نص شهادة الكاتب الكبير محمد سلماوي، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، والتي أدلى بها اليوم، السبت، في محكمة الجلاء خلال جلساتها لسماع شهادة كل من وزير الثقافة الأسبق، الناقد الكبير جابر عصفور، ومحمد سلماوي، والروائي الكبير صنع الله إبراهيم، بشأن قضية الكاتب أحمد ناجي والصحفي طارق طاهر، رئيس تحرير مجلة أخبار الأدب. وذلك في إطار التحقيق في اتهام النيابة لكل من الكاتب الصحفي طارق الطاهر، رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» والكاتب أحمد ناجي، مؤلف رواية «استخدام الحياة» الصادرة عن دار التنوير للنشر، بعد قيام الأول بنشر فصل منها في جريدة «أخبار الأدب» بالعدد رقم 1097، فقامت نيابة وسط القاهرة بإحالتهما للمحاكمة الجنائية، بتهمة نشر وكتابة مقال جنسي خادش للحياء، بالإخلال بواجب الإشراف على المقال محل الاتهام، حسبما ورد في عريضة اتهامها. نص شهادة الأستاذ محمد سلماوي في قضية «أخبار الأدب» (السبت ١٢ من ديسمبر ٢٠١٥ – محكمة الجلاء) القاضي: أنت الأستاذ محمد سلماوي؟سلماوي: نعم.القاضي: قل والله العظيم أقول الحق.سلماوي: والله العظيم أقول الحق.القاضي: الوظيفة الحالية والسابقة.سلماوي: أعمل بالأدب والصحافة منذ قرابة الخمسين عامًا، وقد شغلت موقع رئيس التحرير بمؤسسة الأهرام طوال ١٦ عامًا، كما كنت وكيلاً للمجلس الأعلى للصحافة. وأنا الآن الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، وكنت رئيسًا لاتحاد كتاب مصر لمدة عشر سنوات.القاضي: هل قرأت الرواية؟سلماوي: نعم.القاضى: ما هو موقعها من الأدب الروائي؟سلماوي: هى تنتمي لاتجاه جديد في الرواية العالمية يسمي «graphic novel» وتمزج بين الكتابة الروائية والرسوم الفنية، وكاتبها هو أحد أبرز الكتاب الروائيين من جيل الشباب الذين ينعقد عليهم الأمل في مستقبل الأدب الروائي في البلاد، وله أعمال إبداعية سابقة.النيابة: هل قرأت المقال موضوع الدعوى والمنشور في «أخبار الأدب»؟سلماوي: لست أعرف عن أي مقال تتحدث، فأنا لم أقرأ أية مقالات وإنما قرأت فصلاً من رواية «استخدام الحياة» لـ«أحمد ناجي» منشور في الجريدة، واللون واسع بين الأدب الروائي والمقال الصحفي.النيابة: هل تستطيع أن تقرأ لنا الآن وأمام الحضور جزءًا منها؟سلماوي: هذا لا يجوز.النيابة: ألأنه خادش للحياء؟سلماوي: هذا لا يجوز في الأدب، فاجتزاء مقطع وحده هكذا وقرائته مستقلاً عن الرواية إنما يخرجه عن السياق الذي كتب فيه، ومن المباديء الراسخة في النقد لمن درسوه أن العمل الفني لا يؤخذ إلا في مجمله لأن المقصود منه هو تأثيره الكلي على المتلقّي وليس تأثير جزء واحد منه منفصلاً عن السياق الذي جاء به، لذلك لا يمكن لنا أن نجتزيء قطعة من تمثال لرائد فن النحت المصرى الحديث محمود مختار، مثل ثدي الفلاحة في تمثال نهضة مصر الشامخ أمام الجامعة ونعرضه وحده على الملأ، وإلا كان بالفعل خادشًا للحياء لأنه خرج عن المعنى الوطني الذي يرمز له التمثال ليصبح تأثيره حسي بحت، فما يخدش الحياء في الحياة لا يكون كذلك في الفن، وفي الوقت الذي يخدش حيائنا مشهد العري في الطريق العام فإننا نرسل طلبة المدارس الى المعارض والمتاحف التي تضم لوحات فنية قد يكون بها بعض العري دون أن يكون في ذلك ضررًا عليهم.محام نقابة الصحفيين: هل حدث أن صودرت أعمال أدبية في السابق؟سلماوي: صودرت أعمال كثيرة ربما كان أشهرها رواية «عشيق الليدى تشاترلي» للكاتب البريطاني الكبير د. ه. لورنس، لكنهم عادوا وصرحوا بها، وقد كان ذلك في عهود تخلف غابرة يتندرون بها الآن، فالمصادرة بهذا الشكل ولهذه الأسباب منافية للفهم الصحيح للأدب ووظيفته، إضافة إلى أنه مناقض للدستور، وإلا كان علينا أن نصادر الكثير من تراثنا الفني العظيم الذي نباهي به بين الأمم مثل «ألف ليلة وليلة»، أو من أمهات أدبنا الحديث الذي تربينا عليه مثل رائعة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين «دعاء الكروان» التي يغتصب فيها البطل عذرية الفتاة الريفية البريئة «هنادي»، وهو ما لا يكون فقط خادشا للحياء في حياتنا العادية خارج العمل الفني، وإنما هو أيضًا جريمة يعاقب عليها القانون، لكن في إطار الرواية المذكورة هو ضرورة تفرضها الاعتبارات الفنية التي لا يجب أن تغيب عن نظر من يعطي لنفسه الحق في تقييم العمل الفني.الدفاع: هل الأدب علم؟سلماوي: لا، الأدب فن. لكن النقد علم، وهو علم شاق يتعلمه الناقد ولا يجوز لغير المتخصص أن يتعرض له، فهناك من يمضون السنوات الطوال في دراسته وينالوا فيه أرفع الدرجات العلمية. هؤلاء هم الخبراء الذين علينا أن نلجأ إليهم في تقييم العمل الفني. وإذا سمحت لي المحكمة فإني أود أن أعرب عن سعادتي للإدلاء بشهادتي هذه، فقد تعودنا أن يتم اللجوء للخبراء في الدعاوي القضائية الخاصة بالموضوعات الإقتصادية أو في النزاعات الضرائبية أو ما شابه ذلك، لكن لجوء المحكمة الموقرة للخبراء في هذه الدعوى الأدبية إنما يستوجب توجيه التحية الكاملة للمحكمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة