لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم عربي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 02:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-06-2016, 06:40 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم عربي

    05:40 AM March, 06 2016

    سودانيز اون لاين
    Elawad Ahmed-London G.B.
    مكتبتى
    رابط مختصر

    لا حداثة بدون إصلاح ديني

    بقلم: جمال عبدالرحيم عربي

    "التنوير هو خروج الإنسان من القصور الذي إرتكبه في حق نفسه من خلال عدم استخدامه لعقله إلا بتوجيه من إنسان آخر"- إيمانويل كانط

                  

03-06-2016, 06:46 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    نشر العدد بالعدد الأول من مجلة "الحداثة السودانية" الصادرة بتاريخ 1 مارس 2016

    موضوع يستحق القراءة بتمعن

    مع الإعتذار مسبقاً لجهابذة اللغة العربية

                  

03-06-2016, 06:50 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    في دلالات مصطلحي الحداثة والتحديث

    رغم التشابه في اللفظ بين مصطلحي التحديث والحداثة، إلا أنهما يفترقان جذرياً في الدلالات والمغازي. فالتحديث يعبر بشكل عام عن التغيير نحو الأفضل، أو الإحلال و إضافة الجديد الأكثر تطوراً في مجال الإنجازات المادّية، كالبنى التحتية من مبانٍ ومسارات نقل ووسائط إتصال وموارد طاقة؛ هذا إضافة لوسائل الإنتاج والتوزيع وأنماط الإستهلاك والرفاهية وطرق تقديم الخدمات المصاحبة لكل ذلك. كما يدخل في عداد مكونات التحديث أيضاً، المفاهيم والمناهج والإجراءات المرتبطة بالإنتفاع من منتجاته. وفي هذا يمكن لكل المجتمعات، من الناحية النظرية، أن تتشابه في درجة التحديث، سواءاً صنعته بنفسها أم نقلته عن غيرها، بدون أن يعني ذلك تماثلها في مستوى "الحداثة" كما سنبينه لاحقاً.

    أما الحداثة، فتشير إلى بُعد آخر من أبعاد الحياة الإنسانية، يرتبط وثيقاً بعالمَي الفكر والشعور، و سِمْتها الأساسي الإرتقاء من القديم إلى الجديد وفق المُحدِّدان الرئيسيان: العقل والحرية؛ باعتبار أن العقل هو أداة الإنتاج للمعرفة وميزان الترجيح بين البدائل والخيارات، والحرية هي الوسيلة لتحقيق إنسانية الإنسان. ولا تعني الحرية في هذا السياق حرية التفكير والتعبير والضمير فقط، بل تتجاوز ذلك إلى إنجاز رفاهية الإنسان المادية بإعتبار أن تحطيم قيود الحاجة تسير في إتجاه تحرير الذات وإطلاق طاقاتها وتحقيق فرديتها. فليس كل جديد، إذن، يعتبر إرتقاءاً إن لم يكن به تعميق أو إضافة لدور العقل أو لمدى الحرية. فالحداثة بهذا المفهوم، ذات محتوى معنوي يشير للأخذ بأفضل النماذج في الحكم وإدارة شئون الناس بما يرسّخ من سلطان هذا العقل و يوسع مساحة تلك الحرية.

    على عكس التحديث الذي يمكن إنجازه عبر النقل المباشر، الذي يمكن أن يصل مرحلة النسخ عن الآخرين، وفي فترة زمانية قصيرة لحد كبير؛ فإن الحداثة تستلزم تحولات كبيرة وبطيئة نسبياً باعتبار أن نطاق عملها هو الفكر والثقافة. فالحداثة لا يمكن تحقيقها عبر المال أو إنفاذها بالأوامر والتعليمات. فهي تستلزم بشكل عام وجود إرادة مجتمعية فاعلة وتراكم معرفي كافٍ لإحداث تغيير كيفي يتم بموجبه نبذ القديم المُقيّد وتثبيت الجديد الطَلِق؛ وذلك وفق الهدف الذي سبقت الإشارة إليه.

    بالنظر لظروف بلادنا الحالية وواقعها الذي يفتقد لعنصري التحديث والحداثة، نجد أن هنالك شروخاً عميقة تهدد بقاء الدولة نفسها كالصراع المستديم حول قضية الهويّة الوطنية، والهشاشة الملازمة لتركيبتها الإجتماعية، والغياب الموروث لرؤية إستراتيجية يمكن أن تشكل مصدر إلتفاف شعبي فعّال يدفعها للأمام. كما نرى أن هنالك تعقيداً آخر له أثر كبير في عرقلة المعالجات المحتملة للقضايا المفتاحية المشار إليها، ووضع البلاد في مسار الحداثة المنشودة؛ وهي أزمة العقل الجمعي السوداني التي تعتبر، في تقديرنا، إمتداداً لأزمة العقل الجمعي في العالمين العربي والإسلامي. فالعقل الجمعي السوداني المسيطر في المركز وجزء معتبر من الأطراف، مسئول بشكل كبير عن الأزمة الوطنية العامة بملامحها المشار إليها سابقاً، و يرتبط فهم أزمته وإتجاهات معالجتها، ولحد كبير، بما يحدث في الدائرة الأوسع التى أتى منها ويرتبط بها عضوياً، وهي دائرة العقل الجمعي المسلم العام.

    بالعودة لقضية الحداثة، فإن أي تقدّم للأمام يقتضي تجديداً نوعياً في العقل الجمعي لينتقل من قيود التسليم الأعمى في مجالات الإعتقاد إلى رحاب الإنقياد الواعي للمُعتقَد، ومن أرضية الولاء التاريخي للحزب والطائفة في مجالات السياسة إلى فضاءات الإختيار الحر للرأي و للموقف، ومن النظر للفرد كجزء من جماعة إلى إعتباره كياناً مستقلاً ومُتفرّداً، ومن الإذعان لإدارة مؤسسات الدولة المحايدة بإرادة الحاكم والحزب إلى تحقيق تسييرها بقوة القانون ونفوذ وتأثير ميكانيزمات عملها.

    نواصل

                  

03-06-2016, 06:54 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    التنوير والإصلاح الديني كشرط للحداثة

    إن ما نراه اليوم في منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، والسودان جزءاً منهما بطبيعة الحال، لا يعدو أن يكون مشاريع تحديث أكثر من أنها توجهات حداثة. فالعقل الجمعي المسيطر، ولنسمّه العقل المسلم نسبة للتشابه الكبير في سماته العابرة للحدود الوطنية، يعاني من إختلالات خطيرة لا تسمح له بالإنطلاق لتحقيق إشتراطات الحداثة المنشودة. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصر، إلا أن من ابرزها التدني المريع في مستويات التطور الإقتصادي/الإجتماعي/السياسي. فبنظرة عاجلة للإحصاءات والمؤشرات المتوفرة للجميع بنقرة زر، نجد أن أقطار العالم الإسلامي تقع في مرحلة متدنية قياساً ببقية العالم. وكمثال فإن سِجِل كل العالم الإسلامي، بما في ذلك تركيا وماليزيا وإندونيسيا، من براءات الإختراع المسجلة على مستوى العالم يقل كثيراً جداً عن ذلك المسجل لدول تكاد لا تساوي شيئاً من ناحية السكان والمساحة والموارد الطبيعية مثل إسرائيل وبلجيكا والنمسا، ناهيك عن عالم العمالقة غرباً وشرقاً. من أبرز الأمثلة أيضاً على بؤس هذا العقل المسلم وعجزه وفق بنيته الراهنة، عن إبتدار مشروع حداثي؛ إصراره على إضفاء الصبغة الدينية على كل مناحي التفكير، و تبسيطه المخل لقضايا الحياة المعقدة وإختزال أسبابها في كيد اليهود ومؤامرات الصليبيين، و إستسلامه للنظرة القدرية للعالم والأحداث باعتبارها أمور محددة سلفاً من قبل السماء، و ركونه للعجز عن الفعل الإيجابي بل القبول بالقهر والتسلط وتعظيم الطغاة والرفع من شأنهم. أضف إلى ذلك الإعجاب المفرط بالماضي المجيد والرغبة في إستعادته بحذافيره رغم إختلاف الزمان والمكان، والتعويض عن العجز في صناعة التقدم برفض ما تجلبه عملية "التحديث" من مفاهيم جديدة مربكة لمسلماته، وهكذا!

