|
محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون الرشيد نايل
|
11:08 AM Aug, 06 2015 سودانيز اون لاين
مكتبتى فى سودانيزاونلاين
محمد حسين الثانوية .....تداعي ذكريات
رحلوا قبل تفتق الأزهار في ألق الصباح !! رحلوا وفارقوا (الخربانة ام بنايةً قش) كهولاً, لكن ما زلت أذكرهم وهم في ميعة الصبا بمدرسة محمد حسين الثانوية , فارقتهم بعدها ولا أدري ما فعلته يد الزمان بأجسادهم وأرواحهم, فهم ما يزالون بمخيلتي أولئك الشباب الجميل الطامح, إنهم كامل وداعة الله ومحمد هاشم الدعيتة: حياتنا صنع من مدوا رفاهتنا ومعشرٌ منهم الأفراح تُرتفدُ وأعينٌ من وفي الود ترمقنا بها السعادة لا روحٌ ولا جسدُ وطول عمرك في الخلان تحمدهم على وداعك لا أن يبعد الأمدُ وما أصابك من خِلٍّ تفارقه فإنه جانبٌ في العمر يُفتقدُ وهاأنذا أفقد كل مرة جانباً من عمري, حين يأتيني نبأ وفاة حبيبٍ او قريب . وتداعت الذكريات عن أيامي بمدرسة محمد حسين الثانوية العليا, ذلك الصرح الشامخ الذي وهبه محمد حسين "ذلك المحسن حياه الغمام" لحكومة السودان. بالرداء الكاكي والقميص الأبيض ذي الأكمام القصيرة, سرت باكراً وراجلاً, أحث الخطى من منزلنا بودنوباوي لأول يوم دراسي بالمدرسة التي قُبلت بها, كان لزاماً علي أن أشق مقابر البكري, على اليسار يرقد تأريخ السودان المسجى, قبر الزعيم اسماعيل الأزهري, ضحية السجال المرّ بين الديمقراطية والدكتاتورية. ما زلت أذكر مسيرةً ضخمة ورجالاً غضاباً يحملون نعشه, وهم يهتفون, لا أذكر كلمات هتافهم , كانت الطائرات تحوم فوق رؤوسهم, وبعض الدبابات على مقربة تحيط بالمكان . هذا موطنٌ لا يثبت فيه إلا أصحاب المبادئ, هؤلاء الرجال هم الأبناء الحقيقيون لحزب الزعيم الذي يحملونه, لا أولئك الذين يلهثون خلف الأنظمة الشمولية, استجداءً للدراهم والمناصب, ثم يدّعون أنهم ديمقراطيون, وأنهم أبناء هذا الحزب. واصلت سيري , ولاحت مدرسة محمد حسين , دخلت الى فناء المدرسة, كان الوقت باكراً, لم يأت الكثيرون , كان هناك فتى وسيم في كامل أناقته أتى مثلي باكراً, تعارفنا , هو حسن الشيخ من أبناء حي العرب , ولاحقاً ضابطاً بقوات الشرطة مع زملائنا صلاح عبد الله وعمر وهب الله. وهو مثلي تم الحاقه بفصل باستير. بدأت الدراسة وانتظمنا في فصل باستير, جلست قرب صديقي أيوب محمد بدر, الذي زاملته كذلك بالمرحلة المتوسطة , كان من عشاق الفنان محمد الأمين, وأذكر أنه إبان الحجر على اغاني الفنان المبدع , وادخاله سجن كوبر عقب حركة 19 يوليو , انني دعوت صديقي ايوب للذهاب الى منزلنا والاستماع الى اغاني الفنان محمد الامين , جلسنا وأدرنا جهاز التسجيل , ذهبت لإحضار ما نشربه , وحينما عدت وجدته يذرف الدمع وهو يستمع الى أغنية "بتتعلم من الأيام" . وتساءلت هل يُعقل ان تحجر دولة على أغنيات المبدعين!! هل يُعقل أن تمنع الدولة العصافير من التغريد, أو أن تمنع الحمامة أن تغني أو تبكي على فرع غصنها المياد!! إنها محنة وطن! تضم المدرسة نخبة من أميز المعلمين في كل المجالات, على رأسهم الرجل التربوي الفاضل مدير المدرسة حامد الجعيلي, لا زلت أذكر موقفه المشرف من ابن عمي نايل