كرتكيلا في مدرسة الاستقلال النموذجية (بعد التنقيح)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 02:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-24-2015, 03:12 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كرتكيلا في مدرسة الاستقلال النموذجية (بعد التنقيح)

    03:12 PM Aug, 24 2015
    سودانيز اون لاين
    عليش الريدة-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    كرتكيلا في مدرسة الاستقلال النموذجية
    (بعد التنقيح)


    1

    هل لفتت انتباهكم يوما،تلك الأشياء التي لاتتغير؟..تلك الأشياء التي وقفت بشجاعة في وجه الزمن وروّضته،كما وقف السد بشجاعة في وجه النهر وروضّه،وكما وقف الزاهد بشجاعة في وجه نفسه وروضّها..تلك الأشياء التي فرضت ثباتها علي دورة حياتنا فصارت أمرا واقعا لايمكن طمسه أو التحايل عليه..تلك الأشياء التي تشبه حرّ مايو البطّاش،وروائح صناعة الحلومر قبيل رمضان،وتضلّع النيل في أغسطس... وطرائقنا الخرقاء في إدارة الإمور.
    سأحدثكم اليوم عن شئ أصيل من تلك الأشياء..عن ذلك الرجل العجيب الذي يدعى البروف جلال..ذلك الخبير التربوى الشهير الذى سلخ الأربعين عاما الأخيرة من عمره جائلا في دروب التعليم الأساسى ودهاليزه، في داخل وخارج القطر..حتى صارفي النهاية مستشارا وخبيرا لثلاث حكومات مرت علي البلاد على التوالى..إنه لأمرمحير ومربك،أن يستطيع شخص ما أن يجعل تلك الحكومات تتفق على رأى واحد،رغم أنها نالت شرعياتها الأساسية بل والمتوحدة ،فقط من تسفيه بعضها لبعض.. فماهو السر إذن،الذي جعلها تتفق على منح ثقتها لذلك البروف؟ إن البروف عندما يُسأل هذا السؤال يرد مبتسما: أنا لا اهتم بالسياسة.
    آه..كُشفت الحيرة إذن..فالبروف يتمتع بالميزة الأندر في هذه البلاد،تلك الميزة التي تجعله يبدو كالمالك للنظارة الوحيدة في بلاد المعمّشين..لكنّ المقربين من البروف يعلمون أن السبب الحقيقى لتلك الثقة هو الكفاءة الرفيعة التي يتمتع بها،ورغبة الإصلاح المستمرة التي تسيطر عليه..لم يكن البروف على الإطلاق مهتما ب(حكم يحكم) وإنما كان شغفه موجه نحو(تعلم يتعلم)..لقد حصرنفسه وحياته كلها في مجال عمله ورسالته.. وتمرّس على تجنب كل الأخطار التي قد تبعده عن أداء تلك الرسالة، وفي مقدمة تلك الأخطار بطبيعة الحال رجال(ساس يسوس)..أولئك الرجال الذين ملأوا أجوافهم بكؤوس ضخمة ومتساوية من نبيذي الجبن و الشراسة معا..حتى صاروا في النهاية مثل الدودة ذات الرأسين،كرها وفرها سواء.
    في صباح ذلك اليوم كان البروف يجلس بالقرب من السيد وزيرالتربية والتعليم في سيارته.. كانت السيارة وبقية السيارات الفارهة والمظللة تنهب الطريق في اتجاه مدرسة الاستقلال الأساسية للبنين،فقد كانت هناك زيارة معلنة للسيد الوزير ووفده الميمون لتلك المدرسة النموذجية التي احتكرت المركز الأول في امتحانات الولاية لخمس سنوات متتالية..ورغم أن البروف كانت الوزارة قد خصصت له سيارة فارهة أيضا،إلا أن الوزير يحب أن يصطحبه معه دائما في سيارته في مثل تلك الزيارات الخارجية.
    بدت المدرسة جميلة ومرتبة وأنيقة..وشكل المعلمون والتلاميذ لوحة متجانسة من الألق والتميز..وفي لفتة بارعة جدا،قُدم برنامج احتفالى صغير بهذه المناسبة..تولى هذه المهمة التلاميذ فقط..تقديم الفقرات وأدائها، وتقديم الضيافة،وكل شئ آخر..قام التلاميذ بكل شئ بأنفسهم،عدا كلمتى السيد المدير والسيد الوزير.
    في ذلك الصباح أيقن البروف أن مجهوداته المتعاقبة طوال ثلاث حكومات متتالية لم تذهب سدى..فى ذلك الصباح سمع البروف من أولئك التلاميذ اليافعين شعرا عربيا جاهليا فخيما،ومقطوعات من الأدب الإنجليزى المعتق،وقصائد وطنية من تأليف التلاميذ أنفسهم..وشاهدهم يؤدون مسرحية صغيرة باللغة الفرنسية، و يرقصون لعدد من القبائل الوطنية،ويتشقلبون بحركات شيقة من الجمباز.
    لقد تأثر البروف حتى أوشكت الدموع أن تسقط من عينيه..وكان الوزير أيضا مبتهجا للغاية..وبدا لساعات أن هذه الزيارة ناجحة جدا وتبعث الفخر من أقصى مدافنه..لكن أحيانا تراودنا في حياتنا إيحاءآت ملثّمة..لانعلم من أين أتت، ولانفهم لها حافزا..وتجعلنا نتسآءل لفترات طويلة لاحقة،هل أتت هى من همس الملك،أم من همزالشيطان،أم من مجازر العقل الباطن..في ذلك اليوم يبدو أن البروف تعرض لنفحة من تلك الإيحاءآت.. نفحة قد تجعل تمتعه بتلك الثقة الطويلة يتأرجح كما تتأرجح الدراجة على جسرالحبال.
                  