    في الواقع فإن ذلك العقل لم يختار لنفسه هذا المآل، وإنما تضافرت عوامل مختلفة في صياغته؛ وهي عوامل يرجع بعضها إلى بدايات الدولة الإسلامية الأولى بما في ذلك حكم بني أمية. حيث من ضمنها أربعة عوامل رئيسية:

    تخلف البنية السياسية والفكرية والإجتماعية لبيئة النشوء

    من المعلوم أن الوحي على النبي (ص) بدأ وانتهى بالجزيرة العربية، وحصراً بحاضرتيها مكة والمدينة. ومن المعلوم أيضاً، أن كل منطقة الجزيرة العربية، حيث هبطت الرسالة، كانت تتسم بالفقر الشديد في جميع مناحي الحياة، كما أنها كانت تفتقد لشكل الدولة بمعناها المعروف مثل وجود وسيطرة مؤسسات الحكم والإدارة والمعرفة. فقد كانت القبيلة هي أعلى درجات البناء الإجتماعي، وأعرافها تمثل النظام القانوني والأخلاقي، وجيشها هو مجموع رجال القبيلة، ومظاهر فكرها هو الشعر الوصفي.

    لقد مثل الإسلام إنقلاباً غير مسبوق على كل الأصعدة. ففي وقت وجيز توحدت الجزيرة العربية تحت مركز واحد وتحولت لإمبراطورية هائلة شملت معظم العالم القديم وقتها رغم تفوقه عليها حضارياً بمعايير العلم والفكر والعمران ومستوى تطور مؤسسات الدولة والمجتمع؛ حيث يكفي توضيحاً أن قوانين حمورابي التي كانت سائدة وقتها في الإمبراطورية الفارسية، والتي تحتوي على منظومة أحكام كاملة تشمل مئات البنود في مختلف جوانب القانون المدني والجنائي، كانت تلك الأحكام قائمة وفاعلة من قبل أكثر من ألفي عام من نشوء الدولة بالجزيرة العربية.

    نسبة لإفتقار الجزيرة العربية لمظاهر الحضارة من ناحية، وسيادتها التامة على معظم العالم القديم في غياب نموذج حضاري مناسب لطبيعة التغيير العميق الذي ساد المنطقة من ناحية أخرى، كان من المحتّم أن يتم الإستعانة بالنص القرآني وأقوال وأفعال الرسول (ص) باعتباره قائداً ورئيساً لتلك الدولة، ونهج أصحابه من بعده، كمصادر وحيدة للفكر والممارسة لتأسيس وإدارة هذه الإمبراطورية. وهو أمر كان له ما بعده، حيث أن أمر الحكم والسياسة والفكر أخذ الصبغة الدينية التي تُصعِّب أمر مراجعتة لاحقاً نسبة لصفة القداسة التي أضفيت عليه.

    نواصل

                  

03-06-2016, 06:57 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    التأثير السالب للحكم الأموي

    بتراكم أقوال الرسول (ص) وأفعاله ومناهجه، وكذلك أقوال وافعال ومناهج خلفائه وأصحابه من بعده في إدارة الدولة الممتدة والمتوسعة، ومع التعقيدات التي لازمت ذلك والأسئلة التي أصبحت تطرح نفسها في كل لحظة، ومع جهل الحكام والولاة والفاتحين بالتراث الإنساني الضخم الذي كان في متناول يدهم في ذلك الحين الذي لم تبدأ فيه حركة الترجمة والإحتكاك الفكري في الظهور؛ أصبح هذا التراث يمثل الفلسفة الهادية للدولة والمجتمع، كما إكتسب بمرور الزمن قدسية كاملة، حد أن ينسخ حديثآ منسوباً للرسول (ص) عشرات الآيات القرآنية.

    في تلك اللحظة الحاسمة من التاريخ بدأت أزمة العقل المسلم. عندما أصبح النص والممارسة السابقة هي المحدد والفيصل في النظر للقضايا المرتبطة بحياة الناس؛ وحيث تراجع العقل لينظر لكل شيء من خلال عدسة النص، ليحكم على الأقوال والأفعال من خلال مفهومي الحلال والحرام المقدسين بإعتبار إتفاقهما أو إختلافهما، أي الأقوال والأفعال، مع النص؛ بدلاً عن النظر إلى تلك القضايا بمنظار العقل ليحكم عليها عبر استخدام معياري الصواب والخطأ قياساً على مدى تلبيتها لمصلحة الناس.

