيادة الحركة الأسلامية التي كان له دور مدهش في الانتقال بها إلى حركة جماهيرية واسعة الانتشار وتحقيق طفرات مدهشة هي التي جعلت منها رقماً صعباً في المشهد السياسي السوداني.

    تلك الطفرات الكبرى للحركة الإسلامية السودانية التي انتهجت طريقاً مغايراً لحركة الإخوان المسلمين في مصر

    أقدمت خلاله على مبادرات متفردة في العمل الجماهيري المفتوح بعيداً عن المنهج النخبوي الانتقائي وجد تأييداً كبيراً وأحدث تأثيراً هائلاً على مستوى الحركات الإسلامية في العالم أجمع وكان لشيخ حسن باسهاماته الفكرية واجتهاداته الفقهية الجريئة التي منحته قبولاً دولياً ثم بثقافته الواسعة وديناميكيته وقدراته الخطابية واتقانه للغات الأجنبية كان لكل ذلك أثره الضخم في أن يتبوأ الرجل مكاناً علياً ويحظى باحترام كبير لدى الحركات الإسلامية ومدارس الفكر الإسلامي.

    لعله ما من حزب تلقى ضربات موجعة من شيخ حسن والحركة الإسلامية مثل الحزب الشيوعي السوداني الذي كان هو الأكبر والأقوى على مستوى العالم الثالث، لكن قيادة شيخ حسن للحركة الإسلامية لم تؤهلها فقط لمناطحة ومنافسة الأحزاب الطائفية التي كانت تحتكر ولاءات جماهيرية ضخمة من خلال اعتمادها على قواعد طائفتي الختمية والأنصار إنما لزحزحة بل وإزاحة الحزب الشيوعي من المشهد السياسي السوداني الذي كان يسيطر على النخب والمثقفين وكانت انتخابات عام 1986 بعد حكم النميري دليلاً ساطعاً على الانتشار الواسع للحركة الإسلامية التي حصدت معظم دوائر الخريجين بعد أن كانت لا تحظى إلا بدائرتين في انتخابات 1965 التي اكتسح دوائر خريجيها الشيوعيون.

    ربما اعتبر كثيرون أن غلطة الشاطر كانت انقلاب الإنقاذ الذي أجزم أنه كان مبرراً من الناحية السياسية بفقه المعاملة بالمثل ولاعتبارات محلية وعالمية كثيرة يضيق المجال عن سردها

    لكن مآلات الأمور وفتنة السلطة والثروة أدت إلى أن تجري الرياح بغير ما أرادت سفينة الشيخ وهذا حديث موجع يطول شرحه.

    في سبيل تصحيح ذلك الخطأ اجتهد شيخ حسن كثيراً طوال سني الانقاذ وكان آخر اجتهاداته التي أملاها عليه شعوره بدنو أجله ثم ما رآه في دول الربيع العربي من احتراب خشي أن ينزلق إليه السودان مما عبّر عنه في حديث مؤثر منشور بالداخل بعنوان : (أريد الاطمئنان على الوطن قبل أن يتوفاني الله) جعلته يتناسى مراراته ويحدث تغييراً دراماتيكياً في خطه السياسي، ويقدم تنازلات كبيرة معملاً قيم العفو والصفح ويصبر على ابتلاءات الحوار الجاري الآن رغم خرق العهود ورغم (الكنكشة) ورغم كل شيء ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    أقولها بصدق إنني لا أعلم سياسياً منذ الاستقلال تعرض لما تعرض له الترابي من سجون واعتقالات سواء خلال حكم الرئيس نميري أو نظام الانقاذ الحالي بالرغم من أنه هو الذي أنشاه ووضع لبناته الأولى وما من سياسي تحلى بقيمة الصبر على ابتلاءات السجون والاعتقال مثله فقد كان ذا جلد ورباطة جأش لا تجارى.

    ذهب شيخ حسن وفي حلقه غصة أنه لم يذهب مطمئناً على وطنه كما أن مشروعه تعرض لانتكاسات أعلم يقيناً انه ليس مسؤولاً عنها، أسأل الله أن يعوضه عنها الفردوس الأعلى.

                  

03-07-2016, 04:00 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    رحيل حسن الترابي يقسّم الشعب السوداني إلى فريقين!

    صلاح الدين مصطفى

    March 6, 2016

    الخرطوم ـ «القدس العربي»: انقسم السودانيون إلى فريقين بعد لحظات من إعلان وفاة الشيخ حسن الترابي: فريق ترحم عليه وهو يرى أن الرجل أصبح في ذمة الله، وفريق واصل انتقاده.

    قبيل مغيب شمس السبت أُعلنت وفاة الترابي، وذلك إثر تعرضه لأزمة قلبية وهو يعمل في مكتبه في دار الحزب في الحادية عشرة من صباح اليوم نفسه. ومنذ تلك اللحظة إنشغل السودانيون بهذا الخبر في كل وسائل التواصل الاجتماعي، في مشهد لم يتكرر منذ رحيل رئيس الحركة الشعبية، جون قرنق.

    جموع غفيرة شاركت في تشييع جثمان الترابي صباح أمس إلى المقابر وأربكت حركة السير والمرور بالخرطوم نسبة لإغلاق جسرين رئيسين. وتصدر الجموع أنصاره وتلاميذه الذين توزعوا بين حزبي «المؤتمر الوطني» الحاكم و«المؤتمر الشعبي».

    الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة على السواء شاركت في التشييع وحتى الحركات المسلحة أرسلت برقيات التعازي. وكان في مقدمة المعزيين، عشية مواراة الجثمان الثرى، الرئيس السوداني عمر البشير الذي نعاه أيضا على صفحته بالفيسبوك، لكنه غادر لجاكارتا قبل التشييع وأناب عنه بكري حسن صالح.

    وبخصوص خليفة الترابي انعقدت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي واختارت فجر الأحد الشيخ إبراهيم السنوسي، حسب منصوص النظام، أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي لحين إنعقاد مجلس الشورى. ويصل الخرطوم فجر اليوم، الاثنين، الدكتورعلي الحاج، القيادي البارز في الحزب، وذلك بعد غياب عن السودان لمدة 16عاما قضاها في منفى اختياري بألمانيا عقب المفاصلة الشهيرة مع حزب البشير. ولم يؤكد علي الحاج أو ينفي استقراره في الخرطوم بعد تلقي واجب العزاء.

    وقال الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة المعارض، إن البلاد فقدت مفكرا وعالما جمع بين الفكر والعمل. وأشار إلى اتفاقه معه في موقفين ضد الإنقلابين (الأول والثاني)، وخلافه معه حول قوانين سبتمبر / أيلول 1983م التي أيدها الراحل واعتبرها المهدي تشويهاً للإسلام، ثم الموقف من الديمقراطية الثالثة وقيام حزب الترابي بانقلاب 1989م الذي أطاح حكومة الصادق الديمقراطية.

    وقالت الحركة الشعبية لتحرير السوادن إن رغبة الترابي (الأخيرة) كانت منع تشتيت السودان وتمزيق ما تبقى منه، وطالبت جميع الإسلاميين أن يتخذوا من رحيله مناسبة للتوجه نحو تحقيق مشروع وطني جديد يقوم على المواطنة بلا تمييز وعلى الديمقراطية والعدالة الإجتماعية.

    ونعت حركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد محمد نور، الترابي باعتباره مفكرا إسلاميا وقائدا له أثره في الحياة السياسية لأكثر من نصف قرن، وقالت إن مشروع وفكر الترابي هو الذي أوصل البلاد إلى ماهي عليه الآن من تمزق واحتراب، لكن قيمنا وأخلاقنا تجعلنا ننعيه ونترحم عليه بغض النظر عن اختلافاتنا السياسية والفكرية واﻷيديولجية.

    وكتب المحبوب عبد السلام، الذي يعتبر من أبرز تلاميذ الترابي وإن ابتعد عنه مؤخرا، على صفحته في الفيسبوك: «رحم الله الشيخ حسن الترابي.

    مات موتا حريّا به، مات وهو يعمل. فكل إنسان يموت على النحو الذى عاش به كما يقول الشهيد على شريعتى. كانت آخر خطبه على سنة النبي إذ أسماها خطبة الوداع. وكانت آخر وصاياه قبل يوم واحد الاستمساك بالعهد والميثاق مهما تكن التكاليف، وكانت آخر إشاراته إلى الامام فى جلسة الثلاثاء، وكما حفر الماضى بفكره الماضى يفتح الطريق نحو المستقبل والى الامام».

    ويقول المحلل السياسي، عبد الله رزق، إن وفاة الترابي ربما تكون مناسبة لميلاد تنظيم موحد أكثر قوة، لكن المؤتمر الشعبي مات، فقد كان أول ضحايا الانقاذ. وأضاف: «قُدّر للترابي أن يحيا حتى يرى ما فعلته السلطة بالحزب الذي بناه. ولتجربة الحكم التي كان الحزب عمادها، وما انتهت إليه، مثلما رأى تمرد تلاميذه عليه وعلى تجربة الحكم الاسلامي أيضا. وقد شاهد، كيف أن إسلاميين متشددين، من تلاميذه، مثل غازى صلاح الدين والطيب مصطفى وآخرين، يرفعون شعار الانتفاضة لإسقاط النظام». ويرى رزق أن حزب المؤتمر الشعبي «مات بموت الترابي، إذ لا يوجد من يخلفه في الحزب». ويتفق معه في هذه الرؤية الصحافي عزمي عبد الرازق الذي شكك في صمود المؤتمر الشعبي في وجه العاصفة، ما لم يسارع على الحاج للأخذ بزمام المبادرة عوضاً عن السنوسي.

    ويلقي عزمي نظرة على المشهد السياسي بعد رحيل الترابي، ويرى أن «فرص الصادق المهدي (كزعيم قوي) تبدو أكثر، بوصفه وريثا محتملا في الظهور، وأضاف: «سوف تتعزز قبضة البشير بقوة النياشين. فقد انزاح عنه كابوس المفاصلة، ولذا فضّل الصعود أمس الأول على متن الطائرة الملكية التي أقلّته إلى جاكارتا حتى لا يوصم بأنه إسلامي متنكر، وسوف تنسل الوجوه التي تلاشت عند خطاب الوثبة لتنافس على مواقع فارغة، وسيكون بيت السيدة والملهمة وصال المهدي (زوجة الترابي) في ضاحية المنشية بمثابة حائط مبكى».

    صلاح الدين مصطفى

    --------------------

    حسن الترابي و«الدولة المستحيلة»

    رأي القدس

    March 6, 2016

    لعب رئيس «حزب المؤتمر الشعبي» السوداني، حسن الترابي، دوراً بارزاً في تاريخ بلاده الحديث، والمنطقة العربية. وجاءت وفاته يوم السبت الماضي لتذكّر العرب والسودانيين، بأثره الذي لا ينكر، سياسياً (وفكرياً) على مشروع تمكين ما يسمّى بتيّار الإسلام السياسي من حكم السودان.

    وتبيّن برقيّات التعزية، التي جاءت من الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة في السودان، بما فيها الحركات التي تخوض صراعا مسلحا مع النظام، الوزن والجاذبية الكبيرين للرجل. كما تكشف الجموع الغفيرة التي شاركت في تشييع جثمانه، والذين توزعوا بين حزبي المؤتمر الشعبي، الذي كان يقوده حتى وفاته، والمؤتمر الوطني الحاكم، المعضلة التي كان الترابي مسؤولاً فكرياً وسياسياً عن تكوينها.

    بدأ الترابي، كما هو معلوم، حياته السياسية بالانتماء لحركة متأثرة بفكر جماعة الإخوان المسلمين هي «جبهة الميثاق الإسلامية»،

    التي تولّى أمانتها العامة عام 1964. واصطدمت الجبهة عام 1969 بجعفر النميري، الضابط الذي قاد انقلابا عسكرياً (في موجة انقلابات عسكرية انتظمت العراق عام 1968، وليبيا عام 1969، وسوريا عام 1970، ومحاولة قيّض لها الفشل في المغرب عام 1972).

    بعد سجن لسبع سنوات أطلق النميري سراح الترابي وتصالح مع الحركة الإسلامية السودانية. لكن الخلاف دبّ من جديد بين الطرفين (رغم إعلان حكومة نميري فرض قوانين «الشريعة الإسلامية» عام 1983). واشترك الإسلاميون مع غيرهم في ثورة شعبية ضد نميري تشكّلت بعدها حكومة ديمقراطية منتخبة. وكانت المفاجأة هي قيام حزب الترابي الجديد «الجبهة الإسلامية القومية» بانقلاب عسكري ضد هذه الحكومة وتعيين حسن عمر البشير رئيساً لحكومة السودان.

    تمثّل العلاقة التي نشأت بين الترابي والإسلاميين السودانيين، من جهة، وكل من الرئيسين جعفر نميري وحسن البشير،

    من جهة أخرى، «اجتهادا» خاصّاً بالإسلاميين السودانيين راهنوا فيه على العسكر، وارتدّ عليهم هذا الرهان، وعلى الحركة الإسلامية العربية ككلّ، بانتقادات تيّارات القوميين والليبراليين واليساريين على كافة أصنافهم. فاتهمت اتهامات عديدة، منها أنها معادية للديمقراطية بطبيعتها، وأن تسلمها للسلطة في أي بلد عربيّ سيكرّس دكتاتورية دينيّة تغلق الباب على التطوّر المدني والحضاري العربيّ، وأنها ستعيد البلدان العربية إلى «مجاهل القرون الوسطى»، إلخ…

    لكنّ ما يحسب للترابي، اختلافه مع حكومة الإنقاذ حول قضايا الحريات والديمقراطية وانتشار الفساد، ومماحكاته السياسية العنيفة مع السلطات، مما أدّى بالنتيجة إلى اعتقاله عام 2001، وكذلك عام 2004. كما يذكر له، على المستوى الفكري، محاولاته الجريئة في تجديد الفكر الإسلامي. ومن أمثلة ذلك ما ارتآه من إمكان إمامة المرأة للرجل في الصلاة، وفتواه في إباحة زواج المرأة المسلمة من أهل الكتاب، ومحاربته لختان الإناث. وفي ذلك كلّه، يصدر الترابي عن تراث فكريّ وسياسيّ سودانيّ عميق ومتميّز.

    ولعلّ الدرس الأكبر، الذي يمكن أن يستفاد من حياة وأفكار وتجربة الترابي، هو وقوفه ببصيرة نافذة وقدرة فائقة على التأقلم والتعلّم أمام معضلة الدولة الحديثة وعلاقتها بالإسلام، من ناحية، وبالحداثة الغربية، من ناحية أخرى.

    وبحسب الأكاديميّ الفلسطيني المعروف، وائل حلاق، صاحب كتاب «الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي» أن الدولة الحديثة هي ابتكار غربيّ وأن مفهوم «الدولة الإسلامية» مستحيل التحقق. فبرأيه أن قانون الإسلام الأخلاقي، المعروف باسم الشريعة، كان حتى بداية القرن التاسع عشر، ولمدة اثني عشر قرناً، القوة القانونية والأخلاقية العليا التي تنظم شؤون الدولة والمجتمع، وأن الاستعمار الأوروبي فكّك النظام الاقتصادي ـ الاجتماعي والسياسي الذي كانت تنظمه الشريعة هيكليا بحيث أفرغتها من كونها مضمونا حضاريا شاملا وتحوّلت إلى تشريعات لقوانين الأحوال الشخصية فحسب.

    يمثّل تيّار الإسلام السياسي، بهذا المعنى، شكل المقاومة الحضارية والأخلاقية للدولة الحديثة التي «أنزلت الدولة، والعالم الذي أنتجته، الأخلاق إلى منزلة النطاق الثانوي»، وبين المقدّس الأخلاقيّ والمدنّس السلطويّ، تقبع المعاناة الكبرى التي عاناها الترابي، والتي لم تستطع الحركات الإسلامية الخروج منها بعد.

    رأي القدس

                  

03-07-2016, 03:56 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    وفود تنظيم الاخوان العالمى تتوافد للتعزية فى الترابى

    مشعل في الخرطوم يوصي بالعمل على وحدة السودان والسودانيين

    ونقلت القنوات السودانية كلمة خالد مشعل رئيس حركة حماس وهو يبكى قائلا انه لا يتصور الخرطوم بدون الترابى وقال انه منذ ان وطئت ارضه السودان فى الثمانينات من القرن الماضى كان يقابل الترابى فى كل زيارة يفقوم بها

    و أوصى خالد مشعل لدى مخاطبته بمنزل الترابى أوصى الرئيس، عمر البشير، والأمين العام للحركة الاخوانية الزبير أحمد الحسن، بجانب الشيخ إبراهيم السنوسي، الذي كُلف بمهام الأمين العام للشعبي خلفاً للترابي، بأن يتقوا الله في السودان، والعمل على وحدة السودان والسودانيين.

    وعدّد مشعل مآثر الراحل وقال إنهم في حركة "حماس" تعلموا منه الكثير، مشيداً بانتصاره ووفائه للقضية الفلسطينية.

    وقالت حماس نحن إذ ننعي لأبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية، فإننا نسجّل شهادةً له بأنه انتصر لدين الله وانتصر للمظلومين في فلسطين وأعان على المحتلين المعتدين بما استطاع من رأي وكلمة ونفو

    قال القيادي بالمؤتمر الشعبي المعارض، كمال عمر، إن قيادات ورموزاً إسلامية عربية بارزة حضرت للخرطوم للمشاركة في عزاء المفكر الإسلامي حسن الترابي، منهم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل، وزعيم حزب النهضة التونسي، راشد الغنوشي.

    وأضاف عمر، في حديث لقناة "الشروق" أن رحيل الترابي "جعلنا أمام تحد كبير في المؤتمر الشعبي لنواجه المستقبل القادم الذي يقتضي منا وقفة ندعم فيها قضية الحوار، ولا تراجع للشعبي في خط الحوار باعتباره خطاً استراتيجياً نظل نطرق فيه لتوحيد أهل السودان".

    وأشار إلى انعقاد المؤتمر العام للحزب لاختيار الأمين العام الجديد في أبريل المقبل، بعد وضع الترتيبات التنظيمية لمواجهة القادم. وتابع "لا نستطيع أن نملأ مساحة شيخ حسن الترابي، لكن سنسعى أن نكون أوفياء للراحل باعتباره مدرسة فريدة ويمثل لنا الرمز".

    وحسب "المركز الفلسطيني للأخبار" قال عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، في بيانٍ مساء السبت "تلقّينا نبأ وفاة المفكر الإسلامي الكبير الدكتور حسن عبدالله الترابي بألم شديد، ونحتسبه عند الله، ونستذكر جهاده الطويل من أجل إعلاء كلمة الله وتمكين دينه في الأرض وتمكين الإنسان ليكون خليفة في الأرض يستعمرها ويبنيها ببيانٍ من الله وهدى".

    وأضاف "إذ ننعي الشيخ الدكتور حسن الترابي لأبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية، فإننا نسجّل شهادةً له بأنه انتصر لدين الله وانتصر للمظلومين في فلسطين وأعان على المحتلين المعتدين بما استطاع من رأي وكلمة ونفوذ".

    وشدّد على أن الترابي "بقي وفيّاً لهذه القضية النبيلة، عاملاً دؤوباً من أجلها، جمعَ الناسَ عليها، وترك بصمات لا يمسحها الزمان في مختلف مراحل حياته".

    وختم بقوله "رحم الله الشيخ الدكتور حسن الترابي، وعوّض عن فقده الجلل المسلمين خيراً، وألهم أهله وإخوانه الصبر والسلوان".

    اللورد أحمد نظير لورد مقاطعة روزرهام بانجلترا، وأبرز برلماني مسلم في البرلمان البريطاني، قال إنه يشعر بكثير من الحزن والأسف للرحيل المتعجل للدكتور حسن الترابي في وقت تحتاجه بلاده وأمته

    "

    من جهته، قال اللورد أحمد نظير لورد مقاطعة روزرهام بانجلترا، وأبرز برلماني مسلم في البرلمان البريطاني، إنه يشعر بكثير من الحزن والأسف للرحيل المتعجل للدكتور حسن الترابي في وقت تحتاجه بلاده وأمته، ليكمل مسيرة الحوار والسلام التي بدأها نحو بلاد مستقرة يعيش فيها مع أهلها.

    وقال في كلمة مكتوبة وجهها لأتباعه ورفاقه المسلمين في بريطانيا رصدها المركز السوداني للخدمات الصحفية، إنه ينعي إليهم "العالم والمفكر والكاتب والزعيم السياسي السوداني، الدكتور حسن الترابي الذي وافته المنية في الخرطوم".

    وأضاف أنه كان يلتقيه في كل زيارة له للسودان ويتفاكر معه في شؤون المسلمين في العالم، وأهل السودان بصفة خاصة وأنه كان دائم الاحتفاء به وبالوفود التي يقودها، غير أن خبر موته هذا ترك حزناً كبيراً لديه

    وطلب منهم أن يقيموا الصلوات والدعاء على روحه هذا الصباح عرفاناً لله أن يجعل مرقده هذا في سلام وأمان.

    -----------------

    قبل ان تقرا مقال عبد البارى عطوان اريد ان اعلم القارىء ان الكاتب شخص معروف بنرجسيته وحب النفس القاتل الذى سوف يكتشفه من خلال المقال عن المناضل ياسر عرفات ..

    اقرا

    مفارقات الدكتور الترابي التي كنت احد "أبطالها" ..

    بقلم: عبد الباري عطوان

    نشر بتاريخ: 07 آذار/مارس 2016 >

    جمعنا معسكر "الضد" اثناء الحرب الامريكية ضد "عراق صدام".. وفرقنا تسليمه للمناضل "كارلوس" الى فرنسا.

    قد يستغرب الكثيرون بعض الوقائع التي اسردها في هذه الزاوية عن علاقة وثيقة ربطتني بالشيخ العلامة حسن الترابي طوال فترة التسعينات من القرن الماضي، رغم فارق السن بيننا اولا، واختلاف المنهج والتحصيل العلمي، والتباعد الجغرافي والفكري ثانيا.

    ما جمعني مع الدكتور الترابي رحمه الله هو الكراهية لسياسة الهيمنة الامريكية، والعداء للحركة الصهيونية، ودعم كل حركات التحرر العربية والاسلامية في مواجهة هذه الهيمنة التي اذلت الامة، وحولت معظم دولها الى دول فاشلة ممزقة جغرافيا وديمغرافيا، ومهددة بحروب اهلية طائفية وعرقية، قد تمتد لعقود ويروح ضحيتها الملايين من الابرياء قتلى وجرحى ومشردين.

    العدوان الامريكي على العراق عام 1991 كان الارضية التي قربت بيننا، فكلانا، ومعنا الملايين، جرى تصنيفنا بأننا من دول “الضد” في مواجهة معسكر “المع″ الرهيب، الذي كان يجمع بين المال السعودي الخليجي، ومصر التاريخ والثقل البشري، وسورية العروبة والثورة والقومية.

    ***

    الدكتور الترابي قرر في لحظة اجتهاد ان يوحد معسكر الفقراء المعدمين المتمردين على هذا العدوان في حركة، او مظلة فكرية واحدة، ولذلك بادر الى تأسيس المؤتمر الشعبي العربي والاسلامي، ووجه الدعوة لحضور اجتماعه التأسيسي في عام 1991، على ما اذكر، وكنت من بين المدعويين.

    الحضور كان فريدا من نوعه، ضم كل “الارهابيين”، حسب وصف صحافية امريكية كتبت تقريرا عنه في صحيفتها، اعتقد انها “نيويورك تايمز″،

    فمن بين الحاضرين كان هناك الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي جلس في المقاعد الخلفية مع الرئيس السوداني عمر البشير، للادعاء بأنهما ليس لهما علاقة بالاجتماع، وكانت طائرة ابو عمار في ايام “النبذ” تلك لا تطير الا للخرطوم وصنعاء فقط، فكل المطارات الاخرى كانت مغلقة، وكان بين الحضور المرحوم جورج حبش، ونايف حواتمة، وغلب الدين حكمتيار، وصبري البنا (ابو نضال)، والمرحوم فتحي الشقاقي امين عام حركة الجهاد الاسلامي، والشيخ عبد المجيد الزنداني، والشيخ يوسف القرضاوي، ووفد يضم الحزب المصري الناصري بقيادة عبد العظيم المغربي، والدكتور ايمن الظواهري، ورفاعي طه، (الجماعة المصرية)، ويوسف اسلام الداعية الذي تحول الى الاسلام ونشد لنا “طلع البدر علينا” ومرشد الاخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، واكتشفنا لاحقا ان المرحوم عماد مغنية قائد الجناح العسكري لـ”حزب الله” كان من بين الحضور، دون ان نعرفه، وجاء هذا الاكتشاف بعد رفض السلطات السعودية هبوط طائرة سودانية في مطار جدة كان على متنها وفي طريقها لبيروت، حتى لا تقدم على اعتقاله بطلب امريكي، تنفيذا لمذكرة جلب امريكية، ولا استبعد ان يكون الشيخ اسامة بن لادن كان من بين الحضور، لانه كان يقيم في الخرطوم في حينها، ولكنه لم يكن معروفا.. والقائمة تطول.

    قاعة مجمع المؤتمرات الكبرى في الخرطوم الذي قدمته الحكومة الصينية هدية للشعب السوداني غصت بالحاضرين، وبعد كلمات “ثورية” حادة ضد امريكا وعدوانها على العراق، والتواطؤ العربي معها، تقدم احدهم الى الحضور مقترحا بانتخاب امينا عاما لهذا التجمع، وكانت كل هذه العملية الديمقراطية الشكلية، مثلما عرفت فيما بعد، للتمهيد لتعيين شخصية سودانية غير معروفة من مساعدي الشيخ الترابي، ولا تتمتع بأي كاريزما، ومن المصادفة ان هذه الشخصية مثلما تبين لاحقا، كانت من اكثر المطالبين بعلاقات سودانية مع امريكا، وقاد توجها قويا في هذا الصدد.

    لم يعجبني هذا الاقتراح، ورفعت يدي طالبا الكلمة، فأعطاني اياها رئيس الجلسة (لا اذكر اسمه)، فقلت بـ”انفعال” اننا جئنا الى هذا المؤتمر تلبية لدعوة الشيخ الترابي، واحتراما له، وتقديرا لمواقفه الوطنية العروبية الاسلامية، ولذلك لا نقبل بان يتولى هذا المنصب، اي احد غيره.

    القاعة ضجت بالتصفيق وقوفا، ولم يجلس الحضور على مقاعدهم، ويتوقفوا عن التصفيق الا بعد صعود الدكتور الترابي الى المنصة (بعد اكثر من عشر دقائق من التصفيق) اذعانا لرغبة الحضور، وقال “سامح الله اخي عبد الباري الذي ورطني في هذا المنصب”.

    المفارقة ان الرئيس عرفات الذي كان من بين المصفقين طبعا، همس في اذن جاره في المقعد الرئيس البشير لاحقا بقوله انه هو الذي كلفني “رسميا” بذلك باعتباري عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان المنفى)، رغم انني، واقسم بالله، لم التقيه قبلها بأشهر، ولم يجر بيننا اي حديث في هذا المضمار، ولكنه “ابو عمار”، الذي يعرف كيف يوظف المواقف لصالحه والشعب الفلسطيني من خلفه، اذا رأى ان هذا يتناسب مع مواقفه وسياساته، وهناك مفارقات اخرى مماثلة ربما يحين الوقت لسردها لاحقا من اجل التاريخ.

    استمرت علاقتي مع الدكتور الترابي عن بعد، فقد انهار المؤتمر الشعبي المذكور،

    ولم يعقد الا جلستين فقط، وعندما تعرض لمحاولة اعتداء في كندا، التي كان يزورها من قبل احد معارضيه، وكادت ان تودي بحياته، ذهبت الى الخرطوم خصيصا للاطمئنان عليه في دارته المتواضعة في احد احيائها، واقول متواضعة، لانها كانت عبارة عن منزل عادي في منطقة عادية، مثله مثل جميع البيوت الاخرى المجاورة، والطريق اليه رملية لم تكن معبدة.

    همزة الوصل بيننا كان السيد ابراهيم السنوسي، نائبه الذي تولى رئاسة المؤتمر الشعبي بعد وفاته، وكان يتردد على لندن، وتعمقت صداقتي معه على ارضية دعم حزبه للحرب التي خاضها الرئيس اليمني في حينها (عام 1994) ضد حركة الانفصال الجنوبية، فقد كنت مسلما عروبيا وحدويا وسأظل، وان اختلف معي البعض.

    في احد الايام كنت في مطار برلين في طريق عودتي الى لندن بعد القائي محاضرة بدعوة من اتحاد الاطباء والصيادلة العرب في مؤتمرهم السنوي، عندما تقدم الي احد الاشخاص من اهلنا السودانيين المهذبين الطيبين، وقال لي ان هناك شخصا مهما يريد ان يراك، وطلب مني ان اتبعه، وفوجئت ان هذا الشخص هو الدكتور الترابي، وكان جالسا في مقهى عادي، وليس في القاعة المخصصة لكبار الزوار، او لركاب الدرجة الاولى، او رجال الاعمال، وكان هذا اللقاء، الذي اعتقد انه كان عام 2005، هو آخر لقاءاتنا.

    حياة الدكتور الترابي السياسية امتدت لاكثر من اربعين عاما، قضى معظمها في السجون والمعتقلات، والمناصب الحكومية ايضا، وكان يخرج من المعتقل لكي يعود اليه، خاصة بعد الطلاق السياسي البائن الذي جرى بينه وبين الرئيس البشير، وانتقاله الى معسكر المعارضة، وتأسيسه حزب المؤتمر الشعبي السوداني، وتحول الرئيس البشير الذي وصل الى السلطة بانقلاب “دبره” الدكتور الترابي الى العدو اللدود لمعلمه واستاذه، مؤسس “جبهة الانقاذ”، واول من دعا الى تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان، ومن المؤلم ان الرئيس البشير غيّر مواقفه في الاشهر الاخيرة.

    مواقف المرحوم الترابي كانت غريبة ومتناقضة، وبعضها استعصى على الفهم في بعض الاحيان، فقد كان السياسي السوداني الوحيد الذي ايد مذكرة التوقيف والجلب للرئيس البشير، التي اصدرتها محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والابادة في دارفور، وهو التأييد الذي ادى الى اعتقاله عام 2009.

    ربما يكون الدكتور الترابي “الاب الروحي” والمؤسس الحقيقي لتيار الاسلام السياسي الحديث، وكان عالما مجتهدا في الفقه وعلوم الحديث، وله مدرسة خاصة عصرية في تفسير القرآن، بغض النظر عن اختلاف العديد من العلماء حول افكاره وآرائه، خاصة حول المرأة في الاسلام، ويضيق المجال لذكرها، وستظل مؤلفاته الفكرية مرجعا للدارسين والمتخصصين ربما لقرون.

    ***

    الدكتور الترابي لا يتميز فقط بعلمه الغزير، ولا بإجادته لاكثر من ثلاث لغات عالمية مثل الانكليزية (حصل على درجة الماجستير في الحقوق من جامعة لندن)، او الفرنسية (الدكتوراه من جامعة السوربون) او الالمانية، وانما يتميز ايضا بابتسامة لم تفارق وجهه حتى وهو متوجها الى الزنزانة، تارة بتهمة تقديم الدعم لحركة العدل والمساواة في اقليم دارفور، واخرى لمطالبته بثورة تطيح بالرئيس البشير وحكمه، وثالثة لتنديده بالانتخابات عام 2010، وكل انتخابات بعدها باعتبارها مزورة، او حتى لتصريح صحافي لا يعجب تلميذه الرئيس البشير.

    الدكتور الترابي لا شك ارتكب اخطاء كثيرة في سيرته الطويلة، ولكن ابرزها في رأيي موافقته على تسليم المناضل العالمي “كارلوس″ لفرنسا الذي لجأ الى السودان بعد تعاظم الضغوط عليه في سورية، وتزوج من سودانية بعد اشهار اسلامه، فقد كنت وسأظل ضد تسليم المناضلين الذين وهبوا حياتهم من اجل القضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين.

    رحم الله الدكتور الترابي، وغفر له، واسكنه فسيح جناته، فقد بات من الصعب علي، وربما الملايين مثلي، ان يتصور سودانا بدونه، اختلفنا معه او اتفقنا، فهذا الرجل كان “ظاهرة” عابرة للحدود والقارات، ومجتهدا اخطأ واصاب، وحتما سيفوز باجر المجتهدين، وباحترام خصومه واعدائه قبل تلاميذه ومحبيه، وانا واحد منهم.

    عبد الباري عطوان

    راى اليوم

                  

03-07-2016, 04:14 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    وفاة الترابي ووثائق ابن لادن

    03-07-2016 12:15 PM

    عبدالله بن بجاد العتيبي

    صرح زعيم حزب «النهضة» التونسي راشد الغنوشي برفضه لتصنيف «حزب الله» اللبناني كمنظمة إرهابيةٍ، وجادل بنفسٍ إخواني معروف عن الحزب وجرائمه وقتله للشعب السوري بتعبيرٍ سامجٍ هو «إشكالي».

    وعلاقات الغنوشي بإيران راعية «حزب الله» واحتفالاته بالحزب في أكثر من مناسبة تأتي امتداداً للدور الذي مارسته جماعة «الإخوان» في التقارب مع ما عرف بالثورة الإسلامية في إيران، وهي علاقات ممتدةٌ وطويلة الذيل.

    وقد شهدت الأيام الماضية تطورات عدة، منها وفاة «الإخواني» السوداني الشهير حسن الترابي، شيخ الغنوشي، والسياسي المتقلب والمفكر «الإخواني» غريب الأطوار والأفكار، الذي لم يوالِ أحداً طول حياته إلا عاداه في مرحلة لاحقة، من الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري إلى رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، وصولاً إلى الرئيس عمر البشير، فهو خان الأول وانقلب على الثاني، ودخل في خلاف طويل مع الأخير استمر حتى وفاته. قدّم نموذجاً لجميع حركات الإسلام السياسي وحركات العنف الديني بإمكانية الوصول لسدة الحكم عبر انقلابٍ عسكري 1989 يقوده إسلاميون هذه المرة لا قوميون ولا بعثيون ولا يسار، وهو فتح #السودان بعد نجاح الانقلاب العسكري لكل إرهابيي العالم من كل شكل ولون من الفنزويلي كارلوس إلى أسامة بن لادن، ثمّ قام بتسليم الأول لفرنسا، وطرد الثاني لأفغانستان.

    استقر في السودان في زمن سلطته كل جماعات وقيادات الإرهاب، من جماعة الجهاد المصرية إلى الجماعة الإسلامية بمصر إلى الجماعة المقاتلة في ليبيا، وصولاً لتنظيم «القاعدة».

    كان الترابي نصف مفكرٍ ونصف سياسي، ولكنه كان ديكتاتوراً بكل المقاييس، بنفوذه وقراراته وتوجهاته وسياساته الداخلية والخارجية، خان كل حلفائه، وخذل أتباعه، وجمّع أشرار العالم في بلده وقدم لهم الدعم، وسرق ثروات بعضهم كابن لادن، وكان شخصاً مليئاً بالأنانية والغرور، لا يفكر إلا في السلطة والاستحواذ عليها.

    كان الترابي أحد الإخوان المسلمين ثم قلب لها ظهر المجنّ، وأيد صدام في غزوه للكويت، وهاجم دول الخليج، وجعل بلاده مركزاً للإرهابيين الذين يهاجمونها ويعادونها، وكان أحد قادة الإخوان المسلمين الذين أيدوا الثورة الإيرانية واستمر في علاقاتٍ طيبةٍ معها مدةً طويلةً.

    لم يفقد الترابي سلطته إلا والسودان تحت حكم ديكتاتوري، واقتصاد شبه منهار، وبلد مقسم، ومهددٍ بمزيدٍ من التقسيم، ومترع بالإرهاب والإرهابيين، وتزامناً مع وفاته نشرت الولايات المتحدة الأميركية أكثر من مئة وثيقة تعود لأسامة بن لادن قائد تنظيم «القاعدة» الإرهابي، فيها الكثير من الفضائح السياسية والإجرامية والسلوكية، وهي تكشف خيالاته وأوهامه ومخاوفه وبعض أساليب قيادته لتنظيمه وتدبيره لعلاقاته وجرائمه.

    ظلّ الباحثون الجادون لسنوات يرصدون العلاقات المتينة بين «تنظيم القاعدة» وحكم «الولي الفقيه» في إيران، وهي علاقات لها العديد من الدلائل الواضحة والشواهد البينة، ولكن الجديد في هذه الوثائق التي تم الكشف عنها اليوم هي أن هذه العلاقات لم تكن تتم على مستويات أدنى في التنظيم الإرهابي والنظام الإيراني، بل إنها كانت تتم على أعلى المستويات وعلى الرغم من الأيديولوجية الصارمة للطرفين، فإنهما كان ينسقان الجهود، ويحاربان دول الخليج العربي، بل ويتفقان على نشر الإرهاب في الدول العربية.

    وبحسب عرض «العربية نت» للوثائق، فقد احتج أسامة بن لادن على بعض أتباعه في إعلانهم نيتهم مهاجمة إيران، فقال: «إنكم لم تشاورونا في هذا الأمر الخطير الذي يمس مصالح الجميع، وكنا نتوقع منكم المشورة في هذه المسائل الكبيرة، فأنت تعلم بأن إيران هي الممر الرئيس لنا بالنسبة للأموال والأفراد والمراسلات، وكذلك مسألة الأسرى».

    الاتحاد الاماراتية

    --------------------------

    في "محاسن" فقيدنا "الترابي"!.. بقلم: عيسى إبراهيم

    ركن نقاش

    عيسى إبراهيم *

    * أذاعت قناة السودان التلفزيونية القومية، يوم السبت الماضي الخامس من مارس 2016، بعيد الساعة السادسة مساء بقليل، نبأ انتقال الدكتور حسن عبدالله الترابي إلى رحمة مولاه، "كارزما" الحركة الاسلامية منذ ستينات القرن الماضي، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي بعد انشقاقهم من المؤتمر الوطني، وذكر الخبر أن أزمة قلبية كانت داهمته في مكتبه في الصباح الباكر، حيث تم نقله إلى مستشفى "رويال كير"، في حالة حرجة، فانتقل اثرها إلى بارئه الرحيم الكريم، مغادراً دنيانا الفانية إلى الواسع العليم الحليم، له الرحمة والمغفرة والقبول في الزمرة الناجية بإذن الله!، ونتقدم بمواساتنا وعزاءاتنا إلى أسرته الصغيرة زوجته وبناته وأبنائه، وإلى اسرته الكبيرة في أصقاع السودان المختلفة من بقي على دربه ومن غادره، "إنا لله وإنا إليه راجعون"..

    * لعل ما يميز فقيدنا الترابي (يرحمه الله رحمة واسعة)، ويرفع من قدره، احساسه المبكر بوجود اشكالية تجابه الفكر الاسلامي المعاصر في حركته للمواءمة بين التراث والمعاصرة، وهذه الاشكالية شكلت وما زالت تشكل مأزقاً لحركة الفكر والمفكرين من طبقة الاسلاميين في راهننا المعاش، يقول د. الترابي في توضيح هذه الجزئية من الاشكالية: "إن القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم إنما هي قضايا سياسية شرعية عامة، أكثر منها قضايا خاصة، والذي عُطِّل من الدين – في رأي الترابي – أكثره يتصل بالقضايا العامة والواجبات الكفائية، أما قضايا العبادات الشعائرية والأحوال الشخصية، فالفقه فيها كثير والذي يحفظه المسلمون في هذه القضايا متوفر بصورة كبيرة ومتداول بينهم، يقول الترابي: "أما قضايا (الحكم ) والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلاً فهي معطلة لديهم ومغفول عنها، وإلى مثل تلك المشكلات ينبغي أن يتجه همنا الأكبر في تصور الأصول الفقهية واستنباط الأحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والأساليب المحرجة" (المصدر: عبد الحليم عويس- دكتور الفقة الاسلامي بين التطور والثبات- كتاب الشرق الأوسط - الطبعة الأولى 89- ص 116، مخطوطة كتاب النبي المصطفى المعصوم بين دعاوى التجديد ودواعي التطوير – عيسى إبراهيم)..

    * انصب اهتمام الأستاذ محمود محمد طه، في مجال تطوير التشريع الاسلامي والانتقال من نص فرعي خدم غرضه حتى استنفده في قرآن الفروع، إلى نص أصلي في قرآن الأصول مدخر لحياة الناس اليوم، بالتطوير في مجالات السياسة (الانتقال من الشورى إلى الديمقراطية)، وفي مجالات الاقتصاد (الانتقال من الرأسمالية الملطفة إلى الاشتراكية)، وفي مجالات الاجتماع (الانتقال إلى مساواة المرأة بالرجل والانتقال من مصطلح ذمي ومسلم إلى مصطلح المواطنة والمساواة التامة بين المواطنين في رحاب الوطن الواحد)!..

    * المشكل عند الترابي هي قضية المنهج الذي يزاوج بين القديم والحديث أو بين التراث والمعاصرة أو بين الثابت المطلق والنسبي المتحول أو بين الحق الأزلي والقدر الزمني، فالحاجة للتجديد (عنده) تستدعي منهجاً جذرياً، يجدد نظم الحياة الدينية الى مدى مقدر، وأولى المشكلات التي تواجه هذا المنهج الغائب هي العنصر التاريخي أو الزمني في الدين، ويؤكد الترابي وجود العنصر الزمني أو التاريخي فيقول:

    1- قد يتوهم بعض المتدينين أن الدين من حيث تعلقه بالله القديم الباقي لا يخضع في شئ لأحوال الزمن وأطواره ولا نتصور فيه مفارقة بين قديم وجديد من ما نعالجه بالتجديد.

    2- يعتقد الترابي ان "الشرائع توالت متناسخة متجددة عبر الزمن في بعض أحكامها لا لتبين خطأ في الشرع فالبداء مستحيل في حق الله، وانما تقع الحركة في شرع الله حين يكون الحكم الأول حقاً للزمن المخصوص والظرف المعين لا حقاً أزلياً" معنى ذلك أن الشرائع تتناسخ في بعض أحكامها استجابة لحاجة النسبي المتحول أو القدر الزمني أو الحداثة أو المعاصرة.

    3- يستمر الترابي في تأكيد العنصر الزمني فيقول: "ما يكون لشريعة الله بالطبع أن تنسخ إلا بوحي منه متجدد فاذا جاء أجلها بعث رسولاً جديداً - هكذا في الأصل – ونزل وحي عاقب لتبديل ما أحل الله أو حرم لظرف محدود في أمة خالية.

    4- تتوالى الشرائع ـ عند الترابي ـ متحركة مع تقادم الزمن بوحي جديد لا ينسخ القديم انما يبعثه بعد نسيان ويظهره بعد خفاء اصابه بعد تطاول العهد وتضييع المستحفظين أو تحريفهم فتأتي الرسالة مصدقة لما بين يديها لتحيي موات الدين أو مصدقة ومهيمنة لتحيي شرع الدين وتكيفه لتطوير جديد يقتضي تعبيراً عن حق الملة الثابت بصور تدين مشروعة غير وافية بمقصد العبادة لله بسبب تحول قاعدتها الظرفية (المصدر: حسن عبد الله الترابي – دكتور – قضايا التجديد – نحو منهج اصولي – معهد البحوث والدراسات الاجتماعية – الطبعة الثانية 1995م –من صفحة 7 إلى صفحة 18).

    * أكد كثير من منسوبي الحركة الاسلامية احتشاد الحركة بالحركيين وقلة ونزارة المفكرين بين جنباتها، من أولئك دكتور التجاني عبد القادر في مقالات نشرت بصحيفة الصحافي الدولي، وآخرهم هو المحبوب عبد السلام حيث قال: "الحركات الاسلامية تعاني من أزمة مفكرين!!"، "الاسلاميون في السودان لم تكتمل عندهم شروط الكتلة التاريخية"، "الايدلوجية عند الحركات الاسلامية غير مكتملة"، (صحيفة ألوان – الجمعة 4 مارس 2016 – ص 3)..

    * غادر الترابي "الفانية" إلى رحاب ربٍ كريم معطاء غفَّار، وقد تشتت منسوبو الحركة الاسلامية في كيانات متفرقة و"كيمان كثيرة مختلفة"، بعد تجربة الاستيلاء على السلطة عن طريق انقلاب عسكري بقيادة عمر البشير في 30 يونيو 1989، حيث ذهب البشير إلى القصر رئيساً، وذهب الترابي إلى السجن حبيساً، ولعل تجربة الحكم (حكم السودان) على مدى أكثر من ربع قرن، واتهامات الفساد المتلاحقة، واحباطات الفشل من جراء السلطة التي هي لـ"الساق" والتي هي أيضاً قد تكون حققت لبعض منسوبي الحركة الاسلامية مالاً للـ "خناق"، هي ما جعلت الكيانات المتشعبة والكيمان المتفرقة تطغى على الساحة السياسية، "مجموعة غازي صلاح الدين "الاصلاح"، "ومجموعة د. الطيب زين العابدين "التغيير"، "ومجموعة سائحون"، "ومجموعة ود ابراهيم"، "ومجموعة امين بناني نيو "حزب العدالة"، وأفراد كثر "د. حسن مكي"، و"د. الأفندي"!..

    * هل يمكن أن تكون وفاة د. الترابي نقطة تجميع للحركة الاسلامية المشتهاة كما السابق، لا أعتقد فهي نقطة عاطفية سرعان ما تفر عن الخلافات الفكرية التي مزقت نسيج الحركة الاسلامية ابتداءً من مذكرة العشرة مروراً بمفاصلات "99" وصولاً للكيمان الحالية، والكيانات المتفرقة، وأكبر دليل على ما نقول هو أن من خرج من عباءة المؤتمر الوطني سعى حثيثاً لتكوين كيانه المنفرد؛ غازي العتباني ثم الطيب زين العابدين ثم أمين بناني نيو، ثم سائحون، ثم...!..

    * بعض منسوبي الحركة الاسلامية والذين نافحوا ودافعوا كثيراً عن أفكار الترابي التجديدية من أمثال محمد وقيع الله مؤلف كتاب "التجديد الرأي والرأي الآخر" قد تنكروا له وقلبوا له ظهر المجن، وتحولوا إلى "وهابية" بتأثير من ذهب المعز، بل هاجمه كثير منهم من أمثال محمد كمال رزق أحد أئمة جامع الخرطوم الكبير!، ومنهم من كفره وطالب بمحاكمته، ومنهم من كان أقرب إليه، وملازماً له، فلما حدث انشقاق الحركة الاسلامية في 1999 بين "قصر البشير" و"منشية الترابي"، لا نقول تنكروا له، وانما آثروا البقاء في السلطة من الانضمام إلى الحزب الشعبي الذي أنشأه د. الترابي، ومن هؤلاء د. مصطفى عثمان اسماعيل، ود. أمين حسن عمر..

    * لسنا هنا بصدد تناول جهد المرحوم الدكتور الترابي في حركته المسترسلة لابتداع الحلول، والأسلوب الذي انتهجه لمعالجة اشكالية السياسة والاقتصاد التي شكلت مأزقاً لمنسوبي الاسلام السياسي في السودان، أو خارج السودان، وانما توخينا متبعين لا مبتدعين أثر الحديث النبوي الكريم "أذكروا محاسن موتاكم"، وفي مقبلات الأيام قد تسنح الفرصة وقد نستطيع تناول هذا الجهد بشيئٍ من الجرح والتعديل يليق بفقيدنا، سائلين له الرحمة والمغفرة!..

                  

03-07-2016, 04:20 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    سألت الترابي: «مَن يحكم السودان؟ الترابي ام البشير؟»، فأجابني أن “الله هو مَن يحكم السودان”

    سألت الترابي: «مَن يحكم السودان؟ الترابي ام البشير؟»، فأجابني أن “الله هو مَن يحكم السودان”

    03-07-2016 12:09 PM

    إيليا ج. مغناير

    رواية الترابي عن إتيانه بالبشير كواجهة للدولة ومن ثم انقلابه عليه

    حين التقيتُ بحسن الترابي للمرة الأولى في الخرطوم العام 1991، سألتُه: «مَن يحكم #السودان؟ الترابي ام البشير؟»، فأجابني أن «الله هو مَن يحكم #السودان وليس الترابي ولا البشير». وقتها كان الشيخ حسن الترابي الذي توفي أول من أمس بسبب أزمة قلبية هو الحاكم الفعلي للسودان وقد أسس حزب «المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي» بعدما حلّ «الجبهة الإسلامية القومية» وسلّم مقاليد الحكم لعمر حسن البشير.

    وكان حسن الترابي هو الشخصية الأولى في #السودان ويتصرّف على هذا الأساس. قلت له في ذلك اللقاء: «يقال إنك متعجرف وتحكم خلف عمر البشير المتواضع لأنك أنت اتيتَ به الى السلطة. فما رأيك؟». ضحك الترابي ولم يستسغ السؤال. الا انني فوجئتُ في اليوم التالي بالمخابرات السودانية تبحث عني لتقول لي إنني «تخطيتُ حدود اللياقة مع أكبر شخصية في #السودان».

    أطاح البشير بالترابي وأعلن حال الطوارئ وأقاله من كل مناصبه وأبقى عليه في الحجز في منزله، ومن ثم منع عنه الزيارات العام 1999. فحصل خلل في عقد الشراكة بين الشخصين بعدما أدرك البشير انه يفقد سلطته. وقد لعبت مراكز النفوذ حول الرئيس السوداني دوراً تمثل بتضامن علي عثمان طه ونافع علي نافع وغازي صلاح الدين لإبعاد الترابي كلياً عن اي نفوذ.

    وأودع الترابي السجن مرات عدة. ولم يكن السجن غريباً عليه إذ كان جعفر النميري قد أودعه بداخله مرات عدة في أواخر السبعينات من القرن الماضي. واتُهم الترابي في عهد البشير بأنه «يخطط لانقلاب عسكري» واتهامات عديدة كان يقضي فيها أوقاتاً طويلة في الزنزانة.

    والتقيت به مرة أخرى في منزله في الخرطوم وحينها سألتُه: «أنتَ تقضي غالبية أوقاتك في السجن وأنت كنت حاكم #السودان، فأين خطؤك؟». فردّ الترابي: «حين تسلمنا السلطة كإسلاميين اجتمعنا برموز الحركة الإسلامية وقررنا انه في حال تسلمنا السلطة، فإن الغرب وعلى رأسه أميركا ستعتقد أن المتشددين المسلمين أخذوا السلطة، فرأينا ان نأتي بشخصية عسكرية متواضعة تكون واجهة الدولة تتعامل مع الغرب بانفتاح ومن دون ان تسبب اي خوف من ناحية اتهام الخرطوم بالإرهاب او بحكمٍ متشدد، الا ان هذه الشخصية انقلبت علينا جميعاً حتى أصبحتُ ضيفاً في هذا المنزل (منزله هو) وأصبح منزلي هو الزنزانة (ضاحكاً)».

    الرأي الكويتية

    ---------------------

    العشرة كانوا موجودين

    الأفق انسد والآمال تلاشت وفي التشييع صفحة جديدة فتحت

    الأفق انسد والآمال تلاشت وفي التشييع صفحة جديدة فتحت

    الفانوس انطفأ والعثرات كثُر والمزالق لا حد لها..

    03-07-2016 01:28 PM

    الخرطوم: شوقي عبد العظيم

    كأنها أزفت، والإسلاميون يتلفتون يمنة ويسرى، والكل يحدق في وجه أخيه عسى يظفر بإجابة، ولكن لا شيء سوى الحيرة والانشداه، وحسن الترابي محمول على نعش، والبكاء والعويل لا حد له، الدموع مدرارة، والآهات حرى، النهاية والخاتمة والفقد، عبارة باتت لها مدلول ومعنى، احتشدوا خفافا إلى مقابر بري، وبعد أن أهالوا على الشيخ التراب، شق عليهم أن يغادروا، الأفق سد، والآمال تلاشت إلى غير رجعة، هو الذي كان يتحامون به عند الدلاهم العظام، ومن يرسم لهم الطريق منه وإليه، ساعات والناس تنتظر أن ينفضوا من حول القبر ولم يفعلوا..

    أمس كان يوم تشييع الترابي، كان يوم يتم الإسلاميين.. الإسلاميون من هنا وهناك، الذين ناصروه وانشقوا معه، والذين أداروا له ظهورهم.

    يوم رحيل القائد

    في الصحافة والشارع وبين الناس، قالوا: من سيخلف الشيخ؟ في مثل هذه الحالات – يوم رحيل القائد - يكون السؤال جوهريا ويتحرى إجابة، أولى المفارقات أنه في يوم أمس عند التشييع، وليلة رحيل الشيخ لم يكن كذلك، لم يكن جوهريا ولا يتوخى إجابة، من يخلف الشيخ كان في ذيل القائمة، ولا ينفي أننا تطارحناه ولكن عندما تكر المسبحة وتستعرض الأسماء والشخوص، تزهد وربما لا تجد معنى للإجابة، وستنتقل فورا إلى المصير الكبير، مصير بدايات لم تهنأ بالنهايات وإن قاربتها وإن شارفتها، والمشروع الكبير - أن نزع بالسلطان – أجهضته مقاليد السلطان، والأحلام بددتها الشهوات، والحناجر التي تردد "لا لدنيا قد عملنا" كانت قلوبها محشوة بها إلى حد الثمالة.. والله وحده يعلم.

    2

    "أين كنتم يومها"

    لولا المقام كدت أسألهم: على ما تبكون؟ والحق.. كانوا يبكون بحرقة ووجوههم النضرة عليها مسحة حزن، بعضهم نعرفهم بأسمائهم وبعضهم بسيماهم، إسلاميو المؤتمر الوطني غالبهم في زي العمل.. حال ما يفرغ الناس من ستر الجثمان يهرعون إلى دواوين الخدمة، أو إلى أعمالهم الخاصة.. نعم على ما تبكون؟ وفاء لتاريخكم مع الشيخ؟ حبا له؟، أين كنتم يومها، بل أين كنتم في السنوات الماضية؟، المفارقة المدهشة أن الراحل -وهو بين يدي قادر قدير- وبعد أن تشاحن الشعبي والمعارضة وفي جلسة صغيرة قال: "ما وجدناه من الوطني وهم إخوة لنا لم يجده أحد من هؤلاء، أنا حبسوني أكثر من أي معارض".

    3

    "المزالق لا حد لها"

    الأيتام الصغار، شباب المؤتمر الشعبي، بكاؤهم كان يفطر القلوب، الفوانيس تنطفئ وهم في خضم اللجة، فتح عقولهم على الأفق الكبير، قال لهم إن الله واحد، وإن الأصل واحد، وإنها خلافة وإعمار، وإن أرض الله واسعة، وإن العقل هو البداية والنهاية والمصير، حدثهم: "إن هذا القرآن محفوظ لتتدبروا، لا لتتحجروا، وإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، افعلوا وسعكم، وإن فيكم ابن كثير والطبري، ومالك، إلا فكيف يكون الدين محفوظا؟". ولكن الفانوس انطفأ، والعثرات كثر والمزالق لا حد لها، وللخير تسعة وتسعون بابا ولكنها قد تنتهي إلى داعش أو إلى جحد كل شيء.

    4

    العراب.. راعي العشرية

    ما لا يمكن تجاهله، وقع خبر رحيل الترابي على الشارع، وفي مواقع التواصل، وبالذات الذين فتحوا سيرته من يوم: "سأذهب إلى السجن حبيسا"، أو من عادوا إلى يوم المصالحة الوطنية والعدالة الناجزة، واجتروا وقائع الصالح العام وليالي الجهاد وعرس الشهيد، وبن لادن والمؤتمر الإسلامي الشعبي، هؤلاء قالوا إنه العراب، وراعي العشرية الأولى وعبارات من هذه الشاكلة. من قارعوهم قالوا إن الشيخ كان يعمل بينما الآخرون ينتظرون، وأشاروا إلى أن ما جرى لم يكن ما أراده الشيخ الراحل، ولم يكن ما يخطط له، وإن الطريق حاد، ومؤكد أن الأضابير تحتفظ بسيرة أخرى وحقائق بلقاء، لا يملكها هؤلاء وإن كان لهم بعض منها ولا يملكها أولئك وإن ظنوا أنهم يحملون مفاتيحها، والانبهام في حد ذاته نتيجة خطأ في المشهد الكبير، ولكن بين هؤلاء المتجادلين رمى أحدهم بسؤال: هل اعتذر الترابي عن شيء مما جرى؟ السؤال يبدو عاديا لا ينبئ بشيء، غير أن الإجابة عنه لها ألف معنى.

    5

    آلام الشيخ

    هل اعتذر الترابي؟ إن كنا نبحث عن الإجابات السهلة، أو المستنبطة من الوقائع "نعم فعل"، خرج وانتقد وأعلن أن المسيرة حادت عن المقاصد، دفع ثمن ذلك حبسا وتنكيلا وتشريد، غير أنك ستجد من يستخفك ويقول: "صراع سلطة"، ومن يمسك بتلابيبك ويقول لك: هل فعلا يؤمن بالديمقراطية والحرية؟ ولماذا سكت عن هذا وذاك، ولماذا عاد وصفح وحاور؟.. غير أن العالمين ببواطن الأمور يعلمون أن الشيخ عاد من التجربة بالكثير، وأن الأرض تحته لم تكن دائما ثابتة، والطريق لم يكن ممهدا حتى داخل حزبه الحاكم وقتها، وأن مصالح الرجال وشهواتهم، وأيضا من تتحدث إليهم من المقربين من الراحل، يكلمونك عن كثير من آلام الشيخ وندمه على كثير مما جرى، ووقتها والشيخ بين الناس كان الحديث صلدا ومتماسكا ومقنعا إلى الحد البعيد ولكن ماذا بعد أن رحل؟.

    6

    "لو بسطوا لكان خيرا كثيرا"

    في السنة الأخيرة والتي قبلها حجب الشيخ عن الناس، بات مقلا في ندواته الجماهيرية، وفي محاضراته العامة وفي مقابلة الصحافة، وكان معلوما للصحافيين أن ذلك لصالح إنجاح الحوار، أو أن الذين وقفوا بينه وبين الناس ألمحوا لذلك، وظني أنهم لو بسطوا الأمر موقنين بالمقادير، لكان خيرا كثيرا، ولعل أحاديثه في الجلسات المغلقة وللخاصة وخاصة الخاصة كانت ستكون أفيد لو تداولها عامة الناس ولفضت كثيرا من الإبهام، وأظنهم في مقبل الأيام سيفعلون ويقولون إن الترابي كان يرى ويرى، ولكنها ستكون أقوالا ممزوجة بعاطفة لرجل فارق الدنيا.

    7

    الجلوس على الطاولة غنيمة"

    المشاريع التي لم تنته في هذا البلد كثيرة، والخيبات التي لازمت كل بارقة لا حصر لها، والراحل قال إنه يريد أن يطمئن على السودان قبل أن يرحل، ومؤكد أنه لم يفعل، ومشروع الحوار الذي أراد له أن يكون صفحة جديدة في مسيرة السياسة في السودان، أمسى ماسخا للحد البعيد، وأصبح بين ضحية وعشاها، حوار أحزاب حكومة الوحدة الوطنية مع المؤتمر الوطني بإمتياز، وفي آخر ليلة تحدث فيها الترابي مع أعضاء حزبه في جلسة خاصة، الأسبوع الماضي، قال لهم: لا أحد يتخلى عن السلطة، وإنه عندما حاور لم يتوقع أن يتخلى الوطني عن السلطة، وأشار إلى أن الجلوس على الطاولة في حد ذاته غنيمة، وأن القيادة العليا في الدولة أكدت أنها ستراعي مطالبه، وكشف عن أنه عندما قابل القيادات في الحزب الحاكم قال لهم نحن معكم إلا من اثنين "السلطة المطلقة للرئيس أو إنقاص الحريات" وأكد أنهم وعدوه أن شيئا من ذلك لن يكون.

    8

    ظل الشيخ

    الترابي رحل، من خالفوه ومن ناصروه يجمعون على أن مشهد السياسة البائس أصبح أكثر بؤسا برحيله، وإن المارد الذي أطلقه في شارع السياسة وفي حياة الناس الإسلاميين، فقد عقله، وأن مصيره لا يعلم به إلا الرحمن، لجهة أن ظل الرجل كان ممتدا حتى على عضوية الوطني، وهم كلما تقع مظلمة على أحدهم، يأتيه "إما معتذرا أو شاكيا"، أو كما قال.

    9

    صفحة جديدة

    في التشييع كانت كل الوجوه التي تحكمت من الإسلاميين خلال العقدين الماضيين حاضرة، علي عثمان محمد طه وعوض الجاز وغازي صلاح الدين، من استوزروا وغادروا ومن هم وزراء اليوم، من دبجوا مذكرة العشرة ومن قاموا من كراسي السلطة حبا وإيمانا بأن الشيخ على صواب، في التشييع هتفوا لكي يكونوا على كلمة سواء، وهتفوا لوحدة الإسلاميين، وهتفوا لوحدة الشعبي والوطني، وهمهموا أن لا فائدة من هذا ومن ذاك.. في التشييع صفحة جديدة فتحت في تاريخ السياسة، والإسلاميين كلمتها الأولى التي ستحدد مصيرها

    اليم التالي

                  

03-07-2016, 04:33 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    محمد وداعة

    رحيل الترابى ..زلزلة وأنتهاء بيعة !

    03-07-2016 12:57 PM

    تغيرات ضخمة ستطال بلادنا بعد رحيل الدكتور حسن الترابى له الرحمة ، رحل وترك كثيرين عند مفترق طرق ، ولاشك انه ترك فراغا لدى خصومه أكثر من مؤيديه ،

    ولعل فاجعة الوطنى برحيله أكبر من فقد حزبه المؤتمر الشعبى ، الترابى رحل وهو كان يعمل على أعادة ترتيب الأمور وسط الأسلاميين من خلال عملية الحوار الوطنى المعلنة وأنخراطه فى نشاطات عديدة غير معلنة ،

    الدكتور الترابى تحمل بشجاعة أخطاء الأنقاذ وأعترف بها وعارضها ردحا من الزمن ، وأعتقد أنهم جنحوا للسلم فحاورهم ، و عمل جاهدا على رد صوابهم وطالبهم برد الأمر للشعب، معلنا و هو الذى اقام امرها ( أن الحركة الأسلامية لم تقرأ التاريخ الأسلامى جيدا عندما أقدمت على الأستيلاء على السلطة فى السودان بالقوة ) ، وتظل تجربة الأسلامين بقيادة الترابى حتى المفاصلة هى الأكثر تأثيرا فى الوضع السودانى وفى الأقليم ، حفلت باخطاء جسيمة، و فى ( خلخلة) الوضع الأقتصادى والأجتماعى ، وإعلان شعارات الحرب الجهادية فى الجنوب ، وسياسة التمكين ، وربما كانت تقديرات الشيخ خاطئة عندما أدار الأمر من وراء ستار ثقة فى التنظيم العسكرى الذى نجح فى رفع سقف الخلاف لينتهى الى المفاصلة ، فكان مفاجئا للمراقبين أنحياز تلاميذ الشيخ إلى القصر أكثر من صدمة الترابى فيهم ، وأقبل معظم الاسلاميين إلا نفر قليل من قيادة الصف الأول على السلطة ، وتحللوا من بيعتهم ولم يقيدهم ماتلقنوه من شيخهم، فلم يكبحهم كابح ، وأصبح مجرد الحديث عن القيم والطهارة مدعاة للسخرية ، فتطاولوا فى البنيان و( هبروا) ولم يمتلؤوا ، و افسدوا و انكروا ،

    كان دائم الأنزعاج من فساد (البضع) الذى وصل (بضعات) ،

    وكان يردد ذلك وسمعته منه لأول مرة مباشرة فى الشرقيات بسجن كوبر فى عام 2001م يوم أتانا ليلا ، كنا ثمانية سكرتارية التجمع الوطنى الديمقراطى والدكتور حسن حاج موسى ، ومستر جيمى ،

    ولكل منا غرفة ( حبس أنفرادى )، وكانت الغرف ثمانية ، فتم نقلى لغرفة المرحوم الأستاذ محمد محجوب رحمة الله ، فتركت له ( برشا )ومصحفا ، وكانت المرة الثانية فى عام 2012م فى منزل الأستاذ فاروق أبوعيسى وكان بصحبته الأستاذ كمال عمر المحامى ، فى كل الاحوال هذا ليس مقام محاكمة للشيخ بقدر ماهو محاولة لالقاء الضوء على بعض جوانب مسيرته ، والتى لايمكن استيعابها وسبر أغوارها إلا بدراسة التجربة التى عاشها ، ابتداء من ( أذهب الى القصر رئيسا وسأذهب الى السجن حبيسا) ، مرورا بالمفاصلة، وأنتهاء بوضع الشيخ فى السجن فى عام 2001م ، حزنت لرحيل الدكتور الترابى مثلما حزنت لرحيل قرنق ونقد والتجانى الطيب وبدر الدين مدثر ومحجوب شريف وحميد و مصطفى سيداحمد ، بعضهم أثر سلبا وترك جراحا وهى طباع الأستبداد وبعضهم أثر ايجابا وتنويرا فهم جميعا ابناء السودان ، هم صنائعنا، وكل أبن بيئته ،لافكاك ،

    وحزنى أكثر لهؤلاء الذين يرون فى رحيل الترابى خلاصا لهم ، رحم الله الدكتور حسن الترابى ،،

    ----------------

    محمد الامين خليفة

    دون شك من يخلف الترابي لن يكون في مكانته،

    03-07-2016 01:54 PM

    بعد الرحيل المفاجئ لزعيم المؤتمر الشعبي د. حسن عبد الله الترابي مساء أمس الأول، طفحت إلى السطح العديد من التساؤلات من بينها من يخلف الراحل لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة ومصير النظام الخالف الذي ابتدره الترابي قبل رحيله، بجانب تساؤلات حول قضايا كثيرة. آخرلحظة جلست للقيادي بالشعبي د. محمد الأمين خليفة، وطرحت عليه حزمة من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين وتهمس بها وسائل التواصل الاجتماعي، فمعاً نتابع ما دار في الحوار:

    حوار: عمر دمباي

    ٭ كيف تنظر لفقد الترابي؟

    - فقدنا للترابي فقد جلل لا يعوضنا له شيء، لكنه ترك أثراً على كل المنظمات والأحزاب السياسية، ونذر نفسه وحياته لخدمة أهل السودان والعلم والبشرية لأنه اتبع الطريق القويم متمثلاً في القرآن الكريم والسنة النبوية، ولم يختر الطرق الملتوية والاستنصار بالأجنبي والغرب، لقناعته بأن ما اختاره من طريق سيقودة لتحقيق ما يريد دون الوقوع في المحن والبلاوي.

    ٭ الترابي يتصف بطول البال والصبر؟

    - الذي يصدع بالحق عليه أن يصبر على ما أصابه والترابي صبر حتى لقي الله، وهو في مكتبه يعمل، فأقرب ما يكون الرجل مات واقفاً.

    ٭ كانما تريد أن تقول إنكم فقدتموه بغتة؟

    - لم نباغت في واقع الأمر، ولكننا فقدناه بغتة لأنه كان مرتباً، وخلال صحبتنا للترابي تعلمنا منه الكثير في دقة العمل والعمل المنظم المؤسس وترتيب الأمور وجريان المياه في مجاريها، فكل شيء يضعه في مكانه حتى لا يخلط أبداً، لذلك رحل شيخ حسن، ولكنه ترك خطاً واضحاً.

    ٭ كيف تنظر لمزاوجة الترابي للدين مع السياسه؟

    - الترابي لا يعمل عملاً إلا ويربطه بالإسلام، وهذا هو الفرق بينه وبين الآخرين، فالآخرون يبحثون عن سبل شتى سواء من فلسفات الشرق أو الغرب، لكنه اتبع المنهج الإسلامي، رغم دراسته الطويلة في الغرب، وفي الوقت الذي نجد فيه أن كثيراً من المسلمين أبعدوا السياسة عن الدين. فهو أكثر شخص سياسي ديني محترم في العالم الإسلامي، نتيجة لفكرة ولعلمه وللقيم من خلال الكتب والمؤلفات التي أخرجها، والتي حاول أن يربط فيها السياسة بالحكم والدين حتى لا يفترقان،لانه يرى أن السلطان والقرآن إذا افترقا فهي المحنة الكبرى، وكان ينظر إلى تجمعهما كقوة فالقرآن يهدي السلطان، وعلى السلطان أن يتبع القرآن.

    ٭ الحالة السياسية بعد رحيل الترابي؟

    - نعم لا شك أن الحالة السياسية في اضطراب، خاصة بعد وفاة الترابي ورحيله المفاجئ ، لكنها ستنتظم عما قريب، فعندما يموت العالم يفجع الناس، لأن الترابي يعيش في وجدان الناس وفي أفعالهم وشجونهم لأن الخطوط واضحة.

    ٭ ما هي أبرز اهتمامات الترابي في الفتره الأخيرة؟

    - هنالك قضايا أساسية كانت محل اهتمام الترابي وتمثل له الشغل الشاغل مؤخراً، أهمها قضية جمع الصف الوطني خوفاً من أن يتبعثر أو يتصومل فضلاً عن الاهتمام بالعمل التنظيمي، فكثيراً ما يدعوا إلى التنظيم والعمل المنظم.

    ٭ كيف تنظر للحوار بعد رحيل الترابي، خاصة وأنه كان أكثر القيادات حرصاً على نجاحه؟

    - الهواجس موجودة عند الناس، ولكن لا يمكن أن نربط قضية مصيرية بشخص واحد، فبذرة الحوار باقية وستنبت شجرته وسنمضي في الحوار لأنه المخرج الوحيد للخروج من المخاطر ومن التمزق الذي لا نريده للسودان.

    ٭ كيف جاء التوافق على السنوسي لقيادة المرحله المقبلة؟

    - عبدالله حسن أحمد، مريض ولا يستطيع القيام بهذا الدور،أما ثريا يوسف وهي خارج البلاد بمرافقة زوجها المريض لذلك رأينا أن يكون إبراهيم السنوسي هو من يخلف الترابي إلى قيام مجلس الشورى والمؤتمر العام للحزب.

    ٭ على ذكر المؤتمر العام متى سينعقد المؤتمر؟

    - تم التوافق على قيام المؤتمر العام خلال أشهر قليله، سيسبقها مؤتمر الشورى، وغالباً قبل نهاية العام الحالي.

    ٭ ألا تتفق معي أن من يأتي بعد الترابي سيكون في وضع لا يحسد عليه إذا ما تمت مقارنته بمن سبقه؟

    - دون شك من يخلف الترابي لن يكون في مكانته، ولا أي شخص آخر،لان الفرق بينه والآخرين فرق بعيد وكبير، ونحن نقر بذلك، ولكن ستخلفه جماعة، ويمكن أن نسد هذا الفرق بالجماعة وسنعمل من خلالها.

    ٭ ماهو وجه الشبه بين الترابي وإبراهيم السنوسي؟

    - كلاهما عاصر الآخر، وأبناء جيل واحد، وهو قريب من الترابي وتلميذه، وأتوقع أن يكون على طريقه وما ينقص منه كشخص فردي ستسده الجماعة، ونحن في الأمانه العامة لن نتركه وحده، وهو رجل مطيع.

    ٭ بدأ الحديث يطلق هنا وهنالك عن نهاية وانهيار الشعبي بعد رحيل الأب الروحي للحزب؟

    - الشعبي سيكون أقوى ولا خوف عليه.

    ٭ هنالك من يتخوف من انشقاق في صفوف الحزب؟

    - هي تخوفات عند الناس، كخوفهم على مصير السودان ككل، وهو تخوف مشروع ولا يعدو كونه نوعاً من الإشفاق، ولكن بالطبع ليس نوعاً من الحقائق، وهو شعور جيد.

    ٭ مشروع النظام الخالف هل سينتهي مع رحيل الترابي؟

    - النظام الخالف من الملفات التي تركها الترابي، ليس للمؤتمر الشعبي فحسب، ولكن للأحزاب عامة، وسيجد حظه في المؤتمر العام.

    ٭ ألا تعتقد بأن الترابي رحل بأسرار النظام الخالف؟

    - ليس هناك سر بل جهر بكل ما كان يمكن أن يقال قبل أن يرحل، ونحن مع النظام الذي طرحه، وبكل تأكيد سيساهم في دمج الأحزاب.

    ٭ يقال إنه برحيل الترابي ستظهر إلى السطح خلافات خفية داخل الحزب؟

    - ليست هنالك خلافات كامنة داخل الحزب، ويمكن أن يكون هنالك خلاف في الرأي، وهو مشروع للجميع داخل الحزب دون استثناء، ولكن بالتأكيد ليست خلافات شخصية، وحتى إن كانت موجودة، فقادرون على حلها.

    اخر لحظة

                  

03-07-2016, 05:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    يوسف عبد المنان كتب مقاله مطالبا البشير باعلان وحدة الاخوان المسلمين زاعما ان العرب لا يريدون ذلك

    د. أمين حسن عمر

    الحزنُ أخرس منطقى ولسانى لكن دمعى مظهرٌ أحزانى

    الشيخ مات وتلك شرُ حقيقةٍ تأبى على الانكارِ والسلوانِ

    مات الترابى يا لهول مقالةٍ هزت ثباتى صدعت أركانى

    فكأنها الزلالُ حل بمهجتى وكأنها الطُوفان عم كيانى

    آلهمَ إن الموت وعدٌ صادقٌ فجميع ُمن يمشى عليها فانى

    لكننا نحيا الحياة تشبثاً ونظنُ نيلَ الخلدِ بالامكانِ

    نسعى ونكدحُ غافلينَ كأننا لم ندرِ أن العيش للنقصانِ

    وبأن ذا الوصل الذى سيسرُنا سيصيرُ للتوديعِ والهجرانِ

    وبأن ما تعطى الحياةُ وديعةً مرهونةٌ للعطبِ والفقدانِ

    فالربحُ فيها مؤذنٌ بخسارةٍ والعزُ فيها مؤذنٌ بهوانِ

    اليومُ عاودنى الأسى وشجانى صوتٌ نعاك ليتَ كان نعانى

    يا ساعدى ومساعدى ومثاقفى ومساعفى من علمِك الربانى

    أنت الذى أوبت للتوحيد رونقه الذى قد كان للتوحيد منذُ زمانِ

    أنت الذى أعطيت للتجديد معناه الذى أغناه من علم ومن ايمانِ

    أحييت معنىٍ للشعائر داثراً وشرحت معنىَ الحكمِ والسلطانِ

    زعموك مبتدعاً لأنك مبدعٌ فهم الجناةُ ولست أنت الجانى

    صرحُ الديانة شدتهُ بعزيمةٍ ورفعت أسقفه على الاركانِ

    والدعوة الغراءُ أنت أمامُها للنهضةِ العصماءِ أنت البانى

    حكمُ الشريعةِ أنت كنت بصيرَه ونصيرَه بفصاحة ٍ وبيانِ

    علمتنا نحيا الحياة عزيزةً ودعوتنا لمحبةِ الأوطانِ

    أندسُ فى هذا الترابِ مكارماً ونلفُها فى القبر بالأكفانِ

    أيموت من أحيا المواتَ بربعنا أم أنه يحيا بلا جثمانِ

    يا ربِ أنت خلقتهُ ورزقتهُ فأكرمهُ يا رحمانُ بالغفرانِ

    هو حافظُ القرآنِ جاءك ضارعاً آنسهُ بالآياتِ والقرآنِ

    وأجعل وفادتهُ عليك كريمةً, أحجبهُ من خوفٍ ومن أحزانِ

    ثم الصلاةُ على النبىِ محمدٍ فى السرِ والاجهارِ و الاعلانِ

    ----------------------

    اقرا راى عبد المنان

    أفعلها وفاءً

    يوسف عبد المنان

    *كل التاريخ اليوم يصنعه الرئيس "البشير".. وكل الأشواق والآمال والتطلعات حبيسة بين يدي الرئيس ولسانه وقلبه.. وقد توحدت المشاعر في لحظة الموت.. وتلاقت القلوب لحظة الوداع.. ومشهد ضاحية بري في شرق الخرطوم صباح أمس كان رسالة من غالب أهل السودان.. أن التيار الإسلامي وحده يصنع الحدث.. وأن الأجيال القادمة من ترفع شعارات رفعها المعلم الذي غادر الدنيا وقد جمع حوله أهل القبلة قبل الرحيل المُر.. وجمع أهل القبلة بعد الرحيل الذي أدمى الأكباد وقرح القلوب ومزق الأحشاء بمرارة الفقد.

    في يوم رحيلك يا ترابي شفت كل الدنيا سوداء.. وفي يوم وداعك يا حبيبي ينتظر الملايين الذين ذرفوا الدموع في الأرض اليباب أن يغلها الرئيس ويغسل دموع (الباكيات) بقرار وحدة الإسلاميين الذي يتوق إليه الطلاب المفجعون بفتنة الخلافات.. وتهفو إليه قلوب الشيوخ وهم يتأملون في (العيش الملأ القندول).. من غير الرئيس "عمر البشير" في هذا اليوم يستطيع أن يكتب تاريخاً جديداً للإسلاميين في وطنهم ويمسح دموع الحزب وعذابات الغريق ويسمو بنفسه فوق الصغائر.. ووفاء لروح الأب الروحي.. والمفكر والقيادي الذي بزغ فكره في فضاء السودان إشعاعاً.. وأضاء ظلامات الأطراف والمدن بنور الإسلام المتجدد.

    في آخريات أيام "الترابي" كان الحديث عن نهايات العمر طاغياً، والتدبر في مآلات الوضع السياسي ماثلاً..

    والسمو فوق جراحات الأمس شاخصاً.. كان شعوره الداخلي في آخريات أيامه يحدثه (الدنيا ما فيها فايدة) ووحدة الوطن مقدمة على وحدة الصف الإسلامي.. وإن الوفاء بالعهود والمواثيق هو أصلاً في الدين.. أوفى "الترابي" بالنوايا المخلصة بشعار توحيد السودان من خلال مشروع الحوار الوطني حتى ظنه المتهافتون هو مشروع الترابي الأخير.. من أجل السودان لا من أجل (دنيا قد عملنا) كما يقول الشعار القديم.. فالرئيس "البشير" بيده فعل الكثير.. بإعلان وحدة الإسلاميين كشرط وجوب من أجل وحدة ما تبقى من السودان!!

    *الحشود التي ودعت "الترابي" أمس بالدموع والآهات، دفنت قائدها تحت التراب ولا تزال تتمسك بمشروعها في الصدور فكيف يتحقق الأمل.. إذا كان الصف مبعثراً؟؟ ولماذا يصطرع الإسلاميون ويختلفون إن كانت السلطة فقد شبعوا منها وارتوت غرائزهم.. وأكثر من ربع قرن من الزمان دانت إليهم البلاد من الصحراء إلى الغابة.. ولا يزال الشعب السوداني ينظر إليهم بعين الأمل.. ويلتمس لهم العذر في الإخفاق.. وينتظر منهم مسح دموع الثكلى وتجفيف برك الدم وتضميد جراح الوطن قبل جراح النفوس.. وذلك أمل ليس بعيداً.. وشوقاً ممكناً.. وفي (المحنة الكبرى) يكتشف التاريخ رجالاً كباراً يكتبون في سفره بدايات جديدة.. ومن يكتب التاريخ غير الذي بيده القلم.. والبندقية وخزائن المال.. وخزائن السلاح.. وقد دانت للأخ الرئيس "عمر البشير" كل السلطة.. ولن ينازعه أحد إن فكر وقدر وقرر أن يوحد صفه القريب قبل رفيقه البعيد..

    ويستطيع الرئيس اليوم إعلان توحيد المؤتمرين في حزب لن يقوده إلا "البشير".. ولن يستطيع حمل الشعبيين على الصفح والعفو وغسل الدم بدموع الفرح إلا الشيخ "إبراهيم السنوسي" الذي أُسندت إليه أمانة كبيرة ومسؤولية تنوء عن حملها الجبال.. و"السنوسي" قريب من "البشير".. ولكن هل يفعلها الرئيس في اليوم الرابع لرحيل "الترابي" أم في أربعينية رفع العزاء؟؟

    *نعم القوى الإقليمية والدولية.. والشيوخ العرب والملوك العرب والجنرالات العرب يسوؤهم رؤية التيار الإسلامي في السودان موحداً..

    ولكن الحشود التي خرجت أمس في وداع "الترابي" هي رصيد تبحث عنه أي حكومة في المنطقة؟؟ وقد يتعرض السودان لضغوط تحمله على استدامة الأوضاع على ما هي عليه الآن؟؟ ولكن "البشير" إذا عزم وقرر وقدر يستطيع أن يعبر بالمركب البحر.. ويرسى بسفينته على ضفاف المصالحة الشاملة.. واستدامة الاستقرار.. ومن ثم الخروج لأجل السودان وإعلان ميلاد عهد جديد.. وفاءً لروح "الترابي".. أفعلها أخي "البشير" ومن غيرك على الفعل قادر

    -----------------

                  

03-07-2016, 05:25 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الزميل عبد الله الشيخ صاحب خط الاستواء الفاصل ما بين الحق والباطل او ما بين نوعين من المناخات كتب بمناخه الجميل من الكلمات ما يلى

    عبد الله الشيخ

    خط الاستواء

    الموت علامة فارقة في حياة البشر..قد ينتهي العزاء، أو لا ينتهي بمراسم الدفن..أمّا العِراك، فيتوقّف عند حدود العجز، حتى لا يصارع الأحياء جثث الموتى..! ينتهي العِراك، ويبقى تضاد المواقف..يبقى دفع الله الناس ببعضهم..

    ليس في الموت شماتة..فكفى بالموت واعظاً..ثمة من لا يخطر عليه ظنّ الموت، من كثرة ما عرّض نفسه، بكافة الوسائل، لاشتهاءات الخلود..

    ثمة من يحيا في هذه الدنيا بموت الآخرين..ولولا هذا اللّطف الخفي، لكانت أقدار الخلق في أيادي العابثين..ثمة من يبطش مغترّا، بينما الدائرة تظل في دورانها، على العدو وللصّليح.. لولا أنه ــ سبحانه ــ الذي أعطى كل شيئ خلقه، لما أبقى المتمكنون، من رِقاب الآخر،"نفاخ النار"..!

    لولا ارادته القصوى، لما استبقى القائمون عليها أحداً..

    يقتل القتلة ضحاياهم، وتشرب الارض المِداد ،مثلما تحتضن ــ بعد حين ــ جثث القتلة..وحين تشاء المشيئة، تُنبِت عهداً جديداً،فوق القديم.. و لا تعرف ــ أنت ولا أنا ــ ما يدور في خلد الإله.

    الموت بداية حياة..البداية تشبه النهاية ولا تشبهها،،والتكرار ممتنعٌ في التوحيد..ثمة من يموت، لكنّه يبقى ــ يحيا ــ بأفعاله ومواقفه..وثمة من عاش ويعيش،يحمل أثفالاً تنوء عنها الجبال.

    آخرتا كوم تُراب.. لا يبقى إلا السيرة وحسن السريرة.. يبقى احترام الانسان..الانسان الذي كرمه رب العزة، لا نجرحه ولا نستخف به، ولا نذدريه، ناهيك عن قهره، تعذيبه ،نفيه، وقتله.

    كل ابن آدم، يوما علي آلة جدباء محمول..كلهم يمضي إلى اليوم الموعود.. من سبّل روحه رخيصة من أجل الحق ، ومن حماها في البروج المشيّدة..من فجّر الخصومات واستولى على الحكومات..من فصل الجنوب، واستخرج الكنوز..من حكم أو حُكم عليه..الكل محكوم عليه بالاعدام، فما هي إلا مسألة وقت، لا أكثر.

    بالأمس رحل الترابي،عليه رحمة الله.. كان أطول السياسيين عمراً، بيد أن الوقت لم يسعفه ليقول كلمته الأخيرة..عاش 84 عاماً، وتحدّث في حياته الدنيا بأكثر من لغة ولسان..قبض على الدولة خلال عهدين ــ عهد النميري وعهده الشخصي ــ الانقاذ ـــ لكنّه لم يطبّق شريعته التي نوّه بها كثيراً، ولا أصدر حكمه النهائي كفقيه دستوري،أو كراعية حوار..

    رحل الترابي بأسراره، رغم أنه كان من كبار وأوائل المتحدّثين..!

    لا جدال في أنه كان ذكياً، لكن تفترق الآراء، عند استخداماته لذاك الذكاء..لقد بنى تنظيماً قامعاً، وألف كتباً عديدة، وحكم البلاد بشتى الوسائل ــ حكمها مباشرة، وبالاشارة، ومن وراء الكواليس.... فرض مشيئتة على الناس، لكنه ــ مشكوراً ـــ لم يفرض عليهم توريث أبناءه..أورث السودان للتفتيت، أجاع أهله وشرّدهم في الآفاق..حطّ من قدر السودانيين بين أجناس الارض..أطلق أيادي حوارييه في قتلهم وتعذيبهم..لكنه في لحظة ما، أفصح عن بعض الحقيقة.

    التاريخ كتاب حافل .. للطغاة والجلادون نصيبهم من الذكري، مثلهم مثل العلماء والحكماء ومناصري الحقوق..وللضحايا أيضاً نصيبهم من الذكريات..شهداء رمضان، وضحايا بيوت الاشباح، المعُذبين ، المغتصبين، والّشقايا، ضحايا حروب الهامش..

    برحيل الترابي يقف التنظيم غريب الاطوار عند المفترق..إما أن يتلاشى تنظيم الشعبيين هباءاً، أو يهبط صاغراً للانقياد تحت إمرة الرئيس..ففي ذلك خير،وكفي الله المؤمنين القتال.

    يحفظ التاريخ للترابي أنه كان حريصاً، على اسماع ضحكاته للرعايا وللضحايا..!

    يحفظ له التاريخ، أنّه غيّر ملامح النيل والمدائن ، وخرائط الساكنين،، لكنه نَسِيّ تشييد جدار تنموي أو خدمي وحيد، يُنسب إليه..! قال الراوي:ـ

    "الدَينْ مَا بْيَحِلّ لُو دَينْ ** واللِّيدْ إنْ خِلَتْ قَطْ مَا بْتَنُومْ العَينْ ** أمر الله انْ حَصَلْ مَا بْيَنْفَعْ التّحْصِينْ ** والموتْ مِي شَمِتْ، يَاخدْ السّمِحْ والشّينْ"..!

                  

03-07-2016, 05:56 PM

الزنجي
<aالزنجي
تاريخ التسجيل: 09-05-2003
مجموع المشاركات: 4141

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    اللهم ارحمه واغفر له وانزِل على قبره شآبيب الرحمة واجعل الجنة مثواه وانزله منزلة الصديقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقا اللهم اجعله من أصحاب اليمين ( في سِدْرٍ مخضودٍ * وطَلْحٍ مَنْضودٍ * وظِلٍ مَمْدودٍ * وماءٍ مسكوبٍ * وفاكِهَةٍ كَثيرةٍ * لا مَقْطوعةٍ ولا مَمْنوعةٍ * وفُرُشٍ مَرْفوعَةٍ * ) إنا لله وإنا إليه راجعون
                  

03-09-2016, 04:40 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الزنجي)

    حتى لا نستنسخ ترابيا جديدا ..

    بقلم: صلاح شعيب

    نشر بتاريخ: 08 آذار/مارس 2016 > الزيارات: 158

    [email protected]

    بادئ ذي بدء يجب القول إن الذي يحاسب الترابي في آخرته لسنا نحن الأحياء. إنما هو رب العالمين. نحن نحاسبه بما اقترف من إجرام تمثل في أفكاره التي طبقها بنفسه. فمن شاء فليدع له بالرحمة، ومن شاء فليدع له بالعذاب. وهذه قمة الحرية التي يتحمل فيها كل راشد مسؤوليته. ولكن ينبغي ألا يصرفنا هذا الخلاف، خصوصا وسط المعارضين، دون إعلاء شأن الجدل الموضوعي، وليس الذاتي، حول ما يتعلق بالتخلص من الديكتاتورية التي اعتمدها الترابي. وما دام هناك معسكران، إسلامي وغير إسلاموي، فبطبيعة الحال أن تاريخ الدكتور الترابي السياسي ظل، وسيظل لأمد مديد،، مجالا للمدح والقدح. الشئ الآخر أن الاختلاف مع هذا التاريخ فهو إنما للتأسي، وأخذ العبر، وبسط المعرفة. فنحن بالضرورة نتعامل مع رموز بلادنا الموتى عن طريق إقامة الحجة لهم أم عليهم بالشكل الموضوعي، أكثر من الانشغال بأي شئ آخر.

    الشئ الثالث هو أن القضية ليست في مسألة شخصنة الموقف إزاء الترابي. وإنما هي قضية التعامل مع منظومة الفكر الإسلاموي الذي كان الدكتور نفسه ضحية من ضحاياها بشكل ما. على أن هذا التاريخ الترابوي، من ناحية أخرى، ارتبط بالإجرام السياسي ـ ما في ذلك من أدنى شك ـ أثناء مسؤوليته عن توطيد أركان الإنقاذ. ولاحقا وثق تلاميذه، ولسنا نحن، ما سموه إجرام الترابي. وثقوه بأصواتهم، وكتاباتهم، وليس هناك أكثر من دليل مما أثبتته العلاقة الدرامية بين الشيخ وبين حوارييه. ولا يتمثل الأمر فقط في شفاهة تلاميذه، وتدوينهم لهذا الإجرام، بمنظورهم. وإنما أيضا تمثل عمليا في تعرضه للسجن من التلامذة أنفسهم أكثر من مرة بحسب أنه داعية فتنة. وهذا التاريخ قريب، وموثق، وما يزال على صفح الذاكرة. فقط نذكر ما قاله تلميذه العاق في احتفال بالخرطوم. قال عمر البشير إن "الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين".( الشرق الأوسط ـ 4 أبريل 2004، العدد 9259) وقال البشير أيضا "أنا اذا اصدرت قرارا بقطع رأسه أفعلها وأنا مطمئن لله سبحانه وتعالى... ولكن نحن انشأنا أجهزة ونريدها ان تعمل" (الشرق الأوسط ـ 24 سبتمبر 2009، العدد 9435).

    ما هو جدير بالتصحيح هو أن خلاف السودانيين حول الترحم أو عدمه على الترابي، بالأحرى، لم يكن اختلافا سودانيا غريبا حول التعامل مع الميت السياسي فحسب. فما نزال ندرك أن الفقه الإسلامي قد قدم تصورات متباينة عن كيفية التعامل مع موتى المسلمين وغير المسلمين. كذلك قدم التاريخ الإسلامي شهادات متعددة عن تعامل المسلمين مع حكامهم، ورموزهم، بعد وفاتهم. كما أن هناك أحاديث كثيرة متناقضة في هذا الخصوص يضمها الآن جوف الأنترنت الذي ما ترك من شئ. والواضح أيضا أن هناك اختلافا بيناً وسط العلماء المسلمين أنفسهم، وليس السودانيين فحسب، مع هذا الفقه كما شأن اختلافهم حول العديد من النظرات الدينية.

    مفهوم أن الغبن تجاه الحركة الإسلاموية أنصب في رمزية الترابي، في حياته وفي مماته. ذلك بوصف أنه مهندس مشروعها الذي ما يزال تأثيره السلبي يطبق على كل أرجاء الوطن. وصحيح أن رموزا كبيرة داخل هذا التيار السياسي استنت شائنة السخرية بالموتى من المعارضين. ولا أزال أتذكر الفرحة بوفاة الفريق فتحي أحمد علي، وعدد من الفنانين. من ناحية ثانية فإن الأذى النفسي، والجسدي، الذي سببه مشروع الترابي الفاسد يتفاوت بين مواطن وبين آخر، أهل قرية وأخرى، رجل وامرأة، مقيم ومهاجر، يساري ويميني، شاب وطاعن في السن. فهناك من دفع ثمنا باهظا لتمكين المشروع الإسلاموي الذي استخدم القتل، والتعذيب الجسدي، والنفسي، والاغتصاب، والإحالة للصالح العام، والتهجير، وغير ذلك وسيلة لتوطين الأسلمة القسرية. ربما كل هذه الموبقات التي لم يشهد الإنسان السوداني تكثيفا في حالاتها كانت سببا لما نقرأ، ونسمع، من تلك الدعوات العنيفة الصادرة من معارضين ضد الدكتور الترابي الذي غادرنا بجسده، ولم يغادرنا بأفكاره الشريرة، وآثاره المدمرة الماثلة.

    مع التقدير لمشاعر هذه الفئة التي عانت شخصيا من هذا الضيم الذي خلقته بيوت الاشباح، وإعدامات رمضان، والتسبب في قطع الأرزاق، فإن المطلوب منا طوي صفحة الجدل حول الترحم وعدمه. فالتعامل مع أفكار الترابي التي تركها، وأثرت، في تقهقر السودان لمدى ربع قرن هو مجال السجال. ليس الأمر معنيا بالمعارضة، ومتطرفي أنصار السنة، فقط، وإنما أيضا بتلامذته الذين هم في حاجة إلى الصدق مع النفس للنظر إليه بوصفه بشرا، وليس قديسا. مثلما أن حاجتهم إلى نقد ذاتي لمجمل التجربة في غيابه أمر ضروري، بحثا عن كيفية للصدق مع الله، والوطن، وضمائرهم.

    فالوسيلة الوحيدة التي تمنع بروز ترابي جديد بتلك الفظاظة، والانتقام، والفجور في الخصومة، هي النقد الشجاع لمشروع الحركة الإسلاموية عبر الحوار الديموقراطي بحثا عن حل لمشاكل البلاد. فالأشخاص زائلون، وكلنا سنزول يوما، ولكن المهم هو حسم خلافاتنا الدنيوية بكثير من التركيز على نقد جملة الموروثات السياسية التي خلفها الترابي. ونذكر أن نهجه الجهادي أدى إلى فصل الجنوب فيما صارت الدولة مجالا للنهب الإسلاموي، بينما الحروب ما تزال تشتعل في الريف. وبسبب هذا المشروع الذي زرعه الترابي غادر ملايين السودانيين الوطن بحثا عن أوطان آمنة. وقد تركوا خلفهم الترابي، وتلامذته، ضحايا للواقع المفسد الذي صنعوه بكثير من سخائم النفس البشرية.

    -------------------------------------

    الشيخ حسن الترابي الارث والمراجعة .

    . بقلم: عبدالمحمود أبو

    نشر بتاريخ: 08 آذار/مارس 2016 >

    [email protected]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" صدق الله العظيم

    أعزي إخوتنا في الحركة الإسلامية السودانية، والمؤتمر الشعبي، وأسرة الشيخ حسن الترابي؛ الصغيرة والممتدة، وتلاميذه في العالم الإسلامي، ومحبيه وأصدقائه؛ في وفاته التي جاءت في وقت عصيب تمر به بلادنا والأمة الإسلامية؛ نسأل الله له الرحمة والمغفرة ولنا جميعا الصبر وحسن العزاء؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.

    الشيخ حسن الترابي له أثر كبير في الحياة السودانية بصفة خاصة وفي الحياة الإنسانية بصفة عامة ومن أهم إنجازاته الآتي:

    أولا: استطاع أن يقود حركته ويحولها من نخبة صغيرة إلى حركة جماهيرية تمسك بزمام الدولة وتعارضها في آن واحد! مع اختلافنا معهم في الأسلوب الذي وصلوا به إلى السلطة ووسائل المحافظة عليها.

    ثانيا: استطاع أن يبني تنظيما محكما لجماعته؛ يلتزم نهجا فكريا محددا يدافع عنه ويعمل على نشر أفكاره ويضحي من أجل أهدافه بماله ووقته وروحه.

    ثالثا: تبنى مدرسة فكرة متحررة من الانكفاء والاستلاب؛ وأصَّل لها مع تبني أفكار جديدة عرضها بجرأة جلبت له كثيرا من التهم التي وصلت إلى حد التكفير! ولكنه لم يتراجع بل سخر من ناقديه ، وترك لجماعته مكتبة فكرية تعتبر مرجعية لكافة القضايا على مستوى الفرد والجماعة والدولة والعلالاقات الدولية. ولعله من أوائل من نبّه إلى ضرورة تجديد أصول الفقه، وقد وُوجِه بتهم وانتقادات كثيرة في حينها، ولكن الواقع جعل العلماء يطرقون هذا الجانب مؤخرا فقد ظهرت كتب تحمل عناوين مثل جدلية الأصول والواقع، والأدلة الاجتهادية بين الغلو والانكار، ودعوي الاجماع؛ وقد أشار الدكتور جمال عطية - وهومن أبرز الداعين إلى تجديد الأصول- إلى مبادرة دكتور الترابي، وأشار إليها كذلك: أبوالفضل عبدالسلام بن محمد بن عبدالكريم في كتابه الموسوعي؛ التجديد والمجددون في أصول الفقه.

    رابعا: تصدى للمد الإلحادي والعلماني في القطاعين الطلابي والنقابي فضلا عن الوسط النخبوي وانتزع قيادة تلك المواقع لصالح جماعته – مع تحفظنا على الأساليب التي اتبعت -

    خامسا: تعامل مع المرأة بأسلوب جديد رفع عنها قيود الفقهاء، فقامت بممارسة دورها في الحياة العامة حتى أن كثيرا من المراقبين يقدرون عضوية جماعته من النساء بحوالي40%.

    سادسا: استطاع أن يقيم مؤسسات تخدم المشروع الإسلامي بوسائل عصرية مثل: منظمة الدعوة الإسلامية ومؤسساتها الملحقة، وجامعة أفريقيا العالمية، وغيرها من المؤسسات التي لها أثر واضح في الحياة الإسلامية.

    سابعا:استقطب كثيرا من الشباب لحركته وفكره وعمل على تدريبهم وتأهيلهم داخليا وخارجيا، وربط علاقاتهم بمؤسسات دولية مكنتهم من نشر أفكاره على مستوى العالم،وشباب الحركة الإسلامية درسوا أمهات الكتب الدينية والمرجعيات الفكرية قديما وحديثا، ويظهر هذا التأهيل واضحا في كتاباتهم وحواراتهم؛ فقد استوعبوا أصول مدرستهم وامتلكوا القدرة على التعبير عنها مع التزام صارم بالتوجيهات الصادرة من تنظيمهم.

    ثامنا: أهَّل فريقا إعلاميا من الكوادر استطاع أن يوجه الإعلام توجيها يخدم أفكارهم حتى أنهم تمكنوا من تحويل كثير من الناس عن قناعاتهم السابقة، وأقاموا مؤسسات إعلامية تعمل بمهنية عالية.

    تاسعا: التفت الشيخ الترابي من وقت مبكر للجانب الإقتصادي؛ فأنشأ مؤسسات إقتصادية تدعم نشاط الحركة فاستعاض عن إشتراك العضوية بدعم المؤسسات المالية التي تمددت وانتشرت واستفادت من إمكانات الدولة، حتى كاد الناس لايميزون بينها وبين مؤسسات الدولة المالية.

    ومن الطبيعي أن تصاحب كل إنجاز بشري إخفاقات، تلك هي سنة الله في خلقه وفي تقديري أن أهم الإخفاقات التي صاحبت حركته تتمثل في الآتي:

    أولا: اختزال المشروع الإسلامي الكبير الذي يهم الأمة الإسلامية كلها في حركة حزبية، استغرقت في برنامج التمكين الحزبي على حساب الأمة.

    ثانيا: تضييع الفرصة على أمة الإسلام لبعث الإسلام في العصر الحديث بوسائل عصرية، تتبنى الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والتواصل مع الإنسانية بما يحفظ الأمن والسلم العالمي.

    ثالثا: ربط المشروع الإسلامي بالانقلاب أدي إلى تضييع الحريات والشورى وكرامة الإنسان.

    رابعا: خلق فتنة في المجتمع السوداني أدت إلى استقطاب حاد ديني وجهوي وإثني وفكري وسياسي واجتماعي كانت نتيجته؛ تعطيل التنمية في السودان، وتبديد الطاقات والمقدرات في صراعات مدمرة.

    خامسا: تبني سياسة راديكالية أدت إلى عزلة السودان إقليميا وعالميا؛ مما فوَّت عليه فرص تنمية كبيرة ودور إقليمي ودولي فاعل؛ وذلك لما يتمتع به إنسان السودان من سمعة طيبة.

    سادسا: تبديد الأمل الذي كانت الأمة تعيش عليه من إقامة دولة إسلامية تقدم بديلا إسلاميا للدولة العلمانية تتحقق فيها العدالة والمساواة والرعاية الاجتماعية والتقدم العلمي؛ توفق بين مطالب الدنيا والغايات الإيمانية، فأصبح الشعار الإسلامي مخيفا بعد التجارب الإسلامية التي عاشها الناس على أرض الواقع.

    سابعا: الاخفاق في تجميع كلمة الأمة المسلمة في السودان؛ خاصة وأنّ كل أهل السودان ينتمون إلى أهل السنة! فالانغلاق الحزبي، والتوجس من الآخر والعمل على إضعافه؛ حرم السودانيين من تقديم نموذج لوحدة في ظل التنوع، وبالتالي الاخفاق في المحافظة على وحدة الوطن مما أدى إلى فصل جزء عزيز من الوطن هو جنوب السودان.

    ثامنا: الاخفاق في المحافظة على السلم في دارفور خاصة وأن أهل دارفور اشتهروا بالقرآن والسلم والتمازج القبلي، ويشكل الإقليم جسر تواصل مع عدد من الدول الإفريقية التي تُكِنُّ إحتراما خاصا للسودان وأهله.

    تاسعا: إعلاء قيمة المحافظة على السلطة على قيمة الإنسان، حيث وُجِّهت كل الإمكانات للمحافظة على كرسي الحكم! وأهمل الإنسان في صحته وتعليمه وكرامته وتفجير طاقاته.

    نداء للإخوة في الحركة الإسلامية:

    لقد بذل الشيخ الترابي رحمه الله جهده وقدم عملا عظيما فيه إنجازات وإخفاقات؛ وديننا أعطى المجتهد أجرين في الصواب وأجرا في الخطأ؛ وقد ذهب الرجل إلى ربه الرحيم الغفور الذي هو أرحم بنا من أمهاتنا. وواجبنا بنص القرآن أن ندعوا له ونعتبر بتجربته قال تعالى:" وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ".

    المتوقع من الحركة الإسلامية الآتي:

    أولا: مراجعة تجربتها في الحكم ومقارنتها بمبادئ الحكم في الإسلام وأهمها: العدل والشورى وكرامة الإنسان والاصلاح؛ وإزالة مايناقض هذه المبادئ من تجربة الحكم.

    ثانيا: مراجعة مؤلفات الشيخ الترابي وتبسيط لغتها وشرحها لتكون مفهومة للعامة فاللغة التي استعملها الترابي في معظم مؤلفاته لا يفهمها إلا المتبحر في اللغة العربية وعلومها.

    ثالثا: هنالك شبهات أثيرت حول إجتهادات الترابي متعلقة بالسنة وحجيتها، وعذاب القبر وكثير من الغيبيات، المطلوب توضيحها وتأصيلها، وإلا تحديد موقف واضح منها؛ لأنها تشوه الحركة وتخلق حاجزا بينها وبين عامة المسلمين.

    رابعا: مراجعة نظام الحكم في السودان وتصحيح مساره بعيدا عن الهيمنة والاقصاء؛ فأهل السودان لايستحقون هذا الواقع، وقد حباهم الله بكل النعم التي تجعل من السودان دولة رفاهية لأهلها؛ بل وتفيض على الآخرين إذا أحسنا إدارة الموارد.

    خامسا: العمل على إيقاف الحروب المشتعلة حاليا وجبر خاطر الذين تضرروا وتعويضهم عن مافقدوا وسد الثغرات التي تؤدي الى الحروب مستقبلا.

    سادسا: الاعتراف بأن حركتهم هي واحدة من حركات الإسلام ولاتمثل كل المسلمين في السودان وأن الوطن ملك للجميع لايجوز أن تستأثر به فئة واحدة وتحرم الآخرين، وأن تسعى إلى إصلاح الحكم بإشراك الجميع دون استثناء، وبالتالي يحسب لها أنها انتقلت بالسودان من مناخ الاستبداد والاستقطاب والحروب إلى مناخ الديمقراطية والتعايش والسلام.

    رحم الله الدكتور حسن الترابي فقد ترك فراغا في الحياة.

    عبدالمحمود أبّو

    الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار

    8مارس 2016م

                  

03-09-2016, 04:42 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الزنجي)

    مصطفى عثمان: الترابي كتب وثيقة الحوار الوطني

    03-09-2016 04:42 PM

    سرادق العزاء الخاص بوفاة الشيخ الدكتور حسن الترابي، وفي اليوم الأخير امتلأ بالمعزين من ألوان الطيف السياسي المختلفة، ولكن لاحظت أن هناك ثلاث قيادات من المؤتمر الوطني حرصوا على الجلوس كثيراً الى جوار شقيقه الشيخ دفع الله، هم الدكتور نافع على نافع، وأحمد ابراهيم الطاهر، بجانب الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل.. آخر لحظة استثمرت تلك السانحة وطرحت على الدكتور مصطفى عدة محاور تركزت في أثر وفاة الترابي على الحوار الوطني، ومدى قابلية تنفيذ أطروحاته التي بشر بها، خاصة ما أطلق عليه النظام الخالف، وبالرغم من توافد المعزيين الذين كثيراً ما يقطعون حديثه معنا، إلا أن الرجل استقطع لنا وقتاً خصنا فيه بهذه الإفادات حول المحاور التي طرحناها عليه.

    أجراه : لؤي عبدالرحمن

    *ماذا أنت قائل في هذه المناسبة التي هي تأبين الدكتور الترابي ؟

    - رحم الله الدكتور الترابي وأنا أعتقد أنه رحل بجسده، ولكن مبادراته في السياسة والدعوة والحوار الوطني التي ستبقى التحدى الذي أمام النخب السودانية هو كيف يمكن أن نترجم تلك الحوارات والمبادرات للهدف الذي من أجله دُعي للحوار.

    *وبرأيك ماهو هذا الهدف؟

    - هدفه في الحوار كان من أجل إيقاف الحرب وحدة الاستقطاب السياسي، بجانب الاستقرار الاقتصادي، وبناء علاقات خارجية منفتحة، لذلك هو رأى أن الحوار هو الحل الأمثل لكل هذه القضايا الوطنية.

    *هل هنالك ثمة رسالة أرسلها عبر مشاركته في الحوار الوطني؟

    - نعم هو من خلال مشاركاته ومن خلال أفكاره التي طرحها في هذا الشأن، أرسل رسالة واضحة مفادها أن لا حل لمشاكل السودان بالعنف وإنما بالحوار، وهذا ما قبلته المعارضة السياسية والحكومة بجانب الحركات المسلحة.

    * الى أي مدى كان يدرك الجميع ماكان ينادي به الدكتور الترابي؟

    - أنا اعتقد أن الجميع الآن يدركون ماكان ينادي به الشيخ الترابي، ونحن نأمل أن تكون وفاته دافعاً لاستكمال مسيرة الحوار واستقرار السودان، الذي كان يتمنى أن يراه قبل أن ينتقل الى مولاه.

    * الدكتور الترابي طرح مشروعاً أطلق عليه (الخالف) هدف من خلاله لوحدة الإسلاميين هل بالامكان حدوث ذلك؟

    - ليست هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها الدكتور الراحل حسن الترابي طرحاً لجمع شمل الإسلاميين، فقد سعى لذلك كثيراً من خلال العديد من المبادرات والأطروحات بل كان يعمل لجمع كل السودانيين وليس الإسلاميين وحدهم، وقد طرح في نهاية التسعينيات مشروع التوالي السياسي في مواجهة الاقصاء والصراع السياسي، لأنه كان يعتقد أن الغرب قد خلف لنا نظاماً ديمقراطياً قائماً على الصراع السياسي، وهذه الديمقراطية لن تقود الى استقرار البلدان النامية وبالتالي لابد من ديمقراطية قائمة على التساند السياسي والتوالي، ولكن طبعاً الناس لم يفهموه في ذلك الوقت، ولم يأخذوا به، والآن طرح موضوع النظام الخالف كترتيب منه لتوحيد قوى الأمة، أو لتوحيد أهل القبلة كمقدمة لتوحيد كل القوى السياسية السودانية الوطنية.

    * هل يعني بذلك دمج كل التنظيمات السياسية في هيكل واحد؟

    - هو لا يعني بالتوحيد أن يكون الناس حزباً واحداً وإنما أن يكونوا متفقين في أمر الوطن، ويمكن أن يختلفوا فيما يسمح به من اختلاف على أن لا يتحول الخلاف الى صراع يمزق الوطن ووحدته ونسيجه الاجتماعي.

    * البعض يرى أن الساحة غير مؤهلة لمثل هذا البرنامج.. ما تعليقك؟

    - أعتقد أن رحيل الدكتور الترابي يمكن أن يجعل الناس وفاءً للرجل وإيماناً بتلك الأفكار أن يعملوا على ترجمة تلك الأفكار والاتجاهات والمبادرات التي كان ينادي بها، فقد رحل الدكتور الترابي عنا بجسده ولكنه ترك لنا إرثاً مكتوباً ومنظوراً ومسموعاً ومرياً، هذا الإرث أنني على يقين أنه لن يكون للسودانيين وحدهم، وإنما لغيرهم إذا نظروا فيه وتمعنوا مدلولاته، فإنهم سيستخرجون منه درراً تفيد مسيرتنا السياسية والدعوية.

    * تاثير وفاة شيخ حسن على الحوار كيف تقرأها؟

    - في تقديري وتقييمي أن الحوار سيجد عبرة وقوة دفعٍ من انتقال الدكتور الترابي تدفع به الى الأمام ولن يتراجع.

    * من أية زاوية قرأت ذلك؟

    - من زاوية أن الترابي خلف أساساً للحوار، فهو الذي كتب وثيقة الحوار الوطني ووضع الخطوات التي تنتهي بها، وأعتقد أن الذين خلفهم من أبنائه في الحركة الإسلامية والمؤتمر الشعبي هؤلاء تشربوا هذه الأفكار، ولن يحيدوا عن هذا الطريق الذي سار عليه.

    آخر لحظة

                  

03-14-2016, 05:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الأزمة الفكرية والأخلاقية والنفسية للإخوان السودانيين بقلم صلاح شعيب



    05:15 AM March, 16 2016


    صلاح شعيب -

    واشنطن-الولايات المتحدة





    يعايش الإخوان السودانيون ثلاث أزمات، الأولي فكرية، والثانية أخلاقية، أما الثالثة فنفسية. فالواضح أن سياستهم منذ حين كشفت عن تخوف من مصير قاتم يظنون أنهم سيواجهونه بعد الفشل في تحقيق شرعيتهم، وإنجاز الاستقرار في الدولة. وكشفت هذه السياسة الإسلاموية المستميتة أيضا عن الفشل في إقناع السواد الأعظم من المواطنين بأن النظام على حق معهم، ومع الله. مؤخراً، زاد هذا التخوف حراك الإخوان السياسي ـ المضطرب أصلا ـ تخبطا فوق تخبط. ولهذا نشدوا تجريب عدد من التكتيكات السياسية لتحقيق ما يصبون إليه، وهو الحفاظ على السلطة مع تشطير كل جسم معارض لهم إلى نصفين، أو عشرة مثلما هي حالة الحزب الاتحادي، وإلى عشرين في حالة الحركات المسلحة.

    وتمثلت آخر هذه التكتيكات الإخوانية لمعالجة أزمة الحكم الاسلاموي التي تماهت مع أزمة الوطن في تدبير الوثبة التي تمت في الظلام. ولكنها حتى الآن لم تنتج إلا حقيقة أن الراحل الترابي قد كتب سريا خطابها الغامض، وفقا لتصريحات الدكتور مصطفى عثمان. ولا يتخيل المراقب المنصف أن توصيات الوثبة المزمع إذاعتها على الناس قريبا ستفك ضائقة النظام، والبلاد معا. فهي كانت، كما اتضح بعد وفاة الترابي، محاولة لإدماج جهد الشعبي في الوطني عبر حالة تأخذ الحوار المسرحي مع نثارات قوى سياسية ملكت إدعاء جهلولا بأنها تمثل السودانيين.

    باختصار، الإستراتيجية التي يتبعها النظام للتعامل مع هذه التخوفات الوجودية تخلو من مجهود مفكر سياسي حصيف لم تتوفر عليه البلاد منذ تولي الإخوان السلطة. ونحن حين نستخدم كلمة "مفكر سياسي" هنا نعني بالضرورة ذلك المفكر الذي يستلهم تأملاً خلاقاً يستجيب لتحديات الواقع، ويحقق تطلعات المواطنين، ويرسخ تقدم البلاد، ويحفظ استقرارها، ويقيم أعمدة العدل والمساواة، ويسعد مواطنيها إن لم يحطهم بالرفاهية. بل إنه الأحرى لذلك المفكر أن يفجر طاقات المدن، والقري، ويستثمر ثرواتها، ويطور المتحقق من النسيج الاجتماعي، وينجز غير ذلك من لوازم الحكم الرشيد. أما أن يتم تحوير كلمة "مفكر سياسي" لدى الإسلامويين، وحصر وظيفته في تحقيق مكاسب أيديولوجية في فئة معينة فذلك هو إما نوع من التخليط في فهم وظيفة الفكر، أو شكل من أشكال الاحتيال السقيم على العامة والعقلاء معا.

    فمن الجائز أن يقول كتاب الإخوان إن البلاد لم تنجب مفكرا، أو عالما بالدين، مثل الترابي. ولكن يبقى هذا النبس مجرد إنشاء لا يقوم على ساقين، أو هو بداهةً تنطع بلا وعي كافٍ. ذلك أن جهد المفكر يقاس بالثمر الذي يَيْنِعُ في شجرة فكره، وليس بالتدمير الذي يحققه لمعطيات البلاد الواعدة، ذلك مثلما لو أن الثورة تقاس بما أنجزت، لا بما سببت من إخفاقات، أو كوارث. فإذا كان الإخوان السودانيون قد حققوا نموذجا راشدا للحكم الإسلامي بعيدا عن فجورهم في الخصومة إزاء بعضهم بعضا، وإزاء الآخرين، وبعيدا عن الاستبداد، والفشل في تحقيق ثورات اجتماعية، واقتصادية، وزراعية، وصناعية، وتجارية، لحق علينا الإشادة بمفكرهم الجهبوذ وفكرهم المستنير. ولكننا في الواقع حصدنا الحنظل السياسي طيلة ربع قرن مضى مع المكابرة بأنه عين التفاح. ومن هنا نجمت الأزمة الأخلاقية التي يواجهها الإخوان في ارتباطها العضوي بالأزمة الفكرية، فيما نجم عن ذلك أيضا الانفصام النفسي، والشخصي، بين الولاء للوطن أم للأيديولوجيا، للذات أم لمصلحة التنظيم، للمصلحة الوطنية أم الفئوية، وهلم جرا.