08-24-2015, 03:30 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كرتكيلا في مدرسة الاستقلال النموذجية (ب (Re: عليش الريدة)

    2


    كان هناك تلميذ يقف على مبعدة،مطأطئا رأسه،شابكا يديه،ويجول في المكان بنظراته الزائغة ..لم يكن فيه ما يلفت الأنظار خلاف أنه كان يبدو مثل الحمامة في وسط الغربان،أو قد يكون مثل سطوة الشئ الذي أنت موقن بوجوده لكنك تتعمد تجاهله وعدم النظر إليه..لكنّ عينك مهما قاومت،لابد أن تسوق نظراتها في النهاية نحو ذلك النشاز..لأنما مثل للفوز سلطانه المغري، فللخيبة أيضا سلطانها المذل..وفور ما لمحه البروف نادى عليه..هكذا مباشرة دونما أي تفكير أوتروي..تردد الغلام لحظة ثم أتى.
    ــ أهلا ياشاطر،مااسمك؟
    رد الغلام بصوت يشبه هسيس الصرصور الذي استنشق جرعات عالية من المبيد:اسمى كرتكيلا
    ــ ولماذا تقف بعيدا عن بقية زملائك ياكرتكيلا؟
    : ............
    ــ في أى صف تدرس؟
    : في الصف السادس
    ــ أخبرني كم حاصل ضرب ستة في سبعة ؟
    : ستة فيييي سبعة،ستة فيييي سبعة..ثمانية وأربعون
    ــ وتسعة في ثمانية؟
    : تسعة فيييي ثمانية،تسعة فيييي ثمانية..ثلاثة وستون
    ــ تهجّ لى كلمة المسئولية.
    : المسئولية؟.. ا،ل،م،س،ل،ه.
    ــ تهجى لى كلمة الالتزام
    : الالتزام؟..ا،ل،ت،ا،م.
    ــ حسنا يابنى، يمكنك الانصراف الآن.
    وبعدما انصرف الغلام،أبدى البروف بعض الملاحظات للمدير..كانت ملاحظات عادية قد تصدر في أى وقت،وفي أي مناسبة،وفي أى مدرسة،فهى تندرج تحت الواجبات الأساسية الملقاة على عاتق البروف..لكن ربما تكون الأجواء الآنية في مدرسة الاستقلال النموذجية غيرملائمة لبث مثل هذه الملاحظات..أو قد يكون السيد الوزير فهم الأمر كله بطريقة خاطئة تماما ومخالفة للنوايا الحقيقية للبروف،فالبروف لم يكن يقصد على الإطلاق التلميح بأى شئ آخر من وراء استدعائه لذلك الغلام، أومن تلك الأسئلة النوعية التي وجهها إليه،أو من نبرة اللوم التي طغت عند توجيهه لمدير المدرسة بتلك الملاحظات..لقد حدث الأمركله بعفوية مهنية صرفة.
    لكن السيد الوزير على أى حال عقّب على ملاحظات البروف قائلا:إنى أخشى يابروف أن تكون كل مجاهداتنا في الوزارة لاتعجبك.
    ومثلما يغوص المسمار مهرولا في الخشب الهش من أول لكمة من المطرقة الثقيلة..غاص البروف في مقعده ولم ينطق بكلمة بتاتا..وأخذ عقله يفكر لاهثا كما تلهث الماسحة الضوئية على سطح الورقة في ماكينة تصوير المستندات..
    أوو..هذه لهجة جديدة..لم يسبق أن تحدث معى هذا الوزير ولاوزير قبله بمثلها..ترى كيف اعتبرنى أخطأت. . وماذا أفعل الآن هل أسأله عن السبب أم أتقدم له باعتذارما مباشرة؟.
    وبعد نهاية الاحتفال بدأ الوزير والوفد الميمون في الاستعداد للمغادرة،وقبل أن يتوجه البروف للعربة الفارهة والمظللة،تلك العربة التي بها حضر،تقدم نحوه السكرتير وأخبره بأن الوزيريعتذر عن اصطحابه معه في سيارته.
    وبعد يومين من تلك الحادثة تلقى البروف في مكتبه خطابا رسميا من السيد الوزير، أعرب فيه عن أصدق شكره للخدمة المتفانية التي أمضاها البروف بالوزارة طيلة ثلاث حكومات متعاقبة..كما أوضح في خطابه أيضا أن الوقت قد حان لأن يرتاح البروف من ذلك العناء الطويل.
    وبعد أن قرأ البروف الخطاب وضعه على الطاولة وأخذ يحدّق في الفراغ الممتد أمامه،ثم بدأت الدنيا فجأة تدور من حوله.
    وتحديدا منذ تلك اللحظات،بدأ شئ أصيل من زمرة الأشياء التي لاتتغير،يترنح في طريقه للتغير..شئ كان قد وقف بشجاعة في وجه الزمن وروضّه..شئ كان يشبه حر مايو البطاش،وروائح صناعة الحلومر قبيل رمضان،وتضلع النيل في أغسطس... وطرائقنا الخرقاء في إدارة الأمور.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de