    والحال كذلك، أصبح محتوماً نشوء ما يسمى بالعلوم الدينية، كعلوم الحديث والتفسير وأصول الفقه، لتضع المناهج والمعايير التي بمقتضاها يتم ملأ الفراغ المعرفي الذي ينشأ بحكم التغييرات المستمرة في حياة الناس وما يستتبعه ذلك من بروز أسئلة لم تطرح من قبل وظهور قضايا لم تكن في الحسبان. لقد كان من سؤ طالع المسلمين عبر التاريخ أن تأطّرت تلك العلوم الدينية من قبل أن يتم التلاقح الإيجابي مع منتوجات الحضارات الأخرى، كالفلسفة الإغريقية والقانون الروماني لتنشأ ثقافة عقلانية ذات محتوى إسلامي تتناسب مع متطلبات تلك الفترة وتحمل في باطنها المحفّزات اللازمة للتطور المستقبلي. لقد لعبت الدولة الأموية دوراً أساسياً في تنميط العقل والوجدان المسلم بشكل يخدم مصلحتها في البقاء الآمن، والْعَبّ من الملذات التي لم تَزُر خيال سادتها قبل الفتوحات. على ضوء ذلك صار تبنّي المنهج الجبري يمثل الترياق السحري لفرض الجمود على العقل والوجدان وتنفيرهما عن التفكير الحر. وهو أمر ساعد عليه كثيراً قصور العقل العربي البدوي، الذي أصبح حاكماً مطلقاً، قصوره عن التجريد وميله للتجسيد. وهو أمر ناتج عن حالة البداوة وقهر الطبيعة الموحشة، الأمر الذي يمكن تلمسه بوضوح من خلال التجلّي الفكري الوحيد للعرب، وهو الشعر الوصفي الخالي، ولحد كبير، من المعاني الفلسفية. كما صاحب ذلك ترسيخ الدولة الأموية لفكرة الملك العضود وتوارث الحكم وقهر المخالفين ووضع الأحاديث التي تبرر ذلك، مما جعل الوجدان المسلم ينزع للقبول والتسليم برأي الدولة الرسمي. لقد تسبب ذلك لاحقاً في إضعاف قابلية العقل المسلم على التفاعل مع المنتجات الفكرية للشعوب الأخرى، عندما توفرت إمكانية التلاقح.

    نواصل

                  

03-06-2016, 07:02 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    سيطرة الفقه التقليدي

    كما أوضحنا فإن المسار الذي إتخذه الفكر العربي الإسلامي منذ البداية، كان مستنداً بشكل رئيسي على النص القرآني بشكله المباشر، أي بدون إعطاء وزن كبير لسبب نزوله أو مقصده؛ إضافة لممارسة الرسول (ص) وخلفائه وصحابته من بعده، حيث جرى إستنباط الأحكام الجديدة إستناداً على ذلك. من هنا بدأ ما يسمى بالفقه الإسلامي بالتشكل. إنه، وبوفاة ابن حنبل صاحب المدرسة الرابعة بالنسبة للإسلام السني يكون كامل البناء قد إكتمل وأصبح الإئمة الأربعة، أبوحنيفة و مالك والشافعي وابن حنبل، هم المرجعية الرئيسية للفقه الإسلامي السني منذئذً وحتى اليوم. يعود للإمام الشافعي (150 – 204 هـ) بالذات الفضل في وضع أصول الفقه بشكل منهجي وخلق الرابط بينها، أي تلك الأصول، وبين المرجع الرئيسي وهو القرآن الكريم؛ وذلك من خلال كتابه الشهير "الرسالة" الذي أطّر فيه المصادر الرئيسية للتشريع وحددها في: القرآن والسنة والإجماع والقياس.

    على الرغم من ذلك، فقد برزت خلال نفس الفترة التي شهدت نهوض تلك المذاهب الفقهية، مدارس فكرية مختلفة في نظرتها للنص الديني وقضايا الإعتقاد والتشريع، متأثرة بالثقافات الأخرى التي تم الإحتكاك بها، ومن أهمها المعتزلة، إلا أنها لم تحقق إلا نجاحات محدودة، حيث تعرضت لقمع عنيف خاصة في عهد الخليفة العباسي المتوكل الذي تولى الحكم عام 232 هـ فانتصر لأكثر المذاهب إنغلاقاً وأطاح بمدرسة المعتزلة العقلانية نهائياً.