    ليس هناك أي مجال في الحياة آخر كاشف للغش مثل السياسة. ولذلك كان مصير الطغاة، دائما، النبذ في مزبلة التاريخ ولو بعد حين. فالسودانيون محاصرون اليوم بمنهج إسلاموي في الحكم، استبدادي بالمقاربة، لا يعير الأخلاق التي تعاهدوا عليها عقديا، ووضعيا، أدنى التفاتة. ولعل الذين يطبقون هذا المنهج في أوساط السودانيين مجموعة تُمارس السياسة ليس بالشكل التقليدي الذي عهدناه، وإنما بالشكل الذي يقدم مصلحة الفئة علي حساب مصلحة الغالبية السودانية. فأي إسلامي داعم للنظام اليوم يتباري مع زميل آخر له في "تجويد" الخداع، لا الإبداع في إظهار القيم السياسية المثمرة، ناهيك عن الدينية. فالسياسي الإسلاموي موكولٌ إليه، وفقا لنهج التنظيم، المساهمة في الحفاظ على استبداد النظام، وليس بناء، وتنمية، القدرات المتنوعة للمكون الوطني. وواجب الصحافيين، والكتاب، الإسلاميين يتمظهر في ترسيخ التبسيط المخل للقضايا، وتشتيت اهتمامات الجمهور في التناولات التي لا تسهم البتة في حل قضايا الناس الجوهرية. وواجب رجال الأمن يتبدى في إهانة كرامة المواطن، ومنعه من مزاولة حرياته. ووظيفة قياديي الخدمة في الجهاز الإداري للدولة صارت أدعى للتشريف وليس التكليف، بل هي البحث أتمه عن النفوذ، والثروة، والجاه.

    بالنسبة للإخوان في حزب المؤتمر الشعبي، وجماعة غازي صلاح الدين، وجماعة صادق عبدالله عبد الماجد، ومجموعة الإحياء والتجديد "الوديعة"، ومنبر السلام العادل، وتيار في حركة العدل والمساواة، وجماعة ود إبراهيم ويوسف الكودة، وآخرين دونهم، فهم لا يختلفون في شئ مع المؤتمر الوطني من حيث المرجعية الفكرية، وتصور تنزيل لوازمها على أرض الواقع. فقط هناك اختلاف حول اقتراح التكنيك، والتكتيك، المتبعين لتطبيق الشريعة الاسلامية. فكل هذه التيارات الإسلاموية تهدف إلى تحقيق شئ واحد، وهو تحكيم بناء الدولة الاسلامية بصورة أخرى. أي إعادة إنتاج التجربة بشكل جديد ربما ينتهي إلى أن يكون أسوأ من الواقع الماثل، إذا وصلوا منفردين للسلطة مرة أخرى. تكتيكياً قد ينجح الإسلاميون المعارضون هنا وهناك في الدخول في تحالفات جديدة للمعارضة، ولكنهم سيصلون إلى طريق مسدود في خاتم المطاف وإن بعد أربعة عقود. ومهما بلغ تحايلهم في تجديد الخطاب الاسلاموي فإن الواقع السوداني سيهزم منطلقاتهم الأيديولوجية، وهذه الفرضية نتاج درس لا يسمح الحيز بالاستطراد حولها. والسؤال هو ماذا يريد بقية الإسلاميين الذين يصدرون من موقع المعارضة؟ تحقيق العلمانية مثلا؟ أم فصل الدين عن الدولة؟

    اعتقد أنك إن سألت أي قيادي داخل هذه التيارات الاسلاموية فإنه سيقول لك بخفة متناهية إنه يروم تحقيق دولة المواطنة! وإذا سألته عن فصل الدين عن الدولة فبالغ ما يبلغه في الرد هو أنه سيقول إن ذاك أمر يحدده الشعب. أما هو فليس لديه إجابة قاطعة غير الاستذكاء عليك. إنهم يتمارون في الكتابة، وانتاج "القروبات" التي فيها يتظارفون، والمنتديات السياسية، والحوارات الصحفية، والإذاعية، والتلفزيونية. ولكنهم يستبطنون تحقيق مشروع إسلاموي آخر يظنون أنه سينجح في تربة السودان.

    المشكلة العضوية التي تواجه المؤتمر الوطني، علي الدوام، وكذلك الجماعات الإسلامية التي خرجت من رحمه المتسخ، هي أن التركيبة السودانية، وظروف العصر، ستكون حجار عثرة أمام مسارهم الخادع، كما أثبتت تجربة ربع القرن الأخيرة، وقبلها تجربة تطبيق الشريعة الإسلامية في فترة مايو، وهناك تجارب فاشلة في بلدان أخرى. وإذا عدنا للوراء لوجدنا أن تجربة الدستور الإسلامي التي حاولت القوى الطائفية بالتعاون مع جبهة الميثاق تمريرها عبر البرلمان ما بعد أكتوبر تسببت، ضمن عوامل أخرى، في ولوجنا عصر الاستبداد المايوي. ربما يحتاج الإسلاموي إلى تأهيل أكاديمي لمعرفة دقائق، وأسرار "الداتا السودانية" في تشعباتها الفكرية، والأيديولوجية، والنفسية، والاجتماعية والثقافية، والفنية، عوضا عن تجريب قيادة الدراجة فوق سطح البحر.

    (عدل بواسطة الكيك on 03-15-2016, 04:23 AM)
    (عدل بواسطة الكيك on 03-16-2016, 10:37 AM)

                  

03-09-2016, 04:44 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الزنجي)

    مصطفى عثمان: الترابي كتب وثيقة الحوار الوطني

    03-09-2016 04:42 PM

    سرادق العزاء الخاص بوفاة الشيخ الدكتور حسن الترابي، وفي اليوم الأخير امتلأ بالمعزين من ألوان الطيف السياسي المختلفة، ولكن لاحظت أن هناك ثلاث قيادات من المؤتمر الوطني حرصوا على الجلوس كثيراً الى جوار شقيقه الشيخ دفع الله، هم الدكتور نافع على نافع، وأحمد ابراهيم الطاهر، بجانب الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل.. آخر لحظة استثمرت تلك السانحة وطرحت على الدكتور مصطفى عدة محاور تركزت في أثر وفاة الترابي على الحوار الوطني، ومدى قابلية تنفيذ أطروحاته التي بشر بها، خاصة ما أطلق عليه النظام الخالف، وبالرغم من توافد المعزيين الذين كثيراً ما يقطعون حديثه معنا، إلا أن الرجل استقطع لنا وقتاً خصنا فيه بهذه الإفادات حول المحاور التي طرحناها عليه.

    أجراه : لؤي عبدالرحمن

    *ماذا أنت قائل في هذه المناسبة التي هي تأبين الدكتور الترابي ؟

    - رحم الله الدكتور الترابي وأنا أعتقد أنه رحل بجسده، ولكن مبادراته في السياسة والدعوة والحوار الوطني التي ستبقى التحدى الذي أمام النخب السودانية هو كيف يمكن أن نترجم تلك الحوارات والمبادرات للهدف الذي من أجله دُعي للحوار.

    *وبرأيك ماهو هذا الهدف؟

    - هدفه في الحوار كان من أجل إيقاف الحرب وحدة الاستقطاب السياسي، بجانب الاستقرار الاقتصادي، وبناء علاقات خارجية منفتحة، لذلك هو رأى أن الحوار هو الحل الأمثل لكل هذه القضايا الوطنية.

    *هل هنالك ثمة رسالة أرسلها عبر مشاركته في الحوار الوطني؟

    - نعم هو من خلال مشاركاته ومن خلال أفكاره التي طرحها في هذا الشأن، أرسل رسالة واضحة مفادها أن لا حل لمشاكل السودان بالعنف وإنما بالحوار، وهذا ما قبلته المعارضة السياسية والحكومة بجانب الحركات المسلحة.

    * الى أي مدى كان يدرك الجميع ماكان ينادي به الدكتور الترابي؟

    - أنا اعتقد أن الجميع الآن يدركون ماكان ينادي به الشيخ الترابي، ونحن نأمل أن تكون وفاته دافعاً لاستكمال مسيرة الحوار واستقرار السودان، الذي كان يتمنى أن يراه قبل أن ينتقل الى مولاه.

    * الدكتور الترابي طرح مشروعاً أطلق عليه (الخالف) هدف من خلاله لوحدة الإسلاميين هل بالامكان حدوث ذلك؟

    - ليست هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها الدكتور الراحل حسن الترابي طرحاً لجمع شمل الإسلاميين، فقد سعى لذلك كثيراً من خلال العديد من المبادرات والأطروحات بل كان يعمل لجمع كل السودانيين وليس الإسلاميين وحدهم، وقد طرح في نهاية التسعينيات مشروع التوالي السياسي في مواجهة الاقصاء والصراع السياسي، لأنه كان يعتقد أن الغرب قد خلف لنا نظاماً ديمقراطياً قائماً على الصراع السياسي، وهذه الديمقراطية لن تقود الى استقرار البلدان النامية وبالتالي لابد من ديمقراطية قائمة على التساند السياسي والتوالي، ولكن طبعاً الناس لم يفهموه في ذلك الوقت، ولم يأخذوا به، والآن طرح موضوع النظام الخالف كترتيب منه لتوحيد قوى الأمة، أو لتوحيد أهل القبلة كمقدمة لتوحيد كل القوى السياسية السودانية الوطنية.

    * هل يعني بذلك دمج كل التنظيمات السياسية في هيكل واحد؟

    - هو لا يعني بالتوحيد أن يكون الناس حزباً واحداً وإنما أن يكونوا متفقين في أمر الوطن، ويمكن أن يختلفوا فيما يسمح به من اختلاف على أن لا يتحول الخلاف الى صراع يمزق الوطن ووحدته ونسيجه الاجتماعي.

    * البعض يرى أن الساحة غير مؤهلة لمثل هذا البرنامج.. ما تعليقك؟

    - أعتقد أن رحيل الدكتور الترابي يمكن أن يجعل الناس وفاءً للرجل وإيماناً بتلك الأفكار أن يعملوا على ترجمة تلك الأفكار والاتجاهات والمبادرات التي كان ينادي بها، فقد رحل الدكتور الترابي عنا بجسده ولكنه ترك لنا إرثاً مكتوباً ومنظوراً ومسموعاً ومرياً، هذا الإرث أنني على يقين أنه لن يكون للسودانيين وحدهم، وإنما لغيرهم إذا نظروا فيه وتمعنوا مدلولاته، فإنهم سيستخرجون منه درراً تفيد مسيرتنا السياسية والدعوية.

    * تاثير وفاة شيخ حسن على الحوار كيف تقرأها؟

    - في تقديري وتقييمي أن الحوار سيجد عبرة وقوة دفعٍ من انتقال الدكتور الترابي تدفع به الى الأمام ولن يتراجع.

    * من أية زاوية قرأت ذلك؟

    - من زاوية أن الترابي خلف أساساً للحوار، فهو الذي كتب وثيقة الحوار الوطني ووضع الخطوات التي تنتهي بها، وأعتقد أن الذين خلفهم من أبنائه في الحركة الإسلامية والمؤتمر الشعبي هؤلاء تشربوا هذه الأفكار، ولن يحيدوا عن هذا الطريق الذي سار عليه.

    آخر لحظة

                  

03-09-2016, 04:53 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    ابراهيم السنوسي ما قدر الشغلانة

    03-09-2016 04:01 PM

    شوقي بدري


    الاخوان المسلمون والشيوعيون يستقطبون الشباب المميز . ويبعدون عن المساكين والمسالمين . ولهذا تكثر الخلافات والانقسامات بينهم . فهم يتربون علي الخروج عن المالوف وعدم طاعة السلطة الموجودة . ويستمر هذا التمرد داخل التنظيم . وللكيزان علي عكس الشيوعيين... جوع وهلع وحب طاغي للمال ومباهج الحياة . ولا يخلوا الكثير منهم من الدناءة وحب حق الآخرين . والكثيرون اتوا من حرمان وجوع مزمن . وهذه الزلعة لن تنتهي حتي بعد اكتناذهم للمال .

    والعين ما يملاها الا التراب .ابراهيم السنوسي ان لم يكن ضعيفا فهو تابع لكبير او زعيم ويرضي بالمركز الثاني او الثالث . انه تابع وليس بقائد ولن يستطع ابدا ان يسيطر علي الكيزان الذين صاروا ,,جحمانين ,, يبحثون عن الثروة في الوقت الضائع ، لان العملية برمتها قد تطرشق وتنتهي الانقاذ التي تقوم بتغيير جلدها لتتخارج .لقد كان ابراهيم تابعا للأستاذ فؤاد التوم في مدرسة بيت الامانة الوسطي . وبلغ به الولاء والتبعية لان يلحق بفؤاد التوم في نادي المريخ وهو رجل لا دخل له بالرياضة . هذا النوع من البشر يمكن ان يكون حوارا ولكن لا يصلح لان يكون شيخ الطريقة . والاخوان المسلمون من وطني وشعبي لا يخافونه ولا يكنون له كثير الاحترام . انه من النباتات المتسلقة ، وكان يستمد قوته من الترابي . لقد بلغ به الخنوع ان جعل من نفسه نسخة من الترابي ، حتي كلامة ملبسه وتحريك يديه وطريقة كلامه كانت صورة مشوهة للترابي .

    لاول مرة في تاريخ السودان رأينا رجلا يستنسخ نفسه ، كان من الممكن ان يكون البديل للترابي مثل شبيه استالين الذي كان يجلس في مقصورة استالين في المسرح والباليه ، واستالين في الكرملين او في منزله الخلوي بعيدا عن موسكوا . وكان لكثير من الرؤساء شبيه . منهم صدام حسين . ولكن كيف يحترم شخص رضي ان يكون نسخة من رجل آخر ؟؟ كان مدرسي بيت الامانة الوسطي من المحبوبين او المرهوبين منهم الاستاذ فواد التوم و الاستاذ مصطفي والشاعر مصطفي الطويل ,, ولدي ,, والطيب بابكر حسن وزاكي الدين والاستاذ حسن ,, استيف ,,. وفي فترات الاجازات الانسان الرائع البروفسر في كلية العلوم عبد الرحمن عبيد عبد النور ، الرحمة للأحياء والاموات . ولكن ابراهيم السنوسي لم يحظ بشئ . كان باهتا لا لون ولا طعم له . والناس كانت تستغرب لسكنه مع الفراشين سليمان وابراهيم في المدرسة . وهذا تصرف لم ولن يكن محمودا . وصف وقتها بالبخل الشديد . لان المدرس وقتها يذكر في اغاني البنات . ويطالب بمظهر ومخبر جميل . الم يكن هنالك في كل امدرمان من الكيزان من يستضيفة او يشاركهم في السكن .

    لقد كان عبئأ حتي علي الفراشين . ولم يتفوق عليه سوي الكوز الآخر علي عبد الله يعقوب الذي كان يصادق اولاد التجار والاثرياء في مدرسة الاحفاد الثانوية . منهم صلاح محمد عثمان يس طيب الله ثراه وهو شقيق الكوز علي محمد عثمان يس وزير العدل في حكومة الانقاذ . والطبيب محي الدين . وكانوا يدعونه لمنازلهم بطريقة راتبة ولا يتحرج من طلب النقود منهم . ولم يحظ علي عبد الله .يعقوب بإحترام الكثيرين في الاحفاد . ولم نلمس ودا بينه وبين استاذنا المحترم من الجميع الصادق عبد الله عبد الماجد الاخ المسلم . عوض علي عبد الله يعقوب احترام الكيزان المفقود بالمال الذي جمعة بواسطة بنك فيصل الاسلامي . مالذي يملكه ابراهيم السنوسي لكي يقدمه للكيزان ؟؟ من الجرائم التي افتخر بها ابراهيم علي رؤوس الاشهاد وامام عدسات التلفاز ،

    تصريحه الكريه بأنه قد قضي علي النهب المسلح والقتل في ,, ولايته ,, لانه اخرج القتلة والمجرمين من السجون وارسلهم للجهاد في الجنوب . والغريبة انني بالرغم من تطرقي كثيرا لجريمة ارسال القتلة المدانين لم يتحرك احد . وكان الجنوبيين ليسوا لحمنا ودمنا واشقاءنا في الوطن .. لعن الله العنصرية والعنصريين .اول من شرع في البيع في ولايته هو ابراهيم السنوسي ومنه تعلم الخضر والآخرون . وبالغ ابراهيم في البيع لدرجة ان احد ظرفاء الابيض شاهده متقدما نحو المستشفي فامسك بالباب مبديا الخوف وقال .. فيها النبي عليك الله ماتبيعها ,, كان وقتها الامر مزاحا . ولكن تلك السنة سار عليها بقية الكيزان وما حميدة الا حوارا للسابقين . ما كان يحيرني كثير هو ترديد ابراهيم لعبارة ,,

    انا الوالي ... وبما انني الوالي .. والوالي ,, هل كان يريد ان يقنع نفسه قبل الآخرين بأنه والي ويريد ان ينسي سكنه مع الفراشين وتحميلهم يعض منصرفاته ؟؟ هل فكر فيهم وذهب يبحث عن زملاء السكن عندما صار واليا يحل ويربط . هل انعم عليهم بقطعة ارض او زيارة تفقدية ؟؟ لا اظن . فالكيزان سريعي النسيان . .

    شعارهم اذا سقط احدهم في حفرة عليهم عدم التوقف والمواصلة .لان الكوز لايعرف غير الكيزان والتنظيم العالمي للكيزان فان الاستاذ عبد الله دينق لم يحتج علي ارسال القتلة المدانين لقتل اهله في الجنوب . وعبد الله افهم وافضل من ابراهيم وان كان الاثنين كيزان .الرجل القوي والذي كان من المفروض ان يرث الترابي هو علي الحاج بالرغم من انه لص . والجميع لصوص . ولكن عبد الله دينق بالرغم من معقوليته وايمانه التام بكوزنته لايمكن ان يرث الترابي فهو جنوبي. وعلي الحاج فوراوي .

    ولن يقبل وسط الكيزان الآخرين كقادة .وبالرغم من شعارات اخي في الله ، فإن العنصرية والشوفينية متجزرة في عقول الكيزان . اليسوا هم من اتي بتضمين القبيلة في ارانيك المرضي وطالبي الوظائف . انها شعارات جوفاء مثل ,, ما لدنيا قد عملنا ... الخ , ولا ادري ماذا كانوا قد عملوا اذا قصدوا العمل من اجل الدنيا ؟ الم يأتي علي الحاج بالأ سمدة والمبيدات الفاسدة في حكومة الصادق ؟ الم يلحس فلوس طريق الغرب وقال خلوها مستورة ؟ ولا مستورة حليمة ، الراجل ده يورينا وين الفلوس . كيف بنى قصر عشوائي . وفي كوز كان مادي الكهرباء لي بيته من الجامع لان كهربة الجامع مجانية . وبرضوا هي لله لا للسلطة لا للجاه . محن محن سودانية

    .-----------------------

    -رحيل الترابى .. نفاق الوطنى و العشرة الكرام !

    محمد وداعة

    03-09-2016 11:11

    Mلم يظهر منهم الا نفر قليل ، ترى الدمع فى اعينهم و ما هو بدمع ، نظراتهم شاردة كمن فقد اباه فى ليلة حالكة الظلام ،هم اولئك الذين مهروا بتوقيعاتهم مذكرة العشرة التى مهدت للمفاصلة و اسست لها فكرآ ، وهم اولئك الذين ساندوا القصر ليلة المفاصلة و انسلوا واحدآ واحدآ، حتى من أذن لهم الترابى بالذهاب إلى القصر حتى يكونو عينا لهم ، ذهبوا ولم يعودو !

    أنتهت المفاصلة إلى حل المجلس الوطنى الذى كان يرأسه د. الترابى وتجميد منصب الامين العام فى حزب المؤتمر الوطنى ومنع الترابى من دخول البرلمان ولم يسمح له بدخول دار المؤتمر الوطنى ، لتظل تعقيدات المفاصلة المعلنة هى أهون من شرورها التى لم تعلن ، فحين تحجج القصر بأن تدخلات الترابى خلفت أزدواجية فى السلطة وطريقة أتخاذ القرار ، تمسك الترابى بأن الخلاف تمحور حول الحريات وأنتخاب ولاة الولايات وتجاوز الدستور ، حتى أولئك اللذين لم يكونو ضمن العشرة ولكنهم أعلنوا مساندتهم للمذكرة فى وقتها أتضح لاحقا أنهم كانوا خلفها حتى اللذين خرجوا من بعد ذلك من المؤتمر الوطنى باسماء مختلفة وأسباب لم يعودوا بذاكرتهم لتلك الأسام ، وتمضى الأيام ليكون بعض ممن وقعوا على مذكرة العشرة التى أطاحت بالترابى ، موقعين لمذكرات أخرى ، ومطالبات بالاصلاح وخروج سائحون وأنقلابيون وأصلاحيون وغاضبون ،

    تركزت المطالب الى أحتوت عليها مذكرة العشرة فى ( اصلاح مؤسسة لاشورى ، القطاع القيادى ، توحيد القيادة تكريس العمل المؤسسى ) ، فاين أنتم اليوم مما ناديتم به وكان سيفا قاطعا فى اتمام المفاصلة ، تلت ذلك مذكرة ( الألف) ، مذكرة د. غازى صلاح الدين أحد أبرز العشرة الكرام ، الذى لم يثير الأنتباه كثيرا أن كل أصحاب المذكرات التى أعقبت مذكرة العشرة خلقوا صلات ومقابلات مع الترابى ولكنهم لم يظهروا ندما أو يعترفوا بخطأ ، كثيرون تخارجوا من الوطن وكانت عينهم على المنشية ، الوطنى نفسه وبعد أن أوهن العظم منه لم يمنعه الكبرياء ولاقوة السلطة من مداهنة الشيخ وتزلفه ، لتاتى لحظة فارقة فى مسيرة الشعبى وفى غياب الترابى ، الأستاذ حامد ممتاز الامين السياسى للمؤتمر الوطنى ،

    قال ( تركنا وراءنا جراحاتنا ونزاعاتنا والصراع على السلطة ، فانقبل جميعا على الحوار والأستقرار ) ، ويعلن دخولهم فى برنامج ( المنظومة الخالفة )التى طرحها الترابى ، داعبا الى وحدة التيار الأسلامى وجميع ابناء السودان ، وأعتبر أنها تثبت ان ( الشيطان والعلمانية) خرجا من البلاد ، كنت لارجو أن يتحلى اى من اللذين خالفوا الترابى بالجاعة الكافية ليعلن فيما كان الأختلاف ، سؤلنا للسيد حامد ممتاز ، هل ( النظام الخالف ) هو ( المنظومة الخالفة) ؟ وبما أن لا أحد قد أطلع على فحوى أى منها ، فهل يتكرم السيد حامد ممتاز باعلان ماوافق عليه (حسن/


    ------------------------------

    د.حسن/ شيخ حسن /المرحوم حسن الترابي)

    1964--2016 03-09-2016 11:13 AM


    د. عبدالله جلاب (1)


    لحسن عبدالله الترابي في أسرته الممتدة: أهل بيته: زوجه واولاده وبناته وأحفاده وأصهاره وامتداد ذلك من اهل اقربين بالدم والنسب وكل اولي القربى علينا ان نتقدم لهم جميعا بكل آيات العزاء في مصابهم عسى وبأمل ان يكون في ذلك بعض ما يجبر الكسر كما نقول ذلك نحن معشر السودانيين في مثل هذه الحالات. وذلك واجب يحتمه انه نفس وانه من موتانا. ولأهل بيته الخاص حسن العزاء فقد عاشوا معه وبه وبغيابه كل ظروف تقلبات الحال حين كان يكتظ البيت باصحاب الحالات الخاصة ونهازي الفرص ويخلو منهم حين ينقلب الامر. وحين كان يصبح البيت محبسا وحين أخذ يخلو عنه الزوج والاب في محبس اخر. وبمثل ذلك فقد عاشت التجربة السودانية في بيوت وبيوت على أيدي جماعات تلك التجربة القائمة بالاستبداد من عبود الى نميري الى البشير ما يماثل الذي تعرض له بيت الترابي وما هو ابشع وأفظع ولا يزال الامر قائما وواردا.


    لذلك فالعزاء والحال كذلك موصول لكل تلك البيوت السودانية التي عاشت مثل تلك التجارب ومآسيها التي قل ان يحفل بها الكثير او يتعظ منها احد. وعندما نرفع اكفنا ضارعين الى الله ان لا يريهم مكروها في عزيز لديهم، علينا ايضا ان نقوم برفع الهمة بالعقل الى ما يمكن ان يضع حدا لتقادم وتواصل أقبح ما أتت به التجربة السودانية. فالاستبداد لم يأتِ من السماء فقد أتت به أيدينا. فالله ارحم من ان يسلط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا. لذلك وعندما نقول بان الاستبداد صناعة إنسانية علينا ان ندرك ما نعرفه أصلا بان ما هو عكس ذلك هو ايضا صناعة انسانية . فالنظم القائمة على احترام الانسان وحقه في الحياة والكرامة لا تأتي من السماء وإنما يصنعها الانسان بفكره وجهده وتقديره لاهمية أمره. ولأسرته الكبري، الجماعة السودانية، في إطار جغرافية وانسان السودان الكبير علينا ان نقف وقفة صادقة مع النفس ومتكاملة للنظر في كل ما أتى به وما جاء من حسن الترابي في تطور وجوده السياسي من د.حسن الى شيخ حسن ونهاية بالمرحوم حسن. وذلك يقع في إطار التجربة السودانية في مجال السياسة والحكم. فهو احد الذين صنعوا وعاشوا تقلبات زمان الترابي في الفضاء السوداني من بداية ظهوره في الساحة منذ أكتوبر 1964 وحتى الرابع من مارس 2016.


    وحسن الترابي وزمانه وجيله وجماعته المتصالحة معه والمتنكرة له والمتباعدة عنه المتباغضة له جزء من التجربة السودانية في زمان العنف والمأساة الكبرى والانحراف بحركة التغيير الاجتماعي من برنامج الثورة الى برنامج الثورة المضادة. فقد قاد هو كزعيم فرد لحزب بعضا من ذلك وقد قادته قوي وحادثات في حالات بعينها الى ما غير ذلك. له حظه الأوفى في كل من تلك الأحوال نجاحا وفشلا وسجنا واشكالا شتى من كل ما يصفه هو وجماعته للآخرين بالخيانة وما ترتب على ذلك من العذاب الذي لحق به وببعض أفراد جماعته. نعم لقد وقع لغيره ما هو مثل ذلك وما هو أفظع من ذلك ولكن ما مجمع عليه بان ذلك يقع في باب الجريمة في حق الأفراد والجماعات والبلاء في حق الوطن لا باب الابتلاء. من كل ذلك يمكن النظر لحسن الترابي كواحد من اهم شخصيات زمانه السياسي ذلك على مستوى السودان والعالم العربي والإسلامي وفي إطار الاسلاموية العالمية بشكل عام وتلك المحلية بشكل خاص باعتبار ان تجربة الإسلامويين في الحكم وتقادم عمرها لم تقع الا في السودان وكانت وبالا على السودان والسودانيين وعلى الاسلام والمسلمين. وفي ذلك عبرة كبرى في ثلاثة جوانب: الاول هو ان الاسلاموية مثلها مثل الشموليات الاخرى--وإن كانت في طريق الزوال--لا تقل اثرا من غيرها من تجارب النهج الشمولي في الفتك بالانسان وحريته وكرامته.


    وتقف الإنقاذ كشاهد يضاف الي شواهد علي ما اتى على الانسان من عنف الشموليات الاقليمية والعالمية من أين أتت والى أين ذهبت. الامر الثاني هو ان امر الدمج بين الدين والدولة كما في تجربة [الاسلام هو الحل] او [فلتسل كل الدماء] لا تقل خطرا من امر الدمج بين الأيديولوجية والدولة بل هى وجه آخر لذلك وبذلك يتحول كامل الامر الي [العنف هو الحل] و يتم تحويل الدولة الى الاداة الاساسية للعنف الشامل الذي لا يستثني أحد ولا يبقي ولا يزر. وبذلك يصبح الفصل بين الدولة وحرية الانسان وكرامته اذ ان الدولة هي اللواحة للبشر. الامر الثالث يرد في كون ان الأهمية الكبرى لجماع تجربة حسن ودكتور حسن وشيخ حسن تقع في ما فشل فيه. وبموته يتم عمر تلك التجربة ولنا وعلينا الحكم عليها كما يحكم غيرنا من البشر على تجارب أمثاله من الشخصيات العامة. ولعله ومن المشكوك فيه وان كان من الممكن ان ينجح في ما ذهب اليه باعتبار ان تجارب الأحزاب المغلقة المكتفية بذاتهاوالمنكفئة على ذاتها منذ حزب لينين الطليعي وما بعده من احزاب نازية وفاشية لها المقدرة في خلق وحوشها الكاسرة من داخلها.


    وهي وحوش لا ترى ضمانا لحياتها من دون الانقضاض على بعضها البعض. لذلك فان ما ينسب لجون قرنق من قوله لعلي عثمان حول صغار القطط التي فعلت ما فعلت بأبيها يقف في إطار الملحة اذ ان تلك القطط والوضع الشمولي كذلك تلتهم أمها وأبيها وتلتهم بعضها البعض. كذلك ولذلك فان الامر لا يقف عند خيانة العهود او فتنة المال كما ظل يصف الترابي ذلك لحين من الدهر أولئك الذي يعتقد بأنهم خانوه وفعلوا به ما فعلوا وإنما ذلك يقع في مجال بعض من كل انتاج مثل ذلك الحزب المغلق في إطار النهج الشمولي في الحكم. لذلك فان الدراسة المتأنية والحكم على تجربة حسن الترابي والتي هي من حق السودانيين والمهتمين بشؤن ودراسة الحكم والسلطة لها أهميتها القصوى في إطار تجربتنا السودانية. لا يغير من ذلك محاولات جماعته في احتكار تجربته في إطار ما ظلوا يمارسونه تجاهه من عبادة الشخصية اذ يظل نهجهم ذلك حاجبا منيعا لهم في النظر له كبشر وتجربته كتجربة إنسانية تحتمل الخطا والصواب. ولا يغير من ذلك اختزال انسانيته وتجربته في وصفه "بالهالك" كما يذهب بعض اعدائه من السلفيين. اذ انهم بذلك يحكمون على أنفسهم بأكثر مما يحكمون عليه. اذ ليس من العدل الحكم للخصوم بأكثر مما طلبوا.

    تقدم د. حسن الترابي التجربة السياسية السودانية والاسلاموية كواحد من اهم بناة حركة سياسية او حزب طليعي مشاركا في النهج ومنافسا في التوجه اخرين من الذين قدمتهم أكتوبر 1964 في طليعتهم عبدالخالق محجوب ومحمود محمد طه وان كان اكبرهم سنا وأقدمهم تجربة والصادق المهدي ومحمد عثمان المرغني على سبيل المثال لا الحصر من مجموعة الصف الاول حينها وإعداد اخرى من رجال ونساء الجيل الثاني من متعلمي مرحلة ما بعد الاستقلال. وفي وقت ارتفعت فيه أصوات ما تصالح عليه باسم الهامش لاحقا في الجنوب والغرب وجبال النوبة والشرق وما اسميه الهامش المركب اي الهامش الجغرافي والاقتصادي والاجتماعي. قدمت اكتوبر بقوة العديد من الشخصيات القائمة بأمر ذلك الهامش والقائلة بقضية السودان الاخر مثل وليم دينق وإزبوني مندريي واحمد إبراهيم ودريج وعلي الحاج وفيليب عباس غبوش وهاشم بامكار واخرين من النقابات أمثال الشفيع احمد الشيخ والمرأة مثل فاطمة احمد ابراهيم وغيرهم.


    لقد فتح نهج الحداثة الباب لأساليب جديدة للتعامل مع بعض تعقيدات ومقتضيات وضرورات القضية الوطنية شملت فيما شملت ولم تقف على تضارب الرؤى والطرق المتعددة نحو سودان ما بعد أكتوبر. بل قد تمخضت عن ذلك الصراع البين بين القدامى والجدد. ولعل اهم ما جاء من تجليات أكتوبر انتهاج اُسلوب الحوار بدلا من الاحتراب كما جسد ذلك مؤتمر المائدة المستديرة وما يرد فيه ما هو من اهم تجليات ونماذج ما يمكن ان يحتذى ويتعود به في إطار حركة التغيير الاجتماعي.

    لقد كان دكتور حسن احد وجوه الجديد في ميدان السياسة السودانية بعد أكتوبر لقد كان وجوده وقتها وفي كل تلك التطورات واضحا. فقد صعده دوره في تحفيز الشارع في قيادة حركة التغيير إبان اكتوبر الثورة وبالمقابل كان قد صعد مراقي القبول القومي كما جاء في انتخابات دوائر الخريجين وقتها. ومن تجليات كل ذلك كان له دوره الأكبر في قيادة حركة التغيير في المجال الداخلي لحركة الاخوان المسلمين والانتقال بالاسلاموية السودانية من حالها المحافظ كامتداد قائم بالولاء والبيعة للتنظيم الام في مصر الى حزب طليعي حديث والانتقال به بعد ذلك من حركة طلابية لم يتجاوز عدد أعضائها المئات الى حركة جماهيرية واسعة مقارنة بحركة الاخوان المسلمين تحت قياداتها السابقة واللاحقة. غير انه ليس لحركة الحداثة وجه واحد او هي طريق لاتجاه واحد.

    في إطار ذلك أخذ دكتور حسن الزعيم الأوحد للحركة في شكلها الجديد والحزب باسمه المتحلل من اسم وحركة الاخوان المسلمين والمكتفي بذاته في مجال علمنة الدين ليقدم نفسه بقوة في جامعة الخرطوم بوجه خاص وموسسات التعليم العالي بوجه عام. من ذلك بدأت تنمو وتتصاعد عبادة شخصية الترابي عند البعض وفي ذات الوقت ظهر الترابي على أساس انه الداعي بالحرب على العلمانية. وظل يقدم نفسه وتنظيمه كحركة ضغط بداية. ومن بعد ادخلها في برنامج الثورة المضادة. من المعروف ايضا انه ليس كل ما هو حديث يمكن ان يكون مع حركة التقدم الاجتماعي. فقد أخذت حركة الثورة المضادة تلملم اطرافها تهيبا لما قد يقود اليه تقدم حركة اليسار عامة والحزب الشيوعي خاصة. كما اطلت في ذات الوقت بعض تجليات المشروع العام القائم على شعار ونهج لا زعامة للقدامى. جاء ذلك بالصوت العالي نداء من قبل الحزب الشيوعي من قبل بعض فصائل اليسار.


    ولعل ذلك من بعض تفتقت عنه تجربة جبهة الهيئات. وورد ذلك بشكل اخر في المجال الخاص الذي جاء بصعود الصادق المهدي مراقي حزب الأمة وفي انقلاب الترابي ايضا على قدامى حركة الاخوان. لقد كان الترابي موجودا في الحالين. ومن ثم ورغما عن ذلك يمم الترابي وجهه صوب الثورة المضادة لا اتفاقا مع برنامجها وإنما لانه قد رأى في ذلك سانحة في منازلة جماعية لليسار والحزب الشيوعي الذي كان يري عنده ما يمكن يستلهم به في بناء الحزب الطليعي والذي في الوقت يخشى مغبة التنافس معه علي عقول وقلوب السودانيين. لقد تحول الشارع على يده مع أيدي حلفائه الجدد من احد ساحات المجال العام والقائد للتغيير السلمي الى مجال قائم بالعنف ضد الاخر السياسي والفكري. وشهدت قاعة في جامعة الخرطوم التي حفظت في الذاكرة الجمعية للسودانيين بداية مدخل الترابي للاعتبار السياسي،

    شهدت دخول السيخ ضد طلاب مسالمين كان همهم الاحتفاء والاحتفال ببعض تراثهم. ومن ذلك الوقت اصبح السيخ وحامل السيخ علامة تجارية ملازمة باهلها من فصيل الاسلامويين. وتحول البرلمان من كونه الموئل والمنبر الأكبر لإدارة الحوار وإدارة الاختلاف الى مكان قائم بالطرد للاخر. في ظل حركة الثورة المضادة تم اغتيال وليم دينق وتمت الجرائم البشعة في جوبا وواو. وعادت الحرب في الجنوب بأبشع مما كانت عليه من قبل. وتم الانقلاب الداخلي علي حكومة الصادق المهدي.

    وحكم على محمود محمد طه بالردة. واكتملت حركة الثورة المضادة بالانقلاب العسكري في مايو والذي كان لبعض جماعات اليسار الدور الأكبر في التخطيط له ودعمه. كما كان كان لبعض دهاقنة الثورة المضادة معرفة ان لم نقل مباركة له. هكذا اصبح الصراع السياسي سجالا واكثر تعقيدا وبشاعة بين الفصائل المتعددة واختلط فيه وبه حابل الثورة المضادة بنابل الثورة من ذات اليمين وذات اليسار.د. عبدالله جلاب جامعة ولاية اريزونا‏[email protected]

    (عدل بواسطة الكيك on 03-13-2016, 04:03 PM)

                  

03-09-2016, 05:11 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    امينة النقاش : الترابى وطبائع الاستبداد.. استفاد من قراءة كتاب الأمير لمكيافيللي

    March 12, 2016

    امينة-النقاش(الوفد)

    الترابى وطبائع الاستبداد.. استفاد من قراءة كتاب الأمير لمكيافيللي

    امينة النقاش

    استفاد الدكتور حسن الترابى «فبراير1932 – مارس2016» من قراءة كتاب الأمير لمكيافيللي استفادة مؤكدة، تنسجم تماما مع تكوينه النفسى والثقافى والسياسى، وربما حفظه عن ظهر قلب، ونفذ نصائحه على امتداد نحو 52 عاما،منذ ظهوره على ساحة المشهد العام فى السودان عام 1964، بعد أن اقتطع –كما هى عادته – بعض نصائح المؤلف للأمير من سياقها، و أساء فهم أهدافها ،ومبررات الكتيب الذى تم نشره بعد موت مؤلفه فى القرن السادس عشر،والظروف التى أملت عليه تأليفه. و«الأمير» كما هو معروف، كتبه مؤلفه فى منفاه، بعد أن مارس السياسة على مدار 13 عاما، وفيه يسدى للحاكم نصائح يعتقد أنه يمكن بموجبها أن تتوحد إيطاليا المفككة لتغدو دولة قومية موحدة وقوية، حتى لو اتسمت الوسائل صوب تحقيق ذلك بالعنف والقسوة والخداع والنذالة وممارسة الحرب ، ولو تعارضت السياسة مع الأخلاق أو دهستها بالأقدام .

    ووفقا لمكيافيللى، فالحرب هى فن وسلاح وحيد يحتاج إليه كل حاكم، والأمير- الحاكم -ينبغى أن يكون « ثعلبا يميز الفخاخ، وأسدا ليرهب الذئاب»، وعليه أن يفرض الخوف ويدخل البدع بدلا من العادات القديمة، وإذا فرض على الحاكم- الأمير- الاختيار بين أن يحبه الناس أو أن يهابوه، فمن الأفضل أن يخافوه. وعلى الأمير أن يتقن الخداع، وينكث بالعهود، ويخرب المدن الضعيفة، ويدمر كل من يلحق به أذى، وذلك لأن الغاية التى ينشدها المؤلف وهى ايطاليا دولة قومية موحدة وقوية، تبرر كل وسيلة نحو انجازها. ولاتزال الآراء السياسية التى انطوى عليها كتاب الأمير محلا لسجال واسع حتى يومنا هذا، فى مراكز البحث والدراسات الجامعية والكتابات السياسية ،بين من عده رائدا للتنظير لعلم السياسة ولفهم عصر النهضة ، ومن اعتبره تنظيرا يؤسس لحكم الطغاة والمستبدين ولكل اشكال الأنظمة السلطوية !

    لم يكن تاريخ الدكتور حسن الترابى السياسى بعيدا بأى حال عن نصائح كتاب الأمير. استغل الترابى الفرص التى اتاحها له استكمال دراسته القانونية لنيل الماجستير والدكتوراه فى القانون الدستورى من بريطانيا وفرنسا واتقانه للغتين الإنجليزية والفرنسية فضلا عن العربية والألمانية، وامتلاكه بجانب إلمامه بالتراث الإسلامى ،ثقافة موسوعية، فى تعزيز قدراته كشخصية كارزمية جذابة، سواء كأستاذ جامعى قادر على تجنيد الطلاب وجذبهم نحو افكاره الدينية، أو كزعيم مؤسس للحركة الإسلامية فى السودان، بمشاركته الفاعلة فى بناء هياكلها التنظيمية ، بدءا من تشكيل جبهة الميثاق الإسلامى، ثم توليه موقع أمين عام جماعة الإخوان المسلمين ،ثم انسلاخه عنها ثمنا لتحالفه مع نظام جعفر نميرى، الذى كان قد شارك أعضاء من حزبه مع أحزاب اسلامية أخرى ،فى محاولة عسكرية مدعومة من القذافى ،لقلب نظامه، قبل أن يندرج فى العام 1977 فى خطة المصالحة الوطنية التى طرحها نميرى على تلك الأحزاب. أمضى الترابى سبع سنوات معتقلا فى سجون نميرى، ومن السجن إلى مشاركته فى حكم السودان ، ولأن طموحه السياسى كان بلا سقف ، وهدفه الأول هو القفز إلى السلطة، فقد برر فيما بعد تحالفه مع نميرى، بأنه كان من أجل تقويض حكمه من داخله ثم الانقضاض عليه. وكشأن جماعة الإخوان فى كل مكان ،استغل الترابى تواجده فى نظام نميرى كنائب عام ووزير للعدل فى توسيع رقعة نفوذ تنظيمه داخل الجامعات والجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة المدنية ، كما صاغ له قوانين سبتمبر لتطبيق فهمه المشوه للشريعة، التى استخدمت لملاحقة كل اشكال المعارضة لسياسات النظام، بقطع الأيدى وقطع الأرزاق وإعدام الخصوم، وفتح أبواب السجون والمعتقلات، وتشويه الاقتصاد السودانى بالتوسع فى انشاء البنوك الإسلامية، التى كانت مصدرا ولاتزال لتمويل التنظيمات التى ترفع رايات دينية، وانتهى به الحال لتنصيب النميرى إماما للمسلمين. وكان هذا التحالف هو المقدمة الفعلية للانقلاب الذى خطط له الترابى فى يونيو 1989 على الديمقراطية السودانية الثالثة، الذى كان حزبه يتقلد فيها الكتلة النيابية الثالثة فى انتخابات حرة نزيهة، فيما كان هو وزيرا للخارجية.

    كان الدكتور الترابى يعتقد ، كبقية تيار الإسلام السياسى، أن الديمقراطية وسيلة فقط للصعود إلى السلطة، يتعين الإطاحة بمبادئها ،لحرمان الآخرين من تداولها، ولأن الترابى يمتلك من القدرات ما يمكنه من التلاعب بالألفاظ والمصطلحات والمسميات، فقد أرجع تخلص نظام الإنقاذ من مشاركته فى الحكم بعد عقد من البقاء فى سدته، إلى مطالبته بالحرية والديمقراطية ومكافحة الفساد، بينما كان هو مهندس سياسات الإنقاذ ومفكرها، وهو صاحب الدعوة للحرب الجهادية فى جنوب السودان التى قادت إلى انفصاله.

    وفى سياق رغبته الدفينة فى سحب زعامة الحركة الإسلامية، من جماعة الإخوان المصرية، حول السودان إلى مأوى لكل الجماعات الجهادية الإرهابية من الدول العربية والافريقية والعالم، وأسس لذلك المؤتمر الشعبى العربى الإسلامى، الذى كان منصة لمعارضى الأنظمة وبخاصة العربية ،الذين يلتقون فى دورة انعقاده السنوى، وهوما ساهم فى تكبيد السودان عقوبات دولية مؤلمة.

    ولتماهيه مع نصائح «الأمير» طبق الدكتور الترابى المثل الشائع «اللى تغلبه العب به»سواء كان فى أروقة الحكم أو خارجها فى جبهات المعارضة .ففى اعقاب العصيان المدنى العام الذى أطاح بنظام نميرى فى إبريل عام 1985، صار خطابه السياسى عن الديمقراطية والحريات زاعقا ، وعززه بالمشاركة فى الانتخابات العامة ،بعد أن عدل اسم جماعته إلى الجبهة الإسلامية القومية . وبعد أن أسقط النظام الذى كان مشاركا فى حكمه ،بات الاسم جبهة الإنقاذ ، وحين انشق عنها غدا الاسم حزب المؤتمر الشعبى المعارض،لكن الهدف ظل واحدا ، هو العودة بأى شروط للإمساك بتلابيب السلطة. وكان قبل موته المفاجئ قد تخلى عن تحالفه مع قوى المعارضة، وهو يقود دعوة-على أصداء سقوط حكم الجماعة فى مصر – لوحدة فصائل الحركة الإسلامية فى السودان بدعم من الحكومة ،التى سبق أن وصفته بأنه رجل كذاب ومنافق ويغش باسم الدين!

    الفرق بين أمير مكيافيللى ،والدكتور حسن الترابى ، ان الأول كان يبرر نصائحه للحاكم ،التى لاتقيم أى وزن للمبائ والقيم والعواطف الإنسانية ، بهدف نبيل هو قوة إيطاليا ووحدتها ، فيما استباح الترابى كل تلك القيم لهدف شخصى هو أن يبقى دائما فى سدة الحكم ، حتى لو كان ذلك على أشلاء دولة، وأشلاء وطن.

    -------------------

    حسن الترابى .. رحيل مهندس (تمكين) الإخوان فى السودان

    March 12, 2016

    هانى(هانى رسلان)

    حسن الترابى.. رحيل مهندس «تمكين» الإخوان فى السودان

    د. هانى رسلان *

    جاءت وفاة الدكتور حسن الترابى السبت الماضى لكى تمثل مفاجأة صادمة وتترك فراغا كبيرا بالنسبة لأنصاره وخصومه معا، إذ ظل الرجل الذى بلغ الرابعة والثمانين من عمره يمارس واجباته السياسية والاجتماعية وبكل طاقته وحيويته المعتادة إلى وقت متأخر من يوم الجمعة، حيث كان أيضا قد ألقى خطبة الجمعة التى حضرها الرئيس السودانى عمر البشير، ثم أكمل نشاطاته المعتادة.

    وبالنظر إلى التاريخ الطويل للدكتور الترابى وأثره الضخم فى الحياة السياسية والفكرية فى السودان وشخصيته الكارزمية المتوهجة، فإنه مما لا شك فيه أن رحيله سوف يترك آثارا متطاولة، إذ يمكن القول أن الترابى بأفكاره وحركيته السياسية قد صنع زمنه الخاص ودشن حقبة كاملة تطوى اليوم بانتقاله إلى دار البقاء، وسوف تبقى من بعده آثاره الفكرية والسياسية محل درس وتمحيص لفترة طويلة.

    شخصية الترابى وزعامته

    ظل الترابى حتى وفاته من أكثر الشخصيات السودانية إثارة للجدل ما بين مؤيد ومعارض، وظلت شخصيته المحورية تسبب قلقاً لأتباعه بذات القدر الذى تسببه لخصومه، حيث دارت حوله العديد من القصص والأقوال، بعضها له أصل فى الواقع والبعض الآخر من نسج خيال خصومه وأتباعه فى آن واحد، وذلك تحت وطأة هالته الزعامية، حيث يرفعه أنصاره ومؤيدوه إلى مستوى الأسطورة، بينما رأى فيه خصومه شخصاً مخادعاً مراوغاً متلوناً متضخم الذات، ذا طموح لا يحده حد، ولا يبالى فى سبيل تحقيقه بسحق الآخرين، ويتبنى الشيء ونقيضه طبقاً لمقتضى الحال، إذ ليس من الضرورى أن تكون مواقفه المعلنة متطابقة مع موقفه الحقيقى، فقد تكون أهدافه المضمرة مختلفة كل الاختلاف عما يعلنه للناس.

    غير أن الشيء المؤكد هو أن الترابى ظل رقماً لا يستهان به فى السودان منذ أن برز على الساحة السياسية فى ثورة أكتوبر ١٩٦٤، وبدأ مسيرته التى انتهت إلى ما يشبه رقصة الانفعال بعد قرارات الرابع من رمضان (ديسمبر ١٩٩٩)، وبعد أن انقلب عليه تلاميذه وأبعدوه عن الحكم الذى ظل متنفذاً فيه – بمثابة الأب الروحى – لأحد عشر عاماً من عهد نظام الإنقاذ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل زجوا به إلى السجن مرتين فى عامى ٢٠٠٢ و٢٠٠٤. ورغم أن الترابى سبق له أن سُجن عدة سنوات فى عهد نميرى، إلا أنه بالتأكيد لم يخطر له على بال أن يسجن مرة أخرى على أيدى تلاميذه الذين تعهدهم بالرعاية، وشق لهم الصفوف وأبعد الكبار عن طريقهم.

    كان الترابى متحدثا بارعا سريع العارضة، يتسم حديثه بالسخرية والجاذبية فى آن واحد. يخلب بحديثه السامعين وينتمى إلى ذلك النوع من القيادات الجماهيرية التى تسيطر على الجماهير وتحلق بها عاليا، وكانت شخصيته تتسم بالذكاء الحاد والعناد والمثابرة حيث لا يعرف الاستسلام، ويعتبره أنصاره مجدد القرن الحالى وأن سطوع نجمه كان بسبب مؤهلاته الشخصية وجدة أفكاره، ويرون أن مسيرة حياته شكلت سيرة الحركة الإسلامية فى السودان، فهو زعيم الحركة غير المنازع وهو رائدها وملهمها وحادى ركبها.

    كما تمتع الترابى بمميزات الزعامة والثقافة والقدرة العلمية والاستقلال فى الرأى، وهذه صفات تكفل لمن يتمتع بها مكاناً وأثراً بارزين، إلا أنها أكسبته أيضاً خصوماً كثيرين يرون فيه شخصاً انفعالياً سريع الغضب يجب التسليط ولا يقبل الرأى المعارض، وأنه براجماتى يفعل كل شيء ليصل إلى هدفه.. ولا يتوانى عن دهس من يخالفه فى الرأى وهو يبتسم.. وأنه يتصنع كل شيء حتى خفة الروح والدعابة والإصرار على الابتسام، لأن الأصل فى شخصيته هو الجفاف والعناد، وأنه كان يبذل جهداً كبيراً فى الاجتماعات، لكى يحتفظ بهدوئه لأن موقعه كان يتطلب أن يظهر بهذا المظهر.

    كما يرى آخرون بأنه بسبب فرديته وتقلب رأيه السريع لا يطيق الاستمرار أو الصبر معه إلا قلة قليلة ممن يتبنى رأيه ويسلم له، وأنه قد يستطيع التأثير فى الجماهير إلا من كان ذا رأى أو فكر مستقل لا يملك معه إلا الخصومة، الأمر الذى لم يبق حوله إلا من يصغره كثيراً فيجد نفسه بين الصغار زعيماً ورأياً واحداً لا قبيل له.

    مسيرته السياسية

    بدأت مسيرة الترابى السياسية انطلاقا من ثورة أكتوبر ١٩٦٤ الشهيرة فى السودان، كان الترابى الذى ولد فى العام ١٩٣٢ قد عاد لتوه من باريس بعد أنهى دراسته للدكتوراه فى القانون وعمل أستاذا ثم عميدا لكلية القانون بجامعة الخرطوم، وبالنظر لمشاركته البارزة فى ثورة أكتوبر فقد لمع نجمه وأصبح اسمه منذ ذلك الوقت على كل لسان، وبدأت مسيرة الترابى فى الحياة السياسية فى السودان وخارجها ترتبط بالحركة الإسلامية السودانية التى كان قد انضم إليها إبان دراسته فى جامعة الخرطوم فى مطلع الخمسينيات. كانت هذه الحركة حينها مرتبطة إلى حد كبير بنهج جماعة الإخوان المسلمين المصرية، غير أن الترابى اتجه إلى بناء تحالفات جبهوية مع القوى السياسية الأخرى، فنشأت جبهة الميثاق التى كانت تضم مدارس ومشارب متعددة يجمعها اتفاق على الحد الأدنى من المواجهات وأصبح أمينا عاما لها.

    وبدأت قيادة الترابى تفرض نفسها بالتدريج، حتى أصبح اسمه وشخصه يعتبران من قبل أعدائه قبل أصدقائه واحداً من أبرز رموز الإسلام السياسى، بالإضافة إلى كونه أحد أعمدة العمل السياسى فى السودان فى الحكم وفى المعارضة على السواء. وسواء كانت هذه المعارضة سرية أو علنية. وقد تقلب الترابى من معارضة نميرى الذى وصل إلى الحكم فى انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩، إلى المصالحة معه ١٩٧٧ والعمل من داخل نظام نميرى الى أن انتهت هذه العلاقة قبيل سقوط نميرى فى ١٩٨٤ بوقت قصير. ثم جاءت فترة الديمقراطية الثالثة بكل ما حملته معها من تفاعلات صاخبة فى السودان.

    فى كل هذه التطورات ظل حسن الترابى حاضرا فى القلب منها بمثابة العقل المدبر والمخطط الأساسى لها، كما كان ممسكا بزمام الأمور بقوة، ومنحته فترة الديموقراطية الثالثة بريقا إعلاميا، حيث برز كخطيب مفوه ذى قدرات رفيعة فى الجدل والحوار على المستويين الفكرى والسياسى، كما أظهر براعة متميزة فى التعامل مع وسائل الإعلام وطرح نفسه فى المنابر المختلفة باعتباره ناطقا ومعبراً عن حركة إسلامية حديثة تؤمن بالشورى والديمقراطية، وتجعل هذا النهج ملزماً لها فى أطرها التنظيمية كما تنادى به كمبدأ حاكم للتداول على السلطة، وعمل الترابى كذلك على طرح رؤاه التجديدية فى الفكر الإسلامى ووضع المرأة وقام بجولات واسعة فى العالم العربى وأوربا والولايات المتحدة، مستغلا الوهج الإسلامى الناتج عن ظهور حركته كحزب كبير ومؤثر فى الحياة السياسية فى السودان.

    غير أن قيام الترابى بتدبير انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ والذى يعرف إعلاميا فى السودان باسم «ثورة الإنقاذ»، وتأسيس النظام الحالى الذى يقوده الرئيس عمر البشير، أدى إلى اهتزاز صورة ومصداقية الترابى، إذ انقلب على كل مقولاته السابقة فى الأخذ بالديمقراطية والحداثة والتجديد، وأخذ يبرر ذلك بأن الغرب لم يكن ليسمح لـ«حركة الإسلام» بالوصول إلى السلطة، ومما زاد الطين بله أن ممارسات نظام الإنقاذ الذى كان بمثابة رجله القوى الذى يقود من خلف ستار، قد اتسمت بالجنوح إلى العنف والقمع والتعذيب ضد المعارضين فيما عرف بظاهرة «بيوت الأشباح» مع عملية تطهير واسعة فى وظائف الخدمة المدنية لكل من ينتمى إلى توجه سياسى مخالف، بالإضافة إلى سيطرة عضوية الجبهة الإسلامية التى كان يقودها الترابى على كل المواقع المؤثرة فى القضاء والجيش والأجهزة الأمنية والنشاط الاقتصادى. الأمر الذى عرف بعملية «التمكين».

    ومنذ ذلك الوقت أخذ الكثيرون على الترابى داخل السودان وخارجه، لجوءه إلى المناورة والمراوغة والخداع، حيث لجأ إلى الكثير من الألاعيب والمناورات السياسية حين خاض المصالحة مع نميرى وكرر العمل نفسه حين دبر انقلاب الإنقاذ، فأدخل نفسه السجن، ثم بعد ذلك حين اختلف مع انصاره وتلاميذه فى المفاصله الشهيرة عام ٢٠٠٠ إبان خروجه من السلطة صارع الجناح المناوئ له اتسمت بالحدة والاتجاه إلى التشهير والكيد والتحريض. وفى معظم حياته السياسية اعتاد على الكر والفر وكان مسلكه يعكس دائماً سلوك الرجل السياسى الذى يستخدم الحيلة والمناورة ليبلغ أهدافه بأكثر مما يعكس سلوك الرجل الداعية إلى فكر يعتمد على منهج ومثاليات أخلاقية، ولاشك أن نزوع الترابى المتكرر إلى ارتداء الأقنعة وتبديلها قد فتح ثغرة واسعة لخصومه للهجوم عليه كما أثر سلباً على أفكاره والمشروع الذى سعى له، حيث صوره خصومه فى نهاية المطاف بأنه طالب منصب وجاه وليس صاحب قضية، ولو كان قد نأى بنفسه عن الرغبة فى البقاء دائما فى موقع التفرد والتحكم فى توجيه الأحداث لاكتسب مكانة أرفع وأثراً أبقى.

    * د. هانى رسلان – رئيس وحدة السودان وحوض النيل الأسبق بمركز الاهرام للدراسات السياسية

                  

03-13-2016, 03:54 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الطيب مصطفى يضحك على اسحق فضل الله الرومانسى

    الطيب مصطفى يكتب : ماذا دهى اسحق؟! ..كلام هرف به (شيخ) اسحق لا ينبغي أن ينطلي على طفل رضيع ولكن لله في خلقه شؤون.

    الطيب مصطفى يكتب : ماذا دهى اسحق؟! ..كلام هرف به (شيخ) اسحق لا ينبغي أن ينطلي على طفل رضيع ولكن لله في خلقه شؤون.

    كل ذلك الهراء يصدر عن اسحق

    03-13-2016 04:17 PM

    الطيب مصطفى

    ماذا دهى اسحق؟!

    دهشت لما كتبه اسحق فضل الله ولم أصدق عيني في البداية إلى أن أعدت القراءة لأتحقق من الأمر .. فقد جاء اسحق شيئاً إمرا لا ينبغي أن يصدر عن مجنون ناهيك عن أن يكتبه أحد أكبر وأبرز نجوم الكتابة الصحافية في بلادنا.

    زعم اسحق أن المفاصلة بين (الوطني) و(الشعبي)، أو قل بين القصر والمنشية، أو بين البشير والترابي كانت مجرد تمثيلية خادع الترابي بها الناس حتى يخفف من الضغط على الإنقاذ.

    كل ذلك الهراء يصدر عن اسحق حتى يبرر هجومه الكاسح بعد المفاصلة على الشيخ باعتبار أن كتاباته كانت جزءاً من المسرحية والخدعة التي تلاعب بها الترابي على الشعب السوداني طوال تلك السنوات العجاف، بما يعنى أن اسحق لم يكن جاداً أو يصدر عن عداء ووقائع حقيقية في حملته الضارية وغضبته المضرية على الشيخ، وإنما كان جزءاً من الخدعة والمسرحية التي أخرجها الترابي بما يعني أنه عندما سخر قلمه للحرب على الشيخ وحزبه إنما كان يفعل ذلك لإحكام الحبكة في (مسرحية القصر والمنشية)!.

    كلام هرف به (شيخ) اسحق لا ينبغي أن ينطلي على طفل رضيع ولكن لله في خلقه شؤون.

    أعلم يقيناً أن اسحق يعلم يقيناً أن تلك المفاصلة كانت حقيقية، وأنه لم يكن يمثل على الشعب السوداني، كما أن الترابي لم يكن يخدع أو يخادع الناس حين خاض معركة الحريات والتعديلات الدستورية، كما أن من انقلبوا على شيخهم بمذكرة العشرة لم يكونوا يمثلون على الشعب، وأن أحداث الرابع من رمضان التي أعقبتها المفاصلة ومن ثم ذلك الفصل الدامي من الخلاف والصراع الذي قضى فيه بعض أتباع الترابي أكثر من عشر سنوات في سجون الإنقاذ لم تكن سوى حقيقة ماثلة لا يزال رجالها أحياء يرزقون ويعجبون مما يكتب اسحق في حقهم .

    بربكم ماذا دهى اسحق الذي تستهويه الدراما حتى غدا بحديثه الأخير يتخيل نفسه كاتب سيناريو لمسرح كوني يحيل فيه الحياة والأحياء إلى ممثلين في إطار مشاهد مدهشة في مسلسل اللامعقول؟!.

    ماذا دهى اسحق حتى غدا يتفاخر ويتباهي بأنه يكذب أحياناً على قرائه لخدمة أجندته وأهدافه بحجة أن الحرب خدعة كما فعل قبل نحو عامين، ولماذا يقوم اليوم باختلاق كذبته الكبرى الجديدة التي نعلم أنه يحاول الآن تمريرها على الشعب السوداني بل والعالم أجمع؟.

    أكل ذلك لأن أحدهم (زنقه) بسؤال عن كيف يجوز له أن يبكي الشيخ الترابي وقد قال فيه أيام المفاصلة ما لم يقل مالك في الخمر ؟

    لقد عارضنا الترابي بعد المفاصلة في كثير من مواقفه كما عارضنا الإنقاذ وهاجمناها كتابة ولا نجد أدنى حرج اليوم في أن نبكي الشيخ بالدمع السخين بدون أن نضطر إلى الكذب والزعم بأننا كنا نخادع الناس في إطار مسرحية امتدت فصولها لسنوات، وأهم من ذلك بدون أن نجرّم الشيخ الترابي بعد وفاته، ونحط من قدره ونظهره للجميع بمظهر المخادع الكذاب؟.

    يعلم اسحق علم اليقين أن الصراع بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بلغ أوجه وتطاير شرره واشتعلت نيرانه للحد الذي جعل الطرف الآخر يرى قرنق رغم كل أنهار الدماء التي أسالها من قوات ومجاهدي السودان أقرب إليه من الشيخ الترابي الذي بلغ به الغضب والعداء كذلك درجة أن يؤيد محكمة الجنايات الدولية ويطالب الرئيس بتسليم نفسه إليها بل بلغ أخطر من ذلك حين أدلى بتصريحات أخرى أكثر عداء ورغم ذلك كله يخرج علينا اسحق بكذبته التي ما سبقه عليها أحد من العالمين ليقول في بساطة مدهشة أنها كانت مجرد مسرحية.

    لقد رحل الشيخ يا اسحق فبالله عليك ارحمه من أكاذيبك فوالله ما انخرط الرجل في الحوار الجاري الآن إلا لأنه خشي على وطن صرح على رؤوس الأشهاد أنه يخشى من أن يغادر الدنيا قبل أن يطمئن عليه بعد أن رأى الموت والخراب والدمار والتشريد الذي حل بدول كانت آمنة مطمئنة مرزوقة أكثر منا ، معولاً على عهود ضربت أمامه بأن مخرجات الحوار سيلتزم بها وأن بلادنا ستستأنف مسيرة جديدة من الحكم الديمقراطي الراشد بعيداً عن الاحتراب والتغابن الذي هوى بها إلى القاع .

    -----------------

    الترابي مسيرة تلخص ظاهرة الانتهازية السياسية في أبرز وجوهها

    رجل المفارقات بامتياز

    03-13-2016 12:59 AM

    العرب

    عبدالجليل معالي

    رجل المفارقات بامتياز

    تونس - حسن عبدالله الترابي، الذي توفي يوم الخامس من مارس الجاري، هو أكثر من مفكر إسلامي، وهو ليس مجرد زعيم سياسي. هو الجامع – بامتياز – بين السياسي المتقلّب والإسلامي المتمرد على إخوانيته دون قطع حبل الوصال مع الجماعة الأمّ. تلخص مسيرة الترابي ظاهرة الانتهازية السياسية في أبرز وجوهها.

    قراءة سيرة السياسي السوداني حسن الترابي، المولود عام 1932، تفترض الإلمام بالتاريخ المعاصر للسودان، ولا غرابة، فالرجل كان حاضرا أو شاهدا أو فاعلا في جلّ حقبات التاريخ المعاصر للبلد الأفريقي الكبير. إسهامه بالفعل، أو بمعارضة الفعل، كان واضحا منذ ولج الرجل ميدان السياسة متسلحا بزاد فكري ينهل من الأدبيات الإسلامية، واختط لنفسه سيرة، فكرية وسياسية متقلبة: زعيما وسجينا ومفصلا ثابتا في النظام أو في معارضة النظام، مفكرا إخوانيا منضبطا لأفكار الجماعة أو خارجا عنها بـ”اجتهاد” طالما عُدّ انفلاتا من الجماعة وتعاليمها.

    لذلك سنجيز لأنفسنا القول إن الرجل كان اختزالا لتاريخ السودان من جهة، وكان خروجه الفكري عن سرديات الجماعة الإخوانية دليلا على نظر الأخيرة لكونها لا تقبل التفكير خارج صندوقها. النظر إلى الترابي يحتاج إذن مفصل السياسة ومفصل الفكر، على صعوبة الفصل بينهما في سيرة الرجل المكتظة بالتعرّجات والانقلابات حتى على نفسه.

    عندما عاد حسن الترابي، مطلع العام 1964 من الدراسة في باريس، كان السودان موسوما آنذاك ببعدين. الأول هو الوضع السياسي العام في البلاد التي مازالت تكابد من أجل تثبيت نظامها السياسي بعد استقلالها عن الاحتلال البريطاني ومن الاتحاد مع مصر، في الأول من يناير عام 1956، وكان رفع الزعيمين إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد محجوب للعلم السوداني إيذانا بانطلاق الخلافات السياسية حول تدبير شؤون البلد المستقل، الذي كانت تشقه خلافات سياسية عميقة بين الأحزاب القائمة وهي أحزاب تتنوع من الأحزاب الطائفية والصوفية إلى الأحزاب العلمانية وما بينهما من أحزاب قومية وليبرالية. خلافات سياسية عميقة تأكدت مع انقلاب الفريق إبراهيم عبود السريع عام 1958 على حكم إسماعيل الأزهري وتدشين المرحلة العسكرية الأولى في تاريخ السودان المعاصر.

    البعد الثاني الذي كان في انتظار عودة حسن الترابي هو وضع التيارات الإسلامية، والإخوانية أساسا، والذي كان يتراوح بين الارتباط بالحالة الإخوانية في مصر (وفي ذلك اختلاف آخر بين الفرق والتيارات) وبين الركون إلى التجارب الإسلامية والصوفية المحلية.

    مصر والسودان

    بدأ الترابي من الأرض التي يعرفها؛ من مدخل التيارات الإسلامية بدأ يفعل فعله. لا شك أن قرب السودان الجغرافي من مصر، والصلة السياسية والثقافية والحضارية التي تسم البلدين لعبت دورا كبيرا في تأثر السودانيين بالحالة الفكرية والسياسية في القاهرة، وعليه كان منتظرا أن تظهر في السودان أولى فروع جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسّست في العام 1928. وما كان يعزز هذا التصور أن الجماعة الأم حاولت إنشاء فرع لها في السودان، إضافة إلى العدد الكبير من الطلاب السودانيين في الأزهر وفي غيره (كان يسجل حرص العشرات من السودانيين على زيارة المركز العام للجماعة وحضور محاضرة الثلاثاء التي كان حسن البنا يواظب على إلقائها)، حيث أوفدت جماعة الإخوان وفودا عديدة إلى الخرطوم ابتداء من العام 1945، لكن ما كان يعطّل هذا المسعى هو تشتت التيارات الإسلامية وتنافسها على احتكار أو تمثيل الحركة الإخوانية، وهذا لم يمنع من تسجيل انتماء العديد من الشخصيات السودانية لجماعة الإخوان في مصر ولو بشكل فردي (أبرزهم جمال السنهوري الذي التحق بالحركة عام 1940، وصادق عبدالله عبدالماجد الذي انضمّ إليها عام 1946).

    الترابي كان فاعلا أو شاهدا أو مساهما في كل المنعرجات السودانية؛ كان حاسما في صعود عمر حسن البشير في انقلاب 1989 على صهره الصادق المهدي، وكان أيضا مساهما في تأبيد كل صنوف الأزمات التي عرفها السودان

    ظهر أول فرع لجماعة الإخوان المسلمين في السودان في أبريل 1959 بقيادة جمال السنهوري، ومنذ ذلك التاريخ بدأ نشاط الإخوان يظهر في الجامعات السودانية، ثم أقيم أول مؤتمر لتوحيد المجموعات التي تنتمي أو تدّعي الانتماء للإخوان عام 1954 (مؤتمر العيد)، وصوّت المؤتمر على تأسيس جماعة موحدة تتبنى أفكار حسن البنا، وسرعان ما ظهر الانشقاق الأول بقيادة بابكر كرار (زعيم حركة التحرير الإسلامي التي كانت ترفض الانضمام إلى الإخوان المسلمين وتتشبث بسودانية الحركة وبالاشتراكية الإسلامية)، لكن المؤتمر أقرّ تسمية الحركة رسميا باسم الإخوان المسلمين وانتخب لها قيادة على رأسها محمد خير عبدالقادر أمينا عاما. ظلت الحركة أسيرة التجاذبات والخلافات والانشقاقات، طيلة عقد كامل إلى أن عاد الترابي من باريس عام 1964.

    كانت عودة الترابي إلى السودان متزامنة مع هذا المناخ المتلبّد على واجهتيْن: الواجهة السياسية المركبة منذ الاستقلال، وواجهة الوضع الذي كانت تعيشه التيارات الإسلامية. وبسرعة طرح الترابي فكرة إنشاء جبهة إسلامية عريضة تتجاوز مسألة الخلاف حول عضوية حركة الإخوان المسلمين، فأنشأ “جبهة الميثاق الإسلامي” التي حاول عبرها أن يمسك بالعصا من وسطها، وأن يطوّق الخلاف القديم حول الانتساب للإخوان من عدمه بأن يجعل جبهته مفتوحة على المنتمين للإخوان وعلى شخصيات وحركات أخرى تؤيد البرنامج المشترك الداعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، إضافة إلى الحفاظ على الحريات، ودعم العدالة الاجتماعية، فكانت جبهة حسن الترابي “شعرة معاوية” استطاع من خلالها بناء تيار إسلامي عريض وأبان من خلالها أيضا عن دهائه السياسي المبكّر.

    خلافات داخل حركة الترابي

    لكن “حيلة” الترابي لم تستمر طويلا إذ سرعان ما دبّت الخلافات داخل جبهة الميثاق الإسلامي، رغم نجاحها المحدود في انتخابات العام 1965 بحصولها على 7 مقاعد في البرلمان السوداني، وعادت الخلافات انطلاقا من العام 1968 إلى البروز بين تيارين، الأول عرف بـ”تيار التربية” وهو تيار وفيّ لنهج جماعة الإخوان التقليدي من حيث الصرامة في العضوية والتركيز على تزكية الأعضاء، والثاني هو التيار السياسي الذي سعى إلى البحث عن المزيد من الأنصار والمنخرطين وإلى التركيز على النتائج.

    وكان الترابي من أنصار المدرسة السياسية دون القطع مع الانتماء لجماعة الإخوان. فشل سعي أنصار تيار الترابية إلى عزل الترابي وتواصل الخلاف بين التيارين إلى حدود انقلاب جعفر النميري في مايو 1969، وهو الحدث الذي جاء بحكم يساري أبدى عداءه للإسلاميين، وهو ما أجّل الخلافات الإسلامية وتفرّغت التيارات الإسلامية إلى خصومتها مع حكم النميري قبل أن تعقد معه صفقة مصالحة وطنية في العام 1977 وتشارك بمقتضاها في السلطة.

    صفقة أدّت إلى طلاق جديد داخل حركة الترابي، وانشقت عام 1980 حركة جديدة أطلقت على نفسها حركة الإخوان المسلمين وانضمت بسرعة إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو قرار طالما عارضه حسن الترابي، الذي كان يرفض الانضمام إلى التنظيم الدولي وكان يطرح بدائل أخرى مثل إنشاء أجهزة تنسيقية دولية للحركات الإسلامية لا تقتصر على الدول العربية بل يمكن أن تنفتح على التجارب الباكستانية والماليزية والتركية وغيرها، (بدائل توصف بالفضفاضة من قبل معارضيه الإخوان) من قبيل “الجبهة الإسلامية القومية” التي عقدت اجتماعها الأول في الخرطوم عام 1988، وهو تنظيم وصف بـ”تنظيم الضّرار” من قبل صحيفة كويتية، كان الترابي يدافع عن فكرته بأن الهيكل الذي أنشأه لا ينافس التنظيم الدولي للإخوان بل يكمّله لأنه يجمع الحركات غير العربية. هل كان الترابي حريصا على إبقاء “الدرجة الصفر من العلاقة” مع الإخوان؟

    وهل كان يسعى إلى التمايز عنهم دون أن يقطع الصلة تماما؟ الواضح أن إصراره على إنشاء هياكل تخرج عن التصور “الأممي” الإخواني، تواصل مع إنشاء هيكله الجديد، “المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي” عام 1991 والذي شهد للمفارقة حضور العشرات من الحركات الإسلامية من البوسنة إلى أفغانستان، مع العشرات من الحركات الراديكالية اليسارية (الحزب الشيوعي اليمني) وحزب البعث العراقي وفصائل فلسطينية، فضلا عن مزيج غريب من الشخصيات: ياسر عرفات وجورج حبش ونايف حواتمة وقلب الدين حكمتيار وأبو نضال وفتحي الشقاقي أمين عام حركة الجهاد الإسلامي وعبدالمجيد الزنداني ويوسف القرضاوي وأيمن الظواهري، ومرشد الإخوان مهدي عاكف وعماد مغنية (حزب الله) ولم تستبعد بعض المصادر حضور أسامة بن لادن، الذي كان مقيما آنذاك في السودان، في المؤتمر.

    جماعة الإخوان المسلمين عاملت الترابي بمثل مكره أو بأحسن منه: التنظيم الدولي للإخوان المسلمين احتضن الجناح السوداني المنشقّ عن حسن الترابي بقيادة صادق عبدالله بل تبنّى المؤاخذات التي كان يسوّقها الأخير على الترابي، وفي الآن نفسه، حرصت العناصر الشبابية في الحركة الأمّ على تغيير موقفها من الترابي بأن رأت في نجاح الحركة السودانية (داخليا بأن فرض على النميري تطبيق الشريعة الإسلامية منذ 1983 وخارجيا بنجاحه في مد الأواصر بين التنظيمات الإسلامية وغيرها من التيارات) دليلا على مرونتها وقرينة على ركود بقية الحركات الإخوانية، في حين حرصت حركة الاتجاه الإسلامي في تونس (آنذاك) وحركة الشباب المسلم في ماليزيا على الاعتراف بحركة الترابي مع الإبقاء على عضويتها في التنظيم الدولي. فهل كانت جماعة الإخوان تناور مع الترابي بنفس سلاحه؟

    الترابي طرح فكرة إنشاء جبهة إسلامية عريضة تتجاوز مسألة الخلاف حول عضوية حركة الإخوان المسلمين، فأنشأ "جبهة الميثاق الإسلامي" التي حاول عبرها أن يمسك بالعصا من وسطها، وأن يطوق الخلاف القديم حول الانتساب للإخوان من عدمه

    الترابي المفكر

    الترابي المفكر لم يكن أقل ضجيجا من الترابي السياسي، ولم يكن أيضا أقل مشاغبة للحركات الإخوانية. الاطلاع على سجلّ مؤلفات حسن الترابي مثل “ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية”، و”المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع″، و”تجديد الدين”، و”التفسير التوحيدي”، و”منهجية التشريع، و”السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع″ وغيرها، كفيل بتبيّن جرعة الجرأة عند الترابي المفكر، الذي أنتج رؤى فقهية ودينية أثارت سيلا من النقد وحرّكت المياه الآسنة في أدبيات التيارات الإسلامية، ولئن لم يخرج الترابي كثيرا عن المدوّنة الإسلامية وحتى الإخوانية، إلا أنه أثار الجدل بـ”فتاوى” مثل جواز زواج المسلمة من أهل الكتاب، وجواز إمامة المرأة للرجل في الصلاة، ورأيه في عدم وجوب ارتداء المرأة للحجاب، كما رفضه ومحاربته لختان البنات. مواقف ورؤى فقهية جعلت عتاة الإخوان السودانيين يكيلون له الانتقادات وحتى الشتائم، وسمحت للسلفيين باعتباره “مرتدا”.

    رجل المفارقات

    المثير في شخصية حسن الترابي هو أنّه كلما ازداد الاطلاع على سيرته كلما زادت الشخصية التباسا، وهو رجل المفارقات بامتياز، الإخواني المتملّص من صرامة الجماعة وتراتبيّتها وهياكلها وتنظيمها مع حرص دقيق على عدم قطع الصلة معها، وكان سعي الجماعة إلى ترويضه بنقده أو مغازلته أو البحث عن استمالته، مفضيا في الغالب إلى أنه أثّر في العديد من القيادات الإخوانية وليس العكس. هو الرجل الأسرع انتقالا بين السجن والمناصب السياسية، هو الوزير في العديد من المناسبات.

    في 1979 كان رئيسا للّجنة البرلمانية المكلفة بمراجعة القوانين من أجل أسلمتها ثم عيّن وزيرا للعدل، وفي 1988 أصبح نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية في حكومة صهره الصادق المهدي، وفي العام 1996 أصبح رئيسا للبرلمان السوداني، وهو أيضا السجين في العديد من المرات أيضا، أودع السجن 3 مرات في عهد النميري وحده، ثم سجن عام 2002 على خلفية توقيعه اتفاقا في جنيف مع حركة جون قرنق الانفصالية.

    كان الترابي فاعلا أو شاهدا أو مساهما في كل المنعرجات السودانية؛ كان حاسما في صعود عمر حسن البشير في انقلاب 1989 على صهره الصادق المهدي، وكان أيضا مساهما في تأبيد كل صنوف الأزمات التي عرفها السودان: أزمة بناء الدولة، وأزمة بناء الهوية، وأزمة الشرعية السياسية، وأزمة المواطنة. كان الترابي أيضا عبر تحالفاته الفجئية المباغتة حاسما في التسريع في انفصال جنوب السودان، وفي عزلة السودان العربية عبر مواقفه من القضايا الكبرى في المنطقة (حرب الخليج وأفغانستان وإيوائه لأسامة بن لادن فضلا عن تسليم إليتش راميرز سانشيز المعروف بـ”كارلوس” لفرنسا) وهي صفقة قال عنها الأخير “السلطات السودانية طلبت منّي بالفعل مغادرة البلاد لأسباب أمنية، وكان ذلك في ربيع 1994. وأنا لم أرفض مغادرة السودان بل رفضت فقط التجاوب مع فخٍّ أراد أن ينصبه لي الترابي والبشير، وعلمت به بفضل بعض المتعاطفين معي من داخل النظام في الخرطوم”.

    لا يكفي الحيز المحدود لاستعراض “مآثر” الترابي أو “مثالبه” على أن المآثر (عند البعض) أو المثالب (عند البعض الآخر) هي جميعها تقلبات سياسية أثبت الرجل من خلالها براغماتيته المفرطة: لا يضيره أن يتحالف مع الشيوعي ضد الإسلامي، ولا يهمه أن ينقلب على صهره وحليفه السابق ويأتي بعسكري بهوى إسلامي لينقلب عليه بدوره، ولا يفوته أن يذهب بعيدا في “التجديد” مع الحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية. هو إخواني إلى حدّ يحدّده بنفسه، وهو إسلامي بنفس مصالحي ذرائعي قد يؤدي به إلى التناقض مع نفسه، وهو سياسي يفضّل النجاعة على القيم.

    تبقى أهمية مؤلفات الترابي أكثر جدوى من استعراض سيرته الطويلة، والخلاصة أن الترابي هو السودان المعاصر بكل ما شهده من أطوار.

    عبدالجليل معالي

                  

03-13-2016, 04:41 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    عصام البشير: الخلاف الفكري لا يعني سب الأموات

    قطع خطيب مسجد النور رئيس مجمع الفقة الإسلامي د. عصام أحمد البشير بأن الخلاف الذي يقع بين المسلمين هو سنة من سنن الحياة، و أكد أن الخلاف الفكري والمنهجي بين المسلمين لا يعني تجريح الأشخاص أو الاتهام في النيات والمقاصد وسب الأموات من أصحاب الأفكار، وإنما الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، وأضاف» هذا هو المنهج النبوي والرباني الذي يدعو لإدارة الخلاف بالحكمة والعقلانية وحوار الأفكار. وقال البشير في تعقيبه على خطبة الداعية الإسلامي طارق السويدان بمسجد النور أمس، قال إن المفكر الإسلامي والأمين العام للمؤتمر الشعبي الراحل د. حسن الترابي طرح أفكاراً خالفه فيها عدد من العلماء ورد عليهم في حياته،

    وأضاف» لكن من غير المقبول ولا المروءة ولا الشرع أن يتم التناول في بعض وسائل التواصل الاجتماعي والوقوع في براثن التكفير والقول بعدم الدعاء له بالرحمة والمغفرة»، مشيراً إلى أن هناك أناساً يقومون بتجديد القضايا الخلافية، وزاد البشير «قال الرسول صلى الله عليه وسلم «يأتيكم عكرمة فلا تسبوا أباه فإنه يؤذي الحي ولا يبلغ الميت»، وهذا في شأن أبي جهل الكافر، فكيف بشخص كانت له جهود في الفكر والسياسة اختلف الناس حولها أو اجتمعوا عليه فهو يستحق الدعاء»، وتابع «هنالك أشخاص نسبوا بعض الأحاديث للشيخ عبد الحي يوسف زوراً وبهتاناً، وهو لم يصدر منه أي تصريح في هذه المسألة، وهنالك فئة تعمل على تمزيق الأمة الإسلامية، يحدث الاختلاف حول الأفكار والآراء ولا يوجد إنسان معصوم إلا الرسول الكريم عليه السلام ويجب أن لا نسب الآخرين، لأننا نهينا عن اللعن».

                  

03-13-2016, 04:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    تأبين أسطوري لـ"الترابي".. عهود تتجدد وآمال في جمع الصف تتمدد

    09/03/2016 19:33:00

    المجهر

    زينته ثناءات (أنصار السنّة) و(الإخوان) ودعوات العدل والمساواة

    الخرطوم- عقيل أحمد ناعم

    الآلاف من الرجال والنساء كانت تغص بهم الساحة الشاسعة أمام السرادق مترامي الأطراف، جاءوا يحملون أحزانهم.. وذكرياتهم.. بل وأحلامهم في حياةٍ ممتدة لأفكار ومشاريع رجل ملأ الدنيا وشغل الناس.. أمس الأول تداعى إخوان وتلاميذ وأحباب، بل وبعض من هم في خانة الخصوم للشيخ المجدد د. "حسن الترابي"، لتأبينه والإعلان عن بداية عهد جديد يغيب فيه (الشيخ) بجسده وتحضر أفكاره وآماله في وحدة صفٍ لأوسع قطاع من قوى البلاد تتعدى الإسلاميين إلى غيرهم، لتنفتح كُوةٌ من ضوء لإكمال ما بدأه (الشيخ)- ما كان الناس يظنون انفتاحها- وممثل الجماعة السلفية الأكبر في البلاد (أنصار السنّة المحمدية) يفاجئ الحضور بحديث عن "الترابي" وحياته أثلج الصدور وأفاض الدموع واستحث التكبير والتهليل وهو يدعو لجمع الصف المسلم بالبلاد، وهو بارقة أمل، اتسق مع ما صدر عن جميع المتحدثين حتى حملة السلاح منهم.

    { الإخوان.. هل يكونون الأقرب؟

    يكاد أن يكون إسلاميو السودان صادرين عن مشكاة واحدة رغم أشكال التباين والتخاصم أحياناً، والأقرب لبعضهم هم أصحاب المرجعية الإخوانية، ولا أدل على ذلك من الزيارة الشهيرة للدكتور "الترابي" قبل وفاته بوقت قصير إلى المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بضاحية "العمارات" في إطار سعيه للتقريب بين القوى الإسلامية في إطار مشروعه الكبير لجمع الصف الوطني، وهو ما عبر عنه القيادي بالجماعة الباشمهندس "الصادق أبو شورة" في كلمته أمام حشود التأبين مذكراً الجميع بأن "الترابي" كان مهموماً بوحدة الإسلاميين ووحدة كل قوى البلاد وقال: (يجب أن نسعى لإكمال هذا المشروع)، ومضى إلى المناداة بضرورة إيصال قضية الحوار الوطني- التي كانت واحدة من أولويات "الترابي"- إلى نهاياتها، ولم ينس "أبو شورة" أن يدبج المدح لزعيم الإسلاميين واصفاً إياه بأنه قائد وزعيم بكل معاني الزعامة والقيادة، وأشاد بما وصفه بأنه "الانتقال السلس" لقيادة المؤتمر الشعبي إلى الشيخ "إبراهيم السنوسي" بما يدل على تناغم قيادة الحزب. ويبدو منذ فترة أن إخوان السودان ومنذ الموقف القوي لـ"الترابي" وحزبه ضد الانقلاب على أول رئيس مصري منتخب والمنتمي لجماعة الإخوان د. "محمد مرسي" وما تبعه من قمع للجماعة، أصبحوا أميل للالتقاء مع الحركة الإسلامية السودانية التي يتزعمها "الترابي"، بالنظر إلى أنه ليست هناك أية خلافات فكرية تمنع هذا التقارب.

    { أنصار السنّة.. ليسوا سواء

    غير خافٍ ما بين كثير من الجماعات السلفية و"الترابي" من خلاف حول أفكاره التجديدية التي كان جريئاً في طرحها دون مواراة أو وجل، ما دفع بعضهم بتطرفٍ وغلو مفرط لإخراج الرجل من حظيرة الدين. لكن بالأمس ارتسم على مسرح هذه العلاقة مشهد مختلف أكثر وعياً وتفهماً لوُسع هذا الدين، بل وأكثر تبشيراً بإمكانية ما ظنه الناس مستحيلاً من خلق مشتركات ونقاط التقاء بين الإسلام الحركي ونظيره السلفي، فممثل جماعة أنصار السنّة المحمدية الذي خاطب التأبين انتزع الدهشة من وجوه الجميع وكساها بالبشر والأمل وهو يرسل في حق "الترابي" شهادةً تكاد أن تكون الأولى من نوعها تصدر عن جماعة سلفية، فالرجل لم يستنكف أن يصف "الترابي" بأنه ظاهرة إسلامية نادراً ما تتكرر وأنه القائد الفذ والمميز والمفكر الذي انبرى لقيادة الأمة وهو في الثانية والثلاثين من عمره وقال: (أتى "الترابي" حين كان الناس يحتاجون لقائد يجمع صفهم ويوحد كلمتهم)، وأعلن على الملأ وفي اعتراف نادر أن "الترابي" له الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في الإعلان بدين الله في منابر لم يعتد الناس أن يتم الجهر فيها بالإسلام، ومضى الإقرار إلى القول: (صرحنا في الجامعات باسم الإسلام ولكننا للحقيقة وجدنا أمامنا مساجد تدعو للإسلام ونقاشات في الدين اتفقنا أو اختلفنا معها لكنها كانت عصفاً ذهنياً أفضى لتمدد مؤسسات العلم لتخرِّج علماء ودعاة للإسلام). ونبه "ياسر محمد الحسن" إلى أن "الترابي" تحمل عبء وجريرة إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية في العام 1983م بكل كدٍ وصمود، وذهب إلى ما يبدو أنه واحد من المشتركات بين الجماعات الإسلامية التي لـ"الترابي" فيها فضل بائن وكعب عالٍ وهو الموقف من انتشار العلمانية في السودان، إذ قال ممثل أنصار السنّة: (لقد تحمل "الترابي" عبء إماتة أعتى أبواب الكفر متمثلة في العلمانية وغيرها)، وأضاف: (لازال أهل الضلالة يحملونه المسؤولية لكننا نعتبرها شرفاً له).

    بعدها نفذ ممثل الجماعة السلفية الأكبر بالبلاد إلى نقطة مركزية في هذا التوقيت أدمت حناجر الحضور بالتكبير والتهليل وهو يرسل دعوته ورجاءاته لمن سماهم قادة العمل الإسلامي بالسودان لتوحيد الصفوف وتبادل الأدوار، وتمنى عليهم أن يدعوا الشجار والخلاف بينهم وأن يسد كلٌ منهم ثغرةً من ثغرات الإسلام، ومضى الرجل لمسيرة الحوار عادّاً (الفاجعة) والرحيل المفاجئ لـ"الترابي" تحدياً للحكومة والمعارضة في إكمال مشروع الحوار، وصرّح الرجل بأفكار متقدمة حول حكمة رحيل كاريزما الرجل الواحد وقال: (أخذ الله كاريزما الرجل الواحد حتى يتحمل الناس من بعده المسؤولية).

    { تناسي الماضي والجراح ورسائل لـ"البشير"

    إجماع بين متحدثي الشعبي والوطني على النظر للمستقبل وترك الماضي وراء ظهورهم، وهو حديث يكتسب أهميته من أن أحد قائليه هو القيادي الشعبي د. "علي الحاج" الذي قضى أكثر من عقد من الزمان في منفاه بألمانيا مغاضباً ومناوئاً لنظام الإنقاذ، فقد أعلن "الحاج" على الحضور تركه الماضي وراء ظهره وتناسي كل ما بينه وبين حاكم أو محكوم وقال: (هذه رسالتي أتيت لأقولها لكم بأن يتجاوز الجميع هذه المرحلة وهذه المشاكل)، وهو الأمر الذي تجاوب معه الحضور بالتكبير والتهليل، بل وتجاوب معه الأمين السياسي للمؤتمر الوطني "حامد ممتاز" وهو يعتلي المنصة معلناً تجاوز حزبه (الجراحات والصراع على السلطة)، مطالباً كل القوى السياسية بالإقبال على الحوار حول قضايا السودان، مؤكداً استعداد المؤتمر الوطني لتنفيذ كل مخرجات الحوار. إلا أن د. "علي الحاج" أشار إلى أن ما توصل إليه الحوار لا زال ناقصاً وعدّها مسؤولية الرئيس "البشير" في إكماله وقال" (أدعو الرئيس بحكم المسؤولية والعلاقة لإكمال ما تبقى من الحوار)، مشيراً إلى أن هناك أذناً صاغية للحوار من الجميع، ولفت إلى أنه تلقى رسالة تعزية من الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال "ياسر عرمان"، بجانب مخاطبة رئيس الجبهة الثورية "جبريل إبراهيم" لبرنامج التأبين، وقال: (هذه دلالات يجب أن نغتنمها حتى تمضي البلاد لمصير خير)، مؤكداً أن هذا الخير سيأتي من السودانيين أنفسهم وليس من الخارج.

    { "جبريل".. استيصاء بأمانة وأمنيات "الترابي"

    بقي الناس مشدودين ومقدم البرنامج القيادي بالشعبي "أبو بكر عبد الرازق" يعلن أن رئيس حركة العدل والمساواة- إحدى أكبر حركات دارفور المسلحة- سيخاطب الحضور عبر الهاتف، وبالفعل جاء صوت الرجل وبدا متأثراً لفراق شيخه السابق وترحّم عليه عادّاً رحيله نبأ عظيماً حتى على من تمنوا ذهابه لأنه رقم يصعب تجاوزه في كل العالم، مؤكداً أن فراغه لن يملأه محبٌ أو كاره باعتباره شخصية فريدة جمعت بين الإيمان والعمل والتوكل والإقدام، وسعت لتوحيد القرآن والسلطان في زمانٍ سلّم فيه الناس بأنه ليس لله نصيب في ما عند قيصر، مشيراً إلى أنه نذر كل حياته لرسالته التي آمن بها وقال: ("الترابي" ترك إرثاً في علم الدين والدنيا وتجربة تنظيمية عظيمة تجعل كل من يحاول أن يجاريه يجد عنتاً في تحقيق معشار ما أنجز). ونبه "جبريل" الحضور إلى أن "الترابي" ترك أمانة ثقيلة تنوء بحملها الجبال الرواسي وأمنية عظيمة متمثلة في لم شعث السودان وتحقيق وحدته وقال: (يجب على الموفين بالعهود تحقيق هذه الأمنية الأخيرة وهذا الهدف).

    -----------------------

                  

03-14-2016, 05:15 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    رحيل الأسرار : بين فضائين - حسن الترابى

    ( 1 فبراير 1932- 5 مارس 2016) نموذجاً ..

    بقلم: فيصل الباقر

    بتاريخ: 14 آذار/مارس 2016

    أبدأ كلامى وحديثى - وهو مكتوب - وعنوانه (( رحيل الأسرار : بين فضائين - حسن الترابى ( 1 فبراير 1932- 5 مارس 2016) نموذجاً )) ، بأنّه محاولة صحفية، تنبُع من تتبُّع عاجل وسريع على طريقة المسح الضوئى لدور الصحافة والصحفيين فى نقل الأخبار، وفتح المجال لتصبح الصحافة " منصّات إعلامية " حُرّة لعرض وعكس ونشر الرأى والرأى الأخر، وتوثيق الأحداث الصُغرى والكُبرى على هُدى القاعدة الصحفية " الخبر مُقدّس والرأى حُر "، و دور الصحافة والأفراد والجماعات فى ممارسة حقّهم فى التعبير، والإمتناع فى ذات الوقت عن ممارسة الدعوة للكراهية والعنف والتطرُّف، وفى مُقاومة خطاب الكراهية، أرجو مراجعة تعريف مُصطلح " خطاب الكراهية " " . وبإختصار كيف للصحفيين والكُتّاب الصحفيين والكُتّاب، والقادة السياسيين والمُجتمعيين والدينيين، وغيرهم، والجمهور بصورة عامّة، الإنتباه للمعايير المطلوبة فى التعبير عن حرية التعبيرو الرأى وإحترام الخصوصية ؟.

    لا شك أنّ حديثى اليوم مبعثه ومبتغاه تذكير النفس والآخرين، ونحن فى مقام الموت وأخذ العبرة والإعتبار، بضرورة التمييز بين نقد الشخصيات العامّة ، والتعريض بها، والتفريق بين حريّة الرأى والتعبير، وعدم الوقوع فى فخاخ ممارسة خطاب الكراهية، والإساءة والتجريح.

    منذ أن رحل الدكتور حسن الترابى، فى مساء يوم 5 مارس 2016، لاحظنا أنّ خبر وفاته، حظى بتغطية خبرية صحفية محلية وعالمية، عالية، وبما أنّ الدكتور حسن الترابى، شخصيّة عامّة، لعبت أدواراً على مستوى السياسة والفكر والأحداث فى السودان، فى أزمنة مختلفة، كان من الطبيعى، والضرورى، أن يحتل خبر وفاته مساحة كُبرى فى الصحافة الرسمية والجديدة، والبديلة، و الميديا الإجتماعية، بوسائطها المختلفة، فقد ظلّ الدكتور الترابى، طيلة حياته السياسية فى قلب الأحداث والاخبار، وبقى إسمه مرتبطاً دوماً، بجدلٍ ساخنٍ وكثيف، ومصدر كُل ذلك، الآراء الداوية والجريئة التى يُطلقها، والمواقف ليست المألوفة التى يتّخذها، وبلا شك فإنّ مثل هذه الشخصيات - المثيرة للجدل- تكسب أعداء وخصوم، بقدرما تكسب، أصقاء ومُحبّين، ومن حق الناس فى / ومن المعسكرين، أوخارجهما التعبير عن آرائهم ، ولكن وفق المعايير المعروفة، ومُراعاة مشروعية الإختلاف.

    حديثى عن وفاة الدكتور حسن الترابى، فى هذا اليوم ، سيكون موجّهاً فى فضائين، خاص وعام، فى الخاص، واجب التوجُّه لأسرته وعائلته الصغيرة، من زوجة وأبناء وبنات، و أحفاد، وعائلة ممتدّة، بأصدق التعازى والمواساة فى فقدهم الجلل، ولا أجد غضاضة أو حرجاً - هُنا، كما فى أىّ مكانٍ آخر- - فى أن أخُص بالعزاء تلاميذه وعارفى فضله، وزملائه فى الفكر والسياسة، والتنظيم السياسى، ومن بينهم من جمعتنى بهم مواقف كثيرة فى الشان العام، فى " سرّاء " الديمقراطيات، و" ضرّاء " أزمنة الحُكم الشمولى، وهُناك " أيّام لها إيقاع " وبخاصة ، فى الظروف الصعبة، وعلى سبيل المثال- لا الحصر- كان لى رفقة مع زملاء المُعتقل " أبناء سجنتى " فى زنازين الأمن بسجن كوبر، حتماً ، ما يُعرف فى التاريخ السياسى السودانى بـ( المُفاصلة)- " وملح وملاح "، فقد قابلت فى زنازين الأمن بكوبر، فى واحدةٍ من تلك الأيام، الأخ تاج الدين بانقا - وهو مدير مكتب الترابى حالياً- وبعد خروجنا من ضيق الزنازين، وصُحبة فئران السجن، إلى رحاب وإتّساع قسم العتقلين السياسيين بكوبر، زاملنا هناك لفترة من الزمان، " شعبيين" منهم، حسن ساتى، موسى المك كور، بشير آدم رحمة، وغيرهم، وكان معنا فى تلك الفترة، معتقلين من أبناء دارفور، وشرق السودان، وبعض معتقلين من دول الجوار السودانى.

    فى الخاص والعام، تعرّفت على الأخ والإنسان الخلوق صديق حسن عبدالله الترابى، بالتحديد، بواقع الجيرة الجغرافية، ثُمّ تطوّرت العلاقة وتمتّنت بيننا، فى فضاء الشأن العام، حينما كان يمدّنى بقوائم و أوضاع وحالة المعتقلين السياسيين من حزبه، بوصفى صحفياً يُمكن الوثوق فيه، و ناشطاً فى حركة حقوق الإنسان، وهناك آخرين وأُخريات قابلتهم فى الشأن العام، بُحكم عملى فى الصحافة وحقوق الإنسان، منذ أيّام صحافة الديمقراطية الثانية، حيث كنت أعمل فى جريدة ( الميدان ) وكان لى زملاء مهنة فى ( الراية)، وبلا شك تطوّرت علاقة الزمالة مع البعض، لتصبح صداقة، ممتدة حتّى يومنا هذا، وعليه، فهؤلاء، وأولئك يُحتّم الواجب الإنسانى، مواساتهم، فى فقدهم، وأن أقرأ معهم على روحه الفاتحة.

    أشرت من قبل للقاعدة الذهبة " الخبر مُقدّس والرأى حُر" ، وعليه، لا أرى مانعاً فى أن أقوم بواجبى المهنى، فى نقل الأخبار، وفى ذات الوقت، أن أصدع بالرأى إتفاقاً كان أو إختلافاً مع أفكار وآراء ومواقف السياسى، حسن الترابى، وفى البال، أنّ فى كُل ما كُتب، وما قيل وما سيُقال، هناك أسرار، حتماً رحل صاحبها، قبل أو دون أن يُحدّث عنها، وهذا هو دور الصحافة، ودور تلاميذ الدكتور الترابى، فى وضع الكثير من الحروف فى الزوايا التى تُركت برحيل صاحبها فى العتمة، مازالت تحتاج لإضاءات ، وهذا الأمر يتّسع ليشمل كل القادة السياسيين من جيل الترابى، فمنهم - حتماً- من رحل بأسرار، الواجب أن يعرفها الرأى العام، وهذا هو المطلوب.

    فيصل الباقر

    نيروبى – 13 مارس 20

    ملحوظة : أُلقيت هذه الكلمة فى حفل حفل تأبين أقامته مجموعة من السودانيين بكينيا، فى فندق لايكو- ريجنسى/نيروبى يوم 13الأحد مارس 2016.

    --------------------------

    المشهد بعد الترابي "

    احمد يوسف التاى

    ليس سهلاً التنبؤ بمآلات الأوضاع على صعيد المشهد السياسي عموماً، وعلى صعيد حزب المؤتمر الشعبي خصوصاً، بعد رحيل زعيمه الدكتور حسن الترابي، وذلك لتقلبات الأحداث السياسية وعدم ثبات وصدقية المواقف بشأنها.

    قد يجد المحلل السياسي حالياً صعوبة في قراءة حدث معين والتنبؤ بمآلاته، وقراءة ما بين سطوره للتكهن بما يحدث غداً استناداً على مواقف مبدئية ثابتة، أو متغيرة، ولعل مكمن الصعوبة في أن غالبية المواقف السياسية التي يبنى عليها التحليل أصبحت رخوة تعاني الهشاشة، أو أنها "زئبقية" لا تستقر على حال، أو "حربائية" سريعة التلّون والتحوّل وليس لها منطلقات أساسية أو أنها مزيفة وغير صادقة تعبر عن انتهازية سياسية أو أنها مواقف مرحلية مؤقتة أو تاكتيكية.

    وبما أن التنبؤات ترتكز على قراءة المواقف السياسية وتحليلها، فإنها لن تكون دقيقة بما يكفي، ولن تشبع نهماً، إذا ما أسست على مواقف "مزيفة" وغير حقيقية، كمن أسس بنياناً على أرض غير "ثابتة"، مما سيضطره إلى هدمه بعد اكتشاف أن الأرضية التي أقام عليها بنيانه غير صالحة.

    وبناءً على المعطيات أعلاه، يمكن القول إن الاضطرابات التي تعاني منها الساحة السياسة والتي تؤدي إلى إخفاء المواقف الحقيقية وإظهار خلافها وتقديم المواقف التاكتيكية على الاستراتيجية هو من أبرز الأسباب التي تجعل مهمة التحليل والقراءة والتنبؤ بمآلات الأحداث من أصعب المهام ليس على الكاتب الصحافي وحسب بل على السياسي المحترف نفسه.

    قطعاً ليس هذا تبريراً أو هروباً من مهمة التحليل ومحاولة التنبؤ بما يمكن أن يحدث في الساحة في مقبل الأيام، ولكنها حقيقة معاشة.

    وتأسيساً على كل ما سبق، نقول إن إسقاط حادثة رحيل الترابي على المسرح السياسي السوداني، وتأثيرها عليه وعلى الصعيد الداخلي للحزب، لا تخرج من جملة ما سبقت الإشارة إليه، ووفقاً للبيانات والمعلومات المتاحة فإن غياب الترابي عن المؤتمر الشعبي ستنطوي عليه جملة من السيناريوهات التي يتوقع حدوثها والتي تتراءى على النحو التالي:

    1- وجود الترابي بكاريزميته المعروفة في الحزب ووزنه السياسي وثقله الجماهيري وشخصيته الطاغية ومهابته، كان يمثل عنصر وحدة للحزب، وغياب هذا العنصر سيفتح الباب واسعاً للانقسامات والتشرذم على المستويين السياسي الجهوي وربما القبلي داخل الحزب.

    2- غياب الترابي عن ساحة الحزب سيفتح شهية الكثيرين للتطلع لقيادة الحزب، وملء الفراغ السياسي والروحي الذي تركه الشيخ، على نحو يشعل أوار الصراع على القيادة.

    3- بغياب الترابي يتوقع أن تنشط بعض قيادات الوطني لاستقطاب "إخوان" الأمس وإقناعهم بالتوحد، تحت تأثير العاطفة والزعم بأن مشروع الوحدة قد بدأه الترابي نفسه ولابد من إكماله ليكون ذلك وفاءً له.

    4- بعد رحيل الترابي يتوقع أن يتحول المؤتمر الشعبي إلى بؤرة ساخنة للاستقطاب العاطفي من قبل تياري الحكومة المتصارعين سراً - العسكري والمدني- ويحاول أي معسكر الاستقواء بـ "الشعبيين " في إطار الصراع المكتوم داخل "الوطني" وضمهم إليه، وقطعاً فإنهم - أي الشعبيين بعد الترابي سيجدون أنفسهم أقرب إلى "الميري" بعكس زعيمهم الراحل لاعتبارات كثيرة يمكن الحديث عنها لاحقاً.

    5- وفي نهاية المطاف ربما يحدث توحد بين الحزبين ذوي المرجعية الواحدة، أو يظل "الشعبي" حزباً موالياً مثله وبقية الأحزاب الصغيرة التي اصطلح على تسميتها أحزاب "الفكة". نواصل غداً بإذن الله.

    أشرنا أمس إلى "5"سيناريوهات محتمل حدوث أي منها داخل حزب المؤتمر الشعبي بعد رحيل زعيمه الدكتور حسن الترابي، وآخر هذه سيناريوهين أوردناهما أمس: احتمالية توحد الحزبين "الوطني والشعبي"، أو أن يظل الأخير حزباً موالياً مثله مثل بقية الأحزاب الصغيرة التي اصطلح على تسميتها أحزاب "الفكة"، غير أن سيناريو التوحد يظل هو أقوى الاحتمالات، إذ يتوقع أن ينشط تلاميذ الترابي بالمؤتمر الوطني في هذا الأمر- تحت تأثير العاطفة - لتكفير ما كان منهم بحق شيخهم.

    6- كثير من المراقبين يميلون إلى الاعتقاد بأن "الشعبي" بعد رحيل الترابي لا يملك مقومات البقاء على الأرض لأنه كان يقوم على شخصية الترابي الطاغية على المشهد السياسي ويتغذى من كاريزميته ولا يقوم على فكره ومنهجه، خاصة وأن زعيم الحزب الراحل كان قد كرس لهذه الوضعية وجعل كل مفاصل الحزب تحت قبضته على نحو ألغى وجود الآخرين.

    7- وطبقا للنقطة أعلاه يميل الكثيرون إلى التنبؤ بتحول الحزب إلى لافتة فقط خاوية المضمون والمحتوى، إلى أن يضعف تماماً ويتلاشى، ويبتعد عن دائرة التأثير في المسرح السياسي.

    هذا على المستوى الحزبي، أما على صعيد المشهد السياسي فإن غياب الترابي عن المشهد ربما ينطوي عليه حدوث سيناريوهات لا تقل خطورة وتأثيراً عما سيحدث داخل حزبه "الشعبي"، ومن تلك يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى:

    أولاً : كان الترابي يمثل عنصر ضغط على الحكومة فيما يتصل بإنجاز الحوار الوطني المطلوب في حده الأدنى، وغيابه عن المشهد ربما يشجع الحكومة على النكوص على عقبيها بصورة أو بأخرى.

    ثانياً : وإلحاقاً بالنقطة أعلاه فإن رحيل الترابي قد يفتح شهية الحكومة للالتفاف على نتائج الحوار وتوصياته على نحو يجعله مسخاً مشوهاً أكثر مما هو عليه الآن .

    ثالثاً : وبشكل عام فإن الحكومة كانت تنظر إلى حماس الترابي للحوار واندفاعه إليه بعين الريبة والشك والخوف من "فخ" الانتقام على اعتبار ما يشاع في أوساط تلاميذه: أن الشيخ مثل "الجمل" لا يتخلى عن "غبينته" أبداً، ولذلك فإن رحيله المفاحئ ربما ابتسمت له الحكومة سراً، وهذ الأمر ستنطوي عليه مترتبات يمكن النظر إليها من زاويتين الأولى إيجابية تتمثل في انتهاء مخاوف الحكومة ونظرتها المتشككة لحماس الترابي واندفاعه ناحية الحوار والثانية سلبية تتمثل في انتهاء عنصر الضغط عليها بما يجعلها غير عابئة بشيء.

    رابعاً : المواقف السياسية العاطفية التي انبنت بعد رحيل الترابي نتيجة للهزة العنيفة التي أحدثها رحيله المفاجئ وبما له من قوة تأثير على المسرح السياسي، ربما تحدث بعض التقاربات بين مكونات الساحة السياسية على نحو يدفع الحكومة وحزبها المؤتمر الوطني إلى بعض المراجعات وتقديم بعض التنازلات، غير أن هذه المواقف العاطفية لا ينبغي التعويل عليها لأنها ستزول بزوال المؤثر، كما أن هذا السيناريو لا تسنده معطيات قوية تعزز حدوثه، باعتبار أن الحكومة لا زالت تبدي رغبة عارمة في استمرار هيمنتها على مفاصل الدولة، ولم تبد حتى الآن ما يشير إلى أنها جادة في تقديم أي تنازل للآخرين.

    أشرنا في الحلقتين الماضيتين إلى تأثير رحيل الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي المفاجئ على المسرح السياسي السوداني بصورة عامة وعلى حزبه المؤتمر الشعبي بصورة خاصة، كما أشرنا إلى احتمال حدوث بعض السيناريوهات على الصعيدين المشار إليهما، كأثر مباشر لغيابه عن المشهد السياسي السوداني، والذي كان مؤثراً فيه بدرجة أساسية، ومن لاعبيه الأساسيين ..

    وفي هذه الحلقة الأخيرة سنحاول قراءة الأبعاد الخارجية لرحيل الترابي وما يمكن أن ينطوي عليه كحدث يتحاوز التأثير في مجريات الأوضاع الداخلية إلى "الخارجية" فيما يتصل بعلاقات السودان مع بعض الدول ومستوى تعاونه معها، انفتاحاً وانغلاقاً، وذلك وفقاً لمعطيات موضوعية ومؤشرات محددة..

    واستناداً على ذلك يمكن القول إن غياب الترابي الأبدي عن مسرح الأحداث في السودان يمكن أن يقود إلى النتائج التالية:

    أولاً : ظلت كثير من دول الخليج ولا سيما السعودية متوجسة وحذرة تلقاء علاقاتها ومستوى تعاونها مع السودان حتى وقت قريب، وذلك انطلاقاً من كون أن الخرطوم في المخيلة العربية الخليجية نظام "إخواني" عرابه الترابي زعيم حركة الإخوان المسلمين في السودان، وإن طرأت بعض الخلافات، ومعروف أن هذه الدول باستثناء قطر ترى في حركة الإخوان المسلمين عدواً حقيقياً ومهدداً أمنياً على حكوماتها مثل إيران والشيعة تماماً ، وانطلاقاً من ذلك ظلت تنظر تلك الدول الخليجية إلى الترابي وتلاميذه الحاكمين في الخرطوم حتى بعد "المفاصلة " على أنه خطر يتهدد عروشهم، في وقت تصاعدت فيه التكهنات بأن ما حدث من مفاصلة بين إسلاميي السودان ما هو إلا مسرحية جديدة سبقتها أخريات.

    ثانياً: وتأسيساً على النقطة أعلاه يمكن القول إنه بعد رحيل الترابي، فإن نسبة الخطر الذي يشعر به الخليجيون تكون قد خفت بدرجة كبيرة إن لم تكن قد زالت، مما قد يعزز مسيرة التقارب والتحالفات التي بدت بعد تصاعد الأزمة اليمنية .

    ثالثاً : الخرطوم كانت تشعر ببعض الحرج والتنازع ما بين التقارب الخارجي مع دول الخليج، والتقارب الداخلي مع حزب الترابي وعلاقتها "العضوية"بالأخير، وهما أمران لا يلتقيان عند منطقة وسطى، وبعد رحيل الترابي، تكون كثير من "الرواسب"قد زالت من صدور العواصم الخليجية، وكذا "الحرج" من صدر الخرطوم، مما قد يسرع في مد جسور الثقة، وتعزيز بناء التحالفات التي يتوقع ان تمضي بوتيرة متسارعة أكبر من ذي قبل.

    رابعاً : والشيء نفسه والذي ورد بالنقطة الثالثة يمكن أن ينسحب على العلاقات السودانية المصرية التي تعاني من مخاوف مصرية محورها "فوبيا"فكر الإخوان المسلمين، وعلاقة نظام الخرطوم بالإخوانية، وتشكك المصريين في أن الترابي لايزال مؤثراً في مراكز اتخاذ القرار بالسودان، وهو اعتقاد لا تسنده معطيات قوية، وعلى أية حال ربما يؤدي غياب الترابي عن المشهد السياسي إلى تقليل المخاوف المصرية بنحو يدفع "السيسي" إلى التقدم خطوات لتجاوز التوتر المكتوم بين القاهرة والخرطوم.

    خامساً: كثير من "الشعبيين" وعلى رأسهم الترابي نفسه يعتقدون أن المفاصلة التي حدثت مع إخوانهم بالسلطة هي نتاج لرغبة الخارج، والمعلوم أنه بعد المفاصلة انفتحت الخرطوم على العالم الخارجي بعد عزلة قسرية وانغلاق، فإذا صح زعم "الشعبيين" بأن ما تم رغبة خارجية، فإن تلك الجهات الدولية سواء أكانت شرقية أو غربية، ستكون أكثر ارتياحاً وانشراحاً لرحيل الترابي الأبدي بنحو يجعلها ترسم أدواراً جديدة في السودان، وإذا كان من نتائج إبعاد الترابي من مراكز صناعة القرار السياسي بعد المفاصلة هو تفكيك العزلة الدولية المفروضة على الخرطوم، فإن رحيله عن الساحة السودانية سيدفع إلى انفتاح أكبر بين الخرطوم والجهات الخارجية المصابة بـ"فوبيا" الترابي.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.

    نبضة أخيرة :

    ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

    ----------------------

                  

03-15-2016, 06:28 AM

عزالدين عباس الفحل
<aعزالدين عباس الفحل
تاريخ التسجيل: 09-26-2009
مجموع المشاركات: 9238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    تيبست الحناجر بالبكاء المُر ،

    رحم الله الدكتور حسن عبدالله الترابي ،

    رحمة واسعة ،

    ونسأل الله تعالي العلي القدير ،

    أن يدخله الجنة ،

    مع الصديقين والشهداء و الصالحين ،

    إنا لله و إنا إليه راجعون ،

    ،،،،،،،

    عزالدين عباس الفحل

    ابوظبي

                  

03-15-2016, 04:50 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    روح الترابي تجمع صف الإسلاميين وتوحد كلمتهم

    بتاريخ السبت, 12 آذار/مارس 2016 14:36

    فضل الله رابح

    عشية وفاة الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي، لمح الجميع من الذين تنادوا الى داره أن الدكتور نافع علي نافع قد هرع من بيته وهو بزي المنزل جلباب وطاقية سيراً على قدميه حتى منزل الراحل وقد وقع به من الحزن ما وقع على الجميع من الإسلاميين وكذلك الدكتور عوض الجاز فقد جاء راجلاً الى موقع العزاء وهو أكثر وجعاً، فكان الأمر ليس من باب الأدب ومحبة الشيخ فحسب، ولكن واضح أن الموت قد قطع عليهم وصلاً كانوا يتناجون فيه في المرحلة الأخيرة يخص أمر الدعوة والمسلمين وشؤون العامة، وكانت المؤشرات الملتقطة من عملية الحوار الوطني والحديث عن المنظومة الخالفة تشي بأن مرحلة جديدة ينظر لها القادة والمفكرون ويقف على رعايتها وقيمها رئيس الجمهورية. وبالأمس أكدها القيادي بالمؤتمر الشعبي الدكتور محمد العالم لدى تعقيبه على خطبة منبر الجمعة الذي نظمته لجنة مسجد جامعة الخرطوم ودعت له وأم المصلين فيه الشيخ الورع البروفيسور عبدالرحيم علي. محمد العالم والذي قال إن الشيخ قبل وفاته بيوم التقى في مجمع مطول أحد أوفياء الحركة الإسلامية وكوادر العمل الخاص الدكتور نافع علي نافع وتحدثا في كل شيء وعلى جمع التيارين في كيان أوسع من المؤتمرين لتفادي المكائد التي تحاك بمنظومة الحركة الإسلامية وأن يتكامل جهدهم وتناجيهم في هذا الأمر بوحدة صف إسلامي يكون عصي على التخريب، ويكون أكثر عروة، مشيراً بأن الشيخ الراحل في أيامه الأخيرة قد أفاض في الحديث حول جمع كلمة وصف المسلم ومنعته وتحصينه من كيد الأعداء.

