|
الطيور المُهاجرة المُحلِّقة بالسودان !
|
01:48 PM Apr, 16 2015 سودانيز اون لاين shazaly gafar-امدرمان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
الطيور المُهاجرة المُحلِّقة بالسودان ! شاذلي جعفر شقَّاق
أنْ تنشُدَ الطيورُ المهاجِرة المحلِّقة – كلَّ عامٍ - في شتاءِ بلادنِا دِفئاً ، وفي أحضان غاباتنا مَلاذاً ، وفي أراضينا قوتاً إذْ تمشِّط الحقولَ من الهَوام وتَفْلِي تُربتَها من الآفات ، أنْ تلتمسَ من أحضان أشجارنا أوكاراً تجُبُّ وعثاءَ تَسْفارِها الطويل ، وقُرُّ أصقاعِها البعيدة وقسوة مُناخِ بُلدانها (التي تموتُ من البرْدِ حيتانُها) ! أن تُشرِّفنا أسراب : النسور - الصقور – اللقالِق – البجَع – الرَّهو والقرنوق وغيرها من عوابر القارات في ثاني أهمّ مسار على مستوى العالم بطول ساحل البحر الأحمر والأخدود الأفريقي الأعظم قادمةً من مناطق تكاثرها في أوربّا وغرب آسيا في هجرةٍ تصل إلى 1.5 مليون طائر ٍ سنويَّاً لسبعِ وثلاثين نوعاً من الطيور ، وبفعل طول المَسير وعَنَت الطريق تتعرَّض – وللأسف – خمسة من أنواع هذه الطيور للانقراض ! وإذا تأمَّلنا هذه الهجرة الراتبة المضبوطة المواقيت زماناً ومكاناً فإنَّها تمنحنا بلا شكٍّ معنىً من معاني الحياةِ وسِرَّاً من أسرار هذا الكون المُدبَّر بعناية إلاهيَّة فائقة الدِّقَّة لتحقيق التعدَّد الإحيائي ؛ تمنحنا تلك المعاني دونما أنْ نمنحَها نحنُ الآدميين حقَّ اللجوء أو جوازات السَّفر وتأشيرات الدخول وربَّما لم نمنحها –أحياناً – بعضَ أمَان ! فما أُحيْلاها وهي تجمِّل مفارقَ غاباتنا وتزدانُ بها فضاءاتُنا أسراباً من الروعة وأشكالاً من الحكمة والإلهام وصُوَراً وشِعْراً ورسائل شوقٍ وحنينٍ وهُيام ! تزورنا لتبسطَ لها شطآنُنا فُرُشَ الإلفة ، وجزائرُنا ملاذ الراحة والهناءة ، بعد أن تُدْنَى لها موائد الجودِ سخاءً رخاءً على ايقاعِ الدِّليب من كنانة شاعرنا الكبير الراحل المُقيم إسماعيل ودْ حدَّ الزين : بلادي بلاد وناسا كرام تكِرْم الضِّيفْ وحتَّى الطير يجيها جعان ومنْ أطرافْ تِقِيها شِبِعْ ! نظَّمتْ الجمعيَّة السودانية للحياة البريَّة في الأوَّل من إبريل الجاري بمركز الشهيد الزبير محمد صالح الدَّوْلِي للمؤتمرات ؛ نظَّمت ورشة عملٍ عن موجِّهات الاستخدام المرشّد للكيماويَّات الزراعيَّة للحفاظ على الطيور المهاجرة المحلِّقة والتنوُّع الإحيائي ، وذلك برعاية المجلس الزراعي السوداني . الورشة من مخرجات مشروع الطيور المحلِّقة المهاجرة المُموَّل من قِبَل الصندوق العالمي للبيئة وبرنامج الأمم التحدة الإنمائي ، المُشْرِفة عليه فنيَّاً منظمة الطيور العالميَّة . افتتح الورشة (البروفيسور إبراهيم محمد هاشم) رئيس الجمعية السودانية لحياة البريَّة ،مُرحِّباً بالحضور مُلْقياً الضوءَ على فكرة المشروع العامة وأهميَّة القطاع الزراعي ودور الطيور المحلِّقة في المكافحة البيولجية لحفظ التوازن البيئي . تلاه مُمثِّل وقاية النباتات ومستشار قطاع الزراعة( أ. فاطمة محمد الأمين) تناولت أيضاً أهمية الطيور في مكافحة الآفات الزراعية ، كما أكَّدت استعداد الإدارة للتعاون مع الجمعية وكلِّ الجهات المعنيَّة للحفاظ على التنوُّع الإحيائي .