محمد نايل الذي كان طالباً بمدرسة وادي سيدنا الثانوية, استولت القوات المسلحة على المدرسة وحولتها الى ثكنة عسكرية, وتم توزيع طلابها على المدارس الحكومية, وكان نصيب ابن عمي مدرسة مدني الثانوية, لم يكن يرغب في البقاء بمدني فقد أعتقل والده في أعقاب حركة 19 يوليو 1971, وأراد ان يكون قريباً من الأسرة, اتى لمدرستنا, وقابل الجعيلي شارحاً له الظروف التي يمر بها, وانه يرغب في الانضمام الى المدرسة, لم يتوان الجعيلي وألحقه فوراً بالمدرسة حتى قبل أن تأتي أوراقه من مدرسة ود مدني الثانوية. هذا موقف رجل تربوي فاضل, نحّى البروقراطية جانباً, وعمل بما يمليه عليه ضميره. وعلى الجانب الآخر موقف اولئك الذين يدفنون ذاكرة الأمكنة في طي النسيان, استولوا على مدرسة وادي سيدنا , هدموا وحطموا المدرسة الأهلية الوسطى بامدرمان , مدرسة الخرطوم غرب, سوق الخرطوم, حديقة الحيوانات, وما يزال معول الهدم والتخريب يصول في ذاكرة الوطن, إنهم لا يأبهون!! كانت المدرسة تعج بمختلف الأنشطة, نشاط رياضي في مختلف فنون الرياضة , والقدح المعلى كان لكرة القدم , وفريق المدرسة يضم ثلة من اللاعبين الموهوبين, كمال الصبي, ابراهيم , اسماعيل خضر, وحراس المرمى سيف ومحمد صادق الأكرم حارس مرمى فريق الزهرة, وجمعية الموسيقى بقيادة المنصوري قائد اوركسترا الإذاعة يشرف ويدرب محبي الموسيقى من الطلاب , ومعهم الفنان عز الدين عبد الماجد صاحب الصوت العذب. وهناك جمعية المسرح بقيادة الأستاذ عمر مودي, الذي أخرج مسرحية "مسافر ليل" للشاعر صلاح عبد الصبور , شاركت فيها بدور "الراوي" ومعي الزملاء يحي عثمان وعبد المنعم الجزولي. ووضع موسيقى المسرحية المايسترو المنصوري, نالت المسرحية استحسان واعجاب الجميع, وبعد العرض اتى الأستاذ الجعيلي خلف خشبة المسرح مهنئاً, وتوالت الدعوات لعرضها بالمدارس الثانوية الأخرى, وعرضناها على ما أذكر بمدرسة المهدية الثانوية. لم يقتصر نشاطنا الأدبي على مدرستنا , فقد شارك طلاب محمد حسين في تأسيس "جمعية النهضة الأدبية" الجامعة لكل طالبات وطلاب مدارس امدرمان الثانوية, وكانت تحت إشراف الأستاذ مبارك حسن خليفة, اقيمت اول ندوة شعرية بمعهد المعلمين العالي, شارك فيها من مدرستنا محمد نجيب محمد علي وشخصي. كانت قصيدة محمد نجيب عن المناضلة الأمريكية انجيلا ديفيس يقول: انجيلا يا نفحة عطرٍ شقت في وجه الأرض حقولا وامتدت تزرع وجه الليل جباها وبطولة صوتك صوتي وجهك وجهي تاريخك ابداً ما كان قتيلا وشاركت بقصيدةٍ مطلعها: يا ويحها جاءت تجر الذيل تيهاً واختيالا والسوسن المسكوب لحناً قد شدا طرباً ومالا وما زلت أذكر المطلع الجميل لقصيدة الأخت سمية معتصم الأقرع: بسأل عليك كل النجوم الفي السما