    لقد تبنت المذاهب الأربعة، التي لا تختلف على مستوى الأصول وإنما تتفاوت فقط في درجة المرونة عند إستنباط الأحكام، تبنت مجموعة من الثوابت التي أناخت بكلكلها على الخطاب الإسلامي منذ ذلك الحين وحتى الآن. حيث من ضمن تلك الثوابت إعطاء الحديث النبوي، أي الُسنَّة النبوية، نفس الوزن المعطى للقرآن الكريم. بل في الواقع وزناً أكبر، حيث أن حديثاً واحداً كحديث "من بدّل دينه فاقتلوه"، ينسخ عشرات الآيات القرآنية التي تتحدث وبوضوح كامل عن حرية الإعتقاد. ليس هذا فحسب، بل أن هنالك الكثير من القواعد الأصولية التي تم وضعها والإتفاق حولها، تسدّ الطريق على أيّ تطوير لمنظومة الفقه يمكن أن يتسبب في إصلاح ديني يردم الهوّة القائمة اليوم بين المستوى العالي من التطوّر الذي بلغه العالم المتقدّم والإنحطاط الذي يلازم العالمين العربي والإسلامي. من هذه القواعد قاعدة "لا إجتهاد مع النص" وقاعدة "العبرة بعموم النص وليس بخصوص السبب" وقاعدة "المعلوم من الدين بالضرورة"، وقاعدة "سد الذرائع"، إلخ.

    الدور السالب لرجال الدين

    كان من الطبيعي كنتيجة للإنغلاق الفكري الذي صاحب إنشاء الدولة الإسلامية الأولى وحصر مصادر المعرفة في النصوص المؤسِّسة، القرآن والحديث، وآليتي الإجماع والقياس، وتحديد دور البشر في الإجتهاد من خلال القواعد التي تعرضنا لها آنفاً؛ كان لا بد أن يؤدي ذلك لنشوء مؤسسة دينية تعلو على كل مؤسسات المجتمع، قوامها جيوش من الفقهاء والدعاة، أو ما يطلق عليهم علماء الدين الذين هم وحدهم يملكون الحق في الإفتاء وإبداء الرأي. إنه وبإنشاء هذه المؤسسة أصبح مستحيلاً إجراء تغييرات رئيسية على الخطاب الديني الموروث بحكم أن إعداد هؤلاء العلماء أنفسهم يتم في إطار تلقيني خالص لا يسمح بإستخدام مناهج عقلية تمكِّن من الوصول لنتائج مخالفة لما هو معلوم. والحال كذلك أصبحت هذه المؤسسة صمام أمان لحماية منظومة الفقه السائدة، لا يستطيع أفرادها إستخدام عقولهم إلا بإستخدام قواعدها الموروثة، وحتى إن واتتهم الشجاعة للجهر بما يخالف، فسرعان ما يتم السيطرة على تأثيرهم بالوسائل المناسبة لكل حالة. ليس ذلك فحسب، بل يتكتلون ضد أي محاولة من خارج هذه المؤسسة تستهدف مراجعة تلك الأصول والقواعد، ويحاربونها بشراسة كثيراُ ما تصحبها حملة تشويه وتكفير للقائمين بها.

    نواصل

                  

03-06-2016, 07:07 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    هل من خروج من المأزق؟

    كما هو واضح، فإن أصول الفقه وقواعده وثوابته، إضافة لوجود المؤسسة الدينية بشكلها السائد حالياً والقائمة على سيطرة رجال الدين الذين تم تنميطهم للدفاع عن الموروث البالي، ولتعبئة المشاعر الشعبية لترفض أي مقاربات جديدة لفهم علاقة النص الديني بالواقع؛ كل ذلك لا يسمح بإستنباط مناهج ومبادرات من داخل الفكر الديني نفسه لتستهدف خلق التواؤم المطلوب الذي يحقق مقاصد الدين ويتوافق مع واقع العصر وقيمه الرفيعة. وهو واقع، كما هو بائن، لا يسمح بالخروج لفضاء العقل الرحيب والسماح بمقاربات جديدة لعلاقة الفكر الديني بالحياة لتجد لها متنفساً، خاصة وأن الفكر الديني السائد، كما أسلفنا، يفتقد للميكانزمات والمحفزات التي تسمح بتطويره من داخله، كما أن المؤسسة الدينية تقف بالمرصاد لأي محاولة مساس بالقديم!

    والحال كذلك، لا نرى من مخرج لوضع بلادنا في مسار الحداثة غير مواجهة هذا الفكر النكوصي وقطع العلاقة المعرفية معه. حيث أصبح هذا الفكر، إضافة لكونه عائقاً في إنجاز مشروع الحداثة، أصبح مصدراً لتهديد الأمن العالمي والحضارة البشرية المعاصرة برمتها. والمواجهة لا يجب ان تستهدف كشف ضعفه و خوائه وتناقضاته فقط، وإنما إستبداله بفكر بديل بدأت ملامحه تتضح من خلال مساهمات العشرات وربما المئات من المفكرين.