    عبد الرحيم علي: الترابي كان صبوراً على الأذى

    قدم البروفيسور عبد الرحيم خطبة عصماء عن مآثر الفقيد وحياته الدعوية وكيف أنه كان صبوراً على الأذى في سبيل إبلاغ رسالته، وكيف أنه كان طيب النفس وحريصاً على المصالح العليا وتجاوز الذين يصنعون له الأذى والمُقعدات حتى لا يشغلونه عن رسالته. وطوف عبدالرحيم في حياة الترابي منذ أكتوبر وكيف كان الإسلاميون يفكرون في إغلاق البارات وفرض إرادة الإصلاح سلماً أو حرباً، ولكن الترابي كان ينظر من زاوية أخرى أجبر الجميع بالرضوخ إليها وهي فرضه للإصلاح بعلاج الجذور وإنفاق الوقت والجهد في إصلاح القوانين وتثبيت الدستور الإسلامي الذي يحدد معالم الإصلاح الاجتماعي والمؤسسي، ثم كانت رؤية الترابي في الاستعانة بالسلطان لتسهيل عملية التغيير والإصلاح المجتمعي، وكان يحث أفراد جماعته بألا يجدوا في نفوسهم حرجاً في الإحسان الى الجميع لأنهم حركة إصلاحية جاءت في مجتمع مسلم بالفطرة ولديه عادات وتقاليد وعبادات ومناهج تقليدية لا تمحها نظرية التعالي واستفزازه، ولكن من أراد أن ينتشل ذلك المجتمع فعليه بأن يتواضع له وينزل إليه حتى يأخذه معه والله يحكم فيما يشاء من الأمور.. وكشف عن أن الترابي كان وسطياً لا يحب العنف، وقاد حركته الى ذلك في طريق شاق ووعر، وفي سبيل ذلك تحمل كثير من مظان وأفعال البعض ممن خالفوه الرأي والحجة، وكان يناهضهم بالمنطق والحوار. وبحسب عبدالرحيم إن ثمرات جهد الترابي في دعوته تجلت في مراحل تطور الحركة الإسلامية وإصلاحاتها الدستورية والسياسية والدعوية التي أحدثتها بالبلاد، وكيف نهضت من ثلة صفوية نخبوية بالجامعات والمدارس، لتصبح حركة شعبية وجماهيرية عريضة تعمل على إنزال الدين وتوطينه في حياة الناس ومعاملاتهم حتى بلغت حركة الإسلام في السودان مرحلة النضوج، وصارت دولة تهدي خيلها وفكرها للآخرين من حولنا حيث أخذوا منها المثال في المنهج الحركي في تأصيل العمل الاقتصادي والمصرفي والاندياح والتمدد المجتمعي الكبير، متجاوزين كل من سبهم وأشانهم في طريق دعوتهم، أو حاول إخراجهم من إطارها الرسالي الى رحاب المواجهة حتى باتت حركة الإسلام في السودان قوة وقدوة، وكبرت عن النقائص التي أقعدت الحركات الإسلامية من حولنا بمقتضى قلة التجربة والعجلة في بلوغ الأهداف والمقاصد النهائية دون تنزيه المقصد والمسار والآليات التي ستنفذ عبرها المنظومة.

    أجيال الإسلاميين.. كبرياء الترابي قاهر المعجزات

    بالأمس لبى لفيف من أجيال الإسلاميين والمجاهدين دعوة نداء مسجد جامعة الخرطوم جاءوا يسبحون الله وينزهونه بلسان الحال والمقال، بأن يوحد صفهم ويجمع كلمتهم. جاءوا وهم يتناهون عن موالاة أمراض النفس وهم في هجرة جديدة الى مسجدهم الذي يحبهم وأحبوه، ومن قبل اللقاء تناقلوا أخباره بين قروباتهم بأن هيا الى طريق الحق والصواب والبعد عن طريق الضلال.. جاءوا بقلوب صافية وكأنه لم يحدث شيئاً في الماضي فقد صارت تلك العداوة تاريخاً ودأباً فرضته ضرورات وانتهت، فهم اليوم يلتقون عند الأسوة والقدوة ويتناسون ثم يستغفرون لبعضهم البعض ويتبرأون مما لحق بهم ويعفون.. حضر المجاهدون يتقدمهم الناجي عبدالله الذي جاء طائراً من هجرته القسرية بالسعودية وعبدالله الجيلي وإخوانه من الطلاب والشباب مأمون حسن ورحمة محمد أحمد وصالح علي صالح وعثمان البشير الكباشي وسيف الدين حسن وهو يتصبب عرقاً ويوثَّق لهذا الجمع الفريد فلم يعرض عن نداء مسجد جامعة الخرطوم إلا من كان له ارتباط أو ظرف قاهر، فقد تدافعوا بكل أجيالهم وفئاتهم العمرية وهم يستذكرون الفتى علي عبدالفتاح حين كان يخطب من على ذات المنبر ويرعد الصوت بأن هيا للجهاد والمنافحة في سبيل الله، أفلا يتأسى الجيل الحالي من الإسلاميين بسير سلفهم من رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليهم فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر .. إن وفاة الشيخ الترابي جاءت لتبين للناس إنهم أمام لحظة فارقة لمن يطمع في الخير. وأعجبني أن الشيخ عبدالرحيم علي وهو يمهد للدخول في متن خطبة المنبر إنه اجتر الذكريات واللحظات المأخوذة من اللحظات الأخيرة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكيف كان الصحابة حين موته وما أصابهم من وجوم وحديث سيدنا عمر رضي الله عنه وقهره وتوعده لمن يقول بأن محمداً قد مات حتى حضر أقرب الشخصيات الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيدنا ابوبكر الصديق فهدأ الموقف وأقنع الجميع بأنه من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.. كانت اللحظات الفاصلة بعد اكتمال الدين وخطبة الوداع التي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ألمح فيها بدنو أجله حين قال لهم أيها الناس لعلي لا ألقاكم بعد عامكم هذا. ففهم من فهم بأنها خطبة الوداع الأخير لسيد الخلق أجمعين.

    جاءوا رغبة في الوحدة فعلى صحن مسجد الجامعة أمس التقى خالد محمد عثمان ومحمد خير فتح الرحمن والمسلمي البشير الكباشي وإجيال مختلفة من طلاب وشباب الحركة الإسلامية وقرباؤها من المهاجرين والممسكين بملفات الدولة المعقدة وأنفقوا وقتاً في التحابب والذكريات أمس، وأظهر مشهدهم بأن تيار الإسلاميين وخلاياهم يمثلون الدولة العميقة وبمقدورهم تلبية النداء في أية لحظة بصدق الانتماء وإخلاص النوايا، زاهدهم التجرد ومسلمات الدعوة الى الله على بصيرة.. تنادوا أمس، وهم يمقتون الخلاف وتداعياته، وهم ينشدون مد حبل الوصل بينهم أمة بعضها من بعض، يجاهدون في سبيل الله بأعلى قيمه عندهم يستبشرون بنصر قريب وفتح من الله كما قال عبدالرحيم علي في خطبة الجمعة إن دعوة الإسلام قد بلغت مشارق الأرض ومغاربها بعد موت النبي ولم يكمل حديثه وما أن فرغ من دعاء المنبر وجلس فإذا بوفد من جزر القمر يترأسه أمير الحركة الإسلامية قد سقط في حضنه وهم يبكون جاءوا معزين ومستبشرين فهي طائفة من الإخوان وفسيلة زرعتها الحركة الإسلامية في عمق إفريقيا تخرجوا في جامعة أم درمان الإسلامية وإفريقيا العالمية يحملون نفس البضاعة والجذوة يطلبون مساكن طيبة وجنة عرضها السموات والأرض وذلك بيعهم الرابح الذي يطلبون.. هي عالمية الدعوة وقومية الرسالة المحمدية.

    فتح الإسلاميين بعد أكتوبر

    عبدالرحيم علي سرد جزءاً يسيراً من انتصارات الحركة الإسلامية الفكرية التي جنى ثمارها أهل السودان التزاماً وحقوقاً للمرأة التي كانت متجاذبة ما بين التقليدية القاتلة والتحررية التي أتت مع الفلسفة الماركسية والفكر الشيوعي، ولكن بطرح الفكر المتجدد للحركة الإسلامية حول قضايا المرأة واجتهادات دكتور الترابي وتوضيحاته هي من جعلت كثير من نساء السودان يتجهن الى الحركة الإسلامية وينحزن الى مشروعها الإصلاحي، فآمنت طائفة منهن وقدن المشروع الإسلامي ومنظماته التي أحدثت اختراقاً ملحوظاً وسط المجتمع.

    -----------------------

    نار الرماد لن تنطفى بالساهل

    كمال عباس

    البشير يتنكر لشيخه التُرابي وينفي تأثير وفاته عليهم والدباب الناجي عبد الله يهاجم البشير

    03-14-2016 11:36 PM

    كمال عباس

    لم يطوي فُراش التُرابي بعد حتي إشتعلت الحرب من جديد بين تلاميذه ـ في جناحي القصر و والمنشية

    وإتهامات للبشير من الدباب الناجي عبدالله للبشير بأنه سافر لأندونسيا حتي لايشارك في تشيع شيخه ومن جهته صرح البشير للصحف السعودية مُقللا من تأثير الترابي ومتهما فكر الأخوان بأنه البذرة التي أنتجت القاعدة!

    أولا

    البشير يتنكر لشيخه التُرابي ويقلل من تأثيره علي الدولة..

    ]• وفاة حسن الترابي والفراغ الذي تركه في الحركة السياسية السودانية.. هناك أناس كتبوا عنه أنه جدلي حياً وميتاً.. فكيف ترى ذلك بعد وفاته؟ (سؤال الزميل فهيم الحامد)•• بالطبع، نحن اختلفنا مع الدكتور الترابي، وهو الذي كون حزبه، وحزبه كان موجوداً، قد يكون عمل موازنة في العملية السياسية، من خلال وجوده في المعارضة وإعطائها وزناً إضافياً، وغيابه عنها ربما يضعفها، لكن نحن كدولة لا تأثير له علينا أليست «القاعدة» نبتة إخوانية ؟ •• نعم في بعض المناطق، ونحن ضد أن يكون هناك تنظيم دولي للإخوان أو غيرهم، وداخل الدول كل دولة تدير سياساتها داخل أراضيها وسيادتها.[

    هكذا بلغ العقوق ونكران الجميل بالبشير حالا لفظ فيه شيخه وأنكر فضله إرضاء للحلفاء الجُدد ـ وإيفاء لشروط التابعية الخليجية !وكذلك أعلن رفضه للأخوان المسلمين وأتهم فكرهم بأنه النبتة التي إنتجت القاعدة!

    ثانيا

    ومن ناحية أخري اتهم أحد قيادات الإسلاميين للمؤتمر الوطني بعدم الجدية في الحوار الوطني والإصلاح!!

    ( قد أدى اتهام أحد قيادات الإسلاميين للمؤتمر الوطني بعدم الجدية في الحوار الوطني والإصلاح، إلى مشادات كلامية كادت تعصف بالندوة السياسية التي أقامتها أمانة الشباب بالحزب الذي قدم من خلالها دكتور علي الحاج.)

    وقد دخل الدباب الناجي عبد الله الحلبة متهما البشير بالتهرب من تشييع الترابي

    إذا كان هذا هو حال تلامذة الترابي مع شيخهم "ليلة " وفاته فماذا نتوقع من ضحاياهم ؟؟؟

    ( قال أحد قيادات الدبابين وعضو لجنة رأب الصدع الإسلاميين ناجي عبد الله، إن مكتب قيادي مصغر للوطني انعقد ليلة وفاة الترابي طالب فيه الرئيس بالسفر إلى إندونيسيا وعدم حضور مراسم دفن الشيخ، إضافة إلى حضور قيادات تمثل الأجهزة الإعلامية ومطالبتها بوقف التوثيق لحياة الشيخ)

    إذا كان هذا هو حال تلامذة الترابي مع شيخهم "ليلة " وفاته فماذا نتوقع من ضحاياهم ؟؟؟

    وهكذا وقبل أن تبرُد عظام شيخهم الترابي ـ في قبره ـ يتعارك تلاميذه ويتبادلون الإتهامات!

    ماذا لو كان طرف النزاع مع المؤتمر الشعبي أحد أحزاب المُعارضة ! أكيد كنا سنطالع معلقات مدبجة تتحدث عن خروجه العادات والتقاليد السودانية!

    ثالثا

    *مع إختلافنا ـ مع التُرابي من حيث المبدأ والنهج والموقف إلا أننا سبق وأن وقفنا ضد إعتقال الإنقاذ ــ وطالبنا بإطلاق سراحه أو تقديمه لمحاكمة عادلة وأدنا بيان الرابطة الشرعية بتكفيره وردته ــ كان ذلك في وقت بلغ العقوق بتلاميذه حدا رموه فيه في السجن وغياهب الجُب ـ حتي أكل الفار قدمه ـ ولم يجد من يدافع عنه سوي خصومه من المحامين ـ قوي اليسار والوسط ـ الأستاذ علي محمود حسنين وصحبه ـ! وهو ذاته الذي لم يعتقله الحكم الديموقراطي ـ ولم يحظر له ندوة أوصحيفة وإنما فعلها تلاميذه في جناح القصر والغريبة أن بعضا من تلاميذه وبعضا ممن يتعاطف معه اليوم صمتوا أو أيدوا ماتعرض له شيخهم الترابي ـ وتراهم الآن حينما حدث إنفراج بين جناح القصر والمنشية ـ يضربون دفوف الحزن ويتمسحون بقبره أين هم حينما صرح البشير !

    االشرق الاوسط» الاحـد 13 صفـر 1425 هـ 4 ابريل 2004 العدد 9259 البشير: الترابي أمضى عمره يغش الناس باسم الدين الخرطوم: «الشرق الاوسط» شن الرئيس السوداني عمر البشير امس هجوما عنيفا غير مسبوق على الدكتور حسن عبد الله الترابى الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض والمتهم في محاولة تخريبية فاشلة، واصفا اياه بـ«الكذب والنفاق والغش باسم الدين». وقال البشير في لهجة غاضبة في احتفال جماهيري جنوب الخرطوم، ان الترابي قضى عمره كله يغش في الناس باسم الشريعة واسم الدين، واضاف: «كان ينادي بتطبيق الشريعة الاسلامية واليوم يرفضها وينادي بفتح البارات في الخرطوم والتي اغلقها الرئيس الاسبق النميرى»، وتابع البشير: «بل ان الترابي قال ان مدينة الرسول كانت فيها خمرة». وقال البشير «الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين»، ))

    * رابعاموت الترابي لايجب أن يكون مدعاة لمصادرة حق نقده !

    النقد الموضوعي ورصد مسار الرجل ومسيرته ومواقفه ـ ضرورة لايلغيها الموت ولاتضفي

    الوفاة حصانة عليه ولايجب أن يعد هذا النقد شماتة في ميت ـ فمظاهر الشماتة مرفوضة وإن كان حتي

    ضحيتها الترابي ، علما بأن ظاهرة الشماتة هذه هي ظاهرة ـ أسس لها المرحوم الترابي وتلاميذه علي مستوي القيادات العليا - للتاريخ ولمصلحة الرصد الموضوعي ـ أورد هذه المعطيات التي تدعم قولي هذا:- - الترابي هو القائل ( لاإستشعر أي حسرة علي مقتل محمود محمد طه ،... وإن ردته أكبر من أنواع الردة التي عرفناه في الملل والنِحل السابقة ) ومضي قائلا عن الأستاذ محمود ( ولقي مصرعه غير مأسوف عليه البتة )

    والشاهد في هذا أن الترابي وتلاميذه هم من أسس لهذه الظاهرة ــ ومن زرع مرارات غير مسبوقة أفرزت بعضا مما نراه الآن ــ ومع هذا لم تجد جمهوريا ــ يشمت في موته ـ بل تراهم قد ترحموا عليه ـ بل كذلك لن تجد حزبا سياسيا أو قيادات عليا لأي حزب تشمت ـ أو تظهر فرحا لموت الترابي!

    وختاما

    الترابي هو عراب النظام الذي دشن لهذا العهد الأغبر بمقولة وخدعة إذهب للقصر رئيسا

    وساأذهب للسجن حبيسا ، وفكره المزعوم وحصيلته الأكاديمية ـ نتاجها ـ دمار الوطن والموت

    والتعذيب والتشريد وتمزيق النسيج الإجتماعي للبلد وتفتيت وحدته ـ وتشويه قيم الوطن وتدمير موروثه وتشويه الدين وربطه بكل ماهو مُنفر وكريه

    [email protected]

    -----------------------

    حيدر المكاشفى

    اسحق الكومبارس

    03-14-2016 12:53 PM

    لولا أنني وجدت كاتباً في مستوى الأستاذ الطيب مصطفى ناشر (الصيحة) ومن قبلها (الإنتباهة)، قد أنفعل بما كتبه الأستاذ إسحق فضل الله حول مفاصلة الإسلاميين التي قال إنها كانت محض مسرحية خادع الترابي بها الناس حتى يخفف الضغط على الإنقاذ، وأنه أي إسحق لم يكن يشن الهجوم الكاسح ويكيل الهجاء المقذع لشيخه الترابي وقتها، إلا لإنجاح هذه المسرحية، أقول لولا انفعال أستاذ الطيب بهذا الذي أسماه (هراء)، لما أعرناه التفاتة، ليس تقليلاً من كاتب في حجم إسحق فضل الله الذي يعرف أنه كاتب الإنقاذ الأشهر والموصول ببعض مراكز القوى ومطابخ القرارات، ولكن بسبب ما اعتدناه من إسحق، والذي لا يستغرب منه مثل هذا الحديث، فالمعروف عن إسحق أنه كثيراً ما يستعين بخياله الخصب ويوظف قدراته الكبيرة ككاتب قصة لا يشق له غبار في تزيين كتاباته الصحفية، بل وبالكذب أحياناً باعترافه هو نفسه للصحافية النابهة لينا يعقوب بأنه أحياناً يكذب ويتحرى الكذب عامداً في كتاباته..

    من اعترافات هذا الكاتب الجهيرة غير ممارسته للكذب، أنه كان في شبابه الباكر من (الشفوت المقددنها)، ولكن الذي قد لا يعرفه الكثيرون عنه أنه سيناريست محترف ودارس للسيناريو، فقد درس الرجل هذا الفن الرفيع وتخصص فيه مبتعثاً من حكومة السودان، حيث قضى زماناً عامراً بمجالسة ومخالطة وصحبة أهل الفن، وهم بالضرورة فنانون وفنانات، داخل قاعات الدرس وخارجها في دمشق حاضرة الشام، والراجح أن توقيت هذه البعثة الدراسية كان على أيام إعداده للبرنامج القتالي الجهادي المعروف (في ساحات الفداء)، ويبدو لسبب من هذا أن طابع كتابات إسحق قد غلب عليها هذا الفن الدرامي فصارت أقرب إلى سيناريوهات الأفلام والمسلسلات، منها إلى المقال أو العمود الصحفي.. ثم ها هو أخيراً وليس آخراً يضفي على نفسه صفة جديدة هي أنه لعب دور الكومبارس في مسرحية الترابي رحمه الله حسب زعمه، والكومبارس كما هو معروف هو ذاك الممثل الزائد الذي يؤتى به مقابل أجر ليلعب دوراً ثانوياً في المسرحية أو التمثيلية، وليس له أهمية تذكر سوى أنه يساعد على خلق مناخ طبيعي للقصة، هذا طبعاً إذا صدقت مسرحية إسحق الجديدة التي لأول مرة لم يكن هو كاتب السيناريو لها، وإنما كان فيها مجرد ممثل كومبارس.

    [email protected]

    -------------------

    الهندى عز الدين يرد على الناجى

    الرئيس قبلنا وقبلكم في (الجنازات)!!

    { هي معركة في غير معترك، ولا قيمة لها، تلك التي أثارها أفراد قلائل، من بينهم الأخ "الناجي عبد الله"، بحسن نية أو بسوء قصد منتقدين غياب الرئيس "البشير" عن تشييع جثمان الشيخ الراحل "حسن الترابي" لارتباطه برحلة خارجية مهمة يوم الدفن، ولن أقول لأسباب أمنية، على ما في ذلك من وجاهة ومنطق عند كل من رأى أو شارك في ذلك الموكب المهيب.

    { فالرئيس وصل إلى مستشفى "رويال كير" فور سماعه بنقل الدكتور "الترابي" إلى هناك، وكان من أوائل الذين هبّوا للاطمئنان على صحته. وبعد إعلان نبأ الوفاة الصادم، كان "البشير" من الذين سبقوا آلاف الناس للعزاء داخل بيت الشيخ الراحل بحي "المنشية" حيث سبق كثيرين، بمن فيهم منسوبون لحزب (المؤتمر الشعبي)، ودخل الرئيس على أسرة المغفور له.. أبناءه وبناته وأرملته العزيزة، وحرص أن يبقى بالبلاد رغم التزامات دولية بسفره إلى "إندونيسيا" قبل ساعات من الوفاة، لكنه أجل المواعيد ليطمئن على حالة الشيخ، ووجه بنقله على جناح السرعة بطائرة رئاسية إلى "ألمانيا" غير أن الأطباء حددوا طائرة إسعاف، ثم.. ثم سبق أمر القدر.

    { يجب أن نعترف بشيء واحد إن غالطنا في أشياء أخر، وإن خالفنا الرئاسة في عديد المواقف والقرارات، وهو أن سيادة الرئيس "البشير" على كثرة ارتباطاته ومسؤولياته وبرامج عمله اليومية، هو الأكثر مشاركة في تشييع جنازات كبار البلد ورموزها ونجومها، إلى مقابر "أحمد شرفي" أو "البكري" أو "الصحافة" أو غيرها، "البشير" يشارك في الجنازات أكثر منا نحن رؤساء التحرير وقادة الأجهزة الإعلامية!! وأكثر من معظم الوزراء والدستوريين، وبالتأكيد ودون شك تفوق مشاركاته ووجوده في المقابر أو بيوت العزاء مشاركات جميع رؤساء الأحزاب وزعماء المعارضة من (يسارها) إلى (يمينها).

    { في كثير من المناسبات الاجتماعية أفراحاً كانت أم أتراحاً، نصل إلى مكان المناسبة فنجد أن الرئيس قد سبقنا إلى هناك!! هل نحن أكثر مشغولية من رئيس الجمهورية؟!

    { لا.. بالتأكيد.. ورغم أن البعض يعذرنا- كصحفيين- لكثرة المهام والطاقة (الذهنية) والبدنية الهائلة التي نحتاجها يومياً لإعداد وتجهيز مادة صحفية واحدة، دعك من (12) أو (16) صفحة، فإن هذا لا يعفينا من الغياب أو التأخر عن المقابر في تشييع رقم إعلامي كبير مثلاً، بينما يسبقنا إلى هناك رئيس الجمهورية!!

    { ولأن علاقة الرئيس بالشيخ الراحل كانت في أحسن حالاتها قبيل انتقال كبير (الإسلاميين) إلى رحاب الله، وهذه من إشارات الصلاح وعلامات النفوس الطاهرة، فإن أي حديث جانبي عن عدم مشاركة الرئيس في التشييع في وقت تقرر له، ولم يقرر هو، أن يترأس الجلسة الافتتاحية لمؤتمر قمة دول التعاون الإسلامي بصفته نائب رئيس المؤتمر، يصبح حديثاً عبثياً وغوغائياً، بل مثيراً لفتنة ومؤامرة جديدة بعد أن هدأت النفوس وتعافت القلوب من إحن ومحن وآثار المفاصلة.

    { الصوت الأعلى- الآن- في أوساط القواعد على ساحتي المؤتمرين (الوطني) و(الشعبي) هو صوت (الوحدة) لا الفتنة وإثارة الغبائن، هو صوت المناداة بالتلاقي والتعاضد والاندماج.

    { ومن يرفض أو يسفه أو يقلل من صدى هذا النداء سواء من قيادات (الوطني) أو (الشعبي) فهو آثم قلبه، متآمر على بلادنا قبل أن يكون متآمراً على مستقبل ومصير (الحركة الإسلامية) في السودان.

    { اتركوا هذه السفاسف.. ارتقوا إلى مستوى المسؤولية الوطنية والدينية.

                  

03-16-2016, 10:49 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الترابي رئيساً وراء الكواليس

    بقلم صلاح حامد هباش

    08:24 PM March, 15 2016

    صلاح حامد هباش-السودان

    قال تعالى: " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" الأنبياء 47

    كثر اللغط والحديث عن موت الترابي وتناولت الأقلام الحدث قدحاً ومدحاً, تحليلاً ونقداً ولعناً وترحماً على روحه. وما ذلك في ظني إلا لسبب واحد وهو أن الدكتور الترابي هو الشخص الأكثر أثراً في السياسة السودانية مقارنة بمجايليه ورصفائه من القيادات التقليدية. إذ استطاع في فترة الخمسة عقود الماضية؛ أن يضع بصماته الواضحة؛ اختلفنا معه أم اتفقنا؛ في إدارة دفة الحكم سلباً كانت أم إيجاباً. ولعل جل الكتاب ركزوا على السؤال: إلى أي مدى هو مسؤول عن الخراب الذي حاق بالبلاد والعباد في الثلاثة عقود الأخيرة؟ ومدى علاقته بالدمار الشامل الذي لحق بالمرافق العامة. ويمضي البعض فيحمِّله ورفاقه مسؤولية كل الأضرار التي حاقت بالإنسان, قيمه ووجدانه وانحرافاته. ويؤكدون بعبارات تجريمية قوية بأن الترابي هو من داس على كرامة الشعب وأشبعه ذلاً ومهانة. والحق يجب أن يقال بعيداً عن العاطفة وبعيداً عن مقولة عفا الله عما سلف. وقول الحق لا يمنع من الترحم عليه وطلب المغفرة له وهو الآن بين يدي الغفور الرحيم.

    ويقيني الثابت أن الكثير من مآسي وكوارث هذا البلد كانت من تدبيره وارتبطت باسمه ارتباطاً وثيقاً؛ بل أن ظهوره في الساحة السياسية تزامن مع بداية مسلسل المعاناة. فهو قد ظهر عقب ثورة أكتوبر 64 ليتقلد منصب الأمين العام للجماعة خلفاً للرشيد الطاهر. ولعله, وبهذا المنصب الرفيع وقع عليه عبء النهوض بالحركة الإسلامية؛ وإحداث ثورة في أساليب العمل والممارسة الداخلية للتنظيم الوليد. لذلك وضع نصب عينيه ضرورة إزاحة الأحزاب الطائفية التقليدية وأحزاب اليسار وإلغاء فاعليتها أمام هذا المد الاسلامي الجديد. ومع هذه المهام التي تواجهه غذى شباب الجامعات بما لديه من رؤى وسلَّحهم بالأفكار الجديدة مختطاً لهم طريقاً لا يزيغ عنه إلا هالك. وقد أفلح أيما فلاح في هذه التنشئة بغرسه لمفاهيم هي الأولى من نوعها في إلغاء الآخر وعدم الاحساس بوجوده. ترسّخت هذه الفلسفة في عقولهم وسرت في وجدانهم؛ بأنهم الأعلون والفائزون. ونلاحظ ذلك في الشخصية الاسلامية التي ما تزال تعيش هذا الوهم وتتقمص, بعنجهية, شخصية أبو سفيان بن حرب. هكذا خلق الترابي من شباب الجامعات "قادة اليوم" مسخاً مشوّهاً لشخصية سودانية الملامح ولكنها تنطوي على كمٍ من الافتراء وعجب النفس؛ أنوفهم عالية وشامخة كبرياءً حتى يخُيِّل لبعض خطبائهم وقادتهم بأنهم بعضاً من ملائكة بل وأنصاف آلهة.

    حركة شعبان:

    حتى ذلك التاريخ كانت عضوية التنظيم محصورة بل أن التنظيم ربما كان في أول الطريق يتلمس مواضع أقدامه في الجامعات؛ كما لم يكن له وجود يذكر في الثانويات. وعلى ذلك تفجّرت ثورة شعبان وما تبعها من زخم. كان الهدف منها وعلى لسان المرحوم: "لفت أنظار طلاب المرحلة الثانوية". وبالفعل كانت ضربة معلِّم؛ إذ بدأ ميلاد جديد للحركة الاسلامية وتناقل الناس في الأمصار بطولات قادة الاتجاه الاسلامي وصدامهم الدامي مع دبابات أبو القاسم محمد إبراهيم. ولعل الناس ما زالت تذكر الندوة السلخانية "سنشنق جعفر بمصران جعفر" وما تبعها من ندوات كانت حديث الشارع في تلك الأيام مما أكسبهم مزيد من الأضواء واللمعان. هكذا أصبحت الفكرة جاذبة وتقاطر الراغبون في الانضمام واتسعت الدائرة. ومن ثم راق لهم الصيت في الأعلام وهو أمر يعتبر نصراً في حسابات السياسة؛ وتم تكليف كل عضو على حدة بتجنيد عشرة أعضاء جدد لتقفز العضوية وفي غضون بضع سنوات إلى أعداد مهولة تفوق الحصر. ويدخل في عملية التجنيد هذه إغداق المال والعشاء الدسم ثم برامج الصيام الجماعي والتلاوة الجماعية وما يتبع ذلك من قيام ليل وعبادات أخرى.

    لعل كل ذلك أبرز صورة جميلة للإخوان في أذهان الطلاب وبدأ شكلهم مشرِّفا مما زاد حماسهم لمزيد من التضحيات والبلاء الحسن في ميادين الشهادة التي نصبوا لها الجبين في رائعة النهار فأصبحوا يتبارون في الخطابة سجعاً وإطناباً ويضيفون ويحذفون ما شاءوا من المحسنات البديعية وسط التكبير والتصفيق. وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ وقف أحد مشاهيرهم مخاطباً جموعاً حاشدة في مقهى النشاط وقد تملكته نشوة شيطانية من تكبيرات تلك الجموع وتصفيقاتها الهستيرية التي تقاطعه بين الفينة والأخرى فقال واصفاً أحد خصومه من أحزاب اليسار؛ بعد أن كال له من السباب والبذاءات ما وسعت مفرداته؛ ليختم حديثه قائلاً وبالحرف الواحد: "والله أني لأشك في الرباط الذي ربط بين والديه". هذا قليل من كثير. وهكذا يمكننا القول بأن لحظة ظهور الترابي يؤرَّخ بها لبداية الرحلة إلى مجاهل الفقر والأمية وانتشار الأوبئة بل ودخول السودان في نفق حالك الظلمة فقد فيه البوصلة و"طشّت" مراكبه في عرض محيط بلا سواحل.

    هذه هي إفرازات تعاليم المرشد العام التي تخرّج على هديها النوابغ والعلماء والقيادة الحالية التي تتمدد بمساحة السودان. هذه الكوكبة من الخريجين استطاعت قلب الحياة رأساً على عقب بل استطاعت تشكيلها على النحو الذي يروقها. ولعل ذلك قد بدأ فعلاً منذ منتصف السبعينات؛ بعد أن تغلغلوا في كافة المجالات الحياتية؛ في الخدمة المدنية ونقاباتها. بدأوا العمل بهمة لا تعرف اليأس لصياغة الحياة التمكينية الجديدة "بنك فيصل الاسلامي نموذجاً". ولعله كان أول خطوة تمكينية لم يفطن لها الساسة في تلك الأيام. ولم تمضِ بضعة أشهر حتى صدر قرار من التنظيم بمنح معلمي الابتدائي والمتوسطة الذين استقالوا؛ منحهم ما يسمى بالقروض الحسنة طويلة الأجل. تلى ذلك ببضعة أسابيع تعويم الجنيه. ويمكن القول هنا بأنهم استحدثوا أشكالاً من التعاملات البنكية الاسلامية أتاحت فرصاً استثمارية ظلت ومنذ ذلك التاريخ حكراً على عضوية التنظيم وأقاربهم. ولعل ذلك قفز بأوضاع وإمكانيات الحزب المادية أولاً ثم انعكس في أوضاع الأفراد ليميزهم عن رصفائهم من عضوية الأحزاب الأخرى ومن سواد الشعب المغلوب على أمره.

    كذلك من آثار تعاليم الشيخ ما شهدته ساحات الجامعات من أشكال الإرهاب في الممارسة السياسية. فحل العنف محل الحوار واستخدموا لغة السيخ وما يتبعه من أساليب العنف الأخرى كالسحل والتعذيب والتعليق من الطوابق العليا؛ بدلاً من التفاوض بالتي هي أحسن. وهي أساليب ممعنة في الوحشية واللاإنسانية. فلم تكن الجامعات تعرف هذا النمط من السلوك قبل مجيء الشيخ. فأصبح العنف هو رائد هذه الجماعة في تصفية الحسابات مع الخصوم في أروقة العلم والتحصيل. ثم نقلوا هذه التجربة إلى بيوت الأشباح سيئة الذكر وقد استحدثوا هذه المرة أساليب أخرى أكثر تطوراً أوفدوا لها البعثات وصرفوا عليها أمولاً طائلة من الخزينة العامة؛ فليس هناك خط فاصل بين خزينة الدولة وخزينة المؤتمر الوطني.

    بعد المصالحة الوطنية مع نظام نميري وجهوا عضويتهم ليصبحوا أعضاء في الاتحاد الاشتراكي. وما زال صدى العبارة التي استخدمها الشيخ يرن في أذني؛ "إن لم يعجبكم اسمه فغيروه". وهكذا التحقت تلك الجموع بالاتحاد الاشتراكي؛ وهي أعداد لا يستهان بها, استطاع الترابي من خلالها أن يملئ إرادته وأن يفرض قوانين سبتمبر؛ والتي تعتبر بحق أول مسمار يُدَق؛ وبحنكة مُعلِّم متمرِّس في الخراب؛ يدق في تمزيق السودان إرباً إربا؛ معلناً بذلك ميلاد الحرب الأهلية بعد فترة استقرار لم يشهد السودان مثلها والتي استمرت من العام 72 حتى 83. وشهدت تلك الفترة حالة من الفوضى وكماً هائلاً من قطع الأيادي والتقطيع من خلاف.

    في فترة الديمقراطية وعقب الانتفاضة عارضوا بشدة اتفاقية السلام الميرغني- قرنق. ووجد الترابي الفرصة المواتية لدق طبول الحرب والعزف على أوتار الموت والاستشهاد. استطاع تنظيمهم أن يُخرج المسيرات المناوئة للاتفاقية بحجة دعم الجيش ووضع حد لتمرد الكفار والفجار في الجنوب. ومن منا لا يذكر تصريح الترابي بجريدة الراية حينما قال: (ما كنت أظن أن العمر سيمتد بي لأرى زعيم ديني ينحني إلى كافر). ولعل ذلك النشاط المحموم في رفض اتفاقية السلام كان اللبنة الأولى للانقلاب المشؤوم الذي وأد الديمقراطية بليل؛ ليترجل نواب الشعب ووزراء الحكم الديمقراطي ليحل محلهم نظام دكتاتوري غاشم وباطش.

    كذلك من البصمات الظاهرة للعيان تنفيذ حكم الإعدام في الأستاذ محمود محمد طه؛ في تشويه للشريعة لم يشهد التاريخ مثله. الأستاذ الذي بات يشكل عائقاً يهدد نمو وتطور الحركة الاسلامية. فهو قد هزمهم في أرض الحوار الموضوعي وفشلوا في مقارعته الحجة بالحجة متجرّعين كؤوس الهزيمة المُرّة في الأركان وفي المناظرات ونتج عن ذلك تقلص أعداد المجندين الجدد ونفور طلاب الصف الأول مما يسمى بالاتجاه الاسلامي. هؤلاء كانوا يحضرون أركان النقاش ليستمعوا بآذان صاغية إلى الحديث عن "الباطل الذي يتدثر بأثواب الدين"؛ كما درج على تسميته الجمهوريون, وذلك زعزع قناعات الكثيرين منهم. ثم جاءت الهزيمة التي مني بها مرشحو قائمة الاتجاه الاسلامي في العام 79 في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم. ففطنوا وقتئذٍ إلى حجم الخطر الذي يشكله الجمهوريون على مستقبل الحركة الاسلامية. فدبروا بليل مكيدة اغتيال الأستاذ حتى يخلو لهم الجو فيبيضوا ويصفروا.

    لا يستطيع الأخوان المسلمون العيش في الأجواء الديمقراطية ولا يعترفون بحقوق الآخرين؛ بل يصدرون الفتاوي التي تكفرهم وتخرجهم من الملة المحمدية والعياذة بالله؛ ويطرحون السؤال هل يمكن أن يكون الانسان شيوعي مسلم؟ ويجيبون باستحالة ذلك بقراءة الآية الكريمة "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله" ويضربون الأمثال بالشيوعيين والبعثيين ثم الجنوبيين. أما الجمهوريون فهم صوفية ظلامية شاطحة؛ أو هكذا يقولون.

    ثم جاءت الطامة الكبرى وكارثة الكوارث السيدة الانقاذ ليبدأ من جديد مسلسل, هو الأول من نوعه من حيث نوعية المعاناة. المُخرِج هو الدكتور الكاذب الذي ذهب إلى السجن حبيساً وكأنما مثل هذه الأكاذيب تنطلي على شعب السودان. جاءت الانقاذ لتحصد أرواح الملايين من الفريقين وتيتِّم وتشرِّد أضعاف هذه الأعداد ليس في الجنوب فحسب وإنما في كل جبهات القتال وما يزال النزيف مستمراً؛ محارق مستمرة وبإصرار. عبَّأوا لها الشباب وبشّروا بالحور العين. هذه الحور العين أولى بها قيادات التنظيم ورؤساء الحزب؛ لماذا لم ترسلوا أبناؤكم إلى تلك المحرقة ليفوزوا بإحدى الحسنيين وتحتفلوا يومها بعرس الشهيد.

    استنزفوا خزينة الدولة بتسيير قوافل الموريات قدحاً إلى الجنوب لدعم الجيش وهي محملة بمواد التموين المختلفة وعينات من الأسلحة المتطورة؛ من راجمات وقاذفات لهب؛ والتي جُلبت من الحلفاء الجدد من شيعة إيران. كان في حساباتهم أن العدو لا يستطيع الصمود في وجه جيش الترابي الذي تسانده جنود لا يروها تزلزل الأرض تحت أقدام العدو. ولعلهم أخطأوا التقدير في ذلك؛ كما أخطأه هتلر من قبل؛ عندما قال أنه سيدك بلجيكا في بحر أسبوعين ليدخل إلى باريس فاتحا ومنتصراً؛ ولكن الأسبوعين تمددن وأخذن في التمدد إلى ما لا نهاية.

    أيضاً من لعنات الترابي وتلاميذه قضية التمكين ونهب ثروات البلاد بل وأصولها الثابتة والدخول في متاهات الخصخصة. شمل ذلك مدابغ ومحالج ومطابع وميادين وبيع لممتلكات الدولة وتحويلها بقدرة قادر لتصبح من أملاك أهل النظام في هذا البلد اليتيم. تشريد الآلاف من الخدمة المدنية والعسكرية وقسر الملايين للهجرة الجبرية.

    وتأتي ثالثة الاثافي في إطلاق يد رجال الأمن ليطبقوا نظريات التشفِّي والتي ما سبقهم عليها أحد من العالمين. فهم لم يكتفوا بالجلد والتعذيب بكافة أساليبه؛ بل خطوا خطوات منافية للإنسانية قتلاً واغتصاباً وتمثيلاً بجثث الموتى؛ ثم إحراق للقرى وتشريد أهلها وذلك في كل أرجاء السودان.

    احتوى الفساد النظام وتطاول في البنيان حتى من هم في الصفوف الخلفية وأصبح لديهم أرصدة في البنوك الماليزية والخليجية وعقارات في أمهات المدن العالمية. في مقابل ذلك تجد البطالة التي ضربت الخريجين وغيرهم بيد من حديد وذلك لتوقف عجلة التنمية وتحويل الميزانية لشراء السلاح ومخصصات لرفاهية الطاقم العامل. وكذلك من مساوئ هذا النظام اختفاء الطبقة الوسطى واتساع الفجوة والفوارق الطبقية وما يتبع ذلك من ارتفاع في نسبة الجريمة والارتقاء النوعي بالمسألة الاجرامية والسرقات ثم دخول عنصر المرأة في عالم الجريمة وقيادة العصابات. والحديث هنا يطول عن المخدرات والمايقوما والانحدار بالأخلاق والقيم نحو الهاوية وما أدراك.

    ومن نتائج هذه القبضة الحديدية وسياسة الفرد الانهيار الكامل في كل المرافق الخدمية كالتعليم والصحة والشرطة وغيرها. ولما أفلست الدولة ووصلوا إلى طريق مسدود أصبحوا يستقبلون نفايات العالم لتدفن في أرض السودان لتنشر الأوبئة والسرطانات.

    لا يمكن حصر وإحصاء سلبيات تربية الترابي لعضوية تنظيمه فهم يمارسون كل أنواع الرذائل والكبائر لرفع راية الإسلام عالية خفاقة. يعيشون حالة متردية من النفاق بممارسات الغش والتزوير و"خج" صناديق الاقتراع ولا يتورعون من افتراء الكذب على الله. ولعلهم مدمنون لصفة الكذب هذه منذ قديم الزمان حتى أن صحيفتهم آخر لحظة كانت تسمى آخر كذبة. يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة ولذلك برعوا في التدليس وارتكاب الموبقات.

    والمصيبة الأكبر من كل ما ذكرت في هذا المقال هي إصرارهم على الاستمرار على هذه الكراسي الوثيرة الدافئة "لا يتنحون عن منزل أنزلهم له الله" والعياذة بالله

    والله المستعان على ما يفعلون

    -------------------------

    هذا هو الترابي ..

    . بقلم: مختار بدري

    نشر بتاريخ: 16 آذار/مارس 2016

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ولا عدوان إلا على الظالمين:

    استدعاني الأمن للاستجواب مرتين في بداية التسعينيات، وكان المحقق معي هادئًا ورزينًا، إلا عندما سألني عن رأيي في (الشيخ حسن الترابي)، فقلت له: حسن الترابي ليس شيخًا ولا علاقة له بالشريعة! فحينذاك لم يستطع الرجل أن يضبط نفسه! فأخرج مكنونات تقديسه ومبثوثات تعظيمه لذلك المخلوق، الموسوم بحسن الترابي!! مع أنه لم يُصَب بالدهشة ولا اللوعة لما قلت له أن قتالهم في جنوب السودان ليس بجهاد! إذ الجهاد يكون لإعلاء كلمة الله، وكلمةُ الله ليست العليا في الخرطوم التي تحت أيديهم، فكيف يعلونها في الجنوب؟!!!

    والعجيب أن شيخهم بعد أن كان يقول: عرس الشهيد، وعرس في الأرض، وعرس في السماء، أصبح ينكر شهادتهم وجهادهم! وهذا يدل على اضطراب الرجل الفكري، واستخفافه بالسامع والتابع!

    ثم دارت الأيام فلقيني شاب عام 2006، فسلَّم عليَّ بحرارة، فلما أحس أني لم أعرفه قال لي باستحياءٍ: أنا فلان الفلاني، من منطقة كذا، -وأشار إلى لحيته المحلوقة-، نحن كنا مسلطين عليكم في (مسجد الصافية) قبل مفاصلة الترابي سنة 1999، فالرجل كان تابعًا لأمن الترابي، وأخبرني أنه أُقِيل تبعًا للترابي، وطلب مني العفو والمسامحة، فسامحته فورًا!، فلما لقيتُ بعض إخواننا من منطقته سألتهم: أتعرفون فلانًا؟ فقالوا: نعم، ولكنه ترك الدعوة والالتزام! فقلت لهم: الرجل كان مُخبِرًا أمنيًّا، ولم يرجع إلى قواعده سالمًا! وتذكرت حديث (الإمام مسلم – الذي يطعن فيه الترابي) عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إِنَّ هَذَا يَرْفَعُ إِلَى السُّلْطَانِ أَشْيَاءَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ إِرَادَةَ أَنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ»، وهذا الحديث فيه ردٌّ على رجال الأمن، الذين يُفسدون ما بين السلطان والرعية!

    وفي القصة عبرة، فالترابي ما كان يتحمل رأيًا مُخَالِفًا؛ إذ هو يسير على سنة فرعون: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر: 29].

    وأذكر أن جارنا سابقًا حمور محمد زيادة أخبرني أنه رفض مصافحة الترابي لما مد له هذا الأخير يده في عقد قران في مكان ما، وكان إذ ذاك لا يتعدى العشرين عامًا!

    أمَّا أن يمدح الترابي تلاميذه و(مُسْتَخَفٌّوهُ) فالشيء من معدنه لا يُستغرب! و(مُستَخَفُّوه) هذه اقتباسًا عن قول الحق جل وعلا عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].

    وأما أن يُنَافِق بمدحه الآفك شانِئوه! ويرتزق بتأبينه المُبتَدَعِ كارهوه! ويقال لنا: ابكوه وأبِّنُوه، فلا وألف لا! {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) [الدخان]}.

    ولعل بعضهم بدروشته الفقهية! وورعه البارد! وأدبه الكاسد! أراد أن يخرج من المولد ببعض حمص!!

    أما شهادة الزور التي قاءها ولا أقول قالها ممثل (أنصار السنة)، ذلك العاسر الخاسر، فأقول له: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].

    فاشدُدْ للسؤال حيازيمك، واثبُتْ إن ملأ التُّرْبُ خياشيمك، ولن ينفعك يومئذ إنقاذ ولا تُرَابِيٌّ، واحذَرْ أن يكونَ خصمُك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، الذي طالما سخر (تُرَابِيُّكَ) من سنته، ولَعِب طول زمانه بشريعته، «فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللهِ وَاحِدٌ» كما قال حذيفة رضي الله عنه، أخرجه البيهقي، وابن الجعد، وابن بطة.

    واعلم أن مؤسس جماعتك الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، كان لا يصف الإخوان المسلمين إلا بوصف: (خُوَّان المسلمين)، فلتخرج عن جماعته، أو تحذو حذوه!

    فإنا لله وإنا إليه راجعون، أي سنة ينصرها هذا المأفون.

    والغريب أن الترابي أكثر من تكلم عن الموتى بالسوء، بل واستهزأ بأفضل الموتى، أنبياء الله تعالى وصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم، فأين غيرة الموارِق؟! بل أين غضبة البوارق؟! يا داعية داعش المائق!!!

    أما حديث: (اذكروا محاسن موتاكم) فحديث ضعيف، بشهادة راويه الإمام الترمذي رحمه الله، فقد قال: (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ (عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ)، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيُّ مُنْكَرُ الحَدِيثِ)، و(محمدًا) هنا هو الإمام البخاري رحمه الله –الذي يطعن فيه الترابي- وهو شيخ الإمام الترمذي. وكذلك ضعف الحديثَ الإمامُ الألباني رحمه الله.

    لكن صحَّ (في البخاري) –الذي يطعن فيه الترابي- عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا».

    بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كما في صحيح البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- عن لعن بعض اليهود، الذين دعوا عليه بالموت! فعن عائشة رضي الله عنها، قَالَتْ: (دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» [والسام هو الموت في لغة العرب].

    فشتَّان ما بينَ سبِّ الأموات المنهي عنه، والذي لا فائدة فيه ابتداءً، وبين التحذير من عقيدة رجلٍ ما زال فكرُهُ وضلالُه قائِمًا بعدَ موتِه! وما زال تلاميذُه يقدِّمونه على أنبياء الله ورسله بزعمهم!!

    ولو كان الترابي شاربَ خمرٍ، أو آكلَ مَكْسٍ، أو ضاربَ دفٍّ، لسكتنا عنه بل ولترحمنا عليه، أمَا والرجل سليلُ ضلالة، ووريثُ عمالة؛ فلن نسكتَ عن آرائِه الزُّبالة!

    ففي (صحيح الإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي): عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (ما علمت: (ما) مصدرية وليست نافية، والمعنى: علمي به أنه يحب الله ورسوله).

    فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضي الله عنهم، عن لعن شارب خمرٍ لأنه يحب الله ورسوله، فهل الترابي يحب الله ورسوله؟ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].

    والإمام البخاري الذي يطعن فيه الترابي، وفَّق بين ما أشْكَلَ على بعض الناس من النهي عن سب الموتى من باب، وذكر مساوئهم من بابٍ آخَر، وذلك أن من كان ضرره لازمًا على نفسه، كشارب الخمر والزاني، فلا فائدة من سبه، ولما سَبَّ خالد بن الوليد رضي الله عنه المرأة التي زنت –بعد موتها-، سَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ» [صحيح مسلم].

    أما صاحب الفكر الضال فيُذكر ليُحذر!! ولو مات قبل ألف سنة!

    أما توفيق الإمام الفذّ البخاري –الذي يطعن فيه الترابي- بين الأمرين، فهو في تبويباته الفقهية الماتعة، التي يدِقُّ فهمها على عُبَّاد الهوى والضلالة، بأن بوَّب بباب (مَا يُنْهَى مِنْ سَبِّ الأَمْوَاتِ) ثم أتبعه بباب (ذِكْر شِرَارِ المَوْتَى)؛ ليعلم الناس أن شرار الموتى من أصحاب الفكر الضال، يُحذر من فكرهم، ما دام موجودًا في الأنام! وإلا فعلى الدنيا السلام!

    وفي صحيحي البخاري ومسلم -اللذين يطعن فيهما الترابي- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ».

    فقد روى الإمام البخاري رحمه الله – الذي يطعن فيه الترابي- حديثًا فيه جواز ذكر أهل الضلال والنفاق بما فيهم، فعن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ».

    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا،

    فكان من خطبته أن قال: ((ألا إني أوشك أن أُدعَى فأُجِيب، فيليكم عُمَّاٌل من بعدي، يقولون ما يعلَمُون ويعمَلون بما يعرِفون، وطاعةُ أولئك طاعة، فتلبثون كذلك دهرًا، ثم يليكم عُمالٌ من بعدِهم يقولون ما لا يعلمون، ويعمَلون ما لا يعرفون فمن ناصَحَهم ووازَرَهم وشَدَّ على أعضادهم فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالِطُوهم بأجسادِكم وزَايِلُوهم بأعمالِكم، واشهدوا على المحسن بأنه محسنٌ وعلى المسيءِ بأنه مُسيءٌ)). رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني رحمهم الله. فها نحن نشهد أنَّ الترابيَّ كان مسيئًا أيما سوءٍ.

    وبما أننا من شهداء الله في الأرض، فالترابي انطبق عليه حديث البخاري –الذي يطعن فيه الترابي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" وفي رواية: " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا (خَالِصًا)، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ "، فما أكذبَ الترابي، وما أخلفه للوعد، وما أغدرَه بالعهد، وما أفجره في الخصام، وما أضيعه للأمانة.

    وقد شهد على الهالكِ أقرب الناس إليه، عمر البشير، بوصفه له: «بالكذب والنفاق والغش باسم الدين»، وقال: «إن الترابي قضى عمره كله يغش في الناس باسم الشريعة واسم الدين» وقال: «كان ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية واليوم يرفضها وينادي بفتح البارات في الخرطوم والتي أغلقها الرئيس الأسبق النميري»، وقال: «الترابي كان شيخنا نثق به ولكن وجدناه رجلاً كذاباً ومنافقاً ويغش باسم الدين»، وقال: «ألم تقرؤوا بيانَه الذي وزعه يحرض فيه أبناءَ دارفور ليقتتلوا فيما بينهم».

    ولا يدَّعِيَنَّ أحدٌ أنهم اصطلحوا فتنسخ هذه الشهادة؛ والشهادات من باب الأخبار لا من باب الأحكام التي يجوز نسخُها، والأخبار نسخُها تكذيب لمُخْبِرِها!

    اللهم بلغنا اللهم اشهد

    مختار بدري

    الأحد 4/جمادى الثانية/ 1437

    13/3/2016

                  

03-16-2016, 09:35 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30766

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    Quote: موصولا عبر الآيات السابقة، فأولاء الناشزات جزاؤهن الواقي الوافي درجات من التعامل من المؤمنين حولهن توافق درجات النشوز وأنماطه. فالنشوز المحدود قد يجدي معه الوعظ، والوعظ قد يكون من الزوج خاصة عند نشوز في الحياة المستورة للأسرة، وقد يكون أيضا من ذوي القربى أو الجيرة أو الصحبة للأسرة إذا بدا النشوز، والهجر في المضاجع جزاء للنشوز موكول للزوج فعلا فبينه وبينها فراش الزوجية لكن الناشز لن يجاب لها عندئذ قضاءً طلب الطلاق بسبب الهجر. أما ضرب الناشزات لمدى أبلغ من النشوز فتبين السنة أنه مكروه وإن وقع الضرب غير مبرح فلا حجة فيه للتقاضي المشهور إذ حياة الزوجية مهما تقع فيها مشادة غير بالغة خيرها الستر بابتلاءاتها. أما النشوز الذي يبلغ الفاحشة فإن العقاب يقع ضربا وجلدا قد يباشره طرف من الأسرة سترا لأمرها أو إذا بانت الفاحشة بالشهادة يتولاها المجتمع قضاءً، فمجتمع الذين آمنوا هو المخاطب بهدي الآية ... " (التفسير التوحيدي، بيروت: 2004، الجزء 1، ص 369-370). وهكذا فإن الترابي، رجل القانون، لا ينحاز فحسب لضرب المرأة وإنما يجرّدها أيضا من حقها في اللجوء للقضاء بدعوى ضرورة الستر.

    ومن أبشع ما يمثّل العنف ضد المرأة تحت ظل رؤية الترابي وحركته مقطع الفيديو الذي صُور عام 2010 لجلد فتاة في ساحة عامة وهي تصرخ وتحاول حماية نفسها بينما يلاحقها سوط الجلاّد. هذا هو "القضاء الاجتماعي" الذي يُنَظِّر له الترابي عندما "يهتدي" مجتمع المؤمنين "بهدي" آية النشوز. ولحظة جلد هذه الفتاة التي انحفرت في الذاكرة الصورية للسودانيين كانت بلا شك من أكثر اللحظات التي هزّتهم بهمجيتها. ولكن ماذا عما أعقب هذه اللحظة؟ ماذا عن الثمن النفسي والاجتماعي الذي دفعته هذه الفتاة ودفعته أسرتها؟ هذا السؤال من نوع الأسئلة الذي لا تهمّ الترابي وحركته لأن همهم "كمؤمنين" ورسالتهم للسودانيين والعالم على مستوى القانون الجنائي هي بعث الشريعة وتحقيق "النكال" القرآني.

    7

    حاول الترابي واجتهد ما وسعه الاجتهاد أن يطرح نفسه كمفكر. ولا شك أنه كان يملك الإمكانيات التي كان من الممكن أن تجعله مفكّرا إلا أنه لم يكن يملك المؤهل الأولي للدخول لعالم الفكر ونعني به الإيمان بحرية الفكر والتعبير. إن من لا يؤمن بحرية الفكر والتعبير لا يمكن أن يكون مفكّرا بالمعنى الحقيقي للمفكّر. لا شك أن الترابي سمع بمقالة فولتير الشهيرة: "لا أوافق على ما تقول ولكنني سأدافع حتى الموت عن حقّك في أن تقوله"، إلا أنها على ما يبدو لم تحرّك فيه ساكنا؛ فالترابي كإسلامي لم يكن متعاطفا أصلا مع قيمة استنارية كهذه. وهذا الرفض لقيمة حرية الفكر والتعبير ليس سببا في أزمة الفكر الإسلامي الحركي فحسب وإنما أيضا في أزمة الإسلام نفسه كدين.

    إن ما قدّمه الترابي كمشروع فكري لا يمكن أن يؤخذ مأخذ الجدّ الفكري إذ أن الترابي كان سياسيا أولا وأخيرا. إن دخوله عالم الفكر (وينطبق هذا على تلاميذه) هو مجرد استغلال لخطاب الفكر بقصد تمكين المشروع الإسلامي وإكسابه مسحة مصداقية فكرية. ولا نعني بقولنا هذا الانتقاص من قيمة كلّ سياسي ولا نعني به أن السياسي لا يستطيع أن يكون مفكرا ولا نعني به الانتقاص من قيمة كل فعل سياسي. قولنا موجّه ضد نوع معين من السياسيين وضد نوع معين من أنواع الفعل السياسي، ونعني به السياسيين الذين لا يدخلون السياسة من باب الخدمة العامة التي تُشاد على الحقوق الدستورية للمواطنين وإنما من باب التسلّط المناقض للمصلحة العامة والمنتهك للحقوق الدستورية. والفعل السياسي لهؤلاء السياسيين يصبح تدميرا منظّما لمجتمعاتهم.

    والترابي في تقديرنا من النوع الثاني من السياسيين إذ لم يكن ديمقراطيا وإنما كان متسلطا، وهو في تسلطه استخدم قهر الدين وإرهابه الفكري واستعان بقهر المؤسسة العسكرية وقدرتها المدرّبة على القمع. إلا أنه تفوّق على من سبقوه في قهر السودانيين بأن أنشأ هو وحركته أقوى جهاز أمني وأكثرها استباحة لحقوق الإنسان وأسوأها سِجِلّا في تعذيبهم وامتهان كرامتهم ونشر الرعب والخوف بينهم.

    8

    مات الترابي بعد أن سلب السودانيين حريتهم الفكرية والسياسية وحقهم في التعبير والتنظيم وحقهم في انتخاب ممثليهم وبرلمانهم الحر.

    مات الترابي وقد سلب مواطنيه من دستورهم وضماناته ومن حماية حكم القانون ليصبحوا خاضعين لسطوة جهاز أمن حركته وعسفه.

    مات الترابي وقد أضحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مسخا في أيدي الإسلاميين وأضحى مجموع جهاز الدولة مطية لتحقيق مصالح الطبقة الجديدة لمنسوبي حركته وإشباع شرههم في ظل نظام اقتصادي رأسمالي منفلت ومتوحش وغارق في فساد غير مسبوق.

    مات الترابي والسودانيون يعيشون في ظلّ سيف الحدود الذي رفعه وتهددهم أقسى العقوبات وأكثرها إهانة لكرامتهم الإنسانية من رجم ومن قطع للأيدي أو قطع من خلاف للأيدي والأرجل ومن جلد ومن انتكاس لقوانين الانتقام والتشفي القائمة على مبدأ العين بالعين.

    مات الترابي وقد فاقم مشروعُه وضعَ المرأة كمواطن من الدرجة الثانية ولعبت حركته دورا محسوسا في تردي قيم المجتمع السوداني وانحطاط موقفه من المرأة.

    مات الترابي وقد ترك بلدا منكمشا بعد أن يئس ثلث سكانه من العيش في وطن يتساوى مواطنوه وخاصة في ظلّ مشروعه ومشروع حركته فقرروا الاستقلال.

    مات الترابي ودولة مشروعه تحاكي دولة المدينة عندما انقلب أصحاب محمد ووجهوا عنف الإسلام على بعضهم بعد أن قضوا على المشركين، وهاهو نظام الحركة الإسلامية يعيث وسط مسلمي الشمال تقتيلا وسلبا واغتصابا للنساء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

    مات الترابي والغالبية الساحقة من مواطني السودان تعاني من فقر وإدقاع غير مسبوق في ظل انهيار وتردٍّ على كل المستويات وفجوة تتسع كل الوقت اتساعا مريعا بين الذين لا يملكون والذين يملكون.

    مات الترابي وقد نجح نظامه في قتل أكبر عدد من السودانيين (وهو قتل لا يزال مستمرا) وفي تشريد

    أكبر عدد منهم (وهو تشريد لا يزال مستمرا).

    مات الترابي بعد أن حوّلت حركتُه السودانَ لبلد من أكثر البلاد انحطاطا في كل مؤشرات التنمية العالمية وأضحى بلدا تابعا فاقدا لسيادته وكرامته يتسوّل المال ببيع دماء مواطنيه.

    9

    من المؤكد أنه لم يخطر ببال الترابي وهو في عمر الرابعة والعشرين ووطنه يستقبل استقلاله بابتهاج وفرح ويَحْلُم بأنه سيكون بلدا ديمقراطيا ناميا ومتقدما (و"علما بين الأمم") بأنه عندما يموت في عمر الرابعة والثمانين سيكون قد ساهم أكبر مساهمة في العمل على تدمير حُلْم بلده وإيصاله لبؤس غير مسبوق وهو يحاول أن يبعث حُلْما آخر ينتمي للقرن السابع الميلادي.

    إلا أن حُلم الترابي وحركته لم يكن أصلا حُلم الاستقلال ولا يمكن أن يكون حُلم السودانيين للمستقبل. ولعل أبلغ درس وعاه السودانيون على ضوء ابتلائهم بالترابي وحركته هو أن الإسلام ليس بحلّ لمشاكلهم وأن حلّ مشاكلهم يبدأ بالعودة لتحكيم الديمقراطية التي ستتيح لهم الجو الصحي لمناقشة مشاكلهم والبحث عن حلولها اعتمادا على عقولهم وعلى أرفع القيم وعلى احتياجاتهم وإرادتهم وليس استنادا على رؤية تدعي هبوطها من السماء.

    للحصول على نسخة بي دي اف من هذا المقال يمكنكم الاتصال بـ

    mailto:mailto:[email protected]@criticalcentre.orgmailto:[email protected]@criticalcentre.org

    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان

    [email protected]

                  

03-23-2016, 10:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)


    الترابي.. مشروع التناقضات والمفارقات


    د. مدى الفاتح


    March 22, 2016


    في الخامس من هذا الشهر رحلت إحدى الشخصيات المفتاحية التي أثرت بشكل واضح على تاريخ السودان الحديث. شخصية استطاعت بنجاح نقل تناقضاتها الشخصية إلى الخارج، بحيث يصبح ذلك التناقض سمة لمشروع سياسي لا يكتمل.
    يمكن أن نبدأ القصة من نهايتها، من تاريخ الوفاة نفسه. لقد تحولت الخرطوم يومذاك لسرادق عزاء كبير يتناسب مع أهمية الرجل، الذي كان قائداً للمعارضة وقريباً من الحكومة في الوقت ذاته، كما كان من القيادات التاريخية «للحركة الإسلامية» التي تتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي وإعلامي كبير في البلاد. لكن المشهد لم يقتصر على «الإسلاميين»، فاليساريون كانوا هنا أيضاً. ليس باعتبارهم الحليف الأهم لحسن الترابي في جبهة المعارضة الحالية، ولكن لأن الأخير كان يحرص، بسبب الكسب السياسي أو لإيمانه الفعلي بذلك، على أن يردم الفجوة بين حزبه الذي يقوم على تفسير منفتح للحكم الإسلامي والأحزاب اليسارية، وعلى رأسها الحزب الشيوعي. لقد فعل الترابي كل ما يستطيع في سبيل ذلك، فبالغ في الحديث عن المشتركات التي تجمعه وحزبه بالأحزاب والجماعات العلمانية واليسارية، ولم يكتف بحضور عزاء محمد نقد أحد رموز الحزب الشيوعي، بل اتخذها فرصة ليعبر عن احترامه لتلك الشخصية، التي ثبتت على مواقفها طوال حياتها، وليجدد نقده للسلفيين الذين يكفّرون الشيوعية باعتبار أنهم «ينتمون إلى سالف الحياة وليس إلى قادمها أو مستقبلها».
    في الواقع فإن الترابي كان يغتنم كل فرصة لتوضيح تمايزه عن العلماء والفقهاء التقلييديين المسجونين ضمن الفتاوى القديمة والمنغلقين على التصورات التراثية والتفاسير السلفية.

    كان يتبنى منهجاً يرى أنه يمنح مساحة أكبر للعقل البشري لتجديد نصوص ومضمون الشريعة الإسلامية. تبني هذا المنهج الذي يقلّل من الاعتماد على المصادر القديمة كان يقربه من الاتجاه الليبرالي ويجعله ينافس صهره الصادق المهدي الذي كان مثله جريئاً في معاداة التوجهات السلفية.
    لكن موقف الترابي من الشيوعية والعلمانية لم يكن ثابتاً، كما غيره من مواقفه التي تتغير بحسب الأجواء السياسية، فقد كان كفاح حركات العلمنة والتغريب والمفاهيم الجديدة كالشيوعية الأساس الذي بني عليه نضال الحركات التي انتمى إليها الترابي مبكراً، ابتداء من جماعة الأخوان المسلمين مروراً بجبهة الميثاق الإسلامي ونهاية بالحركة الإسلامية. كان الترابي وأصحابه يستمدون شرعيتهم في الواقع، خاصة في الفترة التي سبقت وصولهم إلى السلطة، من التمايز عن أولئك المثقفين الذين يسعون لتطبيق المناهج الشرقية أو الغربية في واقع مغاير. كان تكفير اليسار بكل توجهاته رائجاً، وقد ساهم ذلك في تمدد الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية في المجتمع السوداني المتدين. ذلك سيستمر حين يصبح الترابي ومجموعته المقربة على رأس السلطة في بداية التسعينيات وحين يبشّر بما سيسميه «المشروع الحضاري الإسلامي» المبني على الـتأصيل والتحكيم العصري للشريعة، ولكن أيضاً على العداء التام للأفكار العلمانية، وما تفرع عنها من أحزاب وجماعات. في تلك الأيام كانت الشيوعية تهمة لا تغتفر. لكن ذلك سرعان ما سيتغير مع نهاية التسعينيات بعد توجه الرئيس البشير لإقصاء الترابي وسحب بساط السلطة من يده. حينها سيتأخر المشروع الإسلامي لصالح المشروع «الشعبي» المعارض، الهادف لتعميق المفاصلة مع الحزب الحاكم والتعاون مع كل من كان ينظر إليهم حتى الأمس القريب كخونة وأعداء ومارقين في سبيل هدف غامض جديد وهو الوصول إلى حكم مدني.
    في الحاشية نقول إن «الحركة الإسلامية» المذكورة أعلاه هي علامة تجارية حاول الترابي أن يجعلها متحدثة باسم العمل الإسلامي، لكن خروجه، أو إخراجه بالأحرى، من السلطة السياسية أدى لخروجه والكثيرين من أتباعه من هيكل الحركة التي فشلوا في تحويلها لهيئة دينية مسيطرة على الحكم على غرار الحالة الإيرانية. من جهة أخرى فقد كان الانتماء المباشر لهذه الحركة أو الاستمرار في الانتماء إليها معيقاً أساسياً لمشروع الترابي الجديد، الذي كان يهدف بشكل رئيس في سنواته الأخيرة للاقتراب من المعارضة الداخلية ذات التفاوت العلماني وللتسويق لنفسه كمناضل في سبيل الحريات العامة أكثر من كونه مجرد داعية أو ناشط إسلامي.
    ضمن هذا المشهد يظهر الغنوشي الذي يعتبر من أهم تلاميذ الترابي في المنطقة العربية أو أكثرهم ظهوراً، خاصة بعد ربيع تونس.

    الغنوشي سيعتبر في كلمته التي جاء خصيصاً ليلقيها على مسامع الحضور، أن من المهم توحيد جناحي «الحركة الإسلامية» في السودان. هو يعني بذلك الحركة بجناحيها الرسمي القريب من الحكومة والآخر القريب من شيخه، الذي انفصل لصالح المشروع المعارض الجديد.
    أقول إن الغنوشي بكلمته تلك قد ضيّق واسعاً، فقد كان من السهل عليه إذا تجاهل الدعوة لضرورة توحد السودانيين جميعاً وليس فقط الإسلاميين في هذه المرحلة، أن يدعو لتوحد الشخصيات والجماعات العاملة في الساحة الإسلامية، لكنه بدا، لي على الأقل، متأثراً بمذهب احتكار العمل الإسلامي. يعلم الغنوشي أن جماعة الأخوان المسلمين مثلاً ليست جزءاً من هذه الحركة الإسلامية وكذلك باقي الجماعات السلفية والسنية ناهيك عن الصوفية، لكنه يتعمد أن لا يراها.
    ليس هنا مقام انتقاد آراء الغنوشي السياسية إلا على سبيل التذكير بأنها ناتجة في الأصل عن تأثره بشيخه السوداني، فحينما يرفض بقوة وسم حزب الله بالإرهاب ويتعامى عن كل جرائمه وتدخلاته، فإن ذلك ينسجم مع صوت أستاذه الذي كان يؤمن حتى آخر أيامه بعدم وجود فروق بين السنة والشيعة، كما كان يؤمن بأن «الجمهورية الإسلامية» تجربة تستحق أن تحتذى.
    على ذكر الشيعة الذين لم تتح الفرصة لرموزهم لحضور مراسم الوداع أو للتعبير بقوة عن فقدهم لصوت كان لا يخفي رفضه لكل القرارات التي كانت تحاول الحد من النفوذ الإيراني الشيعي في السودان، أذكّر بأن موقف الترابي من الشيعة يندرج تحت الموقف الأكبر الذي يدعو إلى منح حرية التشيع والتبشير أو حتى الكفر. بحسب فهم الشيخ للحريات، الردة بحد ذاتها ليست جريمة. الكلام يبدو سهل التسويق للخارج، خاصة أولئك الغربيين الذي تعجبهم الأصوات الإسلامية المتسامحة وغير المتقيدة بالتفسيرات الأصولية والتراثية. لكن إيمان الشيخ المطلق بالحريات محل نظر، فهو لم يعترض، إذا لم نقل دعم، لم يعترض على إعدام محمود محمد طه عام 1985 بعد أن وجهت له تهمة الردة لخروجه عن الإجماعات الفقهية وإنكاره، بدعوى التجديد، للكثير من المعروف بالضرورة من أمور الدين، وهي الإتهامات نفسها، التي ستلاحق، للطرافة، الترابي نفسه خلال حياته، بل وبعد الممات.

    ذكر محمود محمد طه هنا مهم، لأن أولئك الذين منعوا الناس من التذكير بأفكار الترابي الشاذة بحجة أن من مات لا يجوز إلا ذكره بالخير، كانوا في معظمهم من الذين لم يتوقفوا عن دحض أفكار محمود ووصمه بالكفر حتى بعد ثلاثين سنة من إعدامه.
    تلك لم تكن المفارقة الوحيدة حيث ساند داعية الحريات قبلها تطبيق النميري الفوضوي لأحكام الشريعة والذي كانت أحكام الردة جزءاً منه. ذلك التطبيق على طريقة النميري ربما لم يكن مقنعاً للشيخ، لكن لم يكن هنالك مفر من القبول بها نكاية بالشيوعيين الذين أقصاهم النميري وأبعدهم، ونكاية بغيرهم من المنافسيين السياسيين «المعترضين على تطبيق الشريعة».

    داعية الحريات لم يقدم خدمات مجانية للنميري فقط، بل كان المخطط الأهم لانقلاب 1989 تحت دعوى الاستيلاء على السلطة من أجل الأسلمة الفوقية. مشاهد كثيرة يمكن أن تستدعى باسم تلك الأسلمة ابتداء من سياسة «التمكين» التي أجبر بموجبها الآلاف من أبناء السودانيين المؤهلين على ترك وظائفهم بسبب حملهم، أو الاشتباه في حملهم، لأفكار غير مرحب بها، مروراً بقوانين ضبط الشارع العام والمراقبة الفظة للسلوك والضمير، ونهاية بذلك التقديس غير المبرر لشخص الشيخ الملهم الذي سيصبح انتقاده جريمة.
    عرف الترابي بانتقاده للطائفية خاصة الطائفتين الدينيتين المنافستين، الأنصار والختمية، لكنه استفاد بشكل واضح من السلوك الجماعي الذي يحب أن يسير خلف قائد كاريزمي بآراء شبه مقدسة وكلمات لا يستطيع الجميع تفسيرها. كلمات الترابي أيضاً كانت صعبة التفسير ليس لأن لغتها باطنية وعميقة كلغة المتصوفة، ولكن لأن صاحبها يفوق غيره في التفكير بعشرات السنوات الضوئية. سيقول الترابي أن حرب الجنوب جهاد ضد الكفر والصليبية وسينشر بين تلاميذه ثقافة التضحية الممزوجة بتعاليم الدين، الذي يعتبر أن الحياة هي حياة الآخرة حيث الحور العين والنعيم المقيم والتخلص من هذه الدنيا الزائفة. سيكون ذلك مقنعاً للملايين وسيتم التشكيك في وطنية وتدين كل من يعترض أو يحاول مناقشة هذه المسلّمة.

    لكن حرب الجنوب لن تعود جهاداً بمجرد خروجه من الحكم وانتقاله إلى المعسكر الآخر. للدهشة فإن أولئك الذين كانوا بالأمس يهللون خلفه بالأغاني والأناشيد الحماسية سرعان ما سيشككون مثله في جدوى تلك الحرب من الناحيتين الإسلامية أو الوطنية، أما جون قرنق قائد العصيان الجنوبي الذي وصف قبلها بكل صفة يمكن أن تخطر على بال فإنه سرعان ما سيصبح حليفاً يمكن الاتفاق معه على نقاط مشتركة 2002)) من بينها حق تقرير المصير.
    كان الترابي مهموماً بتجميع أكبر قدر من الناس حوله وإذا لم يكن هناك مجال ووقت للتصفية والتربية على الطريقة التقليدية فإنه كان لابد من ربط هذه العدد الكبير بشبكة من المصالح والفوائد. هذا بالتحديد يفسر حالة العداء المتنامية للحكومة السودانية خاصة للرئيس البشير بعد قرارات المفاصلة التي سحبت بساط القوة والسلطة من كثيرين لا يسرهم أبداً الاكتفاء بالعمل «الإسلامي» أو الانزواء خلف أعمال مكتبية تقليدية.
    الكثير من أنصار الترابي سينحازون إلى طرح الحكومة الذي لا يختصر الأزمة السودانية في شقي «الحركة الإسلامية» فينفتح على كل التيارات الإسلامية أولاً، قبل أن يفتح باب الحوار والمشاركة في الحكم للجميع بمختلف التوجهات والخلفيات.

    لكن عدداً من أولئك الأنصار سيتحول إلى وقود للحرب في دارفور وسينتقل بعقيدته القتالية من الجهاد في سبيل الدين ضمن حرب الجنوب إلى قتال بهدف عصبي بعد إعادة ترتيب الولاءات ووضع أولوية للقبيلة، وهو الأمر الذي سيجعل أولئك «الإسلاميين» يتورطون في عدد من العمليات الإجرامية حتى وصل الانحدار ببعضهم حد أن يصبح مرتزقاً بيد القذافي والمجموعات التي تلته في ليبيا، أو أن يشارك في أحداث جنوب السودان بحثاً عن نصرة وتمويل. المشروع الإسلامي الذي أراد بناء ولاء على أساس رابطة جديدة لم يعد مجدياً، على الأقل بالنسبة لأولئك الذين سرعان ما عادوا للانحياز إلى القبيلة والهوية الجهوية والإقليمية.
    في لحظة غضب وانفعال طالب الترابي الرئيس البشير بتسليم نفسه للمحكمة الجنائية. الشيخ الذي أسس كياناً عربياً وإسلامياً يضم شخصيات وجماعات من جميع أنحاء العالم للوقوف في وجه النظام العالمي المتغطرس، كان يشبّه الأمم المتحدة والتعاقد معها بصلح الحديبية الملزم والذي يجوز، بل يجب التحاكم إليه. المفارقات لا تنتهي والتناقضات كذلك ويصعب أن يحيط بها مقال واحد أو حتى كتاب. قد يقول قائل هنا أنه من غير المنصف تحميل الرجل وزر كل ما حدث ويحدث للسودان وهذا صحيح بلاشك، لكنني أقول إن من غير الإنصاف أيضاً وصف الرجل بأنه مجرد مفكر أو فيلسوف لا علاقة له بالواقع السياسي.
    كاتب سوداني

    د. مدى الفاتح
                  

03-23-2016, 11:00 AM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3958

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)
                  

04-18-2016, 06:28 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الترابي: دهاء الخبث وخبث الدهاء

    صلاح حامد هباش


    التقط الأضواء في الأسابيع الماضية حدث وفاة الزعيم الترابي, كأهم حدث يشغل الساحة الإعلامية بشقيها العربي والإسلامي. وعلى إثر الحدث طفق معظم الكتاب والعلماء من مختلف بقاع العالم وجغرافيتها عبر الفضائيات والصحف؛ الناطقة بشتى الألسن؛ طفقوا ينقبون في سيرة الراحل الترابي؛ عن أعماله وما خلفه من أثر يكون له بمثابة الصدقة الجارية ويجعله في عداد القلّة الخالدة عالمياً والتي انتشلت شعوبها من وهدة الفقر والأمية والمرض. عكفوا يرصدون رصيده من الأعمال علهم يجدوا عملاً وطنياً واحداً يحمدونه عليه. ولعلها لم تكن مفاجأة حين لم تعثر فرق البحث على أعمال مشرقة تزيّن صحائفه وتكون منفذاً يذكرون من خلالها محاسنه, فيدعون له بالرحمة والمغفرة. وأحاول أن أقف في هذا المقال عند إحدى المحطات الهامة التي كانت بحق قاصمة الظهر في مسيرة العباد والبلاد, واستطاع الراحل أن يديرها بالريموت كنترول؛ وبمهنية عالية؛ لتتحرك عجلات التاريخ إلى الخلف وبسرعة جنونية مذهلة لتغيِّر الصورة المشرِّفة لبلد حدادي مدادي وينحدر الوطن نحو هاوية سحيقة في كل مناحي الحياة ليحيا أعضاء التنظيم الملائكي حياة طيبة في دار المقامة لا يمسّهم فيها نصب ولا يمسّهم فيها لغوب. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
    مدخل:
    ظل أهل الإنقاذ؛ قبل وبعد استيلائهم على السلطة؛ في تخطيط مستمر وتفكير دائم عن أنجع الأساليب وأكثرها مضاءةً "لطرد" قدامى التجار ورجال الأعمال من السوق؛ ليحلوا مكانهم. ولذلك اجتهدوا وحققوا أعلى درجات النجاح في تجفيف مصادر الرزق لذلك النفر المستهدف من الرأسمالية. وسأتعرض في هذا المقال للخطوط العريضة فقط.
    وزارة التجارة والسوق:
    وزارة التجارة لها أهميتها الخاصة جداً في وسط الجهاز التنفيذي. فهي التي تضبط حركة الصادر والوارد وتصدر الرخص الكبيرة والصغيرة وتتحكم في توفير ما يحتاجه المواطن من سلع أولية وضرورية وثانوية واستراتيجية. ولذلك كانت محط آمال الكثيرين من عضوية الجبهة الإسلامية؛ إذ يستطيعون من خلالها إدارة البلد من مراكز القوة؛ فالمال هو عصب الحياة". ويُعزى الفساد الذي يضرب الأطناب في طول البلاد وعرضها إلى كمية الفوضى الحادثة في هذه الوزارة وروافدها وملحقاتها والأجهزة العاملة عليها. فنسبة عالية من البنايات الشاهقة والقصور الشامخة في داخل وخارج البلد؛ بل والأرصدة بكل أنواع العملات وكل الأعمال في الخارج والداخل, ما كان له أن يُوجد, لولا الفوضى العارمة وانعدام الأخلاق في إدارة هذه المرفق؛ الذي وضع مصائر الناس بأيدي طفولية جشعة لا تعرف الرحمة. هنا حيث ألقت الدولة ما فيها وتخلت مفسحة المجال لعربدة لا مثيل لها؛ كان ضحيتها الإنسان الذي ادعت هذه الحكومة أنها جاءت لإنقاذه.
    فالعمل في هذه الوزارة؛ ومنذ إنشائها؛ ظل يسير وفقاً لضوابط محددة وصارمة ومتعارف عليها. إذ تقوم هيئة مختصة من الطاقم العامل بفحص طلبات الاستيراد والتصدير ويتم التصديق عليها حسب الاسبقية الزمنية للمتقدم وحسب أهمية الصنف المراد استيراده أو تصديره؛ حسب موقعه من حاجة المواطن بما يتماشى مع المصالح العليا للبلاد والتي تصب في تنمية الوطن ورفعة المواطن وترقية خدماته. وهنا يدخل "ضبط الجودة" ويضع خطاً أحمراً لدرء المفاسد والحكم بالإعدام على كل سلعة يُحكم عليها بالفساد سواء كانت "أسمدة" أو غيرها.
    لم تخل هذه الوزارة عبر تاريخها من المحسوبية والفساد والرشاوي والوساطات؛ ولكنها ظلت "إلى حد كبير" محدودة. ذلك أنّ كل تاجر يريد تمرير أوراقه بأقصر الطرق وأيسرها وظل الحال هكذا إلى أن جاءت الإنقاذ. مجيء الإنقاذ؛ قلب الأمور رأساً على عقب؛ إذ اُحيل قدامى موظفي الوزارة إلى الصالح العام وفُصلوا فصلاً تعسفياً. وهكذا جاءت وجوه جديدة لها رؤى تختلف كماً وكيفاً عما وجدنا عليه آباءنا. استطاعت هذه الوجوه الجديدة وفي زمن وجيز تغيير كل الأساليب والنظم التي كان معمولاً بها في السابق والتي ظل آباؤنا عليها عاكفون؛ ليحل محلها نظام جديد يُمَكِّن عضوية المؤتمر الوطني الكريمة من الأخذ بتلابيب السوق وتطويعه بل وتفصيله بالمقاسات المطلوبة وقبل ذلك تحجيم وإقصاء مشاهير التجار ورجال الأعمال.
    الطرد من السوق:
    قصة وزارات إدارة المال في البلد؛ بما في ذلك البنوك والمالية ثم التجارة قصة مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى؛ يتم فيها الكيل بمكيالين غير متساويين؛ فهي قسمة ضيزى؛ تتلقى فيها عضوية المؤتمر الوطني وأدواته الفاعلة معاملة ناعمة ويخدمهما الطاقم العامل بالوزارة حافي الأقدام. فالخدمة الأولى التي يتلقونها "عند تقديم طلب الاستيراد" هي توفير العملة الصعبة لفخامة جلالتهم بالسعر الرسمي "البنك"؛ ثم الإشراف على تكملة إجراءات التنسيق مع البلد المعين وبدون رسوم تذكر. في مقابل ذلك يتلقى المواطن العادي "محمد أحمد" كماً من المماطلة والبيروقراطية وقد يتعرّض لاستجوابات وتحريات بلغة حادة ونفس حار "إن لم تمتد الأيدي". يُعامل كإنسان متهجم على مجال لم يُخلق له "علماً بأنه صاحب سجل تجاري عريق ضارب الجذور في القدم وفي العادة يكون هذا السجل موروث ومتوارث من والده وربما جده لأبيه؛ عمره قد يزيد على السبعة عقود". وبعد كل ذلك العنت يبدأ رحلة بحث لتوفير النقد الأجنبي؛ فيضطر إلى "دقش السوق الأسود"؛ "وشتّان ما بين السعر الرسمي الناصع البياض والسعر غير الرسمي الحالك السواد". لك أن تتخيل المفارقة والنتائج السلبية من وراء مثل هذا التصرف الذي يفتقر إلى أدنى درجات الأخلاق والنخوة. كل هذا بالنسبة لأهل السوق الأصليين.
    أما الذين ولجوا هذا المجال حديثاً "أي في عهد الإنقاذ" فيُصدق لهم بما يعرف بـ" القرض الحسن" "مصطلح من فقه الترابي" ويعني قرض بدون فوائد؛ ليمكِّن فقراء العضوية ومعدميها من ممارسة البزنس؛ ويكونوا بذلك قد خرجوا من دائرة الفقر والعوز التي أدمنوها وأدمنتهم هي الأخرى. أما أشكال القروض الأخرى بالنسبة للجمهور ففوائدها عالية "ضرب في النخرة" والهدف واضح وهو خلق هامش عالي من الأرباح قبل أن تبدأ عملية الاستيراد والتصدير.
    . النقطة الثانية هي الشرك أو الفخ. عندما تُفحص الطلبات غالباً ما تكون هنالك أصناف مشتركة تقدم بها أكثر من تاجر. هنا مربط الفرس وبيت القصيد. وهو أن القائمين على الأمر في الوزارة يقومون بتمرير طلبات عضوية التنظيم أولاً وتأجيل الطلبات الأخرى ليكون هنالك فارق زمني يضمن وصول بضائع الأعضاء في ميناء بورتسودان أو سواكن أولاً ليتم التوزيع وإغراق السوق "ضربة استباقية" ويتفاجأ محمد أحمد بعد شهر بعدم الطلب لأصنافه المستوردة وتضيق الخيارات أمامه فيبيع لهم بما يفرضونه من أسعار عملاً بالمثل القائل "المال تلته ولا كتلته" فيرضى صاغراً "زلط نخرة" بالشيكات الطويلة الأجل وهي شكل من أشكال الخسارة وأولى الخطوات نحو إعلان التفليسة وركوب التونسية.
    في زمن الانقاذ هذا استحال العمل في السوق ومنافسة الجبهجية فهم يأتونك بوجوه عديدة ويلاحقونك بأساليب متعددة ويكفي أن هنالك 28 جهة ضريبية مختلفة تلاحقك؛ تتخذ أسماء مختلفة ثم الزكاة بالقوة "حتى لو لم يبلغ مالك النصاب"
    الصنف المقفول:
    هذا نوع من أنواع تكريس الهيمنة وإحكام القبضة الحديدية على أصناف استراتيجية محددة؛ هذه الأصناف تسمى بالأصناف المقفولة وقد عُهد بها إلى شبكة من الشركات تتبع لأجهزة مختلفة في الدولة؛ كجهاز أمن الدولة الداخلي والخارجي وبيوت أشباحه في العاصمة والأقاليم. ووفقاً لقوانين ودساتير هذه الشركات فإنها جزء أصيل من القطاع العام ويجب أن تغذي الخزينة العامة. غير أنها في واقع الحال تغذي أعضاء مجلس إدارتها الذي يتربع على عرشه بعض آلهة مؤتمر الفوضى. المحزن في الأمر أنه ليس هناك خط فاصل بين خزينة هذه الشركات "خزينة الدولة" وجيوب هؤلاء الأباطرة بل وأباطرة آخرون يسهرون على المتابعة والترحيل والتوزيع كوكلاء تجاريون. هذه الشركات تصدِّر وتستورد ما يسمى بالأصناف المقفولة وهي حكر عليها تتحكم في التوزيع بقدر حاجة المستهلك ولها كم من المخازن والجملونات بل والقدرة على الرصد الدقيق لسير التوزيع للمحافظة على الأسعار. هذه السلع سلع حيّة وغاية في الحساسية منها أدوية بشرية وبيطرية وقطع غيار. كل موسم في عالم السوق له لغته الخاصة به وأصنافه المفصّلة عليه يتلقفها السوق بشراهة وفي زمن قياسي.


    . لذلك ابتدع بدعةً "ضالة" تتناقض مع الدين وتتعارض مع الأخلاق وهي إقصاء قدامى رجال الأعمال كخطوة أولى قبل التدمير النهائي بل والمحو من خارطة البيع والشراء والاستثمار. ونتناول هنا الامتيازات والتسهيلات التي منحها الدكتور ووهبها لعضوية تنظيمه والتي أودت دون غيرها بحياة العاملين في هذا القطاع ومن ثم سقطت البلاد في فوضى غير مسبوقة؛ بتركيز موارد ومصادر البلاد وفرصها التجارية في أيد حفنة جشعة أساسها الحكم من خلال التحكم. وقد استلم راية العمل في هذه المرافق شباب متعطِّش للتنكيل بالآخرين؛ فاجر في خصومته مع شعبه ومجتمعه؛ لا يحكمه وازع خلقي ولا يردعه حس وطني ما دامت النتيجة هي راحته على رقاب العباد وموارد الوطن بلا مؤهل يذكر أو خبرة تعتبر. ولعل هذا ما يسر عنوان هذه المقالات بأنه دهاء الخبث وخبث الدهاء.
    أولاً : الإعفاءات + الترحيل "لأعمال وبضائع شركات الحزب"
    ما يتم من تجاوزات في الترحيل يكفي تماماً لتمويل البند الأول في الميزانية وهو "بند المرتبات". هكذا كان دخل السكة حديد في الماضي يكفي لتمويل 4 وزارات خدمية بكل ما تحتاجه وهي التربية والصحة ثم الشرطة فالدفاع. تحولت هذه المبالغ الطائلة؛ بفضل فلسفة التمكين" لجيوب الأفراد؛ إذ أنّ مؤسسة السكة حديد ووفقاً لسياسة المدراء الجدد؛ أصبح من أهم مبادئها "إعطاء الأولوية" لترحيل بضائع شركات معينة وبأسعار مخفضة وهي شركات تتبع لأسماء لامعة وبرّاقة دوّخت المواطن وأشلّت حياته. هذه الشركات مدمجة في منظمات تبدو إنسانية "ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب"؛ اتخذت أسماء تكسبها تعاطف الناس وهي: رعاية الأيتام وكفالة الأرامل ثم شباب الوطن وذوي الحاجات الخاصة. واجهات هذه المنظمات هي الشركات المذكورة آنفاً وقد تسمّت بأسماء أُخذت من ألفاظ القرآن الكريم ومفرداته كالسابحات والراضيات ثم الغاديات فالكافيات. هذه الأسماء تذكرنا بالأسماء التي تسمّت بها قوافل حرب الجنوب كالعاديات؛ والموريات قدحا. فلكل مقام مقال ولكل صناعة شكل.
    المدير التجاري الاقليمي لفرع السكة حديد وطاقم موظفيه هم جزء لا يتجزأ من هذه اللعبة القذرة. يقومون بتصديق العدد المعيّن من العربات للشركات المعينة وللأفراد المعنيين "أولئك لهم نصيب مما كسبوا" وهو نصيب "خاص" تحفيزي معلوم "عمولة" مبرر فقهياً. مسألة الترحيل هذه مسألة أساسية في العمل التجاري؛ وهذه التخفيضات هي في المقام الأول أموال القطاع العام تم اقتطاعها لتضاف كفوائد لهؤلاء الأفراد وشركاتهم بدلاً من أن تأخذ طريقها للخزينة العامة. ينتج من ذلك أن صاحب البضائع غير مخفضة الترحيل لن يستطع منافسة هذه الشركات ذات الحول والطول وسيمنى بخسائر فادحة برمج لها الطرف الآخر وأحسن التخطيط لحدوثها. وكمثال لهذه الفوضى فإن جوال الملح في سنة 97, تصل تكلفته إلى 23 ج في الدمازين وذلك للتاجر غير العضو في التنظيم أما أعضاء التنظيم يكلفهم نفس الجوال 15 ج؛ ولك أن تتصور بقية المأساة.
    يضاف إلى جريمة الترحيل المخفّض جريمة أخرى وهي الإعفاءات, ذلك أنّ هذه الشركات المتوارية خلف هذه المنظمات الوهمية؛ معفاة تماماً من الجمارك ورسوم الانتاج, وتسرح وتمرح حرةً طليقةً من دون دفع أيِّ ضرائب وجبايات أو أشكال الغرامات الأخرى التي تنتحل أسماءً ما أنزل الله بها من سلطان لتضييق الحياة على العاملين في هذا القطاع ليتركوه قسراً فتختفي بذلك الوجوه المألوفة للناس من قدامى التجار لتحل محلهم شاكلة جديدة من فاسدي الذوق وعديمي الأخلاق
    أما الأسماء التي اختفت من عوالم السوق فهذا شأن تمكيني لا تنتطح فيه عنزتان يتجلى فيه مدى الخبث والنوايا المبيّتة للإضرار بالآخرين.
    الغرف التجارية:
    لكل مدينة غرفتها التجارية الخاصة بها ويُناط بها القيام بالتسويات وفض المنازعات المالية بين التجار. فعندما تسوء ظروف تاجر ما وتكثر عليه المطالبات تتدخل الغرفة التجارية وتكون بينه وبين دائنيه "معلناً التفليسة". تستلم الغرفة التجارية مفاتيح المحل أو المحلات ثم مفاتيح السيارات وكذلك أوراق البيوت وتضع يدها على ممتلكاته. تحدث عملية التسوية بإعطاء الدائنين نسبة من حقوقهم على أن يتنازلوا عن الباقي رفقاً بهذا الزميل ومن ثم يرجع هذا التاجر لمعاودة العمل من جديد وبسياسات جديدة؛ "يعني لا يذهب إلى السجن ويبقى لحين السداد" وقد ظلت هذه الغرف تعمل بمستوى أخلاقي معقول منذ تأسيسها في سنة 1923 حتى مجيء الإنقاذ المشؤوم لتنقلب هذه الأعراف رأساً على عقب؛ وليصبح وجود الغرف التجارية وبالاً على التجار وأصحاب العمل..
    في عهد الانقاذ؛ تعمل الغرف التجارية بطريقة غاية في السريّة؛ فهم لا يُطلِعون على غيبهم أحد إلا من ارتضوا من المقربين فكراً وربما دماً في رواية أخرى. هم يعرفون عن كثب, التجار الذين يترنحون نحو التفليسة؛ إذ أن مهمة بعض موظفي البنوك؛ "وجلهم من الأخوان المسلمين" مهمتهم كشف حسابات العملاء "للتنظيم" ربما لأسباب أمنية أو بغرض الاضطلاع على حجم الحركة داخل الحساب. تقوم الغرفة التجارية بالاجتماع بالمرشح للتفليسة خلسة؛ بعيداً عن أعين الخلق ثم تجري المساومات بين الطرفين؛ والتي تنتهي بتحويل ملكية دكاكين وعقارات هذا الشخص وتسجيلها وإضافتها إلى ممتلكات أعضاء الغرفة التجارية بأقل من نصف أسعارها الحقيقية. يستخدمون في ذلك لغة الترهيب والترغيب ليضعوا أياديهم على المواقع الاستثمارية والمشاريع الناجحة ولا تخلو جلسات المساومة من وعود بالتعاون في الجولات القادمة لتعويض الخسارة. ويقول المراقبون لهذه البلطجات أن الدائنين هم ذات أفراد وعضوية الغرف التجارية؛ بل أنها عمليات مخطط لها سبقتها ضربات قوية في كل المراحل التي تمر من خلالها البضائع؛ أفضت إلى إخراج هذا الشخص من السوق ليحل محله المجاهد عضو تنظيم الأخوان المسلمين.
    المكايدات وطرد المشاهير من السوق:
    ظلت العلاقة بين رجال الأعمال ومدراء البنوك ولطيلة العقود الماضية علاقة تقوم على الثقة وعلى قويم الأخلاق السودانية المعروفة والتي لا تعرف الغدر وصفات الكذب والمكايدات بل والنفاق وبأن هناك "عصا نايمة وعصا قايمة". فرجل الأعمال المورّد في تعامله مع الشركات الخارجية المنتجة يحتاج لما يعرف ب "خطاب كرديت" يتم تحريره بواسطة مدير البنك. في هذا الخطاب يشهد المدير بأن هذا التاجر "وهو عضو بمجلس الإدارة وأحد مؤسسي البنك"؛ يشهد بأن رصيده به مبلغ كذا وهو يساوي 30% من قيمة البضاعة المراد استيرادها. وهذا هو الشرط الإجرائي الأول الذي تقوم بموجبه الشركة الخارجية بإرسال البضاعة. الشرط الثاني إكمال المبلغ حين وصولها إلى الميناء. الشاهد في الأمر أن بعض هذه الخطابات يُحرر بدون رصيد موجود وجود فعلي في الحساب؛ ولعل المدير الذي قام بتحريرها متيقِّن من أن هذا العميل سيورِّد غداً أو بعد غدٍ أضعاف مضاعفة لل30% الموجودة في الخطاب. بناءً على تجاربه التي لا تُحصى معه ومتيقِّن أيضاً من أنه سيكمل ال70% المتبقية من إجمالي المبلغ عند وصول البضاعة إلى الميناء. وقد ظل الحال يسير بهذه الطريقة منذ خمسينات وأربعينات القرن الماضي وحتى مجيء الإنقاذ على الرغم من "خرقه الواضح للنصوص الصريحة للقانون.."
    لم يكن الأخوان "بعد استلامهم للحكم"؛ يجهلون هذه الممارسات بل كانوا على علم تام بها؛ ولكنهم غضوا الطرف عنها مؤقتاً؛ حتى يغرق رجال الأعمال أولاً ومن ثم مدراء البنوك في هذه المخالفات "لمزيد من التورّط" فينقضوا عليهم في لحظة معينة. . جندوا لهذا العمل نفير من المختصين في مجال المصارف ومن الضليعين في مهنة القانون..
    قام هذا النفير بحصر مثل هذه المخالفات بأثر رجعي؛ ووجدوا أن هؤلاء التجار يأخذون هذه الخطابات ويسددون ما عليهم "بالمهلة" واستمر ذلك لسنين طويلة جداً. وبناءٍ على ذلك؛ بدأت المحاسبات عبر المحاكم يسندها كم هائل من الوثائق الدامغة التي تثبت استغلال المنصب "من جانب المدراء" لتزوير المستندات مما يعد انتهاكاً لما منصوص عليه في القانون الجنائي السوداني لسنة1991 المواد 122؛ 123؛ 124.
    أدانت المحاكم مدراء البنوك والتجار على السواء وزجوا بهم في السجون. وقضت بعض محاكمهم الجائرة بأن تلك الثروات وبدون استثناء إنما بنيت مع الأيام بذات الأسلوب مما يستوجب مصادرتها. وبناءً على ذلك صدر أمر مصادرة وتجريد رجال الأعمال من جميع ما يملكون من شركات وعقارات ومصانع وخلافه بعد الإدانة. ومن الأمانة أن يذهب كل فلس وشبر أرض تمت مصادرته إلى الخزينة العامة ولكن آلت ملكية كل هذه الثروات إلى المتنفذين الاسلاموين. غياب تام للشفافية في ظل نظام شمولي باطش. ويكفي أنه ووفقا لمؤشر منظمة الشفافية الدولية يتذيّل السودان القائمة ويحتل الموقع الأدنى في كل سنة حتى وصل به الحال لاحتلال المرتبة الرابعة قبل الأخيرة في العالم
    كانت الخطوة التالية لهذا العمل هي الدراسة المتأنية للسجلات التجارية لهذا النفر من رجال الأعمال ليحلوا محلهم ويرثوا أعمالهم..
    هكذا هم الأخوان المسلمون يجيدون الغدر وأخذ الطرف الآخر على حين غرة. يتلذذون بمصارع أعدائهم؛ ولا توجد مفردات الضمير والأخلاق في ممارساتهم ومعاملاتهم البنكية والربحية وإدارة الأعمال. هكذا انتهى المطاف بمدراء البنوك ورجال الأعمال إلى السجون وهرب كثيرون من رأسمالية البلد وفي زمن قياسي إلى بقاع مختلفة في أرض الله الواسعة؛ حتى لا يتعرضون إلى الذلة والمرمطة ثم الهمبتة وقلع الممتلكات عنوة ورجالةً..
    هنالك أسلوب آخر يتبعونه مع تجار الإجمالي والتجزئة وهو فرض ضرائب تعجيزية تفوق حجم العمل لدى التاجر. فهم يراقبون حركة الدكان والبضائع ويلقون بنظرات إلى الرفوف والعربات المحمّلة التي تغدو وتروح على المحل ولا يسألون أو يفكرون في حجم الشيكات الآجلة التي تم بها شراء البضائع. يأتون بفواتيرهم ويطالبون التاجر بالدفع وهو لا يملك لهم دفعاً ولا رداً. وعندما يتبينوا أنهم وصلوا إلى طريق مسدود مع هذا التاجر "بسبب عجزه" يفسرون ذلك بأنه تمرد على الحكومة المسلمة وأن هذا التاجر هو مجرد طابور خامس لا يريد لراية الاسلام أن تعلو وترتفع؛ حينئذٍ يأتون بالطبل ويغلقون الدكان ويفيدون ذلك التاجر بأنه عليه الالتحاق بكتيبة الشهيد محمد أحمد عمر ببحر الغزال. وهكذا غادرت أعداد لا حصر لها هذا المجال تحت التهديد وأساليب قهرية لا يسندها دين ولا أخلاق..
    غسيل الأموال إشارة إلى أنّ البلد يحاصرها الفساد وتخنقها الفوضى. وهي من المساوئ التي اشتهر بها العهد الإنقاذي اللئيم ولم يتورعوا أبداً من ارتكاب مثل هذه الجناية. هذه الأموال المراد غسلها تأتي من بلاد أخرى قد تشاركنا الحدود وقد تشابهنا في قضايا أخرى وما أكثرها. فهي أموال مخدرات أو سلاح وربما دعارة. لم يستطع أصحابها إدخالها في النظام البنكي للبلد المعين. تبرع اخواننا في العقيدة بغسيلها ومكوتها وتعطيرها ليعبروا بها إلى آفاق الثراء والفوضى غير المحدودة التي تدنت معها كل القيم النبيلة التي تجعل السوداني مرفوع الرأس, عالي الأنف. ولكن كل دورٍ إذا ما تم ينقلب

                  

04-20-2016, 05:01 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)



    اعتراف دكتور الترابي بدور التنظيم للتخطيط لإنقلاب 1989 - تسجيل الجزيرة 2007
                  

04-20-2016, 05:05 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: عبدالله الشقليني)



    تعترف بدور التنظيم في محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك - الجزيرة 2007
                  

04-20-2016, 05:13 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: عبدالله الشقليني)

                  

04-24-2016, 05:15 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: عبدالله الشقليني)

    شكرا لك
    الاستاذ الشقلينى على المشاركة القيمة والمهمة
    تواصل معى فى التوثيق
    نتواصل
                  

03-13-2016, 05:30 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    القرضاوي: الترابي هو "الحسن" الثالث في الإسلاميين

    حجم الخط + –

    14:22 10 مارس 2016 الكاتب : رمضان محمد

    القرضاوي: الترابي هو andquot;الحسنandquot; الثالث في الإسلاميين

    قال د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ناعياً الأستاذ حسن الترابي: إنه من القادة والعلماء والدعاة والمفكرين المجاهدين، أحد من امتلأت حياتهم بالعلم والعمل، والدعوة والجهاد، وإنه كان بحق أحد رجالات الأمة العربية والإسلامية، وأحد رجالات الفكر والتربية والسياسة، لا يشك في ذلك أحد، فهو مفكر وزعيم سياسي وديني، يعتبر من رواد التجديد السياسي الإسلامي.

    وقال القرضاوي: حسن الترابي هو الحسن الثالث في الإسلاميين, بعد حسن البنا الأول, وحسن الهضيبي الثاني, هو سوداني قح, تعلم القرآن الكريم وحفظه وجوده في صباه, وتعلم اللغة العربية والشريعة, ولم يتغير فكره الإسلامي الأصيل عن أصله, رغم أنه حصل على قمة الدراسات العليا في الغرب.

    الترابي والإخوان

    وعن علاقة الترابي بجماعة الإخوان المسلمين قال: اختلف مع الإخوان اختلافاً في الطرق؛ لأن له فلسفة في الحركة لا تتفق تماماً مع المسيرة العامة لحركة الإخوان، مشيراً إلى أنه هو وبعض قادة العمل الإسلامي في العالم حاولوا تقريب وجهات النظر بين الفريقين المتخاصمين في السودان، إلا أنهم لم يوفقوا في ذلك.

    وأضاف في هذا السياق: قاد حسن الترابي الجماعة السودانية في الشدة والرخاء, وفي العسر واليسر, وكانوا معه كتلة واحدة, وإن خالفه بعضهم بعد ذلك لعدم استطاعتهم تحمل مخالفاته في اجتهاده لبعض تقاليد الإخوان, وطبيعة الناس ليست واحدة في هذا الجانب، منهم من لا يطيق الخروج عن المتوارث أو المألوف, في السياسة أو في الفكر, أو في الحياة، لا بد أن تظل الحياة في نظره خيطاً منتظماً, يتصل بعضه ببعض, والترابي ليس من ذلك الصنف, ومثلي يقبله, ولكن بعض إخواني من المقدسين للنمطية الموروثة التي لا يجوّز لأحد الخروج عليها.

    منهجه عروبي إسلامي

    وحول منهج الترابي كما يراه القرضاوي قال: وكان منهج الترابي منهجاً عروبياً إسلامياً، يركز على عدة أمور:

    1- قضية الإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالشريعة والتربية منهاجاً عاماً.

    2- حرية الشعوب جزء من الفرائض الإسلامية، التي نجاهد في سبيلها.

    3- حرية التعبير والفكر والمقاومة للظلم فرائض أساسية.

    4- قضية فلسطين قضية أصلية، لا يجوز التهاون فيها. والدفاع عنها فريضة.

    5- العدالة الاجتماعية ومحاربة المظالم والطغيان والفساد جزء لا يتجزأ من الإسلام.

    6- الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها أمة واحدة، يجب أن تتوحد، ولا يجوز أن تتفرق.

    7- نسالم كل من يسالمنا ونضع أيدينا في يده، ونعادي كل من عادانا.

    8- البشرية كلها أبناء آدم، وكلهم إخوة، وعليهم أن يتحابوا ويتعاونوا.

    خلاف الترابي مع علماء الشريعة

    وحول ما أثير حول آراء الترابي الشرعية ومخالفته لما استقر عليه علماء الأمة، قال رئيس الاتحاد العالي لعلماء المسلمين: وكان للترابي رحمه الله آراء في الفقه والأحكام يراها كثير من الناس مسرفة, ونزاعة إلى الغلو في الاجتهاد, ومحاولة طأطأة رأس الشريعة العالية, لتنزل إلى قاع المجتمع, الذي بدأ يتضعضع وينخفض, وينزل إلى أسفل إلى حد كبير, وهو ما أحس أني غير مستريح إلى هذه الاجتهادات التي أعتبرها شاذة.

    على أن للترابي ميزة ليست لغيره من السياسيين, إنه ليس مجرد زعيم سياسي, ولكنه رجل فقه ودعوة, ينطلق في كل مواقفه وأعماله من فكر مؤطر, وهو فكر ينبثق من الإسلام, أي من القرآن والسُّنة، وما تفرع عنهما من الأصول والمقاصد والقواعد, وهو لا بد أن يستند إلى هذه الأصول, ويحتكم إليها, ويسائلها وتسائله, ويجاوبها وتجاوبه, فإن تجاوبت معه في الجملة وأعطته فرصة, ولم يجد من يرد عليه غلطه, ويبين له موضع خطئه, فهو معذور, بل هو مأجور حتى وإن أخطأ, وهذه إحدى روائع الاجتهاد الإسلامي، المهم أن يكون الشخص قد بلغ مرتبة الاجتهاد, وأن يراجع في مسألته كل ما يمكنه, وأن يتشاور مع أمثاله من أهل الاجتهاد, ومن أهل الفكر ما يستبين به الموقف كله بما له وما عليه, ثم يتخذ الموقف على بصيرة, فإن كان صواباً فله أجران, وإن كان خطأ فله أجر واحد, كما جاء في حديث عمرو بن العاص في الصحيحين.

    وختم القرضاوي حديثه عن فقيد الأمة قائلاً: حياك الله يا أخي حسن, وحيا أرضاً أنجبتك, وبارك الله فيك وفي تلاميذك وأبنائك وإخوانك, وإن خالفوك أحياناً ووافقوك أحياناً, وكلهم معك على الخط السليم, وعلى الصراط المستقيم.

    -------------------

    استمرار خناقات الإخوان.. القرضاوى يرد على وجدى غنيم: الهجوم على الترابي غلو

    الخميس، 10 مارس 2016 - 04:39 م

    كتب أحمد عرفة

    استمرارا للخلافات الإخوانية – الإخوانية، رد يوسف القرضاوى، رئيس ما يسمى "الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين" على اتهامات الداعية الإخوانى وجدى غنيم، للمفكر السودانى الراحل حسن الترابي، بأنه ضال مضل، بوصف الترابي بأنه أحد العلماء.

    وقال القرضاوى فى بيان له عبر صفحته بـ"فيس بوك": "فوجئنا بفقد القادة والعلماء والدعاة والمفكرين، أحد من امتلأت حياتهم بالعلم والعمل، والدعوة والجهاد"، مضيفا أن الترابي كان ممن رزقهم الله الهداية والتوفيق، يتعلمون فيعملون، ويعملون فيعلِّمون، وينشطون فى دعوتهم، باذلين أعمارهم وجهدهم فى سبيل رسالتهم التى آمنوا بها، ومن هؤلاء أخونا الحبيب إلينا، الأثير لدينا، العزيز علينا، الرجل، العالم، المفكر، الداعية، الدكتور حسن الترابي".

    وقال القرضاوى، إن الترابى كان أحد رجالات الأمة العربية والإسلامية، وأحد رجالات الفكر والتربية والسياسة، على حد قوله.

    وأعرب القرضاوى عن استيائه من حديث البعض الذى قال عن الترابي: "إنه ليس منا"، قائلا: "أنا أرى ذلك من الغلو المجافى للإسلام، فالدكتور حسن الترابي رجل لا ننكر فضله وجهوده فى الدعوة الإسلامية، وفى الحركة الإسلامية فى السودان، ولكنه ليس معصوما، ولديه شطحات فى بعض الأمور، ننكرها عليه جميعا".

    وأوضح يوسف القرضاوي أنه اختلف مع الترابى فى مسائل عديدة، تحدث عنها فى بعض البرامج التليفزيونية، وضمنها الجزء الخامس من فتاواه، متابعا: "هذا لا يعنى إهمال الترابى وإغفال اجتهاداته، فقد ظل رجل السودان والعرب والمسلمين، وقد يختلف الناس حوله".

    واستطرد القرضاوى: "الدكتور الترابى أحد إخوانى -وإن اختلفت معه فى بعض الأمور- وليس من أخلاقى أن أخاصم إخوانى".

    وتابع: "الترابي اختلف وإخوانه فى عدد من القضايا الفكرية والسياسية، وساءنى ذلك كما ساء كثيرا من الإخوان فى أنحاء العالم العربى، وطالبنى الإخوة بأن أقود حركة من كبار الإسلاميين لمحاولة رأب الصدع، وتسوية الخلاف، وسافرنا وتعبنا كثيرا من أجل ذلك، ولكن لم نصل إلى موقف عملى يوحد الجميع، فتعصب كل من الفريقين حال بيننا وبين النجاح".

    ووصف القرضاوى، الترابى بأنه "الحسن الثالث، بعد حسن البنا الأول، وحسن الهضيبى الثانى”.

    كان وجدى غنيم الداعية الإخوانى وصف حسن الترابى بالضال والمضل، وأكد أن هناك علماء فى السودان كفروه.

    ---------------------

    حسن الترابي والانتهازية السياسية

    عندما يفشل 'المفكر' في تسويق 'فكره': نظام الإنقاذ ليس فاسدا، الشعب السوداني هو الفاسد!

    ميدل ايست أونلاين

    بقلم: إدريس الكنبوري

    شغل الدكتور حسن الترابي في حياته الناس كثيرا، وخاصة أبناء الحركات الإسلامية وقياداتها في العالم العربي الإسلامي طيلة أربعة عقود تقريبا. فالرجل أسهم بشكل وافر في التنظير للعمل الحركي الإسلامي، ولعب دورا كبيرا في توسيع الهامش السياسي فيه، وتزعم مبادرات سواء على المستوى السوداني أو العربي، كتلك التي حاول خلالها جمع فرقاء الحركات الإسلامية في التسعينات في المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في بداية التسعينات من القرن الماضي، من أجل البحث لنفسه عن زعامة عربية، كما أنه قدم اجتهادات في الفقه الإسلامي أثارت عليه الكثير من السخط والاستنكار من لدن أكثر من طرف، سواء لجهة ما اعتبره البعض شذوذا، أو لجهة ما رأى فيه آخرون مناورة سياسية عبر بوابة الفقه.

    وبالرغم من الموقع الذي يحتله في خارطة الحركات الإسلامية، تنظيرا وممارسة، إلا أن شخصية الترابي تختزل مجمل المفارقات والأزمات التي نخرت جسم الحركات الإسلامية في العالم العربي، وتكاد تكون المرآة العاكسة لهذا الجسم كله. فسواء على صعيد التنظير، أو على صعيد الممارسة، شكل الترابي نموذج الإسلامي كثير التحول، الذي لا يرسو على جانب، ويشترك فيه أشخاص متشاكسون.

    تلخص مسيرة الترابي ظاهرة الانتهازية السياسية في أبرز وجوهها، بما يعنيه ذلك من التضحية بالمبادئ على مذبح المصالح والمكاسب. ففي نهاية السبعينات لم يتردد في التقرب من الفريق جعفر نميري، الذي وصل إلى الحكم عقب انقلاب عسكري عام 1969. تلاقت مصلحة نميري مع مصلحة الترابي في تلك الفترة عندما شعر الأول أن اللجوء إلى شعار تطبيق الشريعة الإسلامية يمكن أن يشكل مخرجا له من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي كانت تهدد حكمه، وتطلع الثاني إلى التعويل على النظام للوصول إلى السلطة والحصول على نوع من الكاريزما الدينية والسياسية، على إثر نجاح الثورة الإيرانية عام 1979، التي دفعته إلى الاقتناع بأن الانقلاب ليس عيبا.