يدق الجرس فننتظم بفصلنا "باستير" وحينما انتقلنا الى السنة الثانية كنا أيضاً بفصل باستير , فقد اتى سلم تعليمي جديد , عدنا الى السنة الأولى مرة أخرى.كنا سعيدين وراضين بحياتنا المدرسية , الآباء لا يدفعون مليماً أحمرَ, وزملاؤنا بالداخليات ينعمون يومياً بثلاث وجباتٍ كاملة الدسم, لم يعكر صفونا آنذاك إلا خبرٌ , اهتزت له امدرمان بأسرها, بكى الرجال, وابرزت الخدور مخبآتٍ يضعن النقس أمكنة الغوالي, فامدرمان على قلب رجلٍ واحد . ستة من طلاب الثانويات العليا ابتلعتهم مياه النيل الأزرق بودراوة. بينما كانوا في رحلة ترفيهية, خمسة من مدرسة الأهلية الثانوية , والسادس هو زميلنا بفصل باستير المغفور له عادل زروق. كان يملأ فصلنا مرحاً وحبوراً بقفشاته وتعليقاته الساخرة والذكية , كان فقداً جللاً, ترك فراغاً لم يستطع احدٌ ملأه, وهذه مشيئة الله. ضمت المدرسة نخبة من اساطين اللغة العربية والأدب الانجليزي , عبد الله الشيخ البشير, جعفر سعد, محمد سعد دياب, محي الدين فارس وابراهيم اسحاق. كان المعلمون آنذاك عنواناً للأناقة والمظهر الحسن. لا يكدرهم شظف عيشٍ أو بؤس حال, محترمين ومبجلين. مرتباتهم تكفيهم , وتكفي من يعولونهم. وهاهنا استاذنا شيخ أدباء السودان, يصور لنا دور المعلم, ولا أدري بماذا كانت ستجود قريحته الشعرية, إذا رأى حال المعلم السوداني في هذا الزمن الأغبر.: تخذ الحقيقة في الحياة مراما حباً لها وسعى بها مقداما حمل الأمانة وهي عبءٌ فادحٌ وهفا لها وبنى لها وأقاما واندس في دنيا التواضع كلما لاحته بارقة الظهور تعامى يغدو بمثلوج الفؤاد لأنه منح الحياة أشعةً وسلاما هذي الصروح الشامخات تشامخت مما يعانيه وكن حطاما أعطى عطاء القادرين منوراً بين الصدور المجد والأحلاما
ويطل علينا أستاذ الأدب الانجليزي, محمد سعد دياب, أعده من شعراء الطبقة الأولى في السودان, واعتقد أنه لم يلق التقدير الذي يستحقه!! هو شاعر رقيق الديباجة, ناعم العبارة, تنساب أشعاره كالأمسيات مضمخة بالدفلى والفل والياسمين. حينما نمل من الدرس نسأله إلحافاً أن يسمعنا شيئاً من شعره, وهو يسعد بذلك, وينطلق صوته: وكنت أحدث عنك الدوالي وكنت أحدث عنك النهارا أحدثها عن عيونٍ تتوه بهن الأماسي..وتمشي سكارى وشعر ترامى على الكتف يهفو لوعد المساء يضيق انتظارا وكنت اباهي بعينيك زهواً اطاول كل الوجود افتخارا كتبت لهن مقاطع شعرٍ كضوء الصباح تشف اخضرارا وكان هوانا حديث الرواة سقيناه نبضاً وعشناه دارا يهش المساء إذا نحن جئنا وتهفو الدروب تطل انبهارا ويسألني عنك عشب الطريق لكم أوحشته خطاك مرارا
ومن اساتذتنا كان محي الدين فارس , من شعراء الواقعية الاشتراكية, ولعل قصيدته "لا لن أحيد" التي تغنى بها حسن خليفة العطبراوي, تعبر عن المزاج العام آنذاك, وتبدي تضامناً مع حركات التحرر الوطني التي انتظمت القارة الأفريقية, وقد كانت التيارات الاشتراكية تمثل رأس الرمح في معاداة الاستعمار وقيادة حركات التحرر الوطني .: لا لن أحيد عن الكفاح لا لن أحيد وهناك أسراب الضحايا الكادحون العائدون مع الظلام من المصانع والحقول الى أن يقول: والمترفون الهانئون يقهقهون ويضحكون يمزقون الليل في الحانات في دنيا الفتون والجاز ملتهبٌ يهز حياله نهدٌ وجيد موائدٌ خضراء تطفح بالنبيذ وبالورود سيلٌ من الشهوات يجتاح المحافل والسدود هل يسمعون صخب الرعود صخب الملايين الحفاة يشق أسماع الوجود في اللاشعور حياتهم فكأنهم صم الصخور