    إن ماحدث بأوروبا في العصور الوسطى، والنقلة الهائلة التي أنجزتها ثورة التنوير التي شكل الإصلاح الديني قلبها النابض، والمستوى العالي من "الحداثة" التي أنجزتها، تعتبر مثالاً نموذجياً واجب الإقتداء. ونرى أن حصاد ذلك سيكون أوفر ومعاناته أقل، في وضعنا الحالي؛ نسبة لأن ميزان القوى العالمي، وفي كل المجالات تقريباً، في صالح برنامج التغيير. بل أن له مصلحة قوية في تحقيقه، حيث أن أمن وسلامة العالم اليوم أصبح يرتبط وثيقاً بتحقيقه.

    نشر الموضوع بالعدد الأول من مجلة "الحداثة السودانية" الصادرة بتاريخ 1 مارس 2016

                  

03-06-2016, 08:13 AM

Hafiz Bashir
<aHafiz Bashir
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 8024

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    شكراً جزيلاً أخي العوض أحمد

    فعلاً موضوع يستحق القراءة بتمعن

                  

03-06-2016, 08:28 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    شكرا أخي حافظ على المرور والمشاركة

    لك التحية والتقدير

                  

03-06-2016, 08:57 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    يقول الأستاذ جمال عبد الرحيم

    لا نرى من مخرج لوضع بلادنا في مسار الحداثة غير مواجهة هذا الفكر النكوصي وقطع العلاقة المعرفية معه

    قدم الأستاذ تحليل عميق لأزمة الفكر في الإطار العربي الإسلامي

    ولكن إفترض إن مجرد الرفض وقطع الصلة بالماضي يمكن ان تشكل بوابة للخروج من إزمتنا المعرفية!

    فهل إستطاعت أروبا العجوز أن تتجاوز عصورها المظلمة من خلال مارتن لوثر و الثورة الفرنسية؟

    أم هيأت النهضة الأوربية أرضية التواصل مع العلم والعلماء وتجنيب الغيبيات التي كبلت الفكر!

    قطع العلاقة المعرفية بالفكر الديني " الإصولي " يمكن أن تكون نتائجه كارثية وما ظهور القاعدة والدواعش إلا شواهد في الطريق!

    تقييم " وليس تقويم " الفكر الديني هو وسيلة من يحمل فكراً تنويرياً يسعى من خلاله تطوير علاقات مجتمعه حتى تواكب متغيرات الحياة البشرية

                  

03-07-2016, 02:40 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    شكرا يا جمال علي هذا الجهد المقدر

    والتفكير العميق

    لاحظت ان كاتب البحث

    تفادي تماما النظر للتطور الحاصل في الفكر الديني

    مقاربا مع الصراعات الإجتماعية في المجتمعات الإسلامية

    بمعني آخر

    طوالي شات في إتجاه معاكس لفرضية

    أن الفكر هو إنعكاس للصراعات والعلاقات المدورة في المجتمع

    ويبدو تبعا لذلك (وفقا للكاتب )

    فأن الفكر الإسلامي لم يتطور البتة

    منذ الإئمة الأربعة وحتي الآن

    وظل أسيرا للنص المقدس

    رغم التطورات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية الهائلة التي حدثت

    وإذا كانت الحداثة الأوربية

    وتجلياتها الفكرية والفلسفية

    هي طموح البرجوازية الناشئة

    للتحرر من سيطرة الإقطاع المتحالف مع الكنيسة

    فإن الحداثة المطلوبة في المجتمعات الإسلامية

    لا تعبر عن طموحات طبقات صاعدة إجتماعية

    بقدر ما هي "رغبة ذاتية" للعناصر المستنيرة

    (بفضل الحداثة الاوربية)

    للإنعتاق من سيطرة النص المقدس

    دون النظر للكهنوت والمؤسسة الدينية

    وعلاقاتها المتشابكة مع الفئات والطبقات الإجتماعية المالكة والحاكمة في المجتمع

    وأتمني أن يأخد هذا الموضوع الهام

    وهذا التناول الجاد حظه من النقاش

                  

03-07-2016, 05:58 AM

Elawad Ahmed
<aElawad Ahmed
تاريخ التسجيل: 08-15-2015
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لا حداثة بدون إصلاح ديني ..جمال عبدالرحيم � (Re: Elawad Ahmed)

    شكرا أخ Nasr نتمنى معك ان ينور العارفين طريقنا

    ولك التحية والتقدير

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de