    وتمثل تلك المرحلة الصورة النمطية التي تشكلت على وفقها شخصية الترابي في الفترات اللاحقة. فقد أظهر قدرة كبيرة على مسايرة السلطة السياسية وتبرير ممارساتها غير الديمقراطية، في الوقت الذي كان هو لا يفتأ ينظر للديمقراطية على الطريقة الإسلامية، مازجا إياها بشيء من الليبرالية التي تشربها خلال أعوام وجوده في فرنسا وبريطانيا. ففي عام 1983، الذي أعلن فيه نميري عن بدء تطبيق الشريعة، كان الترابي أبرز المصفقين، إلى جانب كثير من الإسلاميين خارج السودان، في طليعتهم يوسف القرضاوي. ولأن نميري كان بحاجة إلى خلق الضجة من حوله وإظهار نفسه كناصر للشريعة، أقر إعدام المفكر السوداني محمود محمد طه عام 1985 بتهمة الردة عن الإسلام؛ وقد كان الترابي على رأس من باركوا ذلك القرار، لأنه كان جزء من النظام الحاكم آنذاك ووزيرا للعدل وزعيما لجبهة الميثاق المتحالفة مع نميري. وبعد ثلاث سنوات من ذلك الحادث قال نميري إن إعدام طه راجع إلى ردته عن الإسلام، واعتبر أن ردته "أكبر من كل أنواع الردة التي عرفناها في الملل والنحل السابقة". لكنه بعد أزيد من عشر سنوات من ذلك التصريح عاد لكي يقول بأنه كان ضد إعدام محمود طه، ولكي ينظر للحرية في الإسلام ولاستقلالية العلماء عن السلطة، ويعلن موقفه الجديد، الذي قال فيه:" لا أحب أن أصم إنسان بالكفر مهما فعل".

    وفي عام 1989، عندما تم الانقلاب على حكومة صهره الصادق المهدي، كان أحد أبرز المنظرين للنظام الجديد الذي تحالف معه ضد جميع خصومه السابقين. وقد أذكى هذا الموقف من الترابي شهوة السلطة لدى مختلف الجماعات الإسلامية، التي بدأت ترى في النموذج الانقلابي الوصفة السحرية لتحقيق غاياتها في القبض على الحكم. وقد أطلق الترابي لسانه في امتداح الحكم الجديد والتبشير به في الداخل والخارج، وساهم في تسويقه على نطاق واسع. وكان من أشهر تصريحاته في هذا الصدد قوله بأن نظام الإنقاذ ليس فاسدا، وأن الشعب السوداني هو الفاسد. وقد قادت سياساته الارتجالية في تلك الفترة إلى إذكاء ملف الجنوب السوداني، ما قاد إلى الانفصال في ما بعد، بسبب سعي الترابي إلى أسلمة الجنوب.

    بيد أن الترابي سرعان ما لفظته السلطة من أحشائها بعد ذلك، حين ظهرت نوازعه الانفرادية، فعاد إلى لغته القديمة بالطعن في نظام الإنقاذ وإعلان الحرب عليه والتنكر للتجربة التي كان هو نفسه أحد مهندسيها والمبشرين بها.

    يمكن القول إن الترابي عاش حقبة طويلة من حياته في الضفة المقابلة للأفكار التي بشر بها والتنظيرات التي قدمها، الوحدة مقابل التجزئة في السودان، سلطة الرجل الواحد مقابل الفكر التنظيمي المؤسسي الذي نظر له، الاستبداد مقابل الديمقراطية التي أنفق الكثير من الوقت في التنظير لها، التشتت التنظيمي بدل الوحدة التنظيمية التي نادى بها، شهوة السلطة مقابل الفكر الزهدي الذي بشر به، الحزبية الضيقة التي كان هو نفسه ألد أعدائها نظريا في كتاباته لكنه كرسها في ممارسته السياسية داخل التجارب التنظيمية التي أنشأها وقادها. وتعكس هذه الظاهرة حالة من الانتهازية السياسية التي ترتكز على الانقلاب في المواقف بحسب زاوية المصلحة، حتى وإن أدى ذلك إلى إحداث كوارث تحصد الأخضر واليابس. وقد سئل الترابي نفسه عن هذه الازدواجية في شخصيته والتقلب في المواقف، فكان جوابه أن مسيرته تلخص مسيرة الحياة السياسية في السودان، التي طبعتها الانقلابات السياسية والعسكرية والمناورات الحزبية. وإذا كان الترابي قد أخطأ التوازن بين التنظير والموقف في حياته العملية، فقد أصاب في هذا التصريح الشهير.

    إدريس الكنبوري

    كاتب وباحث أكاديمي من المغرب، من آخر إصداراته"الإسلاميون بين الدين والسلطة: مكر التاريخ وتيه السياسة"(2013) و"شيوعيون في ثوب إسلامي"(2014).

    -------------------

    د. رضوان السيد

    حسن الترابي ومسألة السلطة

    تاريخ النشر: الأحد 13 مارس 2016

    آخِر المشاهد التي عاينتُها للدكتور حسن الترابي كانت مطلع 2013 في مؤتمر بقطر عن الإسلام السياسي ومستقبله. كان «الإخوان المسلمون» يتهيؤون في كل مكان لاستلام السلطة أو المشاركة فيها طرفاً رئيسياً، باعتبارهم أكبر الرابحين من «الربيع العربي». قال الترابي: الفريق الوحيد المؤهَّل لتولّي السلطة في العالم العربي هم الإسلاميون! ووقتَها أيضاً ذهبتُ من الدوحة لتونس، لندوةٍ مماثلة، حيث ألقيتُ ورقةً اعتبرتُ فيها أنّ الإسلامَين، السياسي والجهادي، هما أكبر تحدٍّ للعرب والمسلمين في دينهم ودُوَلهم. ويومَها ردَّ عليّ أساتذة وسياسيون كان بينهم ليبراليون مسلمون ومسيحيون، وكان مما أخذوه عليَّ أنّ الإقصاء السياسي والثقافي أهمّ أسباب الثورات، وأنّ المنطق الذي اتبعتُهُ هو نفسُ منطق الأنظمة العسكرية والأمنية التي توشكُ أن تبيد مفسحةً المجال لأجواء الحرية والمشاركة دون إقصاء! حاولتُ إفهامهم أنَّ ورقتي لا تُعنى بالشأن السياسي، بل بالتحويرات والتأويلات التي أدخلها فرقاء الصحوة والتسييس على الدين، مثل مقولة تطبيق الشريعة، وأنَّ المهمة الباقية لدولة الإسلاميين هي تطبيقها، وليس حُسْن إدارة الشأن العام، ومثل مقولة الجهاد واستخداماتها الداخلية.

    أذكُرُ هذا كلَّه بمناسبة وفاة الترابي؛ لأنه بخلاف كل الإسلاميين ما كانت عنده مشكلةٌ في هذه المقولة أو تلك، ولا في تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها. لقد كان همُّه «شخصياً ونرجسياً»: فهو يريد الوصول للسلطة بأي ثمنٍ ووسيلة. وعندما يصل ولو جزئياً فهو مستعدٌّ لتغيير الدين كلِّه، بما يتواءمُ مع هوى ومصلحة مَنْ ساعدوه في الوصول. لذلك فبينما كان عسكريو الأنظمة يخوضون صراعاً مصيرياً مع سائر الإسلاميين، خرج الترابي من سجن النميري ليتحالف معه، وليصبح وزيراً للعدل عنده! وعندما كان زملاؤه يميناً ويساراً يعاتبونه، كان عنده خطابان؛ فتارةً يقول إنه يريد اختراق نظام النميري لتوريطه وإسقاطه، وتارة أخرى يقول: همِّي تطبيق الشريعة، والنميري تعهد بتطبيقها، وأنا أتولّى ذلك! وما همَّه بعد إسقاط العسكريين للنميري عام 1985 الحفاظ على الديمقراطية، كما كان يزعم. بدليل أنه وجد عسكريين شباناً متحمسين له، ومعارضين لمحاولات الصادق المهدي رئيس الحكومة (أخو زوجته) الاتفاق مع غرانغ لمنع تقسيم السودان، فتآمر معهم ووضع البشير على رأس السلطة. وبينما حوَّل بتحركاته السودان إلى بيئة للحركات الإسلامية العنيفة، فإنه فلْسَفَ لمسألة تقسيم السودان التي زعم أنه حالف العسكريين لمنْعها!

    لا يشكو الترابي من قلة العلم، ولا من قلة الذكاء، ولا من القدرة على التقلب بين النقيض والنقيض، بل كانت مشكلته الدائمة أنه ما استطاع أن يكونَ القوة السياسية الرئيسية، ليصل للسلطة بطريقة طبيعية. تقدم عليه دائماً لدى الناخبين المهديون والختمية. وقد أزعجه أشدَّ الإزعاج أن هؤلاء «التقليديين الأنذال» يضحكون على «العوام» ويحصلون على الأكثرية في الانتخابات، لكنه بالانقلاب عليهم مرتين ظلَّ عوناً للعسكريين، إسلاميين وغير إسلاميين، وكان حتى في زمانهم وزمانه يدخل السجون أو يضطر للهرب من السودان عندما يخشى سطوتهم!

    الترابي ليس فرداً بين الإسلاميين، بل هناك كثيرون مثله، لكنهم لا يمتلكون جرأته، ليس على السلطة والنظام، بل وعلى الدين أيضاً. قلتُ له مرةً في الثمانينيات: يا دكتور حسن ما قلتَه في محاضرتك، فيه إخلالٌ بثوابت الدين! فقال: هل أنت أعلم مني بالدين لأنك خريج الأزهر؟ قلتُ: لا! فقال: دعكَ من المماحكة إذن، إنك تحب الشُهرة إذ تريد أن يقال إنك تجرأْتَ على الترابي!

    الهيام بالسلطة هو الداءُ الأفظع عند الترابي، لكن الأفظع هو أنَّ مثقفين سودانيين وعرباً كباراً، وسياسيين أذكياء، ظلُّوا مُحازبين له ويمسكون بأذياله. قال لي مثقف ختمي: كان الترابي مرةً في المعتقل مع محازبين له، فخرج إلى السلطة وتركهم في المعتقل لأكثر من سنة، فلمَّا خرجوا أخيراً عادوا للالتفاف حوله، فقلتُ لأحدهم: كيف تظل معه، وقد خرج ليتولى السلطة وتركك؟! فأجاب: كانت تلك خطةً ذكيةً منه. فقلت: كيف؟ قال: حتى لا يظنَّ العسكريون أننا نريد عمل «بلوك» لأخذ السلطة منهم! الإسلاميون مثل خصومهم الجنرالات؛ هؤلاء لا يتعلمون من التجارب، وأولئك لا يتعلمون أيضاً.

    -------------

    *أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية

    جريدة الاتحاد

    الأحد 4 جمادى الآخرة 1437هـ - 13 مارس 2016م

    -----------------

    سليم نصار

    عن الترابي وشراكة حكمه مع البشير

    السبت، ١٢ مارس/ آذار ٢٠١٦ )

    عندما كان الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ينتظر نبأ الانقلاب الذي أعدته استخباراته داخل الجيش السوداني، استغل العميد عمر حسن البشير حال الاستنفار ليتفق مع الدكتور حسن الترابي على القيام بانقلاب مشترك تم تنفيذه في 30 حزيران (يونيو) 1989.

    ومع أن البشير كان واثقاً من النجاح بسبب النفور المستشري بين زعماء الأحزاب، إلا أنه كان في حاجة إلى غطاء شعبي وفره له شريكه حسن الترابي، منظّر ثورة الإنقاذ الوطني في السودان.

    ولقد ظهر منحى التآمر على الترابي منذ أعلن التلفزيون السوداني استيلاء بعض الضباط على الحكم بقيادة البشير. ذلك أنه نصحه باعتقال كل الزعماء وزجهم في السجون بحيث تضيع هوية الانقلابيين، الأمر الذي يساعد الحكم الجديد في نيل التأييد الواسع. وهكذا أمضى الترابي فترة التضليل في سجن انفرادي، مع خدمة ممتازة لا تليق إلا بنزلاء فنادق الخمس نجوم!

    ومع أن هذه «الخدعة» المتفق عليها ساعدت البشير في تثبيت موقعه داخل وحدات الجيش، إلا أنها في الوقت ذاته أقنعته بأنه قادر على الاستئثار بالحكم من دون مشاركة الترابي. وهكذا حرص طوال 25 سنة على استبعاده عن السلطة خوفاً من التآمر للإطاحة به. علماً أن الترابي اعترف أكثر من مرة بأنه أخطأ في اعتماده على قوة الجيش بدلاً من الاستقواء بقوة الشعب. وفي هذا قال لأحد المحاورين: «أخذنا درساً بليغاً من الانقلابات العسكرية. فالذي دبّرها انقلبت عليه هو».

    ويُستنتَج من هذه العبارة أن مرارة الخطأ التكتيكي ظلت مسيطرة على نشاطاته حتى آخر يوم من عمره. وقد ظهرت أعراضها السلبية بوضوح كلما تحدث عن الجيوش في أي بلد.

    وأكبر مَثل على ذلك الهاجس دعوته للرئيس بشار الأسد إلى ضرورة الرحيل كي يسلم من الانتقام. كذلك نصحه بدعم فكرة حكومة انتقالية تُجري انتخابات، وتضع دستوراً حديثاً ينتهي بحكم الشعب لا بحكم العسكر.

    كذلك انتقد الترابي ثورة ايران، لأنها في نظره خرجت عن خطها السابق. وأعرب عن خيبة أمله، كونه تناسى طائفته وزار الخميني في باريس وطهران، معرباً عن إعجابه الشديد بتلك الظاهرة الفريدة. ولكنه سرعان ما اكتشف أن ثورة ايران الإسلامية انغلقت في طائفيتها، وتدخلت عسكرياً لمنع سقوط نظام بشار الأسد.

    الملاحظ في هذا السياق أن الترابي شارك عملياً في السلطة مع غالبية الحكومات السابقة. ولكن مشاركته في انقلاب البشير أخرجته من السلطة، الأمر الذي دفعه إلى التلهي بإصدار كتب تثير شهية المعارضة.

    ويُستدَل من قائمة تلك المؤلفات أن الترابي كان حريصاً على نشر كتاب جديد مطلع كل سنة تقريباً، وهذه أهمها: قضايا الوحدة والحرية (1980)، تجديد أصول الفقه (1981)، تجديد الفكر الإسلامي (1982)، الأشكال الناظمة لدولة إسلامية معاصرة (1983)، تجديد الدين (1984)، منهجية التشريع (1987)، المصطلحات السياسية في الإسلام (2000). إضافة إلى هذه المجموعة نشر الترابي سلسلة كتب تتناول قضايا مهمة في حياة الناس، بينها: الدين والفن، المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع، الإيمان وأثره في الحياة، الصلاة عماد الدين.

    يُجمِع أهل السودان على الاعتراف بأن الخلفية العلمية والثقافية التي تسلح بها الترابي في بيت والده، ومن ثم في الجامعات المحلية والخارجية... هذه الخلفية هي التي صنعت منه تلك الشخصية الفريدة والمميزة.

    ولِد حسن الترابي سنة 1932 في مدينة «كسلا» شرقي السودان، وسط أسرة متدينة وميسورة الحال، تنتمي إلى قبيلة البديرية. توفيت والدته وهو صغير، الأمر الذي شجع والده القاضي على الاهتمام بتنشئته والاعتناء بدراساته الدينية. وقد عُرِف ذلك القاضي النزيه بأنه شيخ طريقة صوفية. لذلك ألزم نجله بأهمية حفظ القرآن الكريم، ودرس علوم اللغة العربية والشريعة.

    بعد دراسة الحقوق في جامعة الخرطوم، سافر الترابي إلى بريطانيا ليلتحق بجامعة اوكسفورد (1957) حيث حصل على شهادة الماجستير. وفي سنة 1964 التحق بجامعة السوربون في باريس، ونال شهادة دكتوراه في المحاماة. وكان يُتقن أربع لغات هي العربية والانكليزية والفرنسية والألمانية. وفور عودته إلى السودان، عمِل الترابي أستاذاً في جامعة الخرطوم، ومن ثم عُيِّن عميداً لكلية الحقوق.

    ويبدو أن طموحاته السياسية خطفته من محيط الجامعة والتدريس، لتضعه وسط أجواء الدولة في مرحلة بالغة الحساسية. وبسبب اختصاصه، اختير وزيراً للعدل. وفي سنة 1988 عُيِّن وزيراً للخارجية، وبعدها بسبع سنوات اختيرَ رئيساً للبرلمان.

    أما بالنسبة لنشاطه الحزبي، فإن حسن الترابي نذر حياته لنشر أفكار الحركة الإسلامية، الأمر الذي فرض عليه إتقان فن السكن في السجون. وقد دشن نشاطاته بالدخول في عضوية «جبهة الميثاق الإسلامية». وهي تمثل أول حزب أسسته الحركة الإسلامية السودانية التي تحمل فكر «الإخوان المسلمين». وبعد مضي خمس سنوات، أصبح لجبهة الميثاق الإسلامية أهمية شعبية. لذلك تولى الترابي أمانتها العامة سنة 1964.

    بعد الانقلاب الذي قام به جعفر النميري، تم اعتقال أعضاء جبهة الميثاق الإسلامية، ومن بينهم الترابي الذي أمضى في السجن سبع سنوات. وأطلِق سراحه بعد مصالحة الحركة الإسلامية مع النميري سنة 1977.

    وبسبب تنامي المد الإسلامي، وخوف النميري من تقويض دعائم حكمه، فرض قوانين الشريعة الإسلامية سنة 1983، معلناً تحوله إلى رجل متدين. ولكن الشعب لم يقتنع بهذا التحول، خصوصاً أن حكاية صفقة «الفلاشا» إلى اسرائيل أحدثت ضجة في العالم العربي. وهكذا اضطر النميري إلى حلّ البرلمان لمواجهة تظاهرات يومية لم تلبث أن تحولت إلى ثورة شعبية أدت إلى إسقاطه سنة 1985.

    عقب هذه المرحلة المضطربة، أسس الترابي «الجبهة الإسلامية القومية». وفي حزيران (يونيو) 1989، تحالف مع البشير للقيام بانقلاب عسكري ضد حكومة الصادق المهدي. علماً أنه متزوج من شقيقته وصال المهدي.

    يوصَف الترابي بأنه شخصية غامضة أثيرت حولها أحكام مختلفة، فالبعض يرى فيه سياسياً بارعاً في تحريك الإعلام، وخطيباً مؤثراً في الجماهير. بينما يرى فيه خصومه شخصاً مخادعاً، له طموحات لا تحدّ وخبرة في صنع الدسائس والمؤامرات، إضافة إلى نهمٍ للسلطة. ويتهمه هذا الفريق بإصدار فتاوى تخرج عن إجماع أهل السنّة.

    وكما اختلف أهل السودان على تقويم شخصية الترابي في حياته... كذلك اختلفوا على تعريف إرثه السياسي والثقافي بعد موته. ومنهم من رأى فيه مثالاً للإنسان الدؤوب على العمل، كونه توفي وهو يعمل في مكتبه في دار الحزب صباح السبت الماضي، في حين نعته «حركة جيش تحرير السودان» بقيادة عبدالواحد محمد نور، ولكنها انتقدت مشروعه لأنه، في نظرها، المتهم الأول في دفع البلاد إلى حافة الهاوية، وإلى ما نراه من تمزق واحتراب.

    في هذا الوقت العصيب، توقعت عائلة الترابي أن يكون الرئيس عمر البشير في مقدمة الجنازة. ولكنهم فوجئوا بتغيبه، وإنابة بكري حسن صالح بتمثيله كونه مغادراً إلى جاكارتا. ويبدو أن هذا العذر لم يقنع الشعب السوداني، بدليل أن الدكتور علي الحاج عاد من منفاه الاختياري في ألمانيا بعد غياب 16 سنة. كل هذا كي يثبت احترامه لعائلة الفقيد وللقوى التي كان يمثلها. ويتردد في الخرطوم أن البشير وجد في مؤتمر جاكارتا فرصة لعدم حضور جنازة شعبية قد يتعرض فيها للإساءة والإهانة من قِبَل أنصار الترابي.

    يقول أدباء السودان ممن رافقوا مسيرة الترابي أنه تأثر جداً بالثورة المهدية التي أطلقها محمد أحمد بن السيد عبدالله في صيف 1844. وقد بسط سلطاته فوق رقعة واسعة تمتد من البحر الأحمر حتى وسط افريقيا. وزحف من أم درمان إلى الخرطوم فاحتلها، ثم أعلن «نفسه» مهدياً لحكومة دينية.

    وكان السودان في حينه خاضعاً لسلطة مصر المحكومة من قِبَل الامبراطورية العثمانية. ولما حاصر أنصار المهدي الخرطوم تجرأوا على اغتيال الجنرال الانكليزي غوردون. وقد جزوا رقبته وحملوا رأسه على حربة، بهدف تطمين السكان السذج الذين كان يخيفهم الأجنبي المحتل. وقد أدت هذه الحادثة إلى إعادة احتلال السودان بقيادة الجنرال كتشنر.

    ومن سيرة المهدي استقى الترابي فكرة الثورة الشعبية التي كان يخطط لها. ولما سُئِل، قبل عدة سنوات، عن رأيه بمصالحة الرئيس البشير، رفض الفكرة، مطالباً برحيله قبل اعتقاله وتسليمه إلى المحكمة الجنائية.

    واستطرد في شرح جوابه ليقول: يجب أن ينظر البشير إلى مصير النميري وأفراد حزبه، وإلى «الربيع العربي» وإعصاره المدمِّر ضد حسني مبارك وعلي عبدالله صالح والعقيد معمر القذافي، ومختلف الزعامات التي حكمت بالترهيب والترغيب.

    حقيقة الأمر، أن السودان المشرّعة حدوده على سبع دول معادية، استثار أحقاد العرب والعجم باستضافة كارلوس الإرهابي وأسامة بن لادن. وبررت حكومة البشير هذا التجاوز بالحاجة إلى استفزاز دول النفط من جهة، وابتزاز بن لادن الذي موَّل بناء إحدى الطرقات الكبرى، من جهة أخرى. إضافة إلى هذه الارتكابات، فقد وُظِّـفـَت «بورت سودان» لنقل الصواريخ الايرانية إلى «حماس» في غزة.

    وعلى الرغم من حصول ارتكابات داخلية وتجاوزات خارجية، حرصت واشنطن على إرسال أكبر وأرفع وفد اميركي، برئاسة السفير دونالد بوث، إلى الخرطوم. كل هذا بغرض التفاوض حول رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

    والثمن، كما يطالب به البشير، هو مشاركة جنوب السودان بخيرات النفط، وإعادة التوطين والتنمية في «دارفور» ضحية أعمال «الجنجويد»، ميليشيا الدولة في تلك المقاطعة.

    وربما يكون نموذج البشير الذي حكم السودان منذ سنة 1989، بالترهيب والترغيب، هو أسلم من حكم شريكه، الذي حاول أن يلعب دور المهدي المنتظر!

    * كاتب وصحافي لبناني

                  

03-15-2016, 05:29 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حسن الترابي والرحلة من "البأس" إلى البؤس .

    . بقلم: د. محمد محمود

    نشر بتاريخ: 14 آذار/مارس 2016 > الزيارات: 73

    1

    عندما نال السودان استقلاله في مطلع عام 1956 كان حسن عبد الله الترابي في الرابعة والعشرين من عمره ومن المستبعد أن يكون قد خطر بذهنه حينها أن دوره السياسي في التاريخ الحديث لبلده سيبزّ الدور السياسي لآباء الاستقلال. إلا أن الترابي عاش وتفرّغ للعمل السياسي ليصبح عند لحظة موته السياسي المعاصر الذي ترك أعمق البصمات على واقع السودان حتى الآن وليمسّ تأثيرُ رؤيته وسياساته ورؤيةُ حركته الإسلامية وسياساتها كلَّ مواطن سوداني اليوم سواء كان هذا المواطن يعيش في السودان أم في المهاجر والمنافي.

    ظهر الترابي أول ما ظهر كواحد من شهب سماء ثورة أكتوبر الشعبية، أعظم حدث في تاريخ السودان المعاصر بعد حدث الاستقلال. ولقد قدّرت شريحة المتعلمين دوره في أكتوبر وكافأته عليه إذ نال أكبر عدد من الأصوات في دوائر الخريجين في انتخابات عام 1965 رغم تعاطف وانحياز غالبية الخريجين لليسار الذي نال مرشحوه نحو 70% من المقاعد (كان من الواضح أن التصويت للترابي لم يكن له علاقة البتة ببرنامجه الإسلامي لأن المرشح الإسلامي الثاني الذي فاز، محمد يوسف محمد، أتى في ذيل القائمة).

    وفي الفترة ما بين ثورة أكتوبر وقيام انقلاب نميري في مايو 1969 نجح الترابي في ترسيخ قيادته للحركة الإسلامية، وهي قيادة تميّزت منذ البداية باستقلالها السياسي عن حركة الإخوان المسلمين الأم في مصر، رغم أن الحركة الإسلامية السودانية ظلّت إلى حد كبير، وحتى الآن، تقتات على الزاد الفكري للحركة المصرية وتعتمد عليه. واستطاعت الحركة تحت زعامة الترابي الحركية والبراغماتية أن تصبح المقابل الموضوعي للحزب الشيوعي السوداني، فإن كان الحزب الشيوعي، رغم محدودية عدد عضويته، قد نجح أن يصبح القوة الأساسية المهيمنة وسط قوى اليسار السوداني بل ووجه هذا اليسار (وهو وضع لا يزال مستمرا رغم الضربات والقهر الذي تعرّض له الحزب الشيوعي)، فإن الحركة الإسلامية التي قادها الترابي، رغم قلّة عددها، ما لبثت أن أصبحت القوة الأساسية المهيمنة وسط القوى الإسلامية بل ووجه الحركة الإسلامية السودانية.

    وبعد عام من انفجار ثورة أكتوبر نجحت حركة الترابي في تصدّر وقيادة حملة حلّ الحزب الشيوعي بدعوى أنه حزب يروّج للإلحاد وهي حملة انتهت بسرعة بحلّ الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية في نوفمبر 1965. كان حلّ الحزب الشيوعي لحظة فاصلة في تاريخ السودان المعاصر أذ أنه كان بمثابة اللحظة التي حُقنت فيها السياسة السودانية بالسُّمّ الذي ظل يسري في أوصالها حتى اليوم ونعني به سُمّ الدين عندما يصبح جزءا من السياسة. صحيح أن المؤسسة الطائفية المتمثلة في السيدين الكبيرين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني ظلت موجودة وفاعلة منذ فترة الحكم الاستعماري ولعبت دورا هاما أثناء فترة الكفاح من أجل الاستقلال، إلا أن الحركتين السياسيتين اللتين ارتبطتا بالسيدين (حزب الأمة والحركة الاتحادية) كانتا عمليا حركتين علمانيتين لم تستند برامجهما على الدعوة لدستور إسلامي أو تطبيق للشريعة (رغم المرجعية والسلطة الدينية للسيدين، خاصة في حالة السيد عبد الرحمن المهدي الذي قاد والده المهدي ثورة وطنية إسلامية فرضت أحكام الشريعة فرضا على السودانيين). وهكذا لم تنجح الحركة الإسلامية في تحقيق هدفها المباشر بحلّ الحزب الشيوعي فحسب وإنما نجحت أيضا في فرض خطاب وضع الإسلام في قلب السياسة السودانية وجرّت الحزبين الكبيرين من أنفهما لمواقعها، وهو تحوّل رسّخه صعود زعامة الصادق المهدي، ذي التوجهات الإسلامية القوية القريبة من فكر الإخوان المسلمين. ومن حينها أضحى هناك تحالف استراتيجي بين الحركة الإسلامية وحزب الأمة، وهو تحالف امتدّ خطابه ليشمل الاتحاديين ويكتسب بذلك سمة ما يطلق عليه الخطاب الإسلامي "وحدة أهل القبلة".

    كان من الطبيعي أن يدافع الترابي عن حلّ الحزب الشيوعي ليس فقط بمنطق الإسلام وإنما أيضا بمنطق علماني يتحدث عن "دستورية" الحلّ. وكان دفاعه نموذجا محزنا للأكاديمي والقانوني عندما يسقط ويدافع عن القهر الفكري وحجر حرية التعبير على الآخرين، وهو سقوط وضع المفكر والسياسي الإسلامي محمود محمد طه إصبعه عليه عندما كتب: "ويمكن ... أن يقال إن الدستور هو "حق حرية الرأي" وأن كل مواد الدستور الأخرى، بل وكل مواد القانون، موجودة في هذه العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة ... [إن] الدستور ... موجود بالجرثومة في الحقّ الأساسي – حق حرية الرأي – وما الجمعية التأسيسية إلا الظرف المناسب الذي يجعل شجرة الدستور، بفروعها، وعروقها، وساقها تنطلق من تلك البذرة الصغيرة." (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان الثقافة الغربية والإسلام، أم درمان: 1968، ص 13-14) لم يكن الترابي مشغولا بهذه القضية الكبرى وهي لم تشغله باقي حياته، بل ولم تشغل الحركة الإسلامية التي أصبحت منذ تلك اللحظة أكبر خطر على الديمقراطية السودانية وعلى الحريات على كل المستويات.

    2

    وعندما قام العقيد جعفر نميري ورفاقه من "الضباط الأحرار" بانقلابهم في مايو 1969 كانت كل الدلائل تشير إلى ما يشبه استئصال المشروع الإسلامي، فهذا انقلاب علماني يساري معادٍ لكل ما يمثله البرنامج الإسلامي وعلى استعداد لدخول مواجهة مسلحة مع قوى اليمين حتى ولو استدعى الأمر حصد حياة الآلاف كما حدث في الجزيرة أبا في مارس 1970. إلا أن السُّمّ الذي أطلقته الحركة الإسلامية أثبت مضاءه وأثره الباقي والبعيد وانتهى الأمر بنظام مايو بتبني الطرح الإسلامي ليصبح أول نظام بعد الاستقلال يفرض تطبيق عقوبات الحدود ويدشّن بتطبيقها أسوأ فترة لعنف الشريعة القضائي في التاريخ المعاصر للسودان.

    استفاد الترابي من فترة اعتقاله في ظل نظام نميري وكانت فترة ذاخرة بالإطلاع والتثقيف الإسلامي إذ أن تكوينه الثقافي قبلها لم يكن يختلف عن تكوين معاصريه الذين نشأوا في ظل النظام التعليمي للاستعمار. صحيح أن عمل والده كقاض شرعي وخلفية أسرته الدينية ربما تكون قد أعطته ميزة إضافية، إلا أن تعليمه النظامي كان تعليما علمانيا وتخصصه الأكاديمي في دراسته الجامعية وفوق الجامعية كان تخصصا علمانيا. وهو بهذا التكوين التعليمي والتخصصي لم يكن يختلف عن الكثير من زعماء حركة الإخوان المسلمين. إلا أنه لابد أن يكون قد أدرك أن عنصر الثقافة الدينية والخوض في أمور الدين بدراية العالم شرط أساسي لمصداقيته السياسية كقائد لحركة إسلامية. هذه هي الفترة التي عكف فيها الترابي على إعادة صياغة نفسه وصورته ليصبح "مفكر" الحركة أيضا الذي يرسم حاضرها ومستقبلها.

    عندما خرج الترابي من المعتقل عقب توقيع اتفاقية ما عرف بالمصالحة الوطنية كانت الرؤية واضحة في ذهنه بشأن ما يجب أن تفعله حركته للوصول للسلطة: التمكين المالي واختراق الجيش بالإضافة لتأهيل كوادر الحركة الإسلامية والتغلغل في أجهزة النظام والانتشار وسط قطاع الطلاب والشباب والقطاعات الجماهيرية. وتلقت الحركة الإسلامية دفعة من حيث لا تحتسب عندما انتصرت الثورة الإيرانية في مطلع عام 1979، وبدلا من أن يحلّ وضع ديمقراطي محل الشاه جاء الخميني وتحولت الثورة إلى ثورة "إسلامية". ورغم الطبيعة الشيعية للنظام إلا أن قيامه رفع معنويات الإسلاميين في كل أرجاء العالم الإسلامي وزاد من ثقتهم.

    وتعزّزت ثقة الحركة الإسلامية عندما فرض نميري قوانين الحدود والقِصاص في سبتمبر 1983 والتي لم يجد السودانيون على يديها "سوى السيف والسوط"، كما عبّر بيان الحركة الجمهورية في ديسمبر 1984. تحمّس الترابي – الذي بايع النميري كإمام – لقوانين سبتمبر وساندها ودعمها هو وحركته بكل إمكانياتهم. وفي قمة حمّى تطبيق "شرع الله" فقد العشرات من فقراء المواطنين أيديهم أو أيديهم وأرجلهم تطبيقا لحدّ السرقة وتعرض عدد كبير من المواطنين لإهانة الجلد العلني تطبيقا لحد السُّكر أو مخالفات أخرى. وفوق كل ذلك، كانت الشريعة وسيلة فعّالة لتصفية خصم كانت الحركة الإسلامية وراءه لعقود وهو الشيخ المجدِّد محمود محمد طه. اُتهم طه بالردة – التي لم تكن مادة من مواد قوانين سبتمبر – وأُعدم في حفل إعدام علني، وهو إعدام حشدت له الحركة الإسلامية عضويتها الذين خرجوا وهم يهللون ويكبّرون. وكان تطبيق عقوبات الشريعة بقسوتها ولاإنسانيتها وإهانتها للكرامة بداية العدّ التنازلي لنظام نميري.

    وفي هذا الظرف العصيب وجو الإدانة العالمية استبشاعا لعقوبات الشريعة ولإعدام طه انقلب النميري فجأة، وهو يستعد للذهاب لأمريكا لمقابلة رونالد ريقان، على الحركة الإسلامية ووجد الترابي وأتباعُه أنفسَهم في السجن بين عشية وضحاها. وربما كانت هذه الخطوة تسكينا للرأى العام الداخلي والعالمي عقب فشل تجربة الشريعة، وربما كانت تدبيرا استباقيا لانقلاب كان يعدّه الإسلاميون الذين ربما أحسّوا أن الظرف قد نَضِج وأن اللحظة قد أزِفَت وآن اقتطاف ثمرة السلطة. وكان هذ هو الظرف التي انفجرت فيه انتفاضة مارس/أبريل 1985، وقد كان توقيتها من حسن طالع الحركة الإسلامية التي ربما كانت على وشك أن تتعرض لضربة شبيهة بالضربة التي تعرّض لها الشيوعيون عقب انقلاب 19 يوليو 1971 الفاشل.

    3

    تميّزت فترة الديمقراطية الثالثة من أبريل 1985 إلى يونيو 1989 بشلل شبه تام وعدم قدرة على حسم أهم وأخطر مسألة وهي إيقاف الحرب الأهلية والوصول لاتفاق سلام، وكان ذلك بسبب دور الحركة الإسلامية التحريضي والرافض للسلام وتردّد الصادق المهدي المتحالف معها والواقع دوما تحت تأثيرها. ولقد استطاعت الحركة الإسلامية أن تلعب هذا الدور بفعالية لأنها أضحت ذات قوة مالية وتنظيمية وإعلامية غير مسبوقة وتعاظمت قدرتها على ابتزاز الحزبين الكبيرين. وعندما انقلب الترابي وحركته على الديمقراطية في ليلة الثلاثين من يونيو 1989 كانت الحركة قد أعدّت عدّتها كاملة لإدخال السودان في أسوأ كابوس في تاريخه المعاصر --- كابوس العيش في ظل نظام يجمع أسوأ استبدادين: استبداد الحكم العسكري واستبداد الدولة الدينية.

    هذا الكابوس لم ينته بموت الترابي بالطبع وسيتواصل طالما ظلت الحركة الإسلامية في السلطة.

    ولكن ماذا عن تقييم الترابي نفسه وتقييم ميراثه؟

    أن هذا التقييم في غاية الأهمية للسودانيين (وفي تقديرنا للمسلمين في العالمين العربي والإسلامي) لأنه يتعلق بتقييم الحركة الإسلامية ودورها في حياتهم، بل ويتعلق في نهاية المطاف بالإسلام نفسه ودوره في حياتهم.

    4

    من الطبيعي أن يفخر الإسلاميون بالترابي لأنه كان صاحب التفكير الاستراتيجي والعزيمة السياسية الحديدية والكفاءة العالية التي نقلتهم من دائرة تنظيم محدود العدد والتأثير إلى حركة سياسية مؤثرة استطاعت انتزاع السلطة والاحتفاظ بها لما يزيد عن ربع قرن.

    وقياسا على ما حققه الترابي ربما اُعتبر في نظر الكثيرين "ناجحا" بميزان السياسة. كان الترابي كسياسي "ميكافيليا" لا تهمّه إلا غاياته وعلى استعداد لاستخدام كل الوسائل لتحقيقها. وككل سياسي "ميكافيلي" لم يكن الترابي صادقا. وفي واقع الأمر فإن عدم صدقه يجب ألا يثير الاستغراب في حالته (أو حالة أي سياسي إسلامي) لأنه كان يعلم بلا شك من قراءته للسيرة أن محمدا أباح لأصحابه الكذب على أعدائه. ولقد نجح الترابي أن يصوغ حركته وقيادتها على صورته فأصبحت حركة "ميكافيلية" بامتياز. ولكننا لا نعتبر الترابي سياسيا ناجحا حتى بمقاييس "ميكافيليته". فميكافيليته جعلته ينقلب على الشرعية الديمقراطية الدستورية ويستعين بالجيش ليصل للسلطة ويفرض شرعية جديدة هي شرعية البندقية والعنف، ثم يتوقع بعد ذلك (كما توقّع عبد الله خليل قبله) أن رأس النظام العسكري سيسلّمه السلطة لقمة سائغة. والترابي في هذا لم يكن "ذكيا" أو "حكيما" وإنما كان "نرجسيا" اعتقد أن ما ينطبق على الآخرين لا ينطبق عليه. والترابي لم يتعلّم من دروس التاريخ وعِبره عندما عجز أن يرى ما سيفعله به أقرب تلاميذه الذين صاغهم وعجنهم بيديه إذ هجروه عندما واجهوا الخيار بين "القوي" و"الأقوى" فانحازوا للأقوى وأثبتوا بذلك نجاحهم الفائق في تطبيق ما لقّنهم إياه شيخهم ودرّبهم عليه. وإن شئت أن تلمس "نرجسية" الترابي وعدم "ذكائه" وعدم "حكمته" فإنك تلمسها في تصريحه في مايو 2011 بعد إطلاق سراحه عقب اعتقال دام مائة يوم عندما احتجّ قائلا إنه اُعتقل من دون أن توجّه له أي تهمة --- يقول رجل القانون والسياسي الذي انقلب على الضمانات الدستورية وداس على حكم القانون هذا الكلام وكأنه يعيش خارج الكابوس الذي صنعه.

    ولأن الترابي صاغ الحركة الإسلامية على صورته كما أشرنا أعلاه فإنها أصبحت حركة ذات أفق قانوني محدود وبذا أصبحت إلى حد بعيد حركة "ذات قضية واحدة" هي قضية الشريعة وتطبيقها. وافتقدت الحركة أي "ضمير اجتماعي" وأي تعاطف مع الفقراء والمسحوقين والمهمشين وأصبح صوتها، وهي تواجه اليسار خاصة، صوت الدفاع عن الرأسمالية والمِلْكية الخاصة. ويبلغ هذا الصوت قمته في الدفاع عن العقوبة القرآنية لقطع يد السارق والسارقة، وهكذا يكتب الترابي في تفسيره للآية 38:5 (المائدة): " ... فهذا القطع إنما يقع جزاء بما كسب سارق أو سارقة، ونكالا يعتبر به ويتعظ وينكل عن العود لمثله من تسول له نفسه مثل ذلك الجرم من مدّ يده لنزع حق غيره تعديا على حرمة حرزه الخاص مستوليا على ما يبلغ نصابا بينته السنة قدرا معروفا ليقدّر من بعد منسوبا مقارنا لمختلف مستويات مبلغ المعاش الخالف. والله عزيز أنزل هذه العقوبة وكتبها على الناس فهو لا يقبل ظلم عباده وترويعهم وسرقة ثمرة عملهم وكسبهم الخالص، وحكيم بما نزل هذه العقوبة جزاء على جريمة السرقة ردعا لظاهرة العدوان على أحرازهم الآمنة وأموالهم المحفوظة." (التفسير التوحيدي، بيروت: 2004، الجزء 1، ص 505). وليس هذا معرض مناقشة تفاصيل عقوبة القطع أو غيرها من عقوبات الشريعة ولكنه معرض الإشارة إلى أن أفق ما يكتبه الترابي في دفاعه عن القطع وتبريره لا يتجاوز أفق كتب التفسير القديمة وأفق حجج الفقهاء في العصور السابقة.

    هذا الموقف الفقهي المدافع عن الشريعة، وعن الحدود خاصة، والذي لا يقبل المراجعة والنقاش هو ما طبع موقف الترابي وحركته وأدّى لأكبر انتكاسة تشريعية في تاريخ السودان الحديث عندما فُرضت قوانين سبتمبر 1983. وقد اكتملت هذه الانتكاسة على يد الترابي عندما أصدر نظام يونيو العسكري الإسلامي قانونه الجنائي عام 1991 والذي يحوي المادة 126 التي تسلب المواطن السوداني المسلم من حريته الفكرية والدينية وتعتبر الخروج من الإسلام "ردّة" يُعاقب عليها بالقتل (لا ينطبق هذا على المواطن السوداني الذي يترك دينا آخر ويعتنق الإسلام). وفي واقع الأمر فإن مادة الردّة هذه هي إضافة الترابي الأساسية للقوانين السودانية وبصمته القانونية التي تركها.

    5

    لم يختلف انقلاب الإسلاميين عن أي انقلاب سبقه من حيث أنه أعلن صبيحة انتزاعه للسلطة تعليق الدستور وحلّ البرلمان المنتخب وحل الأحزاب السياسية. إلا أن الانقلاب اختلف عما سبقه في أنه أتى وهو يحمل رؤية شمولية "توحيدية" مصممة على إعادة صياغة السودان صياغة جديدة تزيل وتمحو تنوعه الديني والثقافي ليصبح التجسيد الأعلى "للمشروع الإسلامي" أو ما أطلق عليه النظام من باب التَّقِيّة السياسية "المشروع الحضاري". كان من الواضح للترابي أن حلمه الكبير قد بدأ بانتزاع السلطة بالعنف وأنه لا يستطيع ترسيخ أقدامه إلا بالإقصاء والعنف. وهكذا وفي الأسابيع الأولى فصل النظام وشرّد من القوات النظامية والخدمة المدنية ما يساوي أو يفوق عدد من شرّدهم نظام نميري على مدى أعوامه الستة عشر. وقفزت ومنذ شهور النظام الأولى "بيوت الأشباح" ليجد المئات من المتهمين بمعارضة النظام أنفسهم وهم يخضعون لأقسى أنواع التعذيب.

    والسودان لم يشهد في حياته السياسية تعذيبا مثل الذي شهده منذ صعود الترابي وحركته للسلطة. أبرز الترابي قسوة لم تبرز عند أي سياسي سوداني آخر منذ الاستقلال ورأى في ذلك "بأسا" يمهّد "لتمكين" الحركة الإسلامية ويرسّخه. ولقد قلنا أعلاه إن عدم الصدق في حالة الترابي يجب ألا يثير استغرابنا لأن "خداع العدو" له فقهه الإسلامي المستند على النموذج النبوي، ونضيف هنا أن القسوة التي تصل حد التعذيب والقتل يجب ألا تثير استغرابنا أيضا إذ أنها تستند على لاهوت يصوّر الإله كإله معذّب يخاطب المؤمنين قائلا "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" وتستند على سابقة نبوية في التعذيب والقتل. وهكذا استباح الإسلاميون أجساد معارضيهم ضربا وتنكيلا وتعذيبا واغتصابا وإزهاقا للحياة.

    وكان من الطبيعي أن تمتدّ هذه الاستباحة للجنوب الذي مثّل التحدي المباشر للحركة الإسلامية. ورأت الحركة في تحدي الجنوب تحديا آخر أكبر هو تحدي إفريقيا التي يصطرع على روحها الدينان التبشيريان الكبيران: المسيحية والإسلام (وهما دينان ينظران للثقافة الأفريقية بتعالٍ ولا يعترفان بأن أفريقيا لها تراثها الديني والروحي القديم الذي يجب أن يحترمانه). ورغم أن الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال انفجرت عشية الاستقلال إلا أن انتزاع الإسلاميين للسلطة عنى تحولا حاسما في أوضاعها. فبينما أن الوصول لحلّ مع الاحتفاظ بوحدة السودان كان احتمالا واردا في ظل كل الأنظمة السابقة، إلا أن هذا الخيار لم يعد قائما تحت ظل نظام الإسلاميين. كان موقف الترابي وحركته بشأن التمييز ضد غير المسلمين وحرمانهم من حقوقهم الدستورية واضحا منذ عام 1968 عندما تمت مناقشة الدستور الإسلامي في جلسات اللجنة القومية للدستور حيث واجهه الأب فيليب غبّوش – رئيس اتحاد عام جبال النوبة – وسأله عما إن كان من الممكن لغير المسلم أن يكون رئيسا للدولة وأجاب الترابي بالنفي القاطع. ولقد كانت هذه اللحظة من اللحظات النادرة التي كان الترابي صادقا فيها (وهو صدق انتزعه غبّوش انتزاعا). وصدقُ الترابي هذا في الموقف من غير المسلمين ترجمته فيما بعد سياستهم تجاه الجنوب بعد انقلابهم.

    كانت حرب الجنوب وضرورة دحر الحركة الشعبية هي أولوية نظام يونيو العسكري الإسلامي. وحوّل الإسلاميون حرب الجنوب لحرب دينية جهادية ودفعوا، لأول مرة في تاريخ الحرب الأهلية، بالمدنيين لأتون جهادهم. لم يكن أمام هذه الحرب الجهادية إلا خيار أن تنتصر فيفرض الإسلاميون إرادتهم أو تنهزم فينال الجنوبيون حريتهم. وبعد أن فقد السودانيون من جنوبيين وشماليين عددا لا يحصى من الضحايا وأدرك النظام عجز جهاده وعبثه كان لابد له من القبول في نهاية الأمر بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم. وعندما أُتيحت للجنوبيين الفرصة، لأول مرة في تاريخهم، لتقرير مصيرهم واختيار مستقبلهم كان من الطبيعي أن يختاروا الانعتاق من أسر الشمال واستعلائه واضطهاده وصوّتوا بإجماع مذهل لاستقلالهم.

    6

    وإن نجح الجنوبيون في الانعتاق من أسر الإسلام الذي يميّز ضد غير المسلمين فإن هناك وضعا موازيا لذلك رسّخته هيمنة الإسلاميين وسلطتهم ولم ينجح ضحاياه حتى الآن في الانعتاق منه، ونعني به وضع المرأة التي تعاني من تمييز الشريعة وحرمانها من حقّ المساواة. ولقد انتبه الترابي، بحكم تعليمه العلماني والفترة التي قضاها في الغرب، لأهمية قضية المرأة وأطلق بعض التصريحات التي توحي بمواقف مراجعة وإصلاح للشريعة. إلا أن هذه التصريحات يجب أن تُقرأ في إطار القراءة العامة للترابي كشخص تحرّكه في المقام الأول مقتضيات السياسة ويطلق التصريحات وعينه دائما على الكسب السياسي. إن الموقف الحقيقي للترابي وحركته تبرزه القوانين التي انحازوا لها وهم قد انحازوا لكل مظاهر التفرقة والتمييز ضد المرأة في الشريعة. ومن أخطر انحيازات الترابي انحيازه للعنف ضد المرأة. دعنا نقرأ تفسيره للآية 34:4 (النساء) التي تبيح للرجل ضرب زوجته "الناشزة". يقول الترابي: "واللاتي يسلكن نحو النشاز شذوذا وخروجا على القوامة والقنوت وحفظ الأمانة سلوكا يؤدي لذلك بما يرجح عند تقدير رقابة المؤمنين حول الأسرة وخوفهم، والخطاب ليس إلى الأزواج بل هو إلى المؤمنين وأولياء الأمور الخاصة في مجتمعهم عامة خطابا موصولا عبر الآيات السابقة، فأولاء الناشزات جزاؤهن الواقي الوافي درجات من التعامل من المؤمنين حولهن توافق درجات النشوز وأنماطه. فالنشوز المحدود قد يجدي معه الوعظ، والوعظ قد يكون من الزوج خاصة عند نشوز في الحياة المستورة للأسرة، وقد يكون أيضا من ذوي القربى أو الجيرة أو الصحبة للأسرة إذا بدا النشوز، والهجر في المضاجع جزاء للنشوز موكول للزوج فعلا فبينه وبينها فراش الزوجية لكن الناشز لن يجاب لها عندئذ قضاءً طلب الطلاق بسبب الهجر. أما ضرب الناشزات لمدى أبلغ من النشوز فتبين السنة أنه مكروه وإن وقع الضرب غير مبرح فلا حجة فيه للتقاضي المشهور إذ حياة الزوجية مهما تقع فيها مشادة غير بالغة خيرها الستر بابتلاءاتها. أما النشوز الذي يبلغ الفاحشة فإن العقاب يقع ضربا وجلدا قد يباشره طرف من الأسرة سترا لأمرها أو إذا بانت الفاحشة بالشهادة يتولاها المجتمع قضاءً، فمجتمع الذين آمنوا هو المخاطب بهدي الآية ... " (التفسير التوحيدي، بيروت: 2004، الجزء 1، ص 369-370). وهكذا فإن الترابي، رجل القانون، لا ينحاز فحسب لضرب المرأة وإنما يجرّدها أيضا من حقها في اللجوء للقضاء بدعوى ضرورة الستر.

    ومن أبشع ما يمثّل العنف ضد المرأة تحت ظل رؤية الترابي وحركته مقطع الفيديو الذي صُور عام 2010 لجلد فتاة في ساحة عامة وهي تصرخ وتحاول حماية نفسها بينما يلاحقها سوط الجلاّد. هذا هو "القضاء الاجتماعي" الذي يُنَظِّر له الترابي عندما "يهتدي" مجتمع المؤمنين "بهدي" آية النشوز. ولحظة جلد هذه الفتاة التي انحفرت في الذاكرة الصورية للسودانيين كانت بلا شك من أكثر اللحظات التي هزّتهم بهمجيتها. ولكن ماذا عما أعقب هذه اللحظة؟ ماذا عن الثمن النفسي والاجتماعي الذي دفعته هذه الفتاة ودفعته أسرتها؟ هذا السؤال من نوع الأسئلة الذي لا تهمّ الترابي وحركته لأن همهم "كمؤمنين" ورسالتهم للسودانيين والعالم على مستوى القانون الجنائي هي بعث الشريعة وتحقيق "النكال" القرآني.

    7

    حاول الترابي واجتهد ما وسعه الاجتهاد أن يطرح نفسه كمفكر. ولا شك أنه كان يملك الإمكانيات التي كان من الممكن أن تجعله مفكّرا إلا أنه لم يكن يملك المؤهل الأولي للدخول لعالم الفكر ونعني به الإيمان بحرية الفكر والتعبير. إن من لا يؤمن بحرية الفكر والتعبير لا يمكن أن يكون مفكّرا بالمعنى الحقيقي للمفكّر. لا شك أن الترابي سمع بمقالة فولتير الشهيرة: "لا أوافق على ما تقول ولكنني سأدافع حتى الموت عن حقّك في أن تقوله"، إلا أنها على ما يبدو لم تحرّك فيه ساكنا؛ فالترابي كإسلامي لم يكن متعاطفا أصلا مع قيمة استنارية كهذه. وهذا الرفض لقيمة حرية الفكر والتعبير ليس سببا في أزمة الفكر الإسلامي الحركي فحسب وإنما أيضا في أزمة الإسلام نفسه كدين.

    إن ما قدّمه الترابي كمشروع فكري لا يمكن أن يؤخذ مأخذ الجدّ الفكري إذ أن الترابي كان سياسيا أولا وأخيرا. إن دخوله عالم الفكر (وينطبق هذا على تلاميذه) هو مجرد استغلال لخطاب الفكر بقصد تمكين المشروع الإسلامي وإكسابه مسحة مصداقية فكرية. ولا نعني بقولنا هذا الانتقاص من قيمة كلّ سياسي ولا نعني به أن السياسي لا يستطيع أن يكون مفكرا ولا نعني به الانتقاص من قيمة كل فعل سياسي. قولنا موجّه ضد نوع معين من السياسيين وضد نوع معين من أنواع الفعل السياسي، ونعني به السياسيين الذين لا يدخلون السياسة من باب الخدمة العامة التي تُشاد على الحقوق الدستورية للمواطنين وإنما من باب التسلّط المناقض للمصلحة العامة والمنتهك للحقوق الدستورية. والفعل السياسي لهؤلاء السياسيين يصبح تدميرا منظّما لمجتمعاتهم.

    والترابي في تقديرنا من النوع الثاني من السياسيين إذ لم يكن ديمقراطيا وإنما كان متسلطا، وهو في تسلطه استخدم قهر الدين وإرهابه الفكري واستعان بقهر المؤسسة العسكرية وقدرتها المدرّبة على القمع. إلا أنه تفوّق على من سبقوه في قهر السودانيين بأن أنشأ هو وحركته أقوى جهاز أمني وأكثرها استباحة لحقوق الإنسان وأسوأها سِجِلّا في تعذيبهم وامتهان كرامتهم ونشر الرعب والخوف بينهم.

    8

    مات الترابي بعد أن سلب السودانيين حريتهم الفكرية والسياسية وحقهم في التعبير والتنظيم وحقهم في انتخاب ممثليهم وبرلمانهم الحر.

    مات الترابي وقد سلب مواطنيه من دستورهم وضماناته ومن حماية حكم القانون ليصبحوا خاضعين لسطوة جهاز أمن حركته وعسفه.

    مات الترابي وقد أضحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مسخا في أيدي الإسلاميين وأضحى مجموع جهاز الدولة مطية لتحقيق مصالح الطبقة الجديدة لمنسوبي حركته وإشباع شرههم في ظل نظام اقتصادي رأسمالي منفلت ومتوحش وغارق في فساد غير مسبوق.

    مات الترابي والسودانيون يعيشون في ظلّ سيف الحدود الذي رفعه وتهددهم أقسى العقوبات وأكثرها إهانة لكرامتهم الإنسانية من رجم ومن قطع للأيدي أو قطع من خلاف للأيدي والأرجل ومن جلد ومن انتكاس لقوانين الانتقام والتشفي القائمة على مبدأ العين بالعين.

    مات الترابي وقد فاقم مشروعُه وضعَ المرأة كمواطن من الدرجة الثانية ولعبت حركته دورا محسوسا في تردي قيم المجتمع السوداني وانحطاط موقفه من المرأة.

    مات الترابي وقد ترك بلدا منكمشا بعد أن يئس ثلث سكانه من العيش في وطن يتساوى مواطنوه وخاصة في ظلّ مشروعه ومشروع حركته فقرروا الاستقلال.

    مات الترابي ودولة مشروعه تحاكي دولة المدينة عندما انقلب أصحاب محمد ووجهوا عنف الإسلام على بعضهم بعد أن قضوا على المشركين، وهاهو نظام الحركة الإسلامية يعيث وسط مسلمي الشمال تقتيلا وسلبا واغتصابا للنساء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

    مات الترابي والغالبية الساحقة من مواطني السودان تعاني من فقر وإدقاع غير مسبوق في ظل انهيار وتردٍّ على كل المستويات وفجوة تتسع كل الوقت اتساعا مريعا بين الذين لا يملكون والذين يملكون.

    مات الترابي وقد نجح نظامه في قتل أكبر عدد من السودانيين (وهو قتل لا يزال مستمرا) وفي تشريد

    أكبر عدد منهم (وهو تشريد لا يزال مستمرا).

    مات الترابي بعد أن حوّلت حركتُه السودانَ لبلد من أكثر البلاد انحطاطا في كل مؤشرات التنمية العالمية وأضحى بلدا تابعا فاقدا لسيادته وكرامته يتسوّل المال ببيع دماء مواطنيه.

    9

    من المؤكد أنه لم يخطر ببال الترابي وهو في عمر الرابعة والعشرين ووطنه يستقبل استقلاله بابتهاج وفرح ويَحْلُم بأنه سيكون بلدا ديمقراطيا ناميا ومتقدما (و"علما بين الأمم") بأنه عندما يموت في عمر الرابعة والثمانين سيكون قد ساهم أكبر مساهمة في العمل على تدمير حُلْم بلده وإيصاله لبؤس غير مسبوق وهو يحاول أن يبعث حُلْما آخر ينتمي للقرن السابع الميلادي.

    إلا أن حُلم الترابي وحركته لم يكن أصلا حُلم الاستقلال ولا يمكن أن يكون حُلم السودانيين للمستقبل. ولعل أبلغ درس وعاه السودانيون على ضوء ابتلائهم بالترابي وحركته هو أن الإسلام ليس بحلّ لمشاكلهم وأن حلّ مشاكلهم يبدأ بالعودة لتحكيم الديمقراطية التي ستتيح لهم الجو الصحي لمناقشة مشاكلهم والبحث عن حلولها اعتمادا على عقولهم وعلى أرفع القيم وعلى احتياجاتهم وإرادتهم وليس استنادا على رؤية تدعي هبوطها من السماء.

    للحصول على نسخة بي دي اف من هذا المقال يمكنكم الاتصال بـ

    mailto:[email protected]@criticalcentre.org

    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان

    [email protected]

                  

03-15-2016, 05:18 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حسين خوجلى

    أنس الهزيع الثاني على دفين بري الشريف

    9 مارس، 2016editor

    المجد أخسر والمكارم صفقة

    من أن يعيش لها الكريم الأروع

    < كلمات كانت تجتاحني في حياة الشيخ كلما رأيته ينهض في حيوية ويخاطب في رشد ويفتي بعلم ويعارض في جرأة ويجادل في حكمة.. لا يمله جالسه ولا يمل جالسيه ولو كان الجالس أخرق أو جاهل أو مدسوس.

    < كلمات ظلت في خاطري وإن وهن حفظها إلا أنه كان يجليها بمهابته وحضوره العجيب (هنالك رجال تظل شعلة الشباب متقدة في جوانحهم وإن تجاوزوا الستين لا تنطفئ بشاشتهم ولا يكبو أملهم ولا تفتر همتهم.

    وهنالك شباب يعيشونها حبواً على أول السلم لا ترى في أعينهم بريقاً ولا في خطواتهم عزماً شاخت منهم الأفئدة وهم في المقتبل وعاشوا في ربيع الحياة لا زهر ولا ثمر.

    كانت كلمات هذا الكاتب تبرق أمامي كلما رأيت الرجل وهو يدخل السجن مبتسماً ويخرج منه منشرحاً وسجانه التابع يحمل ملابس يسيرات ومكتبة ضخمة ومئات الأوراق التي ألفها في عزلته المجيدة.

    < وكلمات أخر باقيات للإمام الشجاع الحسن بن علي سيد شباب الجنة في الجنة وهو ينظر للإمام علي والده أمامه مسجى والكفن بالكاد يستر دم الطعن والإغتيال الآثم.. (نعم أخو الإسلام كنت يا أبي، جواداً بالحق، بخيلاً بالباطل عن جميع الخلق، تغضب حين الغضب، وترضى حين الرضا، عفيف النظر، غضيض الطرف، لم تكن مداحاً ولا شتاماً، تجود بنفسك في المواطن التي تبخل بها الرجال، صبوراً على الضراء، مشاركاً في النعماء، ولذلك ثقلت على أكتاف قريش).

    ما تركوهم أبداً لانفاذ البرنامج أو تأسيس الدولة لا علي ولا الترابي ظل أبو تراب طيلة فترة حكمه موزع القلب ما بين الحرب والحوار والحساب والحسرة على فراق الأحبة والأصحاب.. لقد خافوا من استمرارية عدله ونبله وزهده وعلمه وتجربته في الحكم والحاكمية قيمة في الناس فتآمرت المؤامرة عليه لا المتآمرين فحسب فلو كانت المعركة ضد الناس فقط لكان الانتصار ميسوراً (مثل إلقاء السلام وشرب الماء القراح)

    ولكن رغم ذلك ظل الإمام بشرف الوقت المبارك يفتي ويؤلف ويعلم ويصالح ويقاتل ويستشهد

    وذات البركة انتقلت للشيخ حسن الترابي ذرية بعضها من بعض لقد منعوه وظل ممنوعاً من أول يوم لتجاربه الفكرية والسياسية منذ أكتوبر من فضيلة إرساء تفاصيل البرنامج. منع من شرف تمثيل أكتوبر وهو الذي أنجبها ومنع من برلمان الحريات وهو مفكرها وقضى في سجون مايو سبع سنوات أقلقتهم وهم (مطاليق) أقلقهم بصبره وجلده وعلمه وسيرته العطرة التي حولت السجن الى حديقة من القرآن والاجتهاد.

    < وصنعت سيرته في السجن آلاف الوافدين الجدد على دعوة الإسلام السياسي إسلام الحاكمية الذي أخرجه من التكايا والزوايا والدروشة والتسليم والخضوع إلى إسلام العلم والرفعة والمنازلة والحريات.

    فبعد أن قعد الاستعمار بكلكله على صدور العواصم الإسلامية وبعد تمزيق الخلافة وتوزيع الاسلاب ما بعد معاهدة سايكس بيكو ظن الغرب الصليبي أنه قد أطبق على البلدان بالبندقية وعلى اللسان باللاتينية وعلى أبنائنا الذين خرجهم على يدي مبشريه ومستشرقيه وكهانه بالقومية تارة والشعوبية والعلمانية تارة أخرى وبالماركسية والوجودية إلى أن أشرق الأفغاني والبنا والترابي وقالوا في حزن وجسارة وفاعلية اذاً أين راية محمد صاحب الأغلبية.

    وفي حق أبو الصديق لن ننال مجد المدح والرثاء لوحدنا فكان لزاماً علينا استهلالاً أن نستعين بالكبار فلعل معانيهم تتزل على عجمة الحزن فينالون من الأجر ما نلناه من العبرات والدمعات حيث أطل في خاطري من المحفوظ في حق عشاق الحق والحقيقة قول الإمام الغزالي المعاصر (وإذا كان الله جل شأنه صان العمران البشري بالجبال، وقال في كتابه (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون)، فقد اقتضت حكمته العليا أن تصون المجتمع الإنساني بهذا النفر من حراس الحقائق الرفيعة وحماة المعالم الفاضلة.

    فهم الدواء الخالد لكل ما يفشو في الدنيا من علل، وهم الأمل الباقي لبقاء الخير في الأرض وإن ترادفت النوب، واكفهرت الآفاق.

    ربما كان عشق الحق خليقة فيهم فطرهم الله عليها، كما قال في كتابه (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون).

    ولعشق الحق أعباء مرهقة، أولها الصبر على تثبيط الخاذلين، وكيد المعوقين والمخالفين، بيد أن طبيعة الثورة على الباطل لا تكترث لشيء من هذا، وفي الحديث الصحيح (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة- أو حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

    وأكثر الناس يعرف الحق معرفة حسنة، غير أنه لا يأسى لهزيمته، ولا يأسف لضياعه! او لعل إحساساً من الضيق يخامره خذلان الحق، إلا أن هذا الإحساس يصطدم بمصالح النفس وضرورات العيش، ومطالب الأولاد، فيتراجع المرء رويداً رويداً عن هذا الشعور النبيل، ويؤثر الاستسلام على المقاومة، والاستكانة للواقع عن تغييره وإنكاره.

    وهذا السلوك لا يتفق مع طبيعة الإيمان، ويستحيل أن تتقبله نفس ثائرة لله مؤملة فيما عنده.

    فالغاضب لله ورسوله يذهل في سورة يقينه عما يحرص عليه الجبناء من حياة ومتاع، ولا يرى أمامه إلا نصرة الحق ورفع لوائه وليكن ما يكون).

    < وكلمات الشيخ تحريض على النظر والحكمة والتصوف وتحذر من الخلاف أو تستدعي صمت الأخيار وحينها أطلت ثلاثية الحكمة.

    قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثة منجيات وثلاث مهلكات فأما المنجيات.. فالعدل في الرضى والغضب، وخشية الله في السر والعلانية والقصد في الغنى والفقر

    وأما المهلكات: فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه.

    < وفي الخبر المأثور (الخير كله في ثلاث السكوت والكلام والنظر فطوبى لمن كان سكوته فكرة وكلامه حكمة ونظره عبرة).

    < ثلاث خصال من حقائق الإيمان: الاقتصاد في الانفاق والانصاف من نفسك والابتداء بالسلام.

    < وثلاث من لم تكن فيه لم يطعم الأيمان: حلم يرد به جهل الجاهل وورع يحجزه عن المحارم وخلق يداري به الناس.

    < وثلاث لا يعرفون إلا في ثلاثة الحليم عند الغضب والشجاع عند الحرب والأخ عند الحاجة.

    ثم دار الحديث عن ابن عطاء الله السكندري ورقائق الغزالي صاحب الأحياء ثم طلب من المادح عبد السلام تلميذ الشيخ عبد الله محمد يونس أن ينشد:

    يوم أراك به فلست أصومه

    فالعيد عندي ثابت تحريمه

    ودجى أماط لنا ثياب ظلامه

    بصباح وصل منك كيف أقومه

    لكن أرى فضلاً علي معيّناً

    نظري إليك مع الزمان أديمه

    حتى أروّي من جمالك غلتي

    وتزول اثقال الهوى وهمومه

    وقد أحكم له بعض الكلمات ثم همس في أذنه قل لي ما هي طريقتك في حفظ المطولات

    وضحكا معاً في وداد أهل الليل وسادات القوم

    < ذهب إليه ذات مرة مجموعة من الشعراء والأدباء في عهد جعفر نميري فتسامروا حول الأدب فأطلت سيرة أبي الطيب فقالوا بعد الاياب لقد قال عنه ما لم نسمع به في مجالس المتأدبين وما لم نطالعه في محاسن التآليف والأسفار وكان إبتداره في الاستحضار بصوت رخيم وعربية فواحة بعبير الفصاحة والسليقة

    الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ

    يَتَنازَعانِ دُموعَ عَينِ مُسَهَّدٍ هَذا يَجيءُ بِها وَهَذا يَرجِعُ

    ولو أخذنا الحق في الاستزادة لأكملنا من باب اشتغال المحل بحركة المناسبة

    كُنّا نَظُنُّ دِيارَهُ مَملوءَةً ذَهَباً فَماتَ وَكُلُّ دارٍ بَلقَعُ

    وَإِذا المَكارِمُ وَالصَوارِمُ وَالقَنا وَبَناتُ أَعوَجَ كُلُّ شَيءٍ يَجمَعُ

    المَجدُ أَخسَرُ وَالمَكارِمُ صَفقَةً مِن أَن يَعيشَ لَها الكَريمُ الأَروَعُ

    وَلَقَد أَراكَ وَما تُلِمُّ مُلِمَّةٌ إِلّا نَفاها عَنكَ قَلبٌ أَصمَعُ

    وَيَدٌ كَأَنَّ قِتالَها وَنَوالَها فَرضٌ يَحِقُّ عَلَيكَ وَهوَ تَبَرُّعُ

    يا مَن يُبَدِّلُ كُلَّ يَومٍ حُلَّةً أَنّى رَضيتَ بِحُلَّةٍ لا تُنزَعُ

    ما زِلتَ تَخلَعُها عَلى مَن شاءَها حَتّى لَبِستَ اليَومَ مالا تَخلَعُ

    ما زِلتَ تَدفَعُ كُلَّ أَمرٍ فادِحٍ حَتّى أَتى الأَمرُ الَّذي لا يُدفَعُ

    ولو تشوف الناس واحدقوا في الزمان العربي والاسلامي والعالمي لما فيه من فقر في المروءة والفكرة والاجتهاد والكياسة والسياسة لما أبطأوا في إكمال قول المتنبئ في رائعته آنفة الذكر

    فَاليَومَ قَرَّ لِكُلِّ وَحشٍ نافِرٍ

    دَمُهُ وَكانَ كَأَنَّهُ يَتَطَلَّعُ

    وَتَصالَحَت ثَمَرُ السِياطِ وَخَيلُهُ

    وَأَوَت إِلَيها سوقُها وَالأَذرُعُ

    وَعَفا الطِرادُ فَلا سِنانٌ راعِفٌ

    فَوقَ القَناةِ وَلا حُسامٌ يَلمَعُ

    < وأخرج الشيخ النساء من خدور الأستار إلى حذور الأنوار بالمشاركة والتنافس والجهر بالعزة حيث وضعن على أرجل الرجال جمرات الوعي والإرادة فنلن الرضا قبل أن يناله عبد الله بن مرزوق صاحب المهدي فقد قال الشاهد:

    كان ابن مرزوق مع المهدي في دنيا واسعة فشرب ذات يوم على لهو وسماع ومنادمة فلم يصل الظهر والعصر والمغرب وفي كل ذلك تنبهه جارية حظيه عنده..

    فلما جاز وقت العشاء جاءت الجارية بجمرة فوضعتها على رجله فانزعج وقال ما هذا؟

    قالت: جمرة من نار الدنيا فكيف تصنع بنار الآخرة؟

    فبكى بكاءً شديداً ثم قام الى الصلاة ووقع في نفسه ما قالته الجارية.. فلم ير شيئاً ينجيه إلا مفارقة ما هو فيه من ماله فأعتق جواريه وتحلل من معامليه وتصدق بما بقي حتى صار يبيع البقل وتبعته على ذلك الجارية وقد سأله سفيان بن عيينة:

    إنه لم يدع أحد لله شيئاً إلا عوضه منه بدلاً، فما عوضك مما تركت له.قال الرضا

    قلت فمن يرضى في زماننا هذا بالتحلل الصادق حتى منزلة بيع البقل (الفول).. ويكتفي بالرضا وهذا باب طويل.

    < وحين كان الرافضة والنصوصيون يسبحون في بحار الإسرائيليات والفتن وخسران المستقبل وكان الشيخ يسبح في فضاءات المستقبل القادم بوضاءة الفجر والأجيال القادمة بالقرآن الموحد والأحاديث الصحاح بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار!!

    ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين.. يعز عزيزاً ويذل ذليلاً عزاً يعز الله به الاسلام وذلاً يذل الله به الكفر).

    وكان الشيخ الراحل شرف العز وثمر العز وعز العز الذي ما أرتضى بغير الاسلام دينا

    ولا غير محمد قائداً ورسولا

    يمضي بالتوثيق ولكن عبر التدبر والاعتبار وخروج الصغير إلى الكبير وخروج الكبير إلى الكثير بكمه وكيفه وأحسانه

    1- زحزح راية الوثنيات المعاصرة براية محمد حتى انجلى الباطل وتجلت الأمة الشاهدة تحت الشمس مباشرة

    2- نعم الاسلام هو الحل العقيدة والدستور والبرنامج وأجيال المبدئيين الذين لما يأتوا بعد وبايمان راسخ بالشعب المحتمل للبشارة والتكليف

    3- أكتوبر وتسويق شعار الحرية في التدين والحياة

    4- تحرير أصول الفقه وسعة الدين والخروج به من الجمود والاجتهاد بالتقى والعلم في ثمرات العقيدة والاقتداء بأقوال وأفعال المجتهدين السلف بالاحترام لا التقبيل والبركات والقبول المتراجع فهم رجال ونحن رجال

    5- وكانت الجبهة العريضة للحريات الصالحة للتداول ومنازلة الاستبداد القابل للترويض وغير القابل

    6- فكانت جبهة الميثاق التي جعلت امكانية تلاقي أهل القبلة واجب وشرعة

    7- وكانت الديمقراطية المدخل للتقويم واستعادة الاسلام السياسي لأراضيه رفضاً للزوايا والتكايا ورضا المبشرين عن فقراء الطلاسم والدراويش

    8- وكانت المواجهة والجهاد والتظاهر والاقتلاع في شعبان والانتفاضة المباركة المسلحة يوليو 76 ودرء الأخطار بثورة الانقاذ حيث تسابق قرنق والترابي زحفاً على الخرطوم فنالها الشيخ لا حباً للاسلاب ولا استدعاءً زائفاً للأسباب ولكن كراهية لسلطة الموتورين والعلمانيين والشعوبيين الذين استعدوا بأناشيدهم لاستقبال قرنق فاتح السودان الجديد (وقد خاب فألهم وسوف يخيب ماضياً وحاضراً ومستقبلاً)

    9- حمى السودانيون التراب والثغور وتخلوا عن الجنوب لمشيئة أهله الذين سيعودون حتماً ولكن بعد التواضع على حد سكين الاحتراب والقبلية اللعينة، وسراب وعود الغرب الخبيث

    10- وفي سيرة كل البشر تظل أشواك الخلاف والاختلاف والمراجعة لا التراجع والاحاطة بالآخر من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حباً وعفواً وعافية فهذا بلد يحتمل الجميع إذا راعت الأقلية حقها لا حلاقيمها

    11- ذهب الشيخ وبقي الحوار والاستنارة والتواضع الفكري ومقولة ان الحرب كالجريمة لا تفيد

    < ذهب الشيخ وبقيت الحقيقة الخطيرة (لقد انطوت صفحة الحركة الاسلامية على طريق الرُّجعى تلك التي صنعها الشيخ بعقله وعاطفته وأظلنا الزمان الذي يصنع فيه تلاميذه حركة اسلامية أخرى يصنعونها بأيديهم فالرجل العظيم الواحد يشكل أغلبية والتلاميذ الحزانى المعتبرين والمشفقين والرساليين وأصحاب الوجعة يشكلون مؤسسية.. فقد دفن أهل السودان الصادقين آخر الكواكب بمقابر بري اللاماب وعادوا الى مواقع النجوم والهموم ولم أقل عادوا القهقرى.

    نعم إن الذين يشاهدون أخبار الموت في سوريا والعراق وأفغانستان والسودان يدركون لكم صار الموت معتاداً ورتيباً ومنسياً حتى أعاد الترابي له برحيله المر اللمعان والرقش والشهرة. بل أعاد له بريقه وسطوته وشهرته في زمان المنون الباهت المحيا والأسارير.

                  

03-17-2016, 05:00 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    (حريات) تنشر تحليل (آفريكا كونفدنشيال) عن الصراع على السلطة بعد رحيل الترابي

    March 17, 2016

    نشرت مجلة آفريكا كونفدينشيال المتخصصة في القضايا الإستراتيجية والسياسية الأفريقية بالإثنين مقالاً تحليلياً مطولاً حول (الصراع على السلطة بعد حسن الترابي) استعرضت فيه رؤى العديد من السياسيين السودانيين حول المشهد بعد الخامس من مارس تاريخ وفاة الدكتور الترابي ، أشارت لبعضهم بصفاتهم وذكرت بعضهم بالاسم وهم : نصر الدين الهادي المهدي ، القيادي بالجبهة الثورية وحزب الأمة ، والأستاذ أحمد حسين آدم الباحث بمعهد التنمية الافريقي بجامعة (كورنيل) في أمريكا .

    وجاء مقال (آفريكا كونفدينشيال) بتاريخ 14 مارس 2016، في المجلد (57) رقم (6) ، مستعرضاً لردة الفعل المباشرة لوفاة الترابي وأبرز الأقوال التي قيلت في نعيه والإهمال الرئاسي للتشييع مما أثار حنق المؤتمر الشعبي بحسب المقال، كما تطرق المقال لقوى الإسلاميين المختلفة بعد الترابي وذكر ان أهم ثلاثة قادة لهم هم علي الحاج وابراهيم السنوسي وغازي صلاح الدين. ناظراً لمشهد الإسلاميين بعد الترابي ككل، وما توقعه البعض بتحول حكومتهم من الأخوان المسلمين الى أنصار السنة المدعومين بالسعودية.

    وفي فقرة حول “السعودية في مقابل ايران” تتبع المقال دور الترابي في جمع جماعات الإسلامويين السنة والشيعة عالمياً، مؤكداً على دور الترابي كمفكر سياسي اكثر من كونه ثيولوجي أو ديني، خلوصاً لأثر ذلك الفكر العملي التدميري في السودان.وفي ختام المقال سيرة ذاتية للترابي.

    وتستعرض (حريات) في حلقتين ذلكم المقال بشيء من التفصيل ، وتنشر أدناه (الجزء الأول) من ملخص الصراع على السلطة بعد حسن الترابي:

    منافسوه الأيديولوجيون وخصومه السياسيون يحاولون استغلال وفاة مهندس الإسلاموية السودانية

    في الخامس من مارس وحينما توفي حسن عبد الله الترابي، الرجل الذي ترأس الحركة الاسلامية في بلاده لمدة خمسة عقود، بدا كأن حلمه في إقامة دولة إسلامية سودانية ربما مات معه. قال سياسي معارض: “بوفاة الترابي، انتهى الإخوان المسلمون في السودان”. وقال آخر “إن الحركة الإسلاميةفي حالة فوضى”. ومع ذلك، فإن المستفيد المباشر من ذهاب الترابي هو الرئيس عمر حسن أحمد البشير الذي لا يواجه وضعه كزعيم وطني تحدياً مباشراً من داخل النظام وبين معاونيه.

    كان الترابي قد قال للصحفيين إبان ذروة تسنمه للسلطة ـ خلف كواليس العرش ـ وانتباذه دولياً في مارس 1996م: “لسوء الحظ، فإنهم يحسبونني الشيطان. أنا عالم!”

    الترابي الذي كان يحمل درجة الماجستير في القانون من جامعة لندن وشهادة الدكتوراة من جامعة السوربون في باريس، استخدم قدراته على التفكير الإستراتيجي في المقام الأول للأغراض السياسية العملية. وبالنسبة لمعظم السودانيين، فقد كان مهندس النظام القمعي لحزب المؤتمر الوطني، برئاسة الرئيس عمر حسن أحمد البشير. وبالنسبة للآخرين مما وراء البحار، فقد كان الرجل الذي ساعد أسامة بن لادن لبناء القاعدة وعراب شبكة اسلاموية دولية.

    أثارت وفاة الترابي، في عمر 84، في مستشفى بالخرطوم إثر إصابته بأزمة قلبية في مكتبه، فرحاً على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، مما أودى بالبعض إلى القول أنه من غير اللائق الاحتفاءبالموت حتى لعدو. ونقل البعض توجيهاً قرآنياً أنه عندما يصاب عدوك، يجب أن تنحي سلاحك جانباً.

    وكان المسؤولون الذين يدينون بقوتهم لـ”ثورة الإنقاذ” التيصنعتها الجبهة الإسلامية القومية (المؤتمر الوطني لاحقاً) أكثر حذراً. إذ أثنوا على إنجازات ‘الشيخ’ بيد أنهم كانوا يضعون في اعتبارهم انفصاله عن حزب المشير عمر البشير “المؤتمر الوطني” في 1999-2000 لتأسيس ما يعرف الآن بحزب المؤتمر الشعبي، الذي أصبح أمينه العام.

    وفي الآونة الأخيرة، كان الترابي يدعو حزب المؤتمر الشعبي وحزب المؤتمر الوطني للعمل معاً أو حتى إعادة التوحد في “نظام خالف”. كانت واحدة من شروطه إبعاد كل من نائب الرئيس السابق علي عثمان محمد طه ورئيس الأمن السابق نافع علي نافع، الذين لم يكن قد غفر لهما تنكرهما له، وقد أبعدا.

    وفي يوم 7 مارس، قاد وزير الخارجية إبراهيم أحمد غندور نهجه الحذر المعتاد، بالتركيز على تاريخ الترابي وعودة المؤتمر الشعبي إلى الحظيرة. “لقد كان معروفاً جداً أن الترابي انضم للحوار الوطني بقناعة كاملة وأن رؤيته كانت أن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق المصالحة الوطنية”.

    “الحوار الوطني” هو مناقشات النظام بقاعة الصداقة في الخرطوم مع حلفائه وأتباعه، وليس المحادثات التي تم تعليقها مع المعارضة المتسعة. كان حزب المؤتمر الشعبي هوالحزب الوحيد الذي له وزن،المنضم للحوار الوطني.

    بعض أحر التعليقات حولالترابي جاءت من حلفاء الخرطوم القدامى بالخارج.قال رياك مشار تيني ضرقون زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة في جنوب السودان بحماس: “من حظ السودانيْن أن يكون هذا الرجل العظيم أحد قادتهما. لقد كانت قيادته مثالية وساهمت أعماله في إحلال السلام والاستقرار في البلدين”.وهذا سوف لن يسر الكثيرين في جنوب السودان. لم يشر القائد رياك لسنوات القتل والتعذيب والتطهير العرقي، في الجنوب والشمال، من قبل النظام الذي ترأسه الترابي.

    لم يكن الزعيم الفلسطيني لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، خالد مشعل، أقل حماساً، فقد تحدث بحماس شديد في الخرطوم حتى انفجر بالبكاء. أما زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي، فقد وصف وفاة الترابي يوم 5 مارس باعتبارها “كارثة” “… ليس فقط لبلاده ولكن للمسلمين وزملائه الإسلاميين ككل”.

    إن تمييزه بين “المسلمين”، و”زملائه الإسلاميين” مثير للدهشة: إذ أن الجبهة الإسلامية القومية ولسنوات لم تقم بهذا التمييز، وظلت تقدم نسختها المسيسة للغايةمن الإسلام باعتبارها النسخة الوحيدة الممكنة.

    وحينما كان الغنوشي منفياً في بريطانيا، وعمره الآن 75، كان واحداً من مئات الإسلاميين – وكثير منهم المجاهدين المسلحين – الذي حصلوا على جوازات سفر سودانية من نظام الترابي التابع للجبهة القومية الإسلامية. وقد حل في الخرطوم في يوم 9 مارس، لتقديم تعازيه.

    الإهمال الرئاسي:

    كان أقل المعزين البارزين حماساً هو الرئيس عمر: سمعنا أنه زار الترابي في المستشفى، ولكنه تحاشى جنازته في الثامنة صباح يوم 6 مارس. وبدلاً من حضورها سافر الى اندونيسيا لمنظمة المؤتمر الاسلامي بحثاً عن الاستثمار. مما أجبرحكومة جاكرتا على الدفع علناًبشأن دعوتها لرجل مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. كان الترابي هو السياسي الوحيد خارج المعارضة الذي دعا في عام 2009، لاعتقال عمر: و”أنه ينبغي أن يتحمل المسؤولية عن كل ما يحدث في دارفور:النزوح، وحرق جميع القرى، والاغتصاب، أعني عمليات الاغتصاب الممنهجة، وبشكل مستمر، أعني على نطاق واسع، والقتل”.

    خلّف إهمال الرئيس عمر للجنازة غضباً لدى حزب المؤتمر الشعبي. لقد جذب التشييع في مقبرة بري بالخرطوم وجوداً أمنياً مكثفاً ولكن فقط حوالي 3000 من المشيعين، مما نُظر إليه على نطاق واسع أيضاًباعتباره إهمالاً.

    حتى قبل دفن الترابي، كان هناك اندفاع غير لائق لخلافته. حيث تم انتخاب واحد من ثلاثة من نواب الأمينالعام بسرعة، وهو إبراهيم السنوسي، كأمين مكلف. ووضح أن التسرع كان بسبب الحاجة لسبق علي الحاج محمد، المنفى في ألمانيا، على المنصب. لقد عاد وزير الحكم الاتحادي السابق في الوقت المناسب للمشاركة في التشييع ولم يدركالانتخابات.

    انقسام الإسلاميين:

    إن القوى يعاد تنظيمها داخل الحركة الإسلامية (الاسلاموية). قال معارض بارز من الجبهة الثورية السودانية إن هناك ثلاثة فصائل رئيسية خارج حزب المؤتمر الوطني، قادتها هم إبراهيم السنوسي وعلي الحاج (كلاهما من المؤتمر الشعبي)وغازي صلاح الدين العتباني من الإصلاح الآن. القضايا الرئيسية بالنسبة لكل منهم هي مع من يتعاونوا: مع حزب المؤتمر الوطني (في حواره الوطني الذي تسيطر عليه الحكومة) و / أو المعارضة غير الإسلاموية “وهوتكتيك يشار إليه بالشمول”.

    علي الحاج يريد تقارباً سياسياً مع عمر البشير الذي لا يحبه. علي الطبيب، اعترف مباشرة بعد انقلاب 1989 أنه من صنع الجبهة الإسلامية القومية، في وقت كان فيه الحزب يحاول إخفاء دوره ريثما يمكن سلطته. ووقع في عام 1992، على اتفاقية فرانكفورت مع لام أكول من جنوب السودان، وكانت أولى اتفاقيات عديدة بين لام ونظام الجبهة الإسلامية القومية.

    ويعقد حزب المؤتمر الشعبي مؤتمراً الشهر المقبل لمناقشة الوضع وانتخاب زعيم جديد. حيث لا منافس بكاريزما الترابي أو عقله الاستراتيجي:

    قال مصدر معارض إن علي الحاج “في موقع طليعي بتنظيمه للمؤتمر، وبالتالي التأثير فيه”؛ وكبرناوي من نيالا بجنوب دارفور، فإنه يجذب جمهور المؤتمر الشعبي، وغالبيته العظمى من الإقليم الغربي المسحوق. ومع ذلك، فإن العامل الإثني يمكن أيضاًأن يلعب ضده داخل المؤتمر الوطني، الذي يسيطر عليه مثله الأمن والجيش. وينظر اليه على نطاق واسع على أنه مؤلف الكتاب الأسود:اختلال توازن السلطة والثروة في السودان، والذي نشر من قبل حركة العدل والمساواة في عام 2000،(الشيء الذي أنكره)، وهو الكتاب الذي دافع عن قضية أهل دارفور من القبائل الناطقة بغير العربية، سعياً لتفسير القمع الحكومي في دارفور.

    كان إبراهيم السنوسي ناشطاً في الماضي في مؤتمر الترابي الشعبي العربي والإسلامي وهو منظمة في أوائل التسعينات جمعت الإسلاميين الدوليين في السودان لتشكيل حركة عالمية. وفي الآونة الأخيرة، كان ينظر إليه على أنه رافض، لا يريد لحزب المؤتمر الشعبي الانجرار وراء المؤتمر الوطني التابع لعمر. قال أحد المعارضين “انه حتى يبدو وكأنه الترابي”. وقال آخر “لقد كان وكأنه خادمه”. الأزمان تغيرت للترابي وهي تتغير الآن من جديد. قال نائب رئيس الجبهة الثورية السودانية وعضو المكتبالسياسى لحزب الأمة نصر الدين الهادي المهدي “إبراهيم السنوسي هو الأقرب بين الإخوان المسلمين للمؤتمر الوطني”. ‘ولكن من السابق لأوانه القول ما اذا كان سيقوم بضم المؤتمر الشعبي للمؤتمر الوطني. المؤتمر الوطني لا يعتبر أن لديهم قيمة، ليس لديهم ثقل سياسي الآن’. ووافقه مصدر في الخرطوم قائلاً: ‘لا أعتقدأنحزبه لديه أي دور يلعبه. لقد اعتمد كلياً على كاريزميته وليس لديه أية قاعدة شعبية “.

    غازي صلاح الدين هو أيضاً لا يزال مهماً. قال معارض آخر انه “مؤهل فكرياً للبس عباءة الترابي”. ‘فهو يفكر بوضوح شديد، ويكتب بشكل جيد ولديه استراتيجية” لإخراج الحركة الإسلامية من أزمتها. وقدظل يدفع جاهداً لتكون الجبهة الثورية السودانية جزءا من العملية “مع الشفافية، والإطار الزمني والاتفاق على الهدف النهائي”. بيد أن غازي لا آمال لديه بامكانية السيطرة على حزب المؤتمر الوطني، على النحو الذي كان الترابي لا يزال يأمل..

    وتتفق المصادر على أن حلم غازي هو إنقاذ الحركة الاسلامية. ويمكن أن يكون مؤثراً فكرياً ولكنه لا يملك الفوز بالحشود وتظل علاقاته مع المؤتمر الشعبي، وخاصة مع المؤتمر الوطني، تمثل مشكلة.

    وقال أحمد حسين آدم، وهو دارفوري وزميل زائر بجامعة كورنيل، الولايات المتحدة الأمريكية،انه بعد وفاة الترابيفان “الفائز الرئيسي هو البشير”. “لا يوجد أي شخص آخر من عيار الترابي أو مكانته”. وأشار الى أن الاسلاميين الشبان كانوا يشعرون بالمرارة بسبب فساد النظام. وأن الحركة الاسلامية “بالتأكيد سوف تنقسم”.

    وربما يتعمق التنافس بعد الترابي. قال أحد المعارضين”ليس لديهم آية الله الآن”. وقد يتم استبدال ما لا يزال الكثيرون في السودان يسمونه “الإخوان المسلمون” بأصدقاء عمر الجديدين أنصار السنة، الوهابيين المدعومين من قبل السعودية، كما قال.

    ---------------------

    حسن الترابى الذى لا تعرفونه

    March 17, 2016

    د. رفعت السعيد

    بدأت علاقتنا مشتعلة كما هو متوقع.. فقد دعيت فى زمن قديم لأشارك فى برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة قبل أن تنهار فى هاوية العداء لمصر، والحوار مع حسن الترابي.

    وبرغم أن الحوار مع رجل كهذا كان بالنسبة لى فرصة للاشتباك فلم أسافر وجرى بيننا على الهواء هو فى الدوحة وأنا فى القاهرة، واشتبكنا اشتباكا حادا أشعلته ناران نار سودانية فبعد الإعلان المبكر على غير المعتاد عن هذا الاشتباك انهالت علىّ مكالمات من رفاق سودانيين من بقاع مختلفة ليس السودان من بينها فقد كان البطش هناك طائشا وكل منها يهدينى تشجيعا ومعلومات وأسماء وبيانات وجرائم يرتكبها النظام السودانى آنذاك حيث كان الترابى المهندس الأساسى لمسيرة النظام وللانقلاب الذى أتى به، وبالمقابل “وكما أبلغنى د. حسن الترابى فيما بعد” اتصل به صديقى العزيز الذى لا أنسى صداقته مهما كان اختلافنا وخلافنا المرحوم عادل حسين الذى حذره بشدة من “طول لساني” ومن استخدامى مفردات مثل التأسلم والإرهاب المتأسلم والإرهاب يبدأ فكرا، واتصل القاسم صاحب البرنامج راجيا ألا أستخدم هذه المفردات ورفضت وبعد إلحاح قلت له يتوقف على مجرى الحوار.

    وبدأنا فإذا بالدكتور الترابى يأتى عاصفا مزودا بتاريخى السياسى فى الحزب الشيوعى وبسجنى فى زمن عبدالناصر كدليل على وطنيتى وكان ردى عاصفا وحاول القاسم الانحياز للترابى ليحميه فظل يقاطعنى فصحت به بينى وبينك هذا الميكروفون ونزعته من الجاكت فإما أن تصمت وإما سألقى بالميكروفون فى وجهكما وعند هذا ظهر الترابى مبتسما وقال عبارة غريبة “نختلف ولكن ليس لهذا الحد” فعاتبته على عبارة قالها عندما عددت له بالأسماء والوقائع عمليات اغتيال لطلاب جامعة الخرطوم الذين أضربوا عن الدراسة فى ذلك الزمان فأعرض بوجهه بحركة مسرحية وقال “وأعرض عن الجاهلين.. صدق الله العظيم” وردد هذه حيلة الديكتاتور المستبد العاجز عن الدفاع عما يفعل، وبعد “ليس إلى هذا الحد” والعتاب من جانبى لنبدأ بمناقشة فكرة بعيدة عن الوقائع اليومية فلعلها مليئة بالأخطاء فلماذا لا نناقش رأيك فى قيام حكومة تعلى شرع الله، ولماذا تعارضها هل بسبب انتمائك الأيديولوجى أم هو اعتراض مبدئي.

    وقلت رأيى وأجابنى ببرود من شعر بألا جدوى للحوار مهما استطال، وما أن انتهى وقت البرنامج حتى لحقنى بمكالمة تليفونية قال فيها أشياء غريبة فقد تبدى مندهشا من أننا نحن الاثنان مثقفان عصريان وكلانا درس فى أوروبا هو فى لندن ثم باريس وأنا فى ألمانيا، وكلانا يسعى لفهم حقائق العلاقة بين الإسلام والمجتمع ونحن الاثنان على طرفى نقيض، فلماذا لا تزورنى فى الخرطوم ونجلس معا نعصف البعض بما نعرف فانفجرت ضاحكا وسألنى فأجبت لقد كتبت فيكم مقالا أزعجكم وكان عنوانه “هذا الجراد المرتدى زيا عسكريا” فقال قرأته ولهذا أدعوك لترى بنفسك، وأعترف لك مقدما أننا ارتكبنا ونرتكب أخطاء أنا لا أرضى عنها فقلت ومن يدريك أن أحدا ينتقم منى من ظهرك؟ فكان الدور عليه كى يضحك ولكن ضحكة صارخة كضحكتي، ثم قال دعها للظروف فزيارتى للقاهرة ليست يسيرة فى هذه الأيام.

    .. ومضت أيام واختلف الترابى مع شركائه فى الحكم وأدخلوه السجن وأفرجوا عنه وظل معارضا لكن الأهم أنه ظل مفكرا، يسعى نحو التلاؤم شبه المستحيل بين حكم يرتدى ثيابا دينية وبين ديمقراطية وعدل.

    ومضت سنوات حتى زارنى سودانى من رجاله وأعطانى مظروفا به كتاب للترابي.. كنا فى بداية 2004 والعلاقات مع الترابى من الجانب المصرى لا بأس بها لكنه لم يأت، تأملت العنوان “السياسة والحكم.. النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع” وكعادتى قرأت ما هو مكتوب على ظهر الغلاف وقرأت “يجدد الدكتور حسن الترابى مفهوم السلطان ويصله بالناس والشورى والمجتمع مصدر الإجماع والسلطة فى الإسلام، ومهما انحرف التاريخ بالمصطلح إذ استبد الفرد دون الشعب أو أخذ السلطة بالوراثة أو غصبها بالقوة أو بالانقلاب، فإن بناء أنظومة الحكم الإسلامى لا يكون إلا بالحرية الأتم والشورى الأوسع والعقد الاجتماعى المؤسس على الرضا والاختيار” ونحيت الغلاف لأبدأ فى مطالعة الكتاب فأدهشنى الأهداء الذى جعلنى أتمنى أن ننفذ حلمنا القديم بأن نجلس جلسات طوال منفردين ليعصف كل منا الآخر بأفكاره..

    أما الإهداء فهو..

    الأستاذ الدكتور رفعت السعيد

    العقل المشتعل تحررا وتساؤلا.. سعيا أن

    يسود العدل.. العدل كل هذا الكون

    عزيزى حسن الترابي.. ألهبت الهموم والاهتمامات ظهورنا وغمرتنا الأحداث بطوفانها ونسينا أن نحقق حلمنا باللقاء ونسيت أنا أن أشكرك على هذا الإهداء الملهم، لقد استهلكتنا أحلامنا، فهل تقبل الآن شكرى لك واعتذارى على تعسفى فى الحوار معك.

    الاهالي

    -------------------------

    الحركة الأسلاموية ، طرائق التفكير ورغائب التدبير

    March 17, 2016

    مجتبى سعيد عرمان

    والحركة الأسلاموية المعنية فى هذا المقال بالطبع هى الحركة الأسلاموية السودانية التى إمتزجت بالسلطة المغتصبة بحد المال والسيف والتى إقتلعت الحكم إقتلاعا وإنفردت به ردحا من الزمن وحقا لها إن زرفت الدمع السخين لرحيل مؤسسها الذى سهر الليالى الطوال وإنقض على السلطة والناس نيام وبشره شيكسبيرى لا يدانيه سوى نهم ليدى ماكبيث فى رائعة الروائى الإنجليزى ذائع الصيت ويليام شكسبير فى مسرحية ” ماكبث” – والغريب فى الأمر بأن السيدة ماكبث كانت تمتلك إبتسامة ساحرة تخفى رغباتها الشريرة وكانت توصى زوجها بأن يكون وجه كالزهرة البرية حينما يستقبل ضيفه –الملك فى قصره ولكن ينبغى عليه أن يكون كالحية البرية من خلف تلك الإبتسامة التى تخفى رغائب السلطة وكان لها ما إرادت وتسلقت الحكم بعد قتلها الملك وصارت السيدة الأولى.

    البداية كانت ليست مثل كل البدايات..طرح الشعارات الكذوبة على شاكلة ” نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع” وها نحن بعد أكثر من خمسة وعشرون عاما أو يزيد نستورد القمح ولا نجد العملة الصعبة لجلبه من الخارج, والأدهى والآمر وبحسب ما تناقلته صحف الأمس إن الولايات المتحدة الأمريكية هى من أكبر البلدان التى تقدم إغاثة للسودان وتحديدا للمناطق التى تشتعل فيها الحروب!! وهذا بالطبع يقودنا مباشرة الى أجواء التسعينيات التى كان يمتلك فيها زعيم الحركة الأسلاموية السودانية زمام الأمور وكان يصول ويجول فى بلد كانت تعد الأكبر مساحة ومواردا فى العالم – وقدم قام بتجميع كل مطاريد الأسلام السياسى فى مؤتمر فى الخرطوم ظنا منه أو خيل إليه بتشكيل محورا ثانيا بديلا للدب الروسى الذى تهاوى – وقام الإعلام الشمولى الطنان بالزج بالبلاد والعباد فى معركة لا قبلنا بها مع الغرب وأمريكيا تحديدا وكان الشعار ” إمريكيا روسيا قد دنا عذابها …” ويقال إن أستاذا أمريكيا زائرا فى جامعة الخرطوم سأل طالبا بالذى ينبعث من مكبارات الصوت – فترجم له الطالب ما يذاع, فقال مندهشا Both of them) ) أى أمريكيا وروسيا معا!!

    والمنطق والحكمة تقول من كان يريد لقاء أمريكيا وحدها عليه بجعل التعليم ” سلعة” متاحة للجميع وذات جودة عالية والصرف على التعليم وصنع المناهج التى جعلت أمريكيا وغيرها من بلدان العالم الأول تغزو الفضاء وتوفر الغذاء للجائع والدواء للمريض وليس بالضجة فى الرادى والخطب الحماسية التى لم تقتل ذبابة. ولكن بعد خمسة وعشرون عاما من حكم الحركة الأسلاموية ومن أمامها العسكر لا توجد جامعة سودانية وأحدة فى التصنيف العالمى للجامعات!! فكيف لمن أراد مناطحة أمريكيا أو روسيا يقوم بطرد وفصل الأستاذ الجامعى وتشريده وخلق مناخ طاردا له وبل كيف يكون هنالك إنتاج للمعرفة فى محيط جامعى مسلوب الحرية والإرادة ومدراء الجامعات يتم تعينيهم تعينا من قبل رأس النظام وأين موقع حرية البحث فى جامعتنا!! فحدثونى يا سادتى كيف يكون هنالك مشروع رسالى بدون الأخذ بسبل التقدم فى عالم اليوم وأولها التعليم والمعرفة!!

    فلنترك التعليم جانبا ونغوص فى جانب مهم ونرى صديقة دعاوى الحركة الأسلاموية السودانية وهى تدعى زورا وبهتانا تمثيلها لقيم الشعب السودانى أو فنقل ” الأغلبية المسلمة” والحق يقال ما قبل وصول الحركة الأسلاموية للحكم كانت توجد قيم الصدق والأمانة والترابط الأسرى ولكن وبسبب التوحش الرأسمالى الأسلاموى صارت تلك القيم حكاوى بتنحكى ودونكم سادتى قضايا الشكيات وهنالك مئات النساء والرجال فى السجون. وكما قال شاعر الفقراء والمهمشين عمر الطيب الدوش فى رائعته البنت سعاد:

    الموت مباح

    ﻭﺍﻟﺤﺐﻧﻄﺎﺡ

    ﻭﺍﻟﺼﺪﻕﻣﻦﺟﻨﺲﺍﻟﺰﻧﺎ

    ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﻪﻣﻮﻟﻮﺩﺓﺳﻔﺎﺡ

    وهنالك مئات الأمثلة التى تقف على قدميها وتقيم الدليل والحجة على إنهيار منظومة القيم System of values) )فى سودان الأسلام السياسى ودونكم ساتى قصص إغتصاب الأطفال فى الأحياء ودور العلم وهنالك مئات القصص التى وصلت المحاكم والتى لم تصلها بحكم أن الجانى فى بعض الأحيان قريب الصلة بالأسرة ودخول الأجاويد وبشاعة ووضاعة المثل السودانى فى هذه الحالة ” السترة والفضيحة متباريات” !! وخلاصة القول, الحركة الأسلاموية مسئولة أمام الشعب والتاريخ بتسببها فى إنهيار منظومة القيم الأجتماعية وذلك بفعل طغيان رأس المالى الطفيلى وسيطرتها على قمم الإقتصاد وعلى منهج التمكين لفئة صغيرة جدا وعلى حساب الأكثرية ولم يتبقى للشعب السودانى سوى الخروج للشارع للمطالبة بنظام إقتصادى ينصف الفقراء وحبيبنا ومولانا أبا ذر الغفارى أذنا لنا بذلك: ” عجبت من رجل لا يجد قوتا فى بيته لما لا يخرج على الناس شاهرا سيفه” وقال بعض المفسرين أن المقصود بالناس هنا بيت المال أى فى عالم اليوم وزارة المالية والإقتصاد الوطنى – الوطنى مرة واحدةةةةةةة…أظن المقصود بكلمة الوطنى هنا المؤتمر الوطنى والله أعلم!!!

    أيضا الشرط الأقتصادى القاسى الذى فرضه طغيان رأس المال الطفيلى على الأغلبية الساحقة من بنى وطنى يتعارض تماما مع تكريم بنى البشر وتشريفهم – فما يعانيه الشعب السودانى اليوم من رهق وجرى وراء لقمة العيش والحياة الكريمة والكساء والدواء يفوق قدرتهم على التحمل وتتنافى تماما مع قيم الدين والأخلاق والفلسفات التى دعت الى جعل الأنسان كل شىء ولكن الشرط الإقتصادى والسياسى الذى فرضه الأسلام السياسى جعل الأنسان أرخص شىء ولذا إستسهلوا سجنه وسحقه وقتله ونفيه وطرده وحتى تجربة الدولة الأسلامية المختلف حولها على مر الحقب قامت بعكسها والتى خاطب خليفتها العباسى هارون الرشيد السماء قائلا: امطريحيثشئتفسوفيأتينيخراجك ولكن الحركة الأسلاموية السودانية وبسبب ضيق أفقها Narrow-mindedness)) وإستبدادها بالسلطة وإدعاء النقاء العرقى وتشبثها بالسلطة قامت بفصل الجنوب بالرغم حوجتها الى ريع البترول.

    ولى عودة

    --------------------------

    بروفيسور حسن مكي في إفادات الراهن والمستقبل بعد رحيل الترابي:

    تاريخ الخبر 07-03-2016 |

    رحيل الترابي صدمة للمستقبل وللحاضر

    لا أراهن على قيادات الشعبي لمواجهة الصدمة

    لهذا (.....) يكره بعض المثقفين الترابي

    رجل فكر ولا يهتم بالخصومات الشخصية

    لديه ميزة نادرة لا تتوفر لدى السياسيين

    مصاهرة الترابي لآل المهدي (سرّع) من دخوله إلى نادي النخبة

    التمكين والوضع داخل الحركة الإسلامية نقطتا الخلاف بيني وبينه

    مهما طال الزمن فلا مجال للسودانيين إلا الحريات والعدالة

    يعد بروفيسور حسن مكي من الشخصيات الإسلامية البارزة بجانب اهتماماته الأكاديمية وبالقرن الإفريقي، فالرجل محلل سياسي ومراقب لمجريات الأحداث في السودان عن قرب.. ومع ذلك يعد أحد تلاميذ الراحل دكتور الترابي.. الصيحة حاورته أمس حول مستقبل الشعبي والحوار الوطني في أعقاب رحيل الترابي بجانب مدى تأثُّر المشهد السوداني برحيله.

    وقال مكي إن رحيل الترابي مثّل صدمة للمستقبل وللحاضر بمعنى أن الرجل كان حاملاً للأفكار الجديدة، مشيراً إلى أن إجادة الترابي لأربع لغات أسهم بدور كبير في دخوله نادي السياسة العالمي وأصبح محط الأنظار العالمية والدولية. وحول مدى تأثير غياب الترابي على المؤتمر الشعبي، قال مكي إن الترابي ترك مدرسة لها امتدادها السياسي والفكري والتنظيمي، لذا تجدني أراهن على هذه المدرسة، ولا أراهن على قيادات الشعبي لمواجهة صدمة المستقبل بعد رحيل الترابي... إلى مضابط الحوار....

    حاوره : رمضان محجوب

    *بداية، بروف حسن مكي كيف ترى رحيل الترابي بعد خمسة عقود من الحضور في المشهد السياسي والفكري بالبلاد؟

    - رحيل الترابي مثّل صدمة للمستقبل وللحاضر، بمعنى أن الرجل كان حاملاً للأفكار الجديدة، التي هي وقود المستقبل وعماده، والرجل حينما بدأ طرح فكرة الثقافة الإسلامية والدستور الإسلامي، لم يكن الجو مهيأً لهذه الأفكار، وكان كمن ينحت على (الصخر) في خمسينيات القرن الماضي، حين كان المعتاد والسائد هو شراب الخمر و(العربدة) وغيرها من الموبقات من أساسيات الحياة، ولذلك أعتبر الترابي هو أحد الذين قاموا بتغيير أولويات الإنسان السوداني، والمثقف السوداني الذي يسير وفق مقولة (اليوم خمر وغدا أمر)، وهو النهج الذي ورثه من المستعمر البريطاني، وعندما اندلعت ثورة أكتوبر وبرز الترابي على الساحة السياسية، ومثَّل ذلك صدمة للمفكرين والمثقفين الذين كما قلت قاموا ونشأوا وفق فكر الغرب وشرائعه، ولذلك يكرهه بعض المثقفين بسبب أنه فرض نمط حياة جديدة في السودان.

    * كيف ترى الترابي من قريب، خاصة وقد كنت يوماً ما أحد مقربيه؟

    - بعد مجيء الرئيس نميري إلى الحكم، كان بينه وبين الترابي عداوة، وكان من ألد خصومه.. وعارضه الترابي وجماعته وحملوا السلاح ضد مايو.. ولكن بعد ذلك صالحه حين اتجه إلى الشريعة الإسلامية.. والترابي بذلك عندي هو رجل فكر ولا يهتم بالخصومات والمرارات الشخصية مثلما يفعل الآخرون.. وللترابي خاصية أو قل ميزة نادرة جداً قلما تتوفر لدى السياسيين، وهي قدرته الفائقة في استقبال الناس والضيوف في بيته، فبيته وطيلة العقود الخمسة السابقة ظل مفتوحاً للجميع، ولا يلزم أي زائر لبيته تحديد مواعيد مسبقة أو تقيداً ببرتوكول، بل بيته مفتوح إلى ما بعد منتصف الليل لكل فئات المجتمع، وإجادة الترابي لأربع لغات أسهم بدور كبير في دخوله نادي السياسة العالمي، وأصبح محط الأنظار العالمية والدولية، لذا دوماً أكرر بأن الترابي شخصية استثنائية لها أبعادها وقدراتها على التأثير في المحيطين الإقليمي والعالمي.

    *في اعتقادك ما مدى إسهام مصاهرة الترابي لآل المهدي في ذيوع صيته؟

    - في ظل ارتباط البيوت الكبيرة بالتأثير على الحياة السياسية في السودان، جاء ارتباط الترابي بآل المهدي، وهو أمر في اعتقاده أدخله إلى نادي السياسة في السودان بامتياز وأصبح الترابي عضواً فيه ضمن النخبة الفكرية بالبلاد ممن يشكلون العقول بالبلاد. وكان حينها عميداً لكلية القانون بجامعة الخرطوم بجانب ذيوع صيته في أعقاب ثورة أكتوبر .

    * أنت أحد تلاميذ ومقربي الترابي، لكنك ابتعدت عنه فجأة.. لماذا؟

    - كما تعلم فإن الترابي هو مهندس مشروع التمكين في الإنقاذ.. وكأحد تلاميذه اختلفت معه في مشروع التمكين وكنت ولا زلت لدي رؤية واضحة حول النظام الرئاسي والذي قلت للترابي حينها لا ينفع للسودان لأن النظام الرئاسي عندنا في السودان سلطاته أوسع من أي نظام رئاسي موجود حتى في مصر التي عرفت نظام فرعون في رئيس جمهورية، لكن عنده رئيس وزراء الذي يريد الحكومة ورئيس الجمهورية يراجعه، ولكن هنا في السودان حتى رئيس وزراء غير موجود.. وقلت بأنه لا بد من وجود تقاسم في السلطة والأمن وأن توزع بين الدولة والحكومة عبر (رئيس وزراء)، والجزئية الثانية التي اختلفت حولها مع الترابي هي الوضعية التنظيمية والتراتبية للحركة الإسلامية من حيث الطبقات.. لكن، وبعد مرور كل هذه السنوات، جاء الترابي في أواخر أيامه وأقر النظام الخالف والذي يحمل بين طياته تضميناً لما طالبت به منذ أكثر من عشرين عاماً.

    * كيف تقرأ مستقبل المؤتمر الشعبي بعد رحيل رمزه وأمينه العام؟

    - الترابي ترك مدرسة لها امتدادها السياسي والفكري والتنظيمي، لذا تجدني أراهن على هذه المدرسة، ولا أراهن على قيادات الشعبي لمواجهة صدمة المستقبل بعد رحيل الترابي.

    * أخيراً.. برحيل الترابي فقد الحوار الوطني أكبر مسانديه ومؤيديه.. كيف ترى الأمر؟

    - الواقع يقول إنه ومهما طال الزمن فلا مجال للسودانيين إلا الحريات والعدالة، فلا مستقبل للنظم الشمولية التي تنعدم في عهدها الحرية... كما أن المستقبل للفكر الإسلامي بجانب ثقافة التجديد والحوار وحركة التواصل العالمي، لذا فأنا لا أراهن على الشعبي، ولكني أراهن على كل هذه التغييرات.

                  

03-19-2016, 06:06 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الجزء الثاني من تحليل (آفريكا كونفدنشيال) عن الصراع على السلطة بعد رحيل الترابي

    March 18, 2016

    (حريات) تنشر الجزء الثاني من تحليل (آفريكا كونفدنشيال) عن الصراع على السلطة بعد رحيل الترابي

    نشرت مجلة (آفريكا كونفدينشيال) المتخصصة في القضايا الإستراتيجية والسياسية الأفريقية بالإثنين مقالاً تحليلياً مطولاً حول “الصراع على السلطة بعد حسن الترابي” استعرضت فيه رؤى العديد من السياسيين السودانيين والدبلوماسيين والأكاديميين الغربيين حول ارث الترابي والمشهد بعد الخامس من مارس، أشارت لبعضهم بصفاتهم وذكرت بعضهم بالاسم وهم القيادي بالجبهة الثورية وحزب الأمة نصر الدين الهادي المهدي، والأستاذ الجامعي أحمد حسين آدم، والأستاذ الجامعي ويلو بيردج من جامعة نورثامبتون.

    وجاء مقال “آفريكا كونفدينشيال” بتاريخ 14 مارس 2016، في المجلد 57 رقم 6، مستعرضاً لردة الفعل المباشرة لوفاة الترابي وأبرز الأقوال التي قيلت في نعيه والإهمال الرئاسي للتشييع مما أثار حنق المؤتمر الشعبي بحسب المقال، كما تطرق المقال لقوى الإسلاميين خارج حظيرة المؤتمر الوطني بعد الترابي وجعل أهم ثلاثة قادة لهم هم علي الحاج وابراهيم السنوسي وغازي صلاح الدين. ناظراً لمشهد الإسلاميين بعد الترابي ككل، وما توقعه البعض بتحول حكومتهم من الأخوان المسلمين الى أنصار السنة المدعومين بالسعودية.

    وفي فقرة حول “السعودية في مقابل ايران” تتبع المقال دور الترابي في جمع جماعات الإسلامويين السنة والشيعة عالمياً، مؤكداً على دور الترابي كمفكر سياسي اكثر من كونه ثيولوجي أو ديني، خلوصاً لأثر ذلك الفكر العملي التدميري في السودان وأفريقيا. وفي ختام المقال سيرة ذاتية في نقاط للترابي.

    وتستكمل (حريات) استعراض ملخص المقال في (الجزء الثاني) اليوم:

    السعودية في مقابل إيران

    في يوم 10 مارس، طار الرئيس عمر مع الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو إلى المملكة العربية السعودية في اليوم الأخير للمناورات العسكرية التي ينظمها تحالف الرياض العسكري الإسلامي المكون من 34 دولة لمكافحة الإرهاب في منطقة حفر الباطن في شمال شرق البلاد. وتصحب الخرطوم في قربها الحالي من الرياض كل تعقيدات وغموض السياسة العربية والإسلامية. فأحد أهم أهداف تحالف الرياض هو إيران ودعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن، ويزود السودان المجهود الحربي السعودي بالجنود مثله مثل بقية الأنظمة الأفريقية اللاهثة للنقود.

    وكان الترابي قد زرع بدأبٍ العلاقات مع منافسة الرياض الكبيرة: إيران. لقد كان سد الفجوة بين الإسلاميين السنة والشيعة من مشاعر الترابي العميقة. وكان وفد سوداني من الأخوان المسلمين (كما كانوا آنذاك ) زار الراحل آية الله روح الله الخميني خلال منفاه في باريس، قبل انقلابه في عام 1979.

    وكداعية للمصالحة بين السنة والشيعة، خلافاً لغيره من الإخوان المسلمين البارزين دولياً، دعا الترابي للتعاون بينهما، خاصة بعد أن دعا أسامة بن لادن في عام 1989 لكي ينقل تنظيم القاعدة المنشأ حديثاً الى السودان.

    وتظل وكالات الاستخبارات الغربية متشككة بشكل عام حول التعاون بين الجماعات الإسلامية السنية والشيعية.

    على أية حال، فإن تقرير لجنة 11/9 الصادر عام 2004، ينقل عن تقارير استخباراتية قولها: “جرت مناقشات في السودان في أواخر عام 1991 أو عام 1992، بين تنظيم القاعدة وعناصر ايرانية مما أدى لاتفاق غير رسمي للتعاون في تقديم الدعم – ولو على سبيل التدريب فحسب – لعمليات نفذت في المقام الأول ضد إسرائيل والولايات المتحدة “.

    وأضاف مسؤول مخابرات أوروبي سابق: “أعلم أن القاعدة أرسلت عناصرها إلى وادي البقاع في لبنان [مع حزب الله المدعوم من ايران] وإلى إيران للتدريب على المتفجرات والتدريب الاستخباراتي”. وقال إن مثل هذا الدور الرئيسي الذي لعبه الترابي في ‘الجهاد العالمي’ لم يقم به سوى قليل من الناس. ووافقه أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين الذين لا يزالون في الخدمة قائلاً: “كان للترابي دور فعال جداً في جمع القاعدة وإيران معاً”.

    كان الترابي مفكراً سياسياً وليس دينياً [لاهوتياً]: كانت الأولوية بالنسبة إليه هي بناء وتعزيز الإسلاموية الدولية. وفي هذا الصدد، كان قادة معروفون أمثال أسامة بن لادن أو الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يدينون له بدين كبير- وهو دين كان يدفع بالطبع بالدولار الأمريكي.

    كان فشل الترابي الذريع هو إهمال “ثورة الإنقاذ” لدارها. إن نوع المناطق التي تجذب القلوب والعقول والتي جلبت لجماعة الإخوان المسلمين في مصر الدعم، مثل الصحة والتعليم والزراعة، كانت وما تزال مهملة من قبل نظام الخرطوم.

    وما بعد استيلاء الجبهة القومية الإسلامية على السلطة من حكومة الصادق الصديق المهدي المنتخبة في 30 يونيو 1989 تلت سنوات كان فيها الترابي وتلاميذه يقومون بالتخطيط للسلطة سراً، وكان ذلك مثال ساطع على التفكير طويل المدى للإسلاميين. لقد جاء ذلك الانقلاب بينما كانت الشيوعية تنهار في أوروبا وغيرها، وربما أحس الترابي أنه إما الآن أو لن يكون أبداً [الفرصة الوحيدة].

    وكان في السنوات التي سبقت يتودد الغرب. قال ويلو بيردج من جامعة نورثامبتون وهو يؤلف كتاباً عن الترابي: “إن الملفات المفرج عنها مؤخراً من مكتب الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولث من أوائل ثمانينات القرن العشرين تظهر الترابي متودداً تجاه المسؤولين البريطانيين، الذين كان حريصاً على أن يؤكد لهم أن السودان كان يتباعد عن الاشتراكية”.

    وقد فسر مصدر سوداني ذلك بأنه يعني أن الترابي كان يحاول إقناع الغرب الذين كانوا يدعمون حركة طالبان في أفغانستان ضد التدخل السوفياتي، بدعم “انقلاب حرب باردة” في السودان. ويبدو أنه كان سيئ الحظ، ولكن الانقلاب مضى في سبيله ولم يحاول أحد التدخل.

    لقد كان الرئيس الاسمي لحكومة الترابي الجديدة هو العميد (حينها) عمر، وكان حينها واجهة بينما ينظر اليه الآن باعتباره المسؤول الوحيد تقريباً، معتمداً على الأمن والجيش. ومع ذلك، وبفضل العداء السوداني العريض لـ”الإخوان”، فقد كانت قوات الأمن مسألة أساسية منذ البداية الأولى.

    فأعقب حكم من الإرهاب، بنظام من السجون، والتعذيب والتقتيل. وأجاد الترابي النأى بنفسه عن كل هذا – اذ لم يكن لديه منصب رسمي في النظام – وحينما تتم مواجهته بحقوق الإنسان، فانه يكون نموذجاَ للتسامح والديمقراطية. بل انه نادى بحقوق متساوية للمرأة. ومع ذلك فتحت حكمه – وقد حكم فعلاً- تم عزل النساء المتعلمات بالجملة من الخدمة المدنية، وتم سجن بائعات الشاي والمريسة الفقيرات وجلدهن، وتعرضت النساء في مناطق النزاع للاغتصاب الجماعي من قبل قوات الأمن، مثلما لا يزلن يتعرضن خاصة في دارفور.

    قال بيردج: ‘إن سيولة الترابي الفكرية التي تبدو بلا حدود هي التي جعلته أول اسلامي يهندس الاستيلاء على دولة داخل العالم الإسلامي السني”، و”بينما وعد كثيراً بأن دولته الاسلامية ستضمن الديمقراطية، وحرية التعبير والتعددية الثقافية، فقد ربط هذه القيم بالعودة العفوية الى مجتمع إسلامي قائم على نظرة مثالية من القرن السابع الميلادي، جاعلاً مرجعه استراتيجية سياسية طلائعية (vanguardist) يمكن التنبؤ بها “.

    ويعد انتشار المنظمات الإسلامية والثورات الجهادية في أفريقيا جزءاً أساسياً من إرث الترابي. وفي السودان، فإنه يترك بلاداً غارقة في فقدان الثقة السياسية وفي الانهيار الاقتصادي

    --------------------

    البروفسير الطيب زين العابدين : انقلاب الانقاذ من أكبر الأخطاء ، والحركة الإسلامية تمر بطور التلاشي

    March 19, 2016

    البروفسير الطيب زين العابدين(حريات)

    قال البروفسير الطيب زين العابدين ، ان انقلاب (الإنقاذ) على الديمقراطية في العام 1989 على يد مجموعة من الإسلاميين ، كان من أكبر أخطاء الحركة الاسلامية في السودان .

    وأضاف ان الانقلاب أدى إلى تدهور أوضاع البلاد ، خصوصاً الأوضاع السياسية والاقتصادية ، وذلك بعد وصول حزب المؤتمر الوطني إلى السلطة.

    وتوقع الطيب زين العابدين في حوار مع صحيفة (الصيحة) ، التحاق مجموعة من قيادات حزب المؤتمر الشعبي بالمؤتمر الوطني عقب رحيل مؤسسه وأمينه العام د. حسن الترابي ، بدعوى توحيد أهل القبلة .

    ووصف الحركة الإسلامية السودانية بانها تمر بـ (طور التلاشي) ، وتوقع خروج الإسلاميين من الساحة حال استمرار الحركة في ذات النهج الذي تسير عليه .

    وقال ان نافذين من داخل المؤتمر الوطني قاموا بالاعتراض على وثيقة الإصلاح التي اعتمدها الحزب ، عازياً ذلك الى تقاطعات المصالح ما بين دعاة الإصلاح وهؤلاء النافذين.

    ----------------------

    الهندى عز الدين

    المفاصلة .. مسرحيات "إسحق فضل الله"!

    {غريب بل عجيب أن يدعي الأخ "إسحق أحمد فضل الله"، أن مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في نهاية العام 1999م التي كان يمثل قطبيها الرئيس "البشير" والشيخ "الترابي"، كانت مجرد (مسرحية) وأنه - إسحق - كان جزءاً من المسرحية بهجومه العنيف على الشيخ الراحل!!

    {من كان مؤلف هذه المسرحية ومن كان مخرجها ومن كتب السيناريو؟!

    يبدو أن "إسحق" يعلم أن "الترابي" كان المخرج والمؤلف وكاتب السيناريو وممثل دور (البطولة) في المسرحية! بينما تقاسم معه البطولة المشير "البشير" وشيخ "علي عثمان"، فيما أسندت أدوار ثانوية للدكتور"علي الحاج" والشيخ "السنوسي" والفريق "صلاح قوش" وقادة (مذكرة العشرة) من البروف "إبراهيم أحمد عمر" إلى صاحبي الفكرة والصياغة "سيد الخطيب" و"بهاء الدين حنفي"!!

    {أو ربما لم تكن هناك أدوار (ثانوية) في هذه المسرحية من دون جميع المسرحيات على جميع خشبات العالم! ممثلان فقط هما "البشير" و"الترابي" وربما معهما ثالث في أفضل التحليلات هو"علي عثمان" باعتباره نائب "البشير" في رئاسة الجمهورية، وفي ذات الوقت نائب "الترابي" في أمانة الحركة الإسلامية، ما يجعل له قدرات وإمكانيات (تمثيلية) عالية !!

    {لا شك عندي أن ما يقوله أستاذ "إسحق" مجرد (خزعبلات) وخيالات ما لها من حيز في أرض الواقع السجمان!!

    {ولو كان "البشير" و"الترابي" و"علي" يجيدون التمثيل بهذا الأداء الفني فائق الروعة مستغرقين بكامل حواسهم وأعصابهم في (الدور) ولمدة (16) عاماً طويلة، فإن الفنان الأكبر "عادل إمام" يحتاج أن يأتي غداً وفي أول (طيارة) قادمة من "القاهرة" للتعرف بسادة التمثيل وأساتذته الكبار .. هنا في (خرطوم المسرح الموسمي) والسينما الغائبة والدراما (المعسمة) !!

    {وإذا كان للأخ الكريم "إسحق فضل الله" دور في تلك المسرحية الأعظم في تاريخ السودان، فلا شك أن للدكتور "نافع" دوراً، ولـ"المحبوب" دوراً ولـ"خليل" و"جبريل" أدواراً !!

    {وإذا كان ذلك كذلك، وأن الأخ "إسحق" قد أعلن نهاية المسرحية من (عموده) دون حاجة لمؤتمر صحفي وقبل أن تكمل المعلومات السرية الخطيرة مدة (25) عاماً، ليفرج عنها عملاً بنظام (الإنجليز) في ما يتعلق بالوثائق البريطانية، فإننا ننتظر من قائد حركة (العدل والمساواة) الدكتور "جبريل إبراهيم" أن يلتزم (بالدور) ولا (يخرج عن النص)، ويسلم نفسه فوراً لرئاسة (المسرحية) بعد تسريح جميع جنود الحركة وإخلاء سبيل (الأسرى) وتسليم العتاد والسلاح والمال لإدارة (الإنتاج) !!

    {بالتأكيد هي (خزعبلات) تعشعش في رؤوس البعض، وليس "إسحق" وحده، بل أن بعض زعماء المعارضة يرددون مثل هذا الحديث في لحظات العجز السياسي و(انسداد الأفق) عندهم !!

    إذ ما زالوا مأخوذين بالتمويه الأول - لا يرقى لوصف مسرحية - في (30) يونيو 1989م، عندما ذهب "الترابي" إلى السجن حبيساً وذهب "البشير" إلى القصر رئيساً .

    {ولكن ذلك التمويه لم ينطلِ طويلاً على الناس في السودان وخارجه، فسرعان ما قال سكرتير الحزب الشيوعي الراحل الأستاذ "محمد إبراهيم نقد" لزميله في الحبس بسجن "كوبر" الشيخ الدكتور "حسن الترابي": (ما كفاك يا دكتور .. خلاص جاملتنا )!!

    {لكن أقلام (اليسار) ظلت تطرب لتلك المقولة (اذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب إلى السجن حبيساً)، وترددها كثيراً، ليس لتأكيد عبقرية الإسلاميين وشدة دهائهم، ولكن لوصمهم بالكذب والتدليس وخداع الشعب .

    {الآن يأتي "إسحق" ليمنحهم فرصة ثانية وهدفاً مجانياً لاتهام ملته بل هو شخصياً ، بالكذب ! ويا لها حقاً من عبقرية !

    {لقد كنت قريباً من تلك الأحداث نهاية العام 1999م وعلى مدى العام 2000، وأتيحت لي فرصة العمل لمدة قصيرة، لكنها كافية لمعرفة الكثير، (مستشاراً صحفياً) للنائب الأول (السابق) لرئيس الجمهورية، وهي الصفة التي سمعتها من لسان شيخ "علي" شخصياً في مكتبه إضافة إلى تكاليف سياسية أخرى خاصة بدائرته الانتخابية ومساعداته الإنسانية، والرجل حي يرزق، متعه الله بالصحة والعافية، لكن ذلك التكليف لم يعجب البعض ممن كانوا يسيطرون على عمل الإعلام في تلك الفترة، خاصة أنني لم أمر عبر (بواباتهم) الحصينة، فضيقوا وتآمروا بليل، وظنوا أنني (بالحيل) ومتكالب على المناصب، فقدمت استقالتي وسلمتها لمدير مكتب النائب بعد أن أوضحت لسيادة النائب رؤيتي للعمل وتطويره بشكل متكامل، ولم تتم الاستجابة لورقة برنامج عمل سلمتها سيادته قبل الاستقالة .

    {المهم أن ما سمعته ورأيته، ثم ما سمعته وما رصدته من خلال لقاءات محدودة مع الشيخ "الترابي" عليه رحمته الله ومن جلسات عديدة مع مساعديه، ومع قيادات كانت لصيغة بالرئيس "البشير"، يجعلني جازماً ومتيقناً بأن ما حدث منذ مذكرة العشرة مروراً بمؤتمر العشرة آلاف الذي أسقط (العشرة) إلا واحداً هو "غازي صلاح الدين" بإسناد من الراحل "مجذوب الخليفة"، وانتهاءً بقرارات الرابع من رمضان، يجعلني جازماً ومتيقناً أن المفاصلة حقيقية مئة بالمئة .. لا مساحة فيها للتمثيل ولا التجميل.

    ----------------------

    عصام الترابي" يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة فى حياة الشيخ

    2 ساعات 59 دقائق منذ

    حجم الخط: Decrease font Enlarge font

    "عصام الترابي" يكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة فى حياة الشيخ

    الخرطوم ــ محمد جمال قندول

    كشف "عصام الترابي" نجل الأمين العام للمؤتمر الشعبي الراحل العالم د."حسن الترابي"، بأن والده توفي منذ أن وقع بمكتبه والذي وجد فيه مغمي عليه، جاء إلى مكتبه وقرأ صحيفة وسجد، مشيراً إلى أنه عندما رآه قال: (دا ما شيخ حسن) ورد الحضور الموجودين حينها (ياخ مالك بتقول لينا كدا بنلحقو) لأرد عليهم (ما بتلحقوا)، مشيراً إلى أنهم حينما وصلوا إلى المستشفى هم الأطباء بإعادة القلب المتوقف إلى العمل. وأضاف جاء إلى شيخ "إبراهيم السنوسي" واستفسر عن جواز سفري للمغادرة إلى ألمانيا، وأني تحدثت معه بأن الطبيب أخبرني بأن القلب عاد للدوران ولكن باقي الجسم معطل، وحينما علمت رسمياً بأمر الوفاة ذهبت إلى المنزل وتوضأت وصليت ركعتين.وسرد "عصام" في فيديو بث على موقع النيلين الكثير من تفاصيل حياة والده منها أن والده كان يصلي ويصوم بالفقه المالكي، وعندما شك بخطأ قديم في صلاته من قبل (9) سنوات أعاد صلاته مرة أخرى، وأصبح يصلي الصبح مرتين والظهر مرتين والعصر مرتين والمغرب والعشاء أيضاً لمدة (9) سنوات.وزاد "عصام" أن في حياة والده الراحل الذي وصفه بـ(الداعية) كان له أعداء. وزاد: (في أنبياء من بني إسرائيل قام قومهم بقتلهم ولكن شيخ "حسن" ربنا حصنه)، وأشار "عصام" إلى أن آخر وصايا والده هو أن يتوحد السودان

    -----------------

    الدكتور الترابي التاريخ والفكرة .. بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن

    التفاصيل C نشر بتاريخ: 17 آذار/مارس 2016 > الزيارات: 212

    رحل الدكتور حسن عبد الله الترابي، و أصبح في ذمة الله، و ترك إرثا كبيرا مجال المعرفة و الثقافة، و يتمثل في تأليف قرابة العشرين كتابا، تحمل العديد من العناوين في الفقه و السياسية و الاجتماع و الفنون، و هي بين أيدي الناس، كما ترك أيضا إرثا سياسيا و تجربة كبيرة و عريضة يتفق عليها أو يختلف عليها الناس، و تحتاج للدراسة و التنقيب عبر الطرق العلمية الموضوعية، بعيدا عن حالات الانفعال الظاهرة الآن عند البعض، إذا كان الهدف هو تصحيح المسار أو السير فيه، فالذي يخدم الوطن و المواطن و مستقبل السودان، أن تخضع النخبة السودانية التجربة للدراسة لأخذ الدروس و العبر منها، و هي المفيدة، و أفضل من عمليات القذف بالكلمات الغاضبة و غير الموضوعية، و التي لا يستفاد منها غير زيادة الشحن و البغضاء، و في مبحثي هذا هو عرض للتجربة بشكل موجز و مختصر، رغم إن التجربة كبيرة و تحتاج لدراسة تفصيلية لأخذ الدروس و العبر لكي يبقي حكمها علي الأجيال الجديدة.

    منذ ندوة جامعة الخرطوم في النصف الثاني من شهر أكتوبر عام 1964 و حتى رحيله، هو عصر الدكتور الترابي دون منازع، تربع علي عرش العمل السياسي في السودان، و كان صانعا لأحداثه و مغيرا لمعالمه و حتى مصطلحات و مفردات السياسة. و فرض علي القوي السياسية و النخب السودانية المهتمة بالشأن السياسي، أن تخوض نقاشاتها و حواراتها في ما كان يفكر فيه الدكتور الترابي، حيث تسيدت أفكاره الساحة السياسية، عندما نشر مفردات و مصطلحات مثل الدولة الإسلامية و المجتمع المسلم و تحكيم الشريعة و البنوك الإسلامية و الاقتصاد الإسلامي. بدأت الحركة الإسلامية تكون محور الأحداث منذ حادثة ندوة معهد المعلمين، و خروج أتباعها يطالبون بحل الحزب الشيوعي، و طرد نوابه من البرلمان، كانت المعركة السياسية المباشرة مع الحزب الشيوعي لأنه المنافس القوي لها، استطاع الإسلاميون استخدام الحزبين الكبيرين في حسم المعركة بحل الحزب الشيوعي، و إذا كانت الحادثة حقيقية أو مدبرة، كانت البوابة التي فرض فيها الدكتور الترابي المصطلحات الإسلامية السياسية علي القوي السياسية، حيث بدأ الحديث عن الدولة الإسلامية تأخذ بعدها في الخطابات السياسية المؤيدة أو الناقدة، أن انتشار المصطلحات و المفردات الإسلامية علي الخطاب السياسي رفضا أو تأييدا، هو تغيير لنمط التفكير السائد، و تغيير في التحالفات التي كانت سائدة في ذلك الوقت بين القوي السياسية، و التي كانت متركزة في أحزاب الاتحادي الديمقراطي و الأمة و الشيوعي.

    و قبل الغرق في التجربة الترابية، لابد أن نطرح سؤلا هل ظاهرة الدكتور الترابي سوف تتكرر مرة أخري في السودان وفقا للمعطيات الجديدة، و التغييرات التي تحدث في المجتمع، أم إنها تجربة فريدة لا تتكرر؟

    إن الإجابة علي السؤال لن تكون قاصرة فقط علي كارزمة الدكتور الترابي، أيضا تنسحب علي زعيم ل الحزب الاتحادي الديمقراطي إسماعيل الأزهري، و في الحزب الشيوعي عبد الخالق محجوب و محمد إبراهيم نقد، و في حزب الأمة السيد الصادق المهدي أطال الله في عمره، و هؤلاء فرضوا ذاتهم علي المجتمع من خلال استعداداتهم الذاتية تتمثل في:-

    1 – الذكاء و الفطنة، حيث كل واحد من هؤلاء كان يتمتع بذكاء حاد، عرف كيف يستخدمه في الشأن السياسي، و أن يقدم بديلا مقنعا لسابقيه، خاصة إن المجتمع كان في حالة من التغير المستمر.

    2 - التحصيل العلمي، و النهل من مصادر المعرفة المختلفة، الأمر الذي جعلهم يركزون علي الفكرة، أن تكون هي حجر الزاوية في ممارسة العمل السياسي، و أيضا مكنهم إن يقدموا مصطلحات جديدة تتناسب مع توجهاتهم الفكرية.

    3 – الدراسة خارج السودان التي جعلتهم يتعرفون علي مجتمعات جديدة، و أفكار جديدة، و اختلاط مع ثقافات سياسية، جعلتهم يسيروا في طريق الحداثة و كل علي طريقته الخاصة.

    هذه العوامل الثلاثة نجدها متوفرة في جميع الذين ذكرناهم، و كل استطاع أن يوظفها من خلال رؤيته و دراسته للمجتمع، و جميعهم قد توجهوا إلي الأجيال الجديدة في المجتمع في بداية حياتهم السياسية، و جميعهم حاولوا أن يقدموا رؤى و تصورات للعمل السياسي و يستخدموا مفردات جديدة تتناسب مع حالة التحديث و التجديد في المجتمع. و في هذا المبحث الذي نفرده علي الدكتور الترابي باعتبار إنه استطاع أن يكون هو محور الأحداث نصف قرن، ساعده في ذلك الاستعداد الذاتي الذي تعرضنا له، إلي جانب إنه ركز علي القوي الحديثة في المجتمع، و بدأ التركيز فيها من المراحل الثانوية و الجامعات، و أن يطرح تساؤلات عن شؤون الحكم، و تغيير التحالفات القائمة، و الدخول بقوة في العمل النقابي في المؤسسات العلمية والاتحادات الطالبية، و في الفئات الأخرى، و ساعدته أيضا عوامل جانبية تتركز في الأتي:-

    أ – التعليم الحديث الذي أسسه المستعمر و انتظم في البلاد، و تخرجت منه أجيال جديدة من الجامعات، و توسيع رقعة التعليم العالي، هؤلاء بدأوا يشكلون نواة الطبقة الوسطى في المجتمع، و يطرحون أسئلة جديدة لا تجد إجابة عند القوي التقليدية.

    ب – المؤسسات التقليدية الدينية و السياسية، عجزت أن تقدم خطابا جديدا يتماشي مع التطور الذي يحدث في المجتمع، و عجزت أيضا أن تطور ذاتها تماشيا مع التحديات التي تفرض داخل المجتمع، و عجزت عن تطوير مؤسساتها لكي تتناسب مع الأفكار الجديدة.

    ج – الحزب الشيوعي و بروزه كقوة سياسية في المجتمع، و نشره للثقافة الاشتراكية، و الذي شكل تحديا قويا للقوي التقليدية التي لم تستطيع أن تتصدي لأطروحاته، و عجزت أن تجاوب علي التساؤلات التي كان يطرحها، و تمدده وسط القوي الحديثة.

    د – صراع النفوذ و القوة السياسية و الثقافية بين القطبين، الأمريكي الذي يقود الغرب، و الاتحاد السوفيتي الذي يقود المعسكر الاشتراكي، هذا الصراع القي بظلاله علي أغلبية دول العالم الثالث، أيضا شكل تحديا للقوي السياسية في المجتمع السوداني.

    ه – دراسة الدكتور الترابي في كل من بريطانيا و فرنسا، جعلته قريب من الحداثة و تياراتها الفكرية، و قضية الديمقراطية و الحريات، و جماعات الضغط، و هي رحلة شبيهة برحلات تيارات الحداثة في العالمين العربي و الإسلامي، التي يمثل رموزها كل من رفاعة رافع الطهطاوي و الأفغاني و محمد عبده و شكيب ارسلان و طه حسين و غيرهم.

    6 – الأمية المنتشرة في البلاد التي كانت تتجاوز 90% و هؤلاء لا يستطيعون فهم ما هو مطروح من تساؤلات، و لكن كانت تحدث تعبئتهم بالشعارات الإسلامية.

    جاء الدكتور الترابي بطريقة تفكير مغايرة علي من سبقوه كرموز في قيادة الحركة الإسلامية، بابكر كرار و طالب الله و الصادق عبد الله عبد الماجد و محمود براد و الرشيد الطاهر بكر و غيرهم، حيث استطاع أن يقرأ الساحة قراءة تختلف عن الآخرين، و يتطلع لبناء حزب سياسي حديث في برنامجه و في تنظيمه، و أيضا في قاعدته الاجتماعية، هذه الفكرة كان لابد أن تؤدي إلي تغيير في الخطاب الإسلامي المطروح، حيث بدأ بأطروحتين المرأة كمساهم قوي في العملية التحديثية، و كان مساندتها لابد أن تأتي عبر طريقين ديني و سياسي، لذلك كانت أطروحته عن المرأة في كتابه " المرأة بين تعاليم الدين و تقاليد المجتمع" و يدفع بها نحو ساحات النشاط السياسي و يفك قيدها من تقاليد و عادت المجتمع، و أيضا اتجه نحو الثقافة و طرح كتابه " الدين و الفنون" و هي كتب قد أحدثت رجة في المجتمع ليس علي مستوي القوي الحديثة فقط، حتى علي القوي التقليدية و السلفية و الصوفية الدينية، وهي أطروحة بداية التجديد، و قدم كتبه في السياسة و الفقه، لكي يتجاوز كل ما هو مطروح في الساحة السياسية و الثقافية و الاجتماعية، هذه الفكرة قد أحدثت حوارا جديدا عبر مصطلحات و مفردات إسلامية، و قد شكل تحديا علي النخبة و القوي السياسية هل تجارى و تتحاور فيما يطرحه الدكتور الترابي، أم إنها سوف تتميز بخطابها و تجهل هذا الطرح تماما، لكنها لم تستطيع أن تتجاهل ذلك لسببين هما:-

    1 – إن الترابي لم يكتف بالفكرة مجردة، و أن يجعل الحوار هو طريق الإقناع، بل ذهب في الاتجاه العملي، من خلال الضغط علي الحزب الشيوعي و طرده من البرلمان و حله، هذه الأحداث جعلت الحزب الشيوعي في موقف دفاع عن النفس، و أن يحاول إقناع الشارع من خلال دحضه للاتهامات الممثلة في الإلحاد و الكفر و العلمانية و غيرها، و هي بطريق غير مباشر جرت لكي يدخل في دائرة الفكرة الترابية، أن تحاول تطرح رؤاك من خلال المفردات الإسلامية بالقبول أو الرفض، و في الحالتين تمثل تمكين للثقافة الإسلامية في المجتمع.

    2 – استطاع أن يوظف الأحزاب التقليدية، التي تمتلك قطاع عريض من الجماهير، في أن ترفع الشعارات الإسلامية، و تجعل الجماهير تتجاوب مع هذه الشعارات. و هي التي مكنت الدكتور الترابي أن يرفد الشارع بالعديد من المصطلحات الإسلامية، لكي يحاصر بها القوي اليسارية التي تنافسه في قيادة القوي الحديثة في المجتمع.

    أًصبح هناك تغييرا في الخطاب السياسي التاريخي، بدلا عن الحريات و الديمقراطية و التحرر و بناء الدولة الحديثة علي المفهوم الغربي، النموذج المطروح أمام النخبة، أصبحت العودة للتراث الإسلامي و البحث في هذا التراث، و تسيد شعاراته في الشارع السياسي، درس الدكتور شخصية القيادات السياسية في القوي الأخرى، و كان يعلم إن هؤلاء لن يستطيعوا تقديم أطروحات فكرية أو تجديدية تنافسه علي القوي الحديثة، المؤهل فقط علي أداء هذا العمل، هو اليسار متمثلا في الحزب الشيوعي السوداني، حيث كان عبد الخالق محجوب أيضا من القيادات المثقفة التي تتعامل من خلال الفكرة، و لكن نفسه لم يسلم من حصار مصطلحات الترابي، حيث بدأ يطرح عملية سودنة الماركسية، و يشرح موقفها من الدين لكي يرد علي الدكتور الترابي، و علي القوي التقليدية التي نفذت ما كان يتطلع إليه الدكتور الترابي. أطروحات السيد الصادق المهدي للتحديث استطاعت أن تقدمه كزعيم في حزب الأمة، و لكنه لم يستطيع أن يتصدي لأطروحات الدكتور الترابي، بل سايرها و نفذ عملية طرد الحزب الشيوعي من البرلمان.

    بعد انقلاب مايو 1969، الذي دبره الحزب الشيوعي و مجموعة القوميين العرب داخل الحزب الوطني الاتحادي، بدأ هناك تحول في الساحة السياسية، حيث بدأت أطروحات الاشتراكية تعود بقوة للساحة السياسية من خلال استخدام مؤسسات الدولة و أجهزتها الإيديولوجية، و فرض حصار علي قوي الإسلام السياسي، و فتح الباب من جديد للإسلام الصوفي و السلفي بعد خصام نميري مع عبد الخالق محجوب، و رغم المساحات التي توفرت للقوي السلفية و الصوفية، لكنها عجزت أن تقدم إجابة علي كثير من الأسئلة المطروحة، و أكتفت بممارسة طقوسها التقليدية، و محاولة تعبئة الناس لمساندة نظام مايو، و من ثم نظمت المعارضة ممثلة في الجبهة الوطنية عددا من المحاولات الانقلابية، لكي تهدد النظام، الأمر الذي دفع الرئيس جعفر نميري أن يدخل في مصالحة مع الجبهة الوطنية، و كانت محادثات " بورتسودان" التي جرت بين الرئيس نميري و السيد الصادق المهدي، و توقيع اتفاقية المصلحة، و استيعاب قيادات الجبهة في منظومة النظام، هذه المصالحة لم يستطيع الصادق المهدي الاستفادة منها، و لكنها الفترة التي انتعشت فيها الحركة الإسلامية بقيادة الدكتور الترابي، حيث استطاع أن يأتي بفكرة البنوك الإسلامية و البيوتات المالية الإسلامية، و قد وجدت القبول عند قيادات النظام بسبب الأزمة الاقتصادية التي كان يعاني منها نظام مايو في ذلك الوقت، هذه الفكرة شكلت نقطة انتقال جديدة في الحركة الإسلامية، حيث وفرت لها إمكانيات مالية كبيرة جعلتها تتوسع في بناء التنظيم و يتمدد علي طبقات أخرى، و يشارك بقوة في منافسة التنظيمات النقابية، و في تلك الفترة حث الترابي الشباب في الحركة الإسلامية أن لا يتتردوا في اقتحام العديد من النشاطات، وبل طالبهم بتوسيع إطلاعهم في القضايا المختلفة، إذا كانت الفكرة دخول ساحات العمل الثقافي في المجتمع و فرض رؤاهم، كما تبني دخول بعض الطلاب إلي معهد الموسيقي و المسرح، و نشطات الدراما، و غيرها من النشاطات و الفنون التي كانت عضوية الحركة الإسلامية تعتقد إنها ساحات يحرمها الدين، و أيضا بدأ التنظيم يرسل طلاب للدراسات العليا في كثير من الجامعات الغربية و الولايات المتحدة، و خاصة دراسة الإعلام باعتباره واحد من الأدوات القادرة علي نشر الفكرة، و تغيير الكثير من القناعات، خاصة في الأجيال الجديدة المراهن عليها، و أصبحت اسر الأخوان في الأحياء و الجوامع إضافة لدروس التجويد و علوم القران و الفقه تتدارس في الشأن السياسي و الثقافي و تحليل الأحداث، و كانت تمثل نقلة في طبيعة التفكير، الذي كان جاذبا لمجموعات كبيرة من الشباب.

    و عندما سقط نظام مايو بالانتفاضة الشعبية بعد خلافه مع الحركة الإسلامية، جاءت الديمقراطية الثالثة لكي تقدم الحركة الإسلامية باعتبارها الحزب الثالث، من حيث وجودها داخل البرلمان، و لكن علي الساحة الفكرية و الصراع بين الأفكار كان محصورا بين الحركة الإسلامية و الحزب الشيوعي السودان، علي الرغم من أن حزب الأمة كان يمتلك أكثر من مئة نائب برلمان، يليه الحزب الاتحادي الديمقراطي ب 63 نائبا، و لكن كانا غائبين في ساحة الصراع الفكري، و الدلالة علي ذلك أن الجبهة الإسلامية كانت تقدم نفسها و فكرتها من خلال صحيفتين الراية و ألوان، و الحزب الشيوعي من خلال جريدة الميدان، حيث لا تستطيع أن تجد هذه الصحف بعد العاشرة صباحا في مراكز البيع، الأمر الذي يؤكد عمق المنافسة و انجذاب القوي الجديدة لها.

    كان انقلاب 1989، الذي نفذته الجبهة الإسلامية متوقعا، من خلال المسيرات التي كانت تسيرها تحت مسمي " ثورة المصاحب" و مذكرة الجيش التي كانت ترفض مشاركة الإسلاميين في السلطة، إلي جانب إن الدكتور الترابي لم يكن مهتما بقضية الحرية و الديمقراطية كثيرا، و لم يقدم فيها اجتهادات بقدر ما كان يركز علي الوصول للدولة، باعتبار إنها الوسيلة الفاعلة في تحقيق الأهداف، و كل النقد الذي قدمه الدكتور الترابي لرفضه لعملية الانقلابات العسكرية، و الحديث عن أهمية الحريات، و من ثم دخولها في الخطاب السياسي للدكتور الترابي، قد جاءت بعد المفاصلة كخطاب قومي، أما إن خلاف الدكتور الترابي مع تلاميذه سببه قضية الديمقراطية، هو مردود لأنه كان إشكالا داخليا. لكن السؤال هل إذا لم تكن مذكرة العشرة التي أقصت الدكتور من السلطة قد قدمت، هل كان الدكتور سوف يفرد مساحة لخطابه السياسي لقضية الحرية و الديمقراطية؟ أم سوف تكون ضمن عملية التوالي أي أن يكون هناك حزبا قائدا و قوي سياسية مشاركة معه للديكور، كما هو حاصل الآن في الإنقاذ. إن قضية انقلاب الإنقاذ و تجربتها في الحكم، لا بد أن تفرد لها مقالات نقدية للتجربة منذ الانقلاب حتى المفاصلة و ما بعدها.

    القضية الملفتة للنظر، إن الدكتور الترابي لم يستطيع أن يتجاوز الكارزمة، لكي يعبر للمؤسسة و يجعلها ثمرة إنتاجه الفكري و يبني ما تحتاجه، في أن يعتمد علي توزيع السلطات الذي يؤهل الكثير من العضوية، و يفتح نوافذ لتمرير هواء الحريات و الديمقراطية، باعتبار إن قضية الديمقراطية تمثل كعب أخيل في فكر الدكتور الترابي، أو أن يؤسس مركز للدراسات كما تعمل الأحزاب الحديثة، حتى يستطيع أن يجعل قضية الفكر و التجديد ليس حصريا عليه، بل فضلا مشاعا داخل التنظيم لكل من يملك القدرات التي تؤهله لكي يتقدم في هذا المسار، و هي قضايا تحتاج لدراسة نقدية كل عي حدي. و لنا عودة. و نسأل الله التوفيق.

                  

03-20-2016, 04:02 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    القيادي الإسلامي والناشط د. محمد محيي الدين الجميعابي في حوار الاعترافات:

    بتاريخ الأحد, 20 آذار/مارس 2016 14:21

    أجراه: مزمل عبدالغفار-

    الانتباهة

    وصف د. محمد محيي الدين الجميعابي أمين المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم الأسبق والقيادي الاسلامي والناشط المجتمعي في حقوق الانسان، وصف الراحل د. حسن الترابي بأنه مجدد وشخصية قل أن تتكرر في علمه ونبوغه، وأنه صبر على السودان والسياسة فيه وعلى الجماعة والصف الإسلامي، وأنه ظل مسالماً ولم يغادر هذه البلاد أو يهاجر. وقال إنه غادر وترك أمانة في صدور الناس منها الحوار الوطني، كاشفاً عن أن الراحل قد قال له بالحرف الواحد في لقاء جمع بينهما (أنا على اتفاق تام مع الرئيس في الحوار الوطني وفي إنفاذ مخرجاته)، وأضاف أن شيخ الترابي أكد لي أن المنظومة الخالفة هي لتوحيد أهل السودان، وتقوم على ائتلاف كل الواجهات السياسية واختفاء الوطني والشعبي. واستبعد د. الجميعابي أن يكون للشيخ حسن الترابي وصية يشير أو يحدد فيها من سيخلفه في موقع القيادة، وأبان أن د. الترابي ليس من الذين يتحدثون عن الإرث، وهو دائماً يتحدث عن معاني وعن قيم منها المسامحة والنهج السلمي والحوار وعن موجهات عامة وقضايا كبرى تهم البلاد، وأضاف أنه أصلاً لا يتحدث عن أشياء تفصيلية مثل هكذا (المواقع)، مبدياً تشككه في وجود وصية من هذا النوع (من سيخلف). إلى ذلك هاجم د. الجميعابي، الأحزاب بالبلاد جميعها بقوله (لا توجد أحزاب ذات قيمة ودعونا نركز على المنظومة الخالفة). عدد من الأسئلة كانت حاضرة في الحوار الذي أجريناه معه حيث بدأنا بالسؤال:

    > ثم ماذا بعد ذهاب د. الترابي؟

    < أبدأ وأقول: اللهم أجرنا في مصيبتنا، وأخلف لنا خيراً منها وأبدلنا خيراً مما فقدنا، راضون بقضاء الله وقدره ولكنها مسألة صعبة لأنه قل أن يملأ مكانه شخص في التاريخ القريب.

    أنا تحدثت كثيراً وقلت إن الشيخ حسن عبد الله الترابي هو مجدد. وعادة المجددون لا يولدون إلا بعد مئات السنين، وهو شخصية قل أن تتكرر في علمه ونبوغه وفي ميزاته، ويكفى أنه صبر علينا وعاش معنا أربعة وثمانين عاماً فلا يوجد قائد يمكنه أن يعيش بهذا المستوى وسط أهله وناسه.

    > صبر على جماعته أم على السودان أجمع؟

    < صبر علينا، وصبر على السودان وجماعته، وظل رجلاً مسالماً ولم يغادر ولم يكل أو يمل ولم يهاجر، فالشيخ حسن عبدالله الترابي هو شخصية غير عادية.

    > ثم ماذا بعد رحيله؟

    < أنا في تقديري أن الشيخ حسن عبدالله الترابي غادر وترك أمانة في صدور الناس، منها الحوار الوطني، وترك أمانة خاصة جداً في صدر السيد الرئيس وهذا ما قاله لي أنا شخصياً ماذا تتوقع من الحوار الوطني، وكان هذا قبل بداية إعلان الحوار بعشرة أيام، وقال لي الراحل شيخ الترابي بالحرف الواحد «أنا على اتفاق تام مع الرئيس في الحوار الوطني وفي إنفاذ مخرجاته»، وتحدث معي بعد ذلك حول ثم ماذا بعد الحوار الوطني، فقال لي الشيخ انه ينتظر أمر المنظومة الخالفة التي يمكن أن توحد أهل السودان من غير قبلية أو جهوية أو عنصرية، وأكد لي أن الرئيس هو على قناعة تامة بها، وأنا أتوقع بعد مخرجات الحوار الوطني أن يختفي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي ويأتلفا مع معظم الواجهات السياسية الموجودة في السودان لمدة ثلاث إلى خمس سنوات في برنامج يؤمن مستقبل الوطن الواحد، أي أن المنظومة الخالفة مع مخرجات الحوار أنا في تقديري يمكن أن تأخذ بيد البلاد إلى بر الأمان، وهذا ما أتوقعه.

    > ما رشح من مخرجات من لجنة قضايا الحكم، التوصية بقيام حكومة وفاق وطني، فكيف تنظر لهذا المقترح مع استحداث منصب رئيس وزراء؟

    < قد تشبه ذلك، ولكن نحن لم نخض بعد في التفاصيل، ولكن هي تشبه الإطار العام للمعالجات القادمة إن كانت حكومة وفاق وطني أو حكومة انتقالية، ولكن من المؤكد تماماً أن الشكل القادم التمثيل فيه هو تمثيل رمزي، وليس بالكتل وذلك حتى تكون هناك فترة زمنية قد تتفاوت من ثلاث إلى خمس سنوات حتى تبني الأحزاب نفسها، ومن ثم تجرى انتخابات من بعد ذلك لتأتي الأحزاب حينها بأحجامها الحقيقية، أما المرحلة القادمة فيجب ان يتم فيها تمثيل المؤتمر الوطني مع الشعبي مع الأحزاب الأخرى بكل ألوان طيفها السياسي من يسار ومستقلين وأية مجموعات اجتماعية في السودان، كلها تأتلف وتؤمن أمر المنظومة الخالفة التي يمكن أن تكون قارب نجاة أهل السودان.

    > رشح في المعلومات الصحفية والتصريحات، أن هناك وصية للشيخ الترابي تتعلق بمن سيخلفه في الموقع والقيادة، وهذه الوصية تتضمن ثلاث مواصفات للشخص الذي ستؤول إليه المهمة، فما صحة ذلك في حد تقديرك؟

    < أنا لا أحسب أن شيخ حسن عبدالله الترابي يتحدث عن إرث في القيادة، وبالنسبة لي لا أعتقد أن هناك شخصاً يمكن أن يحل محل أو يرث الشيخ الراحل، ولكن أن يُكلف شخص بالقيام بالمهام هذا وارد، ود. الترابي هو ليس من الذين يتحدثون عن الإرث لأنه دائماً يتحدث عن معاني وعن قيم وعن المسامحة وعن النهج السلمي والحوار، وهو دائماً ما يتحدث أيضاً عن موجهات عامة وقضايا كبرى، وهو أصلاً لا يتحدث عن أشياء تفصيلية والمتمثلة في من يقود.

    > هل تشكك في صحة وجود وصية كهذه من الأساس؟

    < أشكُّ تماماً في وجود وصية للشيخ الترابي لمن يخلفه، والمسألة ليست بهذا الفهم بل ربما هناك أطر عامه تهم البلاد.

    > أيضاً هناك أخبار صحفية أشارت إلى لقاء جمع علي عثمان وعلي الحاج، كيف تنظر لهذا اللقاء وتقرأ ما وراءه هنا؟

    < أنا لا مانع عندي أن يجتمع علي الحاج مع علي عثمان، ولكن في تقديري الشخصي البديل القادم هما ليسا في قيادته، ويجب أن يكونا خارج قيادته.

    > على مستوى الصف الإسلامي أم على مستوى السياسة في السودان؟

    < هذا على مستوى الوطن وعلى مستوى الصف الإسلامي، نستفيد من خبراتهما ولكن لا يقودان.

    > هل لديك مرارات شخصية هنا؟

    < لا... لا... بل آن الأوان وكفاية فلقد عملنا تحت قيادتهما لعشرات السنين وما يمكن أن يقدماه قد تم، وبالتالي لا بد من فترة استراحة لهما.

    > د. علي الحاج قال في مراسيم تشييع الشيخ الترابي إنه يريد للسودان مصير الخير وإنه أزاح كل ما في دواخله، الآن كيف تقرأ هذا القول؟

    < هذا هو نهج الشيخ حسن عبد الله الترابي.

    > بالنسبة للخارطة الحزبية في السودان ما الذي يسرك فيها ولا يسرك؟

    < أنا شخصياً غير شاعر بأن هناك أحزاباً في السودان ذات قيمة ولا ذات منهج ولا برنامج، وقولي هذا ينطبق على كل الأحزاب القوي منها والضعيف، ولكن دعونا نركز على المنظومة الخالفة.

    > لقد استهلكنا عبارات كثيرة في هذه البلاد على مستوى الثقافة السياسية والمفهوم والنظرية من هذا المنطق ما هي الفلسفة والغاية من أطروحة المنظومة الخالفة؟

    < المنظومة الخالفة هي أطروحة لتجميع أهل السودان وأحزابه والواجهات المجتمعية ينبذون العنف ولا يؤمنون بالقبلية ولا العنصرية ولا بالتغيير العسكري، أي أن نجمع كل القيادات على أمر سواء وأنا أعلم تماماً ان د. الترابي قد أدار هذا الحوار مع أكثر من مائة واجهة قيادية وشخص قيادي.

    > هناك أيضاً تصريحات لا يعرف مدى صحتها منها تهديد حول إمكانية حدوث تصعيد الخلاف من قبل المؤتمر الشعبي تجاه الحكومة مرة أخرى، كيف ترى ذلك؟

    < هذا يخالف نهج الشيخ، ونحن لسنا مع ذلك ود. الترابي في حياته لم يكن يصعد رغم كل شيء.

    > دعوة الإسلاميين ومطالبة بعضهم لبعض بالوحدة خاصة المناداة والاصطفاف الذي حدث بمسجد الجامعة إلى أي مدى تقرأ ذلك؟

    < مطالبة الإسلاميين في مسجد الجامعة هو حالة من الحالات العاطفية ونتعامل معاً في هذا الإطار.

    > المشروع الحضاري الذي بشرتم به في السابق ما هو مستقبله من جديد في السودان والمنطقة والإقليم؟

    < المشروع الحضاري في السودان كاد ينهار وأن يختفي، وعسى ولعل في أنه لو تجمع أهل السودان فيمكنهم ان يحافظوا على أساسياته في إطار المنظومة الخالفة.

    > كيف قرأتم زيارات كبار شيوخ الحركات الإسلامية العربية والعالمية للسودان والذين حضروا لتقديم واجب العزاء في فقيد البلاد د. الترابي؟

    < هذا أنموذج عن وفاء هذه المجموعات للشيخ الترابي ولأهل السودان.

    > ماذا تقول في النصائح التي أسداها القائد الإسلامي التونسي راشد الغنوشي للرئيس بالمضي قدماً في الحوار؟

    < هذا رأينا جميعاً.

    > أنت الآن في أي موقع سياسي، بعيد أم قريب من أهل المؤتمر الوطني؟

    < أنا مؤتمر وطني ولكن منذ سنوات ظللت خارج موقع اتخاذ القرار ولكن تعودت أن أقول رأيي.

    > هل رأيك القوي هو وراء إبعادك؟

    < إجابتي هي نعم...

    > هل هناك أُناس بعينهم قد تشير إليهم في ذلك؟

    < أنا لا أتحدث عن أفراد ولا أشخاص، ولكن قد تكون الطريقة التي أتعامل بها والصراحة والإفصاح عن رأيي ربما كان للبعض في هذا رأي ذلك بأنني شخص غير مرغوب فيه في القيادة.

    > في ظل الفراغ الذي قد يحدثه رحيل د. الترابي في البلاد سياسياً، من هذا المنطلق ما هي رسائلك للصادق المهدي والميرغني كقيادات تاريخية تبقت؟

    < السيد الصادق المهدي هو شخصية غير عادية ابتداءً، ولكنه ليس لديه بعد عامل السن فرصة كبيرة للعطاء، والسيد محمد عثمان الميرغني بالاضافة الى انه تنطبق عليه هذه الصفات لكنه ليست لديه فرصة لقيادة شباب المجتمع السوداني ويجب عليه الآن ان يركز على الطريقة الختمية والسجادة.

    > لقد ذكرت لنا في حوارات سابقة معك، أن البلاد قد امتلأت بالفاشلين والفاسدين وضعيفي المبادرات، فهل ما زال رأيك هذا قائماً؟

    < ما زال هذا هو حديثي، وأؤكد عليه، وهؤلاء يجب ان يغادروا ولذلك أنا أعول كثيراً على المنظومة الخالفة، والمنظومة الخالفة أتوقع ان تبعد كل هذه القيادات.

    > كيف تصف المرحلة القادمة؟

    < هي فترة تحتمل تجميع أهل السودان على كلمة سواء.

    > الذين وجهوا بعض الإساءات المرفوضة من كل شعب السودان للراحل المقيم د. الترابي خاصة عبر الواتساب وما رشح من وجود رجال دين أيضاً في الحملة، ماذا تقول في هذا؟

    < أي مجتمع فيه مثل هذه النوعية الشاذة، ولكن هذا رجل مجدد أحسبه من الصالحين يحفظ كتاب الله بأكثر من عشر روايات وهو شخصية غير عادية، ونتمنى أن تنجب حواء السودان شخصاً كالراحل المقيم.

    -----------------------

    «الإنتباهة» تقلب الأوراق مع الشيخ أحمد عبدالرحمن (1-3)

    / 0

    بتاريخ السبت, 19 آذار/مارس 2016 15:48

    حوار: احلام صالح-

    ثمة أشياء إنسانية تظهر أصالة هذا الشعب الأبي، وتُلغي كل الفواصل والحواجز السياسية وغيرها، وهذا ما حدث عند وفاة الشيخ حسن الترابي، فقد كان تشييعه تظاهرة سلمية إنسانية كبرى، حيث تناسى الجميع خلافاتهم السياسية والفقهية معه، ولم يبقَ سوى وجه الله. في هذه المساحة أجرينا حواراً خاصاً مع الصديق الحميم لدكتور الترابي وهو الأستاذ أحمد عبدالرحمن الذي صادقه منذ صباه وامتدت علاقتهما حتى شيخوختهما.. فلم تفرق بينهما حتى سبل السياسة، فكانت صداقتهما أقوى من المفاصلة فاستمرت حتى بعد أن اختار شيخ الترابي المؤتمر الشعبي وبقي الأخير بالمؤتمر الوطني.. في هذا الحوار التاريخي نتعرض لسيرة الراحل ونشأته وموقعه العلمي محلياً ودولياً، وكيف اختاره العلامة العالمي دكتور السنهوري ليضع دستور الإمارات بعد تحريرها. وما سر زيارته للسعودية، في أواخر الستينيات ولماذا شعر بالحرج من هذه الزيارة، وكيف جمع الراحل بين العلم والتطبيق العملي في مجتمع جدلي كالسودان.. وهل تزوج الشيخ الراحل من تلميذته وصال المهدي كتخطيط إستراتيجي أم بدوافع أخرى. ولماذا انفصلت الحركة الإسلامية السودانية عن حركة الإخوان المسلمين الأم بمصر، وهل كان ذلك بإيعاز من الراحل شيخ الترابي.. وهل كان تصرفه عدائياً نرجسياً، أم أنه أراد فقط كف أذى النظام الناصري بمصر حينها، والذي كان يستهدف الإسلاميين.. وهل كان لتغيير مسمى الحركة الإسلامية السودانية وانفصالها عن القيادة الجماعية «قيادة حسن البنا» أثر في تراجع إسلاميو السودان في أواخر الستينيات والسبعينيات.. - على حد قول - ضيفنا يري أن الأمر لم يؤثر لأن الحركة ظلت مرتبطة روحياً بالقيادة الجماعية وأدبيات الإخوان المسلمين بمصر. وكيف كانت كل جزئية من حياة شيخ الترابي مرتبطة برسالته في إحياء الأمة وتجديد الدين، وكيف ورثت الحركة الطالبية الحركة الإسلامية بعد وفاة رائدها الشيخ علي طالب الله.. وهل صحيح أن الراحل شيخ الترابي قدم العلم على السياسة، وبعد تفقهه في الدين اتجه للتنظيم الحركي للإسلاميين. وهل صحيح أنه يحمل وزر أول انشقاق للإسلاميين.. كل ذلك وغيره في حوارنا مع الصديق الحميم والمعاصر لشيخ الترابي الشيخ أحمد عبدالرحمن.. فإلى الحلقة الأولى من الحوار:

    > بدءاً كلمة حول الرحيل المفاجئ للشيخ الترابي؟

    < الخطب جلل، والفقد عظيم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله. فإن السودان قد فقد حقاً مفكراً وعالماً ومجاهداً، ترك بصماته واضحة، وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء. إنه خلال الخمسين عاماً الماضية، قد ساهم مع مجموعة خيرة ملتزمة ذات مرجعية إسلامية وطنية في تغيير خارطة السودان عبر مراحل وحقب مختلفة.

    > حدثنا عن نشأة دكتور الترابي؟

    < من ينظر لسيرة ونشأة الوطني شيخ الترابي.. يعترف أنها كانت ملحمة كل حلقاتها ناصعة البياض. فدكتور الترابي كان رجلاً مميزاً منذ نشأته الأولى، فقد نشأ في بيئة دينية ونهل منذ نعومة أظافره من الدراسات الإسلامية العلمية، وتأثر كثيراً جداً بخلفية الصوفية فهو ينحدر من أسرة صوفية أوقفت وقتها ومالها وجهدها لنشر التعاليم الإسلامية، وهي أسرة الشيخ حمد الترابي.

    > ماذا عن بواكير وتباشير الراحل العلمية؟

    < دكتور حسن الترابي له سجله التعليمي بأنه كان خارق الذكاء، ويشهد له بذلك أساتذته داخل وخارج السودان، فقد تفرد بأنه كان يجمع بين العلم والفقه والتأهيل والجرأة في الاجتهاد والطرح مع النشاط الحركي الفريد، فله علاقات مميزة مع الطلاب وحركات النهضة الإسلامية العالمية، وكان له اهتمام خاص وكبير بالأقليات غير الإسلامية بأوروبا.

    > كنت صديقاً حميماً لشيخ الترابي من الصبا وحتى بعد المفاصلة استمرت علاقتكما رغم مفترق الطرق «أنت وطني وهو شعبي»؟

    < أنا اتصلت بالشيخ الراحل لأكثر من نصف قرن، وكنت لصيقاً به، ولم نفترق أبداً حتى بعد المفاصلة، فقد ظلت علاقتي به طيبة، والجميع يذكر أنه في يوم الانفصال أنني ذهبت إليه في أوج الحماس ومعي إخوة أخيار للحوار وإصلاح ذات البين، ولكننا فوجئنا بهتافات معادية آنذاك من أنصاره ولكنه أوقفهم واستقبلنا استقبالاً جيداً، قبل إصراره على الافتراق ومغادرته هذه المحطة ليكون تنظيمه الجديد «المؤتمر الشعبي».

    > حدثنا عن دكتور الترابي على المستوى العالمي والعربي كعالم مجتهد؟

    < شهد كبار العلماء خارج السودان بأن دكتور الترابي عالم كبير وقانوني ضليع وعلى رأسهم العالم المصري الكبير المشهور محلياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً العالم الدكتور عبدالرازق السنهوري، وذلك عندما عرض عليه بالقاهرة مشروع الدستور الإسلامي لسنة 1968 الذي وضعه دكتور الترابي، فقد أشاد به بشدة، وذلك بعد أن سأل من وراء هذا المشروع العظيم، فأخبروه أنه شاب سوداني خريج جامعة السوربون يسمى حسن عبدالله الترابي، وقد أشاد به حينها العلامة الدكتور السنهوري وأبدى إعجابه الشديد به وتنبأ له بمستقبل باهر ومجد عظيم في المجال القانوني والدستوري والشرعي.

    > ما قصة الدستور الإسلامي الإماراتي ودور الراحل فيه؟

    < عندما نالت دولة الإمارات العربية المتحدة استقلالها في أواخر الستينيات، طلبت رئاستها من الدكتور السنهوري إعداد دستور إسلامي للإمارات، فاعتذر لكبر سنه وانشغاله، ورشح دكتور الترابي ليقوم بهذه المهمة وأثنى عليه كثيراً مؤكداً للإمارات، بأنه سيقوم به على خير وجه، فما كان من دولة الإمارات إلا أن قدمت نفس العرض للدكتور الترابي فقبله، وتوجه فوراً الى الإمارات وشرع في إعداد دستورها الإسلامي.

    > أين كنت في هذا الوقت بالضبط، وهل ذاع صيت الراحل حينها ووصلتك أخباره كإسلامي ومواطن بصفة عامة؟

    < كنت حينها أعمل بالمملكة العربية السعودية في معهد الإدارة السعودية بالرياض عام 1968م، ودكتور الترابي فور توليه مهامه في إعداد الدستور قام بعقد مؤتمر صحافي شهير شاع خبره بكل الدول العربية، وكان مفاده، أنه أراد أن يعرف ماهو رأي المسؤولين الإماراتيين في نسبة مشاركة المواطنين في السلطة وتوزيع الثروة، فقد أراد رؤيتهم حول المشاركة الشورية والديمقراطية للشعب بالسلطة، لأن هذا هو جوهر وأساس الدستور الإسلامي، فلما استيقن من النتيجة الإيجابية، أكمل مهمته على خير وجه.

    > قدمت المملكة العربية دعوة للراحل لزيارتها إبان إعداده للدستور الإماراتي الإسلامي، وكنت حينها أنت تعمل بها.. ماذا حدث؟

    < في هذا الوقت قدمت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل بن عبدالعزيز دعوة للشيخ الترابي لزيارة السعودية، وقد استقبلته أنا شخصياً ومعي العالم الجليل محمود الصواف، وهو من المقربين لجلالة الملك، وكذلك استقبله عدد من أعضاء الديوان الملكي، وفي لقاء قصير بالفندق بحضور الصواف، دكتور الترابي كان صريحاً وقال رأياً لم يعجب الصواف وهو أي الترابي يشعر بحرج كبير في زيارته للسعودية في هذا التوقيت بالذات خشية التأثير عليه في أداء واجبه في إعداد الدستور الإسلامي الإماراتي.

    > وهل كان هذا اعتذار منه وعاد أدارجه أم أنكما تداركتما الموقف؟

    < أنا والصواف رفعنا هذا الحرج، حيث أجبنا عليه معاً بقولنا: إنا لا نشك في أنه يعرف أهمية المملكة العربية السعودية واهتمامها بدول الخليج العربي، ولا غضاضة في الدعوة الموجهة له منها، ونحن على ثقة كبيرة في قوة شخصيته وحيادته وموضوعيته وعلمه، وهكذا اقتنع دكتور الترابي ونجحت الزيارة والتقى بالملك وخرج بانطباع جيد، بل أنه وجد ترحيباً كبيراً، حيث حظي بتوجيه ملكي يسر له فرص إلقاء محاضرات في بعض كليات الشريعة بالجامعات السعودية.

    > وهل استطاع الاستفادة من تلك الفرصة؟

    < في هذه السانحة تعرض الدكتور لقضايا مهمة تتعلق بأهمية تشجيع الاجتهاد في أصول الدين في إطار مواكبة المعاصرة، ونادى بالتجديد ولم يخفِ بعض أفكاره، وكان هذا حدثاً عظيماً وجديداً، ولذلك اكتفت وسائل الإعلام السعودي في ذلك الوقت بعرض صور الترابي وهو يلقي المحاضرات دون الخوض في تفاصيلها أي أنها رصدتها بالصورة فقط والإشارة الى أنه قدم محاضرات فحسب، دون الإفصاح عن محتواها.

    > وهل وجدت أفكاره قبولاً في وطنه السودان بعد عودته إليه فور فراغه من دستور الإمارات؟

    < دكتور الترابي عاد بعدها الى السودان، ولكنه بكل أسف لم يخرج ثانية لأنه اعتقل في سجن كوبر، وظل يتردد على السجن لفترات طويلة من يومها، وحتى جاءت المصالحة الوطنية في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري.

    > وهل وصل الراحل الى ما وصل إليه في مجال القانون والفقه والسياسة والسلطة؟

    < دكتور الترابي بعلمه وذكائه وقدرته على الإقناع وحجته القوية وقناعته بأهمية الحوار والنقاش، تميز بقدرته على التخطيط المستقبلي، وكان يتحكم في وقته وحياته كلها، ويمارس السياسة في كل جزئية منها ويغتنم أية فرصة لذلك، فحتى زواجه كان مربوطاً برسالته في إحياء الأمة وتجديد الدين، لذلك تزوج من (تلميذته) التي درسها «السيدة وصال المهدي»، ليس برضا أخيها السيد الصادق فحسب، ولكن بقناعة ورضا مشترك بينهما، وحسناً فعل السيد الصادق حينها والتاريخ يشهد له بعظمة ذلك.

    > هل تريد أن تبث رسالة خاصة للسيدة وصال حرم الراحل؟

    < نعزي أنفسنا أولاً والأمة الإسلامية، ونعزى أختنا في الله وصال الصديق عبدالرحمن المهدي في هذا الخطب الجلل والفقد العظيم، ولا نقول إلا ما يرضى الله رغم الحزن المخيم على النفوس. فالسيدة وصال لها دور عظيم في الحركة الإسلامية السودانية، فكانت نعم الرفيقة للشيخ الراحل والأخت الشقيقة لكل أفراد الحركة الإسلامية السودانية في درب الكفاح الإسلامي والسياسي، فهي أخت وأم لكل رفاق الدرب الإسلامي في كل الحقب والأماكن بحكم أنها كانت شريكة العمر والنضال الإسلامي لشيخنا الراحل، فهي عظيمة جداً، وبحكم معرفتي بها عن قرب زدت اقتناعاً بالمقولة (وراء كل رجل عظيم امرأة)، فلو أقمنا للسيدة وصال قبة ما جزيناها حقها لثباتها وصبرها وتحملها الأذى ووقوفها بصلابة مع زوجها وتحملها الأذى وحيرتها بين شقيقها الصادق وزوجها الراحل في بعض خلافات وأضابير السياسة، وتمزق قلبها بينهما، نسأل الله أن يثبتها في هذه المصيبة ويجعل الجنة مثواهما.

    > كيف جمع الراحل بين العلم والتطبيق في مجتمع جدلي كالسودان؟

    < دكتور الترابي وفق في تنزيل معرفته واجتهاداته على أرض الواقع. أذكر إننا كنا طلاباً قبل عام1960م لم نعاصره بالجامعة، ولكننا عرفناه بعدها بعد أن جاء من لندن وهو مجاز بدرجة الماجستير، وكان دائماً ناقداً وله وجهات نظر وكان ثاقب الفكر والنظر.

    > وهل صحيح أن الراحل مارس السياسة بعد العلم؟

    < دكتور الترابي عندما كان طالباً بالجامعة لم يكن سياسياً، كان فقط طالب علم ومجد في دروسه ومنكباً بشغف شديد على قراءاته للكتب الصفراء، وذكر في هذه المرحلة المبكرة من العمر وهو فرح جداً بأنه قد أكمل بحمد الله (كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي) بمجلداته الأربعة من الغلاف الى الغلاف، بجانب ختمه للقرآن الكريم، ولذلك فالراحل أثر فينا كثيراً بفكره الإسلامي، مما جعلنا أفراداً بالحركة الإسلامية، فبأطروحاته جعلنا فاعلين وللرسالة الإسلامية داعين ولله والدين مخلصين.

    > حدثنا عن بواكير الحركة الإسلامية بالسودان؟

    < الحركة الإسلامية بالسودان بدأت باسم حركة التحرير الإسلامي، وبدأت بمنطقة حنتوب بالإقليم الأوسط حينها وحنتوب جزء من منطقة (مدني)، وحركة التحرير الإسلامي السودانية، تأثرت كثيراً بالزعيم السوداني الراحل الأستاذ بابكر كرار، ومعروف عن كرار أنه كان شخصية استقلالية ونهلت الحركة بالسودان من أدبيات حركة الإخوان المسلمين الأم بمصر، وخاصة رسائل الإمام الراحل حسن البنا، وكانت هناك زيارات كثيرة للقيادات الإسلامية بمصر للسودان مثل الإستاذ عبدالحكيم عابدين كاتب المرشد العام للحركة بمصر والأستاذ سعيد رمضان، وجاءت الدفع الأولى لحركة التحرير الإسلامي السوداني القادمة من مصر كرافد أساسي للحركة الإسلامية السودانية مثل شيخ صادق عبدالله عبدالماجد والشيخ الراحل محمد الخير عبدالقادر والشيخ عبد الباقي عمر عطية، وبعدها استمرت الحركة تعمل تحت اسم الإخوان المسلمين، وأصدرت صحيفة باسم الإخوان المسلمين، ولم تستمر طويلاً بهذا المسمى.

    > يقال إن للراحل دور أساسي في تغيير مسمى الحركة مما تسبب بانشقاقها، فهل كان عداءً لمصر أم نرجسية من الراحل؟

    < قرر مجلس شورى الإسلاميين بالسودان في ذلك الوقت المتوتر بمصر أن تعمل الحركة الإسلامية السودانية باسمها الأول ككيان مستقل ومنفصل وقائم بذاته ولا علاقة له بحركة الإخوان المسلمين بمصر.

    > عفواً أريد تخصيص إجابتك عن تأثير الراحل تحديداً في هذا الأمر؟

    < فعلاً.. الراحل دكتور الترابي كان له تأثير كبير ليس لأي سبب عدائي ضد الإخوان المسلمين المصريين، ولكنه فعل ذلك كفاً لأذى النظام الناصري - آنذاك - والذي كان يستهدف الإسلاميين وحركتهم بمصر. الراحل شيخ الترابي قدم مبررات كثيرة حينها وليس من بينها أي عداء للحركة بمصر، فالحركة الإسلامية السودانية ليست الوحيدة التي غيرت اسمها، بل الإسلاميين العراقيين أيضاً غيروا اسمهم المطابق لمصر درءاً للأذى وليس صدوداً عن إخوانهم بمصر.

    > كان هناك مؤتمراً شهيراً للحركة عقد بأم درمان حول تغيير مسمى الحركة فكيف احتفظتم بالثوابت مع تغيير المسمى؟

    < في المؤتمر الشهير لمجلس الشوى بأم درمان حينها توصل الجميع الى ضرورة تغيير المسمى الى حركة سودانية مع الاحتفاظ بمقاصد الحركة الإسلامية الأم، التي قيدها وكبلها النظام الناصري، فظللنا نهتدي بأدبيات الحركة الإسلامية المصرية، فرغم انفصالنا التنظيمي عنها، ظل الاتصال الروحي والوجداني والديني مستمر، فرابطة الإسلام أقوى الحواجز القطرية والتنظيمية.

    > وكيف أوصلتم الفكر والثقافة الإسلامية للسودان؟

    < عبر المحاضرات والندوات والكتب، فأول مكتبة إسلامية ثقافية، كانت مكتبة الفكر الإسلامي، بإشراف الشيخ موسى أبوزيد، وأول كتاب صدر كان بعنوان «الأرض لمن يفلحها»،. وكان الرواد الأوائل للحركة الإسلامية مثل بابكر كرار والنخبة التي حوله متأثرين بالفكر الاشتراكي الغربي، وهذا كاد يؤدي لتجاوزها، لولا أن المرحوم الشيخ حسن مؤسس الحركة بالسودان كان قد أخذ البيعة من المرحوم الإمام حسن البنا، ولكن بعد وفاته تحولت الحركة الإسلامية الى حركة طالبية.

    > كيف اخترقتم حينها المجتمع السوداني الذي كان فكره معلقاً بالقيادة الجماعية الإسلامية بمصر (حسن البنا وحركته) وأنتم انفصلتم عنها؟

    < كان الراحل الشيخ الترابي يرى أن هناك اختلافاً بين المجتمع السوداني والمجتمعات الأخرى بمصر وغيرها، لهذا لابد أن تكون للحركة الإسلامية السودانية خصوصيتها، فالمجتمع السوداني أكثر انفتاحاً، ويجب أن تكون برامجه ثقافية مفتوحة بالمساجد والمنابر العامة، ويلزم أفراد الحركة الإسلامية بحضور هذه البرامج، ويدعي إليها عامة الناس، مع الإبقاء على أسرة التنظيم الإداري الحركي الإسلامي.

    نواصل في الحلقة القادمة...

                  

03-21-2016, 07:05 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    علي الحاج: مؤسسات "الشعبي" لم تخبرني باختيار السنوسي

    وحدة الإسلاميين لا تعني السودانيين في شيء

    03-21-2016 05:40 PM

    الخرطوم - آدم محمد أحمد

    حذر علي الحاج، نائب الأمين العام بالمؤتمر الشعبي، من وقوع انفصالات أخرى بالبلاد ما لم ينتبه السودانيون إلى ذلك، وكشف عن حديث الترابي حول خلافته منذ العام 2005 مؤكداً أن الراحل لم يسمّ شخصاً بعينه لخلافته، وقال إن مؤسسات الحزب لم تخبره باختيار السنوسي نافياً في ذات الوقت أن يكون تعيين السنوسي قطعاً للطريق أمامه لخلافة الترابي، مقراً بعدم إخطاره من قبل مؤسسات الحزب بشأن اختيار السنوسي، لكنه أكد أن السنوسي مؤهل لقيادة الحركة.

    وكشف الحاج عن حديث الراحل الترابي حول خلافته قبل عشرة أعوام في العاصمة الأرترية (أسمرا) وأشار إلى أن الترابي لم يحدد خليفة له (بالاسم)، وقال: "الترابي كان يقول إن العمر قد تقدم به ولابد من وجود أشخاص يخلفونه إذا حدث أمر الله، ولكن الأوضاع كانت صعبة - أوضاع طوارئ والشعبي إلى الآن يعمل في ظل أوضاع الطوارئ التي تأسس فيها". وأكد علي الحاج في مقابلة مع برنامج (فوق العادة) على قناة الشروق عودته إلى ألمانيا مرة أخرى لترتيب بعض أوضاعه قبل عودته النهائية إلى الخرطوم. وأشار إلى أن وحدة الإسلاميين لا تعني السودانيين في شيء وأضاف: "الصورة عندي واضحة المشكلات الموجودة هي مشكلات السودان والأولوية أن نوحد السودانيين".

    اليوم التالي

    ------------------------

    أسرار جديدة تنشر لأول مرة منذ وقوع الإنشقاق بين الترابي والبشير.

    .أمير الدبابين يعلن أستعداده للمثول أمام أي محكمة لشهاداته التي أدلى بها

    03-21-2016 11:44 AM

    الجريدة : الخرطوم : سعاد الخضر

    كشف القيادي بالمؤتمر الشعبي وأمير الدبابين في الحركة الإسلامية قبل وقوع المفاصلة الناجي عبد الله عن أسرار جديدة تنشر لأول مرة منذ وقوع الإنشقاق بين الإسلاميين وقال الناجي في محاضرة حول الاسلامين بين الوحدة والتشظي السبت الماضي بمركز إنما ء المعرفة قررت الحكومة ابعاد المجاهدين من العمل السياسي عقب انحيازهم للأمين العام للحركة الإسلامية د عبد الله الترابي قبل حلها تم استدعاءنا من قبل رئيس التنظيم العسكري بالحركة الإسلامية العميد ابراهيم شمس الدين في مكتبه وطلب منا أيقاف أي نشاط بأسم المجاهدين وأضاف لأول مرة أرى أبراهيم شمس الدين( يضرب التربيزة في وجهنا) وقال لنا الدولة قررت خروج المجاهدين من السياسة ، وكشف عن تهديد رئيس التنظيم العسكري لهم بدك قاعة الاجتماعات بالدبابات وأضاق ( قال لو لم تسمعوا هذا الكلام سندك القاعة بالدبابات وأشار الناجي أنه شعر بالدهشة وأستفسر مسؤول التنظيم العسكري عن أسباب أصدار هذا القرار وأوضح لهم أن علي كرتي وصلاح قوش وأسامة عبدالله قالوا له بالحرف الواحد لو ما لحقت ناسك ديل هيعملوا ثورة مضادة ، وذكر الناجي أنه تمسك بأستمرار نشاط مبادرة المجاهدين التي كانت قد شرعت في محاولات طي الخلافات بين رئس الجمهورية المشير عمر البشير والترابي بأعتبار أنهم اعضاء ورد على تلك التهدديدات قال ( أبلغته بأننا لا نعمل معه أو مع الدفاع الشعبي وأننا في الحركة الإسلامية ولدينا الحق فيها اكثر منهم لأننا قاتلنا من أجلها وأضاف (خاطبته قائلاً جهزوا دباباتكم وبرنامجنا قائم قائم وكلامنا موثق.

    وكشف تفاصيل آخر اجتماع قبل استفحال الخلافات تم الرئيس في نهاية العام 1993 في مبنى الطلاب في العيلفون وأكد أن نائب رئيس الجمهورية الشهيد الزبير محمد صالح أبدى إستعدادهم لتسليم السلطة و قال قولته المشهورة (سنسلم السلطة ونملص الكاكي ونمشي بيوتنا) ولفت إلى أن الترابي كان يقاتل من اجل ذلك داخل المؤسسات التنظيمية وحمل مسؤولية المفاصلة إلى تيار وصفه بأنه قوي ومتمترس في الحزب الحاكم ، واتهمهم بأختطاف مشروع الدولة الإسلامية وأكد أن كثير من المشاركين في مذكرة العشرة ذكروا له أنهم غرر بهم وبرر ما حدث بأنهم كانوا دروايش وأضاف الاَن بعد كل تلك الصدمات الخطيرة التي تعرضنا لها وعينا وحدثت أنزلاقات شديدة.

    وأعلن الناجي أستعداده للمثول أمام أي محكمة لشهاداته التي أدلى بها وأتهم فيها رئيس مجلس شورى المؤتمر الوطني السابق عبد الرحيم علي بالخيانة وكشف عن ضياع المستندات الخاصة بلجنة رأب الصدع وأضاف لم نأخذ منها صورة ليلة المفاصلة وعندما جئنا للمطالبة بها في اليوم التالي رفضوا تمليكاً لها لأنها وأدت وتساءل ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ) وأعتبر أن لجنة رأب الصدع قنطرة للخيانة ، وبرر ذلك بأنهم قبل تكوين اللجنة قاموا بمبادرة جمعوا فيها قطاعات كبيرة من المجاهدين من الشرطة والأمن والجيش فقام مسؤول التنظيم العسكري

    وكشف الناجي عن ضياع وثائق ما قبل المفاصلة وأضاف بعد ما ذكرت له أن حديثنا موثق أختفت أشرطة التسجيل ومنعوا كاميرات ساحة الفداء عنا وبعد ذلك تم تكوين لجنة راب الصدع وهي اللجنة الوحيدة المسموح لها بالعمل ، وأردف تم تكوين لجنة حكومية من 30 شخص وأختاروني كممثل للمجاهدين.

    وروى الناجي تفاصيل المشهد ما قبل المفاصلة وكشف عن إن إقالة مدير التلفزيون القومي من منصبه بسبب رفضه اذاعة قرارات رمضان وقال قدم ألينا الطيب مصطفى أثناء الاجتماع وطلب الانفراد بالترابي ورفضنا ذلك وبعد ألحاح شديد تصرف الترابي بحكمة وطلب من عمر عبد المعروف الذهاب معه إلى الخارج وبعد أن عاد أكد أن الأمر جد خطير وخرج الترابي معه وبعد ذلك جاء ليقول قضي الأمر الذي فيه تستفتيان وتابع عرفنا بعد ذلك أن الطيب مصطفى الذي كان يرأس التلفزيون القومي رفض تلاوة بيان قرارات الرابع من رمضان على الرغم من أنه خال الرئيس وأضاف أن الترابي ذكر لهم أنه لا يضمن أن الذي يأتي بعده سيرفض أذاعة البيان ، واعتبر أن المذكرة التي كنا بصددها أصبحت ليس لها قيمة وبعد قليل تمت أذاعة البيان وأردف كنا 30 نستمع إلى البيان بالخارج وبعد أن أنتهى البيان وجدت نفسي مع أثنين اَخرين فقط.

    وكشف الناجي عن اعتراف نائب رئيس الجمهورية السابق علي عثمان محمد طه بأنه من قام بكتابة قرارات رمضان وأضاف أبلغني وعدد من الإسلامين في منزله بأنه قام بكتابة تلك القرارات وتلاها رئيس الجمهورية

    الجريدة

    --------------------

    القيادي بالمؤتمر الشعبي الناجي عبد الله في حوار مع (ألوان)

    21 مارس، 2016تقارير و تحقيقات، حواراتeditor

    كرس جل وقته للانخراط في العمل الشبابي والطلابي، لذلك لم يعتد على الإلتزام والإنضباط المؤسسي الصارم، وربما أثر ذلك في إنفلاته المعروف عنه، وكون شخصيته المتمردة بطبعها على كل ما هو تنظيمي، لكن بالرغم من حدته الشديدة إلا أنه يمتاز بذكاء حاد، مكنه من إحراز درجات عالية جداً في إمتحانات الشهادة السودانية، أهلته لدخول كلية الطب جامعة الخرطوم، إلا أن المجاهد الناجي عبد الله أو أمير الدبابين كما يحب أن يطلق عليه لم يكمل دراسته لظروف تتعلق بالنضال الذي كان يمارسه وقتذاك، وتشير معطيات الأمور إلى أن انحيازه للشيخ الترابي لم يكن من الوهلة الأولى للمفاصلة، حيث وقف على الرصيف مع بعض الذين كانوا يحاولون رأب الصدع بين القصر والمنشية، (ألوان) حاولت أن تقلب أوراق العمر مع الرجل المعروف بالحماسة والإندفاع، بعد ندوة شباب المؤتمر الوطني بقاعة الشهيد الزبير التي إستعاد من خلالها ذكريات المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين إثر المشادات الكلامية التي وقعت بين الطرفين فإلى مضابط الحوار.

    حوار: أكرم الفرجابي

    دعنا نبدأ بعبارة (المجاهد) التي مازلت مقترنة بإسمك…؟

    المجاهد هو إسم حبيب للنفس، ولكن غبنا عن ساحات الجهاد لأكثر من 15 سنة، لذلك بإمكانك أن تقول الأخ الناجي عبد الله وليس المجاهد.

    على ذكر الملاسنات التي حدثت في ندوة الشهيد الزبير هل عاد الناجي لواجهة الأحداث لإشعال النيران…؟

    لا أبداً بكل تأكيد. أنا حضرت تقريباً في آخر ربع ساعة من الندوة، لأني نسيت البرنامج وذهبت إلى مناسبة إجتماعية في أبو آدم، وبعض الإخوة ذكروني بأن البرنامج قد بدأ، وعندما وصلت من منطقة أبو آدم كان د. علي الحاج خلص كلامه وفتحوا باب الأسئلة، وحضرت تقريباً مداخلتين أو يزيد، وما كان عندي رغبة أتكلم، لكن الأخ النيل الفاضل في إدارة الجلسة قال لي نعطيك فرصة تتكلم، وعندما أعطاني إياها قلت له لا بأس.

    (مقاطعة).. ماذا قلت بعد أن أتيحت لك الفرصة…؟

    أولاً أنا لم أحضر إلى الندوة بنية مبيته لشعللة النيران كما تقول، وما قلته كان عبارة عن خواطر جات عفواً، وحضوري للندوة نفسها كان في آخر الزمن، وتحدثت في ثلاث دقائق لا أكثر.

    أنت متهم بأنك شخص مصادم…؟

    نحن منذ أن كنا طلاباً في المرحلة الثانوية وبعد ذلك في الجامعة، أو في الفترة الجهادية، ما بنقول نحن أكثر الناس حماساً ولا أكثر الناس إنفعالاً ولا أكثر الناس ولاءاً للمشروع، لكن ممكن نقول لا تزال دماء الشباب حارة.

    لكن الدماء حارة للدرجة التي جعلتك تحول الندوة إلى (ركن نقاش)…؟

    أنا شعرت في المداخلات التي سبقت حديثي للمهندس صديق محمد أحمد والأستاذ أسامة توفيق أن اللقاء الذي شهدته قاعة الشهيد الزبير الروح فيه لم تكن رياضية، ونحن أصلاً غير مطمئنين لما يدور في الساحة السياسية من حوار وغيره حتى قبل وفاة شيخ حسن ربنا يتقبله.

    ماذا قلت بالضبط…؟

    أدليت بدلوي في أربع معلومات، وهم من زادوا حرارة الأجواء بالمقاطعة وبأن الفرصة قد إنتهت، ولو تركوني بالصورة العفوية كان ستكون مجرد معلومات أتفضل بها في الجلسة حول لجنة رأب الصدع التي كان يترأسها البروفسير عبد الرحيم علي إبان المفاصلة ومعلومات حالية تتعلق بوفاة شيخ حسن وأيام العزاء ودفنه، وكان يمكن أن تكون مشاركة عادية وعفوية، لكن توجس المنصة وبعض الحضور ضخم منها وأعطاها أكثر من حجمها الطبيعي.

    الأمين السياسي لحزبك وصف موقف الرئيس في وفاة الشيخ بالموقف الشهم ما تعليقك على ذلك…؟

    كمال عمر عنده كثير من الإشكالات، سواء من ناحية الأداء في الحزب أيام ما كنا في تحالف المعارضة أو الآن في الحوار الوطني.

    السؤال.. هل موقف الرئيس كان شهماً…؟

    من وجهة نظري أنا لا بكل تأكيد، لأنه لو في شخص جاره فقط مات خلي شيخه لن يذهب إلى مكان عمله دون موارة جثمانه الثرى، فالترابي كان بمثابة أب روحي لكل الحركة الإسلامية وليس السودانية فحسب وإنما العالمية، لا يعقل إنسان جاره يكون مات ما يحضر دفنه ويسافر لمناسبة أنا لا أعتبرها مناسبة مهمة أو إستراتيجية مجرد إجتماع عادي، والرجل الأول في القضية الفلسطينية الذي يقود المعارضة والمكتب السياسي لحماس الأخ خالد مشعل من الدوحة يركب الطائرة ويأتي للخرطوم كي يقدم واجب العزاء في الشيخ، والرئيس وجد عذراً هو ومن معه وركب الطائرة مغادراً البلاد قبل التشيع ليذهب إلى قمة طبيعية وعادية ويمكن أن تكون أقل من عادية في جاكرتا.

    لكن الرئيس حضر إلى المنشية لتقديم واجب العزاء قبل السفر إلى جاكرتا..؟

    لا أعتقد إنه أي زول سوداني أصيل، ناهيك إنه يكون زول حركة إسلامية يصف هذا الموقف بأنه موقف شهم أو كريم أو كان صحيح، بعيداً عن السياسة بعرف سوداني أو تقليد مجتمعي الزول جاره لو ما حضر دفنه ما بيمشي حتى لو كان عنده تجارة ولا عنده أي مصالح أخرى، والناس بتقعد في الفراش أنا سوداني وأنت سوداني والرئيس سوداني، بيقعدوا في الفراش دا يومين وثلاثة للجيرة فقط التي تجمع بين الناس في الحلة أو الحي، ناهيك عن إنه يكون زول أبوك في التنظيم وإنسان عزيز عليك، أو إنه عراب الحركة الإسلامية، دا الزول الجاب الحكومة وجاب البشير، يعني هو صاحب فضل شخصي على الرئيس نفسه، خليك من إسهاماته في السياسة السودانية.

    صف لنا شعورك وحزبك يدحض ما ذهبت إليه في الندوة وأنت الذي قاتلت وجاهدت في سبيل الحركة والدعوة…؟

    دائماً المشاركة في الحياة العامة تجعل الإنسان يتوقع كل شيء، يعني حتى الرسل ما وجدوا الإنصاف من أقوامهم، يعني أنت لو تابعت سيرة الرسل من سيدنا نوح ومروراً بسيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أصابهم سحر أو جنون في كثير من الحالات ما سلموا من الأذى، أساساً هذا صراع طبيعي وسنة كونية، حتى شيخ حسن رضى الله عنه ما سلم حتى من أبنائه في الحركة الإسلامية، وعندما حدثت المفاصلة هنالك من قال أنه (خرف) ومن وصفه بـ(الجنون) ومن أخرجه من (الملة)، دا إذا كان شيخ حسن فما بالك بالناجي عبد الله، فأي إنسان يخرج للعمل العام مفترض تكون روحه رياضية ويتوقع إحقاق المحقين وباطل المرجفين.

    لكن أن يأتي ذلك من أقرب الناس…؟

    والله أنا كمال عمر لم يكن من أقرب الناس بالنسبة لي، هو الأمين السياسي في الحزب أيوه نعم، لكن ليس الناجي عبد الله وحده كل الحزب عنده رأي في كمال، والشخص الذي كان يؤفر له الحماية هو شيخ حسن، وهو الآن يعلم أن المرحلة القادمة ليست مرحلته، ويكون عايش في فترة صراع نفسي هو ذاته من الداخل، وكمال عمر ما عضو أصيل في الحركة الإسلامية، وما ظهر إلا بعد المفاصلة وقد تكون هنالك إيعازات من جهات أخرى عنده معها تواصل إنه يقول هذه التصريحات، وأنا متخيل إنه من الداخل يكون عايش حالة صراع عندما يطلق مثل هذه التصريحات، لكن العمل السياسي زي ما أنت عارف تدخل فيه العديد من الأجهزة.

    هل شعرت بظلم ذوي القربى…؟

    لا أبداً على الإطلاق، أنا لو التصريح خرج مثلاً من الأمين العام المكلف الشيخ إبراهيم السنوسي أو من د. علي الحاج أو د. بشير آدم رحمة أو أبوبكر عبد الرازق أو صديق الأحمر كان ممكن أتحسس موقفي وأراجع نفسي وأقول أنا أخطأت لكن لمن يطلع من الأستاذ كمال عمر بالنسبة لي عادي مرَ مورر الكرام يعني ما أخدت وقفه حوله لأنه لا يمثل لي كارزيما في الحزب، فهو شخص جاء إلينا جية مريبة الآن بفتكر إنه فترة بقائه إنتهت، أي إنعقاد لهيئة دستورية في الحزب لن يكون له أي وضعية في المرحلة القادمة.

    هل الناجي لأنه شخص متمرد ظل خارج المؤسسات الحزبية…؟

    أبداً على الإطلاق.. يعني أنا من المفاصلة كنت عضو المكتب السياسي، تركته عندما تولى كمال عمر الأمانة السياسية، لأنه بفتكر إني ما بستفيد منه ولا أستطيع أن أقدم معه أي شيء، وكنت أيضاً عضو أمانة مسؤول الطلاب وأكملت دورتي ومازلت عضو الهيئة القيادية وعضو الشورى في الولاية وفي المركز، على الرغم من إني سافرت إلى المملكة العربية السعودية نسبةً للأجواء العامة في البلد، وما عندي أي مشكلة في الحزب، وما موقوف من النشاط في الحزب، وما مستقيل منه، ولم أجمد نشاطي فيه حتى هذه اللحظة.

                  

03-22-2016, 05:01 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    اختيار علي الحاج نائباً للأمين العام للمؤتمر الشعبي

    تاريخ الخبر 22-03-2016 | عدد الزوار 50

    الخرطوم: الهضيبي يس

    أجرى المؤتمر الشعبي إعادة هيكلة للأمانة العامة بعد رحيل الأمين العام السابق للحزب د. حسن عبد الله الترابي، واختيار د. إبراهيم السنوسي أميناً عاماً مؤقتاً، وأعلن د. علي الحاج ود. أحمد الترابي ود. ثريا يوسف نواباً للأمين العام، واعتبر وجود تيار داخل الحزب يقف ضد المشاركة في الحوار الوطني أمراً طبيعياً.

    وأوضح السنوسي في مؤتمر صحفي عقده أمس بدار الحزب أن رؤية حزبه القادمة تتسم بالمواصلة في مشوار الحوار الوطني من أجل صالح الإسلام والسودان، بعيدًا عن أي محاصصة ولا منافسة، على أن يكون حواراً شاملاً، يضم كل الكيانات السياسية بالداخل والخارج، مؤكداً أن قبول حزبه مبدأ الدخول في الحوار بني على التوافق لأجل الوصول إلى الشورى والحريات والديمقراطية سعياً وراء تحسين معيشة الناس وإنهاء الحرب، وإشاعة الحكم الفيدرالي عن طريق انتخابات تتم بالشفافية والنزاهة تعمل على صياغة دستور دائم للبلاد فضلاً عن السعي لإنهاء الاحتقان السياسي بأن يكون الجميع شركاء في العملية السياسية، ورفع الظلم عن الولايات التي وصفها السنوسي بالمهمشة وإعطائها حاله من التمييز الإيجابي بالعمل على وحدة السودان.

    وذرف السنوسي الدموع، وهو يستحضر مواقف ومراحل تدرج الأمين العام الراحل د. حسن الترابي، وقال: "عندما جلست علي كرسي الفقيد شعرت بفقدانه".

    وأعلن السنوسي كلاً من د. أحمد الترابي، ود. علي الحاج، ود. ثريا يوسف نواباً للأمين العام بالإضافة الى ترفيع سيف الدين محمد أحمد وعبد الرحيم العالم وتاج الدين بانقا كأمناء جدد الى الأمانة العامة من دون مهام، مع الإبقاء على كل من كمال عمر أميناً سياسياً ود. بشير آدم رحمة مسؤولاً لأمانة العلاقات الخارجية، على أن يتولى إدريس سليمان أمانة الجماعات الإسلامية وصديق الأحمر أميناً للمال، مؤكداً أن ما تم هو توافق بالإجماع كان بين قيادات المؤتمر الشعبي في اجتماعها الأخير.

    واعتبر السنوسي إثارة قضية الوحدة بين الأحزاب والفصائل الإسلامية بالبلاد أمراً طبيعياً، مرجعاً ذلك إلى أن الحركة الأسلامية تقوم على مبدأ ونهج وحدة الأمة. ولفت إلى أن لقاءات الأمين العام السابق الراحل د. حسن الترابي مع قيادات نافذة من حزب المؤتمر الوطني برئاسة المهندس إبراهيم محمود لا تخرج عن سياق التنسيق المشترك مع الأحزاب والقوى السياسية.

    --------------------

    القيادي الإسلامي بروفيسر الطيب زين العابدين لـ(الصيحة):

    تاريخ الخبر 22-03-2016 | عدد الزوار 63

    (عايز أعرف) .. من الذي يفكر للسودان؟

    قيادات من(الشعبي) ستلتحق بـ(الوطني) عقب رحيل الترابي

    الخيار العسكري لن يوصل إلى حل حقيقي..وحال ذهاب النظام بالقوة سيأتي آخرون أسوأ منه

    نافذون في الحزب الحاكم يعارضون وثيقة الإصلاح

    الحركة الإسلامية ارتضت بالمهانة وقبلت بوجودها دون تسجيل

    (الوطني) هو أكبرخصم على تجربة الحركة الإسلامية

    فكرة الحوار الوطنى جيدة ووجدت استجابة.. ولكن...!!

    الإسلاميون مطالبون بتغيير نظرتهم تجاه الحريات والديمقراطية

    قناعة الترابى بالحريات والتعددية جاءت بعد التجربة البائسة

    لم يكن بمقدور أحد منافسة الترابي على زعامة الحركة الإسلامية

    نعم ما زلت (إسلامياً) .. ولست ناقماً على أحد

    حوار: الهضيبي يس

    تصوير : محمد نور محكر

    أكد القيادي الإسلامي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بروفيسر الطيب زين العابدين، أن من الأخطاء التي ارتكبت في عهد نظام الإنقاذ كان (الانقلاب) نفسه، وأضاف زين العابدين أن هناك نافذين في الحزب الحاكم المؤتمر الوطني ليست لديهم الرغبة في استمرار العملية الإصلاحية، لذا سعوا الى وضع توصيات وثيقة الإصلاح بالأدراج، مؤكداً أن الأسلاميين حال عدم تغيير سلوكهم ووجهة نظرهم تجاه الشعب فإن خروجهم من الساحة وتاريخ الدولة السودانية سيكون، جائزاً في إشارة إلى الحزب الحاكم الذي قال إنه بات خصماً على تجربة الحياة السياسية في السودان، متوقعاً التحاق قيادات بارزة في صفوف الشعبي بالمؤتمر الوطني عقب رحيل زعيم الشعبي د. حسن عبد الله الترابي بدواعي توجه أهل القبلة... هذا الحديث وغيره كان محط حوار أجرته (الصيحة) مع بروفيسر الطيب زين العابدين، فماذا قال؟

    *بداية بروفيسور كيف تقرأ مستقبل الإسلاميين بعد رحيل الترابي؟

    - من المؤكد أن هذا الرحيل سيكون تأثيره في المقام الأول على المؤتمر الشعبي قبل أن يكون تأثيره على الإسلاميين عامة، لأن بعض الإسلاميين تخاصموا مع الترابي وتم إدخاله السجن وبالتالي تأثيره سيكون على حزبه الذي لن يمكن تعويضه بشخص بمقدرات الترابي وأعتقد بأن الحزب قد يعمد للالتحاق بالمؤتمرالوطني على أساس أن الترابي كان يدعو في الآونة الأخيرة إلى وحدة الإسلاميين، بل وحدة أهل القبلة، وقد تستجيب بعض قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي خاصة القربين من د. حسن عبد الله الترابي في الالتحاق بالمؤتمر الوطني الذي هو في احتياج إلى تجديد شبابه أما بالنسبة للإسلاميين عامة، ونقصد حركة الإصلاح الآن، وهي حركة منشقة من المؤتمر الوطني بالإضافة إلى منبر السلام العادل هو الآخر خرج من رحم الحزب الحاكم، فهولاء جميعاً لا أظن أن تتغير مواقفهم بعد رحيل الترابي، وسيظلون أقرب إلى المعارضة منهم إلى الحكومة خاصة بعد مقاطعتهم الحوار الوطني، وفي الغالب فإن سياسة المؤتمر الوطني لن تتغير كثيراً.

    *في اعتقادك هل انتفت أسباب المفاصلة بعد رحيل الترابي؟

    - هذا السؤال يجيب عليه أهل الشعبي الذين يقولون إن اختلافهم مع إخوانهم في الوطني كان بسبب الحريات والنظام الفدرالي ونظام الشورى، وأنه قبل المفاصلة لم يكن هناك وجود للشورى وللحريات، وهنالك من يعتقد بأن هذا الصراع حول السلطة هو صراع فوقي بين البشير والترابي، لكني أعتقد أن أول مذكرة كتبت ضد ضعف الشورى كانت ضد الترابي ذاته، كما أن مذكرة العشرة قدمت للترابي نفسه، وخلال الفترة الأخيرة التي سبقت رحيله نلحظ أن الترابي كان متمسكاً جداً بموضوع الحريات، بجانب أن المؤتمر الشعبي قدم ورقة جيدة جداً عن الفترة الانتقالية، وورقة عن الحريات في مؤتمر الحوار الوطني، والورقتان في اعتقادي غير (مقبولات) للمؤتمر الوطني، وأنا أعتقد أن قناعة الترابي بالحريات والتعددية والديمقراطية جاءت بعد التجربة البائسة لحكم الإنقاذ، ووصل إلى قناعة بأن غياب الحريات خطير للغاية، فقد حدثت بسبب ذلك مشاكل وظلم وفساد، وتم التعدي على حريات الناس وعلى حياتهم، وليس فقط المعارضة، بل حتى من داخل الإسلاميين. وفي تقديري أنه لن يحدث تغيير يذكر في السلطة.

    *هل يؤمن المؤتمرالوطني بالحريات؟

    -المؤتمر الوطني مثله مثل الأحزاب الأخرى به تيارات مختلفة، وبه تيار إصلاحي كبير، وتوصلوا إلى وثائق إلى إصلاح الحزب وإصلاح الحكومة وأجيزت من قبل أجهزة الحزب الرسمية ولكن بعض المتنفذين أدخلوا هذه الأوراق في الأدراج .

    *هذا يعني أنها تمس مصالح نافذين في الدولة؟

    - من البديهي أن يتدخل نافذون في الدولة خاصة الكبار منهم في عرقلة أي عمل قد يجيء على حساب مصالحهم الخاصة.

    * في اعتقادك ما هو أكبر خطأ ارتكبته الإنقاذ خلال حكمها؟

    - أعتقد أن الخطا الأكبر كان (الانقلاب) نفسه، فأنا منذ اللحظة الأولى، كنت ضد مبدأ الانقلاب لسبب بسيط جداً بأن الانقلابات العسكرية لا يمكن أن تعمل أنموذجاً إسلامياً للحكم، بجانب أن الهم الأكبر لكل الانقلابات العسكرية مهما كانت الشعارات التي ترفعها هو تأمين نفسها في السلطة، وفي سبيل تأمين نفسها تلجأ لكل الوسائل، ومعظم هذه الوسائل قذرة ومحرمة دينياً.

    * بعد مرور أكثر من (26) عاماً من التجربة.. هل ترى أن الاسلاميين صالحون للحكم؟

    - الإسلاميون لديهم وجود مكثف في السودان وفي طبقة النخبة، وعلى قدر من التعليم وعلى قدر من التجربة ووجودهم الكبير، هذا يجعل لهم دور، ولكن نسبة المتحزبين في السودان لا تصل إلى 20%، والذين يقولون بأن لديهم عضوية ما بين 5 إلى 6 ملايين هذا حديث بالنسبة لي غير صحيح والأغلبية من الشعب هم غير المتحزبين وهم ضد الحكومة، وضد الإسلاميين لأن تجربتهم كانت غير جيدة ولكن الإسلاميين سيكون لهم دور بحكم إعدادهم وبحكم خبرتهم وبحكم أوضاعهم المالية التي هي أفضل من الآخرين بكثير ولكن السؤال هل لديهم الاستعداد أن يكون لهم دور غير الذي لعبوه في الماضي؟ في اعتقادي إذا لم يغيروا وجهة نظرهم وتعاملهم مع السودانيين سيفشلون فشلاً ذريعاً وسيدفعون ثمن ذلك غالياً جدا رغم وجودهم المكثف. والناس لم يتركوا التدين بسبب الإسلاميين ورجعوا للطرق الصوفية وللمديح وللسلفية وتركوا الحركة الإسلامية الحديثة بدليل ضعف حركة الإخوان المسلمين التي يديرها الحبر وصادق عبد الله عبد الماجد وجاويش وضعف المؤتمر الشعبي ذاته الذي نرى أن أعداده محدودة جداً، وكذلك ضعف حركة الإصلاح الآن ومنبر السلام العادل، الواقع يقول أن أعداد الإسلاميين في الأحزاب السياسية ضعيف رغم الوجود الواسع للإسلاميين في الساحة عامة وبالتالي فإنهم مطالبون بتغيير نظرتهم تجاه الحريات والديمقراطية التعددية وتمكين أهل الوطن جميعاً، وإذا لم يفعلوا ذلك فوقتها سيخرجون من الحكم بل ومن تاريخ السودان فالبلاد تعيش أوضاع استثنائية والحركة الإسلامية تعكف على صناعة برامج شبيهة ببرامج الهجرة إلى الله ما يناقض حال الواقع مع مبتغى الحركة.

    * البعض يقول إن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) هل يعتبر خصماً على تجرية الحركة الإسلامية؟

    - أكبر خصم على تجربة الحركة الإسلامية ما يعرف بالمؤتمر الوطني بل وخصم على التجربة والعملية الإسلامية.

    * في اعتقادك لماذا ذلك؟

    - لسلوكه وأدائه في الحكم والعجز في التصدي لهموم المواطن وتفشي الفساد وغير ذلك.

    *هل أنت مع دعوة المعارضة الداعية لإسقاط النظام؟

    - تختلف القناعة هنا من شخص لآخر من المؤكد بهذه الدعوة، ففي تقديري حال ذهب النظام بالقوة سيأتي آخرون أسوأ من هذا النظام نتيجة لمجموعة السلوكيات التي انتهجت في عهد الإنقاذ.

    *من يفكر للسودان الآن؟

    - ما عارف والله، لو انت عارف يا ريت توريني لأني أرغب حقاً في معرفة من يفكر للسودان - فالحكومة الآن لديها أكثر من عشرة مراكز بحوث، ولكن أتحدى أي يكون واحدًا منها يستطيع تقديم نصائح للحكومة في كيفية حكم السودان، لأن الواقع يشير إلى أنهم غير معترفين بالبحوث ويعملون عن طريق (الفهلوة) ورزق اليوم باليوم وفي ذلك الأمثلة كثيرة منها على وجه المثال حرب الجنوب بدأت قبل الاستقلال واستمرار حروب الهامش الى يومنا هذا، والواقع يقول بأنه لا توجد جهة تخطط للدولة ولا حتى كذلك لمنظمات المجتمع المدني فالجميع منظرون وأنا أحد هؤلاء الأشخاص حيث نكتفي بكتابة وصياغة الأوراق فقط مصحوبة ببعض الأفكار التي قد تحد من توسع رقعة الحرب بالبلاد، وفي اعتقادي أن الحدث الأكبر الذي مر على تاريخ السودان والأهم كان اتفاقية السلام الشامل والتي أدت إلى فصل الجنوب من بعدها فكل الذين شاركوا في عملية التفاوض من الحركة الإسلامية فهل كان يوجد معهم خبير لمساعدتهم في المفاوضات من أصحاب الاختصاص والخبرة السياسية الكافية؟. فالجميع لم تكن لديه الخبرة الكافية سواء على مستوى التفاوض وتجاربه في حين أن الحركة الشعبية اصطحبت معها العشرات من ذوي الخبرة مما يؤكد بأن الدولة تمضي بالتكتيك والفهلوة السياسية.

    *هل يمكننا تصنيف الحكومة الموجودة الآن بأنها حكومة الإسلاميين؟

    - الأغلبية الموجودة والمسيطرون على السودان هم إسلاميون مثلاً على عثمان محمد طه الذي كان النائب الأول لرئيس الجمهورية ولدورتين كان الأمين العام للحركة الإسلامية ولكنه كأمين الحركة الإسلامية يتحدث عن التربية الروحية وأمور الدين وفي الحزب يتحدث عن أمور السياسة والاقتصاد والمعاملات الخارجية، فهم بتفكيرهم الفردي فقدوا الروح الجماعية، دعني أسأل هنا سمع أحدكم يوماً عن خروج قرار من مجلس الوزراء بصورة جماعية عن قضية مهمة عن قضايا البلد؟- بل كل قرارات مجلس الوزراء عبارة عن تنويرات والاقتصاد لم يناقش في المجلس، وهذه الأشياء تقوم بها مجموعات محددة بالاتفاق مع رئيس الدولة مرة والقضايا التي تهم البلد والتي تحتاج إلى تمحيص ومناقشة لا تناقش فاتفاقية الجنوب لم تناقش في الأصل حيث أن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني أبلغ صباحاً ولم يطلعوا على الاتفاق ما يدلل على أن الدولة لا تمارس الشورى حتى داخل أوعيتها الضيقة.

    * في اعتقادك هل السلطة للإسلاميين كانت وسيلة أم غاية؟

    - كانت الهدف الاول وعندما حدثت المفاصلة نحن سمعنا بأن الثورة تأكل أبناءها ولم نسمع بأن الثورة تأكل (شيخها) فالإنجاز الأكبر الذي تفتكره الحركة الإسلامية هو السلطة وهذا ما جعل الناس ينحازون إلى السلطة عقب المفاصلة والترابي كان لا يوجد من ينافسه على قيادة الحركة الإسلامية لا سياساً ولا فكرياً أو حتى تاريخياً، هذه الحركة انحازت بأغلبيتها الكبيرة إلى السلطة.

    *هل ستذهب الحركة الإسلامية في حال السلطة؟

    - الآن توجد منفعة مادية ومكاتبها حكومية، فالحركة الإسلامية ارتضت بالمهانة، وقبلت أن تكون موجودة إلى يومنا هذا دون (تسجيل).

    *هل هذا يعني أن الحركة الإسلامية تمر بطور التلاشي؟

    - نعم، هذه حقيقة، حيث إن المفترض حدوث هذا الأمر منذ وقت طويل.

    *هل ما زلت(إسلامياً)؟

    -الفكر الإسلامي لم ولن أتخلى عنه، وقد ذكرت لك سابقاً بأن الانقلاب لا يمكن أن يعمل نموذجاً إسلامياً للحكم وأنا متتبع لكل الانقلابات العسكرية في العالم العربي، حيث ما زلت أتمسك بتوجهي الإسلامي من خلال المشاركة في العديد من البرامج والأنشطة التي تتبع للمؤسسات الإسلامية صاحبة التوجه الجيد والتي من بينها منظمة الدعوة الإسلامية بالإضافة إلى التدريس في جامعة أفريقيا العالمية.

    *أنت ناقم أم ساخط؟

    - أنا غير ناقم لأسباب شخصية، ففي الأصل لست من المحترفين الذين عملوا بالسياسة، ولم أصبح نائباً فى البرلمان، لا قبل الإنقاذ ولا بعدها ولم أكن مسؤولاً سياسياً لا قبل الإنقاذ ولا بعدها والتجربة بالنسبة لي محبطة ومخيبة للآمال وهي أصبحت أسوأ من الأحزاب السياسية.

    *ألم تحاول الإنقاذ أن تفتح معك باباً للحوار؟

    -لم يحدث ولم أدخل معها في حوار وطبيعتي معلومة للجميع فأنا شخص مستقل برأيي وأحياناً معتد بآرائي لدرجة أنها لا تكون مقبولة في التنظيمات العقدية خاصة وأنا قد درست في بخت الرضا التي تعلمت فيها استقلالية الرأي، وعلى قيادة الجمعيات وهم يعرفون الطيب زين العابدين جيداً وبيعرفوا جيداً عدم تغييره لآرائه.

    *كيف تنظر إلى عملية الحوار الوطني؟

    -فكرة الحوار الوطني في اعتقادي جيدة ووجدت استجابة جيدة جدًا ولكنها أخرجت إخراجاً سيئاً للغاية وأول قضية عايزين يناقشوها هي السلام ومع من تصنع هذا السلام في ظل غياب الحركات المسلحة التي لم تشارك في هذا الحوار والمعارضة القوية التي لها وزن غير موجودة في الحوار وبالتالي الموجودين ديل وزنهم خفيف جداً، وقد كان فيه صراحة ومقترحات جيدة، والحركات المسلحة المشاركة في الحوار هي حركات منسلخة وبالتالي لم يحدث حوار جاد حول الحوار والحل العسكري مع حرب العصابات لا نهاية له، ولهذا لابد من التواصل الحقيقي مع حملة السلاح والخيار العسكري لن يوصل إلى حل حقيقي، فأصحاب عبود لجأوا إلى الحل العسكري في مشكلة الجنوب ونميري أيضاً عاد إلى الحل العسكري وفي عهد هذه الحكومة تم تسليم الجنوب.

    *مخرجات الحوار كافية لحل الأزمة السودانية في تقديرك؟

    - لا .. ليست بالكافية لأنها لم تعمل مع الجهة المعنية السياسية والعسكرية وتعمل هذا الاتفاق مع الجهات العسكرية التي تحارب، وليس مع أشخاص موجودين تحت مظلة عبود جابر ومن ومعه، خمسون حزباً وبعض الحركات المسلحة التي انسلخت وسموا أنفسهم أحزاب الوحدة الوطنية، ومتحالفون مع الحكومة.. المهم هذه حركات ليس لديها دور ولا حتى وزن سياسي فالمشكلة تعود إلى أن المؤتمر الوطني لا يريد التنازل عن الحريات والثانية كذلك في عدم تنازله عن السلطة التنفيذية بإشراك الآخرين، وهاتان نقطتان أثيرتا في لجنتي الحكم والحريات والراحل الترابي كان مصراً جداً على هذه المسألة، وفي الآخر لم يتفقوا فهم حجتهم بأن البلد ما زالت بها حروب وانفلاتات وكان رد الترابي حينها جيد جداً بأن القانون يعمل على الوضع الطبيعي وليس الاستثنائي وعنده اسم يسمى حالة الطوارئ والتي يمكن إعلانها في دارفور وفي جنوب كردفان، ولكن ليس في كل السودان مع إعطاء صلاحيات للسلطات الأمنية غير محدودة بعيداً عن أي دور للمحاسبة.

    *أخيراً.. ماذا عن مستقبل السودان؟

    - أسأله تعالى رب العالمين أن يكون في عون السودانيين فمستقبل السودان سيظل قاتماً ما لم تحدث متغيرات حقيقية، تعمل على استحداث واقع جديد للمجتمع السوداني.

    ----------------------

    حريات) تنشر نعي (الغارديان) لـ(الترابي) وما أثير حوله

    March 22, 2016

    الترابى(حريات)

    في صفحة النعي كتبت الغارديان البريطانية الجمعة قبل الماضية ناعية الدكتور حسن الترابي رحمه الله والذي توفي في الخامس من مارس الجاري.

    وجاء النعي الذي حرره (لورانس جوفي) مركزاً على علاقة الترابي بأسامة بن لادن زاعماً أنه كان من أوائل مؤيديه ومحتضنيه بالسودان في بداية إقامته لتنظيم القاعدة وأنه شكل مرشداً له.

    واحتوى النعي على أخطاء تحريرية منها ما جاء سهواً أو بسبب معلومات مغلوطة، حيث اشتملت فقرة في النعي على ذكر دور الترابي أوائل أيام الإنقاذ ضد المتمردين الانفصاليين (في دارفور) وانتهت الفقرة بالقول: (وأودت الحرب بما يقارب من 2 مليون شخصاً وشردت 4 ملايين آخرين، ملحقة بخسائر فادحة على المسيحيين، والوثنيين والأهالي الأفارقة في الجنوب.) مما يؤكد أنه خطأ غير مقصود فالمحرر كان يعني الحرب في الجنوب لا دارفور.

    وأثار نعي الغارديان استياء وسط العديد من متابعي الشأن السوداني في الصحف الغربية لما احتوى عليه من معلومات مغلوطة مثل حديثه عن زواج بن لادن من ابن اخت أو اخ الترابي وهو ما لم يكن، وعلمت (حريات) من مصدر موثوق قيام بعض كادر المؤتمر الشعبي بمخاطبة الغارديان معبرين عن دهشتهم لقيام صحيفة في مهنية الغارديان بإنزال مادة تحتوي على أخطاء تحريرية لهذه الدرجة من الفداحة، قال المصدر: (أرسلنا خطابات ونزمع ارسال أخرى وننتظر ردهم).

    وكتب السفير خالد موسى تحت عنوان (الغارديان البريطانية وشطط النعي والموقف من الترابي) معتبراً أنها تعدت (الطروحات الرصينة في نقد مشروع الشيخ الراحل حسن الترابي، واشتطت في نعيه الأسبوع الماضي ونسبت اليه أفعالاً وأقوالاً لا تمت اليه بصلة)، وقال إنها حاولت تضخيم دراما صلته بأسامة بن لادن ووقعت (في خطأ تحريري قاتل وهي تؤكد ان اسامة بن لادن تزوج من بنت اخت الترابي. ونحت قناة (السئ ان ان) في تقريرها في نعي الترابي ذات المنحى في تأكيد الصِّلة الفكرية والسياسية بين الترابي وبن لادن). ولكن خالداً يقول: (يكاد يعلم اي باحث مبتديء في الفكر السياسي البون الشاسع في تصور الرجلين للتدين والفكر والحياة). ويرد موسى على استشهاد (الغارديان) بريتشارد كلارك في قوله ان الترابي وبن لادن كانا تؤم روح قائلاً: (سبق وإن أجاب الترابي علي هذا السؤال في مقابلته مع مني الشاذلي في برنامجها الشهير ( العاشرة مساء) بالقاهرة. وأكدت مجلة (السياسة الخارجية) أن أسامة بن لادن سبق وأن وصف الترابي بأنه براغماتي يسعي الي السلطة فقط، وفي المقابل وصف الترابي أسامة بن لادن بأنه كثير الإشتغال بالجهاد وليس له فقه لإعمار الحياة وفي عبارته الشهيرة فهو يسعي لهدم الباطل لكنه لا يعرف كيف يقيم الحق).

    من ناحيتها قالت الزميلة رباح الصادق لـ(حريات): (واضح أن الأخطاء في نعي الغارديان لا تقف عند حد العلاقة مع بن لادن، فحتى كنه العلاقة مع نظام البشير لم تدركه، إذ صورت الغارديان تلك العلاقة وكأنما الترابي رحمه الله ركب في موجة الانقلاب هو والجبهة الإسلامية ولم تدرك أن الانقلاب كان مشروع الجبهة الإسلامية نفسها وهذا ضعف عجيب في معرفة الشأن السوداني وفي تتبع حياة الراحل الذي تنعيه). واسترسلت قائلة: (إن فداحة الأخطاء التحريرية في مادة (الغارديان) مع المعلوم من رصانتها وعراقتها يؤكد من جهة تعامل دوائر غربية كثيرة ومهمة مع قضايانا باستخفاف وإيلائها أهمية دنيا، فمراجعة تحريرية لفقرة (الانفصاليين) كانت ستؤدي لتلافي الخطأ غير المقصود، كما تشير من ناحية أخرى لمشكلة تأخرنا معلوماتياً وفقر المكتبة السودانية في اللغات العالمية، وهذا طبعاً لا يعني تبرئة الأخطاء من الغرض، لكن هناك أخطاء بسبب ضعف التحري واستسهال الكتابة في قضايا عالم يعتبر مغموراً لديهم وليس بذي خطر)، وضربت رباح مثلاً للمعلومة المغلوطة بالحديث حول أسرة الترابي الباقية إذ (لديه ستة أبناء وبنات: الصديق وعصام الدين وسلمي وأسماء، ومحمد عمر، وأمامة، وبدلاً عن ذلك يكتب المحرر: الصادق!)، وأضافت: (وهناك أخطاء في السيرة ذاتها مثل الحديث عن نفي دكتور حسن رحمه الله في ليبيا، وهو خطأ كررته مجلة آفريكا كونفدينشيال في مقالها عن الصراع بعد حسن الترابي، ومعلوم أنه لم يتم نفي الدكتور حسن في زمن النميري وقضى وقته معتقلاً بالداخل، وأضافت آفريكا كونفديدنشيال كذلك أخطاء أخرى للسيرة مثل حديثها عن اعتقاله إثر انتفاضة أبريل 1985م، بينما كان اعتقاله عشية الانتفاضة في مارس85م، وكل هذا يؤكد الاستسهال وغياب المعلومة الموثقة، ويؤكد ضرورة قيام جهد سوداني حثيث للرقي بالمعلوماتية السودانية باللغات العالمية في الشبكة العالمية وفي النشر المطبوع).

    (حريات تنشر ملخص لنعي الغارديان أدناه) :

    نعي حسن الترابي

    كان حسن الترابي إسلامياً متشدداً في غالب حياته، وساعدعلى تطبيق قوانين متشددة للشريعة الإسلامية في جميع أنحاءالسودان.

    بقلم: لورانس جوفي

    الجمعة 11 مارس 2016م

    السياسي السوداني حسن الترابي، الذي توفي عن 84 عاماً، كان أكثر المفكرين الإسلاميين الأفارقة المعاصرين نشاطاً. لقد شارك في فرض قوانين متشددة للشريعة الإسلامية، كما كان مرشداً لأسامة بن لادن في بداياته.

    فباعتباره صاحب السلطة الحقيقية خلف كواليس عرش الزعيم الاستبدادي السوداني عمر البشير، قدم الترابي ملاذاً آمناً لأسامة بن لادن في السودان للفترة 1990-1996.

    الخبير الأمريكي في مكافحة الإرهاب والمستشار السياسي ريتشارد كلارك يسميهما: “توأما روح لهما رؤية مشتركة للجهاد العالمي من أجل إقامة خلافة نقية”.

    في عام1993 صنفت واشنطن السودان “دولة راعية للارهاب” وفرضت الأمم المتحدة لاحقاً عقوبات على الخرطوم لاتهام كوادر الترابي بالمساعدة في محاولة لقتل الرئيس المصري حسني مبارك في عام 1995.

    بعد ذلك بعامين أعلن الترابي إن: “أمريكا تجسد الشيطان بالنسبة لجميع المسلمين في العالم.” وقام خلال تسعينيات القرن العشرين بتسهيل معسكرات تدريب في السودان لمتشددين من تشاد وإثيوبيا والصومال والبوسنة وأفغانستان. كما قام كذلك بتسليح جنود أطفال في جيش الرب للمقاومة، التابع لطائفة مسيحية يوغندية دموية.

    إن الترابي بإرسائه للاتجاه الثيوقراطي لنظام البشير غير المنتخب في عقده الأول بدءاً بعام 1989 (وقد وصفته البي بي سي بزعيم السودان الفعلي)، قد قاد بداية حرب الخرطوم في دارفور ضد المتمردين الانفصاليين وكثيرا ما تم ربط ذلك الصراع بـ”الجهاد” الديني. وأودت الحرب بما يقارب من 2 مليون شخصاً وشردت 4 ملايين آخرين، ملحقة بخسائر فادحة على المسيحيين، والوثنيين والأهالي الأفارقة في الجنوب.