ويتحول المشهد الواقعي في بلادٍ أخرى, إلى مشهدٍ رومانسي, في وطنٍ لا يزال يحبو, لم يختبر أهوال الاقطاع, ولم تنشب الرأسمالية أظفارها في ترابه, وقد لا يتسق المشهد الذي يصوره الشاعر مع مجتمعاتنا, لكنها تظل صورة رومانسية , يمكن القول ان التضامن الانساني هو محورها, لكنها قد تصبح مدمرة, إذا حاولنا انزالها وتجريدها وتصنيفها كأحد همومنا. إن العسف والجور الذي يصوره استاذنا محي الدين فارس قد انداح الى بلادنا وبلاد الآخرين لنصبح كلنا تحت رحى الامبريالية والاستعمار . اما استاذنا الكاتب الأديب ابراهيم اسحق, استاذ اللغة الانجليزية بالمدرسة, وصاحب كتاب "حدثٌ في قرية" فقد ظل لفترة طويلة طي النسيان, حتى اكتشفه بعض الكتاب العرب في محافلهم , وأدركوا أن هناك كاتباً سودانياً عبقرياً آخر بجانب الطيب صالح. والطيب صالح نفسه لم نكتشفه, حتى نبه إليه أحد الكتاب المصريين. إنه بؤس الإعلام السوداني , وبؤس الإعلاميين السودانيين, إنه بؤس النقد والنقّادين, الذين تربوا في حضن الأنظمة الشمولية, إنهم لا يقرأون ,وإذا قرأوا لا يفهمون, لذا لا عجب, إذا لم يفرّقوا بين الجواهر الزائفة والجواهر الجياد!!. كانت السيدة الانجليزية العجوز, التي تعمل بمنظمة الأمم المتحدة بالنمسا, تحدثني باعجاب عن عالمٍ سوداني, اسمه حامد درار, لم اكن أعلم عنه شيئاً, هم يعرفونه ويقدرونه كمستشار ذي مستوى رفيع للمنظمة . تقول لي انها تعجب لشخصٍ سوداني من أبٍ وأمٍ سودانيين, وتربى في السودان , أن تكون لغته الأم هي اللغة الانجليزية!! كناية عن معرفته المتفردة بلغتها. بعد بضع سنوات وأثناء وجودنا بالسودان, وصلنا كتاب من البروف حامد درار, مهدى الى تلك السيدة الانجليزية, الكتاب باللغة الانجليزية وعنوانه ( التعويذة أو الحجاب كما نقول بالعامية) عن صبي بدوي التحق بالمدرسة. حينما عدنا كانت السيدة الانجليزية قد غادرت النمسا, ولم نتمكن من معرفة مكانها, وما زال الكتاب بحوزتنا, قرأته اكثر من مرة, الكتاب سيرة ذاتية ورواية في آنٍ واحد, من أجمل وأروع ما قرأت في حياتي, إنها رحلة الانسان من الماضي الى المستقبل, وتخيلوا كم من السنوات , تفصل بين مرحلة الرعي البدائي, ومرحلة التقدم الصناعي والتكنولوجي, إنه العبور العظيم الذي لم يسرده علينا الطيب صالح في روايته موسم الهجرة الى الشمال, رأينا مصطفى سعيد وقد ألقى رحاله بأرض المستقبل, مشدوداً ومقيداً بالعلاقات المعقدة بها , لكننا لا ندري كيف وصل اليها. كتاب البروف حامد درار, هو رواية وسيرة ذاتية يجب أن يقرأها ويحتفي بها وبصاحبها كل السودانيين, إنها ليست السيرة الذاتية للكاتب فحسب , بل هي السيرة الذاتية لكل السودانيين الذين عبروا من الماضي الى المستقبل, ولو كان الأمر بيدي , لطبعت منها آلاف النسخ ووهبتها لمكتبات مدارسنا وجامعاتنا (هذا إذا كانت هناك مكتبات). نحن في السودان نمثل الماضي , والدول المتقدمة بمدنها ودساتيرها وحياتها, هي المستقبل الذي نطمح أن نصل إليه, نجحنا كأفرادٍ في الالتحاق بذلك المستقبل البهي , ولكننا فشلنا كأمة!!!. في عام 1973 ونحن بالسنة الأخيرة, أعتقلت ومعي زميلاي فيصل حمد والصادق, بتهمة كتابة شعارات معادية, تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين, والقوا بنا في زنزانات أقسام الشرطة بأمدرمان, وكان نصيبي القسم الجنوبي. وبلغ الخبر المدرسة في صبيحة اليوم التالي, فهاج الطلاب , واوقفوا الدراسة , معلنين الاعتصام حتى يتم إطلاق سراحنا. قاد الاعتصام اسماعيل روما, بحنكة ومهارة القادة الكبار , وتفادى الفتنة بين الطلاب والتي كادت أن تجهض الاعتصام. كان الوضع السياسي آنذاك هادئاً, فرأت السلطات ان تلجأ للتفاوض مع الطلاب, فبعثت وزير التربية والتعليم , وأظنه كان محمد توم التجاني, وتكللت المفاوضات باطلاق سراحنا. لم ينته الأمر عند هذا الحد, فبعد الجلوس لامتحان الشهادة السودانية , تفرقنا استعداداً لمرحلة جديدة في حياتنا, تم استدعائي من قبل جهاز الأمن القومي, وشكلت لي ولزميليْ محكمة عسكرية , تحت الأمر الجمهوري الثاني والثالث, واطلعوني على تشكيل المحكمة وأسماء الضباط المشاركين, لم يعثروا على زميليْ, ولا أدري أين كانا, في اليوم المحدد للمحكمة, ذهبت للقيادة العامة , برفقة بعض المحامين الذين انتدبهم الوالد للدفاع عني, أو بالاحرى ليكونوا أصدقاء المتهم , ففي المحكمة العسكرية, لا يترافع المحامون. دخلنا القيادة العامة , وذهبنا الى مقر المحكمة, انتظرنا طويلاً ولم يحضر أحد , عدنا أدراجنا, ولم يسألني أحدٌ بعد ذلك. وإلى اليوم لا أدري سبب غياب ضباط المحكمة العسكرية , ربما أنهم قد استحوا من أن يأتوا لمحاكمة طالب لم يبلغ العشرين من عمره . الحق يقال إنني طيلة فترة إعتقالي (عشرة أيام) لم أتعرض لضربٍ أو تعذيبٍ أو شتم .وأعرف الكثيرين ممن أُعتقلوا من مختلف التيارات السياسية, لم يحدثني أحدٌ منهم أنه تعرض لتعذيبٍ أو شتم. لأننا كشعب نحترم عزة وكرامة الآخرين وهذه هي ثقافتنا التي عزّزها إسلامٌ يحث على فضيلتيْ التسامح والتواضع, لكن غاب عن البعض منا أن الأفكار التي استوردوها وآمنوا بها , تحمل في داخلها ثقافة آخرين, إنها ثقافة الاستعلاء والتمكين!! إن السُنة التي استنتها حكومة الانقاذ في التعذيب والتنكيل بالمعتقلين في بيوت الأشباح, هي ثقافة آخرين.إنه تقمص ثقافاتٍ ولدت تحت ملكٍ عضوضٍ وتاريخٍ دامٍ. إن جلد المعارضين , وخطف واغتصاب وجلد النساء, هو أمرٌ عجزت عن معرفة من أي الثقافات أستقوه. إن إسلاميي السودان في ذلك , هم نسيج وحدهم. إنها براءة إختراعٍ تسجل لهم, فاقوا بها كل الآخرين , إنها أفعال تخجل منها أشد الدول دكتاتوريةً وتخلفاً ,جهلاً. وثالثة الأثافي هم هؤلاء الذين ينضوون تحت الحزب الهلامي , المسمى بالمؤتمر الوطني, من المنافقين والمنافقات, والمرتزقين والمرتزقات, ربما أنهم لا يؤمنون بأفكار الاسلاميين , لكنهم بلا شك يؤمنون بالدنانير والدراهم. أسفت غاية الأسف أن أرى الشاعرة روضة الحاج وهي تنضوي تحت راية المؤتمر الوطني, إنها تبيع نون النسوة في سوق الدواعش!! ماذا ستقول حينما ترى بنات جنسها, يُغتصبن ويُخطفن ويُجلدن!! إن الإبداع مسئولية , ومسئولية المبدعة أن تدافع عن حقوق المرأة, لا أن تكون حرباً عليها. ولا أن تكون في مركبٍ واحد مع أولئك الذين ينتهكون حقوقها. هذه بعض آراء وذكريات عن أيامي بمدرسة محمد حسين الثانوية العليا, ذكرت فيها الكثيرين, اسأل الرحمة لمن قضى نحبه, واتمنى طول العمر لمن ينتظر .
