02:28 AM March, 23 2016 سودانيز اون لاين
طه جعفر-تورنتو..اونتاريو..كندا
مكتبتى
رابط مختصر
أولاً:الماركسية السودانية بين أهل الصُفَّة و الصفوة.
من هم أهل الصُفَّة؟ لنعرف يمكننا مطالعة أي مصدر متاح في الانترنت و بالمقال نقصد بهم ذلك النفر الذين تجتذبهم المباديء و تدعوهم الأفكار فيناصروها و يعملون من أجل إنجازها لتغيير الواقع و لا يبحثون من وراء ذلك عن مغنم أو مقام إجتماعي او نفوذ.
ما يحرك المجتمع نحو الأمام علي حسب الفهم الماركسي هو الصراع الطبقي، الصراع الطبقي يتمظهر بعدة أشكال منها مترتبات النضال السلمي أو المسلح و يتجلي أحياناً في مظاهر إجتماعية أقل سخونة ، بمعني أن الصراع الطبقي له بإستمرار ضحاياه و له باستمرار تلك الفئة التي تحوز المصالح و المقامات كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة له. من ضمن ما أفرز الصراع الطبقي تلك الفئة من بائعي الجهد الذهني الذين سمتهم بعض مدارس الماركسية العربية علي سبيل الخطأ بالبرجوازية الصغيرة و معلوم أنه بالمعيار الأوربي، إن البرجوازية الصغيرة هي فئة المنتجين الصغار في القطاعات الزراعية، الرعوية و الصناعية أو حتي قطاعات إنتاج الخدمات. بذلك يكون التقسيم الطبقي في الوقت الراهن مبني علي فكرة حيازة وسائل الإنتاج و أدواته فمن يملكون أدوات الانتاج و وسائله من راسمال نقدي، راسمال بشري و تكنولوجيا، من يمتلكون نصيب الأسد من تلك المدخلات تتمدد مصالحهم فتعبر الحدود و ذلك لمضاءة طرائقهم في الإنتاج و كثرة ما ينتجون من السلع و ما ستتطلبه تلك السلع من فتح أسواق و إيجاد مشترين قد يتكلف أحيانا ارسال الجيوش من حلف ناتو و غيره و صناعة العملاء و إثارة الحروب و بناء التحالفات الإجرامية حتي علي سبيل داعش. تلك الفئة المالكة لنصيب الأسد هم ملّاك الشركات العابرة للقارات التي ترتبت علي قيامها انطلاقة فكرة العولمة و لأي فكرة كبيرة و مصطلح فضفاض جذر ربحي يمكن إستجلاءه بقليل من البحث و التنقيب.
من سمتهم الأقلام الماركسية بالبرجوزازية الصغيرة في السودان هم فئة من المتعلمين و أهل الخبرة من المهنيين ممن إنفتحت أمامهم فرص الربح المتراكم نتيجة للكسب العصامي في فضاء إجتماعي يسمح بذلك أو نتيجة لميراث عائلي متجذر في التكوينات الشبيهة بالإقطاع في القطاعين الرعوي و الزراعي. ما يهمنا في هذه المساهمة هو المساهمة الإجمالية لمجموعة من المتعلمين و المهنيين ممن يعتبرون أنفسهم جزء من الصفوة الإجتماعية من ورّاث المكاسب بالميلاد علي الصعيدين الثرَوِي و المهني من شيوعيي المدن و الأرياف أولئك الذين يميّز خطابهم التعالي و الترفع الشديدين حتي علي عضوية الحزب الشيوعي السوداني من الكادحين و العمّال و أبناء الأرياف السودانية من المتعلمين الوطنيين. و لنتبديء من هذه النكتة المسموعة بين الشيوعيين كسماع السودانيين لأغنية ام درمان و من إذاعتها كمان !!. حيث يقال نتضامن مطلقاً مع المسحوقين و لكن لن يجبرنا أحد علي صحبتهم جراء روائح الفقر الملتصقة بأجسادهم و هندامهم الرّث. هذه العقلية المترفعة طبقياً قد إنعكست بالفعل بصورة دراماتيكية علي عقليات قد تعفنت في ثناياها الماركسية فصارت فكراً صفوياً عاطلاً لا علاقة له بالإنسان ناهيك عن علاقته بالثورة و التغيير.
تنتشر في هيئات الحزب الشيوعي أحياناً خاصة في القطاعات التي أفسدتها الإصطفاءات الشللية و النفوذ الإستزلامي المتمسح بجوخ الكوادر القائدة لغة مستهجنة لا تحتفل بنضالات الشيوعيين العظام القادمين للحزب من الهوامش الأقتصادية و الجهوية و من القري و الحلّال السودانية البسيطة، أولئك الرفاق الملحميين الذين مارسوا التنوير و محو الأمية بمواقعهم بالقري و المدن و البلدات شديدة البعد عن خرطوم إدريس. لماذ أصفهم بالرفاق الملحميين لأنهم أبطال قد وجدوا لأنفسهم مواقع مرموقة في تكوينات إجتماعية لا تميّز بين الشيعة و الشيوعيين. هؤلاء الرفاق لا يمارسون عملهم تحت أنوار المبادرات المدينية الضاجّة علي طريقة مبادرة "مفروش" الخرطومية التي تحرسها أنغام عقد الجَلَاد و ميراث شاعر الشعب الراحل المقيم محجوب شريف. الرفاق الملحميين يمارسون نضالهم في حدود ما تسمح به بنيات الوعي في تلك النواحي في جو من الكتمان و السرية التامة خوفاً من العُزْلة الإجتماعية و عسف النظم المستبدة و تنكليها ذات الصلة بالخرطوم التي تمركزت بها المفاسد و تراكمت فصارت ما صارت من عمائر و خرابات و الخرابات المقصودة علي طريقة أمهاتي الجليلات . يمكنني أن أكتب قائمة طويلة باسماء أمثال هؤلاء الرفاق الملحميين في القضارف،عطبرة و حتي من الخرطوم رفاق يتميزون بالإنضباط الحزبي التام و المثابرة و تجلل محيّاهم روح المبادرة يعيشون بسطاء و بعيدون عن الأضواء و لا يملأ وجدانهم شيء غير حب الوطن و أهله.
كشفت المهاجر عورة المجتمع السوداني و كشفت من ضمن ما كشفت عورة الحزب الشيوعي السوداني متمثلاً في كوادره التي وجدت طريقها للمهاجر كلاجئين أو مهاجرين متأنقين من خليج متريّف بالطبيعة البدوية العنيدة المعروفة عند العرب العاربة. ما فعلته المهاجر أنها جعلت كافة صنوف الزملاء يختلطون و يتدافعون إجتماعياً و يمارسون نضالاتهم في منظمات تتناسب مع إشتراطات المهجر و إتاحاته و إستعدادتهم. في المهاجر طفق الحالمون بتسنم جِمَال السُلْطة القادمة، طفقوا يتجاسرون نحو مواقع القيادة ليرضوا مرضاً ورثوه من تجاربهم الحزبية الخرطومية الناقصة تلك التي أشعرتهم بالكمال الماركسي نتيجة للقرب و الإستزلام بقيادات الحزب التي سارت بسمعة نضالاتها ركبان الشيوعيين و الإعلام الممنوع و الداخلي ذلك السائر بالدفع الذاتي فزانت خيباتهم أنوارُ البطولات الكاذبة. .
و نواصل ما إنقطع من نزيف الحجر إذا سمح المِهْجر
"نزيف الحجر" منقولة من الكاتب الليبي ابراهيم الكُوني
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D9%8A
طه جعفر