    ولكنه في عام 1999، اختلف مع البشير وسجن مراراً أو أودع للإقامة الجبرية. والغريب أنه بعدها أعاد تقديم نفسه، باعتباره بطلاً للديمقراطية البرلمانية، وقام بلا جدوى بالتحريض لإسقاط البشير وطالب بتوجيه الاتهام إليه كمجرم حرب في محكمة الجنايات الدولية.

    ولد الترابي في كسلا، بالإقليم الشرقي على الحدود مع إريتريا، وهو بعيد عن مركز الشؤون السودانية. وهو نجل شيخ صوفي، درس القانون في الخرطوم، ثم في جامعة لندن (1955-1957)، وحصل على شهادة الدكتوراة في القانون الدستوري من جامعة السوربون في باريس في أوائل ستينات القرن العشرين. وقد عرف بعبقريته العلمية، حيث استطاع حفظ القرآن كله، وكتب بغزارة عن الشريعة، كما في كتابه المرجعي (السياسة والحكم).

    في عام 1954 كان قد ساعد في تأسيس الفرع السوداني لجماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة إسلامية إحيائية (نهضوية). وحصل السودان بعد عامين من ذلك على استقلاله من الاستعمار المصري البريطاني. ولكن الحكومات اللاحقة أثبتت هشاشتها، واندلعت حرب أهلية شمالية- جنوبية شاملة، عرقية ودينية في عام 1962.

    عندما عاد الترابي إلى السودان من دراسته في عام 1964، أصبح عميداً لكلية القانون بجامعة الخرطوم وفي نفس العام بدأ بالتحريض ضد نظام إبراهيم عبود العسكري، والذي تنحى جانباً فور قيام احتجاجات شعبية مفسحاً الطريق لفترة حكم ديمقراطي بداية بالعام 1965م وما بعده. ومباشرة عقب انقلاب عام 1969 الذي جاء بالعقيد جعفر نميري للسلطة، تم سجن الترابي الذي كان حينها نجم الإسلاموية السودانية الصاعد. فقضى ست سنوات في السجن وثلاث أخريات في المنفى بليبيا. لكن المد بدأ عام 1978م حينما غير النميري اتجاهه وعين الترابي نائباً عاماً. وبحلول عام 1983م نجح الترابي في تشجيع النميري على فرض الشريعة الإسلامية في جميع أنحاء السودان – وذلك بالرغم من أن ربع السودانيين لم يكونوا مسلمين. وقاما بافتتاح العهد الجديد بإفراغ حاويات النبيذ والويسكي والبيرة في نهر النيل.

    في عام 1985، وبعد أن أطاحت الاضطرابات الشعبية بالنميري، أسس الترابي حزباً سياسياً جديداً راديكالياً: الجبهة الإسلامية القومية، وانضم إلى الحكومة الائتلافية المنتخبة ديمقراطياً برئاسة صهره الصادق المهدي، حيث تقلد منصباً وزارياً.

    في عام 1989 أطاح البشير بحكومة المهدي عبر انقلاب عسكري، وأظهر الترابي قدرة مميزة على صياغة أدوار جديدة لنفسه في الوقت الذي بدت فيه حياته السياسية وكأنها قد انتهت، فعدل ولاءه ليصبح موجّه البشير الخفي. وقامت جبهة الترابي الإسلامية القومية ولمدة 10 أعوام بإرساء الاتجاه الثيوقراطي لنظام البشير، وجذر أعضاء الجبهة القومية الإسلامية أنفسهم

    عميقاً في البنية التحتية السياسية والقضائية في السودان. وأشرفت بنوكهم الإسلامية على التحويلات المالية التي حصل عليها السودانيون في دول الخليج الغنية بالنفط، بل أنهم انضموا في عام 1998 لحزب البشير الجديد: المؤتمر الوطني.

    وكأمين عام لحزب المؤتمر تبنى الترابي بحماس مختلف الأجندات الإسلامية المتشددة. حيث انتقدته جماعات حقوق الإنسان للموافقة على الاعتقالات التعسفية، والاعدام شنقاً وبتر الأطراف. وفي إحدى المرات حينما كان الترابي يخاطب اجتماعاً في لندن، قام أحد الضحايا السابقين بمقاطعة الفعالية ملوحاً بساقه الاصطناعية أمام الترابي، زاعماً أنه فقد الأصلية بعد تعذيب عناصر الترابي له.

    وفي خلال هذه الفترة قام الترابي كذلك بمساعدة بن لادن، الذي كان متزوجاً من قريبة الترابي (ابنة شقيقه أو شقيقته) والذي استثمر بشكل كبير في البنية التحتية في السودان. إلا أن العلاقات مع بن لادن فترت إلى حد ما بعد مغادرته للسودان في عام 1996، وحاول الترابي لاحقاً أن ينأى بنفسه عن أنشطته، مع أنه لو كان ناقداً لأي من هجوم 11/9 الإرهابي أو غيره من عمليات القاعدة، فإن ذلك لم يكن يتم بوضوح.

    بعد عقد من تأثير الترابي الكبير، اشتعل التوتر بينه وبين البشير في أواخر عام 1999م. فقام البشير، متحمساً لقص أجنحة الترابي، بإقالته من منصب رئيس المجلس الوطني والأمين العام للحزب الحاكم، وقام بحل السلطة التشريعية وزج بالترابي في السجن. وبين عشية وضحاها ذُمّت الروح المحركة للثورة الإسلامية في السودان باعتبارها مهددة للأمن القومي.

    ثم أعاد الترابي تكوين نفسه كديمقراطي، ما اعتبره البعض مفارقة، نظراً لأنه قد سخر في وقت سابق من الانتخابات بأنها “موبوكراسي” لأنها [تمكن] مجموعة صغيرة”. فانتقد نهج البشير في حرب دارفور وبحلول عام 2005 كان يقود الدعوات لإسقاط البشير، ويضع رؤية جديدة للإسلام الإثني منكراً ما وصفه بالشوفينية العربية في الخرطوم. مطالباً باعتراف أكبر بحقوق غير العرب وغير المسلمين، وبقبول حق جنوب السودان في الانفصال، وهو ما حدث في عام 2011، بل إنه اقترح أنه بإمكان النساء المسلمات الزواج من اليهود والمسيحيين، أو القيام بإمامة الصلاة، وذكر أنه يمكنه أن يقبل بامرأة مسيحية رئيسة للسودان – وهي تصريحات أدت للنزاع مع الأئمة المحليين، الذين لعنوه كمرتد.

    وكانت وجهات النظر التي اعتنقها في هذه المرحلة المتأخرة من حياته خروجاً كبيراً عن مواقفه السابقة، ولكنها متسقة مع تقلبه. وعلى الرغم من تاريخه في التعصب والوحشية، فإن الترابي في كثير من الأحيان يبدو كشخصية العم، بعمامته البيضاء المميزة، ونظاراته العلمية، وابتسامته الأنيسة وضحكته الحاضرة على الدوام. ومع أنه أصدر إدانات مستمرة للغرب طوال حياته، فإنه كان يتذكر بشغف أيام دراسته في لندن وباريس، ويرحب بالنقاش في المحافل الأكاديمية، وقد شارك لمرة على الأقل في حوار مع زعماء يهود ومسيحيين. وقد تمسك بمناصرته للديمقراطية في الخمسة عشر عاماً الأخيرة من حياته، على الرغم من تعرضه للاضطهاد بذلك السبب.

    وأعيد اعتقال الترابي بعد الاحتجاجات الاقتصادية التي أثارتها انتفاضات الربيع العربي في السودان في أوائل عام 2011. ودخل هو والبشير في حوار للمصالحة لمدة سنة انتهى بدون نتيجة إيجابية في عام 2015، لكنه الآن استمر بإشراك أحزاب أخرى.

    تبقّت بعد الترابي زوجته وصال المهدي، وابنه صادق.

    حسن عبد الله الترابي، المفكر الديني والسياسي، ولد في 1 فبراير 1932. وتوفي في 5 مارس 2016م.

                  

03-22-2016, 05:37 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    إبراهيم السنوسي" يذرف الدموع ويعلن اختيار "علي الحاج" و"أحمد إبراهيم الترابي" نائبين للأمين العام

    في أول مؤتمر صحفي للمؤتمر الشعبي بعد انتقال الشيخ "الترابي"

    "سيف الدين محمد أحمد" و"صديق الأحمر" و"تاج الدين بانقا" و"إدريس سليمان" يدخلون الأمانة العامة

    الخرطوم – طلال إسماعيل

    في المركز العام للمؤتمر الشعبي بـ"الخرطوم" أمس (الاثنين)، لم تكن روح الشيخ "حسن الترابي" تفارق دار الحزب على رغم من انتقال جسده إلى مقابر بري، تداعت القيادات التاريخية إلى أول مؤتمر صحفي للشيخ "إبراهيم السنوسي" ليوضح للناس الرؤية المستقبلية وتراتيب التنظيم وهو يستعد لاجتماع مجلس الشورى والمؤتمر العام ووضع معالم المنظومة الخالفة المتجددة، في المنصة الرئيسية جلس "سليمان حامد" ليدير المؤتمر الصحفي وإلى جواره "السنوسي" و"علي الحاج"، وكانت المفاجأة ظهور "أحمد إبراهيم الترابي".

    بدأ الشيخ "السنوسي" باستعادة الذكريات عن الشيخ "الترابي"، وقال: "الحمد لله سبحانه وتعالى الذي كتب على نفسه البقاء وكتب على مخلوقاته الفناء، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو واهب الحياة، رحم الله فقيدنا رحمة واسعة ونحن نكثر عليه من الثناء عليه والحمد له والاستغفار له، ولكننا إن أردنا أن نتكلم عن مناقبه فلن نحصيها أبداً، هو من فضل الله عليه والد فاضل عابد صب فيهم كل فنون وعلوم الفقه واللغة والعدالة في الأحكام دون محاباة، هذه النشأة تفاعلت مع فطرة وهبها الله هي فطرة النجابة والذكاء، فما تقدم عليه قرين في الصدارة أو زميل أو محاضر، أهلته تلك النشأة ليكون قائداً مجدداً في زمانه وفي كتاباته من مصطلحات السياسة والأحكام التي تتعلق بالسلطان في الحكم وفي الاقتصاد المربوط بالآخرة وفي وضع المرأة المسجونة في سجن تقاليد، كل ذلك في موضوعية ووسطية واعتدال وإلمام بقضايا العصر، لا سيما قضايا الشباب، والفكر عنده كان مربوطاً بتوحيد الله سبحانه وتعالى، وكل فقهه وكل آرائه جزء من التوحيد، لذلك كتب تفسير التوحيد بهذه المفاهيم. كان فقيدنا حركة الإسلام الحديثة، أخرجها من كنف الطلاب إلى المجتمع، ومن الصفوية إلى الشعبية، ومن حركة طلابية إلى دولة، حركة تقوم على الحوار مع الآخر بإدخاله في الإسلام بالحسنى، حركة تقوم على الحرية والشيوع والستر والأمان والمحاسبة للقيادة والمسؤولين فيها، حركة تقوم على التوزيع أمماً ووضع الإستراتيجيات لا ردود الأفعال، حركة سودانية لكنها ذات هم عالمي تقوم على حسن العلاقة مع كل من في العالم المسلمين وغير الإسلاميين، ومع العالم الإنساني والتراث الإنساني، لهذا جاءت الوفود العالمية من كل أنحاء العالم على تلك الأفكار التي كتبها الراحل."

    المؤتمر الشعبي يشكر رئيس الجمهورية ورؤساء الدول والأحزاب والحركات الإسلامية

    أضاف "السنوسي": "نبدأ بالشكر للوفود التي جاءتنا بناءً على علاقتنا المتطورة التي تجاوز فيها الحدود الجغرافية بين الدول، جاءت هذه الوفود كلها معزية متصلة بالصلات القديمة التي كانت تربطه بهم وهي علاقة الفكر، جاءت معزية لنا وللأسرة وللسودان أجمع ولم نستطع حتى الآن حصرها، ونعتذر للذين لم نستطع ذكرهم، جاءنا في المقدمة الرئيس "إدريس ديبي" ووفده، وفد سمو أمير قطر الرسمي، وفد أسرة سمو أمير قطر، رسالة من الرئيس الموريتاني "بوتفليقة"، ومن الرئيس التركي "أردوغان"، من الرئيس الأريتري "أسياسي أفورقي"، وفد من الرئيس "سلفاكير"، رسالة من الرئيس "حسن"، رسالة من الرئيس "عبد السلام أبوبكر"، وفد من جمهورية جزر القمر، رسالة من مسلمي موزمبيق التي نقلها لنا رسولها وقال لنا إنهم في يوم (الجمعة) بعد وفاته صلوا عليه في ستين مسجداً صلاة قائمة، وفد من الإخوة الليبيين بقيادة المراقب العام، وفود الحركات الإسلامية، وفد الأخ "خالد مشعل" زعيم حماس، والأخ "أبو مجذوب" نائبه في رسالة، و"إسماعيل هنية" رئيس الوزراء، وفد الأخ "راشد الغنوشي" زعيم حركة تونس، الأخ "عبد الله جاد الله"، الأخ "محمد جميل" موريتانيا، رسالة من الأخ دكتور "رمضان شلح" زعيم الجهاد الفلسطيني، رسالة من الإخوة في باكستان، رسالة من الأخ "نصر الله" حزب الله في لبنان، رسالة من سماحة الشيخ "مقتدى الصدر"، رسالة من الأخ "سعيد شاهين" حزب تركيا، رسالة هاتفية من الدكتور "سليم العجمي" و"كمال" في مصر، سفراء بعض الدول العربية والأفريقية والآسيوية والأوروبية في "الخرطوم".

    نبدأ بالشكر لأطباء مستشفى رويال كير ومديرها وعمالها لما بذلوه من جهد أثناء استقبالهم للفقيد وما تحملوه من مشقة، والشكر للأخ الرئيس "عمر البشير" رئيس الجمهورية الذي زار فقيدنا في المستشفى ثم بعد وفاته جاءنا في دار العزاء بمنزل الفقيد ثم زارنا زيارة ثالثة بعد ذلك. الشكر للأخ رئيس المجلس الوطني ورئيس مجلس الولايات والوزراء والقادة العسكريين والنظاميين، ونخص بالشكر الأخ "عبد الرحيم حسين" والي الخرطوم الذي وأجهزته النظامية والمرورية والأمنية التي ساعدت على النظام، ثم بعد ذلك شكرنا للأحزاب السودانية الذين حضر قادتهم وأعضاؤهم مع وفود التشييع، ووفود قيادات الإدارة الأهلية الذين جاءوا، ثم رجال الطرق الصوفية الذين جاءوا برفقة تلاميذهم وقدموا عدداً من الخدمات وختموها بدعاء للفقيد.

    (352) ختمة قرآن على روح الشيخ "الترابي"

    وكشف الشيخ "إبراهيم السنوسي" عن ترحم الطرق الصوفية على روح الشيخ "الترابي" وقال: "من هؤلاء الشيوخ الذين قدموا خدمات الشيخ أحمد البدوي شيخ مجمع رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعطاني هذه الورقة بما فعلوه للفقيد 352 ختمة، الإخلاص 1.674.. الفاتحة 1739.. الصلاة على النبي مليار.. والاستغفار 1670.. ويا لطيف 210 آلاف"، وهذا لا يمكن أن يحدث لشخص عادي، وهو من فضل الله، أي زعيم وأي رئيس حدث له مثل ما فعله الناس للشيخ "الترابي"، الشكر من بعد ذلك للإخوة في القنوات الفضائية والصحفيين والإعلاميين على ما نقلوه في التأبين، والصحفيين الذين كتبوا في صحفهم والإعلاميين جميعاً، ثم نشكر بعد ذلك الجيران الذين فتحوا بيوتهم للعزاء، ونشكر الشعب السوداني على ما قام به من تأبين وتشييع وعزاء، هذا كله قام به الشعب السوداني، ورأيت رجالاً يبكون وقل ما يبكي الرجال، ونساء وأخوات زاحمن في التشييع ووقفن حتى الساعات الأولى من الصباح.

    *خطنا ومنهجنا بعد رحيل الأخ الفقيد

    رحل الفقيد شيخنا وبعد عنا، لكنه قريب منا بما تركه لنا، فقد بنى منهجاً يشكل خريطة للعودة شكلاً تنظيمياً نسير عليه ونلتزم به وهو الأمر الذي جعلنا متماسكين متفقين، أرأيتم كيف أدار إخوتنا وتنظيمنا كل ذلك العزاء، عشرات الآلاف ومئات الآلاف لم تعانِ من خدمات، وهذا هو النظام والانضباط، وما تركه لنا أيضاً النظام الأساس كيف تتوالى القيادات حتى يكون ذلك الأمر سلساً.

    أيها الإخوة كنا في المعارضة في حياة الشيخ "حسن"، كان حظه فيها من الابتلاءات أعظم منا جميعاً من سجن لكنه ما لان ولا انكسر ولا سوّف ولا احتال صبر على الأذى".

    *"السنوسي": الحوار الوطني ليس من أجل المنافسة والمحاصصة ولست متشائماً

    دلف "السنوسي" إلى القضايا السياسية، وأضاف بالقول: "كانت مبادرة الأخ الرئيس فكان فقهاً، وفقهنا أنه تحية فرددناها بأحسن منها، كانت جنوحاً للسلام فدخلنا بقلب مفتوح للحوار متناسين كل ما كان من مرارات، مؤمنين بانشراح وانفتاح حتى يبلغ الحوار مداه لصالح الإسلام والسودان، رأينا في الحوار أنه ليس من أجل المنافسة ولا المحاصصة، رأينا أنه حوار شامل كما بدأ ضم بعض الحاضرين ونسعى لأن يضم بعض المعارضين في الخارج، رأينا في الحوار في الداخل حواراً دون تدخل من الخارج، حواراً نصل به من بعده إلى كفالة كل الحريات دون انتقاص، حواراً نصل بعده إلى حكم شورى ديمقراطي بانتخابات حرة ونزيهة، حواراً من بعده نسعى إلى تحسين معاش الناس ومعاناتهم الاقتصادية التي يعيشون فيها وإلى حكم فيدرالي، الانتخاب فيه من والٍ ومعتمد ورؤساء الحكم المحلي، كله بانتخاب حر مباشر، حواراً يقود إلى حكم نيابي يخرج منه الدستور، أما منهجنا في العلاقات الخارجية يقوم على الآتي: من وحي ورصد وعلاقة فقيدنا وشيخنا الذي كان أمة وداعية وموحداً يشهد بعد ذلك الوفود التي جاءت للسودان، بالتالي فإن علاقاتنا الخارجية ستكون علاقات عالمية ورسائل لن تنقطع، نحن نسعى في سياستنا الخارجية لاتفاق ومنع الحروب في أمتنا العربية والإسلامية وسفك الدماء وعودة الحكم الرشيد، وعودة الحريات في الدول العربية والإسلامية، نقول كل ذلك دون أن نتدخل في شؤونها، أما أفريقياً نسعى إلى اتحادنا السياسي والتنسيق في كافة مناحي الحياة الفن والرياضة وغيرها والتي تقوم بالتكامل، سنظل نسعى مع دول العالم لتحسين العلاقات مع كل دول العالم، ونسعى لرفع العقوبات عن السودان والتعاون في المجالات الدولية والمحافل الدولية من أجل السلام العالمي.

    أما العلاقات مع الأحزاب ستظل متينة وسنظل نعمل معها بتنسيق مع كل الأحزاب في المعارضة أو الحكومة، لصالح السودان وصالح شعب السودان والإسلام.

    نحن حريصون جداً على توطيد علاقتنا مع كل الأحزاب لما رأيناه من وقوفهم معنا.. إننا نريد أن نتعاون جميعاً على الخروج من هذه الأزمة حتى نجمع شمل البلاد وأن تقف الحروب في الولايات المختلفة، نريد أن نكون جميعاً شركاء في العملية السياسية نعمل معاً على تحقيق ورفع المظالم عن المواطن وعن الولايات المهمشة حتى نعطيها التميز الكافي الذي يلحقها بما أصابها من قبل، سنعمل على وحدة وطنية شاملة يقودها كل حملة السلاح حتى نوفر طاقتنا لبناء السودان وتعميره واستقراره، وسنقوم بعد ذلك بالذهاب إليهم في الخارج والاتصال بهم ودعوتهم للحضور إلى السودان."

    *تسمية أمناء جدد

    "علي الحاج" و"أحمد إبراهيم الترابي" نائبان للسنوسي

    وفي أول اجتماع للأمانة العامة بعد رحيل الشيخ "الترابي" قال "السنوسي": "في شأننا الداخلي وضع لنا أسس التماسك والوحدة طوال قيادته لنا، الأمر الذي تجاوزنا به الخلافات التي تقوم كثيراً، كما قلت تمت هذه الخلافة بهذه السهولة والناس استغربوا". سنظل نكن لأسرة المرحوم شيخ "حسن" كل الود والمحبة لا سيما لأختنا "وصال" وبناتها وأولادها، هذه السيدة التي كانت تفتح لنا الباب وكانت تسعد أن تحمل بنفسها الطعام لنا، سيظل بيته رمزاً لنا سنحتفظ به، نحن اجتمعنا في أول جلسة بعد رحيل فقيدنا - بكى السنوسي هنا وتوقف عن الحديث لدقائق- وجلست في كرسيه الذي شعرت بأنه يهتز ويحزن لأنه فقد الراحل الذي كان يجلس عليه ينطق بالحق، جلسنا في أول جلسة بحضور غير مسبوق يكاد يكون بالإجماع إلا (4) من المرضى، لم يكن مشهوداً من قبل، وطبقاً للنظام الأساسي وبعد نقاش توصلنا إلى تسمية أخوين في المناصب الشاغرة للنائبين "علي الحاج" و"أحمد إبراهيم الترابي"، وتم ذلك بالإجماع ثم من بعد ذلك توصلنا إلى اختيار أمناء جدد من إخواننا "إدريس سليمان" أميناً للمغتربين ولحركات الإسلامية، وهذه الأمانة التي كنت أتولى أمرها والأخ "صديق الأحمر" أميناً للمال والمركز العام خلفاً لـ"عبد الله حسن أحمد" وهو دفعتي في المدرسة الوسطى، ودخلنا تنظيم الإخوان معاً وما رأيت أخاً وفياً مثله، وما رأيت شخصاً أميناً تولى وزارة المالية الاتحادية وخرج منها عفيفاً، وتولى بنك السودان وخرج منه عفيفاً، فـ"عبدالله حسن أحمد" ليس له مثيل أصلاً، أسال الله أن يشفيه. وتبقى معنا في مجموعة الرئاسة "ثريا يوسف"، ودخل أمناء جدد من غير أعباء "سيف الدين محمد أحمد" والأخ "تاج الدين بانقا" مقرر الأمانة العامة ومدير مكتب الأمين العام وخلفه "عبدالرحيم يعقوب"، أما بقية الأمناء في كل واحد منهم في مواقعه، أما فيما يختص بالحوار والتنسيق العام والمؤتمر القادم العام والمنظومة الخالفة، فقد أوكلت كلها للأمين العام لأنها تحتاج إلى دراسات لم تكتمل بعد. وفي رده على أسئلة الصحفيين قال "السنوسي": "لست متشائماً بخصوص الحوار، نحن لم نصل إلى قرارات في الحوار لم يلتزم بها المؤتمر الوطني، وشيء طبيعي أن يكون هنالك معارضون للحوار داخل المؤتمر الشعبي لأننا حركة لا يمكن أن تكون عملة واحدة، وعقولنا لا يمكن أن تستنبط استنباطات واحدة، ولذلك لدينا في مبدأ الحرية أن نتيح لأي عضو في المؤسسة أن يعترض وأن ينتقد، وليس هنالك تياراً عندنا، ولم أسمع بذلك، بل ما شهدته من العزاء من التكاتف يجعلني أثق أنه ليس هنالك تياراً".

    *"محمد الأمين خليفة" يكشف عن ترؤسه لاجتماع تكليف "السنوسي"

    قال "محمد الأمين خليفة": "قبل أن ينتقل الشيخ حسن إلى رحاب ربه، اجتمعنا في الأمانة العامة اجتماعاً طارئاً وكان محضوراً من كل أعضاء الأمانة العامة إلا 3، إبراهيم السنوسي وكمال عمر وتاج الدين بانقا، كانوا في مستشفى رويال كير، وكان اجتماعاً طارئاً، ومن أهم الاجتماعات، ترأست الاجتماع بعد تأخير ثريا يوسف نائب الأمين العام عنه، وعندما حضرت طلبت مني أن أواصل، ووضعنا قضايا أساسية في كيفية إدارة هذه الأزمة، في وجود الشيخ حسن الترابي قبل أن ينتقل اللجنة ترأسها الأخ بشير آدم رحمة، والنقطة الثانية وبكل جرأة تناقشنا حول إذا انتقل الشيخ الترابي إلى الرفيق الأعلى ماذا نحن فاعلون؟.. وهذا قبل أن ينتقل الشيخ، ووضعنا أسساً واضحة أنه إذا انتقل الشيخ لا بد لنا نحن كحزب أن نظل متماسكين، وأن لا ننقلب على أعقابنا، وهنالك ملفات أساسية بالنسبة لنا كحزب منها ملف الحوار وملف التنظيم، ونحن مقبلون على مجلس الشورى وانعقاد المؤتمر العام وتشكيل المنظومة الخالفة، اجتمعنا جميعاً واخترنا الأخ إبراهيم السنوسي لتولي الأمانة العامة، نسبة لأن الأخت ثريا يوسف ترافق زوجها المريض في أستراليا وما زالت هنالك، والأخ عبد الله حسن أحمد مريض في رويال كير، والأخ علي الحاج في الخارج، فلم نجد إلا الأخ إبراهيم السنوسي وفقاً للائحة النظام الأساسي".

    *"علي الحاج": إجراءات الأمانة العامة سليمة.. والمرجفون يقولون ما يقولون

    قال "علي الحاج": "قيادات الشعبي ليس مطلوباً منها أن تستشير علي الحاج أصلاً، لأن لديها لوائح، اتصل بي واحد من الخرطوم يسألني كيف الأمر إذا توفي الشيخ الترابي إلى رحمة مولاه؟.. أنا قلت له الأمر كله مرتب وقيادات الشعبي مرتبة حسب اللوائح، هذا ما قلته، وبعدين ما هو الفرق بين علي الحاج والسنوسي، الفرق شنو يعني؟ يعني أنا ما شايف هنالك فرق أصلاً، اليد اليمين واليد اليسار أو أحمد وسيد أحمد وهكذا، انا بالنسبة لي هذه مسألة مفروغ منها، وأنا عندما قررت آتي إلى هنا ما في حد عارف، وفي الآخر لمن عرفت من وسائل الاتصال تم اجتماع قلت هذا أفضل شيء عملوا الاجتماع في الوقت المناسب، كل هذه الإجراءات سليمة وسنسير بهذه الإجراءات والمرجفون يقولون ما يقوون".

    --------------------

    ضلالات د. حسن بن عبدالله الترابي

    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده.

    أمَّا بعد:

    فقد روى الإمام مسلم أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (الدينُ النصيحة، قُلنا: لِمَنْ، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمةِ المسلمينَ، وعامَّتهم).

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وإذا كان النصحُ واجباً في المصالح الدينية الخاصة والعامة: مثل نَقَلَة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون... وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: أنه يثقل عليَّ أن أقول فلانٌ كذا، وفلانٌ كذا، فقال: إذا سكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا فمتى يعرفُ الجاهلُ الصحيحَ مِنَ السقيم؟!... ولهذا وجبَ بيان حال من يغلط في الحديث والرواية، ومن يغلط في الرأي والفتيا، ومن يغلط في الزهد والعبادة، وإن كان المخطئ المجتهد مغفوراً له خطؤه، وهو مأجور على اجتهاده، فبيانُ القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب، وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله، ومَن عُلمَ منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له، فإنَّ الله غفر له خطأه، بل يجبُ لِما فيه من الإيمان والتقوى موالاته ومحبَّتُه، والقيام بما أوجبَ الله من حقوقه: مِن ثناء ودعاء وغير ذلك، وإن عُلمَ منه النفاق، كما عُرف نفاق جماعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عبد الله بن أبي، وذويه، وكما عَلِمَ المسلمون نفاق سائر الرافضة: عبد الله بن سبأ، وأمثاله: مثل عبد القدوس بن الحجاج، ومحمد بن سعيد المصلوب، فهذا يُذكر بالنفاق، وإن أعلنَ بالبدعة ولَم يُعلم هل كان منافقاً أو مؤمناً مُخطئاً ذُكر بما يُعلم منه، فلا يحلُّ للرجل أن يقفو ما ليس له به علم، ولا يَحلُّ له أن يتكلَّم في هذا الباب إلاَّ قاصداً بذلك وجه الله تعالى، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كلُّه لله... ثمَّ القائل في ذلك بعلم لا بُدَّ له من حسن النية، فلو تكلَّم بحق لقصد العلو في الأرض، أو الفساد، كان بمنزلة الذي يُقاتل حميَّة ورياء، وإن تكلَّم لأجل الله تعالى مخلصاً له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله، من ورثة الأنبياء، خلفاء الرسل، وليس هذا الباب مخالفاً لقوله: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، فإنَّ الأخ هو المؤمن، والأخ المؤمن إن كان صادقاً في إيمانه لَم يكره ما قلته من هذا الحق الذي يُحبُّه الله ورسوله، وإن كان فيه شهادة عليه، وعلى ذويه، بل عليه أن يقوم بالقسط، ويكون شاهداً لله ولو على نفسه، أو والديه، أو أقربيه، ومتى كره هذا الحق، كان ناقصاً في إيمانه، ينقص من أُخوَّتهِ بقدر ما نَقَصَ من إيمانه، فلم يعتبر كراهته من الجهة التي نقص منها إيمانه، إذ كراهته لِما لا يُحبُّه الله ورسوله توجب تقديم محبة الله ورسوله، كما قال تعالى: ﴿ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ الفتاوى 28/231-236.

    لذلك أذكر في هذه الرسالة بعض ما خالفَ فيه الدكتور حسن الترابي كتابَ الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك عبر النقاط التالية، ناقلاً من كتبه ولقاءاته الصحفية (ولا يجني جانٍ إلاَّ على نفسه) مع عدم التعليق عليها إلاَّ نادراً لمعرفة بطلانها من الدين.

    — قوله بجواز ارتداد المسلم عن دينه: قال في جريدة المحرر عدد 263 في 24/2/1415هـ: (في بلدي وأنا أدعو إلى حرية الحوار فإنني أترك للطرف الآخر أن يقول ما يشاء، بل إنني أقول: أنه حتى لو ارتدَّ المسلمُ تماماً وخرج من الإسلام ويُريد أن يبقى حيث هو فليبق حيث هو، لأنه: لا إكراه في الدين، وأنا أقول: ارتد، أو لا ترتد، فلك حريتك في أن تقول ما تشاء، بشرط أن لا تُفسد ما هو مشتركٌ بيننا من نظام) ثم يقول: (في إطار دولتنا الواحدة فإنه يجوزُ للمسلم كما يجوز للمسيحي أن يُبدِّلَ دينه).

    — دعوته لاجتماع الأديان السماوية في دين واحد يُسمَّى: جبهة أهل الكتاب: قال في مجلة الوعي عدد 93 ص24: (فالدين عالمي، والله للجميع، والله لم يرسم الحدود الطبيعية السياسية، لأنَّ الأديان جميعها عالمية) وجاء من بنود المؤتمر كما في مجلة الوعي عدد 90 ص4: (إنَّ جميع أهل الكتاب سواءً كان الكتاب قرآناً أم توراة أم إنجيلاً هم مؤمنون، وهم جميعاً يعبدون الله ويسجدون له، لذلك يجب التعاون فيما بينهم والتوحد والوقوف في وجه اللادينيين).

    وقال في مجلة المجتمع عدد 736 بتاريخ 24/1/1406هـ: (إنَّ الوحدة الوطنية تشكل واحدة من أكبر همومنا، وإننا في الجبهة الإسلامية نتوصل إليها بالإسلام على أصول الملة الإبراهيمية، التي تجمعنا مع المسيحيين، بتراث التاريخ الديني المشترك، وبرصيد تأريخي من المعتقدات والأخلاق، وإننا لا نريد الدين عصبية عداء ولكن وشيجة إخاء في الله الواحد).

    وقال في مؤتمر الحوار بين الأديان الذي عقد بالخرطوم بتاريخ 4-6/5/1415هـ وكان ذلك في محاضرة بعنوان: الحوار بين الأديان التحديات والآفاق: قال: (إنني أدعو اليوم إلى قيام جبهة أهل الكتاب، وهذا الكتاب هو كلُّ كتاب جاء من عند الله)، وقال: (إنَّ البعد عن عصبية الدين، والتحرر من التعصب المذهبي، هو الباب المفضي إلى حوار حقيقي بين الأديان، فإذا ترك أهل الأديان التعصب كلٌ لمذهبه وملته، وأقبل على دراسة الأديان بعقل متفتح، كان أحرى أن ينكشف له الأصل الواحد لهذه الأديان، واشتراكها في القيم الأساسية التي تدعو لها، وهذه هي دعوتنا اليوم: أن تقوم جبهة أهل الكتاب، والكتاب عندنا يُطلق في القرآن يُقصد به كلُّ كتاب جاء من عند الله).

    لأول مرة في التاريخ يُحشر المسلمون مع اليهود والنصارى تحت مُسمَّى الكتاب، وقد علم القاصي والداني أنَّ مصطلح أهل الكتاب يُستعمل في القرآن والسنة ويُراد به اليهود والنصارى، وهذا مستقرٌ حتى عند المشركين ﴿ أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ﴾.

    — قوله بعدم الاكتفاء بالقرآن والسنة: قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص25: (ومن المعوِّقات: هناك من يقول: بأنَّ عندنا ما يكفينا من الكتاب والسنة وهذا وهمٌ شائع، إذ لا بُدَّ أن ينهض علماء فقهاء، فنحن بحاجة إلى فقه جديد لهذا الواقع الجديد).

    — قوله بعدم اكتمال الدين وأخذه لشكله النهائي في أي عصر من العصور حتى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليست الأشكال التي أخذها الدين في عهد من العهود هي أشكاله النهائية، وإنما يزدهر الدين بإذن الله في شكل جديد عهداً بعد عهد) تجديد الفكر ص38.

    — دعوته إلى تغيير النظرة إلى الأصول: الكتاب والسنة.. ودعوته للمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة: قال في مجلة المجتمع الكويتية عدد 573: (لا بُدَّ من منهج جديد.. وكذلك الفقه وتطور المجتمعات تستوجب فقهاً جديداً، والدعوة سبقت إلى تجديد أصول الفقه، فلا بُدَّ أن تتغير النظرة إلى الأصول، وإذا كانت الأصول الإغريقية في المنطق قد تغيرت كثيراً، وقد كملتها أصول في المنهج العلمي الطبيعي والمنهج الاجتماعي).

    — قوله بتقديم قول الكافر على قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الأمور العلمية:: ومن ذلك قوله عن حديث الذباب في محاضرة له بجامعة الخرطوم بتاريخ 22/10/1402هـ: (في الأمور العلمية يُمكن أن آخذ برأي الكافر، وأترك رأي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا أجد في ذلك حرجاً البتة).

    — طعنه في تفسير النبيِّ صلى الله عليه وسلم للقرآن: قال في محاضرة له بجامعة الخرطوم في 1/12/1415هـ: (الرسول بشر مثلنا يُوحى إليه، ما حَيْفَسر القرآن لهذا اليوم، لأنه لا يعرف هذا اليوم).

    — دعوته إلى تفسير جديد للقرآن: قال في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ص27: (وفي رأيي أنَّ النظرة السليمة لأصول الفقه الإسلامي تبدأ بالقرآن الذي يبدوا أننا محتاجون فيه إلى تفسير جديد، وإذا قرأتم التفاسير المتداولة بيننا تجدونها مرتبطة بالواقع الذي صيغت فيه، كل تفسير يُعبِّر عن عقلية عصره إلاَّ هذا الزمان لا نكاد نجد فيه تفسيراً عصرياً شافياً).

    — قوله بتبدل معايير الحق، فما كان حقاً قبل ألف سنة قد يكون باطلاً الآن والعكس: عبَّر عن ذلك بقوله: (لم تعد بعض صور الأحكام التي كانت تمثل الحق في معيار الدين منذ ألف سنة تحقق مقتضى الدين اليوم، ولا توافي المقاصد التي يتوخاها، لأن الإمكانيات قد تبدلت، وأسباب الحياة قد تطورت، والنتائج التي تترتب عن إمضاء حكم بصورته السالفة، قد انقلبت انقلاباً تاماً) تجديد أصول الفقه ص9.

    — دعوته إلى عقيدة جديدة غير معهودة عن السلف الصالح: قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص24-25: (ينبغي لفقه العقيدة اليوم أن يستغني عن علم الكلام القديم، ويتوجه إلى علم جديد غير معهود للسلف).

    — دعوته للتجديد في الاعتقاد: قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص86-87: (ولَمَّا كان الفكر الإسلامي في كلِّ قرن فكراً مرتبطاً بالظروف القائمة فلا نصيب من خلود بعدها إلاَّ تراثاً وعبرة، سواء في ذلك فقه العقيدة أو فقه الشريعة).

    — قوله بأنَّ في الإسلام جوانب كثيرة علمانية: قال في جريدة الراية القطرية 15/2/1407هـ: (إنَّ للإسلام جوانب علمانية كثيرة.. وإنَّ العلمانية لا دينية سياسية.. ليس لأنها ضد الدين، ولكنها ليست من الدين في شيء.. كما أنها لا تريد أن تُلغي دور الدين أو تُهمله في الحياة عامة.. فلا شأن لها بذلك..).

    — دعوته للتحاكم مع الكفار إلى الديمقراطية العالمية: قال في مجلة المحرر عدد 263 في 24/2/1415هـ ص12: (نريدُ الحوار مع الغرب، لا نُريد حرباً معه، نريد أن نتحاكم معاً إلى ديمقراطية عالمية).

    — دعوته لتطوير الدين وتبديل أحكامه وتطويعها لمجاراة العصر، وأنَّ مهمة العلماء والمجددين أمثاله كمهمة الأنبياء والرسل عليهم السلام، فقد كان الأنبياء والرسل يتعاقبون يدعون إلى دين واحد وشرائع تتبدل وتتغير تبعاً لواقع الناس فكذلك يكون دور المجددين أمثاله: قال: (مثلما قدَّر الله أن تجدد الشرائع قديماً، وجعل ذلك بوحي من عنده، منوطاً تبليغه بالرسل الذي انقطع رتلهم بالرسالة المحمدية، قدَّر أن يؤول تجديد فقه الشريعة الخاتمة وأمرها إلى قادة التجديد وحركاته بتوفيق الله، وكما كانت تثبت أصل الشرائع، تحييها وتصدقها الرسالات المتواترة، ثم تتباين وتتناسخ لتفي بحاجة تكييف الواقع الجديد مع الحق، كذلك احتوت الشريعة الخاتمة على أصول ثبات يُحييها المجددون كلما ماتت في نفوس المؤمنين، وأصول مدونة تتيح لهم من داخل إطارها التكيف المتوالي، وكما لم يكن تجدد صور الخطاب الشرعي عبر الرسالات المتعاقبة تبديلاً لأصول الدين الواحد، ولم يكن تطور تشريع الرسالة الخاتمة عبر أطوار بناء المجتمع عهد التنزيل تبديلاً، فإن تكيف صور التعبير الديني إزاء التطورات المادية والاجتماعية بما يحفظ الواجهة الثابتة، إنما هو ضرورة لاتصال الدين ووحدته عبر الزمان) تجديد الفكر الإسلامي ص132.

    — تطويره للإسلام بإلغائه للحدود الشرعية: سُئل في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية بتاريخ 18/11/1415هـ: (لا يوجد تفسير موحَّد للشريعة، هل يجب قطع يدي ورجلي السارق؟ وهل جزاء المرتدين عن الدين القتل؟) فأجاب الترابي: (هذه الحدود لا تُقام اليوم في السودان، لأنَّ تفسيرنا للشريعة متطور أكثر مما هو عليه الحال في البلاد الإسلامية الأخرى، لا يُوجد أحدٌ قط في مؤتمرنا الشعبي الإسلامي يُحرِّم المرأة من حق توليها مناصب عامة في الدولة، أو يُنكر لها الحق في تولِّي منصب رئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء).

    — مخالفته للكتاب والسنة والإجماع بقوله بجواز تزوُّج المسلمة باليهودي أو النصراني: قال في مجلة الإرشاد اليمنية، محرم وصفر 1408هـ: (أمرُ الزواج بين المسلمين وأهل الكتاب: فيُعتبر جائزاً بنصِّ الكتاب المسلم من الكتابية، وعكسه، غالب الفقهاء على غيره خشية الفتنة على المسلمة، واعتبارات أُخرى تقديرية استُنبطت من النصوص، لكن لا يُوجد قطعي صريح).

    وقال في جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ: (التخرُّصات والأباطيل التي تمنع زواج المرأة المسلمة من الكتابي لا أساسَ لها من الدين، ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف.. وما تلك إلاَّ مجرَّد أوهام، وتضليل، وتجهيل، وإغلاق، وتحنيط، وخدع للعقول، الإسلامُ منها براء).

    — قوله بانتهاء الجهاد وأنه كان في الزمن الماضي فقط: قال في ندوة تلفزيونية حول الشريعة، ونشرتها جريدة الأيام السودانية في 6/11/1408هـ: (القتالُ حكم ماض، هذا قولٌ تجاوزه الفكر الإسلامي الحديث، في الواقع الحديث، ولا أقولُ إنَّ الحكم قد تغير، ولكن أقول: إنَّ الواقع قد تغير، هذا الحكم عندما ساد كان في واقع معين، وكان العالم كلُّه قائماً على علاقة العدوان، لا يَعرف المسالمة، ولا الموادعة، كانت امبراطوريات، إما أن تعدو عليها أو تعدو عليك، ولذلك كان الأمر كلُّه قتالاً في قتال، أو دفاعاً في دفاع إن شئت).

    — قوله بأنَّ لعب الكرة جهاد في سبيل الله: قال في جريدة الكورة 13/8/1415هـ بعد فوز فريقه الكروي: (إنَّ الله غالبٌ على أمره، ونحمد الله أنَّ صفوف الكرة قد استوت مع صفوف الصلاة، فكان النصر المؤزَّر)، وقال: (مِمَّا يُسرُّ له أنني سمعتُ بأنَّ المعسكرات كانت على قدرٍ عالٍ من الانضباط والتربية الروحية والدينية، وأنَّ الكرة لم تعد الآن لعباً ولهواً، فهي جهاد في سبيل الله).

    — استخفافه بمن يهتم بالأمور العقائدية: قال في مجلة الاستقامة، ربيع الأول 1408هـ ص26 مُستخفَّاً بجماعة أنصار السنة في السودان: (إنهم يهتمُّون بالأمور العقائدية وشرك القبور، ولا يهتمُّون بالشرك السياسي، فلنترك هؤلاء القبوريين يطوفون حول قبورهم حتى نصل إلى قبة البرلمان).

    ويقول في جريدة السودان الحديث 8/2/1415هـ عن جماعته: (انشغل همهم الآن بالشرك الأخطر والأجرح والأصرح: الشرك السياسي الذي لا يؤمن بالله مالكاً، بل يأتي بالقوانين الوضعية من الخارج، والشرك الاقتصادي الذي لا يجعل المال لله ونحن فيه خلفاء).

    — قوله بأنَّ شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين: أوهام وأباطيل وتدليس: قال في جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ: (ليسَ ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرَّد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء).

    — طعنه في عدالة الصحابة رضي الله عنهم: قال في محاضرة ألقاها في الخرطوم بتاريخ 22/10/1402هـ: (كلُّ الصحابة عدول ليه؟؟ ما شرط، يشترط ذلك في كثير أو قليل، يُمكن لنا اليوم عندنا وسائل كثيرة جداً البخاري ما كان يعرفها).

    وقال في محاضرة بعنوان:قضايا فكرية وأصولية، ألقاها بدار تحفيظ القرآن عام 1398هـ: (إذا رأينا نأخذ كل الصحابة أو لا نأخذ، قد نجي بعمل تنقيح جديد، نقل الصحابي إذا روى حديثاً عنده فيه مصلحة نتحفظ عليه!! نعمل روايته درجة ضعيفة جداً، وإذا روى حديث ما عنده فيه مصلحة نأخذ حديثه بقوة أكثر، ويُمكن تصنيف الصحابة مستويات معينة في صدق الرواية).

    — وصفه لعصر الصحابة رضي الله عنهم بأنه عصر طغيان الفرد وعصبيَّات الفكر:ومن ذلك قوله في كتابه قضايا التجديد الإسلامي ص83: (إنَّ الصحابة عاشوا عهداً للبشرية تضعف فيه وسائل الاتصال المادية بين الناس، ويسود فيه طغيان الفرد وعصبيات الفكر).

    — مخالفته في معنى الصحابة: قال في مجلة الإرشاد اليمنية، محرم وصفر 1408هـ: (إنَّ الاستعمال القرآني والسني للصحابة هو الصحبة الطويلة التي تمتعت بها فئة محدودة..).

    — قوله بتخلُّف المسلمين قروناً وأنَّ عليه أن يُجدِّد لهم الإسلام: سُئل في مجلة الإرشاد اليمنية، محرم وصفر 1408هـ: (قرأنا آراء نُسبت لك اعتبرها البعض تطرُّفاً، فهل تراجعتم عنها؟ أم مازلتم متمسكين بها؟) فأجاب: (أنا أجتهدُ كثيراً... وكلُّ المفكرين يجتهدون أيضاً، فأنا واحدٌ منهم.. إنني أشعرُ بأنَّ المسلمين قد تخلَّفوا قروناً، لذلك أشعرُ بتبعة وتكاليف التجديد الإسلامي الذي يقتضيه ذلك التخلُّف).

    — تسميته لحركة مُزيل الخلافة العثمانية إلى دولة علمانية: حركة إصلاحية: قال في كتابه مشاكل الانتقال في تطبيق الشريعة الإسلامية ص16: (كانت هناك في تركيا مثلاً طبقة رجال الدين... فعندما قامت حركة إصلاحية تُريد أن تُبدل هذه الأوضاع خشية من أن تنحى القاعدة التي تقوم عليها تلك المصالح، وقفوا ضد هذه الإصلاحات).

    — دعوته للانفلات على منهج السلف الصالح في الأخذ بالأحوط والأسلم والأضبط: ومن ذلك قوله في كتابه قضايا التجديد الإسلامي – نحو منهج أصولي ص39: (واقرأ إن شئت لمتأخرة العلماء تجدهم يُؤثرون الأسلم والأحوط والأضبط... وهذه الروح في تربيتنا الدينية لا بُدَّ أن نتجاوزها الآن، ولا نتواصى اليوم بالمحافظة، بل لا ينبغي إطلاق الدعوة إلى الاعتدال، لأننا لو اعتدلنا نكون قد ظلمنا، ولو اقتصدنا نكون قد فرَّطنا... وإني لا أتخوَّف على المسلمين كثيراً من الانفلات بهذه الحرية والنهضة).

    — دعوته للتوسُّع في فتح باب الاجتهاد لتخطِّي النصوص الشرعية اتباعاً للمقاصد، وتحقيقاً للمصالح: ومن ذلك قوله في كتابه تجديد أصول الفقه الإسلامي ص21: (ونحن أشد حاجة لنظرة جديدة في أحكام الطلاق والزواج نستفيد فيها من العلوم الاجتماعية المعاصرة، ونبني عليها فقهنا الموروث، وننظر في الكتاب والسنة مزوِّدين بكلِّ حاجات عصرنا ووسائله وعلومه..).

    — اتهامه لفقهاء الإسلام رحمهم الله بالتحجُّر والتقوقع والسذاجة.. حتى يخلوا له جو التجديد والاجتهاد، وليتمكن من التعامل مع النصوص كما يحلو له، وليسهل على الناس قبول فتاواه العصرية المناقضة لفتاوى علماء الإسلام: قال الترابي قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص75: (إنَّ الفقهاء ما كانوا يُعالجون كثيراً من قضايا الحياة العامة، إنما كانوا يجلسون مجالس العلم المعهودة، ولذلك كانت الحياة العامة تدور بعيداً عنهم ولا يأتيهم إلاَّ المستفتون من أصحاب الشأن الخاص في الحياة، يأتونهم أفذاذاً بقضايا فردية في أغلب الأمر، فالنمط الأشهر في فقه الفقهاء والمجتهدين كان فقه فتاوى فرعية، وقليلاً ما كانوا يكتبون الكتب المنهجية النظرية).

    — اتهامه كتب الفقه بالقصور وعدم القدرة على معالجة قضايا العصر ومشكلاته، وفي ذلك يقول عن حركته: (قد بان لها أنَّ الفقه الذي بين يديها، مهما تفنن حملته بالاستنتاجات والاستخراجات، ومهما وقعوا في الأنابيش والمراجعات لن يكون كافياً لحاجات الدعوة وتطلع المخاطبين بها، ذلك أن قطاعات واسعة من الحياة قد نشأت من جراء التطور المادي وهي تطرح قضايا جديدة تماماً في طبيعتها، لم يتطرق إليها الفقه التقليدي، ولأنَّ علاقات الحياة الاجتماعية وأوضاعها تبدلت تماماً، ولم تعد بعض صور الأحكام التي كانت تمثل الحق في معيار الدين منذ ألف سنة، تحقق مقتضى الدين اليوم) تجديد أصول الفقه ص95.

    — دعوته إلى اعتماد أي قول يُناسب هوى السائل، ويساير الحضارة الغربية، سواء وجد في المذهب السني أم في غيرها من المذاهب التي تنتسب إلى الإسلام: قال: (لكل مسلم أن يجد الرأي الذي ينشرح له صدره، ووجه العبادة الذي يُناسبه، فهو يستطيع أن يعبد الله كما هو ميسَّرٌ له، ويستطيع كل شعب أو إقليم من المسلمين أن يجد نمطه أو كيفية العبادة التي تناسبه) تجديد الفكر الإسلامي ص51.

    — فسحه لأكثر من منهج وطريقة في اختيار الأحكام وترجيح بعضها على بعض بما ذلك الفوضى والهوى فيقول: (ومن الدعاة من يؤثر ألا يلتزم بمنهج مقيد، بل يظل طليقاً ينتقي من الآراء ما يناسبه، ويتخذ من مصادر فكره وطرائقه حيث شاء في صفحات الكتب، ويعرض آراءه حسب ما يناسب مع الموقف في إيطار الالتزام بالإسلام عامة) تجديد أصول الفقه ص10.

    — يرى أنَّ لظروف الناس ونتائج الأحكام الشرعية أثراً بالغاً في ترجيح رأي واستبعاد آخر، وفي ذلك يقول: (وما لم يعرف العالم علوم الإحصاء لا يستطيع ترجيح رأي في الطلاق على رأي آخر باستقراء مدى النتائج التي تؤدي إليها فتواه وخطورتها وأثرها على سلامة الأمة واستقرارها على سائر مصالح المجتمع) تجديد أصول الفقه ص34.

    — اتهامه لعلماء المسلمين باتباعهم أهواءهم وتحجيرهم على المرأة: قال في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ص42: (ومن أوسع الحجج الفقهية للتضييق على النساء: استغلال باب سد الذرائع بفرض قيود مفرطة: بحجة خشية الفتنة، وبتقديرات مفرطة في الحيطة والتحفظ... ولكن النمط الغالب على فكر المسلمين أن يجمدوا بالنصوص على حرفها ولو كانت منوطة بعلل ظرفية من واقع العهد الأول، وإنما قالوا بقبول السماحة والمرونة الفقهية لَمَّا وافقت أهواءهم في حجر المرأة والتحفظ عليها).

    — جعله الشعب مصدراً للحكم بدل الشرع: قال في كتابه تجديد أصول الفقه ص33: (وربما يُترك الأمر أمانة للمسلمين ليتخذوا بأعرافهم مقاييس تقويم المفكرين، ومهما تكن المؤهلات الرسمية فجمهور المسلمين هو الحكم، وهم أصحاب الشأن في تمييز الذي هو أعلم وأقوم، وليس في الدين كنيسة أو سلطة رسمية تحتكر الفتوى).

    — قوله بأنَّ إجماع السلف غير مُلزم في هذا العصر، وأنَّ الإجماع هو عبارة عن استفتاء الشعب المسلم: قال في كتابه تجديد أصول الفقه ص11: (وتعود تلك المناهج الموحدة إلى مبدأ الشورى الذي يجمع أطراف الخلاف، ومبدأ الإجماع الذي يُمثل سلطان جماعة المسلمين، والذي يحسم الأمر بعد أن تُجرى دورة الشورى فيُعمد إلى أحد وجوه الرأي في المسألة فيعتمده، إذ يجتمع عليه السواد الأعظم من المسلمين، ويُصبح صادراً عن إرادة الجماعة وحكماً لازماً ينزل عليه كل المسلمين، ويُسلِّمون له في مجال التنفيذ ولو اختلفوا على صحته النسبية).

    وقال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص90: (يُمكن أن نرد إلى الجماعة المسلمة حقها الذي كان قد باشره عنها ممثلوها الفقهاء، وهو سلطة الإجماع، ويُمكن بذلك أن تتغير أصول الفقه والأحكام، ويُصبح إجماع الأمة المسلمة أو الشعب المسلم).

    وقال في مقابلة مع جريدة المحرر 24/2/1415هـ: (وحين أذكر الاجتهاد فإنني أعتقدُ أنه واجبٌ على كلِّ فرد، وليس على العالم المزعوم أنه عالم، الكلُّ مطالبٌ بأن يتعاون ويتناصر في الاجتهاد، ويفتح باب حرية الرأي) وسأله رئيس تحرير الصحيفة: (هل أفهم من كلامكم هنا أن الحرية تعني الاجتهاد، كما يعني الاجتهاد الحرية؟ فأجاب الترابي: (نعم، نعم، والاجتهاد الحر ليس للعلماء فقط، وبشروط معينة، بل لكلِّ أحد، لكلِّ فرد، لا بُدَّ من أن نجتهد معاً وجميعاً فيما هو مُحقِّق لمصلحة الجماعة).

    — دعوته إلى الاحتكام إلى عوام المسلمين: قال في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص98: (يُمكن أن نحتكم إلى الرأي العام المسلم ونطمئن على سلامة فطرة المسلمين حتى ولو كانوا جهالاً في أن يضبطوا مدى الاختلاف ومجال التفرق).

    — نسفه لعلم أصول الفقه من أساسه لأنه كما يصفه: (علم الأصول التقليدي الذي نلتمس فيه الهداية لم يعد مناسباً للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء، لأنه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها، بل بطبيعة القضايا الفقهية التي كان يتوجه إليها البحث الفقهي) تجديد أصول الفقه ص13.

    — دعوته إلى تغيير ضوابط القياس وشروطه التي نصَّ عليها الأصوليون وتبديلها: قال في كتابه تجديد أصول الفقه ص23: (يلزمنا أن نطور طرائق الفقه الاجتهادي التي يتسع فيها النظر بناء على النص المحدود، وإنما لجأنا للقياس لتعدية النصوص وتوسيع مداها فما ينبغي أن يكون ذلك هو القياس بمعاييره التقليدية، فالقياس التقليدي أغلبه لا يستوعب حاجاتنا بما غشيه من التضييق انفعالاً بمعايير المنطق الصوري التي وردت على المسلمين مع الغزو الثقافي الأول الذي تأثَّر به المسلمون تأثراً لا يضارعه إلاَّ تأثرنا اليوم بأنماط الفكر الحديث).

    — مناداته بأهمِّ مبادئ المعتزلة من أنَّ العقل هو الطريق الوحيد للوصول للحقيقة: يقول في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص 26: (أمَّا المصدر الذي يتعيَّنُ علينا أن نُعيد إليه اعتباره كأصل له مكانته فهو العقل).

    — زعمه بأنَّ الشيعة يتفقون معنا على القرآن الذي بين أيدينا: قال في محاضرة له في مؤتمر للطلبة المسلمين في الولايات المتحدة: (أما القرآن فكلنا نتفق عليه، أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فنتفق على معظمها سنة وشيعة، أما التراث السني والشيعي ففيه من الترهات والخرافات عند أهل السنة والشيعة، وفيه فوائد).

    — زعمه أن أهل السنة والشيعة متفقون 95%: قال في لقائه في جريدة المحرر 24/2/1415هـ: (ليسَ صحيحاً أنَّ التراث السني والشيعي مُتباينان هذا التباين، فكتاب الشوكاني دليل لنا رغم أنه شيعي زيدي، وما يجمع المسلمين أكثر مما يُفرقهم، فما يجمعهم 95% وما يفرقهم 5%).

    — طعنه في مذهب أهل السنة: سُئل في لقائه في جريدة المحرر 24/2/1415هـ: (هل أنت على المذهب الشيعي)؟، فأجاب: (أنا لا أُسُمِّي نفسي شيعياً ولا سنياً، سني وشيعي لا تعني أنه يتبع سنة الرسول أو لا يتبعها، معناها حزب سياسي، ومرشح لكلِّ حزب، وأنا لا أصوت لهذا ولا لهذا).

    — تبرؤه من مذهب أهل السنة: قال في لقائه في جريدة المحرر 24/2/1415هـ: (أنا لستُ سُنياً، ولا أُدرك ما معنى السني والشيعي).

    — تهوينه للخلاف بين أهل السنة والشيعة: قال مجلة الإرشاد اليمنية، محرم وصفر 1408هـ: (هو في الأصول ليس ببعيد جداً، سواء بعض النظريات والمعتقدات السياسية التي أحسبُ أنَّ مسيرة التاريخ الإسلامي ستتجاوزه).

    — تأييده لثورة الخميني وتسميتها ثورة إيمان: (وحركة الإسلام شهدت تجارب شتى في التجديد بالمجادلة بالحسنى، وفي التعرُّض للعدوان والفتنة من جرَّاء ذلك، وهي اليوم تشهد تجارب جديدة في ثورة إيمان في النفوس تنقلب ثورة قوة في الواقع، ولعل أروع نماذجها في الثورة الإيرانية الإسلامية).

    ويقول في ص287: (الثورة الإسلامية في إيران هي الحدث الأكبر في التاريخ السياسي الإسلامي المعاصر).

    ويقول في ص295: (بادرت الحركة تظاهر الثورة - أي الإيرانية - بتأييدها).

    ويقول في مجلة المجتمع عدد 580: (الثورة الإيرانية هو ذلك الحدث الذي استطاعت فيه قوى الإسلام رغم ضعفها البادي لكل المراقبين أن تغلب بإذن الله الفئة الكثيرة القوية).

    ويُسمِّيها كما في كتابه الحركة الإسلامية في السودان ص130: (الثورة الإسلامية الظافرة في إيران).

    — قوله بأنَّ ظهور المسيح عليه السلام من جديد غير صحيح (جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ).

    — قوله بأنَّ الخمور لا تكون جريمة إلاَّ إذا سبَّبت العدوان (جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ).

    — قوله بجواز أن تؤمَّ المرأة الرجال في الصلاة، وأن يُصلِّي النساء بجانب الرجال: في جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ: (ليس هناك ما يمنع ذلك فقط، يجبُ ألاَّ يلتصق الرجال بالنساء التصاقاً قوياً في الصفوف، حتى لا تَحدُث الشهوة والانصراف عن الصلاة).

    — قوله بجواز مصافحة المرأة الأجنبية: قال في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ص42: (تجوز المصافحة العفوية عند السلام التي يجري بها العرف في جوٍ طاهر).

    — قوله بجواز أن تتولى المرأة الولاية العامة: قال: (صحيح أن هناك حديث مشهوراً يقول: لا يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة، ولكنه حديث في مناسبة معينة، في بلد معين، والفقهاء لهم مذاهب في ذلك... والمذهب الذي نختاره نحنُ هو أن تتولى المرأة كل القضاء) تجديد الفكر الإسلامي ص31.

    — قوله بأنَّ الحجاب واجبٌ على نساء النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقط: قال في كتابه المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع ص27: (أمَّا الحجاب المشهور فهو من الأوضاع التي اختصَّت بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، لأنَّ حكمهنَّ ليس كأحد من النساء، وجزائهنَّ يُضاعف أجراً أو عقاباً... فقد قرَّرت آية الحجاب التي حكمت ألاَّ تظهر زوجة النبي صلى الله عليه وسلم للرجال ولو بوجهها وكفيها، مما يجوز بالطبع لسائر النساء المسلمات).

    — قوله بأنَّ الخمار إنما هو لتغطية صدر المرأة: (أمَّا الخمار فإنه جاء لتغطية صدر المرأة وجزء من محاسنها، ولا يعني بأيِّ حال من الأحوال تكميم المرأة) جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ.

    — تسميته للضوابط التي وضعها الإسلام للمرأة بالأعراف الإسلامية الْمنحطَّة: قال في مجلة الإرشاد اليمنية، محرم وصفر 1408هـ: (غالبُ المواقف التي يتذرَّع بها المحافظون ليست إلاَّ أعرافاً إسلامية منحطة).

    وقال في مجلة المجتمع عدد 580: (إنَّ واقع المرأة التقليدي لا يُمثل الإسلام).

    — إباحته للرقص: قال في جريدة الصحافة 25/12/1399هـ: (الرقص كذلك تعبيرٌ جميلٌ يُصوِّر معنى خاصاً بما تنطوي عليه النفس البشرية) إلى أن قال: (ولا نُنكر أنَّ في الغرب رقصاً يُعبِّر عن معانٍ أخرى كريمة).

    — دعوته إلى تجديد الفقه وأصوله لأنهما في نظره غير مناسبين للوفاء بحاجات المسلمين المعاصرة في التجارة والفن والسياسة: ومن ذلك قوله في كتابه تجديد الفكر الإسلامي ص96: (قد يعلم المرء اليوم كيف يُجادل إذا أُثيرت الشبهات في حدود الله، ولكن المرء لا يعرف اليوم تماماً كيف يعبد الله في التجارة أو السياسية أو يعبد الله في الفن، كيف تتكون في نفسه النيات العقدية التي تُمثِّل معنى العبادة، ثم لا يعلم كيف يُعبِّر عنها عملياً بدقة).

    — قوله بأنَّ أصول الفقه عبارة عن مقولات نظرية عقيمة تُولد الجدل والتعقيد: قال في كتابه تجديد أصول الفقه ص7: (لا بُدَّ أن نقف وقفة مع علم الأصول تصله بواقع الحياة، لأنَّ قضايا الأصول في أدبنا الفقهي أصبحت تؤخذ تجريداً حتى غدت مقولات نظرية عقيمة لا تكاد تلد فقهاً البتة، بل تولد جدلاً لا يتناهى).

    وقال في ص13: (لكن جنوح الحياة الدينية عامة نحو الانحطاط وفتور الدوافع التي تولد الفقه والعمل في واقع المسلمين أدَّيا إلى أن يؤول علم أصول الفقه الذي شأنه أن يكون هاديًا للتفكير إلى معلومات لا تهدي إلى فقه ولا تولد فكراً، وإنما أصبح نظراً مجرداً يتطور كما تطور الفقه كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل، وقد استفاد ذلك العلم فائدة جليلة من العلوم النظرية التي كانت متاحة حتى غلب عليه طابع التجريد والجدل النظري العقيم، وتأثَّر بكلِّ مسائل المنطق الهيليني وبعيوبه كذلك).

    — طعنه في كتب تفاسير الأئمة: قال في محاضرة له بجامعة الخرطوم في 1/12/1415هـ: (إنَّ كتب التفسير عبارة عن حكايات وقصص وآراء شخصية لمؤلفيها).

    — مدحه لحركته في التجديد: قال في كتابه الحركة الإسلامية في السودان ص48: (إنَّ قيادة الحركة الإسلامية في السودان خرجت من القطاع الحديث المستنير، واستعدَّت لمواقف فكرية مُتحرِّرة ومتجددة واجتهادية).

    وقال في ص245: (إنَّ طبيعة الحركة وتربيتها تُهيؤها للجرأة والإقدام في كل الأمور) وقال: (فلاغرو أن كانت مُهيَّأة بتلك الروح لأن تكون متوكلة جريئة في الاجتهاد بغير تحفُّظ مُفرط، وفي ارتياد المذاهب الفقهية الحديثة).

    وقال في ص246: (تجاوزت بفكرها الأطر المعروفة للتفقه والآثار المنقولة في الفقه، وتجاوزت بحركتها الحدود المألوفة للإسلام).

    — إنكاره للحور العين: ألقى محاضرة بعد الإجراءات التي اتخذها رئيس دولة السودان ضده أمام طالبات الجامعة، وقال فيها ما موجزه: (تحدَّث المفسرون في كتبهم عن الحور العين، فهل تُصدِّقن ما زعموه، والذي أعتقده: بأنكنَّ الحور العين)!! وذكرت جريدة الشرق الأوسط عدد 9994 في 11/3/1427هـ أنَّ الترابي قال: (الحور العين في الجنة هنَّ النساء الصالحات في الدنيا اللاتي يدخلن الجنة).

    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/web/shathary/0/19169/#ixzz43eO52fcEhttp://www.alukah.net/web/shathary/0/19169/#ixzz43eO52fcE

                  

03-22-2016, 05:51 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    ترجمةالنص الكامل لشهادة الدكتور حسن عبد الله الترابي أمام الكونجرس الأمريكي بتاريخ 5 ـ مايو ـ 1992












    ترجمة النص الكامل لشهادة الدكتور حسن عبد الله الترابي أمام الكونجرس الأمريكي بتاريخ 5 ـ مايو ـ 1992

    د. الترابي:

    السيد: الرئيس السادة: أعضاء الكونغرس المحترمين

    بدأت العمل الإسلامي منذ الحياة الطلابية وانتقلت لبريطانيا ثم فرنسا. وقد ساعدتني الدراسة في أوربا في فهم وإدراك الهوية الإسلامية بصورة واسعة. وعندما التزمت بالعمل الإسلامي شاركت مع إخوتي وعدد من الأحزاب السياسية والهيئات بالدعوة لتطبيق الشريعة والدستور الإسلامي. ومن أجل هذا اعتقلت لمدة سبع سنوات في عهد النميري. وعندما ظهرت حركة المد الشعبي الإسلامي حاول النميري مسايرة الصحوة الإسلامية وتبنيها سياسياً وبذا أصبحت وزيراً للعدل. لم يسمح النميري لي بتطبيق البرنامج الإسلامي التدريجي وأسلمة القوانين والمؤسسات العامة، ثم اختلفنا وغدر النميري بنا وتم اعتقالي مرة أخرى .وعدت مرة أخرى وأصبحت أكثر نشاطاً في الحياة العامة وخلال العهد الحزبي وعند الحكومة الإئتلافية أعددنا القانون الجنائي الإسلامي. وعندما فشلت الديمقراطية في استقرار الحياة قام الجيش باستلام السلطة ووضعت تحت الاعتقال التحفظي لفترة قصيرة .لم آت لأمريكا بصفة رسمية ولكن حضرت للإدلاء بشهادة والحديث عن الأصولية الإسلامية التي أصبحت ظاهرة عامة. كما حضرت بهدف شرح ظاهرة الصحوة الإسلامية التي عمت أفريقيا والعالم الإسلامي. تقوم الصحوة الإسلامية على نقيض المجتمع الإسلامي التقليدي الهاجع الذي يحصر الدين في العبادة الشخصية. تتمثل الصحوة الإسلامية، والبعث الإيماني وإعادة صياغة السلوك الجماعي والفردي والتحرر الفكري وتكثيف النشاط الإجتماعي والسياسي لسد الفجوة الماثلة الآن بين المجتمع الإسلامي التقليدي والقيم الإسلامية العليا. بالرغم من ظهور الحركة الإسلامية في أفريقيا لكن من الأفضل فهم وإدراك الحركة الإسلامية بصورة شاملة خاصة بأبعادها العالمية، كما يجب النظر إليها كحركة متكاملة لتغيير كل المجتمع وليس مجرد حركة فردية أو حركة تغيير سياسي. ومن الأحسن الحكم عليها في إطار الصحوة الإسلامية التي نشأت منذ 40 عاماً ولكن العالم نظر إليها أخيراً .لقد شهدت معظم الدول الأفريقية وكل العالم الإسلامي حركات وطنية قادت الشعوب لنيل الاستقلال الوطني ولكنها اتجهت وجهة اشتراكية وعندما سقطت الشيوعية وفشلت في الوفاء بشعاراتها حدث اتجاه عام من المثقفين وعامة الشعب نحو الإسلام كمنهج حياة وطريق وحيد للتقدم والرخاء. ولعل الكثير من القطاعات السياسية والمدنية والعسكرية قد شملتها الصحوة الإسلامية الحديثة خاصة أن هذه الصحوة بدأت في وادي النيل مبكراً وبذا بدأ الإسلام في الظهور مرة أخرى .وحدث اتجاه في الحياة العامة لإحداث التأثير على الحياة السياسية وقد قوبل هذا الإتجاه برد فعل مضاد ولذلك اتجهت الحركة الاسلامية للقطاع الحديث المثقف الذي يعتبر أكثر إستجابة لروح التجديد وأكثر مناعة من وسائل الضغط .لقد بدأ التطور الطبيعي للصحوة الاسلامية فكرياً ونظرياً وفي نفس الوقت حدث تجديد للفقه التقليدي وظهر في هذا الجو فقه مثمر وكتاب وظهرت مجموعة صغيرة منظمة تعمل للإسلام . وعندما نضجت الحركة الاسلامية اتسعت شعبيتها وخلال فترة السبعينات أصبحت ظاهرة شعبية عمت كل أفريقيا ومن ثم امتدت للعالم الإسلامي .كما ساعدت وسائل الاتصال الحديثة في قوتها ولكن أضحت أكثر وضوحاً في الانتخابات الحرة .وخلال الفترة الأخيرة أدى اهتمام وسائل الاعلام العالمية بالاسلام لتطور حركة البعث الاسلامي .الآن مازالت الحركة الاسلامية في غرب أفريقيا في مرحلتها الأولى. وتطورت في وادي النيل ونضجت لأنها نشأت منذ وقت طويل. في المغرب العربي والجزائر خاصة ظهرت الحركة الاسلامية كحركة شعبية والآن تمر بنفس التطور والنمو الذي ذكرته من قبل .بالرغم من أن الحركة الاسلامية معروفة ومنتشرة وذات ملامح عامة ومعروفة للعالم لكن هنالك ملامح ومميزات خاصة بكل حركة إسلامية على حدة ويعتمد ذلك على وضعها الخاص، وكلما كانت الحركة الاسلامية منظمة تظهر عليها الحداثة والعصرية والتطور التدريجي البطيء. الحركة الاسلامية مرفوضة دائماً من العلمانية التي تنادي برفض الوجود الاسلامي وقد أدى هذا لتماسك الحركة الاسلامية وتقويتها. ويمكن أن نقارن بين حالة المغرب العربي عندما أتاح فرصة للاسلام للتعبير عن نفسه أصبح الدين الرسمي في سياسة الدولة. وعندما حاولت الحركة الاشتراكية القومية جعل تونس بلداً علمانياً زاد ذلك من نشاط الحركة الاسلامية التونسية وعندما تقوى التقليدية فهي بصورة أو أخرى تعوق تقدم وتطور الحركة التجديدية ولكن الشيوعية والاشتراكية فرضت نفسها بالقوة وقد مهدت التقليدية الطريق لتطور الحركة الاسلامية. ونجد الآن الاسلام في عيون الجماهير وبدون منافس وعندما أعطيت الحركة الاسلامية الحرية تقدمت بطرح متقدم ومتفاعل مع الرأي العام ووجدت استجابة كبيرة للطرح الاسلامي وتبنت تطبيق الشريعة الاسلامية بصورة تدريجية حتى لا يحدث عدم استقرار في المجتمع ونستطيع بذلك تقديم نموذج مثالي للإسلام . وقد التزمنا التقيد الشديد باللعبة الديمقراطية. ولكن عندما كبتت وكبحت الحركة الإسلامية ولم تعط الزمن الكافي للتفاعل مع الرأي العام أدى هذا لظهور الفكر التجديدي ولأن تصبح حركة عاطفية تدافع عن قواعد الدين بدون برامج أو خطط. وعند الكبت والإضطهاد تنقسم الحركة الاسلامية لمجموعات صغيرة تسيطر عليها الروح الثورية توجد ملامح مشتركة بكل الحركات الاسلامية فهي في مجموعها حركات حديثة لأن قيادتها من الصفوة المثقفة المتعلمة ذات التفكير المتحرر وفي بعض المناطق نجد عامل التفكير التقليدي للاسلام وهذا في المجتمعات الملكية بينما نجد الحركات الاسلامية ذات تنظيم ديمقراطي ولاتتبع لقيادة روحية أو عدد من الاتباع بل ذات حرية ديمقراطية في تنظيمها الداخلي الذي يحاط بدرجة عالية من السرية حتى تحمي نفسها ضد القمع والاضطهاد .والحركات الاسلامية ذات تفكير عالمي في روحها وهذا بوعي قيادتها ونظرتها الشاملة للحياة .نجد في غرب أفريقية الحركة الاسلامية أكثر عالمية ونجدها أكثر وطنية ومنغلقة على نفسها في الجزء الغربي من شمال أفريقيا . لايوجد مركزية أو تنظيم عام مشترك لإدارة الحركات الاسلامية ولكنها تتصل مع بعضها عبر المؤتمرات وتبادل الفقه .



    وتعتبر الحركات الاسلامية التي سمح لها بتطبيق برامجها أكثر تطور وقد أدى هذا لتطور الطرح الإقتصادي الذي يستند على العدالة الإجتماعية والمساواة والحرية العامة. ولانجد اتجاه نحو الاشتراكية والتأميم والسيطرة على الأسعار والطرح الاشتراكي على العموم. وفي الحقيقة النشاط الفكري قام كرد فعل ضد الشيوعية وأدى لتطوير النشاط السياسي وفرصة للتعبير عن رأي الحركة الاسلامية ويوجد اعتقاد راسخ في القانون الالهي والقانون الاسلامي والشريعة الاسلامية وليس هذا لاختبار قوة وهيبة الدولة إنما بمثابة الحد الأدنى الذي يجب التقيد به من جانب الدولة والحرية الفردية ليست رخصة بل هي التزام لكل الأفراد من عند اللل للتعبير عن استقلالية الفرد والمشاركة الفعالة بالرأي وعلى الدولة إعطاؤهم مزيد من الحرية والاستقلالية وللمجتمع في القيم الاسلامية ـ منفصلا ومستقلا عن الدولة ـ القيام بمهام عامة متعددة ماعدا التي تتمتع بها الدولة .وقد أكدت الممارسة السياسية بشدة على الالتزام الاخلاقي لمنع الفساد في إدارة الدولة خاصة في الانتخابات، والإسلام يقبل رأي الاغلبية في اتخاذ القرار عبر الإقتراع والمنافسة ولكن بفضل روح الإجماع ولو اختلف واحد فقط على الجماعة فهو يؤثر في الإستقرار السياسي للدولة بعيد عن الخلاف لأنه يمثل نظام جديد للتغيير الإجتماعي وفي أغلب الأحيان يخلق هذا مجتمع متسامح يرعى مصالح الاسلام ولايهدد استقرار الإفراد واحتمال النشأة الروحية للحركات الاسلامية ساعدت كثير في دورها المقدر في الحياة العامة وقد يأتي الوقت المناسب لكثير من الحركات الاسلامية في غرب أفريقيا للتأثير على الحياة العامة أو الحياة السياسية التي تحدثت عنها . أما بخصوص احترام الأقليات الأخرى التي لا تدين بالإسلام فلا توجد مشكلة إطلاق بين الحركات الإسلامية وبين الأقليات الأخرى. في الحقيقة عدم تطبيق الإسلام وغياب المجتمعات المسلمة خلق بعض المشاكل أو المخاوف لأن الإسلام أصبح طرح نظري بل ويقارن مع الديانات الأخرى بعيد عن التعاليم والقيم الاسلامية وهذا هو الذي يفرق بين المسلمين وغير المسلمين خاصة المسيحية والحركات الاسلامية، قامت بإعطاء مزيد من الحرية للأقليات وإذا رجعنا لسيرة وتأريخ الاسلام نجد أن هنالك حرية العبادة وممارسة الشعائر التعبدية كانت مكفولة بل أيض الحرية الثقافية وبصورة مقننة وشرعية. وفي هذا السياق وبلا مركزية قوانين الشريعة الاسلامية توجد استجابة لاختلاف الاقليات في مناطق مختلفة داخل القطر الواحد . الاسلام علمنا ليس تسامح الاقليات فحسب بل هنالك علاقة إيجابية ترتكز على العدالة والنزعة نحو الخير. تؤيد الحركات الاسلامية الانفتاح نحو العالم والاسلام دائم منفتح وقد تفاعل مع الثقافة الاغريقية والتقاليد الرومانية، والمسلمين المعاصرين تعلموا في الغرب وعلى إستعداد للتعامل والتعايش مع كل الثقافات العالمية وتوحيد كل الحضارات المختلفة والمنفذ أن المسلمين هم الوحيدون الذين يملكون هذه الروح الوسطية والحركات الاسلامية منفتحة سياسي نحو العالم وهي ليست قومية ضارة أو متعصبة لوطنها وربما يكون مرد ذلك لأن الاسلام لم يؤكد على الحدود الوطنية المغلقة بين الدول بل اعتبر كل المناطق التي يعيش فيها المسلمون هي عبارة عن رقعة واحدة مفتوحة للجميع ولهم حرية التنقل والحركة وتبادل المعلومات والتجارة .والاسلام لا يؤمن بهذه الحدود التي لم يرسمها المسلمون في يوم من الايام حتى تكون هنالك علاقات حميدة بين الأديان الأخرى ولا يكون هنالك تفريق بين المجتمعات بسبب الدين . الاسلاميون ينظرون للغرب كقوة مهددة لهم ونموذج منافس لهم ولكن هنالك قيم إيجابية عديدة في الاسلام وقد تطورت هذه القيم في الغرب كالحرية والمشاركة والحكومة الاستشارية وحقوق الانسان وحرية الملكية وعلى هذا السياق توجد أشياء مشتركة .حقاً كان في البداية النظر للغرب على اعتبار أنه قوة امبريالية تعمل على تطبيع الشريعة الاسلامية وأصبح هذا جوهر البعث والصحوة الاسلامية وبقدومها تطور الفكر والصحوة الاسلامية والقيم العليا الآن تعكف للنظر في إيجاد وتوجيه المجتمعات نحو المثل الاسلامية العليا وفي هذا الجانب السياسة الغربية مماثلة وتؤيد الأنظمة التي تكبت وتضطهد المسلمين وكما ينظر الغرب للديمقراطية بمكيالين خاصة عند تقدم الإسلام للأمام داخل الدول الاسلامية وينقلب الموقف من الحرية للكبت ولايسمح للحركات الاسلامية بحرية العمل في العملية الديمقراطية. الحركات الاسلامية تناصر كل الأصوات الاسلامية بالعالم وهي تأثرت نوعاً بالثورة الاسلامية الايرانية النموذج والثورة الشعبية السلمية بايران ولكن لم تتأثر بالنتائج الايجابية التي حققتها إيران وقد يصعب على إيران نقل نموذجها للدول الأخرى. علاوة على ذلك ايران لا تتمتع بنفوذ في أفريقيا مثل العرب ولكن مازالوا حاصرين أنفسهم في المؤسسات التقليدية كالمساجد والمدارس ولكنهم يقومون بتمويل الحركات الاسلامية بصورة أو أخرى، الحركات الاسلامية اهتمت بالقضية الأفغانية والتطور الذي حدث في دول آسيا الوسطى واعتبروا الاتحاد السوفيتي دولة امبريالية واهتموا كثير بانبعاث دول آسيا الوسطى من جديد .



    تهتم الحركات الاسلامية بقضية فلسطين وتعتبر بيت المقدس مركزاً من مراكز العبادة وهو بهذا يشكل هماً من هموم الاسلام. الآن يشهد المجتمع الفلسطيني صحوة إسلامية كبيرة وذلك نتيجة لفشل الحركة القومية الفلسطينية والعالم العربي في ايجاد حل للمشكلة الفلسطينية .



    الاسلاميون أكثر ادراكاً ووعياً بالشئون الدولية والحياة العامة. وإذا نظرنا في العصر الحالي نجد القليل من الصحوة الاسلامية قد أخذت شكل الدولة الاسلامية مثلا ايران لم تكتمل التجربة بعد والسودان مثال آخر في افريقيا والسودان يحاول الآن تطبيق الشريعة الاسلامية على كل أوجه الحياة المؤسسات الديمقراطية ولكن ليس بنقل النموذج الغربي الذي انهار أكثر من مرة اثر فشله في تمثيل مصالح الشعب وتحقيق قيم المجتمع الاقتصادية . والدين هو مبعث رخاء وتقدم بالدولة لتكون أكثر مقدرة لتحقيق القيم الاجتماعية لتكون أقرب للقيم الدينية والسودان الآن يحاول أن يقدم نموذج للتعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين . مشكلة الجنوب تشكل هاجساً مزعجاً للسودان وهي غير مرتبطة بالاسلام وقد تفجرت منذ عهد طويل نتيجة للتنمية غير المتوازنة بين الشمال والجنوب ونتيجة لأغلاق الجنوب لفترة طويلة جداً والآن عملية السلام مستمرة والأجندة المطروحة هي الفيدرالية واللامركزية السياسية والثقافية والقانونية والسودان عندما يستقر سوف يفجر طاقاته الضخمة .السودان بحكم الصحوة الاسلامية فهو مرتبط كثيراً بدول الجوار سواء في القرن الافريقي أو غرب أفريقيا أو وسط أفريقيا وقد قدم نموذجاً متطوراً للإسلام. وجذب انتباه كل العالم الاسلامي والمسلمين
    سيدي الرئيس :


    هذا هو الاطار العام للصحوة الاسلامية المعاصرة أو الأصولية الاسلامية لمن يريد أن يسميها ذلك .ديمالي: أشكرك د. الترابي ماهي الأصولية الاسلامية؟



    د. الترابي: في الحقيقة أن هذه الكلمة ليس لها مرادف في اللغة العربية والاسلامية، بل استخدمت لوصف ظاهرة المسيحية هنا بعد الحرب والرغبة في الالتحاق بالمقدسات أما هذه الحركة فيمكن مقابلتها بالنهضة الأوربية إذ أنه يجب ترجمة التجديد الفكري في صياغة المجتمع بصورته النشطة مما كان فيه من ركون واسترجاع معتقدات المجتمع المندثرة. لذلك لم تأخذ الكلمة مفهومها الصحيح الشاخص إلى الامام ولاهي متزمتة ولا رجعية .



    ديمالي: هل للحركة الاسلامية مبدأ سياسي للاستيلاء على الحكومات أو المشاركة في كل الحركات الديمقراطية في أفريقيا أو في أي مكان آخر في العالم؟



    د. الترابي: نعم طالما يتيح النظام قدرا من الحريات للتعبير والتنظيم فالاسلام يؤمن بأن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق الاسلام، ولما كان المبدأ دينيا فهو لابد أن يأتي عن طريق الاستمالة والاقتناع ولما كان نموذج النظام الاسلامي لم يكن له سابق فاحتاج لبعض الوقت ليتطور النظام لذلك ترغب الحركات في العمل في جو سالم وديمقراطي للاسلام وتطبيق متدرج يقيم الاسلام .



    وعندما يكون الأمر غير ذلك تأتي المشاركة الفكرية الاسلامية غير ايجابية وذلك يؤدي لصور من الثورات. وفي كثير من الأحيان فضلت الحركات الاسلامية الصبر على المكاره ولم تجنح لإرهاب .



    ديمالي: هناك العديد من الادعاءات من دول شمال وغرب إفريقيا المجاورة لكم تشير لتعاون ايران معكم في مجالات التدريب العسكري والتمويل هل هذه التقارير صحيحة؟ وإذا كانت كذلك فما هى علاقة شمال افريقيا مع الحركة في ايران؟



    د. الترابي: جميل، لم تكن ايران في تاريخها قريبة من دول شمال افريقيا بصورة عامة ولما انفتحت ايران في علاقاتها الخارجية تعثرت علاقتها مع المملكة العربية السعودية، كما أنها انحازت للمغرب في قضية (البوليساريو) وفي هذا الاطار تقاربت ايران والسودان ـ ولعل الزيارة الأخيرة للرئيس الايراني أعطت العلاقة بعدا أكبر . وبعض الدول التي تغير وتنافس ايران على أمن الخليج شعرت بأن هذه العلاقة تهدد وجودها لذلك هي تشيع هذه الإفتراءات. وفي الحقيقة لم تبد البروتوكول السوداني الايراني في التعامل التجاري والصناعي والبترول واستيراد المواد الغذائية .وليس هناك وجود لأي اتفاق عسكري لافي شكل خبراء ولاعناصر أدنى ولا دعم مادي للسودان كما يدعون. ولادعم للبنك المركزي ـ لكن يمكن أن يكون هناك اعتمادات في مجال التعاون السابق الذكر . وحتى في المجالات الثقافية فهى ضعيفة إذ أنه يوجد طلاب سودانيون بالباكستان والهند بأعداد تفوق أعداد الطلبة السودانيين بايران. لذلك العلاقات بين السودان وايران تجارية محضة .



    رونالد باين: السيد في نفس المحور هناك ادعاء بأن ايران تدرب عسكريين سودانيين، وأنا أعلم أنك لا تمثل الحكومة إلا أن الأدعاء يقول كذلك فكيف بدأت هذه الاشاعة ولاسيما أنك تنفي ذلك؟



    د. الترابي: لعل هذه الادعاءات جاءت من شمال السودان ذلك أن ايران تدرب قوات الدفاع الشعبي. وهذا الدفاع الشعبي ماهو إلا كالحرس الوطني عندكم هاهنا وبرنامج الدفاع الشعبي لإعادة صياغة الخدمة المدنية من الانضباط ولتطوير وترقية الاداء. وهي مسألة بدائية وأولية لا أكثر ولا أقل وأنا على ثقة أن السودان لايسعى وراء هذه الخبرة ولا ايران تمد السودان بسلاح وحقيقة أن السودان ليس في حاجة للتدريب على كيفية استخدام هذا السلاح .



    وأعتقد أن هذه الادعاءات هي جزء من الخلاف بين دول الخليج مع ايران فيما يختص بالأمن في الخليج ، إذ أن دول الخليج ترهب أن تقوم ايران بتنظيم أمن المنطقة مع جيرانها من الدول الأخرى. وطبع هناك من الدول العريقة التي نحن نرى أنها الآمن والأقدر على حماية الخليج ودويلاتها. وعلى هذه الشاكلة اتسعت دائرة تلك الاشاعات .



    رونالد باين: أشكرك. كذلك أفهم أن هنالك توتر في الخرطوم شمال وسط المسيحين الاقباط والكاثوليك ومجموعات أخرى على ماأفهم أنهم يقعون تحت طائلة التشريعات الاسلامية في المسائل الجنائية .



    د. الترابي: جميل، فيما يختص بالقوانين لم يتخذ القانون العام الدين كعامل تفرقة وطبع هناك مسيحيون بالعاصمة وفي المجلس الأعلى ومجلس الوزراء ودواوين الخدمة العامة والسلك الدبلوماسي، أما القانون الخاص هو الذي يؤسس على الدين ولكل مجتمع معتقداته وأعرافه التي يحكم بها . والقانون الجنائي اقليمي بمعنى أينما وجدت أكثرية مسلمة فالقانون اسلامي. وغير ذلك للمناطق التي فيها غير المسلمين أغلبية وإن كان بينهم مسلمون ولم يعرف السودان توتر بين الأديان قط بالرغم من أن المسيحين يأتون للشمال هرب من الحرب بالملايين وليس في اتجاه الخرطوم فقط بل إلى كافة أنحاء السودان. وكذلك هناك من يذهب إلى المناطق الأخرى هرب من الجفاف، وكل مايمكن أن ينشأ من توتر فهو في الغالب بسبب التداخل في المراعي بين القبائل الرعوية عدا ذلك فلايوجد أي توتر في المدن .



    رونالد باين: أخير ، هنالك عدد من المسيحين الذين يرغبون ويهاجرون لاستراليا وانجلترا ولاماكن أخرى ـ وكذلك أسأل عن السمعة السئية لسجون السودان، وأن هناك مسجونين بغير محاكمة وهناك مايسمى بسجون الأشباح التي تعتبر غير رسمية؟



    د. الترابي: نعم هناك عديد من السودانين يتركون مناطقهم نسبة للحروب ويلجأون لدول الجوار وغيرها وبعضهم إلى داخل السودان ولايجدون عداوة في ذلك اطلاقا . وأن السجن التحفظي في السودان نسبة للحفاظ على الأمن ومجابهة المشاكل الاقتصادية، وهو مسلك تسلكه كل الدول الأوربية آسيوية وأفريقية، وقد كان هذا النظام معمولا به على مر مختلف أنواع الحكم في السودان العسكري وحتى الديمقراطي. وذلك لمجابهة الأوضاع الطارئة، وبالمقارنة مع دول الجوار فوضع السودان أخف وطأة منها في هذا الشأن ولعل تلك الدول تتفوق على السودان بصغر حجمها وتناغمها القبلي أغلب على السودان كذلك . كماأنها لم تترك سدى بل تحملها التنظيم القانوني أذ أنه في قانون السودان لايجوز الحجز التحفظي فوق ثلاث شهور بعدها يؤخذ المتهم للمحاكمة كحد أقصى. وإذا حكم عليه تحسب له الفترة التي قضاها من قبل ثم يقتاد لسجن كوبر، ولايوجد الآن سوى عدد زهيد وقد سجنت أنا نفسي في هذا السجن عدة مرات والمعاملة فيه إنسانية للغاية .والبعثات الدبلوماسية متاح لها تفقد المحتجزين، ولما مر السودان بالتواترات السياسية وأدخل عدد منهم السجن المركزي بكوبر أشيع عن سوء معاملتهم .وكما ذكرت الآن من حق أي مسجون أن يسأل عن سبب احتجازه أمام القضاء وهم كفيلون بانصافه، ومن حقه الإستئناف أمام القضاء أيض ويمكن أن يفعل ذلك خلال الثلاث شهور .



    مستر هاوارد ولبي: السيد ... أشرت لمسألة الحجز التحفظي وقلت أنها نتيجة وليست سبب المشاكل التي حدثت في السودان . د. الترابي من المعروف أنك القوة المحركة من خلف البشير في السودان، وملف السودان من أسوأ ملفات حقوق الانسان في أفريقيا وبالتالي العالم وحسب علمي أنك اعتمدت في مصادرك على عمل قمت به أنت، لذلك أود أن أسمع منك استيضاحاً لماذا منظمات حقوق الانسان ( ) مازالت تقاريرها تشير لوجود سجون سرية والتي أشار إليها البعض الآن بانها (سجون الاشباح) وأن كثير من مرتادي هذه السجون قد ماتوا. إذن كيف يتسنى لك الدفاع عن سجل حقوق الإنسان في ظل حكومتك الحالية.؟



    د. الترابي: مع احترامي فيما يتعلق بموقعي الشخصيي عضو الكونجرس المحترم أولا لا أصف نفسي كقوة محركة من خلف عمر البشير إلا أنني شخصية إسلامية وهناك حكومة قائمة ..



    ولبي: (مقاطعاً) أسمح لي لا أريد المقاطعة بل أريدك أن تعلق على الموضوع وشخصيتك ليست الموضوع إنما الموضوع هو سجل حقوق الإنسان .



    د. الترابي: نعم هذا صحيح سأعود لصلب الموضوع فمهما يكن من أمر فسجل حقوق الإنسان في السودان لايمكن مقارنته 20 ـ 30 سجين سياسي في السودان مع 000 . 50 وأكثر في أي دولة من دول شمال أفريقيا من ذلك أقصد أنه لا يمكن أن يكون أسوأ سجل في حقوق الإنسان إطلاقاً هذه واحدة .



    ولبي: (مقاطعاً) هذا يعني أنكم تخرقون حقوق الإنسان لأن غيركم يفعل ذلك؟ هل هذا ماتقصده؟



    د. الترابي: السيد العضو المحترم أنت تقول عندنا أسوأ سجل لحقوق الإنسان وأنا أعقد لكم مقارنة .



    ولبي: إنني كثير الرغبة لتفسيرك حول التعذيب والقتل والفصل من الخدمة المدنية والعسكرية بالآلاف وذنبهم أنهم لا ينتمون لكم (الجبهة القومية الاسلامية) وفي تصوري أن هذه التصرفات في حقوق الانسان والديمقراطية لا تغتفر للسودان كيف تفسر ذلك؟



    د. الترابي: فلننتقل لنقطة أخرى طالما اقتنعتم أن سجلنا في حقوق الانسان ليس هو الأسوأ .



    ولبي: إنني لم أقتنع بذلك .



    د. الترابي: آسف لأنك أشرت الى أنه الأسوأ وكنت أنا أحاول عقد مقارنة لكن لابأس دعني أسلط الضوء دون مقارنة .



    الآن السودان يستضيف حوالى مليون لاجيء وأكثرهم غير مسلمين ولو كان هناك أي عداء ديني لظهر ذلك جلياً ومن النادر أن تجد بين الدول اليوم من يستضيف مثل هذه الاعداد من اللاجئين، وهذه كلها يجب أن تحفظ في سجلنا لحقوق الإنسان .



    حقيقة يوجد هناك تطهير من الخدمة المدنية الذين يربو عددهم على الخمسمائة الى سبعمائة وخمسين ألف شخص، ثم تطهير حوالي ألف من كل هذه الأعداد، ولعلها ظاهرة مألوفة بمجيء أي نظام جديد لوضع رجالاته في الوظائف الحساسة ومع ذلك هذا البرنامج التطهيري، والجميع الآن يتمتع بحق التوظيف في القضاء والخدمة المدنية..الخ .



    ولبي: هل تحاول أن تفهمنا الآن وبصدق أنكم لا تبذلون جهدا لفرض توجه اسلامي على السودانيين عامة وهل هذا ماتريد أن تقوله لهذه اللجنة؟



    د. الترابي إذا كنت تقصد الاسلام كقيمة دينية فإن الإسلام لايعترف ولايولد العنف والإرهاب، لذلك الإسلام لايقبل أن يفرض على الناس بالقوة .



    ولبي: ألم يكن هناك جهد لتأهيل المجتمع السوداني لتطبيق القوانين الاسلامية في السودان ؟



    د. الترابي: بل كان بالطبع.. وهناك منظمتان خاصتان تعملان في السودان بين 15 ـ 20 كنيسة في السودان هذا يعني أن السودان قطر مفتوح لكل الديانات بما في ذلك الكنائس التابعة لأمريكا .



    ولبي: لذلك كل هذه المنظمات وحكومتنا الأمريكية لم تصب الحقيقة فيما يخص حقوق الإنسان في السودان ولم يتم تعذيب الناس، ولم تقس حكومتهم عليهم لسبب ديني أو سياسي، والمواطنون في السودان أحرار في حركتهم دون وجل من أفراد حزبك السياسي؟ هل هذا ماتحاول أن تخبرنا به؟ وكل هذه التقارير من فراغ؟



    د. الترابي: كل الدول التي اختارت أن ترسل مبعوثيها من أفراد البرلمان البريطاني والأوربي وأتوا بأنفسهم ليروا ويتحققوا من هذه الاشاعات وهى أصلا للتحفيز السياسي قد خرجوا من السودان بفكرة مختلفة تماماً عن ما أشيع وانطباعاتهم المسجلة تشير لذلك .



    كما أتيحت فرصة لأفراد من البرلمان الأوربي لمقابلة السياسيين المعارضين الذين هم أحرار في السودان يقابلون الصحفيين والاذاعات العالمية ـ وكذلك بعثة البرلمان البريطاني التي زارت السودان خرجت بفكرة مغايرة لكل الاشاعات التي تطلق وهذا ماأخبروني به بأنفسهم



    ولبي: قلت في مركز الدراسات العالمية الاستراتيجي بواشنطن أنه لم تقم أي مظاهرة شعبية منذ تولي البشير السلطة الاسلامية في السودان .



    فهل يمكن توضح لنا ظاهرة حظر التجول ـ إغلاق الجامعات عدة مرات والمحاولات الانقلابية لأكثر من مرتين منذ تولي البشير الحكم، والتقارير السيئة لحقوق الانسان المستمر في السودان؟



    د. الترابي: حسناً هناك سياسات اقتصادية جديدة فرضت لذلك كان لزاماً على الحكومة تنفيذ هذه الاصلاحات بالقانون، ولم يكن هناك سوى التشريعات لتغيير القطاع العام للخاص. وكان أيضاً لابد من السيطرة على الأسعار وهذا يحتاج لبعض القوانين وتحرير الاقتصاد، وأشرت إلى أنه لم تكن هناك أي حركة شعبية نسبة لتقبل الناس لهذه الإجراءات .



    ولبي: إذن لماذا أغلقت الجامعات عدة مرات ولماذا حظر التجول؟



    د. الترابي: حسناً الجامعات في العالم الثالث .



    ولبي: (مقاطعاً) أنا لا أتحدث عن جامعات العالم الثالث بل عن السودان؟



    د. الترابي: أنا كنت طالباً بفرنسا والطلبة هناك كانوا يقودون أعمالاً مماثلة وتغلق الجامعة لمثل هذه المظاهرات وصدام مع البوليس عدة مرات .



    ولبي: إذا كل شيء يدعم نظامك إذن كان الطلبة يتظاهرون تأييداً لسياساتك؟ هل هذا ما تريد أن تخبرنا به؟



    د. الترابي: أنت محق في ذلك ظل طلاب الجامعات إسلاميين منذ بداية السبعينات، وكل الاتحادات كانت إسلامية والتصويت في صالح الإسلاميين دوماً .



    ولبي: إذن لماذا أغلقت الجامعة إن هي كذلك؟



    د. الترابي: سأجيب إذا سمح لي عضو الكونغرس المحترم بدقيقة. رأت الحكومة أن نظام الجامعات في السودان محدود إذ أنه لا يمكن أن تبعث الحكومة بالطلبة إلى الخارج وهى قد أنشأت العديد من الجامعات، وكذلك كانت جامعة الخرطوم بالذات تأوي كل الطلبة حتى الذين يسكنون الخرطوم. لذلك غيرت الحكومة هذه السياسة والآن تمنح الطلبة المحتاجين لذلك فقط دون سائر الطلبة، ولم يرض بعض الطلبة أن يحرموا من تلك الإمتيازات التي اعتادوا عليها طيلة هذه السنين، وكان من الأجدى إنشاء جامعات أخرى لعدد آخر من الطلبة عوضاً عن الصرف على جامعة واحدة، تلك هي أسباب إغلاق الجامعة .



    فيما يختص باللاجئين السياسيين، فهذه ظاهرة لازمت حتى الفترة الديمقراطية والعديد من الجنوبيين رفضوا المشاركة في الحكم الديمقراطي وظلوا خارج السودان، ويعلنون عن اتجاهات مختلفة لحل مشاكل السودان، وهذه ظاهرة عند كل دول العالم .



    واليوم في السودان رئيس الوزراء السابق وزعيم الأغلبية في البرلمان السابق يتمتعون بكامل حريتهم في السودان ويقابلون الصحفيين والإذاعيين العالميين وتذاع مقابلاتهم وتنشر مقالاتهم. وكذلك رئيس الحزب الشيوعي .



    ولبي: بالرغم من أنني استنفدت وقتي إلا أنني أود أن أشكر السيد المدير وأن يسمح لي بثلاث أسئلة مباشرة .



    منذ يناير تعمدت حكومتكم ترحيل نصف مليون من الخرطوم لأقصى المناطق الصحراوية بالقوة حيث لا بنيات أساسية للإعاشة بينما سمحتم للإسلاميين فقط للعمل في وظائف المبعدين فما هي ملاحظاتك عن هذه السياسة؟



    د. الترابي: تحدثت عن من هجروا إلى أواسط الصحراء هذه طبعاً دعوى غير واقعية إنما رحلوهم للمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري .



    ولبي: لا يوجد فيها البنيات الأساسية للإعاشة .



    د. الترابي: جيد، الآن نتناول هذا الأمر بعد أن استجلينا أمر أواسط الصحراء! أولا .



    ثانياً ليست هناك بنيات أساسية كما في مكانهم الأسبق لا إمداد ماء ولا كهرباء. أما المنطقة الجديدة فهى شاسعة ويمكن أن يبنوا فيها منازلهم ثم يصلهم إمداد المياه والمدارس وهو لا شك أفضل من مكانهم ذي قبل .



    ولبي: لقد سمعنا هذا الحديث قريب في ..



    د. الترابي: نعم سأجيب على سؤالك. فيما يختص بتخصيص المنظمات الإسلامية بالعمل فهذه ليست حقيقة أيها العضو المحترم، ولعل مجلس الكنائس السوداني هو أحد هذه الأربعة والأخرى الهلال الأحمر المقابلة للصليب الأحمر في بعض الدول الأخرى وهي وكالة غوث حكومية وهذه المنظمات ليست لها علاقة بالعمل الإسلامي ولا المسيحي، وهناك وكالات غوث أفريقية وللحقيقة هذه المنظمات تدار بواسطة مسلمين إلا أنها وكالات غوث وليست بعثة تبشيرية، وهناك بعثات مشابهة لبعثات وجمعيات الكنيسة وهي ليست تجمع جمعيات تبشيرية سودانية مثل مجلس الكنائس السوداني . هذه هي الوكالات الأربعة المعتمدة لدى الناس بالاغاثة .



    ولبي: حديثك الآن يختلف تماماً عما وردنا في بعض التقارير الدولية التي لا تطابق أقوالك .



    عندي سؤالان آخران السيد المدير لو أمكن وبعدها ساغادر وستخلص منى ...



    ديملي: أنا لا أريد أن أتخلص منك بل أريدك أن تجلس وتستمع



    ولبي: أشكرك، قلت في مركز الدراسات الإستراتيجية والدوليه هنا في واشنطن أنه في تصوراتك أن المرأة السودانية مكرمة في ظل نظام عمر البشير. إنني أبدي أستغرابي كيف توفق بين حقيقة أن (إتحاد المرأة السودانية) كأكبر تنظيم نسائي قد حل والعديد من النساء حرمن من مغادرة البلاد بدون محرم وكذلك منعت المرأة من الخدمة المدنية ؟



    د. الترابي: حسن، فيما يختص بشأن المرأة في السودان، أولا غير صحيح أن المرأة منعت من الخدمة المدنية، فهن مازلن مديرات، وزيرات، عضوات برلمان .



    ولبي: السيد رئيس الجلسة معذرة أدري أنني أخذت الكثير من الوقت الإضافي وجاءت أسئلتي منفعلة لأنني أعلم أن هناك الكثير والمحزن في السودان والحكومة السودانية التي يقف وراءها هذا الرجل .



    كما أنني وجل أن يأخذ الناس بشهادة هذا الرجل خصوصاً للذين ليست لديهم خلفية عن السودان وحكومته المتورطة في الإرهاب داخل وخارج السودان والتي لاتراعي للإنسان حقوقاً والتي تمنع غوث المدنيين في جنوب السودان الذين تشن عليهم الحكومة الحرب .



    وهذه الحكومة ليس لدى الولايات المتحدة ما تفعله حيالها، أشكرك أيها الرئيس .



    (تصفيق من بعض الحضور).



    ديملي: يجب أن يعلم أن النظم هنا تمنع أي إزعاج للشاهد، ولو استمر هذا الإزعاج يجب علي الضيوف مغادرة القاعة نرجو الالتزام .



    د. الترابي: أود أن أقدم دعوة لكل من يهتم بالسودان لزيارة السودان بصورة رسمية أو بصفة شخصية ليقف على هذه المعلومات من مصادرها الأولى بدلا من مصادر أخرى مغلوطة في معظم الأحيان. (أشكرك أيها الرئيس).



    ديملي: أبدي أسفي وأمتعاضي لمغادرة العضو السابق بعد ما استطال في أسئلته وكان من المفروض أن يسمع لبقية أسئلته وربما هناك من يختلف معه في الرأي .



    أتاح الرئيس الفرصة للسيد قلمان



    قلمان: أشكرك السيد ديملي لتنظيمك هذه الجلسة حتي نستطيع فهم مشاكل شمال أفريقيا كما أنني أود أن أرحب بدكتور الترابي مرة أخرى وكان لنا شرف اللقاء في الأيام القلائل السابقة. ونرحب بك مرة أخرى في هذا الإجتماع، د. الترابي وضعك (أصولي) هل ذلك حقيقة، وأنك حقيقة صانع السياسة السودانية اليوم بوصفك رئيس المجلس الأربعيني ؟



    د. الترابي: لم أدخل في مضمار صناعة القرار السياسي اليوم في السودان، إنما أنا مفكر إسلامي وكتاباتي وأفكاري الإسلامية تلبي طموحاتهم لتجسيد الإسلام في حياتهم الخاصة والعامة بصورة عامة، وتأثيرنا بالطبع يمتد في أفريقيا والشرق الأوسط وهى منطقة انتمائنا .



    قيلمان: ماهو دورك في المجلس الأربعيني ؟



    د. الترابي: لا أعلم شيئاً عن هذا المجلس الأربعيني، بل هناك برلمان تشريعي، ومجلس وزراء السلطة التنفيذية ومجلس قيادة الثورة الذي يرعى ترتيباتها الدستورية. هناك ادعاء بوجود مجلس أربعيني سري وهي دعوة غير حقيقية حسب علمي .



    قيلمان: بالطبع ستدعي أنه لايوجد مايسمى بالمجلس الأربعيني ؟



    د. الترابي: ربما يوجد مجلس أربعيني إلا أنني لا أدرى عنه شيئاً ، إلا أنني لا أعلم عن ذلك شيئاً وبكل ثقة .



    قيلمان: هل لك يد في صنع القرار في السودان .



    د. الترابي: لا ولا في الحياة العامة، إلا أننا نتابع الأوضاع بحكم أن كل القادة السياسيين عليهم المشاركة في هذا النظام حتي يتم الاستقرار في السودان وتذويب كل الخلافات السياسية .



    قيلمان: أنت مصنف في بعض الأحيان أنك المعبر عن الصحوة الإسلامية التي تعم شمال أفريقيا هل هذه حقيقة ووصف منطبق عليك ؟



    د. الترابي: بحكم انتمائي لتلك المنطقة العربية و الأفريقية الإسلامية وبحكم أنني عامل ومفكر لدين الإسلام فأنا رقم فيها .



    قليمان: هل يتلقى رئيس السودان أي توجيه أو نصح منك ؟



    د. الترابي: لا أفعل ذلك لإنني لا أملك أن أتقدم له بذلك .



    قيلمان: هل لك علم بالعلاقات العسكرية بين الحكومة السودانية وإيران ؟



    د. الترابي: من السهولة أن يعلم الإنسان عن شىء من هذا القبيل لأن المجتمع السوداني متفتح، بل ومن الصعوبة أن تحافظ الحكومة على سر كهذا، ولا أحد في السودان يعلم عن هذا الاتفاق العسكري بالتأكيد، ولم ير أي شخص أي وجود لخبراء عسكريين أو أسلحة إيرانية في السودان لأنها تمر عبر الأراضي السودانية من الميناء خلال ترحيلها .



    قيلمان: ماذا عن إمداد السودان بالاسلحة الإيرانية، هل تعلم عن ذلك شيئاً ؟



    د. الترابي: أنا لا أعلم عن ذلك شيئاً وحسب ما عرفت أن السودان لايشتري أسلحة من إيران إنما من الصين وبعض الدول العربية .



    قيلمان: أمامي الآن دورية أسبوعية ( ) للتحليل العسكري حول الإمدادات في العالم الصادرة بتاريخ 9/5/1992م والتي تقول (ولقد تم تسليح الجيش الحكومي الجديد من الممول الجديد بالسلاح للسودان وهو إيران. تقول مصادر في القاهرة أن سفن محملة بآلاف الأطنان من السلاح بدأت تصل السودان منذ أغسطس واستمرت حتى سبتمبر وقد جلبت خمس طائرات مقاتلة طراز F -6 الصيني لسلاح الطيران السوداني وقد دعم الجيش السوداني بأسلحة خفيفة تكفي لتسليح ثلاث وحدات مشاه خصصت لحرب جنوب السودان. وفي أواخر العام السابق وصلت شحنة أخرى وكلها من إيران بالإضافة لشحنة منتصف ديسمبر كمية غير محددة من الأسلحة الخفيفة الصينية وذخيرة بسفن إيرانية لبورتسودان وكذلك 159 طن شحنة ذخيرة في نوفمبر السنة السابقة وأخيراً رفضت الصين مد السودان بالمزيد لأن السودان لم يستطع أن يدفع ما عليه من نقود .



    دعمت ايران هذه الصفقات ورفعت قيمة الدعم إلى400 مليون في ديسمبر الماضي كما ستمد ايران السودان ب 000ر100 طن من البترول شهري لاعتماد قدره 300 مليون دولار. وصف هذا الدعم أنه دعم طويل المدى. كما أن حوالى 1000 -2000 من الحرس الثوري الإيراني لتدريب الجيش السوداني في حين أن طهران تقلل من أعداد الحرس الثوري الإيراني في لبنان .



    هل لك علم بكل هذا؟



    د. الترابي: طالما هذا التقرير من القاهرة فهو غير مدهش ولعل هذه التواريخ كلها قبل زيارة رفسنجاني ولم يكن بين السودان وإيران أى تعاون للمساعدات ولا بروتوكولات .



    فيما يختص بالسفن الإيرانية فهذه ليست غريبة لأن السفن الإيرانية نشيطة في منطقة المحيط الهندي. وليس هناك بترول إيراني يصل السودان وكل هذا البترول فهو من ليبيا على أساس تجاري محض، ولم يصلنا من إيران حتى ولو طن واحد من إيران حتى الآن. لم يسمع أحد في السودان عن كل هذا الدعم المادي من إيران ـ ولاسيما لم يكن قد عقد أي بروتوكول تجاري من قبل زيارة رفسنجاني .



    فيما يختص بتواجد 1000 - 2000 من قوات الحرس الوطني الإيراني وإذا كان الأمر كذلك لسمع ورأي الناس ذلك ومازالت معسكرات التدريب مفتوحة لاستقبال أي زائر ومعظمها حول الخرطوم خصوصاً قوات الدفاع الشعبي وكل شخص يمكنه زيارتهم. وكما تعلم السيد عضو الكونغرس المحترم أن إيران أنهكت لدرجة ويمكن ملاحظة ذلك ببساطة ...



    قيلمان: (مقاطعاً الترابي) أقاطعك .. لأن وقتي يمر بسرعة تقول أنه ليست هناك سفن إيرانية جلبت سلاح للسودان ؟



    د. الترابي: نعم .



    قيلمان: وليس هناك تدريب إيراني عسكري للقوات السودانية، هل هذا ما تقوله لنا؟



    د. الترابي: هذا صحيح .



    قليمان: أريد أن أسأل سؤالا أو اثنين و أنا آسف أنني سأترك القاعة لأنني..



    ديملي: ملاحظة، أنا عضو كونغرس من 21 سنة ولم أعرف من يعطي فرصة للتعبير عن الآراء أكثر مني للأعضاء .



    قيلمان: أشكرك السيد الرئيس إلا أنني .....



    ديملي: وأرجو أن يعرف كل عضو انتقد د. الترابي قد أتيحت له الفرصة الكافية لذلك وكان الحديث حراً كذلك .



    قيلمان: أشكرك أرجو أن أشير إلى أنني لم أنتقد د. الترابي بل نريد أن نعرف بعض المعلومات والمشاكل السودانية .



    أفهم يا دكتور الترابي وأشكرك السيد الرئيس على هذه الفرصة ـ أن حكومة البشير قدمت دعوة لمنظمة أبونضال ومنظمة الجهاد الفلسطيني للسودان هل هذا صحيح؟



    د. الترابي: هذا بالطبع يخالف كل ما يعرفه السودانيون وأن هذه هى المنظمة الوحيدة التي لم تدع للسودان ولا وجود لها مطلقاً .



    هناك بضع مئات من الفلسطينيين وكل السودانيين يعرفون انتماءاتهم ـ معظمهم ينتمون لمنظمة التحرير وحماس، أما أبونضال فهو ليس إسلامياً وهذا معروف لدى العالم أجمع، وسياسة حكومتهم أن لا يدخلوا السودان . ولعل الفلسطينيين الذين تنتهي فترة إقامتهم في الخليج ولا تسمح لهم الإجراءات الرسمية أن تدخلهم أي بلد آخر فالسودان يسمح لهم بالدخول لأرض السودان، وهناك بضع مئات منهم ..



    قيلمان: هناك بعض الأقوال أنهم يتدربون داخل الأراضي السودانية. هل لديك أي معلومات عن ذلك، الفلسطينيين ومجموعة أبونضال .



    د. الترابي: كل غير سوداني تدرب في السودان يمكن أن يعرف، وهذا ادعاء ليس له أي أساس ..



    قيلمان: هل استخدمت حكومة السودان أو مجموعتك العنف والإرهاب لإسقاط أي حكومة وبالتالي السيطرة على الدولة؟



    د. الترابي: الإرهابي مجرم في قيم الإسلام وقد استلهمت هذه الحركات مبادئها من المعتقدات الإسلامية. ومعظم الحركات الإسلامية اتخذت أهداف كبرى كإعادة صياغة المجتمع كما أنهم يعلمون أن الإرهاب لا يخدم هذه الأهداف وأن استهداف الأشخاص ليس من صميم هذه الهموم، ومعظم الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا معروفة لدى العالم بأسره سواء كانت إسلامية أو يسارية وإن كانت لهذه المجموعات أي علاقات دولية فلها علاقات مع مثيلاتها في دول الغرب الأوربي أيضاً ولا أعلم عن أي حركة إسلامية لها مثل هذه الأنشطة .



    قيلمان: د. الترابي هل جماعتك أو الحكومة أيدت أي تأييد لاعتداء صدام حسين على الكويت في أغسطس 1990؟



    د. الترابي: لم تعبر الحركات الإسلامية في العالم عن نفسها بصورة تلقائية عفوية إلا أنه كانت هناك حركة للقادة الإسلاميين بين جدة ـ بغداد وطهران ثم جدة في محاولة لإيجاد الحل السلمي لهذا الحدث وقد رفضت ضم الكويت للعراق بوضوح وكان يجب إعطاء فرصة للمحاولات العربية والإسلامية لحل المشكلة دون اللجوء للحل بالقوة والحرب. هذا هو موقف كل الحركات الإسلامية وأعلن ذلك في بيروت وكنت أنا المتحدث باسم هذه المجموعات في الأردن .



    قيلمان: د. الترابي في ديسمبر السابق خاطبت المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي وقلت الآتي (كل من لا يقتنع بالقرآن سيقتنع بالقوة) (وأن المواجهة لا مناص منها ويجب أن نستعد للنضال) هل يمكنك أن تشرح لنا ماذا كنت تقصد؟



    د. الترابي: هذا تغيير كلي في النص الذي قلته .



    قيلمان: إذن أعطنا النص الصحيح .



    د. الترابي: حقيقة هذا الحديث لم يرد بتاتاً وهذه معلومة خاطئة، ففي هذا المؤتمر انتخبت فيه أميناً عاماً ، وقد وفد إليه الكثير من الممثلين الدبلوماسيين والإعلاميين من كل الدول العربية، واعتبر مؤتمراً جامعاً للتشاور لذلك لم تكن هناك أي عبارات عدائية تجاه أي كائن كان عربي افريقي أو مسلم ولا تجاه أي قوى عالمية شرقية أو غربية، بل كانت هناك توصيات، على أن يحدث تنسيق بين الإتجاهات المختلفة في العالم العربي ـ القوميين الإسلاميين وبين الحكومات والمعارضة وبين العراق ودول الخليج، هذه هى توصيات المؤتمر وأهدافه، وكانت هذه هى روح المؤتمر من أجل ذلك.



    قيلمان: في ذلك المؤتمر التوفيقي



    ديملي: السيد المحترم وقتك انتهى .



    قيلمان: متابعة لما سبق السيد الرئيس تعلم أن هناك فرص لدول غير اسلامية ودول إسلامية في هذا الجزء من العالم هل هذا صحيح؟



    د. الترابي: هذا من صميم المباديء الإسلامية، وعلى مدى التاريخ الإسلامي رسخت هذه المباديء والوجود الإسلامي وغير الإسلامي في المجتمع المسلم، وهذه هى حقيقة الإسلام أن يتعايش إيجابياً مع غير المسلمين في المجتمع المسلم، وهذا هو سبب تطوير المسلمين للقانون الدولي لتنظيم العلاقة بين غير المسلمين _والمسلمين قبل أن يعرف العالم القانون الدولي بمئات السنين .



    قيلمان: وهل هذا ينطبق على المسيحيين والدولة اليهودية على السواء؟



    د. الترابي: المسيحيين واليهود وحتى من ليست لهم أديان كلهم يعاملوا على السواء .



    قيلمان: أشكرك .



    د. الترابي: أشكرك جداً



    ديملي: د. الترابي أشكرك على هذه الشهادة انتهت الأسئلة وإذا كانت لديك أي تعليقات اضافية يمكنك تسجيلها على الشريط ولك جزيل الشكر .



    انتهت الشهادة.

    (عدل بواسطة الكيك on 03-22-2016, 05:55 PM)

                  

03-23-2016, 11:05 AM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3958

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الأستاذ الكيك .. تحياتي،
    Quote: حتى من أذن لهم الترابى بالذهاب إلى القصر حتى يكونو عينا لهم ، ذهبوا ولم يعودو!
    عندما يتغلغل التأمر في الجينات!؟
    -------
    أ. الكيك .. أظن أن مداخلتك الأخيرة قد تسبب في قفل البوست .. آمل معالجة الأمر

    هذه محاولة لوضع المداخلة حسب الترتيب عن طريق الرد على مداخلتك الأخيرة
                  

03-23-2016, 03:52 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: نصر الدين عثمان)

    اسحق فضل الله
    كثير من علي الحاج .. قليل من السنوسي

    ابتاريخ الأربعاء, 09 آذار/مارس 2016 14:13

    > ثلاثة أيام.. وغبار الزلزال ما يزال
    > والعيون ما تراه من خلال الدخان هو
    > ثلاثة أيام.. وكمال عمر/ الذي يرتفع عالياً فوق أكتاف الترابي/ يكتشف أن الأرض تختفي من تحته.. فجأة
    > وكمال يجد الوجوه تتجاهله منذ أيام المأتم.. ولا تؤجل الأمر
    > والشعبي يكتشف «حوت السندباد».. من تحته
    > وفي الحكاية.. رجال السندباد في وسط البحر يكتشفون جزيرة عليها الأشجار والرمال
    > ويهبطون عليها ويشعلون النار للطعام
    > والجزيرة تختفي من تحتهم فجأة «كانت حوتاً نائماً.. أيقظته النار»
    > ومشهد رجال السندباد هناك يتخبطون هو مشهد الشعبي الآن
    > وعلي الحاج يكتشف أنه كان نسخة/ متقدمة/ من كمال عمر
    > فالرجل.. أيام الثمانينات.. كان الترابي يجعله الثاني في الجبهة الإسلامية.. وعلى الحاج.. ومن فوق كتف الترابي.. ينظر إلى علي عثمان وغازي وأمين والجاز وغيرهم .. ينظر إليهم من أعلى!!
    > وعلي الحاج حين يرسله الترابي إلى ألمانيا يمشي تحت «الهالة» هذه
    > وعلى الحاج.. بعد الترابي.. يكتشف أنه كان يصنع صحراء قاحلة بينه وبين الإسلاميين كلهم.. من الشعبي والوطني..
    مكتفياً بالترابي
    > والترابي يختفي
    > وثلاثة أيام حتى الآن والمشهد هو «كثير من علي الحاج.. في الإعلام» وقليل من السنوسي
    > كثير.. لأن الناس تحت الحزن شيء.. و الناس بعد الحزن شيء آخر
    > وأيام الحزن تجعل المأتم يزدحم.. وكل أحد يقبل كل أحد
    > وأسبوع قادم والشعبي يكتشف أنه.. مثل على الحاج.. كان يمد صحراء بينه وبين الناس
    > وأيام تكوين المؤتمر الشعبي نكتب عن ملاحظة أن قادة الشعبي العشرة.. تسعة منهم من غرب السودان
    > والملاحظة هذه.. عند الناس.. تجعل الناس/ من .. هنا يشمون رائحة العنصرية..
    > وتجعل التمرد من هناك يعتقد أنه هو الجناح العسكري لحزب المؤتمر الشعبي.. مثلما كان الشيوعي هو الجناح السياسي لجون قرنق
    «2»
    > والترابي كان يفعل هذا كله لأنه يعرف أنه يصنع ما لابد من تغطيته .. فالرجل كان يقاتل العالم دفاعاً عن الإسلام
    > والغطاء كان هو «صناعة الدوار»
    > والرجل يتقن ما يصنع لدرجة أنه / حتى اليوم/ لا يجزم الناس بالانشقاق.. حقيقة هو.. أم خدعة
    > ومثلها.. الشعبي والتمرد.. تعاطف هو.. أم خدعة
    «3»
    > والدوار الذي يصنعه الترابي من هناك.. والدوار الذي يصنعه الوطني من هنا.. أنغام في لحن واحد
    > ونحن هنا/ استقراء وليس معلومات/ نحدث قبل شهرين عن حكومة جديدة يقيمها البشير
    > وعن طواف واسع يقوم به البشير بين قطاعات الجيش.. أيام الحوار الوطني
    > ودون مناسبة.. الشهر الماضي نصف معسكر «كاودا» ونصف من كان هناك
    > والأسبوع الأسبق نحذر جبريل إبراهيم/ قائد العدل والمساواة/ من مؤامرة يعدها فريق من التمرد لإغتياله
    > ونحن يسرنا تماماً إغتيال جبريل.. لكننا نحذر الرجل لأننا «نفهم» أن طواف البشير على قطاعات الجيش .. خطوة أخيرة تقول كلمة أخيرة لأهل السلاح
    > الكلمة تعرض دار ابي سفيان «قاعة الحوار» من هنا
    > وتعرض متحركات جبل مرة وغيرها من هنا
    > ونحذر جبريل لأننا نشعر أن الأحداث الآن وفي ثوب التغيير الشامل تتجه إلى أن «تعوج الدرب» ليذهب إلى الخرطوم بدلاً من جوبا
    > ونشعر .. ثم نعلم.. أن جبريل وآخرين كلهم يتجه الآن إلى الخرطوم
    «4»
    > والصادق المهدي .. الأيام القادمة.. يعود «لأسباب لا نريدها هنا»
    > وعلى الحاج.. الأيام القادمة.. يذهب
    > وجبريل يعزي الناس بالهاتف
    > والعزاء يستقبل «الرجال» كلهم من العدو والصديق
    > ولهذا لم ينتبه أحد لوجود أو عدم وجود.. عرمان
    > وهذه عناوين لأحداث وأحاديث عن السودان القادم.. سودان ما بعد الترابي
    ٭٭٭
    بريد
    > معتمد الحلة الجديدة.. أمدرمان حين يشرع في تنظيف المنطقة من المساكن العشوائية يجد أن من «القاذورات!!» خلوة هناك لتعليم القرآن.. بها ثلاثمائة طالب
    > ويعلن إزالتها «تجميلا» للمنطقة
    > السيد المعتمد
    «موظفوك هم الذين يفعلون هذا
    > ولعلك تقوم أنت بتوصيل الكهرباء إلى الخلوة بدلاً من ازالتها ودفع تكلفة الأضاءة أضاء الله وجهك


    --------------------------

    فضل الله رابح
    وهل الناجي هو الناجي؟!

    التفاصيلنشر بتاريخ الخميس, 17 آذار/مارس 2016 14:30

    يظل الأخ الناجي عبد الله في مخلية المجاهدين وفي نظري هو الناجيِّ المجاهد الذي كان ملازماً للإخوان في صفوف الجهاد، ومن الذين كتبوا سيرة مثيرة للشباب الإسلاميين في السودان وفي مقدمتهم الشهيد الأمة علي عبد الفتاح.. ومسيرة الناجي مع علي عبد الفتاح في الفعل والجهد كفيلة بالاحترام وهم يضربون الأرقام القياسية في المواجهة والمجابهة، وبمواقفهم فتحوا الأبواب المغلقة وخاطبوا عاطفة الشعب السوداني واستخرجوا كوامن نبله ومواقفه القوية، وأربكوا حسابات العدو الخارجي وغيروا منهج ومسار المواجهة، ولكن كل ذلك لا يؤهله للتشكيك في نوايا الآخرين.. وعندما حدثت المفاصلة بين الإسلاميين كان الناجي من الموالين لمجموعة المنشية التي كونت فيما بعد المؤتمر الشعبي حزباً سياسياً، وهذا شأن الأخ كما هو شأن الآخرين في اختيار الوجهة السياسية التي يولونها، وظل احترام الإخوان بينهم مهما تباعدت المسافات متجذراً، إلا أن أمثال الناجي وآخرين كانوا الأكثر فجوراً في الخصومة والاستبراء من منهج إخوانهم في المؤتمر الوطني.

    وكانت مواقف الناجي الأكثر شذوذاً وتجريحاً بلغ مرحلة التجريح الشخصي لإخوانه، وكلما حاول البعض رأب الصدع وعصمة المجموعة من التنازع يأتي الناجي عبد الله بحديث مغاير وهو ينفخ في «قربة» الخلاف، وكثيراً ما يقف في خط الممانعة لأية خطوة للتلاقي ووحدة الصف، وهو لا ينظر لأي استشراف للمستقبل وفقاً للواقع الماثل.. والناجيِّ ظل رافضاً لأية رؤية لتصافي ووحدة الإسلاميين متأثراً بجراح المفاصلة التي ليس فيها انتصار لشخص وليس فيها مهزوم ووقعها عسير على الكثيرين لكنها وقعت.. واتفقنا أو اختلفنا فإن تيار الإسلاميين الذي تحمل عبء الاستمرار في المؤتمر الوطني هو الذي تحمل الوزر الأكبر وأدار دولاب الدولة في ظروف بالغة التعقيد، واستطاع في ظروف قاهرة صناعة قاعدة قوية للعمل السياسي والتنفيذي، وصد كل الهجمات المرتدة والقوية، وقدمت مجموعة المؤتمر الوطني تضحيات كبيرة، وتحملوا أصعب المراحل، وقادوا المركب بسلام ولم يدعوه يغرق في وقت كان البعض فيه ينتظر غرقه بما فيه، ولكن إرادة الله وتوفيقه وأقداره عصمته وحفظته من الغرق.. ومن ثمرات صبر قيادات المؤتمر الوطني المبادرة بعملية الحوار الوطني وقيادته مع شركائها الذين آمنوا بفكرة الحوار من القوى الوطنية، والمؤتمر الشعبي كان من أكثر الأحزاب تمسكاً بالحوار الوطني وإيماناً بما ورد فيه، حتى أصبح من خلال الحوار الوطني من الميسور للإسلاميين أن يتوحدوا على منهج، وأن تكون وحدتهم مبنية على تفاعل كيميائي وليست وحدة فيزيائية بأن يجتمع حزب المؤتمر الوطني والشعبي في كيان سياسي واحد،

    ولكن أن يتفاعلا من أجل منتوج واحد، فهي الفكرة من الوحدة بين المؤتمرين إذا قدر لي أن أفهمها صحيحة.. ثم جاءت وفاة الشيخ الدكتور حسن الترابي في ظرف دقيق من تاريخ البلاد، وكانت وفاته محطة لقراءة دقيقة ومتأنية استهداءً بما ورد في وثائق الحوار وحرصه عليه، ومن هنا جاء اهتمام قيادات المؤتمر الوطني، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، بعملية علاج الشيخ ومحاولات إسعافه، ومن تاريخ ورمزية الشيخ استمد الجميع طاقة الدفع، ولكن إرادة الله كانت غالبة، ثم توفي شيخ حسن وكانت تداعيات الوفاة وعودة بعض الطيور المهاجرة أبرزها علي الحاج والناجي عبد الله، ولكن حزنت جداً عندما سمعت حديث الأخ الناجي في الندوة التي نظمتها أمانة الشباب مع علي الحاج وحديثه بأن المؤتمر الوطني عقد اجتماعاً رسمياً وقرر عدم حضور الرئيس تشييع الجثمان، وهو حديث يتنافى مع الواقع المعايش والمشاهد، ولم يعد كونه ضرباً من الخيال والشعور والنوايا المسبقة، وهو حديث ينم عن المضي في طريق الفتنة الذي تركه البعض وراءه وأقبل على مرحلة جديدة جددوا فيها النوايا والمقاصد.. الأخ الناجي في هذه الفترة كان مغترباً بالمملكة العربية السعودية، ويبدو أنه كان بعيداً عن دوائر الشعبي وتفاصيل الحوار بالداخل، وأطلق الحديث على عواهنه بين أجيال بعضها قد لا يعرف من هو الناجي وما هو كسبه؟! وما هي الانتصارات التي حققها وإخوانه في الماضي؟؟! ومع ذلك فإن شيطان النفس وحظوظها أحياناً يغلب وربما يعمي البصائر ويجعل أمثال الناجي يتصرف كالدرويش، وهو من الرجال الذين نزف دمهم في سوح الجهاد وطوبى لهم بهذا التاريخ.

    ولكن في السياسة ليس هناك ود دائم ولا خصومة دائمة، ولم يبق متسع من الوقت للدراما السياسية، ومازلت شخصياً أرى في الإخوان المجاهدين رفقاء الذين مضوا اتصافاً بالوعي والحكمة والنظرة الثاقبة، والمأمول أن يظل المجاهدون هم النواة التي تنبت شجرة وحدة الإسلاميين وليس الرياح التي تفرقهم وتبعثر صفهم.. وعلى الجميع أن يوحدوا صفهم، وأن يجددوا رغبتهم في الوحدة الكيميائية وليس الفيزيائية، على الأقل في المرحلة الحالية، حتى لا تحدث المقارنات والحديث عن المواقع والمكاسب.. وأخيراً السؤال: هل الناجي هو الناجيِّ ذاته أم تغير؟!


    ----------------------

    الإنتباهة» تقلب الأوراق مع الشيخ أحمد عبدالرحمن (1-3)


    تاريخ السبت, 19 آذار/مارس 2016 15:48
    حوار: احلام صالح-

    ثمة أشياء إنسانية تظهر أصالة هذا الشعب الأبي، وتُلغي كل الفواصل والحواجز السياسية وغيرها، وهذا ما حدث عند وفاة الشيخ حسن الترابي، فقد كان تشييعه تظاهرة سلمية إنسانية كبرى، حيث تناسى الجميع خلافاتهم السياسية والفقهية معه، ولم يبقَ سوى وجه الله. في هذه المساحة أجرينا حواراً خاصاً مع الصديق الحميم لدكتور الترابي وهو الأستاذ أحمد عبدالرحمن الذي صادقه منذ صباه وامتدت علاقتهما حتى شيخوختهما.. فلم تفرق بينهما حتى سبل السياسة، فكانت صداقتهما أقوى من المفاصلة فاستمرت حتى بعد أن اختار شيخ الترابي المؤتمر الشعبي وبقي الأخير بالمؤتمر الوطني.. في هذا الحوار التاريخي نتعرض لسيرة الراحل ونشأته وموقعه العلمي محلياً ودولياً، وكيف اختاره العلامة العالمي دكتور السنهوري ليضع دستور الإمارات بعد تحريرها. وما سر زيارته للسعودية، في أواخر الستينيات ولماذا شعر بالحرج من هذه الزيارة، وكيف جمع الراحل بين العلم والتطبيق العملي في مجتمع جدلي كالسودان.. وهل تزوج الشيخ الراحل من تلميذته وصال المهدي كتخطيط إستراتيجي أم بدوافع أخرى. ولماذا انفصلت الحركة الإسلامية السودانية عن حركة الإخوان المسلمين الأم بمصر، وهل كان ذلك بإيعاز من الراحل شيخ الترابي.. وهل كان تصرفه عدائياً نرجسياً، أم أنه أراد فقط كف أذى النظام الناصري بمصر حينها، والذي كان يستهدف الإسلاميين.. وهل كان لتغيير مسمى الحركة الإسلامية السودانية وانفصالها عن القيادة الجماعية «قيادة حسن البنا» أثر في تراجع إسلاميو السودان في أواخر الستينيات والسبعينيات.. - على حد قول - ضيفنا يري أن الأمر لم يؤثر لأن الحركة ظلت مرتبطة روحياً بالقيادة الجماعية وأدبيات الإخوان المسلمين بمصر. وكيف كانت كل جزئية من حياة شيخ الترابي مرتبطة برسالته في إحياء الأمة وتجديد الدين، وكيف ورثت الحركة الطالبية الحركة الإسلامية بعد وفاة رائدها الشيخ علي طالب الله.. وهل صحيح أن الراحل شيخ الترابي قدم العلم على السياسة، وبعد تفقهه في الدين اتجه للتنظيم الحركي للإسلاميين. وهل صحيح أنه يحمل وزر أول انشقاق للإسلاميين.. كل ذلك وغيره في حوارنا مع الصديق الحميم والمعاصر لشيخ الترابي الشيخ أحمد عبدالرحمن.. فإلى الحلقة الأولى من الحوار:

    > بدءاً كلمة حول الرحيل المفاجئ للشيخ الترابي؟
    < الخطب جلل، والفقد عظيم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله. فإن السودان قد فقد حقاً مفكراً وعالماً ومجاهداً، ترك بصماته واضحة، وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء. إنه خلال الخمسين عاماً الماضية، قد ساهم مع مجموعة خيرة ملتزمة ذات مرجعية إسلامية وطنية في تغيير خارطة السودان عبر مراحل وحقب مختلفة.
    > حدثنا عن نشأة دكتور الترابي؟
    < من ينظر لسيرة ونشأة الوطني شيخ الترابي.. يعترف أنها كانت ملحمة كل حلقاتها ناصعة البياض. فدكتور الترابي كان رجلاً مميزاً منذ نشأته الأولى، فقد نشأ في بيئة دينية ونهل منذ نعومة أظافره من الدراسات الإسلامية العلمية، وتأثر كثيراً جداً بخلفية الصوفية فهو ينحدر من أسرة صوفية أوقفت وقتها ومالها وجهدها لنشر التعاليم الإسلامية، وهي أسرة الشيخ حمد الترابي.
    > ماذا عن بواكير وتباشير الراحل العلمية؟
    < دكتور حسن الترابي له سجله التعليمي بأنه كان خارق الذكاء، ويشهد له بذلك أساتذته داخل وخارج السودان، فقد تفرد بأنه كان يجمع بين العلم والفقه والتأهيل والجرأة في الاجتهاد والطرح مع النشاط الحركي الفريد، فله علاقات مميزة مع الطلاب وحركات النهضة الإسلامية العالمية، وكان له اهتمام خاص وكبير بالأقليات غير الإسلامية بأوروبا.
    > كنت صديقاً حميماً لشيخ الترابي من الصبا وحتى بعد المفاصلة استمرت علاقتكما رغم مفترق الطرق «أنت وطني وهو شعبي»؟
    < أنا اتصلت بالشيخ الراحل لأكثر من نصف قرن، وكنت لصيقاً به، ولم نفترق أبداً حتى بعد المفاصلة، فقد ظلت علاقتي به طيبة، والجميع يذكر أنه في يوم الانفصال أنني ذهبت إليه في أوج الحماس ومعي إخوة أخيار للحوار وإصلاح ذات البين، ولكننا فوجئنا بهتافات معادية آنذاك من أنصاره ولكنه أوقفهم واستقبلنا استقبالاً جيداً، قبل إصراره على الافتراق ومغادرته هذه المحطة ليكون تنظيمه الجديد «المؤتمر الشعبي».
    > حدثنا عن دكتور الترابي على المستوى العالمي والعربي كعالم مجتهد؟
    < شهد كبار العلماء خارج السودان بأن دكتور الترابي عالم كبير وقانوني ضليع وعلى رأسهم العالم المصري الكبير المشهور محلياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً العالم الدكتور عبدالرازق السنهوري، وذلك عندما عرض عليه بالقاهرة مشروع الدستور الإسلامي لسنة 1968 الذي وضعه دكتور الترابي، فقد أشاد به بشدة، وذلك بعد أن سأل من وراء هذا المشروع العظيم، فأخبروه أنه شاب سوداني خريج جامعة السوربون يسمى حسن عبدالله الترابي، وقد أشاد به حينها العلامة الدكتور السنهوري وأبدى إعجابه الشديد به وتنبأ له بمستقبل باهر ومجد عظيم في المجال القانوني والدستوري والشرعي.
    > ما قصة الدستور الإسلامي الإماراتي ودور الراحل فيه؟
    < عندما نالت دولة الإمارات العربية المتحدة استقلالها في أواخر الستينيات، طلبت رئاستها من الدكتور السنهوري إعداد دستور إسلامي للإمارات، فاعتذر لكبر سنه وانشغاله، ورشح دكتور الترابي ليقوم بهذه المهمة وأثنى عليه كثيراً مؤكداً للإمارات، بأنه سيقوم به على خير وجه، فما كان من دولة الإمارات إلا أن قدمت نفس العرض للدكتور الترابي فقبله، وتوجه فوراً الى الإمارات وشرع في إعداد دستورها الإسلامي.
    > أين كنت في هذا الوقت بالضبط، وهل ذاع صيت الراحل حينها ووصلتك أخباره كإسلامي ومواطن بصفة عامة؟
    < كنت حينها أعمل بالمملكة العربية السعودية في معهد الإدارة السعودية بالرياض عام 1968م، ودكتور الترابي فور توليه مهامه في إعداد الدستور قام بعقد مؤتمر صحافي شهير شاع خبره بكل الدول العربية، وكان مفاده، أنه أراد أن يعرف ماهو رأي المسؤولين الإماراتيين في نسبة مشاركة المواطنين في السلطة وتوزيع الثروة، فقد أراد رؤيتهم حول المشاركة الشورية والديمقراطية للشعب بالسلطة، لأن هذا هو جوهر وأساس الدستور الإسلامي، فلما استيقن من النتيجة الإيجابية، أكمل مهمته على خير وجه.
    > قدمت المملكة العربية دعوة للراحل لزيارتها إبان إعداده للدستور الإماراتي الإسلامي، وكنت حينها أنت تعمل بها.. ماذا حدث؟
    < في هذا الوقت قدمت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل بن عبدالعزيز دعوة للشيخ الترابي لزيارة السعودية، وقد استقبلته أنا شخصياً ومعي العالم الجليل محمود الصواف، وهو من المقربين لجلالة الملك، وكذلك استقبله عدد من أعضاء الديوان الملكي، وفي لقاء قصير بالفندق بحضور الصواف، دكتور الترابي كان صريحاً وقال رأياً لم يعجب الصواف وهو أي الترابي يشعر بحرج كبير في زيارته للسعودية في هذا التوقيت بالذات خشية التأثير عليه في أداء واجبه في إعداد الدستور الإسلامي الإماراتي.
    > وهل كان هذا اعتذار منه وعاد أدارجه أم أنكما تداركتما الموقف؟
    < أنا والصواف رفعنا هذا الحرج، حيث أجبنا عليه معاً بقولنا: إنا لا نشك في أنه يعرف أهمية المملكة العربية السعودية واهتمامها بدول الخليج العربي، ولا غضاضة في الدعوة الموجهة له منها، ونحن على ثقة كبيرة في قوة شخصيته وحيادته وموضوعيته وعلمه، وهكذا اقتنع دكتور الترابي ونجحت الزيارة والتقى بالملك وخرج بانطباع جيد، بل أنه وجد ترحيباً كبيراً، حيث حظي بتوجيه ملكي يسر له فرص إلقاء محاضرات في بعض كليات الشريعة بالجامعات السعودية.
    > وهل استطاع الاستفادة من تلك الفرصة؟
    < في هذه السانحة تعرض الدكتور لقضايا مهمة تتعلق بأهمية تشجيع الاجتهاد في أصول الدين في إطار مواكبة المعاصرة، ونادى بالتجديد ولم يخفِ بعض أفكاره، وكان هذا حدثاً عظيماً وجديداً، ولذلك اكتفت وسائل الإعلام السعودي في ذلك الوقت بعرض صور الترابي وهو يلقي المحاضرات دون الخوض في تفاصيلها أي أنها رصدتها بالصورة فقط والإشارة الى أنه قدم محاضرات فحسب، دون الإفصاح عن محتواها.
    > وهل وجدت أفكاره قبولاً في وطنه السودان بعد عودته إليه فور فراغه من دستور الإمارات؟
    < دكتور الترابي عاد بعدها الى السودان، ولكنه بكل أسف لم يخرج ثانية لأنه اعتقل في سجن كوبر، وظل يتردد على السجن لفترات طويلة من يومها، وحتى جاءت المصالحة الوطنية في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري.
    > وهل وصل الراحل الى ما وصل إليه في مجال القانون والفقه والسياسة والسلطة؟
    < دكتور الترابي بعلمه وذكائه وقدرته على الإقناع وحجته القوية وقناعته بأهمية الحوار والنقاش، تميز بقدرته على التخطيط المستقبلي، وكان يتحكم في وقته وحياته كلها، ويمارس السياسة في كل جزئية منها ويغتنم أية فرصة لذلك، فحتى زواجه كان مربوطاً برسالته في إحياء الأمة وتجديد الدين، لذلك تزوج من (تلميذته) التي درسها «السيدة وصال المهدي»، ليس برضا أخيها السيد الصادق فحسب، ولكن بقناعة ورضا مشترك بينهما، وحسناً فعل السيد الصادق حينها والتاريخ يشهد له بعظمة ذلك.
    > هل تريد أن تبث رسالة خاصة للسيدة وصال حرم الراحل؟
    < نعزي أنفسنا أولاً والأمة الإسلامية، ونعزى أختنا في الله وصال الصديق عبدالرحمن المهدي في هذا الخطب الجلل والفقد العظيم، ولا نقول إلا ما يرضى الله رغم الحزن المخيم على النفوس. فالسيدة وصال لها دور عظيم في الحركة الإسلامية السودانية، فكانت نعم الرفيقة للشيخ الراحل والأخت الشقيقة لكل أفراد الحركة الإسلامية السودانية في درب الكفاح الإسلامي والسياسي، فهي أخت وأم لكل رفاق الدرب الإسلامي في كل الحقب والأماكن بحكم أنها كانت شريكة العمر والنضال الإسلامي لشيخنا الراحل، فهي عظيمة جداً، وبحكم معرفتي بها عن قرب زدت اقتناعاً بالمقولة (وراء كل رجل عظيم امرأة)، فلو أقمنا للسيدة وصال قبة ما جزيناها حقها لثباتها وصبرها وتحملها الأذى ووقوفها بصلابة مع زوجها وتحملها الأذى وحيرتها بين شقيقها الصادق وزوجها الراحل في بعض خلافات وأضابير السياسة، وتمزق قلبها بينهما، نسأل الله أن يثبتها في هذه المصيبة ويجعل الجنة مثواهما.
    > كيف جمع الراحل بين العلم والتطبيق في مجتمع جدلي كالسودان؟
    < دكتور الترابي وفق في تنزيل معرفته واجتهاداته على أرض الواقع. أذكر إننا كنا طلاباً قبل عام1960م لم نعاصره بالجامعة، ولكننا عرفناه بعدها بعد أن جاء من لندن وهو مجاز بدرجة الماجستير، وكان دائماً ناقداً وله وجهات نظر وكان ثاقب الفكر والنظر.
    > وهل صحيح أن الراحل مارس السياسة بعد العلم؟
    < دكتور الترابي عندما كان طالباً بالجامعة لم يكن سياسياً، كان فقط طالب علم ومجد في دروسه ومنكباً بشغف شديد على قراءاته للكتب الصفراء، وذكر في هذه المرحلة المبكرة من العمر وهو فرح جداً بأنه قد أكمل بحمد الله (كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي) بمجلداته الأربعة من الغلاف الى الغلاف، بجانب ختمه للقرآن الكريم، ولذلك فالراحل أثر فينا كثيراً بفكره الإسلامي، مما جعلنا أفراداً بالحركة الإسلامية، فبأطروحاته جعلنا فاعلين وللرسالة الإسلامية داعين ولله والدين مخلصين.
    > حدثنا عن بواكير الحركة الإسلامية بالسودان؟
    < الحركة الإسلامية بالسودان بدأت باسم حركة التحرير الإسلامي، وبدأت بمنطقة حنتوب بالإقليم الأوسط حينها وحنتوب جزء من منطقة (مدني)، وحركة التحرير الإسلامي السودانية، تأثرت كثيراً بالزعيم السوداني الراحل الأستاذ بابكر كرار، ومعروف عن كرار أنه كان شخصية استقلالية ونهلت الحركة بالسودان من أدبيات حركة الإخوان المسلمين الأم بمصر، وخاصة رسائل الإمام الراحل حسن البنا، وكانت هناك زيارات كثيرة للقيادات الإسلامية بمصر للسودان مثل الإستاذ عبدالحكيم عابدين كاتب المرشد العام للحركة بمصر والأستاذ سعيد رمضان، وجاءت الدفع الأولى لحركة التحرير الإسلامي السوداني القادمة من مصر كرافد أساسي للحركة الإسلامية السودانية مثل شيخ صادق عبدالله عبدالماجد والشيخ الراحل محمد الخير عبدالقادر والشيخ عبد الباقي عمر عطية، وبعدها استمرت الحركة تعمل تحت اسم الإخوان المسلمين، وأصدرت صحيفة باسم الإخوان المسلمين، ولم تستمر طويلاً بهذا المسمى.
    > يقال إن للراحل دور أساسي في تغيير مسمى الحركة مما تسبب بانشقاقها، فهل كان عداءً لمصر أم نرجسية من الراحل؟
    < قرر مجلس شورى الإسلاميين بالسودان في ذلك الوقت المتوتر بمصر أن تعمل الحركة الإسلامية السودانية باسمها الأول ككيان مستقل ومنفصل وقائم بذاته ولا علاقة له بحركة الإخوان المسلمين بمصر.
    > عفواً أريد تخصيص إجابتك عن تأثير الراحل تحديداً في هذا الأمر؟
    < فعلاً.. الراحل دكتور الترابي كان له تأثير كبير ليس لأي سبب عدائي ضد الإخوان المسلمين المصريين، ولكنه فعل ذلك كفاً لأذى النظام الناصري - آنذاك - والذي كان يستهدف الإسلاميين وحركتهم بمصر. الراحل شيخ الترابي قدم مبررات كثيرة حينها وليس من بينها أي عداء للحركة بمصر، فالحركة الإسلامية السودانية ليست الوحيدة التي غيرت اسمها، بل الإسلاميين العراقيين أيضاً غيروا اسمهم المطابق لمصر درءاً للأذى وليس صدوداً عن إخوانهم بمصر.
    > كان هناك مؤتمراً شهيراً للحركة عقد بأم درمان حول تغيير مسمى الحركة فكيف احتفظتم بالثوابت مع تغيير المسمى؟
    < في المؤتمر الشهير لمجلس الشوى بأم درمان حينها توصل الجميع الى ضرورة تغيير المسمى الى حركة سودانية مع الاحتفاظ بمقاصد الحركة الإسلامية الأم، التي قيدها وكبلها النظام الناصري، فظللنا نهتدي بأدبيات الحركة الإسلامية المصرية، فرغم انفصالنا التنظيمي عنها، ظل الاتصال الروحي والوجداني والديني مستمر، فرابطة الإسلام أقوى الحواجز القطرية والتنظيمية.
    > وكيف أوصلتم الفكر والثقافة الإسلامية للسودان؟
    < عبر المحاضرات والندوات والكتب، فأول مكتبة إسلامية ثقافية، كانت مكتبة الفكر الإسلامي، بإشراف الشيخ موسى أبوزيد، وأول كتاب صدر كان بعنوان «الأرض لمن يفلحها»،. وكان الرواد الأوائل للحركة الإسلامية مثل بابكر كرار والنخبة التي حوله متأثرين بالفكر الاشتراكي الغربي، وهذا كاد يؤدي لتجاوزها، لولا أن المرحوم الشيخ حسن مؤسس الحركة بالسودان كان قد أخذ البيعة من المرحوم الإمام حسن البنا، ولكن بعد وفاته تحولت الحركة الإسلامية الى حركة طالبية.
    > كيف اخترقتم حينها المجتمع السوداني الذي كان فكره معلقاً بالقيادة الجماعية الإسلامية بمصر (حسن البنا وحركته) وأنتم انفصلتم عنها؟
    < كان الراحل الشيخ الترابي يرى أن هناك اختلافاً بين المجتمع السوداني والمجتمعات الأخرى بمصر وغيرها، لهذا لابد أن تكون للحركة الإسلامية السودانية خصوصيتها، فالمجتمع السوداني أكثر انفتاحاً، ويجب أن تكون برامجه ثقافية مفتوحة بالمساجد والمنابر العامة، ويلزم أفراد الحركة الإسلامية بحضور هذه البرامج، ويدعي إليها عامة الناس، مع الإبقاء على أسرة التنظيم الإداري الحركي الإسلامي.
    في الحلقة الثانية من حوارنا مع الأستاذ أحمد عبدالرحمن القيادي الإسلامي المخضرم، والصديق الحميم للشيخ الراحل حسن عبدالله الترابي، في هذه الحلقة نجيب عن تساؤلات حائرة ومحيرة، أثارها الراحل، وهل هي محض جدل أم تجديد مجدٍ وتأصيل شرعي، وهل تساؤله لماذا لا نقرأ كل الدين المقصود منه الاستنباط المؤدي للمطلوب من كل مسلم مكاناً وزمناً وموقفاً؟. وتساؤلات هوية الإسلاميين وجدل الدين والسلطة، وهل يحتاج تطبيق قواعد الدين والإسلام للسلطة حقاً.. أم أنها نوازع النفس الطامة التي تتذرع بذلك؟. ونقرأ إجهاض ثورة مايو لدستور الترابي الإسلامي ووصفه بالورقة الصفراء؟. وما هي المذكرة السياسية الشهيرة للترابي التي سبقت ثورة أكتوبر وأحجم أساتذة الجامعات عنها وأيدها الطلاب، وفوز الراحل الساحق في دوائر الخريجين في الستينيات وكيف استفاد من السجن إبان ثورة مايو في العبادة والفكر والاجتهاد. وكيف هرَّب كتابه الممنوع دخوله للسودان عبر البحر بنفس«سنبك» التهريب الذي هرَّب القيادي الاتحادي والوطني الراحل الأستاذ أحمد زين العابدين المحامي. ومبادرات الإسلاميين وإيداعهم سجون الرئيس الراحل نميري. لماذا الإسلاميون والشيوعيون خطان متوازيان؟. مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر في الستينيات خرجت بتوصيات مهمة ورأى الراحل لماذا لم تنفذ واعتراف مسؤول سياسي حينها بأنها غفلة من المسؤولين؟ كل ذلك وغيره في هذه الحلقة.. فإلى الحوار:

    > التساؤلات الحائرة والمحيرة التي كان يثيرها الراحل.. جدل أم تجديد؟
    < كان فكر الشيخ الراحل التجديدي الاجتهادي، يولد أسئلة ضرورية تحتاج إلى إجابات، مثل: (لماذا لا نقرأ كل الدين حتى نستنبط منه كل المُراد والمطلوب من المسلم في كل زمان ومكان وموقف، حينها يكون لكل حادث حديث، ولكل سؤال جواب وفقاً للقواعد الأصولية الاجتهادية التجديدية.
    > تساؤلات الهوية وجدل الدين والسلطة، وهل يحتاج تطبيقه وتفعيله لها، أم أنها نوازع النفس الطامعة؟
    < كانت هناك أسئلة جوهرية وأساسية فجرها الإسلاميون ودكتور الترابي عند قيام الحركة الإسلامية السودانية المستقلة، كلها تبحث عن هوية جماعة الإخوان المسلمين او قل الحركة الإسلامية.. فهل من جماعة دعوية أم جمعية خيرية للنهج والمناصحة، أم مجموعة ضغط وتأليب ضد الحكومة، أم ضرب سياسي هدفه السلطة والحكم، كل هذه التساؤلات أجاب عنها المؤتمر الجامع التاريخي المصيري، بمنطقة العيلفون للحركة الإسلامية. أجاب عن التساؤلات السابقة وحدد هوية الحركة الإسلامية والقضايا الأساسية لها والخلاصة أنها لن تتخلى عن دورها الدعوي، ولكنها لابد لها من تنظيم وإطار سياسي تمارس من خلاله دورها الدعوي الإرشادي والإصلاحي للأمة. فممارسة السياسة والإطار السياسي التنظيمي مجرد وسيلة لغاية دينية ودنيوية نبيلة.
    > دور الإسلاميين في ثورة أكتوبر 1964م؟
    < الحركة الإسلامية انفردت بدورها الكبير في تفجير ثورة أكتوبر 1964م، وقدمت تضحيات وشهداء، وكان للحركة الإسلامية القدح المعلى في إنهاء نظام الرئيس إبراهيم عبود السلطوي.
    > ما هي مآخذكم على الرئيس عبود والتي دفعتكم للثورة؟
    < رغم أن الرئيس الراحل عبود أنجز إنجازاً حسناً في المجال الاقتصادي والدعوي خاصة بطرده للمبشرين المسيحيين، ولكن كل هذا لا يبرر انتهاكه للقيم الإنسانية، وسوء استغلال السلطة خاصة بجنوب السودان.
    > مبادرة الإسلاميين في ثورة أكتوبر؟
    < الراحل أقنع مجموعة مقدرة وكبيرة بأننا كإسلاميين ووطنيين سنبادر في ثورة أكتوبر. بعض أساتذة الجامعات رفضوا التوقيع على المذكرة ضد عبود باعتبارها مذكرة سياسية، ولكن دكتور الترابي رد عليهم بأن قضية الجنوب لن تحل إلا إذا انتهى النظام القائم.. يقصد «نظام عبود»، واستجاب له الطلاب خاصة بحامعة الخرطوم والقاهرة فرع الخرطوم.
    > الإسلاميون والشيوعيون خطان متوازيان دوماً، فمهما تلاقى الآخرون، هما على خطي نقيض؟
    < لولا طمع الشيوعيين في السلطة، لحلت قضية السودان بنظام شوري ديمقراطي، فقد كان الشيوعيون يسعون لإقصاء الآخرين والانفراد بالسلطة وحدهم، دون النظر لمصالح الوطن، لذا لم يتعاونوا مع الإسلاميين لوضع حلول مشتركة للقضايا الوطنية الكبرى.
    > اذن..أنتم تأخذون على الشيوعيين آنذاك حبهم للسلطة أكثر من الوطن؟
    < طمع الشيوعيين في الاستئثار بالسلطة، ضيَّع على الشيخ الترابي فرصة ذهبية حانت له في مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر، حيث وضع فيها أدبيات ومفاهيم الحكم الإقليمي وأهميته وملاءمته لظروف جنوب السودان، ولكن أهل السلطة والشيوعيين فوتوا على الراحل هذه الفرصة الوطنية والنصر التاريخي.
    > عفواً.. ولكن البعض يرى أن شيخ الترابي كان مغالياً في عدائه للشيوعيين وألَّب الآخرين عليهم بعد ثورة أكتوبر؟
    < لما ساند الراحل المواقف المضادة ضد توغل الشيوعيين بالسلطة والسياسة وخاصة بعد أن أنشأ الجبهة القومية الموحدة لإحياء الأحزاب الكبيرة «جبهة الهيئات»، حيث وضّح الراحل للأحزاب الكبيرة والوطنية مدى خطورة الشيوعيين والتغوُّل على ثورة أكتوبر الوطنية والهيمنة عليها، فكانت شعاراتهم الخطيرة يهتفون بها تقول «لا أحزاب بعد اليوم، لا زعامة للقدامى»، فحاولوا الاستيلاء على مكتسبات الثورة والشعب، ولكن دكتور الترابي أجهض مخططهم السلطوي الأناني بتكوينه للجبهة القومية الموحدة التي كانت درعاً وطنياً حصيناً ومصداً لرياح الشيوعيين العاصفة.
    > للراحل موقف معارض شهير عقب أكتوبر ورفضه النكوص عن ميثاق الثورة رغم صغر سنه ومجموعته؟
    < كان الراحل يدين بالولاء الشديد للشعب، والكل يذكر تلك الأيام التي تلت ثورة أكتوبر موقفه المبدئي ضد النكوص بالعهد، والذي كاد أن يحدث بمحاكمة عبود وزملائه العسكريين، فرغم صغر مجموعته بالبرلمان، إلا أنه اعتراض على النكوص بالعهد، وثبت على موقفه، فلولا الموقف القوى للدكتور الراحل ومجموعته آنذاك لأجلت الانتخابات لأجل غير مسمى، فرغم صغرها كان تأثيرها قوياً على الرأي العام.
    > كان للزعيم الراحل مبارك زروق موقفاً مسانداً لدكتور الترابي في التزامه بالعهد، ما أثره الإيجابي؟
    < في هذا الموقف لابد أن نذكر بالخير موقف الزعيم التاريخي الراحل مبارك زروق المساند للراحل شيخ الترابي، حيث قال زروق بصوته العالي «لا تأجيل للانتخابات، ومشروعية منقوصة خير من لا مشروعية».
    > الراحل كان أول وأكثر من أسس لسياسة انفتاح الإسلاميين على الآخرين.. حدثنا عن ذلك؟
    < الشيخ الراحل وفق في نقل الحركة الإسلامية من الصفوية إلى الجماهيرية الانفتاح، وأن قيادته كانت داخل الجمعية التأسيسية أعقبت ثورة أكتوبر، وكانت بارزة ومميزة، وكان الدينمو المحرك للمعارضة.
    > الراحل كان من ألمع القيادات بعد انتخابات الخريجين في الستينيات.. حدثنا؟
    < دكتور الترابي بعد انتخابات الخريجين بعد ثورة أكتوبر، حظي بإجماع القوى الوطنية، وكان على رأس قائمة الفائزين، وصناديق الناخبين التي أحضرت من شرق أوروبا كان أول الفائزين.
    > علاقة الراحل والصادق المهدي السياسية تختلف عن الاجتماعية. فهما متضادان سياسياً متوافقان اجتماعياً.. حدثنا؟
    < الراحل رغم أنه كان زعيم المعارضة في الجمعية التأسيسية، إلا أن المهدي كان يؤازره، وكلاهما «الترابي والمهدي» خطيبان مفوَّهان، ولهذا واجه رئيس الوزراء المحجوب ـ آنذاك ـ معارضة قوية، فالجميع يذكر عبارة المحجوب المشهود له بقوة الحجة والمقدة الخطابية القوية والإبداع في التعبير، فأشار في ذلك الوقت إلى زعيمي المعارضة الترابي والمهدي وكان يقصد شيخ الترابي تحديداً، فقال: (هذا الشاب يهددنا بإسقاط الحكومة بجيشه الجرار «خمسة أشخاص» بالتعاون مع نسيبه وبينهما «وصال»).
    فرد الشيخ الترابي حينها: فليطمئن السيد المحجوب بجيشه الجرار ولا يفاجأ بأننا سنسقط حكومته، وكان الراحل حينها صغير السن.
    > رغم صغر سنة ـ كما ذكرت، إلا أنه أثر في الوسط السياسي والفكري لماذا؟
    < أهم شيء فعله شيخ الترابي في تلك الفترة ويذكر له، إنه أنزل كل ذخيرته العلمية ومعرفته وما استفاده من تجارب بالشرق والغرب، لخدمة القضية الأولى التي تؤرق السودان منذ الاستقلال، وهي قضية جنوب السودان، ولا يخفى ألمه في مسألة عدم التزام السودانيين عند الاستقلال وعدم وفائهم بالوعود، فساهم مع غيره بأن تكون هذه هي القضية الأولى التي يجب حلها.
    > الراحل كان ثورياً دوماً.. ما دوافعه.. وهل لفكره التجديدي صلة؟
    < كان دافعه لإشعال الثورة انطلاقاً من مبدئه للتحول الديمقراطي، وكرس كل علمه في تأصيل نظام الحكم الاتحادي حتى يجد قبولاً لأهل السودان عامة، ويؤمن قدراً كبيراً من المشاركة في السلطة، وأهم شيء أن يطمئن الإخوة بجنوب السودان بالاعتراف بخصوصيتهم، ولا نزع فرصة او مجال للهيمنة على استقلالهم الإقليمي وخصوصيتهم.
    > مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر دور الراحل فيما في الستينيات؟
    < مؤتمر المائدة المستديرة ولجنة الاثني عشر حضره أكثر من سبعة من دول الجوار، وكان الراحل ـ كما ذكرنا ـ من أبرز أعضائها، وخرج بتوصيات مهمة حول أدبيات الحكم الإقليمي واغتنمها الراحل فرصة، فبعد أن أضاع الشيوعيون فرصته الأولى بالمائدة المستديرة، حانت له أخرى لجنة الاثنى عشر وقدم طرحه للحكم الإقليمي، وحظي المؤتمر واللجنة بمشاركة كبيرة من المعارضة وحملة السلاح الذين قبلوا الحوار ووقعوا على التوصيات ولم يبقَ سوى التنفيذ، ولكنها لم تنفذ، أنا شخصياً سألت حينها رئيس مجلس الوزراء لماذا لم نسمع بأية قرارات تنفيذية لمؤتمر المائدة المستديرة، ولكنه الاثني عشر، فردَّ معترفاً بأنه مجرد عدم اهتمام وغفلة من الحكام ـ آنذاك ـ
    > حدثنا عن طرح الدستور الإسلامي لشيخ الترابي بالسودان؟
    < لا أحد يشك في الدور الكبير للراحل شيخ الترابي في الدفع بقضية الدستور الإسلامي وطرحها كخيار، بعد أن نجح في مراحل سابقة في إحياء جماهيري واسع، وشاركت أحزاب وطوائف في حملة الدستور الإسلامي، وكانت تقودها مجموعة الحركة الإسلامية بقيادة شيخ الترابي، فهي قضية أصيلة وغير مستوردة، ولها أصول بالوسط السوداني، وطرحه لها كان متقدماً وجديداً وموجه، ونأخذ في الاعتبار دور القطاعات المختلفة للشعب السوداني.
    > موقف دكتور الترابي من المرأة وتضمينه لذلك بالدستور؟
    < الراحل أعطى عصارة فكره وجهده للمرأة وتمكينها بالدستور كمواطنة حقوق كاملة، ووجد طرحه قبولاً في الجمعية التأسيسية عام 1986م فرغم مجموعته المكونة من خمسة أفراد، إلا أنه كان يخاطب الشعب السوداني كله.
    > الراحل قدم مسودة الدستور الإسلامي السوداني للجمعية التأسيسية عام 1968م ولكن ثورة مايو أجهضت ذلك بقدومها؟
    < قبلت الجمعية التأسيسية عام 1968م مسودة مشروع الدستور الإسلامي الذي قدمه دكتور الترابي، ولكن للأسف جاءت ثورة مايو 1969 بشعاراتها الاشتراكية، وعطلت الدستور الإسلامي، ووصفته بأنه ورقة صفراء ومزقته، وأودعت معظم قيادات الحركة الإسلامية السجن ـ آنذاك.
    > هل صحيح أن الراحل اتخذ من السجن محراباً علمياً ودينياً وفكرياً، وما هي النتائج العملية لذلك؟
    < استفاد الراحل جداً من فترة السجن في التأمل والعبادة، وكتب عدة كتب خلال تلك الفترة منها كتاب «المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع»، وكتاب «الإيمان وأثره في الحياة»، وهذا الكتاب طبع بالخارج ومنع من النشر بالسودان، ولكنني شخصياً استطعت تهريبة إلى السودان عبر البحر عن طريق «سنبك»، وكان نفس «السنبك» الذي هرب به الزعيم الوطني الراحل والقيادي بالحزب الوطني الاتحادي الأستاذ أحمد زين العابدين المحامي، واستلم الكتاب المرحوم عثمان شيخ إدريس الشقيق الأكبر لدكتور جعفر شيخ إدريس.
    تصويب مهم خاص بالحلقة الأولى
    < ورد في الحلقة الأولى من هذا الحوار «أن الراحل دكتور حسن عبدالله الترابي قد وضع مشروع الدستور الإسلامي لدولة الإمارات عقب استقلالها في أواخر الستينيات» وننوه أن هناك خطأ ورد بغير قصد، حيث أن الراحل اتفق مع الدولة المذكورة على ذلك وشرع في إعداده، ولكنه عاد إلى السودان، ولم يتمكن من الخروج منه لإتمام مهمته بالإمارات حيث أودع سجون ثورة مايو.
                  

03-24-2016, 07:20 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)



    الواقعُ يُكذِّبُ زيف الإدِّعاء ب

    قلم بابكر فيصل بابكر




    [email protected]

    سألني كثيرٌ من الأصدقاء لماذا لم أكتب عن وفاة المرحوم الدكتور حسن الترابي فقلتُ لهم أنه لا يوجد لدىَّ ما أقوله فقد كتبتُ كثيراً عن فكر الرجل ومواقفه السياسية في حياته وليس هناك جديدٌ يُضاف إلى ما سطرتهُ في هذا الخصوص , ولكنني وقعتُ على كلمةٍ للدكتور يوسف القرضاوي يرثي فيها الترابي بكلام إحتوى على الكثير من التزييف والأغاليط التي تتطلب الكشف والتفنيد.
    أشار القرضاوي في كلمتهِ إلى اللقاء الذي جمعهُ بالترابي للمرة الأولى في لبنان وقال :

    ( أول ما لقيت الترابي في لبنان سنة 1985م ( هكذا وردت في النص الأصلي ويبدو أنه يقصد 1965) وكان في قمة الشباب وكان يزور بيروت في ذلك الوقت وقد قاد الحركة الشعبية الجامعية التي انتهت بإسقاط الحكم العسكري برئاسة عبود وعودة الحكم المدني إلى السودان وأذكر مما جرى بيني وبينه من حديث أني قلت له: لعلكم تلتفتون إلى الجيش ونشر الدعوة فيه حتى لا يقوم بانقلاب آخر ضدكم فقال لي: نحن في الواقع لا نهتم بالجيش وإنما نهتم بالشعب وعندنا أن نكسب معلماً في مدرسة خير من أن نكسب ضابطًا في الجيش, قلت: ولكن الجيوش الآن كثيرًا ما تنقلب على الحكم المدني وتسيطر على مقدرات الشعوب. قال: لتنقلب، ونحن سنسقطها ! ). إنتهى
    واصل القرضاوي في سرد العلاقة التي جمعتهُ بالترابي خلال الحقب السياسية المُختلفة في السودان حتى جاء للحكم الديموقراطي الأخير و الذي شهد تدبير الترابي للإنقلاب العسكري الذي وقع في يونيو 1989 فقال :
    ( وبعد إنسداد الأفق السياسي في السودان،

    كان لا بد أن يقوم أحد الأقوياء في البلد بالسيطرة على مقاليد الأمور وكان الدكتور الترابي أكثرهم تصورًا وإدراكا للموقف وخطورته, وأكثر قدرة على التحرك بسرعة, فبادر إلى ذلك, واختار مجموعة من العسكريين على رأسهم عمر البشير لهذا الأمر ). إنتهى
    وهكذا فإنَّ القرضاوي الذي أراد أن يوضح إيمان الترابي "بالديموقراطية" ورفضه العمل وسط "الجيش" وتعهده "بإسقاط الحكومات العسكرية" التي تنقلب على الحُكم المدني, قد ولج من حيث لا يحتسب لنقطة الضعف الرئيسية في فكر الثاني والمتمثلة في التخلي عن "المبادىء" من أجل تحقيق "المصلحة" الحزبية الضيقة, وهو الأمر الذي وسم مواقفه "بالإنتهازية" وأدَّى في خاتمة المطاف لهزيمة مشروعه الفكري.
    وليس أدلَّ على صدق إستدلالنا هذا من الإقتباس الثاني الذي حاول فيه القرضاوي "بمراوغة" مفضوحة و"تلاعب لفظي" مكشوف أن يُصِّور "الإنقلاب العسكري" الذي دبرَّهُ الترابي الذي كان قد إدَّعى في لقائه به في لبنان أنَّ من الأفضل له أن "يكسب معلماً في مدرسة خير من أن نكسب ضابطاً في الجيش", بأنه تحرك من "أحد الأقوياء" الذين أدركوا خطورة الموقف في البلد !


    الحقيقة المؤكدة هى أنَّ الترابي بدأ في زرع خلايا تنظيمه داخل الجيش منذ سبعينيات القرن الفائت أي بعد لقائه الأول مع القرضاوي ببضع سنوات, وهو الأمر الذي إعترف به في سلسلة لقاءاته التلفزيونية المُهمَّة مع "عزام التميمي", مما يُنبىء بأنَّ موضوع الإنقلاب العسكري كان أمراً حاضراً على الدوام في فكر الرجل.
    قد إعتقد الترابي إعتقاداً جازماً في أنَّ "الدولة" تمثل الأداة الأكثر فاعلية في إحداث التغيير الإجتماعي ولذلك ظل الوصول "للسلطة" هو الهدف التي سعى إليه على الدوام وهو ما أدى في خاتمة المطاف للفشل الذريع الذي مُنى به "مشروعه الفكري" حيث عجز عن إستيعاب سُنة التاريخ التي حكمت علاقة "العسكري" صاحب الشوكة "بالسياسي" والتي ظلت نتيجتها النهائية دوماً هى إحتكار الأول للسلطة وإبعاد الثاني عنها.
    ظنَّ الترابي أنَّ تميُّزهُ و سيطرتهُ المُطلقة على الحركة التي صنعها وإنفرد بلعب الدور الأكبر في إنتاج الأفكار وإبتداع الأساليب التنظيمية المتقدمة فيها ستمكنهُ من الإنقلاب على الحُكم الديموقراطي ومن ثم إعادته "متى ما شاء" بعد أن يُطبِّق مشروع "التمكين" الحزبي, وهُنا كمُنت أبرز نقاط الضعف في قدرات الرجل الفكرية وثقافته ومعرفته بتجارب الحكم في التاريخ.


    فالسُّلطة بطبيعتها تُولدُ منظوماتٍ مختلفةٍ من المصالح المتشابكة والطموحات المستحدثة وتؤدي لبروز مراكز قوى جديدة لم تكن معروفة في المرحلة السابقة, هذه المراكز لا تُحرِّكُها الأفكار والمبادىء والحوافز التي ستُبذلُ في "الدار الآخرة" بل هى تسيرُ وفقاً لحاجات البشر وغرائزهم النازعة دوماً للسيطرة والتحكم وتحقيق الذات خصوصاً بعد تجريبها لمذاق السلطة ولذلك كان أول من إنقلب على الترابي هُم أقرب تلاميذه الذين علمَّهم الرماية فلما إشتدت منهم السواعد صوَّبوا رماحهم وسهامهم نحوهُ دون أدنى تردد.
    قال الترابي أنَّ الخطة المُتفق عليها كانت تقضي بإستلام الحكم عن طريق "الإنقلاب العسكري" ومن ثم إعادته مرَّة أخرى "للشعب" بعد أن يستتبَّ الأمرُ للإسلاميين في الحكم وهذا المنطق فوق ما ينطوي عليه من "إقصاء" و "إستعلاء" مكشوف فإنه أيضاً ينمُّ عن سذاجةٍ مثيرةٍ للشفقة و جهلٍ مُطبقٍ بسنن التاريخ وطبائع البشر ومُحركات السلطة وهو ما يُشكك كثيراً في الهالة الضخمة التي تُحيط بالقدرات الفكرية المزعومة للرَّجل.

    لم يكتف القرضاوي بالمراوغة في تسمية الأشياء بأسمائها بل مضى أبعد من ذلك ليوضح دور الترابي في الإنقلاب ويقول : ( وقد التف الشباب المسلم في السودان حول الترابي، واختاروه قائداً للحركة الإسلامية في عموم السودان وعندما قامت الثورة التي هيأ لها الأسباب وقادها بحكمة وانتصرت أبى إلا أن يدخل السجن ويجعل القائد عمر البشير ويأمره أن يدخله السجن، ويدير الأمر من داخل محبسه بالأوراق). إنتهى
    لا يُساورني أدنى شكٌ في أنَّ الترابي إذا قرأ الفقرة أعلاه كان سيُصابُ بالإمتعاض والحسرة والندم, فهى من قبيل المدح بما يشبه الذم, ذلك لأنَّها مسَّت أكثر الأوتار حساسية في مسيرة الرجل السياسية, وهى الوصمة التي حاول طوال السنوات التي أعقبت مفاصلته مع تلاميذه أن "يستغفر الله" ويسألهُ العفو عنها, وحتى أتباعه فقد سعوا أن يلتمسوا له العذر في الممارسات المُشينة التي صاحبت تلك الفترة وقالوا أنهُ كان مُغيَّباً عنها أثناء وجوده في السجن بينما القرضاوي "يتهمه" دون أدنى وعي بإدارة الأمر من داخل محبسه, فتأمل !
    القرضاوي إذن يعمدُ مرَّة أخرى لتزييف الحقائق فيُسمي "الإنقلاب العسكري" بجرأة شديدة "ثورة", ويؤكُدُ أنَّ الترابي هو من "هيأ الأسباب" وقاد الإنقلاب "بحكمة", ومع ذلك يجزمُ بأنَّ الرَّجل كان من دُعاة "الحرية" حيث يقول في فقرة تالية من الرثاء أنَّ مرتكزات منهج الترابي تقوم على أنَّ ( حرية الشعوب جزء من الفرائض الإسلامية، التي نجاهد في سبيلها ) وأنَّ ( حرية التعبير والفكر والمقاومة للظلم فرائض أساسية ) !
    غير أنَّ الواقع لا يُكذِّبُ إدعاء القرضاوي بأنَّ الترابي صاحب منهج يُعلي من شأن قيمة الحرية ويعتبرُ أنَّ حُرية التعبير والفكر "فرائض أساسية" فحسب بل كذلك يفضحهُ فيما يرتبطُ بآراء الأخير واجتهاداته الدينية.

    يعلمُ الجميع أنّ الترابي ظلَّ لسنوات طويلة يقول أنَّ الإسلام لا يفرضُ أية عقوبة على "المرتد" لأنَّ الأصل في أمر العقيدة هو حُرية الإختيار, ولكنه عندما أُتيحت لهُ فرصة تطبيق أفكاره وإنزالها لأرض الواقع أبَّان فترة تحكمه المطلق في شؤون البلاد سمح بتمرير القانون الجنائي لسنة 1991 الذي تضمَّن المادة (126) التي تحاكم المرتد بالإعدام !
    إذن نحنُ هنا بإزاء رجلٍ مُشوَّش, مُضطرب الفكر, يقولُ الشىءَ ويفعلُ نقيضهُ, ويُبرِّر لذلك بالقول أنَّ السياسة كلها "تدابير" أي تحايلٌ وخداع, وهذه ليست من صفات المفكرين الكبار الذين "يستقيمون" على نهجهم في كل الظروف ويُفرِّقون بين "المواقف السياسية" التي تحتملُ التغيير والتبديل و"المبادىء" التي تظلُّ ثابتة في جميع الأحوال.
    لا أحد يستطيعُ أن يُصادر حق القرضاوي في رثاء المرحوم الترابي بالطريقة التي يراها, ولكن ليس من حقه أن يُغالط في حقائق الواقع و يخلط الأمور ويُسمي الأشياء بغير أسمائها, فهو بذلك يلجُ باباً محظوراُ في مقام الفكر والمبادىء.


    ولا حول ولا قوَّة إلا بالله

                  

04-18-2016, 10:14 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)













































    الكوز ينصر الكوز في كل الظروف ..
    بقلم: شوقي بدري


    نشر بتاريخ: 13 نيسان/أبريل 2016
    [email protected]

    استاذنا الصادق عبد الله عبد الماجد في مدرسة الاحفاد الثانوية ، كان يتمتع باحترام الجميع من طلاب ومدرسين وموظفين وعمال في المدرسة الضخمة والتي تحولت الي جامعة الاحفاد للبنات والسيدات .

    رفيقه الكوزعلي عبد الله يعقوب لم يكن يجد الاحترام من اي احد ، كان مكروها . وكان من بخله وحبه للمال يفرض صداقته علي ابناء التجار الذين يسعدون بصداقة استاذ . وكان يسعي لدعوتهم الي موائد اهلهم ويطلب من طلبته من ابناء الاثرياء المال . ولكن الاستاذ الصادق كان رجلا يفرض احترامه علي الجميع . علي عبد الله يعقزب صار من المليارديرات . وهو الذي ادخل بنك فيصل الكريه الي السودان .

    لقد ضمت الاحفاد وقتها جهابذة التعليم منهم المدير المالي واول ناظر مدرسة ثانوية سوداني الاستاذ النصري حمزة والذي تقاعد من الحكومة. وقد استلم المنصب من المستر جض في خور طقت . وكان براون في حنتوب وهانق في وادي سيدنا . من الاساتذة كان العم عبد الله البنا الشاعر الفحل والشاعر الكبير عبد الله البشير مؤلف نشيد الاحفاد ،والبريطانيين والمصريين واللبنانيين والفلسطينيين والشيوعيين منهم الاستاذ محمد سعيد معروف والجاك عامر والطيب ميرغني شكاك ومحمد بدري والاستاذة سعاد ابراهيم احمد وحسن التاج . ولفترات التجاني الطيب بابكر وعبد الخالق محجوب وآخرين .ولقد جر هذا غضب الوزير زيادة ارباب علي الاحفاد وسعي الي تحطيمها وقلص الدعم والمساعدات لها . وعرض مرتبا عاليا ا علي لاستاذ النصري حمزة لترك الاحفاد . وكان رد الاستاذ النصري حمزة ,, لو اديتني رقم قدامو اصفار من هني للحيطة ديك ما حأخلي الاحفاد ,, . واراد يوسف بدري ان يسلم الاحفاد لحكومة العسكر لان قد تعب ورفض ابراهيم بدري والنصري حمزة الذي تدين له الاحفاد بالبقاء .الاحفاد كانت مصدر ازعاج ومظاهرات كان يقودها الطالب البروفسر اسامة عبد الرحمن النور الذي سجن في ايام العسكر وآخرين.

    بابكر بدري وبعده يوسف بدري . كانا يرفضان حرمان المعلم من رسالته .بغض النظر عن انتماءة السياسي . وهذا ما لا يؤمن به الكيزان . 100 اتلف من خيرة المتعلمين طردوا ولم يفتح الله عليك بكلمة .

    الاستاذ محمد حمزة طيب الاسماء كان ناظر مدرسة الخرطوم الثانوية . وعندما كان ناظرا للمدرسة الاهلية ، اراد الانجليز تخطيط توتي رفض اهل توتي اي نوع من السلطة . وفي اثناء النقاش قام الاستاذ طيب الاسماء باعطاء المفتش البريطاني كفا صاموطيا ... كف ناظر لطالب مشاغب . ولم يتعرض لتعذيب وحكم عليه بالسجن 6 اشهر قضاها في المعاملة الخاصة . وابتعث فيما بعد ورجع كناظر لمدرسة ثانوية . وتراجع البريطانيون من قرار توتي وندم اهل توتي فيما بعد . والاستاذ طيب الاسماء وجد الاعتقال والاهانة في الدكتاتورية والاستقلال المزعوم .

    استاذي الصادق لك التحية والاحترام وكثير من الحب . هذه رسالتي الثانية لك الاولي كانت في التسعينات ، ردا علي رسالتك الكريمة التي وصلتني عن طريق تلميذك ابراهيم محمد صالح والذي يحمل اسم والد والدته ابراهيم بدري . ولقد ذكر لي انه عندما اخذ رسالتي لك في الصباح وجدك وقد قضيت الليل ساهرا لان ماء الامطار كان يتسرب من سقف دارك التي هي من بيوت امدرمان العتيقة المبنية من الجالوص . لقد شهد لك كل العالم بطهارة اليد والذيل علي عكس اغلبية الكيزان . ولكن يا سيدي اراك تمتدح الترابي بالرغم الضرر الذي الحقه بشخصك والاساءة المتكررة والغمز واللمز . هذا الرجل اضر بالبلاد والعباد بصورة غير مسبوقة . ولا اظن ان اسوأ البشر يمكن ان ينافسة في المستقبل ؟ عندما اقول الكوز ... لا اقصد الاساءة . ولكن هكذا كان يقول موسس تنظيمكم .... نحن كيزان الدين . وهذا تعبير اقصاءي .... اذا من هم الاخرون هل هم الا منخال او غربال ؟ كلنا مسلمون ابناء مسلمين . لماذا اقصيتم الآخرين؟

    لقد انطلق الانتهازي علي عبد الله يعقوب من مدرسة الاحفاد الي المعهد العلمي المجاور . وقال للطلاب في الفطور ... بتاكلوا ؟.... تاكلوا السم . الشيوعيين بيشتموا في زوجات الرسول . وكانت المؤامروة الخبيث المبنية علي الكذب . وذبحت الديمقراطية . وكان تنظيمكم من بدأ الجريمة .

    في بداية الستينات قام العسكر بارجاع سيارتك الجيب العسكرية . وكنا نجلس فيها في فسحة الفطور لانها مغطاة بمشمع ومفتوحة . وكنت عندما تمر بين المدرستين تبتسم في وجهنا كعادتك وتواصل سيرك . هذه السيارة قام تنظيمكم بشراءها ووضعت تحت تصرف الرشيد الطاهر ولقد كانت خطتكم هي استلام السلطة بمساعدة المحامي احمد سليمان الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ويسعي للسلطة بأي ثمن . وكان متعاونا مع الاخوان وصار من الانقاذ فيما بعد . ولقد خدع احمد سليمان الدكتور محمد محجوب عثمان للإشنراك في انقلال علي حامد وعبد البديع والكثيرون ولقد حكم عليهم بالاعدام ولكن تغير الحكم علي محمد محجوب الي المؤبد بسبب صغر سنه . وكان عبد الخالق والكثير من الشيوعيين في السجن . وكان قرار اشتراك محمد محجوب قرار كاذبا لم يعرفه سوي احمد سليمان . وتلك بعض خباثات الكيزان .

    لقد قبض اللواء عوض عبد الرحمن صغير علي الرشيد الطاهر بالقرب من السلك الشائك بالقرب من بانت . وكان رده علي السؤال ... بتعمل هني شنوا ... ساكت . وقال اللواء انا حاوريك ساكت دي كيف . ولكن الرشيد باع رفاقه وصار شاهد ملك . ولا بد ان ذلك كان قرار التنظيم . والظابط الذي كان خلف المحاكمات ولا يزال عائشا وقد تقارب مع الكيزان هو الذي اوغر الصدور علي القيادة واصر علي الاعدامات والا ستكرر المحاولات . وسبب حقده ان شقيقته كانت قد ارتبطت بعلاقة باحد الظباط الذين اعدموا .

    عندما قبض علي الدكتور خالد الكد في محاولته الفجة لاستلام السلطة كتبتم في جريدة الميثاق ان خالد الكد طيب الله ثراه كان شيوعيا وان الانقلاب شيوعي وحملتم علي الشيوعيين . واخذ طه شقيق خالد الجريدة واتاك بها وهو غاضب لانه وخالد في تنظيم الاخوان المسلمين . وانك يا استاذي تعرف ذالك جيدا . وردك كان ... ان هذا هو العمل السياسي . ويجب ان يستغل السياسي كل الظروف . وان يضر بالاعداء يكل السبل المتاحة لان خالد معروف كقريب لعبد الخالق. انها الانتهازية والخبث الذي طورة الترابي يطريقة غير مسبوقة ؟ ولقد اعلن لكم طه وقتها انه لا شئ يجمعة بكم بعدها . ولقد فارق تنظيمكم خالد الكد وانضم الي الحزب الشيوعي وفارقكم الكثيرون ومنهم القيادي الشيوعي المحامي كمال الجزولي الا انه احتفظ باساليبكم .

    بالرغم من ان الرشيد الطاهر قد خان رفاقة وصار شاهد ملك الا ان الحزب الشبوعي طالب اعضاء الحزب بعدم التعرض له ، بل لقد اشركوه في برنامجهم الغذاءي والاحتماعي وقدموا له الحماية تكريما لابن عمه خليل الشيوعي والوطني . ولقد مات في شبابه بداء الصدر . وهو في الاختفاء وكان يلازمه البطل ابو جبل الذي دهسه لوري تراب بدون فرامل وانهي حياته . ولقد اطلق الزعيم العمالي وسكرتير اتحاد النقابات العالمي ابراهيم زكريا وزوجته فاطمة النعيم اسم خليل علي ابنهم خليل ابراهيم زكريا تيمنا بالمناضل خليل . هنا الفرق بين تنظيم الوطنيين والكيزان .

    في كتابه مصر ، اورد الاستاذ الطيب ميرغني شكاك زميل دراستك في القاهرة والتدريس في الاحفاد ، انه سكن معكم في القاهرة . ولكنه هرب من الشقة لان افكاركم الاخونجية كانت تتعارض مع افكارة . الا انه فر بجلدة لانكم كنتم تحتفظون بالسلاح في الشقة قي بداية الخمسينات . هل كنت يا استاذي علي اقتناع بسفك دماءغيرك من المسلمين لصالح تنظيمكم ؟ اذا ليس من الغريب ان ينضم صديقك الحبر وبعض المقربين اليك الي الانقاذ . ان لكم تصور غريب لما هو حق وباطل . عندما كان الرشيد الطاهر في سجن كوبر ظهر مسجون معروف كمثلي وهو حسن .... وكان يجيد الطهي. وكان يأخذ التفريدة من السجناء السياسيين ويقوم بطبخها بطرية مريحة ورائعة . زكما قال لي المناضل سمير جرجس الاكل الطيب يرفع معنويات السجين . ولكن الرشيد الطاهر الذي وشي برفاقة وربما سبب موتهم كان يرفض ان يأكل من يد مثلي . اضطر السياسيون الذين لم يعرفوا الطبخ من قبل للإعتذار لحسن . وقالوا انهم يريدون ان يتسلوا بالطبخ .

    اذكر يا استاذي انك في الاحفاد كنت تحاول ان تضم الي تنظيمكم من عرف عنهم المثلية ... وهذ نشاط تشكر عليه .. ولكن الكثير من الكيزان كانوا مثليين .

    والزملاء من عرفناهم في بداية التعليم قابلناهم في الثانويات . وقد تغيروا من اطفال وديعين لا يملك الانسان الا ان يأخذهم الي قلبه كاصدقاء الطفولة . وجدناهم متجهمين عدائيين . منهم الشيخ الامين من ام دوم والذي جلس بحواري في بيت الامانة وكان ودودا لطيفا ومحبوبا . قابلته في الثانوية وكان يشيح بوجهة عني واراة في الجامع من اعضاء تنظيمكم . الآخر عبد العزبز او ابو عزيزة الذي كان فردة شقيقي في مدرسة بيت الامانة وكان يحضر الي منزلنا للمذاكرة مع الشنقيطي بدري . وكنت ارتاح اليه كثيرا وكان ابن عمة عبد الرحيم في فصلي وهم من اهل سنار . صار عبد العزيز غريب الاطوارعدائيا . ولا يتحدث معي او مع الشنقيطي . وعرفت من الدكتور بابكر احمد العبيد أن سنار تعرفهم كأبغض اهل الانقاذ . كيف حولتم يا استاذي . اولئك الصبية الابرياء الي حاقدين وموتورين ؟ قديما كانت الصداقة والحب والاحترام مبذول في كل مكان . لم تكن تفرقنا السياسة او الوظيفة او الحالة المادية او الوظيفة كنا جميعا اخوة . الي ان اتيتم انتم با استاذي العزيز ؟

    لقد فرخ تنظيمكم المتشددين والاقصائيين والمكفرين والقاعدة وداعش ... والساقية لسة مدورة . عرفنا اول الاخوان المسلمين . كانوا معقولين لم بفكروا في التمكين والقتل والسرقة والنهب والتعذيب . ولم يكونوا حاقدين مثل الترابي واعوانه . كان العم المفتي رئيسا للتنظيم الاول وكان ابنه صديقي وزميلي في الابتدائية . وكان نائب الرئيس الرجل المحترم العم بدوي مصطفي وزير المعارف الذي انشأ الجامعة الاسلامية وساوي راتب مدرس الدين واللغة العربية بمدرس الحساب والانجليزي . وحقق العدل . وكلن السكرتير الرجل الشجاع علي طالب الله . كانوا محل الاحترام .

    لقد كتبت قبل عقدين واشرت الي تجنيدكم للصادق المهدي . ولقد صرح عبد الله محمد احمد انه هو الذي جند الصادق لان بابكر كرار قد طلب منهم ذلك عندما ظهر الصادق في الجامعة كمنتسب. وهذه احد الاشياء التي تبتزون بها الصادق . ولقد ذكر الاستاذ حمدي بدر الدين قبل فترة قصيرة في التلفزيون انه طرد من ادارة التلفزيون السوداني لان عبد االه قد صار وزيرا للثقافة لانه قد جند الصادق . ورجال حزب الامة قد احتجوا علي اعطاءعبد الله وزارة . ولكن الصادق كان مجبورا .

    وعندما تقارب الشيوعيون مع حزب الامة في محاربة نظام عبود ، طلب الصدبق المهدي من الشيوعيين ان يعلموا كوادر الامة العمل السري ,افترح الامير نقد الله . وطلب منه الاستاذ محجوب عثمان واحمد سليمان وفاروق ابو عيسي ان يعطيهم الصادق لتقارب العمر. فقال له الصديق ... خليكم منو ده مجنون .... يمكن ان يسأل فاروق . قال الصديق ضاحكا بعد مدة عندما علم ان الصادق لم ينفذ اوامرة بإعطاء الشيوعيين بعض النثريات للعمل السياسي ... انا غلطان طلبت من ولدي الاخ المسلم يدي الشيوعيين قروش . استاذي العزيز لماذا اللعب بالشعب . ولماذا لا تعلنون ان الصادق معكم في التنظيم العالمي للاخوا ن ؟

    المهندس مبرغني حمزة كان من المفروض ان يكون رئيس الوزراء ولاسباب معينة رفض وصار الازهري هو الرئيس وكان لميرغني حمزة اكثر من وزارة لارضاءه . ولم يجد يحيي الفضلي وزارة . وصار يبتز الازهري ويطلع علي كرسي امام البرلمان ويخطب ويقول ... الصنم ده انا بنيتو وحأهدو . واضطر الازهري لاقتطاع وزارة الشئون الاجتماعية من الداخلية لارضاء يحيي الفضلي . الشعب السوداني هو من يدفع دائما .



    اتذكر الطالب الشيوعي محمد بشير الطيب والذي كان يضع نظارات طبية ؟ لقد عمل كمحرر صحفي مباشرة بعد تخرجه وكان يجد بعض الصعوبان في القواعد ، خاصة الجمع . ولقد قصد استاذه الاخ المسلم قبل كل الاساتذة الآخرين . وكان يحكي عن ترحيبك به . وكيف تخلص من كل مشاكلة بعد بعض جلسات في دارك ... لك الشكر ... لقد كنا فخورين بك جدا . مثل هذا التعاون هو ما يحتاجه الوطن الآن بدلا عن التشريد والعداء والحقد والقتل والسحل والتطهير العرقي في دارفور النيل الازرق وجبال النوبة ومذابح الجنوب وانفصاله .... نعم استاذي انك لم تسرق ولم تحتزن المال وتتزوج مثني وثلاث .... ولكنك قد امسكت قلمك وفمك عن انتقاد جرائم الانقاذ . وكنت تعلمنا منك الكثير الذي اعجبنا به واتذكر انك كنن تدعوا الي افكار عملية وتواجه الدكتاتورية.

    لقد قلت لنا ان ما عرف بجنينة البلدية والتي كانت وقفا . لا تفيد المسلمين كثيرا وكانت غرب حديقة الحيوان مباشرة وصارت قاعة الصداقة في عهد نميري . كنت تقول انه يمكن تحويلها الي عقار استثماري او شئ آخر ، لان دخلها من النخيل والفاكهة ضئيل جدا ولا يفيد المسلمين. لقد كان تنظيمكم متعاونا مع النميري ... كيف تحول الوقف الي قاعة الصداقة . ولقد سمعت ان الوقف كان ملكا لجد صالح فرح المستشار القانوتي في الامارات .

    لا انسي انه بعد تقاربكم مع نظام عبود انك قد ذهبت في وفد لمقابلة وزير الداخلية وقتها العم عروة وطالبتم بتطببق الشريعة . وقلت له ان عدم تطبيق الشريغة يسمح لاي انسان ان يقف ويحتسي زجاجة خمر امان مكتب الوزير بدون ان يطاله القانون . وكان الوزير يستمع اليكم . الذي يحدث اليوم لا يقارن بالماضي . هنالك عشرون الف بلاغ لاغتصاب قصر . ان شعب قوم لوط ليستغرب لما يحدث في الانقاذ اليوم . اين انت يا استاذي من كل هذا و يؤلمني صمتك . ويخجلني اشادتك الاخيرة بالترابي ؟
                  

04-19-2016, 10:55 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    فضل الله رابح
    وهل الناجي هو الناجي؟!

    الخميس, 17 آذار/مارس 2016 14:30


    يظل الأخ الناجي عبد الله في مخلية المجاهدين وفي نظري هو الناجيِّ المجاهد الذي كان ملازماً للإخوان في صفوف الجهاد، ومن الذين كتبوا سيرة مثيرة للشباب الإسلاميين في السودان وفي مقدمتهم الشهيد الأمة علي عبد الفتاح.. ومسيرة الناجي مع علي عبد الفتاح في الفعل والجهد كفيلة بالاحترام وهم يضربون الأرقام القياسية في المواجهة والمجابهة، وبمواقفهم فتحوا الأبواب المغلقة وخاطبوا عاطفة الشعب السوداني واستخرجوا كوامن نبله ومواقفه القوية، وأربكوا حسابات العدو الخارجي وغيروا منهج ومسار المواجهة، ولكن كل ذلك لا يؤهله للتشكيك في نوايا الآخرين.. وعندما حدثت المفاصلة بين الإسلاميين كان الناجي من الموالين لمجموعة المنشية التي كونت فيما بعد المؤتمر الشعبي حزباً سياسياً، وهذا شأن الأخ كما هو شأن الآخرين في اختيار الوجهة السياسية التي يولونها، وظل احترام الإخوان بينهم مهما تباعدت المسافات متجذراً،
    إلا أن أمثال الناجي وآخرين كانوا الأكثر فجوراً في الخصومة والاستبراء من منهج إخوانهم في المؤتمر الوطني. وكانت مواقف الناجي الأكثر شذوذاً وتجريحاً بلغ مرحلة التجريح الشخصي لإخوانه، وكلما حاول البعض رأب الصدع وعصمة المجموعة من التنازع يأتي الناجي عبد الله بحديث مغاير وهو ينفخ في «قربة» الخلاف، وكثيراً ما يقف في خط الممانعة لأية خطوة للتلاقي ووحدة الصف، وهو لا ينظر لأي استشراف للمستقبل وفقاً للواقع الماثل.. والناجيِّ ظل رافضاً لأية رؤية لتصافي ووحدة الإسلاميين متأثراً بجراح المفاصلة التي ليس فيها انتصار لشخص وليس فيها مهزوم ووقعها عسير على الكثيرين لكنها وقعت.. واتفقنا أو اختلفنا فإن تيار الإسلاميين الذي تحمل عبء الاستمرار في المؤتمر الوطني هو الذي تحمل الوزر الأكبر وأدار دولاب الدولة في ظروف بالغة التعقيد، واستطاع في ظروف قاهرة صناعة قاعدة قوية للعمل السياسي والتنفيذي،
    وصد كل الهجمات المرتدة والقوية، وقدمت مجموعة المؤتمر الوطني تضحيات كبيرة،
    وتحملوا أصعب المراحل، وقادوا المركب بسلام ولم يدعوه يغرق في وقت كان البعض فيه ينتظر غرقه بما فيه، ولكن إرادة الله وتوفيقه وأقداره عصمته وحفظته من الغرق.. ومن ثمرات صبر قيادات المؤتمر الوطني المبادرة بعملية الحوار الوطني وقيادته مع شركائها الذين آمنوا بفكرة الحوار من القوى الوطنية، والمؤتمر الشعبي كان من أكثر الأحزاب تمسكاً بالحوار الوطني وإيماناً بما ورد فيه، حتى أصبح من خلال الحوار الوطني من الميسور للإسلاميين أن يتوحدوا على منهج، وأن تكون وحدتهم مبنية على تفاعل كيميائي وليست وحدة فيزيائية بأن يجتمع حزب المؤتمر الوطني والشعبي في كيان سياسي واحد، ولكن أن يتفاعلا من أجل منتوج واحد، فهي الفكرة من الوحدة بين المؤتمرين إذا قدر لي أن أفهمها صحيحة.. ثم جاءت وفاة الشيخ الدكتور حسن الترابي في ظرف دقيق من تاريخ البلاد، وكانت وفاته محطة لقراءة دقيقة ومتأنية استهداءً بما ورد في وثائق الحوار وحرصه عليه،
    ومن هنا جاء اهتمام قيادات المؤتمر الوطني، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية،
    بعملية علاج الشيخ ومحاولات إسعافه، ومن تاريخ ورمزية الشيخ استمد الجميع طاقة الدفع، ولكن إرادة الله كانت غالبة، ثم توفي شيخ حسن وكانت تداعيات الوفاة وعودة بعض الطيور المهاجرة أبرزها علي الحاج والناجي عبد الله، ولكن حزنت جداً عندما سمعت حديث الأخ الناجي في الندوة التي نظمتها أمانة الشباب مع علي الحاج وحديثه بأن المؤتمر الوطني عقد اجتماعاً رسمياً وقرر عدم حضور الرئيس تشييع الجثمان، وهو حديث يتنافى مع الواقع المعايش والمشاهد، ولم يعد كونه ضرباً من الخيال والشعور والنوايا المسبقة، وهو حديث ينم عن المضي في طريق الفتنة الذي تركه البعض وراءه وأقبل على مرحلة جديدة جددوا فيها النوايا والمقاصد.. الأخ الناجي في هذه الفترة كان مغترباً بالمملكة العربية السعودية، ويبدو أنه كان بعيداً عن دوائر الشعبي وتفاصيل الحوار بالداخل، وأطلق الحديث على عواهنه بين أجيال بعضها قد لا يعرف من هو الناجي وما هو كسبه؟!

    وما هي الانتصارات التي حققها وإخوانه في الماضي؟؟! ومع ذلك فإن شيطان النفس وحظوظها أحياناً يغلب وربما يعمي البصائر ويجعل أمثال الناجي يتصرف كالدرويش، وهو من الرجال الذين نزف دمهم في سوح الجهاد وطوبى لهم بهذا التاريخ.
    ولكن في السياسة ليس هناك ود دائم ولا خصومة دائمة، ولم يبق متسع من الوقت للدراما السياسية، ومازلت شخصياً أرى في الإخوان المجاهدين رفقاء الذين مضوا اتصافاً بالوعي والحكمة والنظرة الثاقبة، والمأمول أن يظل المجاهدون هم النواة التي تنبت شجرة وحدة الإسلاميين وليس الرياح التي تفرقهم وتبعثر صفهم.. وعلى الجميع أن يوحدوا صفهم، وأن يجددوا رغبتهم في الوحدة الكيميائية وليس الفيزيائية، على الأقل في المرحلة الحالية، حتى لا تحدث المقارنات والحديث عن المواقع والمكاسب.. وأخيراً السؤال: هل الناجي هو الناجيِّ ذاته أم تغير؟!
                  

04-20-2016, 04:42 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    بيان صحفي من د. علي الحاج محمد


    بيان صحفي من د. علي الحاج محمد


    04-19-2016 11:54 PM
    بيان صحفي

    قال تعال { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } صدق الله العظيم

    بتاريخ ٥ مارس ٢٠١٦ رحل الشيخ الدكتور حسن الترابي إلى ربه إثر علة في القلب وقد كنت أتابع بقلق بالغ تطورات حالته منذ لحظات نقله الى المستشفى حتى قرار الأطباء بوقوع الوفاة، بل كنت قد قابلت الشيخ الترابي في رحلته الاخيرة الى دولة قطر والتي أجرى خلالها فحوصات طبية لذلك وعلى الفور كان قراري بالعودة الى السودان الذي غبت عنه منذ العام ٢٠٠١، بغرض المشاركة في مراسم التشييع والتأبين ومشاركة أهل السودان عامة والحركة الاسلامية خاصة مشاعر الحزن على فداحة الفقد الجلل.

    وخلال وجودي بالسودان منذ السابع من مارس ٢٠١٦ شاركت في مراسم التأبين واستقبال المعزين الذين تقاطروا من داخل وخارج السودان، كما اتاح عظم المناسبة اللقاء بجميع اطياف المجتمع التي انقطع لقائي الشخصي بها رغم دوام الاتصال خلال فترة اقامتي في الخارج. ثم تعاظمت علينا الابتلاءات برحيل الاخ الشيخ عبدالله حسن احمد الذي كنت قد زرته مرتين خلال وجوده بالقاهرة للعلاج، والذي تعود معرفتي به الى المرحلة الثانوية في دراستنا حيث لم تنقطع اواصر الاخاء بيننا منذ نهاية الخمسينات، وقد كان من الموطئين أكنافا نسال الله ان يتقبل الشيخين مع السابقين الاولين ويجزيهم عنا خير ما يجزي عباده الصالحين.
    لقد جددت العودة للسودان صلتي المباشرة بالعمل السياسي ومكنتني من تجديد اللقاء المباشر بالقوى السياسية المختلفة، و اللقاء بالسيد رييس الجمهورية الاخ عمر حسن احمد البشير وإكمال إتصال سابق. وقد تعززت ثقتي بأن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للخروج من ما يكتنف الوطن من أزمات حالية وقد أسعدني ما لمسته من الأخ الرئيس من عزم على إبلاغ الحوار غاياته والإلتزام بما يتوافق عليه الناس خلال.
    وعلى الرغم من عدم تمكني من زيارة الولايات فقد حرصت على تجديد أواصر العلاقات الإجتماعية بأكبر عدد من الناس أتاح لي الوقت زيارتهم وأداء واجبات العزاء أو مشاركتهم مناسبات لم نحضرها شخصيا، كما حرصت على تلمس أنماط الحياة الإجتماعية في أحياء العاصمة المختلفة وملاحظة ما طرأ من تحولات إجتماعية وتنمية مادية.
    ثم شرفني سعادة سفير جمهورية ألمانيا بزيارة إجتماعية في منزلي حيث أتاحت له الزيارة اللقاء بأفراد الأسرة الذين عاشوا في المانيا ردحا من الزمن والآخرين الذين لم ينضموا للأسرة في المنفى الإختياري، وكانت مناسبة لتداول الحديث حول الشئون العامة والعلاقات بين السودان وألمانيا.

    وحيث أن العودة للسودان بعد 15 من الهجرة جاءت بلا ترتيب مسبق كما أشرت، فقد كان لزاما أن أعود إلى ألمانيا للوفاء بالإلتزامات وترتيب الأحوال وتنظيم أمر العودة النهائية للسودان بإذن الله.

    لقد ظللت أمينا لعهدي للحركة الإسلامية طوال حياتي العاقلة وكنت فيها عضوا ناشطا وفي صفها القيادي حيثما وجهتني وبأي الملفات كلفتني نهضت بها بحسب طاقتي لم أدخر في ذلك جهدي ليقيني الراسخ بأنه طريق فلاح جمعني بإخوة كرام منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال يحمل هم الدعوة والعمل لها وما بدلوا تبديلا، وقد وقع علينا فقد الشيخ الترابي وقعا كبيرا نسأل الله أن يلزمنا فيه التقوى والصلاح وأن يمدنا بمدد من فيوضه، وما كان للمرء أن يتأخر عن أخوانه وهم يجتهدون في ملء الفراغ وتقريب وجهات النظر الوطنية وجمع الكلمة الوطنية على هدي سواء، لذا وجبت المسارعة نحو السداد والمقاربة جمعا للصف الوطني وإكمالا ما بدأناه من مبادئ مع شيخنا الجليل من عمل جامع لا إقصاء فيه لأحد ولا تقصير بحق أحد وذلك أدنى الوفاء لأمتنا ولمبادي شيخنا الجليل حتى نلقاه ومن سبقه ومن لحق به غير مبدلين.
    والله ولي التوفيق
    د. علي الحاج محمد
    بون – المانيا 18 ابريل 2016
                  

04-25-2016, 05:44 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حوار حسن مكى مع اخر لحظة


    الاثنين, 25 أبريل 2016 10:08




    ظل يوجه سهام نقد كثيفة على إخوانه في التنظيم الإسلامي كلما وجد سبيلاً لذلك، الرجل يجبرك على أن تقلب معه كل الملفات المحلية والإقليمية والدولية، البروفسير حسن مكي علم من أعلام البلاد، مفكر وخبير إستراتيجي، كان مهماً للغاية أن نجري معه حواراً مطولاً، ونستنطقه حول ملفات داخلية وخارجية بالغة التعقيد، لم يفلح كثيرون في فك طلاسمها، لكن مكي حلق بنا في سموات هذه القضايا، وكان يضع الحلول لكل قضية شائكة ويفك شفرتها فإلى مضابط الحوار

    حاورته : سارة صالح


    كيف تنظرون لرحيل الترابي ومآلات ومستقبل الحركة اﻻسلامية ؟

    الترابي أخذ وضعية في التاريخ أهم من وضعه السياسي، وفي طبقات ود ضيف الله سماها(طبقات ود ضيف الله)،بخصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء، ولم يقل بخصوص السياسيين، ولذلك نحن في السودان نعرف الشيخ حسن ود حسونة والبشير والطيب ونعرف المكاشفي، ولكن ﻻنعلم الحكام الذين كانوا في زمانهم، فالمفكر أو الولي أوالصالح في السودان هو أهم بكثير من السياسي، فلذلك الترابي جمع بين التفكر (قدرة المفكر)، والسياسي والمصلح اﻻجتماعي، ولذلك هو شخصية استثنائية في التاريخ والسودان، ولكن اتصور أن الترابي انتهي دوره على عظمته في 1990، مع المفاصلة كسياسي، أنه كان يواجه بمشكلة وهي أن مشروعه ضرب، وتجريب المشروع لم يؤد النجاحات المطلوبة، وليس هناك معيار للنجاح أو الفشل مثل التجريب ذاته او التجربة نفسها، والحركة الإسلامية في تاريخ السودان كان فيها دائماً النشطاء السياسيين أو الذين يهتمون بالعمل السياسي، وكان فيها أيضاً مجموعة تنظميين يهتمون بالعمل الدعوي والتربوي، فالمجموعة التي كانت تهتم بالنشاط السياسي، كانت واحدة من أجندتها الوصول إلى السلطة السياسية وتطبيق الشريعة الإسلامية، سواء كان عبر الوسائل السلمية أو عن طريق الجهاد أو اﻻنقلابات العسكرية، وهذا قبل الترابي
    ومنذ بداية ظهور تنظيم الأخوان المسلمين حاولوا الوصول للسلطة عن طريق الانقلاب العسكري، إذن فإن هاتين الركيزتين: الوصول إلى السلطة السياسية وتطبيق الشريعة اﻻسلامية، لم ينجزا، لذلك فإن هذا الجانب إنتهى، وﻻ يمكن أن تقول أريد إقامة دولة إسلامية أو تطيق الشريعة اإسلامية وتجزم أنها طبقت بنسبة 100%.
    لكن الحركة الإسلامية لازالت ترفع هذه الشعارات؟

    الحاضنة الفكرية التي قامت عليها الحركة الإسلامية انتفت، لذلك الترابي ماكان لديه فكرة جديدة ليطرحها وليقنع بها الشباب أو الناس، والمرتكز الثالث الذي كان في الحركة الإسلامية أنها كانت حركة تسعى للحوار والمشاركة في اﻻنتخابات والعمل السياسي، وفي التمثيل النسبي لجامعة الخرطوم، فكأنها حركة ديموقراطية تؤمن بالأساليب الديموقراطية، ابتداء من 89 الحركة انقلبت علي هذه الركيزة مع فكرة الطابورواﻻنقياد والإذعان، وهذا خصم من رصيد الترابي ومن الحركة الإسلامية، إن الذي كان يتحدث عن الشورى والحوار والتسامح وعن الشفافية وعن المحاسبة وعن سيادة القانون وجد نفسه يعمل عكس ذلك تماماً، لذلك الترابي (إﻻ يبقى حاوي أو ساحر ليأتي باجندة أومرتكزات جديدة) لأن المرتكزات القديمة سرقت
    ومن الذي سرقها؟

    سرقها الترابي نفسه، أوسرقناها كلنا مع بعض، وأصبحت ليست لدينا قدرة على انتاج مشروع جديد أو شئ جديد، ﻻننا جربنا والمؤمن ﻻيلدغ ثلاث مرات،(إذا غيرنا في المثل) ولكن الترابي كمفكر ظل موجوداً يقاتل في مسألة المرأة وهذه من أكبر مشاريعه، ويقاتل مرة أخرى في نظريات أصول الحكم واجتهاداته عن إمامة المرأة وخيارها في الزواج وزواج الكتابية، وهذه ستظل مثار للجدل لقرون أخرى
    كيف تنظر إلى مستقبل البلاد في مرحلة ما بعد الحوار الوطني ؟

    الحوار الوطني يحتوي على ثلاث ركائز، إذا تمت سيكون خطونا خطوة نحو الأمام: الركيزة الأولى هي تجديد القيادة، والركيزة الثانية التطبيع مع المجتمع السوداني، فالآن الكثير من اﻻسلامين (المؤتمر الوطني) يتعاملون مع المجتمع السوداني باستعلائية، كأنما هم ملائكة والبقية شياطين، والفرقة الثانية على حق، والواضح أن هناك مشكلات كثيرة في البلاد فالمشكلة اﻻقتصادية الآن تكاد ﻻتخطئها العين.
    ماهو المخرج من هذه الأوضاع اﻻقتصادية في تقديرك؟

    التطبع مع المجتمع السوداني والمجتمع اﻻقليمي والمجتمع الدولي، التطبيع مع المجتمع الدولي مقتضياته تخفيف الديون أو إلغائها، لأن ديون السودان مع الفصل الأول أو المرتبات يكاد يساوي 95% من ميزانية الدولة، الآن محتاجون للتطبع، كخطوة عاجلة للتطبع مع المجتمع الدولي لإلغاء الديون وفتح باب المنح والإعانات ولرفع الحصار
    وكيف يكون التطبع مع المجتمع السوداني؟

    يكون بانتهاء الحروب والصراعات والنزاعات واﻻتفاق على عقد اجتماعي
    كيف تنظر للانشقاقات وتأثيرها داخل الموتمر الوطني ؟

    هذه جزء من أزمة المشروع الإسلامي، يعني في الوقت الحاضر سنحدد المجموعات التي انشقت من الحركه الإسلامية، سواء أكانت المجموعات القادمة من الرصيف (مثلنا كدا) أوالمجموعات رافعة رآيات وهذه أنشطها هي المجموعات الإصلاحية والاسترجاعية، والفرق بين الإصلاحية واﻻسترجاعية: فالأولى آتية من مشروع جديد، أما الثانية فتفتكر أن المنهج حدث فيه انحراف، أو بمعنى هناك مقومات تريد العودة إليها كمرجعيات، فإذا كانت هي حركات استرجاعية سيكون مصيرها نفس مصير الترابي، لأن المشروع يحتاج لخطاب جديد، وهذه الثلاث ركائز حتى إذا كانت استرجاعية وتود استرجاعها، إذا كنت إصلاحي فهذه تحتاج لتفكير جديد ورؤية وليس مجرد خطاب، أو شعارات سياسية، وهذه تفتقر له كل الرايات الموجودة، سواء كانت السلام العادل، اﻻصلاح الآن، سائحون، والمؤتمر الشعبي، والمؤتمر الوطني، والحزب الشيوعي أيضاً استرجاعي بمعنى أنه فشل حتى يغير اسمه ويلبي تطلعات منسوبيه، ويتصالح مع التدين، ويتصالح مع المجتمع السوداني، وأن هذا اﻻسم أصبح فيه ظلال منفرة بالنسبة للمجتمع السوداني، وفشل في أن يكون إصلاحياً وتشبث بالاسترجاعية (revisionist).
    باعتبارك خبير ماهو تعليقك حول أزمة سد النهضة؟

    هو حقيقة واقعة ﻻبد من أن نتعامل معها، ونتحدث مع الأثيوبيين في امكانية شق ترعتين من سد النهضة مع الكهرباء لري النيل الأزرق والحديث أيضا مع المصريين في هذا الموضوع.
    بمناسبة ذكرالمصريين كيف تنظر إلى قضية حلايب وشلاتين التي برزت من جديد ؟

    هي ليس فيها خطر يهدد وجودها الثقافي والإجتماعي، وفي يوم من الأيام سيتم اﻻتفاق حولها مع مصر، وهي دولة شقيقة ﻻبد من إبرامها بالتي هي أحسن
    كيف تنظر لمشاركة السودان في منتدى تانا؟

    تحصيل حاصل، لأن القرار الأخير بمجلس الأمن 10 فبراير كان بتوصية من الإتحاد الإفريقي ومجلس السلم، الدبلوماسية السودانية، وهذا القرار 2265 وضع السودان تحت البند السابع، إن عدم تطبيع السودان أوالتزامه مع المجتمع الدولي في قضايا المناطق الثلاث وقضايا الخبراء سيؤدي لعقوبات أونتائج خطيرة وأخطر ما في هذا القرار أمرين اثنين: الأمر الأول أنه جاء بتوصية من حلفائنا، والأمر الثاني أن الدول العربية الموجودة في مجلس الأمن صوتت لصالح القرار بالإجماع، وهذا يكشف أنه لدينا عزلة دولية وليس لدينا دبلوماسية، وأقول إن دبلوماسيتنا صفر، الدول العربية والأفريقية لم تصوت ضدنا إﻻ في محاولة اغتيال حسني مبارك
    ماهو تعليقكم حول اﻻوضاع المتأزمة في دولة الجنوب
    دولة الجنوب وصلت مرحلة إﻻ عودة وأفتكر حتى النوير العائدين بقيادة مشار راجعين بنية الثأر واﻻنتقام، والآن جوبا تتهيأ لعملية اقتتال وحرب أهلية داخلية في جوبا، نفسها تدمر وتلحق ملكال وواو وبحر الغزال
                  

04-26-2016, 05:08 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)



    كمال عمر يستحضر التاريخ (الشعبي).. السير على خطى الترابي

    تاريخ الخبر 05-04-2016






    الخرطوم: الهضيبي يس



    لم يجد الأمين السياسي للشعبي كمال عمر، منبرا أفضل من منبر حزبه الدوري ولا دارا خير من دار حزبه لجدد عهده وعهد حزبه بالمضي قدما على خطى زعيمه ومؤسسه دكتور حسن الترابي، الذي مضى على رحيله نحو شهر فقد كشف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر بأنه قد قام برفع التمام للأمين العام للحزب إبراهيم السنوسي، مؤكدا التزامه التام بكافة اللوائح التنظيمية للشعبي. وأضاف كمال الذي كان يتحدث في المنبر الإعلامي الدوري لحزبه إن السنوسي قدم العديد من المجاهدات لصالح الحركة الإسلامية منذ منتصف السبعينيات قطع في الوقت نفسه بأن حزبه لن يساق كـ(القطيع) إلى حزب المؤتمر الوطني، كما يعتقد البعض في الساحة السياسية، ومؤكدا أن المؤتمر الشعبي ملتزم بشكل قاطع بكافة المواقف السياسية التي تركها الأمين العام الراحل د. حسن الترابي، بما فيها مؤخرا قضية الحوار الوطني والتي قرر فيها حزبه الانتقال من مربع إسقاط النظام إلى مربع الحوار فيما أوصد كمال عمر الباب أمام أي احتمالات متوقعة بعقد مؤتمر تحضيري خارج البلاد، منتقدا في الوقت نفسه سياسات مجموعة قوى نداء السودان التي وصفها بلا هدف، وتسعى إلى الحصول على السلطة من خلال الاستعصام بالمجتمع الدولي.

    إستراتيجية مستقبلية

    المحامي كمال عمر نبه خلال حديثه إلى أن أطروحة المنظومة الخالفة هي إستراتيجية مستقبلية للسودان بخلاف ما ادعى البعض أنها محاولة من المؤتمر الشعبي لإعادة السودان للمربع الأول في إشارة إلى وحدة التيارات والجماعات الإسلامية بالبلاد، وأضاف "نريد من الحوار الوطني أن تعلو فيه إرادة الشعب السوداني من خلال برنامج يخدم مصالح الشعب، وليست حكومة وفاق وطني فقط"، وفيما يتصل بمخرجات الحوار الوطني وتوقعات وجود بنود واقرارات لمحاسبه قال الأمين السياسي للشعبي "نحن لسنا ضد المحاسبة بيد أنه عاد وقال يتوجب أن تكون منذ الاستقلال وأحداث عنبر جودة، ومحاسبة من تخلوا عن عدم سن دستور للبلاد حتى الآن"

    (4+4)

    كمال عمر فند اتهامات البعض للآلية التنسيقية للحوار واتهامها بالضعف بقوله إن الآلية لم تكن في موقف ضعف أبدا بخلاف ما ذهب إليه البعض، مضيفا إن الفي سعي آلية (7+7) إلى ضم الأطراف الرافضة للحوار من اجل اكساب شرعية أكبر للحوار اقرار مسبق بضعفها إلا أن عمر نفى ذلك جملة وتفصيلا ليزيد بقوله: "الآلية ليست في محل أزمة وإن ما نقوم به من مساعٍ هو إتاحة فرصة للرافضين قبيل انعقاد الجمعية العمومية في طرح قضاياهم ووجهات نظرهم " لافتا إلى أن الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي جاء مؤخرا بمصطلح جديد عقد لقاء تشاوري الأمر الذي لا نمانع فيه بلقاء الحركات المسلحة بالخارج بغرض استكمال الإجراءات الأساسية للحوار خاصة وإن منهم من يواجه بعقوبات جنائية ويظل مطارد بصورة قانونية كاشفا في الوقت نفسه عن عقد لقاء مع تحالف قوى المستقبل الأسبوع القادم حيث كونت لجنة سميت بـ(4+4) تضم ممثلين من الآلية التنسيقية للحوار في الحكومة والمعارضة وممثلين آخرين لتحالف قوى التغيير للاطلاع على المطالب وسبل التنفيذ في إطار ما يخدم مبادرة الحوار الكلية التي أكد بأن حزبه لا يسعى إلى المشاركة فيها للحصول على مناصب دستورية وتنفيذية بالدولة وإنما يبحث عن حلول لأزمات البلاد السياسية والاقتصادية والتي على رأسها الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان .

    سواق الناظر

    بالمقابل امتدح كمال عمر الدور الذي قام به نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الراحل عبدالله حسن أحمد، وموافقه من مفاصلة الإسلاميين عندما قام بكتابة استقالته وتسليم العهدة الخاصة به في الوزارة قطع بأنه يعتز بإطلاق لقب "سواق الناظر" على شخصه خاصة وأنه عمد خلال السنوات بالقيادة إلى الراحل.

    آخر الأوراق

    كاشفا أن الراحل د. حسن عبد الله الترابي، قام بكتابة آخر الأوراق عن قضية الحوار والتي كانت موجهة لشخصه في لجنة الحريات في مبادرة الحوار الوطني عازيا ذلك إلى طرق حزبه الدائم على القضية التي أكد بعدم التخلي والتمسك بها بصورة أساسية منوها إلى أن د. حسن قد رحل ولكن تظل روحه موجودة في عملية الحوار الوطني وإن عزا الحركة الإسلامية في رحيل الترابي يعود إلى دوره وسط الأحزاب والقوى السياسية حيث قام بتأدية واجب العزاء في رحيل سكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد عندما انتقل إلى الدار الآخرة.

    قائلا في تأبينه: (نحن على ثقة تامة بأن الحركة الإسلامية هي صاحبة البرنامج الأكبر بينما عاد وأكد على أن الشعب السوداني هو من يختار تطبيق الشريعة الإسلامية التي يكاد يرفض تطبيقها الكثيرون)، معددا في الأثناء ذاتها دور الترابي في التحولات السياسية والتاريخية التي مر بها السودان ومستدلا في ذلك بثورة أكتوبر وما قام به الترابي آنذاك بالإضافة إلى الإطاحة بالرئيس محمد جعفر نميري، والتخطيط لإستراتيجية إسقاط نظامه.
                  

04-28-2016, 05:38 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    1503279_640383656081329_8794914442322689759_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com




                  

05-02-2016, 05:24 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    مصطفى عثمان اسماعيل

    مشاهد ومواقف (5)

    2 ساعات 41 دقائق منذ

    حجم الخط: Decrease font Enlarge font


    مشاهد ومواقف (5)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    دكتور "الترابي" الذي عرفته
    "الترابي" السياسي والمفكر
    د. مصطفى عثمان إسماعيل
    الفكر ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول، ويُستخدم في الدراسات المتعلقة بالعقل البشري، ويشير إلى قدرة العقل على تصحيح الاستنتاجات بشأن ما هو حقيقي أو واقعي، وبشأن كيفية حل المشكلات. ويمكن تقسيم النقاش المتعلق بالفكر إلى مجالين واسعي النطاق. وفي هذين المجالين، استمر استخدام المصطلحين "الفكر" و"الذكاء" كمصطلحين مرتبطين ببعضهما البعض.
    كلمة (الفكر) والتفكير والأفكار من الكلمات الشائعة جداً على ألسنة العامة والخاصة اليوم؛ وعند عودتنا إلى معاجم اللغة نجد أنها تعرف الفكر بأنه: (إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول). ويقولون: فكّر في مشكلة: أعمل عقله فيها ليتوصل إلى حلها. ولعلنا نعرف التفكير بأنه (إعمال الإنسان لإمكاناته العقلية في المحصول الثقافي المتوفر لديه بغية إيجاد بدائل أو حل مشكلات أو كشف العلاقات والنسب بين الأشياء).
    ومن خلال هذا التعريف ندرك أن الفكر ليس شيئاً مطابقاً للأحكام والمبادئ، ولا مطابقاً للثقافة أو العقل أو العلم، وإنما هو استخدام نشط لكل ذلك بغية الوصول إلى المزيد من الصور الذهنية عما يحيط بنا من أشياء وأحداث ومعطيات حاضرة وماضية وتوسيع مجال الرؤية لآفاق المستقبل.
    وبناء على هذا فإن العالم غير المفكر، فقد يكون المرء عالماً ولا يكون مفكراً. وقد يكون مفكراً ولا يكون عالماً، وذلك لأن الميدان الأساس للعلم هو الإلمام بالجزئيات؛ أما ميدان الفكر فهو إبصار (الكليات) والاشتغال عليها؛ وقليل أولئك الذين يسمح لهم الاشتغال بالجزئيات بالتوجه إلى النظر الكلي، كما أن طبيعة الاشتغال بالقضايا الكبرى (تزهد) المفكرين في الاهتمام بالمسائل الجزئية، حيث يرون أنها مندرجة في أنظمة أشمل تتحكم فيها. ومع افتراق الطبيعيتين إلا أن هناك خطوطاً عريضة تجمع بينهما، أهمها أن كلاً من المعطيات الفكرية العامة والجزئيات العلمية الصغيرة يميل إلى الظن والتخمين والبعد عن اليقين؛ وذلك بسبب أن الجزئيات هي مناط الاجتهاد، ونتائج الاجتهاد تكون في الغالب ظنية، كما أن وفرة العناصر والمعطيات التي تساعد في تكوين الرؤى الكلية تجعلها بعيدة أيضاً عن الصلابة والجزم؛ لكن (الإحالات الثقافية) والخبرات المتراكمة تنقلها إلى حيز اليقين أو الرفض أو التعديل بعد مدة زمنية معينة.
    لكن هذا لا يهوّن أبداً من شأن المعطيات الفكرية؛ فقد أثبتت التجربة التاريخية أنه (لا شيء يضيع)؛ فالفكرة مهما كانت، تترك انطباعاً معيناً سلبياً أو ايجابياً؛ فقد تشكك في مسلمة من المُسلّمات، وقد تعزز ظناً من الظنون، وقد تنبه إلى شيء منسي، وقد تنقذ أمة من كارثة محققة!!
    وكثيراً ما يحدث أن تأتي الفكرة قبل أوانها أو في غير محيطها؛ فلا تحدث اضطراباً في الواقع العملي، وهي أيضاً لا تضيع لأنها ستشكل الخميرة التي سوف تنبت يوماً ما أفكاراً أو حلولاً حين تجد المناخ المناسب.
    وهناك إلى جانب هذا سمة أخرى أساسية للأفكار، وهي أن الأفكار التي نستخدمها في حركتنا الاجتماعية تكون في العادة ملائمة للظروف والأحوال المحيطة بها، ومهمة الأفكار إحداث تغيير ناجح في تلك الظروف نحو الأفضل والأسمى، وهذا التغيير الذي يحدث يوجب علينا تغيير الأفكار التي نجحت كما تغير الأفكار التي أخفقت، وذلك لأن تغيير الأفكار للظروف يوجدها في ظروف جديدة غير ملائمة لها، وهذا مشاهد في الأعمال الإصلاحية الكثيرة التي حدثت في العالم؛ فحين تطرح أفكاراً وأساليب لتحقيق النظافة العامة، مثلاً فإن تلك الأفكار تفقد وظيفتها وأهميتها حين تصبح النظافة عادة للناس، ويصبح الحث عليها غير ذي معنى، وحين تبلور أفكار في ضرورة إرسال الأولاد إلى التعليم الجامعي، ثم تنجح تلك في تحقيق مقصدها يصبح الحديث عن تلك الضرورة غير مفهوم وهكذا.. وهذا يعني أن كثيراً من الأفكار تنتهي صلاحيته ليس في حالة إخفاقه فقط وإنما في حالة نجاحه أيضاً.. وهذا مغاير بالطبع لحقيقة المبادئ والقيم العليا التي تتأبى على التحقق الكامل، ويظل بينها وبين التمثل الواقعي هوة دائمة مما يصونه من الاستنفاد، ويجعل الحاجة إليها مستمرة، ويكمن مقتل النهضة الفكرية في كثير من الأحيان في التشبث بأفكار حققت غايتها، وفقدت وظيفتها، والزهادة في مبادئ توجب طبيعتها الخاصة وجوب المحافظة عليها؛ لأنها تمثل محور الحياة الفكرية التي لا قوام لها بدونه.
    أهمية الفكر، صدّ تأكيد كثير من مفكري المسلمين على أهمية الفكر كثيراً من الشيوخ والشباب عن الاهتمام بمناهج الفكر وقضاياه، ظناً منهم أن ذلك الاهتمام سيكون على حساب العمل والتربية والأخلاق والسلوك.. وسبب هذا الظن أننا حين نتبنى توجهاً معيناً في الإصلاح نلح عليه إلحاحاً يوهم الآخرين بأننا لا نرى سواه، وأننا نهمل ما عداه؛ ومن ثم فإنني أبادر إلى القول: إن استقامة الفكر ونقاءه ليس بديلاً عن التربية ولا الأخلاق ولا أعمال الخير ولا الحركة الدعوية، ولكنه الشرط الأساس لصوابها ورشدها، فمهمة الفكر رسم مخطط الحركة وجعلها اقتصادية، بحيث تتكافأ نتائجها مع الجهد والوقت المبذول فيها، كما أنه يحيّد كل الوسائل والأساليب التي ثبت قصورها ويكثف الخبرات والتجارب المكتسبة في بعض المقولات والمحكات النهائية، ويساعد على طرح البدائل والخيارات في كل حقل من حقول العمل، وهذا كله لا يتأتى عن غير طريق الفكر.
    فكر التربية عند الترابي: كتب الكاتب "وائل علي" تحت عنوان (مراجعات الترابي الفكرية متى يقرأها الإخوان)، حيث قال كان أول ما ابتدعه "الترابي" في فكر الإخوان الجديد، عقب الانشقاق، هو رفضه التام لفكرة التربية التنظيمية ونظام الأسر والحلقات، إذ قال إن فكرة التربية التنظيمية التي تمارس داخل الإخوان أشبه بتربية الدواجن، إذ يتم حشو رأس الشباب بأفكار عامة وشعارات رنانة عن الإسلام والعمل له والدولة الإسلامية، دون تثقيفه بما ينفعه لتحقيق هذه الغايات بدراسة العلوم السياسية والفلسفة والآداب والفنون.
    يرى "الترابي" أيضاً أن التربية داخل الإخوان تعتمد على التلقين، ولا يوجد مجال واسع للحوار والمناقشة، معتمداً في رأيه هذا على المنهج التربوي الذي يدرس للإخوان في الأسر الذي يوصي بعدم الجدل في أي شأن من الشؤون، أيا كانت، فإن المراء لا يأتي بخير)، ودائماً ما استخدمت للحسم، ولكن على الرغم من رفض المراء فهو يرى أن قفل باب الجدل في كل الأمور هو ترسيخ للديكتاتورية التنظيمية والسيطرة الأبوية، التي أخرت الفهم الصحيح للشورى وإلزاميتها والتدريب على الجهر بالرأي المخالف، يقول الرسول الأعظم "صلى الله عليه وسلم": (لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس أن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم).
    أولوية الدولة عند "الترابي" حيث تأتي مراجعة "الترابي" لأولوية الدولة على المجتمع كأهم مراجعة قام بها مفكر إسلامي في العصر الحديث، فدائماً يكتب الإخوان المسلمون في مطوياتهم ومنشوراتهم أن أهدافهم تنحصر في تكوين الفرد المسلم (سليم العقيدة، صحيح العبادة،...) ثم تكوين الأسرة المسلمة، ثم إنشاء المجتمع المسلم، ثم الوصول إلى الدولة المسلمة، ثم الوصول إلى الخلافة وما يسمونه بأستاذية العالم، وطبعاً هذا فكر طموح جداً وغارق في المثالية بالنسبة لـ"حسن الترابي"، الذي يرى أن فكرة العمل على الأرض في الدعوة، كما هي طريقة الإخوان والسلفيين، دون العمل على التغيير من فوق بالعمل السياسي أو خلافه، هو ضرب من العبث. ويعتقد جازماً أن التغيير الذي تصنعه الدولة في حياة الأفراد ربما يكون أقوى من أي تأثير دعوي وعظي، ويبدو أنه متأثر كثيراً بدراسته القانونية والدستورية لماهية الدولة، التي تعتبر نفسها مسؤولة عن كل شيء كما يرى "ثوماس هوبز" في فكرة الدولة التنين، التي تسيطر على كل شيء في حياة الإنسان، بما في ذلك (الكنيسة والدين والمعتقد)، ولذلك يرى "الترابي" تكوين الفرد المسلم ثم الأسرة المسلمة ثم الدولة الإسلامية ثم المجتمع المسلم.
    تعد الدولة عند "الترابي" أهم أدوات التغيير، وينقل عنه أحد أشهر تلاميذه، الأستاذ "المحبوب عبد السلام"، أن نهج الإخوان المسلمين المعتمد على العمل الدعوي والانتشار على حساب العمل السياسي سيحولهم من تيار سياسي إلى طائفة دينية، وهذا ما ثبت حدوثه في كثير من الدول والمجتمعات الإسلامية.
    ولعل الدرس الأكبر الذي يمكن أن يستفاد من حياة وأفكار تجربة "الترابي"، هو وقوفه ببصيرة نافذة وقدرة فائقة على التأقلم والتعلم أمام معضلة الدولة الحديثة وعلاقتها بالإسلام من ناحية وبالحداثة الغربية من ناحية أخرى، قال عنه المهندس "الطيب مصطفى" رئيس تحرير صحيفة (الصيحة) في مقاله التأبيني تحت عنوان (رحمك الله أيها العملاق)، فهو كذلك لا أبالغ إن قلت ما من رجل أثر في مسيرة السودان السياسية مثلما فعل شيخ "حسن" الذي على الرغم من أنه لم يبنِ مجده السياسي على إرث طائفي أو قبلي قد وضع بصمة بل بصمات كبرى في المشهد السياسي السوداني منذ أن التحق بمسرحه المضطرب من خلال إسهامه الضخم في إشعال ثورة أكتوبر 1964م عبر محاضرته الشهيرة في مواجهة نظام الفريق "إبراهيم عبود" داخل جامعة الخرطوم التي كان قد جاءها محاضراً ثم عميداً لكلية القانون بعد حصوله على درجة الدكتوراة من جامعة (السوربون) بـ"فرنسا". ذلك الدور الأكتوبري هو الذي منحه الكاريزما التي أهلته لحصد أكبر عدد من أصوات الخريجين في الانتخابات التي جرت عام 1965م ودفع به كذلك لقيادة الحركة الإسلامية التي كان له دور مدهش في الانتقال بها إلى حركة جماهيرية واسعة الانتشار وتحقيق طفرات مدهشة هي التي جعلت منها رقماً صعباً في المشهد السياسي السوداني.
    وتجدني أردد ما رثاه به تلميذه "أمين حسن عمر" قائلاً:
    زعموك مبتدع لأنك مبدع فهم الجناة ولست أنت الجاني
    صرح الديانة شدته بعــــــــــزيمة ورفعت أسقفه على الأركان
    والدعوة الغراء أنت أمامها للنهضة العصماء أنت الباني
    حكم الشريعة أنت كنت بصيره ونصيره بفصاحة وبيان
    علمتنا نحـــــــــيا الحيـــــــاة عزيزة ودعـــــــــوتنا لمحبــــــــــــة الأوطان
    دون شك إن شخصية "الترابي" السياسية ما كان لها أن تحتل هذه المكانة المرموقة لولا صفات توفرت فيها مثل العلم والشجاعة والمبادرة، وهذا ما سنتعرض له في مقالنا القادم إن شاء الله.
    نواصل
                  

05-09-2016, 06:16 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    مشاهد ومواقف (6)




    مشاهد ومواقف (6)


    دكتور "الترابي" الذي عرفته
    كاريزما وصفات القيادة: "الترابي" الشجاع (الذي لا يخشى أحداً غير الله)

    د. مصطفى عثمان إسماعيل


    القيادة عملية مهمة وضرورية لإنجاز أي عمل من خطواته الأولى في التخطيط ثم التنفيذ والتقييم، وهي مهمة تناط بالقائد الذي ينظم ويدير العمل بناءً على أسس شخصية ومؤسسيّة، ويعتبر القائد أحد أفراد المجتمع، ولكن بسبب تميّزه بعدد من الصفات المختلفة عن غيره، أصبح يُسير أمور مجموعة معينة من الأفراد، وقد تكون تلك المجموعة كبيرة أو صغيرة، ويجب أن يتميّز القائد بمجموعة من الصفات الطيّبة والحميدة ليكون قريباً من أفراد مجموعته وأكثر معرفة مما يعانون من مشاكل وتحدّيات.
    يعتقد الكثيرون أنّ القائد هو الرئيس ولكن ذلك الاعتقاد خاطئ، فالقائد يتميّز بالحنكة، والذكاء، والقدرة على السيطرة على الأمور والمتغيّرات التي حوله أكثر من الرئيس.
    *صفات القائد الناجح
    الشجاعة وعدم الخوف إلا من الخالق عز وجل، فذلك يجعل القائد مُقدّماً على كلّ الأمور بروح قويّة مؤمنة بالنصر من الخالق، فهو بذلك يحمي أفراد مجموعته من الأذى الناتج من المجموعات الأخرى، وغالباً هذه الصفة يجب توفّرها إذا كان القائد عسكريّاً، ثم الالتزام، فهو يجب أن يكون متحلّياً بهذه الصفة ويكون صاحب كلمة واحدة ورأي واحد لا يتغيّر بأي من المؤثّرات الخارجيّة، كما يجب أن يلتزم أمام الأفراد الذين يقودهم بتأمين الحماية والأمن لهم.
    التفكير العميق قبل أخذ القرارات المصيريّة الخاصّة بالمجموعة، فيجب أن يمتاز بالذكاء والفطنة وأن يكون ذا سياسة سلمية مرغوبة من قبل الجميع، ثم التواصل مع أفراد مجموعته باستمرار، ومعرفة متطلّباتهم واحتياجاتهم المتجدّدة، فذلك يزيد من محبّته ويزيد من تمكّنه للبقاء قائداً لفترة أطول.
    التغيّر المناسب حسب كل من الزمان والمكان والتغيّرات التكنولوجيّة والصناعة، فلكل عصر مجموعة من متطلّباته المتغيّرة التي يجب أن تتوافر له، فذلك يزيد من معرفة أفراد مجموعته وبالتالي تقدمهم في العمل.
    الاستماع وأخذ رأي الآخرين، فالإنسان غير معصوم من القرارات الخاطئة والتي قد تؤدّي إلى كوارث، لذلك يجب أخذ رأي مجموعة متميّزة من أصحاب العقول المثقّفة والمتعلّمة عند الإقدام على فعل أمر يَخصّ المجموعة، تقديم الفعل وليس الكلام فقط، فالقائد يجب أن يكون ذا شخصيّة واثقة وقويّة قادرة على الكلام ومن ثمّ الفعل، فذلك يزيد من تطوّر المجموعة وتصبح متميزة عن غيرها، عدم الانفراد بالعمل والأنانية، بل يجب توزيع الأعمال المختلفة على أفراد المجموعة، ويجب على كل فرد أن يقوم بالعمل المناسب من طريقة تفكيره ومن خبرته، قادراً على التشجيع وبثّ روح الأمل لدى أفراد المجموعة، فكثير من أفراد المجموعة يكون قد وصل حدّ اليأس ووصل إلى مرحلة اللا مبالاة ليأتي هنا دور القائد في دفعه للأمام وتغيير الأفكار السلبية التي تدور في ذهنه. النشاط والحيويّة وحبّ العمل، فجميعها صفات يجب أن تكون موجودة في القائد الناجح.
    القيادة والدعوة إلى الله لا بد لها من صفات تتوفر في صاحبها، إذ أن المواقف والابتلاءات والمزالق التي تعترض طرق القادة والمفكرين والدعاة إلى الله، لا حصر لها ولا عدد وتزداد يوماً بعد يوم ويبقى سلاح العلم والإيمان هو السلاح الأمضى والأقوى والأنفع لصاحبه للسير في هذا الطريق، وعلى الرغم من أن طريق الدعوة إلى الله هو طريق خير وفلاح، إلا أنه محفوف بمصاعب جمة ومكاره لا حصر لها كيف لا وهو طريق الجنة (وقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)، فلا بد من توفر صفات جِبِلِيَة كالشجاعة: الشجاعة صفة ملازمة للقادة ودعاة الإسلام، وإذ نقتدي بشجاعة رسول الله في المواقف الصعبة (كموقف غزوة حنين، وقول أصحابه – كنا إذا احمر البأس نتقي به)، وهي من المستلزمات الأساسية للدعوة والقيادة وإدارة شؤون العباد والأمصار.
    وكما أن لكل شيء ميزان، فالشجاعة لها حدود وإلا كانت تهوراً وسفاهة.
    وعلى الداعية أن يتحلى بالشجاعة كصفة لازمة ملازمة له، والخوف فقط من الله تعالى.
    القوة: القوة من صفات الداعية يسيرها إما للخير أو للشر، ويجب على الداعية المسلم التحلي بالإيمان والخير.
    والقوة نوعان: (قوه بدنية، وقوة فكرية).
    أما القوة البدنية فقد حث الإسلام عليها ونستشهد بمواقف رسول الله سواء فعلاً أو قولاً، في السنة النبوية، أما القوة الفكرية فتندرج تحتها عدة قوى وهي (التحمل، والإدراك، الصبر، العلم، وقوة التلقي.. الخ)، وحث الإسلام عليها قال تعالى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً)، وقد أشار إليها الإمام "حسن البنا" في الأصل الأول من الأصول العشرين.
    فأين "حسن الترابي" من كل هذه الصفات؟
    في الشجاعة "حسن الترابي" أكثر القادة السياسيين تعرضاً للسجن في عهود مختلفة، وقراره بالذهاب للسجن عند تفجر ثورة الإنقاذ الوطني كان لحماية الحركة من احتمال فشل الانقلاب، فاختار أن يضحي بنفسه، صحيح كان هنالك هدف آخر لإبعاد الاستهداف من أول يوم إن اتضح أن الحركة الإسلامية خلف التغيير الذي حدث.
    "الترابي" لم يفكر في يوم من الأيام أن يلجأ أو يهرب للخارج ويترك حركته وزملاءه يواجهون بطش الأنظمة، وكم من مرة اقترحنا عليه العمل من الخارج، فهو أءمن وأسهل للحركة لكنه كان يقول السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه، كان يقول العمل من الخارج ارتهان للنظام الذي تلجأ إليه وقد يقود للعمالة والخيانة للوطن، وإن نجح التغيير بدعم من الخارج فقد تكون الفاتورة التي تدفعها كبيرة على حساب استقلال القرار الوطني، هذا هو "الترابي" منذ نشأته السياسية وحتى وفاته تضحية بلا حدود، قال عنه الكاتب المفكر "عبد الباري عطوان" الدكتور "الترابي" لا يتميز فقط بعلمه الغزير ولا بإجادته لأكثر من ثلاث لغات عالمية الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وإنما يتميز أيضاً بابتسامة لا تفارق وجهه حتى وهو متوجه إلى الزنزانة.
    الشجاعة والجهر بما يؤمن به وإن خالفه الآخرون، لا يبالي بالهجوم والنقد اللاذع والتجريح الشخصي. فلنأخذ مثلاً موضوع المرأة، فكر "الترابي" وقضية المرأة واحدة من القضايا التي أظهر فيها "الترابي" شجاعة وتصدياً للهجوم العنيف والمناظرة المباشرة وفي أماكن مكشوفة ومكتظة بالمهووسين والمتشددين من غير حراسة إلا من الله سبحانه وتعالى.
    كتب "الترابي" مراجعات مهمة في قضية المرأة في كتاب (المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع)، يؤكد فيها أن "الذكر والأنثى سواء في عدد من الأمور، فهما سواء في الإيمان والتدبر والفقه لآيات الله في الطبيعة والشريعة، وسواء في الزوجية، وسواء في الوالدية، وسواء في الأهلية في شأن المال كسباً وملكاً بالوراثة أو الإنتاج، وسواء في كسب العلم تعلماً وتفقهاً واجتهاداً وتشاوراً".
    لعل أشهر ما قام به "الترابي" في حياته هو محاولته الحقيقية لإنجاز دستور لدولة إسلامية معاصرة، في 1998، وقام بذلك كفقيه دستوري عصري، وأبرز النصوص الداعمة للمرأة التي نص عليها دستور "الترابي" الذي يسمى في السودان بدستور (التوالي السياسي)، حق المرأة في الانتخاب والترشيح لجميع المناصب في المجالس التشريعية والمحلية، بما في ذلك منصب الرئاسة، وكذلك أكد الدستور على المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وأقر بأحقية المرأة في الوصول لأرفع المناصب القضائية، سواء كان قضاءً شرعياً أو قضاءً جنائياً أو قضاءً مدنياً، وقد طرح كل هذه الأمور بشجاعة وحكمة دون خوف ممن أهدر دمه أو ممن كفره واتهمه بالابتداع والزندقة.
    في تقديري تسمية الممارسة الديمقراطية بالتوالي السياسي كانت محاولة جادة من "الترابي" لتجاوز سلبيات الديمقراطية الغربية التي خلفها الاستعمار، ديمقراطية قائمة على الصراع في مجتمعات هشة لم تتجاوز بعد التخلف في التعليم والصحة والبنى التحتية وفوق ذلك النزاعات الجهوية المدمرة، ولكننا كما يقول الشاعر: وأمرتهم أمري بمنعرج اللوى **** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد .
                  

05-10-2016, 04:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حسن الترابي : البريق والصدأ ( 2 )


    حسن الترابي : البريق والصدأ ( 2


    05-10-2016 11:34 AM
    خالد بابكر أبوعاقلة

    من أغرب اتجاهاته التي تبناها في نظرية الدولة أنه تبنى وبعد عشرات من السنين من الحكم الفردي , والتجارب الدموية الفاشلة , نوعا من أنظمة الحكم تخلت عنها كثير من الشعوب , وكانت نتائجها إنفراط نسيج الوحدة بين شعوبها , وتقهقرها الاقتصادي , وتخلفها التقني . ولما كان هدف دولته الرئيسي , من البداية , وبحكم الطريقة التي استلم فيها السلطة بجماعة صغيرة ,حماية نفسها من الخصوم , وتحييد الدولة وجيشها وبيروقراطيتها في الصراع الاجتماعي حتى لا تلفظه أو تقف مع أعدائه في صف واحد , فإنه تبنى شيئين رئيسيين هما أولا ٍالعنف الفيزيائي الذي أنتج الحروب وثانيا الأيدولوجيا الدينية التي أنتجت سلوكيات الكذب والتضليل والارتماء في أحضان الأجنبي . وكان من أهم وظائف الأيدلوجيا الدينية إضفاء الشرعية على العنف , ومحاربة أعراف اجتماعية راسخة افرزها التطور المدني , واتجاهات وجدانية أفرزها الوعي والتعليم . كانت ومازالت الحركة الإسلامية التي فقدت كل وظائفها ولم يبق لها سو ى وظيفة واحدة أنها مازالت وبمد أذرعها داخل السلطة جهازا لخلق الأيدلوجيا جنبا إلى جنب مع مؤسسات كهيئة علماء السودان وجماعات كأنصار السنة ومنعت الأيدلوجيا التطور داخل السلطة وتوسيع المواعين ديمقراطيا والحفاظ على الاتفاقيات مع المعارضين وكتابة دستور دائم يضم أشتات الوطن بين جناحيه ,ولما كانت الأيدلوجيا بكافة صورها ومنها الدينية أداة انفصال واضمحلال وتقسيم فإنها ساعدت على تصاعد الحروب القديمة وخلق أماكن لصراعات جديدة . من طبيعة الأيدلوجيا أنها وحتى ولو كان معتنقوها من الأخيار والملائكة الأبرار أنها لا تقسم الأوطان بل وتقسم كذلك الأفكار والمعتقدات وتقسم الدين الواحد إلى عدة أقسام متشاكسة لا يمكن أن تتحد أبدا فكما قامت دولة الترابي بتقسيم الوطن الذي وجدته موحدا قامت كذلك بتقسيم الإسلام والمسلمين ولأجل ذلك حولت أجهزة كالنظام المدرسي والإعلام والجهاز الثقافي إلى أجهزة أيدلوجية تحاول من خلالها تنميط السكان والسيطرة عليهم وإدانتهم بالمروق والتخلي عن الإسلام الصحيح .

    تميزت الدولة التي وجدها حسن الترابي وهي دولة حديثة من طراز عجز عن التطور والتلاحم مع الشعب بشيئين : أنها دولة اندمجت مع الجهاز البيروقراطي فتولد الفساد والعجز عن التطور السياسي والبنيوي بعد أن أفرغته أيديولوجيا من الأكفاء والخبراء واستبدلته بالأصفياء والموالين . وأنها دولة اضمحلت اقتصاديا ببيع تقريبا جميع مؤسساتها القديمة عن طريق الخصخصة وفي نفس الوقت عجزت أن تكون جزءا من الحركة الاقتصادية الاجتماعية ومن نظام حقوقي شامل وأن تكون شريكا ومحركا في نظام اقتصادي متعدد الأطراف وكثيف في التمويل ورأس المال فتميزت الدولة بخلوها من المشاريع العملاقة , وبينما اضمحلت اقتصاديا وبفعل النزعة الأيدلوجية التي أنتجت نظاما فرديا تضخم الجانب العسكري الجهادي الذي استبدل فكرة الوطن بالعقيدة مع أن العقيدة أصبحت جزءا من الوطن منذ مئات السنين وجزءا من الإنسان ومهما اختلفت العقائد يمكن لها أن تذوب داخل فكرة الوطن وإلا كانت بابا للتقسيم وسببا للتناحر والحروب . وباستبدال فكرة الوطن بالعقيدة تكونت المليشيات ويا للغرابة ليست على أسس دينية وإنما عنصرية وسلالية . فإذا تفرق الناس عقائديا فإنهم سيتفرقون بعد ذلك تحت كل واجهة جهوية أو عنصرية , فما أن تتفكك فكرة الوطن حتى تظهر مكوناتها الصغيرة فيتفكك الناس على أساسها تحت واجهات أصغر كانت مختفية تحت الوحدة الدينية . فالوطن هو الفكرة الجامعة وهوالعقلية الجمعية والمكان دائما يؤثر على الفكر والعقل والاتجاهات . وتضخمت الدولة عسكريا واندمج العسكر في السلطة ولولا هذا التضخم وتلك الأيدلوجيا الفقيرة التي كانت بحجم حركة إسلامية صغيرة العدد وذات شعارات فضفاضة فوقيه لا تدعمها قوى اجتماعية , والتي أصبحت بحجم دولة انكمشت لتساويها وتتشابه بها , لكان الطريق الذي ُمهد أكثر من مرة وبرعاية دولية لكان سالكا لينتج التحول الديمقراطي والتبادل السلمي للسطلة الذي ألغته الأيدلوجيا الدينيةوالمشاركة العامة في إدارة وطن متعدد وشاسع .

    الأيدلوجيا ليست شيئا محايدا في المجتمع فهي إما في يد جماعة أو في يد طبقة , وهذا ما لم يفطن له حسن الترابي عندما جمع بين الأيدلوجيا والعسكر في نظام واحد . وجمع بين الفيدرالية والحزب الواحد فانهارت أهم مستوياتها وهوالمستوى المحلي . وتعطلت الحكومات الولائية التي تحولت إلى حكومات أمنية , فقد كانت التعبير الأسمى عن أزمة الحكومة الاتحادية في المركز التي تتشابه مشاكلها مع مشاكل أي حركة إسلامية في أي مكان في المعمورة . فظهرت مشاكلها في ا لعلاقات مع دول الجوار والمؤسسات العالمية وضعف الاستثمار مع أن الاقتصاد استثماري مفتوح على العالم وضعف التعاون والثقة المتبادلة . فكانت دولة الترابي لها نفس أعراض أي حكومة أو إدارة أقامتها داعش في الأمكنة التي كانت تحت إدارتها , فقد كانت فاشلة عسكريا رغم التمويل العسكري الكبير وكانت اقتصاديا تقوم بنهب الثروات واخلاء المدن من السكان وارتكاب المذابح ورفض المدنية الحديثة . هذه هي دولة الترابي التي رأيناها في نهاية القرن العشرين والتي ولابد إلى زوال . دولة العنف الفيزيائي والأيدلوجيا .

    اختطف حسن الترابي الدولة الحديثة التي كانت قائمة في السودان واختطف أفكارها التي ترسخت عبر سنوات من الكفاح و الممارسة و الشرح . فالسلطة التشريعية حتى في الدولة الإسلامية القديمة فضلا عن المدنية الحديثة كانت غير خاضعة بتاتا للدولة وسلطتها التنفيذية , فجعلها منقادة لها انقيادا مخلا مع أن الفقه نفسه متعدد الجوانب والرأي , وكانت الشريعة لسان حال الضعفاء والمحرومين فأصبحت , الناطقة بمصالح الأقوياء والأثرياء الجدد الذين حلوا محل الدولة اقتصاديا وأصبحوا ممثلين لها مع الدول الأخرى اقتصاديا , وكان الفقهاء وشريعتهم يمثلون الشعب أمام السلطة السياسية وأصبحوا في دولة حسن الترابي يمثلون السلطة ويعبرون عنها ويفتون لها ضد الشعب ومعهم محاكم وجنود وسياط تساعدهم في ذلك .

    كانت الدولة الإسلامية بصورتها المعهودة القديمة بسيطة التركيب والوظائف وكانت مفتقرة إلى البيروقراطية والجهاز الإداري الذي ميز الدولة الحديثة فكانت الدول الإسلامية في كل مكان ظهرت فيه عاجزة تماما عن اختراق المجتمع إداريا فعجزت عن تطويره وتركت أمر الدين للقضاة الذين كانوا بعيدين عن السلطة التنفيذية وكانوا في معظم الأحيان يعملون بلا أجر إذا كانوايمتهنون مهنا أخرى . وعندما ورثت دولة حسن الترابي الدينية بيروقراطية حديثة منظمة متعلمة تدعمها معاهد لتعليم الاقتصاد والإدارة والتنظيم وثقافة قام بإفراغها من معانيها الحديثة , وأهدافها الوظيفية إذا اعتبرها وهي الحديثة معادية للقديم وتقف في صف الضد من الماضي بل وصل ضمنيا إلى ( تكفيرها ) فخلق بالتالي دولة معادية للمجتمع متهمة إياه أخلاقيا ولا تقبل اتجاهاته الحديثة والمدنية , ولا بنياته الأساسية التي قامت عليها هويته وأذواقه ونمط حياته , ولا رغبته في الديمقراطية , فقام بفرض دولة الوصاية عليه .

    دولة اليوم من ناحية أخرى وهي دولة التخصص والوظائف وفرض الضرائب بعيدا عن الزكاة التي لا يمكن أن تعول دولة أو مجتمع قامت في النهاية ولهذه الخاصية بالذات بابتلاع حركته وتقسيمها وجعلها متناحرة دون نظرية دينية محددة في ما تعنيه الدولة الإسلامية وكيف تتكون وتحكم ...
                  

05-11-2016, 07:55 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    في رثاء الشيخ الترابي

    لا تحسبوه ممات شخصٍ واحدٍ فممات العالمين مماته

    صديق محمد عثمان
    ****
    شمل الهدى والملك عم شتاته والدهر ساء وأقلعت حسناته
    بالله أين الناحل الذي لله خالصة صفت نياته
    لا تحسبوه ممات شخص واحد فممات كل العالمين مماته
    *****
    (أبيات الأصبهاني في رثاء الناصر صلاح الدين.)
    *****

    أخرسنا الحزن..... فمن شأن النوازل انها تصيب وظائف الفكر السليم فتشل حركته تماماً كما أصابت علة القلب وظائف جسد الشيخ الترابي نهار السبت الخامس من مارس ٢٠١٦، والموت هو النازلة التي لم يهيء المولى العقل البشري للاعتياد عليها على كثرة وقوعها وتكرارها، وموت الأعزاء أشد مصابا على النفس لكأنه ينزع الاحشاء يجرها جرا الى الدار الآخرة التي يمضي اليها الأموات.

    لذلك تعهد المولى عباده الذين تفجعهم مصيبة الموت بالبشرى اذا سارعوا اليه يردون حركة فكرهم من مسارات الجذع ويضعونها في الطريق القويم اليه ( انا لله وانا اليه راجعون)، ويرجعونا الى ذات السبيل الذي تمضي فيه الأرواح تعود الى منشأها الاول، والذين يفعلون ذلك لابد أنهم يستخدمون رصيداً هائلا من الصلوات والرحمة التي ظلوا يوالون على ادائها ويواظبون على أقامتها، لذلك يبشرهم المولى بمضاعفة رصيدهم من الصلوات والرحمة ويبشرهم بالهداية والفلاح.

    لم يكن الشيخ الترابي قائداً سياسياً او مفكراً من الطراز الذي تتراكم لديه المعارف بكثرة القراءة او طول الممارسة، ولكن اختصه المولى منذ البداية بمؤهلات لا تتوفر الا للقلائل الذين يهيؤهم المولى للقيام بادوار خاصة. فقد أمتاز على الآخرين بامتلاكه ادوات تفعيل مصادر المعرفة واستنباط قدر هائل من المعارف على نحو جعله من الذين لا يخشون تنافسا فيحتاطون لذلك بحجب المعرفة واحتكارها، بل كان من افضل الناس سعيا في تمليك الآخرين مهارات وأدوات إستنباط المعرفة وكان يجهد نفسه في استفزاز الآخرين للتسلح بالعلم والمعرفة، يحتفي بالعقل النقدي ويشجعه ويواظب على ابتدار الحوارات.

    كان رحمه الله يتذكر نشأته الاولى وحرصه على أن ينهل من علوم اللغة والحديث والقران الكريم وفق برنامج صارم، ولكن رتابة حركة الحياة وطبيعتها في السودان كانت أدنى من أن تسهم في استفزاز معارفه التي يتحصلها، حتى إذا ذهب للدراسة في الجامعات البريطانية والفرنسية بدأت نصوص ما اختزنه من معارف تتنزل على واقعات الاحداث كما كان القران يتنزل لأول عهده، وهذا ما دفعه الى ان يحشد طاقاته في تحريك عجلة الحياة السياسية والفكرية في السودان فور عودته من الدراسة فوق الجامعية.

    والراصد لحركة الشيخ الترابي منذ عودته من الدراسة بالخارج يلحظ انه لم تستغرقه حركته الخاصة فما أن انتظم في صفها قياديا حتى شرع يدبر أمورها ويرتب صفها ويصوب مناهجها دون أن ينقطع معتكفا داخلها مستغنيا بهذه المهمة الجليلة عن الإسهام في قضايا الشأن العام للبلد لانه كان يؤمن أن التوحيد ليس عقيدة مجردة وتصور افتراضي لمعتقدات غير محسوسة، ولكنه منهج عملي يسعى لتوحيد قضايا الحياة كلها لتتصل بخالقها وتستلهم من وحدانيته توحدها في سبيل سالكة اليه سبحانه. ويلحظ المرء ذلك في منهج مقاربته للقضايا شأنا عاما او ما يلي خاصة حركته، ومن ذلك تصعيده الدعوة الى كف الحرب عن الجنوب وتصويب الجهود نحو حل شامل للازمة الدستورية التي كانت تعاني منها البلاد حينها تحت الحكم العسكري، واستطاع بما اوتي من فصل الخطاب وانطلاق اللسان وبيان الحجة ان يرجح قضايا معنوية كقضية الحريات على قضايا مادية رغم ان الاوضاع الاقتصادية لم تكن بالضيق الذي يهي الشعب للثورة على نظام الفريق عبود ، وفي داخل الحركة قادها بسلاسة شديدة لتعبر فوق جسر جدل تعريف نفسها أهي جماعة ضغط على الحزبين الكبيرين ام جماعة مستقلة تقوم متعاونة معهما ومتنافسة في ذات الوقت، و من ذلك دخول الحركة فورا في تحالفات مع تيارات داخل الحزبين وتيارات حديثة ما كان لحركة إسلامية تقليدية ان تحدث نفسها بالجلوس اليها. وعلى طريقته في الخبب الى الله سرعان ما نقل الحركة فوق جدل تليد بين نهج التربية و السياسة ، لانه كان يرى ان التربية ليست رهبانية منقطعة عن الواقع معتزلة لتطوراته بل ان نازلات الاحداث هي مسائل منهج التربية التي يختبر فيها الانسان نفسه بتطبيق ما يقرأه في الصلاة من احكام وقوانين على معادلات الحياة ويمتحن درجة استقامته على تلك القوانين التي يرددها باللسان.

    وما من شخص يضاهي الشيخ الترابي في وضوح الرؤية والهدف فمهما تقلبت به الأحوال واكتنفته ابتلاءات وتصاريف الزمان فقد ظل أمينا لعهده واثقا من وجهته، ومن ذلك انه كان اقدر الناس على تجاوز فترات الاستقطاب الحاد الذي ينتج عن استشعار الآخرين لخطر تعاظم دعوته فلا يتركون سبيلا لا يسدونه عليه ولا وسيلة للإقصاء لا يستخدمونها ضده، ولكنه كان بارعا في شغل خصومه بنفسه يبذلها هينة يشغل بها تفكيرهم ويدفع بها غلوائهم عن حركته، فعل ذلك في مايو حين أشفق بعض تلاميذه من اثار ثورة شعبان عليه وهو رهين أسر جبروت السلطة، فكان ان اوحى لهم :
    والي التطريب غرد وانا منك قريب يا حمام
    في ما تسريب وإلزام ما دمت مريب بحرام
    والمعنى ان يمضوا في خط مصادمة السلطة ليردوها عن جهالة التجبر من غير تسريب او افراط في الامر ما لم يقارفوا حراما. وتلك من ميزاته العظيمة اذ انه في عنفوان الخصومة لا ينسى ابدا ضوابط وحدود الاختصام وحرمات المواجهة مهما تعنفت. ولعل ذلك ما كان يمكنه من تجاوز هذه الفترات الحادة سريعا على نحو جلب له ألقاب وأوصاف البراغماتية ، فما كادت السلطة في مايو يظهر عليها الإرهاق من فرط ما استغرقت طاقتها في مواجهة الجميع، حتى التقط المبادرة للمصالحة من دون ان يشترط لنفسه وحركته غير حرية الحركة، فلما حاولت السلطة استدراجه وحركته بإغراءات المنصب والسلطة لم يخفه الاغراء ولا ( نساء بني الأصفر ) ولا ( القوم الجبارين) الذين قد يفترسون حركته بآلة السلطة العاتية، بل احتاط باتخاذ التدابير اللازمة لضبط حدود التعامل مع السلطة والمنصب ولجم ما قد يتبدى من ضعف النفوس ثم لما استوفى شروط العزم فوض أمره لله وتوكل عليه واقدم، وبذلك وحده ووفق هذه العزيمة وحدها كانت ثمار مصالحته السلطة المايوية عظيمة وفتحا كبيرا لحركته.
    وفعل ذلك خلال فترة الديمقراطية التي اعقبت انتفاضة ١٩٨٥ وقد قام عليه الخصوم السياسيين يستهدفون عزله وحركته بحجة مشاركتهم في مايو التي صنعها الذين تولوا كبر الحملة عليه وشارك فيها جميع الآخرين الذين تضافروا معهم عليه، فاستقام يدفع غلوائهم دون شطط او تجاوز، بل بذل نفسه يشغل بها الخصوم عن باقي حركته فلما انجلت المعركة السياسي الانتخابية بنصر كبير لحركته لم يدع العجب والزهو يقوم حاجزا بينه وبين الذين حاولوا وأد حركته، فما ان لاحت منهم التفاتة وجنوح نحو التآلف حتى بادلهم التحية باحسن منها وفاقا وائتلافا.

    ومن عجب ان الرجل الذي شغل الناس لأكثر من نصف قرن من الزمان، أعجز خصومه ان ينالوا منه على كثرة ما ظل يبذل نفسه حائطا يتلقى بها الضربات عن حركته. فلا يعرف رجلا في التاريخ الحديث خاض غمار الحياة السياسية بكل تقلباتها ثم استطاع ان يحتفظ بأعلى درجات سلامة الذمة المالية والأخلاقية وطهارة اليد والثوب، وعلى كثرة ما أنتجه خصومه من أدب ضده فان اجرأهم على الحق لا يستطيع ان يتهم مقدرة الشيخ على البقاء فوق مستوى الشبهات.

    منذ بروز شخصية الشيخ الترابي ووضوح ملامح منهجه اصبح معلوما انه قد أفلح في رفع معايير التنافس على الخيرات الى مستويات غير معهودة، اما وقد افلح في الإبقاء على هذه المعايير في ذات المستويات حتى الدقائق الاخيرة من حياته الذاخرة، فقد اتعب معاصريه ان يحتفظوا بالأكسجين في اجهزة تنفس مساهماتهم الفكرية والسياسية حتى اخر الشوط كما فعل هو، ولكنه اتعب الأجيال التي ظلت تنتظره عند نقطة سباق التناوب، ليس من حيث سرعة العدو والخبب نحو كمالات الدين فحسب ولكن في مستوى الاحتفاظ بالراية نظيفة بيضاء.

    وما كان الشيخ الترابي لينجز ما انجزه لولا انه كان يرمي أحماله على امرأة نخلة حيثما غيبه الجلادون انتصبت كويني مانديلا وحينما أفقده الجبروت الحرية التي يحب ان يبددها نصبا وتعبا، تعهدت هي بان تتعب الجبروت صبرا وجلدا ومضاء عزيمة، لم تكتفي برعاية اسرتها وتنشئة ابنائها على كريم الأخلاق وفضائل الاعمال، ولكنها رمت ظلالها فوق شباب وطلاب الحركة الاسلامية تقوم معهم وبينهم ليالي القيام والذكر وتعود مرضاهم بالمستشفيات وتفتح دارها لجرحاهم، وتقف بنفسها على خدمتهم وهم يتدللون عليها دلال الأبناء على امهم الحنون، وفي مراحل الاستقطاب الشديد كانت السيدة وصال الصديق عبدالرحمن محمداحمد المهدي ظلا وريفا لابناء الحركة ونشطائها لم تتردد ان تنتظم في قيادة صفهم حتى حينما كان ذلك يعني مقابلة أشقائها في المواجهة العاجلة وحمية المماحكة السياسية.
    لفرط حزني ووجعي على فراق رجل ترملت من بعده منابر الفكر ومساقات المسير الى الله ومقامات الاستقامة والشهادة على العصر والقوامة على النفس اللوامة والاخرين، يتهيأ لي ان وجعي لا يعادله وجع، ولهف نفسي على روحه الطاهرة الشفيفة لا يدانيه لهف الانفس التي سارت باكية وراء نعشه في الخرطوم، وانا اكتب على ارتفاع الاف الأقدام فوق سماء أوروبا الملبدة بالغيوم بعد ان تحررت من الهاتف الذي لم ينفك ياخذ بتلابيبي، تتلبد في جوانحي غيوم العبرات وتختلج نفسي بلواعج حزن يكاد يعصرني فأسليها وأسريها وأعزيها بالأماني بان يكرمني المولى بصحبته في دار البقاء كما أجزل لي العطاء بصحبته في دار الفناء وأظللني عصراً عاش فيه رجلٌ اسمه حسن الترابي.
                  

05-12-2016, 05:40 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    12814037_1666190553644082_1483999166071956764_n.jpg Hosting at Sudaneseonline.com






                  

05-14-2016, 05:05 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)


    تلاميذ الترابى وعقدة اوديب ..


    بقلم: حسين التهامى
    C نشر بتاريخ: 12 أيار 2016 >


    [email protected]

    سنة ٢٠٠٩م عدت الى الخرطوم قادما من الولايات المتحدة الامريكية حيث أعيش واعمل . كانت دواع العودة عائلية وبعد قضاء بعض الواجبات الاسرية و الاجتماعية ولقاء عدد من الأصدقاء طلبت الى احدهم - وهو من المقربين جدا الى نفسى - ان ينتهى بِنَا الى مكتب او منزل د. الترابى.وسالنى الصديق : وماعندك؟
    فقلت له : واجب السلام كما أريد ان انقل اليه ان المفاصلة ليست شرا كلها بل هى اقرب الى معانى الآية الكريمة : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦] . وكنت سأضيف الى ماسبق من القول : ان المفاصلة منعت الحركة الاسلامية ان تتحول الى الحزب الطائفى الثالث فى السودان وتلاميذك ادوا واجبهم فى فى مفارقة الاستاذ كما حال الأبناء فى المروق من طوع الأب ولو لم يفعلوا لما كانوا جديرين يالتلمذة او البنوة .
    غير ان صديقي ذاك كان له رأى اخر مفاده ان الزيارة لن تخدم غرضا وان من الأصوب لى ان انتفع بوقتى ووقته وجهدى وجهده فى ما يحقق خيرا . وبدا لى ان منطقه معوج ولكن حماسه فى شرحه ابطل رغبتى فى إتمام تلك الزيارة والحديث الى د. الترابى وخاصة ان صديقى ذاك كان يبذل لى وقته وسيارته الخاصة فى تنقلاتى وقضاء المشاوير والزيارات فى أنحاء الخرطوم المختلفة وبدا لى انه من غير اللائق ان أكرهه على توصيلى الى مكتب او منزل د. الترابى . ثم مضى بى وبه الوقت الى ان وجدت نفسي وقد قفلت راجعا ومغادرا السودان الى الولايات المتحدة الامريكية وقد غفلت عن امر تلك الزيارة وشغلت عن غرضها الذى قدمت فلم تتحقق او تقع الا فى الخيال .
    ومنذ ذلك الوقت جرت تحولات واحداث عديدة وضخمة - لعل أهمهامن حيث التأثير غياب د. الترابى بالموت فى مارس من هذا العام - ولكننا كبلد وأناس بقينا فى قلب عاصفة الانتقالات المقبلة والارتكاسات التى تحدق بِنَا من كل صوب. فقد ظللنا رسميا منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩م اسرى مشروعه الفقهي والسياسي ولكننا لم نتقدم الى الامام قيد انملة . ولا شك ان د. الترابى قد امتلك مقدرات فذة فى التعبئة والتنظيم وظفها بجدارة فى توسعة كسب الحركة الاسلامية فى السودان لكن الامر انتهى به وبها ان تتحول الى طائفة او نحلة Cult تأتمر لشخص واحد او عدد محدود وذات هيئة وسلوك بعينه وتكاد تكون منغلقة ويتطلب الانتماء اليها شروطا محددة وتديرها حلقة مغلقة من الأشخاص على النحو الذى نراه الان فى السودان .واحيل القارىء الى مقال : الدكتور حسن الترابي ومقاربة التجديد .. بقلم: خليفة محمد السمري المحامي والذى نشر فى سودانيل بتاريخ ال١٠ من شهر مايو ٢٠١٦م وَمِمَّا جاء فيه فى اخره : ( أقول إن كان للدكتور حسن الترابي عليه رحمة الله من ثمرة، فثمرته، أنه بجرأته المعهودة ، قذف حجراً في آسن الجمود الفكري الذي ضرب بأطنابه على الفقه والفكر الإسلاميين ، فأشار عليه رحمة الله مثل كثيرين للداء لكنه لم يوصِّف علاجاً، وحاول نقل الدين إلى رحاب صناعة القرار السياسي لكنه لم يبدع لا أصولاً شرعية ولا مناهج وضعية تخدم قضية الوطن، وإنما شغل نفسه بكيد السياسة والغالب فيها والمغلوب، فأنتج تناقضات عبقرية هزمت مشروعه في لحظة الميلاد). انتهى
    فغياب الحرية قيمة وممارسة يودى بالانسان من حيث هو مطلق إنسان ويسلبه أعز ما وهبه المولى عزوجل بعد العقل . وغياب الحرية يؤدى حتما الى انتفاء التعددية والتنوع وغلبة حالة الاقصاء وهى نزعة تؤدى بدورها الى احتضار المجتمع ومن ثم موته فى النهاية . وهاتان من سَنَن تاريخ النوع الانساني فلا فكاك منهما. وبالحقيقة ان مجتمعنا ظل يعيش على هامش الحياة بسبب من غياب الحرية لكننا حفظنا فضيلة التعددية وقبول الاخر الامر الذى سمح لنا بالبقاء وعدم الفناء لكن ذلك لم يعد الان سوى ماض فحسب .
    وعلى سبيل الإشارة والمقارنة انظر مثلا التحولات العميقة الغور فى ايران او المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص - والانتقال ١٨٠ درجة من الحالة او الوضعية الاقصائية والراى الواحد - من حيث انتزاع المزيد من الحريات والقبول بدرجة من الاخر المختلف دينيا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
    فى إصداره الجديد "الآخر والآخرون في القرآن" (منشورات "دار التنوير"، القاهرة ٢٠١٥م )، يحاول المفكّر التونسي يوسف الصدّيق (١٩٤٣م ) التطرّق إلى مجالات نظرية تشكّل إضافة نوعية إلى مفهوم "الآخر" في القرآن.
    ( ودلالة مفهوم "ختم النبوّة/ الوحي"، في هذا السياق، وباعتباره منطوقاً، فهو يضمر في طيّاته مسكوتاً عنه يكاد يضارعه من حيث الأهمية الانطولوجية، نعني بداية حقبة الاحتكام إلى العقل، أو بتعبير آخر فتح الظاهرة الدينية التوحيدية على مجهودات العقل الإنساني وعلى تماساتها الفلسفية، وهو ما جرى طمسه بعنف في مراحل عديدة مفصلية، منها ما جرى مع فيلسوف قرطبة ابن رشد). انتهى انظر للمزيد العربى الجديد بتاريخ ٢٠ ابريل ٢٠١٦م .
    وعودة الى د. الترابى وتلاميذه الذين اعتراهم حياله ماوصفه عالم النفس سيجموند فرويد بعقدة اوديب وبعيدا عن التفسيرات الجنسية المتعلقة بهذه الحالة فان مقصدى منها هو رمزية الحكاية الأصلية وهى تقول : ( في العصر القديم كان هناك ملك إغريقي أنجب أبن يُدعى أوديب و كانت من عادات الإغريق أن يقوموا بقراءة مستقبل ابناءهم عند ولادتهم فقرأ الكهنة انذاك مستقبل أوديب و قالوا للملك أن ابنه أوديب سيقوم بقتله و يتزوج من امراءته التي هي ام اوديب فأمر الملك بأن يتولى أمر أوديب الحرس و ذلك بقتله الا أنهم قاموا بإعطاءه لمزارع لديهم فقام بتربيته . و في احد الأيام كان أوديب في حانة و كان فيها بعض من يُطلق عليهم المستبصرون و ذلك لإعتقادهم بأنهم على إطلاع كامل على المُستقبل, فقرأ العرافون لاوديب مستقبله و قالوا له أن سيقتل ابوه و يتزوج أمه. فخاف أوديب إعتقاداً منه أنه سيقوم بقتل اباه المزارع و امه زوجة المزارع لذا قرر أن يترك المدينة و يذهب إلى مدينة تُدعى ثيبس (مسقط رأسه) و قبل دخوله اليها كان هناك جسر للمرور, اثناء عبوره لذلك الجسر واجه موكب ملك ثيبس (والده الحقيقي) فطلب منه الحرس التنحي جانباً ليعبر الملك الا أن الاعتداد بالنفس الذي رباه عليه المزارع جعله يرفض ذلك و قتل الملك و الحرس. و لم يكن على معرفة بأن الشخص الذي قتله هو ملك ثيبس, عند وصوله إلى المدينة كان يمنع من دخولها حيوان خرافى يطلق عليه سفنكس و ليتمكن اي احد من دخول أو الخروج من هذه المدينة يلزم عليه حلّ اللغز الذى يطرحه عليه , استطاع اوديب بقدرته حلّ هذا اللغز و تخليص المدينة من اللعنة ووصل ايضاً خبر مقتل ملك ثيبس فلم يكن هناك أجدر من اوديب البطل أن يخلف الملك, فتزوج ارملة الملك (أمه الحقيقية). وأنجب منها ابناء و بعد فتره انتشر الطاعون فأتى بمُستبصر ليعلمه ما سبب ما يحدث اجابه بأن هذه اللعنة هي بسبب أن الملك السابق قُتل و لم يؤخذ بثأره, فسأل أوديب زوجته عن اسباب مقتل زوجها و كانت تجيبه بأنه قاطع طريق قتله و لم تكن على علم بأن اوديب (زوجها|ابنها) هو من قتله و بعد التحقيق و البحث جاء المزارع (والده) وأخبرهم الحقيقة كامله وصُدمت الملكة و قالت انها حصلت على ولد من الولد و زوج من الزوج فشنقت نفسها وأما صدمة (عُقدة) أوديب كانت كبيره جداً لم يستطع تحملها ففقع عينيه الاثنتين بيده لانه لم يتمكن من معرفة الحقيقة و هي امامه).
    العينان اللتان سنبصر بهما الحقيقة التى أمامنا هما : الحرية والتعددية . فماذا نحن فاعلون؟
                  

05-16-2016, 04:56 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حجم الخط: Decrease font Enlarge font


    مشاهد ومواقف (7)

    بسم الله الرحمن الرحيم


    دكتور الترابي الذي عرفته



    الترابي المخطط البارع - التخطيط والقيادة


    بقلم/ د. مصطفى عثمان إسماعيل

    يعرف الأكاديميون التخطيط والمواءمة بين ما هو مطلوب، وما هو متاح عملياً، فهو يعني تعبئة وتنسيق وتوجيه الموارد، والطاقات والقوى البشرية لتحقيق أهداف معينة، ويتم تحقيق هذه الأهداف في فترة زمنية معينة تحددها الخطة، وتعمل كل خطة على تحقيق الأهداف، بأقل تكلفة ممكنة عملياً. ويعرف "لينمان" التخطيط بأنه "هو ذلك الفعل المتعمد والمنسق الذي يقوم به المخططون هادفين من ورائه إلى تحقيق أهداف عامة، أو أغراض محددة من أجل مصلحة ومنفعة أفراد الدولة، سواء قام بذلك أفراد الهيئة البرلمانية في الأمة، أو سعت إليه الحكومة مباشرة".
    أما القيادة تعود أهميتها إلى العنصر البشري الذي أخذ يحتل المكانة الأولى بين مختلف العناصر الإنتاجية الأخرى التي تساهم في تحقيق أهداف المشروع المنشود، فسلوك الفرد من الصعب التنبؤ به نظراً للتغيرات المستمرة في مشاعره وعواطفه، كذلك التغير في الظروف المحيطة بالمشروع من شأنها أن تؤدي إلى تغير مستمر في السياسات، وذلك لكي تضمن المنشأة الحد الأدنى المطلوب من الجهود البشرية اللازمة لتحقيق أهدافها وضمان استمرارها، فيجب أن توفر للأفراد قيادة سليمة وحكيمة تستطيع حفظهم والحصول على تعاونهم من أجل بذل الجهود اللازمة لإنجاز المهام الموكلة لهم، وقد دلت الدراسات المختلفة على قلة عدد القادة نسبياً "فالقدرة على القيادة سلعة نادرة لا يتمتع بها إلا القلائل من أفراد المجتمع"، يعتبر "د. حسن الترابي" أحد هؤلاء القلة ممن لهم المقدرة العالية على القيادة وحسن التخطيط، فإن كنا قد أشرنا في المقال السابق عن بعد نظر "د. حسن الترابي" من خلال رفضه العمل من الخارج والارتهان للآخرين وتفضيله مجابهة بطش الأنظمة والحكام على الارتهان للغريب، وهذا لعمري لمثال جيد للتخطيط الجيد وحسن القيادة.
    المتتبع لسيرة الدكتور "حسن الترابي" وهو على دفة قيادة التيار الإسلامي يقف عند نموذج طيب لحسن التخطيط، بروز التيار الإسلامي كتيار سياسي منافس وسط التيارات السياسية التقليدية في السودان (الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة) المنبثقان من قواعد إسلامية هي الأخرى، لكنها بيوتات دينية تقليدية امتهنت العمل السياسي خلال فترات النضال ضد المستعمر في العهدين (التركي) و(الانجليزي) لاحقاً وهما طائفتا (الختمية والأنصار)، بروزه استدعى الكثير من الجهد والتخطيط سيما أن السودان كان منقسماً على هذين التيارين السياسيين الكبيرين وبعض القوى السياسية الصغيرة الجنوبية مثل حزب (سانو) والقوى اليسارية المتعددة، خلال فترة ليست بالطويلة وبكثير من الجهد والتخطيط المحكم أصبح للتيار الإسلامي موقعه الصداري بين القوى السياسية السودانية، وذلك للمقدرات العالية لربان السفينة دكتور "الترابي" الذي أفلح في قيادة هذا التيار الوليد، مستنداً إلى مقدرات قيادية وخبرات وعلوم دينية ودنيوية ورؤية تأصيلية للعمل السياسي الإسلامي اقتبسها نقلاً عن تجارب السلف الصالح وأولهم رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، والرسول "صلى الله عليه وسلم" يقول (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، فالدكتور "الترابي" تحمل ما تحمل من سجون وأذى حسي ومعنوي وتسفيه لأفكاره والتغرير به لأهل السلطة عن خطورته وخطورة ما يدعو إليه، إلا أنه كان لا يردف الخطوة بأختها حتى يتأكد من ثبات الأولى ورسوخها، ولم يكن متعجلاً وإنما كان واسع الأفق بعيد النظر، لذا لم تثنه الخيبات ولا العثرات، فلم يستمر الحال على ما هو عليه كثيراً حيث بدأ الناس يحسون تفرد التيار الإسلامي ومناسبته لأهوائهم خاصة الطلاب والمثقفين، لتتسع قاعدة المنتمين للتيار الإسلامي وممارسة العمل السياسي تحت مسمى إسلامي راشد، نعم قد يقول قائل إن العمل في بداياته كان تحت إمرة تنظيم الأخوان المسلمين المعروف، لكن إن من المبهر أن نكتشف بعد النظر لدى "الترابي" من خلال تبنيه لعمليه أخذ مسافة عن تنظيم الأخوان المسلمين الدولي، كما أشرنا إلى ذلك في مقالات سابقة، وما نجم عن ذلك من أثر على القيادات الإسلامية السودانية في المهاجر، وأنا على ذلك من الشاهدين، وانتهاج نهج خاص وبسياسة خاصة أفلح من خلالها "د. الترابي" في إحداث تغييرات هيكلية وتنظيمية خاصة بعيداً عن النقل وما كان لها من تأثيرات كبيرة في السياسة السودانية، وعلى المجتمع السوداني حتى هذه اللحظة، وليس هناك أثر أكبر من إنزال الشريعة الإسلامية إلى أرض الواقع من خلال مشاركة (جبهة الميثاق) ومن بعدها (الجبهة الإسلامية القومية) في حكومات محاطة بقوى سياسية مناوئة وذات توجه فكري منافٍ لفكر (الجبهة الإسلامية القومية) كالمشاركة في حكومة الرئيس "جعفر محمد نميري"، والذي تحرر من قبضة الشيوعيين لينحاز إلى التوجه الإسلامي بعد أن زج بكل قادته في السجون بإيعاز من التيار الاشتراكي، وأيضاً الالتفاف والتأييد الذي وجدته الحكومة الإسلامية الحالية في حربها ضد الصلف والطغيان الغربي وصناعة الأزمات الدولية ضد السودان، ورغم ما واجهته الحركة الإسلامية من خلال تبنيها للفكر الإسلامي وتحكيم الشريعة الإسلامية على المستويين الإقليمي والدولي، إلا أن ذلك لم يزدها إلا قوة وخبرة ودراية وذلك كله بفضل التخطيط الجيد من قيادة الحركة الإسلامية ممثلة في شخص "الترابي". حتى أننا نرى أن الحركة الإسلامية السودانية تفوقت تنظيمياً على أغلب القوى الإسلامية في العالم رغم عراقة بعضها. الأمين العام لطائفة الأنصار الأستاذ "عبد المحمود أبو" حفظه الله في تأبينه للدكتور "الترابي" بعنوان (الشيخ حسن الترابي الإرث والمراجعة)، سرد عدداً من الانجازات والإخفاقات في مسيرة الدكتور "الترابي" ومما جاء في الانجازات:-
    أولاً: استطاع أن يقود حركته ويحولها من نخبة صغيرة إلى حركة جماهيرية تمسك بزمام الدولة وتعارضها في آن واحد، مع اختلافنا معهم في الأسلوب الذي وصلوا به إلى السلطة ووسائل المحافظة عليها.
    ثانياً: استطاع أن يبني تنظيماً محكماً لجماعته يلتزم نهجاً فكرياً محدوداً يدافع عنه ويعمل على نشر أفكاره ويضحي من أجل أهدافه بماله ووقته وروحه.
    ثالثاً: تبنى مدرسة فكرية متحررة من الانكفاء والاستلاب، وأصّل لها مع تبني أفكار جديدة عرضها بجرأة جلبت له كثيراً من التهم التي وصلت إلى حد التكفير، ولكنه لم يتراجع بل سخر من ناقديه، وترك لجماعته مكتبة فكرية تعتبر مرجعية لكافة القضايا إلى مستوى الفرد والجماعة والدولة والعلاقات الدولية. ولعله من أوائل من نبه إلى ضرورة تجديد أصول الفقه، وقد ووجه بتهم وانتقادات كثيرة في حينها، لكن الواقع جعل العلماء يطرقون هذا الجانب مؤخراً، فقد ظهرت كتب تحمل عناوين مثل (جدلية الأصول والواقع، والأدلة الاجتهادية بين الغلو والإنكار، ودعوى الإجماع)، وقد أشار الدكتور "جمال عطية" وهو من أبرز الداعين إلى تجديد الأصول إلى مبادرة "د. الترابي"، وأشار إليها أيضاً "أبو الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم" في كتابه الموسوعي (التجديد والمجددون في أصول الفقه).
    رابعاً: تصدى إلى المد الإلحادي والعلماني في القطاعين الطلابي والنقابي، فضلاً عن الوسط النخبوي وانتزع قيادة تلك المواقع لجماعته مع تحفظنا على الأساليب التي أتبعت.
    خامساً: تعامل مع المرأة بأسلوب جديد رفع عنها قيود الفقهاء، فقامت بممارسة دورها في الحياة العامة حتى إن كثيراً من المراقبين يقدرون عضوية جماعته من النساء بحوالي 40%.
    سادساً: استطاع أن يقيم مؤسسات تخدم المشروع الإسلامي بوسائل عصرية مثل منظمة الدعوة الإسلامية ومؤسساتها التي لها أثر واضح في الحياة الإسلامية.
    سابعاً: استقطب كثيراً من الشباب لحركته وفكره، وعمل على تدريبهم وتأهيلهم داخلياً وخارجياً، وربط علاقاتهم بمؤسسات دولية مكنته من نشر أفكاره على مستوى العالم، وشباب الحركة الإسلامية درسوا أمهات الكتب الدينية والمرجعيات الفكرية قديمها وحديثها، ويظهر هذا التأهيل في كتاباتهم وحواراتهم، فقد استوعبوا أصول مدرستهم، وامتلكوا القدرة على التعبير عنها مع التزام صارم بالتوجيهات الصادرة من تنظيمهم.
    ثامناً: أهل فريقاً إعلامياً من الكوادر استطاع أن يوجه الإعلام توجيهاً يخدم أفكارهم حتى أنهم أفلحوا في تحويل كثير من الناس عن قناعاتهم السابقة، وأقاموا مؤسسات إعلامية تعمل بمهنية عالية.
    تاسعاً: التفت "الترابي" مبكراً للجانب الاقتصادي، فأنشأ مؤسسات اقتصادية تدعم نشاط الحركة وتمددت وانتشرت واستفادت من إمكانات الدولة حتى أصبح من الصعب التمييز بينهما، انتهى حديث الأمير "عبد المحمود أبو" عن الايجابيات.
    نواصل...
    وزير الخارجية الأسبق
                  

05-21-2016, 05:39 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)













































    يا دكتور أمين حسن عمر مرافعتك عن الترابى مجروحة! ...
    بقلم: عثمان الطاهر المجمر طه / باريس


    بسم الله الرحمن الرحيم
    عندما ساوى الترابى نفسه مع الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه وأرضاه ! إذا أنت نسيت نحن لم ننس !
    بقلم الكاتب الصحفى
    عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
    ( رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى )
    ( رب زدنى علما )
    بينما كنت أتصفح صحيفة الحوش الإلكترونية وقعت عيناى على مقال للدكتور أمين حسن عمر تحت عنوان { الترابى –حياة الأفكار9 } يتحدث فيه عن التفسير التوحيدى للقرآن والتفسير التوحيدى للسنة النبوية وأنها تابعة وليست متبوعة شدنى المقال وما جاء فيه فالرجل من حملة الدكتوراة ومن أشهر تلامذة الترابى ومن المقربين إليه وفوق هذا وذاك إعلامى قح شغل وزارة الإعلام وتنقل بين أدارات الصحف والتلفاز وأذكر تماما فى الثمانيات لقد جاء دكتور جعفر شيخ إدريس من أمريكا وعقد ندوة مشهودة ومحضورة فى قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم وكفر فيها الترابى مستدلا بأن الكافر هو من أنكر ماهو معلوم من الدين بالضرورة وعدد أمور قال بها الترابى من ضمنها حديث الذبابة ولم يتصد له أحد وبعدها عاد راجعا إلى أمريكا وبعد أن غادر جعفر شيخ إدريس فى ذات القاعة عقد الثلاثى من تلامذة الترابى للرد على جعفر شيخ إدريس وهم دكتور أمين حسن عمر ودكتور التيجانى عبد القادر والمحبوب عبد السلام والآن مقال دكتور أمين يشير إلى بعيد عن الضجة التى أحدثها حديث الذبابة وفى ذات الوقت يرد الإعتبار للإمام مالك بن أنس ويقرظ كتابه الموطأ ونسى الدكتور ما قاله شيخه الترابى :
    عن الإمام مالك بن أنس ساخرا منه فهو نسى نحن لم ننس دعنا نعمل له فلاش باك ونرجع بذاكرته للوراء لتلك الأيام الخوالى عندما كان شيخه فى أوج عنفوانه رئيسا للبرلمان والهوجه السياسيه التى إفتعلها بقانون التوالى ولقد دعا الناس لندوة شهيرة فى قاعة الصداقة التى إمتلأت بالحضور من محبيه ومريديه وحواريه وقدم لها دكتور أمين حسن عمر بنفسه وكنت أنا من ضمن الحضور لأسمع منه مباشرة درءا للقيل وقال وحتى اتأكد تماما بأن هذا الكلام ليس منسوبا إليه زورا وبهتانا إنما قاله بعضمة لسانه وهذا ما حدث بعد أن قدمه تلميذه المنتشى بغزارة علم شيخه المحبوب جماهيريا وشعبيا سأل دكتور الترابى الحضور ساخرا ومستهزءا هناك رجل إسمه مالك بن أنس سمعتوا به ؟ ضج الحضور بالضحك وأنا لم أصدق نفسى هل هذا معقول أو مقبول ورد الترابى قائلا
    { هم رجال ونحن رجال } يا الله الترابى يساوى نفسه بالإمام مالك بن أنس أمام دار المدينة المنورة طيبة الطيبة وعندما يدخل المدينة كان يحمل نعلاه فى يديه حتى لا تطئ قدمه موطئ قدمى رسول الله صلعم الإمام مالك صاحب الموطأ والذى لم يقل أدبه يوما مع الرسول كما فعل الترابى الأمر الذى أجبر تلميذه الشهير محمد طه محمد أحمد أن ينسلخ منه ويتمرد عليه لأنه كان يردد فى حضرته دائما محمد عبدالله محمد عبد الله فسأله محمد طه من محمد عبدالله ؟ يا شيخ حسن فقال له : محمد بن عبد الله !
    فقال له محمد طه : طيب تأدب مع الرسول صلعم وقل محمد بن عبد الله صلعم وبعدها صار الترابى يصلى على الرسول صلعم فقد خسر أقرب تلاميذه إليه بسبب ذلك وسبحان الله من شابه شيخه ما ظلم فى أخريات أيامه محمد طه محمد أحمد نفسه قدم إلى محاكمة بدعوى أنه شتم الرسول صلعم فقد قيل أنه تشيع فى أخر أيامه وعندما سألوه فى المحكمة إعتذر وقال أنه فقط نقل مقال لأحد غلاة الشيعة فى صحيفته الوفاق وبالتالى :
    ناقل الكفر ليس بكافر .
    الغريب فى الأمر كل تلامذة الترابى هؤلاء الأربعة إنقلبوا عليه بعد أن بوؤهم مكانا عليا ومركزا أكاديميا وسياسيا وكان أستاذههم فى الإنقلاب زعيم المعارضة السابق ورئيس إتحاد جامعة الخرطوم وفتى الترابى المدلل على عثمان محمد طه مهندس إنقلاب الإنقاذ وفصل جنوب السودان إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله ربنا لا تجعلنا من الذين يقولون { ربنا إنا أطعنا ساداتنا فأضلونا السبيلا }
    اللهم أحشرنا مع من تحب مع الحبيب المصطفى طه صلعم ولا تحشرنا من الترابى .
    بقلم الكاتب الصحفى
    عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
    19 / 5 / 2016
    ----------------



    شاهد على العصر ».. والرجل الذي يجهل ..

    إمام محمد إمام
    بتاريخ الثلاثاء, 10 أيار 2016 16:08

    تابع الكثيرون من السودانيين وغير السودانيين داخل السودان وخارجه حلقات برنامج «شاهد على العصر» في قناة «الجزيرة» مع الشيخ الراحل الدكتور حسن عبد الله دفع الله محمد البشير حمد المعروف بـ(الترابي) تنزلت عليه رحمات الله الواسعات الذي يقدمه الأخ أحمد منصور، لا سيما أن الترويج لهذه الحلقات «الترابية» كان مكثفاً ومثيراً، إلى الدرجة التي طالبت فيها أسرة الدكتور الراحل الترابي وبعض قيادات حزب المؤتمر الشعبي بعدم بث هذه الحلقات، ولكن إدارة قناة الجزيرة رأت غير ذلك، وأصرت على بثها. وأحسب أن كثافة المتابعة لهذه الحلقات، تجيء من أن الدكتور الراحل حسن الترابي من الرموز المهمة في تاريخ السودان الحديث، فكراً وفقهاً وسياسةً وقيادةً، ولكن كثير من هؤلاء المتابعين لهذه الحلقات الترابية أصابتهم خيبة أمل من الأخ أحمد منصور في بواكير هذه الحلقات، لم يستطع أن يستخرج جديد المعلومات من تذكر الشيخ الراحل الترابي وذكرياته، وذلك لن يتأتى لمنصور إلا إذا اجتهد في مذاكرة سِفر الترابي الحافل بالأحداث والمفاجآت. وأظن وليس كل الظن إثماً، أن منصور يجهل الدكتور الراحل الترابي وموقعه في الخارطة السودانية وخارطة التجديد والبعث الإسلامي. ومن الأسئلة التي طرحها منصور على الشيخ الدكتور الترابي، تأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك، أنه لم يبذل جهداً مقدراً في الإطلاع وسبر أغوار كتب وأدبيات الشيخ الترابي في تجديد مفاهيم التدين، خاصة في ما يتعلق بالمرأة، وهو الذي أفرد مساحة من فكره وفقهه في فقه المرأة. فأقرأ معي يا هداك الله سؤاله للشيخ الترابي عن «مفهوم تحرير المرأة كان أيه»؟ أو كسؤاله «هل كنت تدري أن (انقلاب مايو) موجه ضدكم أنتم الإسلاميون»؟. وعلى قياس هذه الأسئلة يتضح جلياً أن منصور لم يكن ملماً بالقدر الذي يمكنه عبر أسئلته من استخراج جديد المعلومات عن الشيخ الترابي. فقد مرّ عبر هذه الأسئلة المقتضبة على أحداث جسام مرور الكرام، رغم أن الشيخ الترابي كان فيها فاعلاً مذكوراً .لا يمكن أن تفرد مساحات للتذكر والذكريات مع الشيخ الترابي دون الغوص في بواكير ظهوره السياسي في أكتوبر 1964م، وأسباب تخليه المفاجئ عن عمادة كلية القانون التي كان حلماً يُرتجى، ومفتاحاً مجتمعياً لأبناء جيله. وكيف استقبل طلابه وطالباته أمر استقالته؟، إذ سارع أحدهم من المقربين إليه، يحذره بأن السياسة خطر داهم عليه، وأن قيادة الجماعة التي ينتمي إليها لا تشبهه. وأن قوى اليسار، لا سيما الحزب الشيوعي أدرك ثورة أكتوبر، وأنهم دخلوها غيره من تنامي الحركة الإسلامية في الشارع السياسي السوداني، حتى أن إسراعهم بترشيح شخصية مستقلة لرئاسة الوزارة، لم يكن إلا لوضع المتاريس أمام شخصية الترابي التي سطع نجمها وبزغ فجرها، وكادت أن تكون محل إجماع آنذاك، كل هذه كانت في الإمكان أن تكون بمثابة أمكنة لإضاءات، وجديد معلومات عن شخصية سياسية فذة، حديثها يثير الحراك السياسي، وصمتها يجعل الناس حيارى. أخلص إلى أن الكثيرين ، وأنا منهم، في حيرة من أن هذه الحلقات «الترابية» الأربع، لم تقدم ما توقعناه من جديد المعلومات وتقدم توضيحات وتفسيرات وإضاءات لشخصية أُنسه معلومة، وحديثه رؤية، وصمته فكرة. لعل البعض يجدون العذر لمنصور بأن الحلقات الترابية لم تنتهِ، لذلك ليس من الإنصاف الحكم عليها مبكراً، ولكني كتبت ما كتبت عن هذه الحلقات الترابية من واقع «أن الكتاب يكفيك عنوانه»، وربما الآخرون يذهبون إلى ضرورة الانتظار حتى نهاية هذه الحلقات ليكون التقييم كاملاً ومنصفاً. فيمكن للأخ أحمد منصور أن يعدنا بأن الحلقات الترابية المقبلات ستكون أكثر إثارة وأعظم إفادة.. ونحن في الانتظار إلى حين الانتهاء من هذه الحلقات الترابية
                  

05-23-2016, 04:35 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    ب

    الترابي : كرهت تطبيق الحدود في عهد نميري

    الاثنين, 23 مايو 2016 10:58





    الخرطوم : فاطمة أحمدون
    اخر لحظة

    أقر المفكر الإسلامي الراحل حسن الترابي بكراهيته لتطبيق الحدود ومنظر اليد وهي تسيل دماً إبان تطبيق الشريعة في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري, وكشف الترابي خلال إفاداته لبرنامج شاهد على العصر الذي تبثه قناة الجزيرة أن شركات البترول الأجنبية غادرت البلاد في تلك الفترة بسبب تحريم الخمر وقال “كان لتطبيق الشريعة انعكاساته على المجتمع وساهمت في خفض معدل الجريمة” بيد أنه عاد وقال “لا أخفي مشاعر الكراهية التي كنت أحملها حال تطبيق الحدود ومنظر اليد التي تسيل دما”.

    ---------------------------------------


    بسم الله الرحمن الرحيم

    دكتور "الترابي"

    الذي عرفته"الترابي"

    سوداني قح

    مصطفى عثمان إسماعيل




    "الترابي" سوداني قح؛ هذه العبارة ليست من عندي، بل من عند العالم العلامة الدكتور "يوسف القرضاوي" في نعيه للدكتور "الترابي"، حين أسماه الحسن الثالث. قال القرضاوي "حسن الترابي هو الحسن الثالث في الإسلاميين بعد "حسن البنا" الأول و"حسن الهضيبي" الثاني، هو سوداني قح، تعلم القرآن الكريم وحفظه وجوّده في صباه، وتعلم اللغة العربية والشريعة ولم يتغير فكره الإسلامي الأصيل عن أصله، رغم أنه حصل على قمة الدراسات العليا في الغرب، الماجستير من جامعة أكسفورد، الدكتوارة من جامعة السوربون، وأتقن رحمه الله عدة لغات بفصاحة: الإنجليزية والفرنسية والألمانية، ولكنه بقي سودانياً، عربياً، مسلماً، يقول: أبي الإسلام لا أب لي سواه: إذا افتخروا بقيس أو تميم.كان "حسن الترابي" من النوع الحي المتحرك المحرِّك، لا يعرف البلادة ولا الكسل ولا الرقاد الطويل، ولكنه رجل حر، مستقل الفكر، مستقل الإرادة وجهه سوداني أصيل، مبتسم دائماً من غير تكلف.عندما اختلف "الترابي" مع تنظيم الأخوان الدولي ورفض البيعة، قال البعض إنه يريد أن ينشأ إسلامياً سودانياً، إلا أن ذلك ليس صحيحاً، فالخلاف كان في الوسائل وليس في الفهم أو في الموضوع؛ قال أعذرونا فيما نتخذه من خطوات أو قرارات ربما لا توافق ظروفكم المحلية والإقليمية والسياسية على إقرارها أو تلبيتها أو الموافقة عليها.يقول الدكتور "القرضاوي" معلقاً على طريقة "الترابي" في قيادته للحركة الإسلامية "قاد حسن الترابي الجماعة السودانية في الشدة والرخاء وفي العسر واليسر، وكانوا معه كتلة واحدة، وإن خالفه بعضهم بعد ذلك لعدم استطاعتهم تحمل مخالفاته في اجتهاده لبعض تقاليد الأخوان، وطبيعة الناس ليست واحدة في هذا الجانب، منهم من لا يطيق الخروج عن المتوارث أو المألوف في السياسة أو في الفكر أو في الحياة. لابد أن تظل الحياة في نظره خيطاً منتظماً، يتصل بعضه ببعض، و"الترابي" ليس من ذلك الصنف، ومثلي يقبله، ولكن بعض إخواني من المقدسين للنمطية الموروثة التي لا يجوز لأحد الخروج عليها.كان "حسن الترابي" رجل العزيمة الماضية، يتمثل بقول الله تعالى "فإذا عزمت فتوكل على الله"، ويعجبه في الشعر: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا وإن كنت ذا عزم فأنفذه عاجلاً فإن فساد العزم أن يتقيداالتف الشباب والطلاب في السودان بل في العالم حول "الترابي" وأفكاره، فقد كان منفتحاً على الساحة العربية والإسلامية والعالمية. كان حريصاً على التواصل مع الحركات والمجموعات الإسلامية مناقشاً ومحاوراً وداعية للصلح بينهم. سافرت معه إلى "أفغانستان" عندما اشتد الخلاف بين قادة الجهاد الأفغاني (رباني وحكمت يار وسياف وأحمد شاه مسعود)، قرر السفر إلى "أفغانستان" في محاولة للصلح بينهم. كنت مرافقه في تلك الرحلة. سافرنا عبر "باكستان" حيث استضافنا الدبلوماسي في ذلك الوقت السفير "إدريس سليمان"، وحرمه المصون في منزله بـ"إسلام أباد". كان الراحل "برهان الدين رباني" هو رئيس الجمهورية و"أحمد شاه مسعود" وزير الدفاع، وفي المقابل كان القائد "البشتوني حكمت يار" الذي اختلف معهم يقود معارضة مسلحة ضدهم، أما القائد "عبد رب الرسول سياف" رغم أنه اختار الحياد، فقد كان أقرب إلى رئيس الجمهورية "برهان الدين رباني". مكثنا في" باكستان" إلى أن أرسل لنا الرئيس "برهان الدين رباني" طائرة لتقلنا إلى "أفغانستان" بعد أن تم تأمين المطار. في منتصف الليل جاءني مسؤول الأمن في السفارة وطلب مقابلة الدكتور "الترابي" بصورة عاجلة، قلت له إنه نائم وسيسافر فجر الغد إلى "أفغانستان". قال إن الطيارين الذين يقودون الطائرة هم من بقايا النظام الشيوعي، وهنالك احتمال كبير أن يفجروا الطائرة في الجو، لذلك ننصح بعدم سفر الدكتور "الترابي"، ويجب أن أُبلغه هذا الموضوع الآن. قلت له لا أستطيع أن أوقظ الدكتور "الترابي" وبإمكانكم أن تفتشوا الطائرة قبل إقلاعها، ثم تساءلت هل تعتقد أن هؤلاء الطيارين حتى لو كانوا شيوعيين يضحون بأنفسهم من أجل اغتيال الدكتور "الترابي"؟ قال لي: نعم، وعليك تحمل المسؤولية الكاملة إذا لم توقظ الدكتور "الترابي" وسافر في هذه الرحلة. قلت له لن أوقظ الدكتور وسنسافر في الطائرة وفي الموعد المحدد وسأتحمل المسؤولية ،علماً بأنني سأكون معه في الطائرة وسيصيبني ما يصيبه. بعد أن عدنا من الرحلة إلى السودان أخبرت الدكتور "الترابي" بما حدث بيني وبين مسؤول الأمن، فضحك وقال لي: لو أيقظتني ما كنت سأتخذ شيئاً غير الذي اتخذته، فالحافظ هو الله.وصلنا "كابول" عاصمة "أفغانستان"، نزلنا ضيوفاً على الرئيس "برهان الدين رباني"، بدأنا معه المحادثات، بعد ذلك زرنا المجاهد "عبد رب الرسول سياف" في ضاحيته قرب العاصمة "كابول" وبين عسكره وجنوده، وبعد أيام جاءنا القائد "أحمد شاه مسعود" قادماً من (وادي بنشير) شمال "أفغانستان"، رجلٌ في غاية التواضع، متّقد الذكاء ذو فهم متقدم للإسلام والدولة الإسلامية، حريصٌ على وحدة الحركات الإسلامية. طيلة هذه الأيام التي نحن فيها ضيوفاً على الرئيس "رباني" في قصر الرئاسة، لم يتوقف القائد "حكمتيار" من إرسال صواريخه وداناته التي ضربت حتى المسجد داخل القصر. كانت المهمة التالية أن نذهب لـ"حكمتيار" في معسكره، كان "الترابي" مصراً على أن يذهب بنفسه لـ"حكمتيار" رغم خطورة الطريق، إلا أن القادة الأفغان الثلاثة (رباني وسياف ومسعود) نصحوه ألا يفعل ذلك، فالطريق خطر وإطلاق النار بشكل عشوائي و"حكمتيار" رجلٌ مغامر يمكن أن يفعل أي شيء. وافق "الترابي" على مضض، وكلفني أن أقوم بهذه المهمة بأن أحمل رسالة منهم إلى "حكمتيار" تدعوه للحضور إلى "كابول". ركبت سيارة مصفحة تحرسني دبابتان ورتل من العربات العسكرية، وبعد كل مسافة نتوقف نتيجة لإطلاق النار علينا، وترد الدبابتان على مصادر النيران. عندما اقتربنا من معسكر "حكمتيار" حُوصرنا بالرصاص من كل الجهات، فطلبت من طاقم الحراسة بعدم الرد، وأرسلت مندوباً لـ"حكمتيار"، وكانت لي سابق معرفة به، توقف الضرب. وأرسل لنا مندوباً عنه يرحب بنا ويقتادنا إلى داخل المعسكر، حيث يقيم القائد "حكمتيار". رحب بنا ترحيباً حاراً وسأل عن الدكتور "الترابي". سلمته رسالة الدكتور "الترابي" وقلت له إن صواريخك هي التي منعت الدكتور "الترابي" من الحضور. أوقف إطلاق الصواريخ أثناء وجودنا عنده، وفي اليوم الذي غادرناه إلى "كابول" بدأ إطلاق الصواريخ مرة أخرى. تنقلت بين "حكمتيار" في ضاحيته والدكتور "الترابي" في القصر الرئاسي في "كابول"، وساعدنا عدد من الأخوة السودانيين الموجودين في "أفغانستان" منهم الدكتور "عبد الرحمن أبو دوم". استطعنا الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتكوين حكومة، يكون "برهان الدين ربّاني" رئيساً و"حكمتيار" رئيساً للوزراء و"أحمد شاه مسعود" وزيراً للدفاع، إلا أن الاتفاق لم يدم طويلاً فقد تم اغتيال "مسعود" بتفجير، ولاحقاً تم اغتيال "رباني" بتفجير أيضاً. وسيطرت حركة طالبان بقيادة "الملا عمر" على الحكم في "كابول"، وما زال "قلب الدين حكمتيار" يقود المعارضة المسلحة حتى اليوم.أما قضية فلسطين، فقد كانت من أوائل همومه، وفي سابقة هي الأولى استطاع "الترابي" أن يجمع في الخرطوم الشهيدين "أحمد يس" زعيم ومؤسس (حركة حماس) والزعيم "ياسر عرفات"، وأن يصلح بينهما وتفاصيل ذلك تأتي لاحقاً فقد كنت شاهداً ومشاركاً. وجمع الفصائل الصومالية المتحاربة في الخرطوم، حيث كلفت بالسفر لـ"مقديشو" و"هيرقيسا" عاصمة شمال الصومال، وأحضرت معي قادة الفصائل الذين مكثوا في الخرطوم عشرة أيام انتهينا بميثاق ينهي الاحتراب ويحافظ على وحدة الصومال، ويقيم نظاماً فيدرالياً في الصومال. وفي الخرطوم صالح بين حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب الرئيس علي عبد الله صالح) الذي مثله وفد برئاسة الرئيس اليمني الحالي هادي (نائب الرئيس وقتئذٍ)، وحزب الإصلاح اليمني برئاسة السيد "عبد الوهاب الأنسي".سودانية "الترابي" لم تمنعه من الاهتمام بأحوال إخوانه المسلمين وغيرهم من المستضعفين في"فلسطين" وغيرها، فسعى للصلح بينهم كما عمل على تطوير تجاربهم، فهو سوداني المنطلق عالمي الرسالة.نسأل الله أن يجزيه خيراً عمّا صنع لوطنه ولدينه ولأمة محمد "صلى الله عليه وسلم".*وزير الخارجية الأسبق

    (عدل بواسطة الكيك on 05-23-2016, 05:27 PM)

                  

05-23-2016, 05:37 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    في شهادته على العصر ..الترابي : حديث الاعترافات عن مايو


    الاثنين, 23 مايو 2016 10:18 الاخبار - تقارير اخبارية


    رصد:فاطمة أحمدون

    اخر لحظة

    في الوقت الذي تتأهب فيه البلاد لاستعادة ذكريات 25مايو استبق أحمد منصور في برنامجه شاهد على العصر حلول تلك الذكرى يجتر ذكريات تلك المرحلة مع أقوى شهود من (أهلها) الزعيم السوداني حسن الترابي كما يحلو لأحمد منصور أن يناديه في هذه الحلقة الأخيرة من أيام وذكريات الترابي مع قائد ثورة مايو نميري, توقف أحمد منصور عند محطات مهمة من ذاكرة الرجل فانتزع منه شهادة ربما تنشر لأول مرة رغم مرور عشرات السنين.
    الترابي في هذه الحلقة يرسل سخريته ويوجه نقداً مباشراً لتجربة الاتحاد الاشتراكي كحزب, وبدأ كأنه ينقض غزله من بعد قوة, بيد أن الرجل تمكن من تقديم مرافعات وحجج قوية حول مشاركتهم في حكومة مايو واستوازره. وتمكن الترابي كعادته من الإفلات من أي حصار واتهامات له فيما يتعلق بتهريب الفلاشا وغيرها..
    وكشف عن الأسباب التي جعلت النميري ينقلب على حلفائه الإسلاميين ويزج بهم في السجون, وما الذي أفسد الود بين النميري وزعيم الجمهوريين محمود محمد طه، حلقة تبدو هادئة ولكنها تحمل الكثير من الحقائق الصادمة.



    مرافعة المشاركة:
    دافع الترابي عن مشاركته في حكومة مايو وقال دونما تردد, شاركت ووزيران آخران لحفظ مشاريعنا الإسلامية وتمكنا من تحقيق بعضها كإدخالنا للاقتصاد الإسلامي, وأردف دخولنا كان جزءاً من خطة, بينما أراد النميري أن يتجنبنا و كنا نرتب أوراقنا وقد كان فرداً ونحن تنظيم. وفي سخرية عجيبة وصف الاتحاد الاشتراكي بأنه مجموعة من الناس كانت تصفق للرئيس ولم يكن هناك حزب ولاشيء, وأكد الترابي أن تجربة المشاركة في الاتحاد الاشتراكي لم تسئ للإسلاميين كون الحقيقة كان يعلمها الجميع وبالإمكان التمييز بين الاتحاد الاشتراكي التنظيم وبين الذين ينتسبون إليه إطاراً.
    أحمد منصور لم يشأ إلا أن يصف التجربة بالانتهازية, لكن زعيم الإسلاميين أفتى بأن ليس هناك مانع من استثمار الفرص إن كانت لاتتعارض مع مبادئك الأساسية وقال إن تفوت الفرص, ذلك إلا أنك غافل ليس إلا مؤكداً أن النميري لم ينجح في سحب بساط الدعوة الإسلامية من تحت أقدامهم, وأضاف قائلاً : النميري لم يسحب منا المشروع وركبنا ذات الموجة بينما كنا نبتعد عن المحاكمات الناجزة والتي أرجعها لطبيعة نميري العسكرية.
    مستشار لا يشار:
    وقال الترابي إنه برغم أن الكثير من المؤشرات كانت تؤكد أن النميري انقلب على الإسلاميين إلا أنه لم يسمع خبرفصله إلاعبر الإذاعة, وسخر الترابي من تعيين النميري له كمستشار لشؤون حزبه الاشترتكي, قائلاً كنت مستشاراً لا أشار ولم يستشرن نميري يوماً.. ورد الترابي على سؤال مضيفه حول تعيينه كوزير إعلام في 1984 بالقول هذه وظائف بغير وظيفة ياخي).)
    الشريعة والشارع:
    وشهد الترابي بأن الشعب السوداني تجاوب مع تطبيق الشريعة الإسلامية تجاوباً واسعاً لكون الساحة السودانية كانت مهيأة لطبيعة الأحزاب القائمة على الدين على حد وصفه, مشيراً إلى أنه كان لتطبيق الشريعة الإسلامية انعاكساتها على المجتمع السوداني وأنها ساهمت في خفض معدل الجريمة وخفض شرب الخمر ، وكشف الترابي عن مشاعر الكراهية التي كان يحملها لتطبيق الحدود وقال كنت أكره الحدود ومنظر اليد وهي تسيل بالدم.
    واعترف الترابي أن مظاهر الاحتفالات بتطبيق الشريعة الإسلامية لم تكن موفقة ومحسوبة العواقب قائلاً صحيح لم نكن نقدر ردة فعل هذا الأمر.
    الأمريكان خلف الإبعاد:
    رغم أن الترابي أكد في بداية حديثه أن أمريكا لم تكن مهتمة بالشأن السوداني كما الآن وأنها كانت مشغولة بنفسها ثم جاءت الثورة الإيرانية وفلسطين وانفصال أمريكا اللاتينية إلا أنه
    بدأ واثقاً من أن مايو قد كشرت عن أنيابها في وجه الإسلاميين وأطلق عليهم الإخوان الشياطين بموجب صفقة بين نميري وأمريكا, عقب زيارة لجورج بوش الأب للسودان تناولت الفلاشا وتطبيق الشريعة وتنظيم الإخوان والقضاء عليهم في ذلك الوقت وأبلغ نميري أن شركات البترول قد خرجت من السودان بسبب تحريم الخمر, وقال الترابي بوش قال لنميري سيحدث لك ماحدث للبلاد حولك وأضاف بالقول تلك الزيارة هزت نميري, وأدخل كل القيادات السجن بالموسيقى العسكرية وأرسل مدير أمنه ليبلغ أمريكا بما فعله بنا, أيضاً نفى علمه بصفقة دفن النفايات النووية التي وصفها أحمد منصور بالجريمه الثانية لنظام مايو واكتفى بأنها الأخرى كانت سرية.
    فتنة السلطة:
    وأرجع الترابي التنازلات التي قدمها نظام مايو للأمريكان وإسرائيل في ذلك الوقت لكونه أراد الحفاظ على الكرسي و فتنة السلطة التي وصفها بالأخطر وقال الشيطان يعربد بالمفتون بالسلطة أكثر من المفتون بالمال أو الجنس.
    تهريب الفلاشا:
    ولم يقر الترابي, وزير عدل مايو في ذلك الوقت, بصفقة الفلاش,ا وقال مثل هذه الصفقات تتم سرياً بين الأجهزة الأمنية. وأجاب بعبارة نعم كون عمر الطيب مدير الأمن كان قد لعب دوراً كبيراً في إكمال صفقة نميري وإسرائيل لتهريب الفلاشا مشيراً إلى أنه تم دفع المبالغ المتعلقة بالصفقة عن طريق منظمات أمريكية. وحول محاولة أحمد منصور للإشارة إلى ضعف رواتب الأمن بأن الرئيس كان يأخذ 400 جنيه والعسكر 2 جنيه بقوله ماشاءالله ماشاءالله, وانهى الترابي الحديث حول الفلاشا بقوله لم أكن أعلم عنها شيئاً.
    رسالة محمود محمد طه:
    وقدم الترابي شهادته فيما يتعلق بمحاكمة محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري بالقول أنا أعرف محمود محمد طه منذ الوسطى حيث درست معه في المدينة التي يقيم بها, وأعرف كل أسرته وهم يؤمنون بالغيبيات, ومن قبل خرج بنا إلى السجن للإفراج عن( داية)- قالها هكذا آذت بنتاً فيما يعرف بالختان الفرعوني بحجة أن البرطانيين يخوضون في خصوصياتنا وأعرافنا.
    ومضى الترابي في حديثه عن مؤسس الفكر الجمهوري وتعلو وجهه ابتسامته الساخرة, بالقول هو كان مع نميري في كل القرارات ووقف معه في ضربه للحزير أبا وسجن( الناس ) ولم يختلف معه إلا على تطبيق الشريعة ولأنه طبق شريعة محمد وترك شريعة محمود الذي كان يتحدث عن رسالة ثانية.
    وختم الترابي شهادته بأن محمود محمد طه أيد نميري في كل أفاعيله, مؤكداً أنه لم يكن حضوراً لمشهد شنقه.
    تردد سوار الدهب:
    أما فيما يتعلق بوسام الشرف الذي يحمله المشير سوار الذهب في تسليمه للسلطة قال الترابي طبعاًهو نال الحمد من كل العالم, ولكن الأصل أنه كان متردداً في ذلك وقد استفتى شيخاً حول القسم الذي أداه, وقال إن سوار الذهب لم يتحرك من نفسه بل كان متحفظاً وأن نقابة الأطباء بقيادة الجزولي دفع الله كانت خلف الخطوة أضف إلى أن هناك ضباط في الجيش قرروا ذلك عقب حالة الحنق التي كانت يحملها الشعب السوداني ضد نميري.
    الصوفية مسكينة:
    وانتهى حديث ذكريات الترابي ومايو بقوله أنا لست نادماً على التجربة مؤكداً أن مشاركتهم بالاتحاد الاشتراكي دفعت بالحركة لتصبح قومية وساعدتنا في أن تكون لنا منابر, بينما ظلت الصوفية (مسكينة) بحسب تعبيره تتبع للحكام و(تشيل ليهم الفاتحه).
                  

06-12-2016, 05:48 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    الترابي.. «غدر» الأنصار و«ظلم» الخصوم
    محمد عبد الماجد


    التفاصيل نشر بتاريخ الأربعاء, 09 آذار/مارس 2016 14:12
    «1»
    > شخصية الترابي الثرية والدرامية وقدرته على التأثير معارضاً أو حاكماً، تمنحه ذلك الأثر الذي يتركه ويبقيه حتى بعد موته.
    > فهو لم يفقد من معارضته للإنقاذ شيئاً فقد زاد بريقه تضاعف أنصاره.
    > د. حسن الترابي لم تفارقه «الأضواء» وهو يذهب إلى كوبر حبيساً، لذلك تبقى «الكتابة» عنه أمراً ميسراً، إذ يصعب تجاوزه وقد وضح ذلك في المد والجدر «الأسفيري» الكبير الذي خلقه رحيله.
    > لا عجب من ذلك، فقد كان الترابي مثيرًا للجدل تارة بمواقفه المتقلبة وأخرى بفتاويّه التي كانت تحدث حراكاً كبيراً.
    > لذلك فإن أمر رحيله بهذه الصورة التي انتقل فيها من مكتبه إلى العناية المركزة بدون «فواصل»، ثم بقاءه في العناية لساعات محدودة يجعل ايضاً أمر موته محطة للتوقف عندها.
    «2»
    > الشماتة في الموت لم تكن أمراً جميلاً من معارضيه ما يكتب الآن في المواقع الأسفييرية ومواقع التواصل الاجتماعي بحجة فتاويّه من بعض المتشددين في آرائه الدينية أو الناقمين على آرائه السياسية بحجة ان أنصاره شمتوا من قبل في رحيل بعض أهل اليسار، لا يجوّز لهم ذلك أن يشمتوا لا تبرر «الأفعال» بما سبق عليها.
    > وليس هناك «مكروه» يمكن إجازته على جماعة لأنهم كان قد صدر منهم.
    > استوقفتني أمس في قناة أم درمان، محاضرة دينية للدكتور حسن الترابي فسر فيها بعض الآيات القرآنية.
    > أكثر ما استوقفني في هذه المحاضرة أن الترابي عندما انفعل مع التفسيرات وانجذب نحو الآيات القرآنية وانغمس فيها توقف وبرر ذلك أنه يخشى أن يطيح به الخيال فيدخل في مناطق قال إنه يمكن أن تخرجه عن النص أو إلى هذا أشار.
    > هذا اعتراف جميل من الدكتور حسن الترابي واعتذار منه على «اجتهاداته» التي أثارت عليه الكثير من علماء الدين والفقه.
    > توقفت ايضاً في تلك المحاضرة التي قدمتها قناة أم درمان وأحسبها سوف تقدمها كثيراً فيما بعد، بعناية الترابي واهتمامه بـ «الأسرة» وهذا شيء كان من أهم الأمور التي ذهب نحوها الترابي واجتهد فيها.
    > قال الدكتور حسن الترابي ان «التربية» الأسرية الجيدة هي أساس صلاح المجتمع، ثم تعجب الترابي من أن الرجل يكون صالحاً وحافظاً للقرآن وقائماً بكل العبادات، فإن دخل السوق أو مارس السياسة أفسد فيها وتخلى عن كل تعاليم الإسلام الحنيف، وكأن الرجل يصبح شخصاً آخر عندما يدخل الأسواق ويمارس السياسة.
    > في كلام الترابي إشارة إلى «شيطنة» الشخص ان أصبح تاجراً أو سياسياً، وهي ملاحظة جديرة بالتوقف عندها.
    > لعله يقصد أننا نفصل بين العبادات وسلوكنا.
    > اهتمام الترابي بالأسرة يتمثل ايضاً في خطبه التي كان يقدمها في عقود الكثير من الزيجات التي يكون مشاركاً فيها ويدعو عبرها إلى الزواج واحترام العقود وتقدير المرأة وقد كانت آخر خطبه قبل رحيله بـ «24» ساعة تحمل تلك المضامين.
    «3»
    > إن كانت هناك منافسة بين الإمام الصادق المهدي والشيخ حسن الترابي، فإن تلك المنافسة والتي تبلغ أحياناً مرحلة «الغيرة» لم تمنع الإمام الصادق المهدي من أن يزوج شيخ حسن شقيقته وصال المهدي، وأن يعلن عن ذلك عبر بيان رسمي بعد رحيل الترابي.
    > ورغم تباعد المسافة بين تيار اليمين وتيار اليسار ـ إلّا أن القفشات والتواصل كان يجمع بين محمد إبراهيم نقد وحسن الترابي، ربما ذلك نتاج الزمالة في مدرسة حنتوب.
    > هذا يعني أن «الاحترام» كان متبادلاً بين الترابي وخصومه في السياسة وإن أسفر الآن عن «تجاوزات» أسفيرية ما كان لها أن تخرج على ذلك النحو الظالم.
    > مع ذلك، فإن غدر أنصار الترابي وتلاميذه كان أكبر من الصراع الذي كان بينه وبين خصومه.
    > ربما نتج ذلك من أن الترابي مع تلاميذه بدأ من «اذهب إلى كوبر حبيساً» فكان هو دائماً من يدفع الثمن.
    > الذي يختار أن يضحي يبقى قدره أن يكون مضحياً دائماً.
    > وربما هذا قدر «الفكر» ألا يكون هناك اتفاق حوله.
    «4»
    > نريد فقط ان نحتفظ بالأعراف السودانية والخلق السوداني الجميل، ولو بحده الأدنى في مثل هذه المواقف.
    > الموت عظة وعبرة فكيف له أن يكون «شماتة»


    ---------------شباب (شيخ) في الـ (84) من العمر..

    التفاصيلنشر بتاريخ الإثنين, 07 آذار/مارس 2016 14:08
    (1)
    > الكتابة عن الدكتور حسن عبدالله الترابي، لن تضيف له شيئاً، بقدر إضافتها للكاتب، لأنه من الصعب تجاوز مثل هذا (الحدث) إذ يعتبر الوقوف عنده وجوباً.
    > الفكر الذي حمله شيخ حسن، اذا اتفقت معه فإن احترامه يبقى (سنة) من باب المحبة له، وإن اختلفت، فإن احترامه يبقى (فرضاً) عليك بعد موته.
    > الذين خرجوا يتحدثون الآن عن آراء الترابي وفتاويه التي اختلف فيها معهم، كنا نحترم فيهم ذلك والترابي (حياً) يرزق. أما وقد رحل، فإن الرجل يبقى بين يدي المولى عزّ وجلّ، لذلك سوف نتحدث عن (محاسن) شيخ حسن، فالمقام هنا مقام رثاء.
    (2)
    > لا أستطيع إلا أن استحضر كتابات د.التجاني عبدالقادر عن حسن الترابي، وأنا أحضر صورته الآن.
    > يبقى المشهد هذا حاضراً عندي كلما جاءت سيرته.
    > يقول د.التجاني عبدالقادر في كتابه (نزاع الإسلاميين في السودان) : (تعود المرة الأولى التي التقي فيها بلقاء عام وعابر، مع الدكتور حسن الترابي، الى أوائل عام 1965م، في أعقاب ثورة أكتوبر الشعبية التي أطيح فيها بنظام الفريق عبود «1958 - 1964).
    > (استمعنا في تلك الليلة للدكتور الترابي، والذي لم يكن يتجاوز الثلاثين إلا بقليل، واستمتعنا بخطبته النارية، فقد كنا صغاراً في مراحل الدراسة الوسطى، وقد كانت الكلمات تخرج من فيه بطلاقة ويسر وسرعة لم نكن نعهدها فيمن كانوا يعلموننا اللغة العربية او يخطبون على المنابر في الجمع).
    > ثم يتحدث د.التجاني عن اللقاء الثاني له مع الترابي في عام 1974 فيقول: (كانت تلك المرة الأولى التي أذهب فيها الى المنشية، وقد أعلمت سلفاً أنه لا توجد بصات او مواصلات عامة إليها، فأخذت بص الجريف الى آخر محطاته ثم انطلقت راجلاً. كان الطريق موحشاً، لم أشاهد أحداً من رجال الأمن او غيرهم، وكنت أعجب ممن يسكن في ذلك المكان القصي. وجدت الترابي يفترش أمامه قاموساً عربياً عتيقاً (لعله القاموس المحيط)، وكانت تلك المرة الأولى التي التقي معه في مكان واحد وجهاً لوجه. لم يسألني عن اسمي ولم أذكره له، ولم يسألني عن الوسيلة التي وصلت بها المنشية، او عن الكلية التي أدرس بها، كما لم يسألني بالطبع عن الأسرة او القبيلة التي انتمي إليها، كان ينظر ويستمع فقط دون أية حركة او إيماءة تدل على اهتمام او على عدمه بما أقول، وهذا غير مألوف عند كثير من السودانيين الذين يكثرون من هز رؤوسهم ويحدثون طقطقة بألسنتهم تشير الى حسن الاستماع والاهتمام بالمتحدث، وعندما فرغت قال لي : سأتحدث مع (فلان) حتى لا يتدخل في شؤونكم فيحدث لكم (Frustrtion) قال ذلك بالإنجليزية برغم وجود الفيروزابادي بين يديه، وانتهت المقابلة. لم أخرج من ذلك اللقاء بانطباع حسن، شعرت كأنني كنت في مقابلة مع مدير لإحدى الشركات. الحديث المقتضب، والإجابات القصيرة القاطعة، وسد كل نافذة تقود الى الثرثرة في الأمور الشخصية والهموم الإنسانية الجانبية. أدركت فيما بعد حينما توغلت في دراسة النظم الاجتماعية أن ذلك نمط من أنماط القيادة الرشيدة التي تقود المؤسسات العقلانية الحديثة، والتي يوصي بها أصحاب نظرية الحداثة، حيث لا ينظر المدير او صاحب العمل الى الإنسان كله، وإنما ينظر فقط الى جزئه الذي يدخل العملية الإنتاجية، ويعتقد البعض أن هذا النمط من الحداثة والمؤسسية هو السر الذي استمد منه الترابي قوته، اذا استطاع بهذا اللون من الحيادية الباردة، والصرامة الإدارية أن يوجد ثقافة تنظيمية جديدة تقضي على ثقافة التسكع والثرثرة، وأن يبني في فترة وجيزة تنظيماً محكماً يتجاوز التنظيمات اليسارية والحزبية التقليدية).
    (3)
    > كانت انطباعاتي الشخصية بعيداً عن فكر الترابي وعلمه، قد جمعتها من لقائين كان لي الجلوس في حضرته.
    > مرة عندما زار شيخ حسن الترابي الزميل الصحافي أبوذر محمد الأمين في أم درمان مهنئاً بعد إطلاق سراحه من معتقل طويل..جاء الترابي زائراً تسبقه بساطته وتلقائيته التي عُرف بها.
    > جلس بين الناس على مقعد لم يُخير له، قال قفشاته (المرسلة) البعيدة المدى ثم شرب عصيره دون أيضاً أن يحدد مواصفاته او يتحذر من (سكره).
    > كان أهم خصائصه غير المعروفة أنه لا يتخير ليس عنده خصوصية (عموميته) أوضح ما فيه، لذلك كان (شاملاً) بتلك الصورة.
    > المرة الثانية التي التقيت فيها بالدكتور حسن الترابي كان في منزله في المنشية عندما قمنا بزيارته برفقة الزميل يوسف الجلال والزميلة الراحلة عبير عبدالله.
    > أذكر أنه جلس معنا رغم أنه لم يكن عندنا موعداً معه، جلس إلينا مع زحمة أعماله وجدوله ورهقه في مساء يوم كان شاقاً عليه.
    > كنا قد جئنا الى (الترابي) لنسمع له فليس لنا في حضرته حديث، لكن دهشتنا في أنه كان يستمع لنا، كان يحاورنا وقد حضرنا لمحاورته..كانت تلك رسالة كبيرة خرجنا بها من منزل الترابي، إذ وجدنا لأول مرة في التاريخ السياسي زعيم في حجم الترابي يستمع بدلاً من أن يتحدث.
    (4)
    > كان ومازال يعجبنا في حسن الترابي ومحمد إبراهيم نقد والصادق المهدي رشاقتهم ومحافظتهم على قوامهم بالجد والكد والرياضة.
    > منذ أن ظهر الترابي سياسياً ظهر في هذا الشكل، لم يزد جراماً واحداً وهو في الحكومة، ولم ينقص جراماً واحداً وهو في المعارضة.
    > حتى ابتسامته لم تفارق شفاه، فقد أبقى عليها وهو في أحلك الأوقات، وأصعبها عليه.
    > نادراً أن تبقى (ابتسامة) على وجه مواطن سوداني كل هذه السنوات، فكيف إن بقت على وجه قيادي تعرض للكثير من الصعوبات والضغوطات؟!
    > يلفتني في الترابي نشاطه وسخريته اللاذعة، كانت آخر أنشطته عقده لزيجة وخطبته لهم قبل رحيله بـ (28) ساعة..هكذا كان (اجتماعياً) حتى قبل رحيله بساعات.
    > نشاط الترابي وحيوته تتجسد في أنه انتقل من (مكتبه) الى (العناية المركزة) مباشرة..ولم يبقَ كثيراً في (الانعاش) حيث انتقل الى (مثواه الأخير) في نفس اليوم الذي كان يمارس فيه نشاطه الفكري والسياسي والاجتماعي.
    > كان الترابي (شاباً) وهو شيخاً في الـ (84) من العمر، الأنموذج هذا وحده فيه الكثير من الدروس والعبر.
    (5)
    > إرادة الترابي أيضاً تبقى من أوضح علاماته فهو حتى عندما دخل للسجن دخله باختياره عندما ذهب الى (كوبر حبيساً) بإرادته..هذه إرادة لا يمكن إنكارها ودهاء سياسي لا يمكن إغفاله.
    > هذا الى جانب سنوات طويلة كان فيها الترابي معتقلاً كأكثر السياسيين الذين تعرضوا لاعتقالات في السودان.
    > كان يمكن أن يكون الترابي (موالياً) فينعم بالسلطة، لكنه كان يختار دائماً أن يكون (معارضاً) فيتعرض لجحيم السجون.
    (6)
    > أما آخر ما نقول ونشهد به على خصوم الترابي، أن الشيخ حسن الترابي ظلمه تلاميذه الذين تعلموا منه وتأثروا بفكره وقلدوه حتى في اللبس وطريقة الكلام وإشارات الأيادي.
    > حتى فواصل ابتسامته الساخرة كانوا يدخلونها في نصوص خطبهم الجافة.
    > نسأل له الرحمة والمغفرة.
    -
                  

06-14-2016, 03:46 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)

    حجم الخط: Decrease font Enlarge font


    مفكرة الأسبوع

    "الترابي" ما بين تأييد محبيه وانتقاد معارضيه (3)

    د. مصطفى عثمان اسماعيل

    تابعنا في مقالنا السابق نموذجاً من الاتهامات التي ساقها منتقدو الدكتور "الترابي" لبعض اجتهاداته، وأوردنا رسالة الشيخ "عبد العزيز بن باز" للدكتور "الترابي" مرفقاً معها خطاب "عبد البديع صقر" للشيخ "عبد العزيز بن باز" والتي تحوي جل الاتهامات التي تثار اليوم رغم أن تلك الرسالة عمرها قرابة الأربعين عاماً. في مقالنا هذا سنفرد رد الدكتور "الترابي" للشيخ "عبد العزيز بن باز" فإلى نص الرسالة:

    أحمد إليكم الله رب العالمين وأُصلي وأُسلم على محمد وسائر المرسلين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وبعـد...

    لقد بلغتني رسالتكم الكريمة مرفقاً بها كتاب المدعو عبد البديع صقر، وقد علمت أنه مصري الأصل لجأ إلى قطر عندما ابتلي الإخوان المسلمون بمصر، ثم أُخرج إلى دبي، وجزاكم الله خيراً أن جاءكم منه نبأ فتبينتم من نسبته وحقيقته.

    1/ لم يقع مني في كتاب أو خطاب عام أن أشرت إلى غير المعروف في حُكم الزاني المحصن، ولكن عند إعداد قوانين للسودان توافق الشريعة الإسلامية وقعت على رأي محرر للشيخ أبي زهرة رحمة الله عليه، كنت قد سمعت أنه يذهب إليه، وما كان يريد أن ينشره إلا بين مدى أنها محاولة جادة لتطبيق الشريعة، ثم وافقه مبادرات القذافي السابقة في الشأن، فأفتى ونشر، وقد تناولت رأيه بالنظر، واستشرت فيه بعض من لقيت من المنشغلين بالعلم، وخلاصة مذهبه أن فواتح سورة (النور) تلت الوقائع السُنّية المروية في الرجم، فنسخت الحكم إلى الجلد، ولعل بعض من استشرت قد نقل المسألة بغية التحري، فتسامع بها المدعو عبد البديع صقر، وتوهمه لي فخطفه وسعى به.

    2/ والنقل الثاني افتراء وتلفيق، وقد كان في سياق بحث بالإنجليزية في مسلمي أمريكا أن قلبت وجوه فقه الأسرة وأسرار الحِكمة فيه، وتطرقت للتزاوج مع المشركين والنصوص المانعة التي قُطعت فيه منذ الهجرة للتنافر البعيد بين طرفيه، ثم تعرضت للكتابيين وقربهم النسبي لنا مما أباح طعامهم ومحصناتهم، وجعل طعامنا حلالهم، أما نساؤنا فقد ذكرت اتفاق الفقهاء على منع ذلك استصحاباً لحرمة الفروج إلا بتحليل وسداً لذريعة فتنة مِن قِوامة الكتابي على المسلمة، لكني أوضحت لسائل أن آيات (الممتحنة) بسياقها اللفظي (فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ)، (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)، والظرفي «شرط صلح الحديبية» منصرفة إلى كفار المشركين، فالمسألة خرجت بأدلة قوية دون النص القرآني القاطع والمجتهد المخالف فيها يجادل ولا يقاتل، وكنت في مستهل المحاضرة قد نبهت إلى أني أسوق مباحث لوجوه الفقه لا فتاوى، ولما سئلت عيناً في مسألة ذكرت صراحة في كلام سجل أن التحريم هو المذهب في ابتداء النكاح مع تحفظ في الأوضاع الانتقالية، إذ ربما تأتيهم الزوجة لتسلم فيفتنوها بطلب المفارقة فوراً فتنتكس، وذكرت أن الأوفق أن نتريث ثبات عقيدتها، ثم نلتمس منها مهاجرة الزوج واستبقاء العقد، ودعوة الزوج لعله يلحقها إلى الإسلام كسابقة الربيع زوج زينب بنت الرسول "صلى الله عليه وسلم".

    3/ وما جاء في الردة تلفيق إذ لم يحدث أن رتبت حُكماً على التمييز بين ما يرتد إليه المرتد، ولكني في محاضرة حول تعديل القوانين السودانية كذلك أوردت رأي الجمهور مع تحفظ أبي حنيفة في قتل المرأة، ثم ذكرت وجهاً في مجمل عموم الحكم في الردة على خصوص المرتد المفارق الجماعة.
    وتطرقت لسياسة الرسول "صلى الله عليه وسلم" في معاملة طوائف من المرتدين، ومن يأنس بذلك ليشترط من بعد الردة النظرية عملاً ظاهراً تفارق به الجماعة أو من يرى القتل في الردة سياسة شرعية يراعى فيها خوف الفتنة والسمعة.

    4/ أما الخمر، فالرأي الذي أوردته في محاضراتي لإعداد القوانين المقترحة للسودان أني مع رأي الجمهور في الحد، وخلافهم في عدد الجلد، رأياً بأن الجلد عقوبة قطعية، ولكن عدده تعزير وتقدير، وحدث بأن بعضاً من مشتركين معنا في اللجان القانونية كانوا يوافقون على منع الخمر، ولكنهم يكرهون فرض الجلد إلا خياراً للقاضي، وأننا لئلا نفوت فرصة منع الخمر أصلاً رضينا منهم ذلك النص، إذ لا تتحكم في اللجنة وما لا يدرك كله لا يترك كله، وقد درجناهم بعد ذلك حتى قبلوا الجلد مع الخيار في إضافة عقوبة تعزيرية.

    5/ أما القواعد الأصولية والحديثية فكل ما ذكرت فيها هو التفريق بين ما هو نصي وما هو اجتهادي، اختلف فيه الفقهاء اختلافاً كبيراً وذلك معلوم بداهة من كتب الأصول والمصالح، وإنه لا إلزام لرأي فقيه إلا لدليل ينشرح له الصدر أو إجماع ينعقد، والرأي الاجتهادي في أصول الفقه مثله في فروعها.

    6/ أما الاختلاط فكلمة لا أستعملها استبشاعاً، وإنما رأيت كيف تمنع النساء وهن كن يشتركن فيه في عهد الرسول "صلى الله عليه وسلم" في الذهاب للمسجد والعيدين والخروج للحاجة بحجة سد ذريعة الاختلاط وتحرياً لمصلحة ملغاة بصريح النصوص وحرماناً للنساء من بركات جماعة المسلمين، وقد ذكرت كثيراً أن الحجاب وحده لا يمنع وقوع الفساد لما رأيت من إهمال تأديب الفتيات بأدب الدين وتزكيتهن بمعاني الإيمان استغناء بالحجاب، وإنما أُمرن أن يكن حافظات وقانتات ليكون الأمر تديناً منهن قبل أن يكون التزاماً بالمعروف.
    كل ما ورد مني في شأن النساء أو غير ذلك منشور في عدة كتب «المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع» محفوف بالأدلة الوثيقة من القرآن والسُنّة الصحيحة، ولا مجال للتخليط عني سماعاً، ولا أدعي عصمة من خطأ، ولكني أرتجي المؤاخذة عن بينة والمناصحة عن إخلاص، وأبتغي عند الله الهداية والأجر والمغفرة.
    أما ما جاء من ذكر وفود علماء قدمت عليّ فهي حاشية غير صادقة، إلا أن الشيخ مناع القطان قد جاءنا في السودان يجادلنا في وجوب البيعة لموعد اتخذته ثلة من الإخوان المسلمين بمصر، وحاورناه بفقه في البيعة أن ذلك لا يلزمنا، فنحن في السودان نعمل بفضل الله للإسلام دعوة ومجاهدة، ونتعاون ونتناصر مع أهل العلم والجهاد في كل مكان، وتطرق الشيخ مناع أيضاً لما تسامع به بعضهم عني من تدليسات وتلفيقات ومذاهب غريبة هي من مثل ما أورد أصداءه المدعو صقر عبد البديع، وحثته بمثل ما سلف، ولكن بعض إخواننا المصريين ما انفكوا مما يجدون من إنكارنا لزوم بيعتهم يحملون علينا بما اتفق لهم.
    وقد بلغ الفجور في الخصومة بأحد كتاب مجلتهم الرسمية «الدعوة» أن رماني بالشيوعية والمروق، زج بي في زمرة محمود محمد طه السوداني، وهو رجل تنبأ ثم تأله وأنكر جل شعائر الإسلام وشرائعه، وأتاتورك وهو الفاجر الكافر الذي عطل الشريعة، وقتل المسلمين وفرض الملة الأوروبية.
    والقذافي وهو من سمعتم عنه من إلغاء السُنّة وغير ذلك وبالله العياذ.
    وعجبت للمدعو صقراً من غيرته المزعومة على الدين، وهي بتعبئة العلماء، أما كان أولى به أن يتصدى لمذاهب الكفر الصراح وسياساته التي تسود بلده؟ وما بال همه لا يجتمع إلا على طائفة من أهل السودان ظاهرة بالدعوة تحاول تمكين الشريعة وتصابر على كيد الباطل، أليس فيما يصيبنا في الأعراض والأنفس نقض من تلقاء الشيوعيين والعلمانيين والبغاة ما يدعو بعض أهلنا، غفر الله لرحم أن يكفوا عنا أذاهم؟
    أما قد كتب على كل من يجاهد لتجديد أمر الدين الإسلامي بالضلال والإضلال؟ أليس فيما يعاني المسلمون من شقاق تؤججه والدعايات عبرة للدعاة وتذكرة بأن للدين أدباً في التبيين وخصوص النصيحة وحُكماً في حملات التشهير بالتسامع؟ وربما صديق جاهل لأهل الإسلام يخص بحملته أقرب الناس إليه في أقرب مواقفهم إلى القيام بأمر الدين وهو إشاعة الفقه بالشريعة وبسط الأقوال والخيارات ووجوه أدلتها وحكمتها ومناسبة تطبيقها في الواقع، ولنا عظة بما وقع في باكستان حين الشروع في تطبيق الشريعة من تنازع بعض حملة العلم وتراشقهم وعلوهم في خلافات فروع كادت تفوت الأصول، وبعض إخواننا المراقبين لا يدركون ما تلاقى من ضرورات التيسير والتبشير لأول عهد نستقبل فيه الشريعة بعد اغتراب مع تمكن قوم لا تطمئن قلوب أكثرهم لحق الإسلام.
    أما شباب السودان فلا تسودهم نزعة صوفية أو مشيخة إنما هي كلمة تحرش إلى عالم سلفي من حواري لشيخ معروف كان في مصر ذا صوفية مع جهاد وفضل كبير، فشباب السودان غالبه إما دهري، أو شيوعي سافر يكاد يمرق على كل التقاليد، ويرمي الدين كله بالخرافة، فضلاً عن المبتدعات الصوفية، أو إسلامي خالص العقيدة جهادي الإيمان.
    والحمد لله الذي جعل سوادهم الأعظم اليوم معتصماً بالإسلام مجاهداً في حركته.
    وأننا إذ نشكرك على سالف دعمك للمجاهدات الإسلامية بالسودان، ونرجو أن تخاطب عنا إخواننا الحاملين علينا ظلماً، ونسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، وأن يبقيكم للدعوة والإرشاد، وأن يغفر لنا ولكم ولسائر المسلمين.

    أخوكم حسن الترابي

    } كانت تلك هي الرسالة التي بعثها الدكتور حسن "الترابي" لسماحة الشيخ "عبد العزيز بن باز"، ولمزيد من البحث أحيل القارئ الكريم لكتاب أصدره الدكتور "محمد وقيع الله" منتصف ثمانينيات القرن الماضي بعنوان: (الترابي – التجديد – الرأي والرأي الآخر).

                  

06-14-2016, 04:46 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ردود الافعال على وفاة زعيم الاخوان ..... ال (Re: الكيك)




                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de