مأمون الرشيد نايل
mailto:[email protected][email protected]
(عدل بواسطة munswor almophtah on 08-06-2015, 11:41 AM) (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-20-2015, 00:56 AM) (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-20-2015, 00:58 AM) (عدل بواسطة munswor almophtah on 08-20-2015, 01:00 AM)
|
|
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
Quote: في عام 1973 ونحن بالسنة الأخيرة, أعتقلت ومعي زميلاي فيصل حمد والصادق, بتهمة كتابة شعارات معادية, تدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين, والقوا بنا في زنزانات أقسام الشرطة بأمدرمان, وكان نصيبي القسم الجنوبي. وبلغ الخبر المدرسة في صبيحة اليوم التالي, فهاج الطلاب , واوقفوا الدراسة , معلنين الاعتصام حتى يتم إطلاق سراحنا. قاد الاعتصام اسماعيل روما, بحنكة ومهارة القادة الكبار , وتفادى الفتنة بين الطلاب والتي كادت أن تجهض الاعتصام. كان الوضع السياسي آنذاك هادئاً, فرأت السلطات ان تلجأ للتفاوض مع الطلاب, فبعثت وزير التربية والتعليم , وأظنه كان محمد توم التجاني, وتكللت المفاوضات باطلاق سراحنا. |
التحية للاستاذ مأمون .. نفس العام والدفعة كنت في مدرسة دنقلا الثانوية .. فكانت الحركة الطلابية وكنا في الاتجاه اليساري ولم نعلم أن التحرك كان للاسلاميين .. ومن منشورات من جامعة الخرطوم المهم تم إعتقالنا ثم أطلق سراحنا .. وقيل أن الرئيس جعفر نميري أعلن عفو عام عن الطلبة .. وبعد ذلك عرفنا أنها كانت حركة للاسلاميين .. بصراحة كانت تكتيكاتهم عالية جداً وكان لديهم تواصل مع قياداتهم في العاصمة عكس اليساريين كانوا بدون مرجعية وبإجتهادات شخصية ..
فعلاً وجدنا كل الاحترام والتقدير من الشرطة آنذاك .. ولكن تعرضنا لقسوة من آبائنا وأعمامنا .. فكان السجن أرحم لنا من إستدعاء أولياء أمورنا إلى المدرسة .. وحسب تقديرهم فإن هذه الممارسة كانت ( قلة أدب)
أيام كانت جميلة .. شكراً استاذنا منصور فدائماً ما تأخذنا إلى عالم الابداع والجمال
| |

|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
Quote: أنا درست في عهد الاستاذ حامدالجعيلي 71-73 وبعده مباشرة كان ونجت برسوم ومن دفعتي محمد نجيب محمد علي ومامون الرشيد نايل وحسن رغيفة اكان ورانا بسنة وانا جيت محول لمحمد حسين من حلفا الجديدة ودرست سنة اولي في معري وثانية في ابن سيناء ثم ابن خلون وثالثة ودالبدوي |
اول مداخلة لي في بوست خريجي محمد حسين وسآتي على بعض الأسماء التي ذكرها الأخ مامون فمنهم من عمل معنا بالسعودية خاصة الأخ اسماعيل روما
| |

|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
العزيز مامون السلام والرحمه والبركات وعلك والأسره بألف خير كتابه جميله ورائعه، وحاويه على التاريخ وعلم المجتمع والأدب الرفيع كتابة ناقدة نافذه أعطيت فيها كل ذى حق حقه ولم تبخل أبدا عن ما أستحقته روضه الحاج فنال محى الدين فارس مكانته ومحمد سعد دياب إستحقاقه وإبراهيم إسحاق قدره وتلمسنا من خلالها بداياتك وبدايات محمد نجيب وأخرون إنها كتابة عالية الكعب سأعرضها فور عودة المنبر إلى مكانه ولك الشكر والسلام
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: محمد الكامل عبد الحليم)
|
العزيز الاستاذ منصور لك كثير المودة والشكر على هذه النفحة العطرية من جنان مامون : محمد حسين الثانوية .....تداعي ذكريات. لقد كان مامون ذا حظ عظيم أن ينعم بالتدريس من شعراء وكتاب كبار بكل المقاييس من امثال محمد سعد دياب ومحي الدين فارس ومبارك حسن خليفة وابراهيم اسحق وعبدالله الشيخ البشير في اعز مكان بامدرمان المسالمة والمظاهر وحي العرب . لا يخلتف محي ا لدين فارس في قصيدته لن احيد التي تغنى بها العطبراوي بتصوريها لصراع وعوالم الطبقات العاملة في اروبا القرن التاسع عشر والعشرين وكانها قد دارت في عطبرة وبورتسودان كثيرا عن البنا الكبير وعبدالله عبدالرحمن وعبدالرحمن شوقي والعباسي مع مراعاة فروق المواهب والثقافات الذين نقلوا لنا تجاربهم الشعورية ومواقفهم من الناس والحياة بوجدان ولغات ورؤى الشعراء الجاهليين وسرعان ما تحول محي الدين فارس الى الرومانسية الابتداعية بمصطلح تاج السر الحسن حينما عاد الى السودان في عقد الستين ( 1960 ) ** سيصدر كتابي ( كتاب الاحزان في السودان ) قريبا .
