في لقاء بثه التلفزيون ( القومي) للبشير سأل الرئيس البشير موجهاً بسؤاله لعبد الرحيم محمد حسين ابن النوبة العاق إن كانت أرض النوبة مقدسة. والبشير كعادته كان يسخر بسؤاله ذلك من النوبيين ناسياً أنه بتلك السخرية كان يؤكد ما عُرف عنه من جهل. فالأرض في أي بقعة مقدسة و إلا لما أعتبر رب الجلالة من مات دفاعًا عن أرضه شهيداً. لكن و لأن البشير بحكم خلفيته الأيدلوجية لا يعطي للوطن ذي الحدود السياسية أي إعتبار و لا قيمة فليس غريباً أن لا يفهم معنى قداسة الأرض لأن الذي يهمه فقط من يشاركه فكره الأيدلوجي فهو يفضّل أي أخ مسلم في أي مكان على سوداني لا ينتمي لتنظيمه. و لا أرمي الكلام جزافاً فقد فصل ثلث السودان دون أن يرمش له جفن حتى يطبق أفكاره فيما تبقى من السودان. و ها هو نفسه يبني مستشفى بقيمة عشرين مليوناً من الدولارات الأمريكية في جيبوتي في الوقت الذي لا يجد فيه المريض في السودان مكاناً للعلاج و لا دواءاً يسكن ألمه مما يجعله يشد الرحال إلى الأردن أو مصر بعد أن يبيع ربما كل ما يملك. أعود لسؤاله لان من وُجِّه إليه السؤال لن يرد لأن في فمه ماءً منذ أن تبوأ مناصبه في هذا النظام إرتقاءاً إلى أعلى كوزير دفاع ثم هبوطاً إلى أسفل كوالي. قبل أن أسترسل دعني أستنتج من سؤالك معلومة في غاية من الأهمية. سؤالك (سيدي) الرئيس اعتراف ضمني أن هنالك مقاومة شرسة و رفض شعبي للسدود مما جعلك تستنج أن لتلك الأرض قداسه عند النوبيين. اسمح لي ( سيدي) الرئيس أوضح لك لماذا أرض النوبة مقدسة و لا يجوز المساس بها. أرض النوبة تعتبر نواة حضارة السودان و بداية تاريخه الذي حاول البعض إختذاله في دخول العرب السودان. فآثار البجراوية و المصورات و النقع و مروي و البركل و كرمة و صلب و جزيرة صاي و كل مناطق المحس و السكوت و حلفا تقف شاهدة على تاريخ سوداننا الحبيب وتؤكد أنه احتضن حضارة سادت الأرض و لا أقول ثم بادت و امتد حكمهم حتى مصر و حاربوا الهكسوس و الأشوريين ووصلوا حتى بلاد فلسطين. ثم نفس هولاء عمروا أرض السودان كمسمى حديث و ارض كوش كمسمى تاريخي و زرعوا و صنعوا و صهروا الحديد و نقبوا الذهب حتى اشتهرت المنطقة بالذهب و أطلقوا عليها أرض الذهب اشتقاقاً من اسم الذهب بالنوبية (نب). أقول للبشير ارجع لكل مفردات الساقية في منطقتك إن لم تجدها نوبية لأنها لغة أجدادك التي تتنكر لها اليوم و تسميها “بالمدغمسة”. لا أتحدث عن أرض النوبة من زاوية جهوية أو عنصرية و لكني أتحدث من الناحية التاريخية التي يريد البعض من منطلق أيدلوجي تغييره و تزويره. إذن أرض بهذه المواصفات هي مقدسة و لابد أن ندافع عنها و تستحق أن نستشهد مدافعين عنها. فالذي يجب أن يُسأل هو من يدافع عنها و يسترخص روحه في سبيل الدفاع عنها و ليس عبد الرحيم الذي قطع صلته بها منذ أن انضم إليكم و اعتنق أيدلوجيتكم. لسنا وحدنا و أعني النوبيين من يجب أن يدافع عن أرض النوبة المهددة بالإغراق بل كل السودان فهذه الأرض لنا جميعاً و كذلك المنظمات المعنية بالتراث البشري فما تحتويه أرض النوبة ملك للبشرية و حتما ستضيف كثيراً للمعارف الإنسانية عند إكتشافها أما لو لا قدر الله طمست هذه الآثار فستختفي إلى الأبد أسرار كثيرة. قد يعتقد البعض أنني أجزئ قضية السودان و أتحدث عن أرض النوبة في الوقت الذي يعاني فيه كل السودانيين من هذا النظام الغاشم. أقول لست كذلك و لكن هذا الجزء العزيز مهدد بالإغراق الآن و لابد من الدفاع المستميت لأن الأرض إذا غرقت لن تعود و الزمن ليس في صالحنا و هذا النظام “كالثور في مستودع الخزف” و ك”ديك العدة” لابد ان نتصرف سريعاً و إلا سنخسر خسارة لا تُعوض. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة