|
الحرب بقراءة مختلفة
|
12:24 PM Oct, 21 2015 سودانيز اون لاين عبدالدين سلامه-الامارات مكتبتى فى سودانيزاونلاين
الحرب بقراءة مختلفة
اختلطت أوراق المنطقة، وأرسلت الولايات المتحدة إشارات غير مباشرة بتراجعها عن موقفها القديم المتشدد حيال بقاء بشار الأسد على رأس السلطة السورية ريثما يتم ترتيب أوضاع المنطقة، كما أبدت مرونة مفاجئة تجاه التدخل الروسي الذي أمعنت في رفضه وانتقاده بشدة.
كل هذه التطورات تنم عن شيء ما يُحاك في الخفاء، فالرفض المبرر بعدد من النقاط المنطقية المقبولة، والتراجع دون أي ذكر لأسباب دعت لذلك، ينم عن أن الأمر بالأساس لا يعدو كونه مسرحية انتهى فصلها الأول، وتم رفع الستار عن الفصل الثاني، خصوصاً وأن روسيا كانت على لسان بوتين قد قالت بأنها طلبت من الولايات المتحدة مدّها بمعلوماتها عن مواقع الإرهابيين لتقوم بقصفها، وأن الولايات المتحدة رفضت أي تنسيق بهذا الخصوص، وهو ما أعطى مبرراً للروس لقصف مواقع معارضي بشار الأسد باعتبار أن طائراتهم تقصف المواقع الإرهابية لداعش، بينما أميركا والغرب بمجمله يؤكّدون بشدة أن روسيا لم تمس شعرة من داعش ولم تقترب من مواقع ومعسكرات التنظيم، وفي المقابل بدأت قوات الأسد تتنفس الصعداء بعد التدخل الروسي، وتسترجع العديد من الأراضي التي كانت قد فقدتها في السابق، ومعلومات تناقلتها وكالات الأنباء تقول بأن الداعشيين خرجوا من بعض المناطق السورية دون قتال، وهو ما يدعم تحليلات بعض المحللين الذين ذهبوا في السابق إلى نظرية التنسيق الخفي التام بين الدواعش والأسد.
ميليشيات الحشود الشيعية العراقية التي بدأت هي الأخرى تستعيد بعض المناطق التي قضمها داعش في العراق، قالت بأن الولايات المتحدة أمدت التنظيم الإرهابي بالغذاء والسلاح، وساعدته على البقاء، بينما الولايات المتحدة التي لم تنف حتى الآن تلك الأخبار، ظلّت تردد أنها تريد القضاء على داعش، وأنها ظلّت لعام كامل تقود ضدها قصفاً ضروساً لا يهدأ مع أن الرقم الهائل لمرات القصف التي وردت في التقرير الاستخباراتي الأميركي كانت ستكفي لقتل كل من بالعراق حتى لو كانت تلك الطائرات ترمي بالبسكويت بدلاً عن الصواريخ.
تنظيم داعش الذي تناقلت الأنباء نزفه في هذه الفترة عدداً من قادته بدءاً بوزير الخزانة وانتهاءً بعدد من كبار القادة، إضافة لأنباء جرح قائده أبوبكر البغدادي، لم تصدر عنه أية تصريحات تؤكد أو تنفي الأخبار المتناقلة، فالأخبار المتعددة المتناقضة مصدرها واحد، والصور مصدرها واحد، والحابل بالنابل مختلط، فأبوبكر البغدادي كان يعمل سكرتيراً في السفارة الأميركية قبل سنوات من ترؤسه داعش، وعندما تم جرحه قبل أشهر نقلته سيارات الإسعاف الإسرائيلية للعلاج في مستشفيات تل أبيب، والروس الذين عجزوا عن إعادة اللحمة السوفيتية وخاضوا حرباً خاسرة على حدودهم، جاؤوا بذريعة إعادة اللحمة السورية ومحاربة الإرهاب، وأوروبا التي جنّ جنونها في الظاهر عندما دخلت روسيا بعدّتها وعتادها في سوريا، أبدت الآن بعض الارتياح، وامتدحت بخجل ما فعلته روسيا بالإرهاب خلال الأيام القليلة الماضية، وروسيا هي المصدر الوحيد للصور الرقمية التي تتناقلها وسائل الإعلام للقصف والتدمير ودكّ القواعد والحصون الإرهابية حسب زعمها.
إيران هي الأخرى دخلت اللعبة في سوريا والعراق بعدما أراحه الاتفاق النووي مع الغرب، وقد تم تفصيل دور معيّن لها، فقد تمت مكافأتها بموافقة أميركا والغرب على تنفيذ رفع الحظر عنها مباشرة بعد إرسالها ألفي جندي إلى سوريا للقتال إلى جانب الأسد.
أميركا وأوروبا وروسيا وإيران يتساوون في شيء واحد هو المصالح، فليس من المنطقي أن تحارب إيران الإرهاب، لأن إيران على سبيل المثال هي الإرهاب بعينه، وروسيا وأميركا والغرب، بالنظر لفعائلهم لايمكنهم محاربة الإرهاب، فالإرهاب انطلق بمخططات إستخباراتية، وبأسلحة تمت صناعتها في ذات الدول التي تدّعي الآن محاربته، وأتيح له استخدام الشبكة العنكبوتية التي تتحكم فيها مخابرات تلك الدول، وحتى أعضاء التنظيم الإرهابي الذي اجتمعت تلك الدول بحجة محاربته، معظمهم من مهاجري تلك الدول من قبيل الشيخ جون، والمفتي مايكل ومن لفّ لفّهم من الدواعش.
وأمام كل تلك التناقضات التي تحبك حبكة معينة، ثم تتراجع لتعيد الحبكة بسيناريو جديد، تفقد المنطقة مواردها وسكانها وهويتها وكل شيء فيها، فآثارها المنهوبة بواسطة الدواعش تُباع في أوروبا، ونفطها الذي وضع الإرهابيون يدهم عليه، يتم تهريبه لأسواق الغرب، والساقية لازالت تدور.
|
|
  
|
|
|
|