لك وللاسرة السلام و التقدير عبدالسلام عبدالسلام نورالدين
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
الدكتور عبدالسلام نورالدين السلام والرحمه والبركات ونتوق لسفرك الجديد سهل الله لك الطرائق نعم محمد حسين قامت على أنقاض وادى سيدنا الثانويه ونعمت بكل خيراتها من الطباخين والفراشين والمعامل والمكتبه والأساتذه فقد عاصرناهم بعد زمان مامون ذات الأساتذه إضافة لآخرين كالنور عثمان أبكر وعوض حسن أحمد بتاع قيثارتى أو صغيرتى لداوود وعوض أحمد الإعلامى والمعز الدسوقى عالم اللغه وإبن عالمها الشيخ المصطقى والد سيف الدسوقى وبروفسير دسوقى عالم البيطره وجل ما سبق ذكرهم فقد كانت بحقاً مؤسسه جامعيه ليس بثانويه فقط شكرى لك
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
الدكتور عبدالسلام نورالدين السلام والرحمه والبركات ونتوق لسفرك الجديد سهل الله لك الطرائق نعم محمد حسين قامت على أنقاض وادى سيدنا الثانويه ونعمت بكل خيراتها من الطباخين والفراشين والمعامل والمكتبه والأساتذه فقد عاصرناهم بعد زمان مامون ذات الأساتذه إضافة لآخرين كالنور عثمان أبكر وعوض حسن أحمد بتاع قيثارتى أو صغيرتى لداوود وعوض أحمد الإعلامى والمعز الدسوقى عالم اللغه وإبن عالمها الشيخ المصطقى والد سيف الدسوقى وبروفسير دسوقى عالم البيطره وجل ما سبق ذكرهم فقد كانت بحقاً مؤسسه جامعيه ليس بثانويه فقط شكرى لك
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
الأخ العزيز علي عبدالوهاب عثمان سلام من الله عليك فتزامنك مع طلائع ذلك الزمان يُطِْلعُكَ على خباياه ويرفدك بمزاياه ويملكك حقيقته ويملك كل أبناء الجيل ذلك، فما كان يدور فى محمد حسين ذاته الذى تمور به دنقلا الثانويه والفاشر وحنتوب وكسلا رغم عدم وسائل الإتصال المتوفره الآن وإن إنفعالك بما كتبه مامون هو من عاطفة النداده والأرتباط الجيلى، فلك على ذلك كل الشكر ولك السلام.
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
الأخ العزيز النشامى الشامي الحبر عبدالوهاب ما زلنا فى إنتظار عودتك ظافر بملامح وملاحم محمد حسين زمان مجدها وجدها زمان الجعيلى الهاشمابى ووكيلها قبل العقلى البرهانى وأساتذتها الأجلاء الذين أحصاهم المامون وعداهم ومناخها وموقعها شامخة على الشنقيطى كبيت صاحبها وبيت الشنقيطى ظاهرةً فى المظاهر حيث الكوارته وناس ديم.
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
الأخ محمد الكامل عبد الحليم السلام والرحمه إن إستلاف المعاول والرافعات وكل أدوات ووسائل النهضه مع طهارة الفكره وأصالتها وصلتها بالواقع المتحرك وقدرتها على التشكل وِفْقَه أمر يسر ويشير إلى إمتلاك معارف الوعى الكونى والحرص على صناعة تحول عبقرىٍ يعجز الواقف على معرفه تفاصيله ويدهشه.
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
تحية
في غفلة من ضجيج الخرتوم في زمانها اللافت و اصوات غتائها المتدفق علي مسري النيلين كنا نلوذ خلسة الي فندق ليدو وبعض الصحاب نجئ حيث يوجد استاذنا الرشيد نايل...يحدثنا عن الكجيتو الديكارتي والرؤية الهيجلية في تفسيرها المادي للتاريخ وبشريات ماركس وانجلز والوعد القادم المشروط بتوافر الانجاز برمزية المنجل....يا له من رجل يعشق التامل مقتفيا حرص الوعي ومسارات النضال...
مامون ليس استثناءا عبر منصة التكوين مرورا بمحمد حسين الثانوية وسيرا نحو براحات المعرفة ومسالك الحياة...له تحياتي... ولوالده الرحمة ...ولنا اجر التذكار وترتيل المعاني..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
Quote: واندس في دنيا التواضع كلما لاحته بارقة الظهور تعامى |
هكذا تماما كان أستاذنا عبدالله الشيخ البشير فهو يحب التواضع بل يجري في دمه وربما لأن أهل العلم كانو كذلك ورافقت الأستاذ عبدالله الشيخ البشير وهو يعد بحثه عن الشاعر الصوفي ود نفيسة شاعر الكباشي فكان كذلك يتعامى كل ما لاحت له بارقة الظهور ولا يحب الظهور مطلقاً فهو يرى أن الظهور يفسد مهمة الباحث المتجرد الراغب في الوصول الى الحقيقة
| |

|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
العزيز الشامى السلام والرحمة والتقدير، أعرف حامد الجعيلى خارج محمد حسين وبعد أن تقاعد، كان صديقاَ لشقيقى الأكبر وكان دوما يقضى بعض الوقت قريبا من بيته بالقرب من البازار جوار المجلس البريطانى، يقرأ الجرائد ويأتيه بعض الأصدقاء يتحلقون حوله، وعندما دخلنا محمد حسين وجدنا ونجت برسوم مديرها وناظرها وخلفه محمد الأمين فرحات من العمده أمدرمان وكان وكيلها العقلى والذى حسبته سمانيا بسمته وسلم الشيخ الطيب وعباءة الرزانه وملفحة الفناجره من أهل المعرفة والصيت وهيبة الوظيفه وقتئذٍ، فنتطلع لمواصلتك لشروح قول مامون وإضافة وإضفاء ما سكت عنه أو تجاوزه ولربما فيه الأهم نتمنى أن يلتحق مامون بالمنبر حتى يواصل عبر الحوار بتجميل وأكمال تلك اللوحه الرائعه عن محمد حسين العظيمه.
ولك السلام
منصور
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: munswor almophtah)
|
تحية
ما يحزنني يا منصور تقاطر رحيل تلكمو الرموز المعرفية النضالية الراكزة مثل استاذنا الرشيد...يذهبون خلسة دون حرف للتوثيق عن حياتهم وبذلهم في حب الوطن والناس... نجتر بعدهم الذكريات ونلوذ دوما للمعاني التي تركوها...لعل وعسي..
لك التحية وناتبع حروفك في مسراها نحو كل جميل..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: محمد حسين الثانوية//تداعي ذكريات// مأمون ا� (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)
|
Quote: وهناك جمعية المسرح بقيادة الأستاذ عمر مودي, الذي أخرج مسرحية "مسافر ليل" للشاعر صلاح عبد الصبور , |
عمر مودي من الأساتذة المتمكنين في التاريخ وأنا شخصيا أستفدت منه كثيراً
Quote: ضمت المدرسة نخبة من اساطين اللغة العربية والأدب الانجليزي , عبد الله الشيخ البشير, جعفر سعد, محمد سعد دياب |
عبدالله الشيخ البشير تحدثت عنه . الأستاذ جعفر سعد فعلا من أساطين الللغة العربية ومتمكن منها أيما تمكين كان يدرس اللغة العربية بوادي سيدنا وبعد إغلاقها جاء الى محمد حسين وكان أحد كنوز المعرفة بالمدرسة ويحترمه الجميع محمد سعد أنا أعتبره أسطورة اللغة الإنجليزية وهو شاعر مرهف الإحساس وقصائده تعكس ذلك وأتفق مع الأخ مامون أن هذا الرجل قد ظلم
| |

|
|
|
|
|
|