كذلك تحدَّث رئيس المجلس الزراعي السوداني (بروفيسور بابو فضل الله محمد) عن دور المجلس الزراعي في تنظيم وتطوير مهنة الزراعة والعمل بجهْد لتقليل المخاطر على الطيور وزيادة الوعْي بين أصحاب المصلحة . تحدَّث أيضاً السيِّد (أليكْسْ ناقاري) منسِّق مشروع الطيور المحلِّقة المهاجرة بدول القرْن الإفريقي عن أهميَّة الطيور في الحفاظ على البيئة وأشار إلى أن السودان يمتاز بتنوُّع مناخي عظيم بالإضافة إلى مساحته لذلك يحظى باهتمام كبير باعتباره مَحَط لكثير من الطيور المهاجرة . تناولت الأوراق العلميَّة التي قُدِّمتْ من خلال الورشة (خصائص القطاع الزراعي في السودان) ، ( أثر المبيدات المستخدمة في مكافحة الطيور آكلة الحبوب على الطيور المحلِّقة) ، ( تأثير المُبيدات على الطيور في بعض المشاريع الزراعية في السودان) و (ملخَّص موجِّهات الزراعة للحفاظ على الطيور المحلِّقة المهاجرة في مساراتها ) . قدَّمها - على التوالي - كلٌّ من أ . عبد المجيد أحمد الطيب ، أ. فاطمة محمد الأمين ، أ. أحلام حسن أحمد ، د. تهاني على حسن الحاج ،ثمَّ أليكس ناقاري .فُتح بعد ذلك باب النقاش لتخلُص الورشة لاعتماد التوجهات الخاصة بترشيد استخدام الكيماويات الزراعية لحماية الطيور المحلِّقة المهاجرة ، وتضمين المقترحات والتوصيات قوانين وزارة الزراعة . تحدَّث للصحيفة – على هامش الورشة – البروفيسور إبراهيم محمد هاشم قائلاً : بدءاً هذه الورشة هي وليدة مشروع الطيور المحلِّقة المهاجرة ،الموقِّعة عليه إحدى عشرة دولة ؛ستٌّ منها من الشرق الأوسط وخمس من أفريقيا (فلسطين – الأردن – سوريا – لبنان – السعودية – اليمن – مصر – السودان –جيبوتي – اثيوبيا و أرتريا ) ممثلة شراكة ً مع المجلس العالمي للطيور البرية .يسعى المشروع إلى تطبيق مفهوم جديدٍ ومُبتكَر وفعَّال يُسمَّى (الدَّمْج المزدوج) أي دمج صون الطيور الطيور المحلِّقة المهاجرة بالسياسات والاستراتيجيات الوطنية ، ودمجها أيضاً برؤى الجهات المانحة لأجل التطوير والإصلاح من خلال الدعم الفني والخِدْمي لها لضمان دمج إجراءات صون الطيور المهاجرة بالتخطيط المستقبلي لتلك القطاعات . كذلك نسعى على الصعيد الشعبي والمدني عموماً والمزارعين خصوصاً للقيام بالدور التوعويِّ ونقول : الطيور المحلٍّقة المهاجرة ضيوفٌ علينا فاغدقوا عليها بكرمكم الفيَّاض ! سيِّما وأنها صديقة المزارع لتغذيتها على الآفات الزراعية ! أمَّ المهدِّدات والمخاطر التي تواجه الطيور المحلِّقة هي (السياحة – الصيد – الزراعة – الطاقة – النفايات ) ولمَّا كان على كلِّ دولة من دُول المشروع اختيار إثنين من المخاطر ؛ فقد اخترنا (الزراعة والطاقة) . نودَّ أنْ نقول من خلالكم باختصار إنَّ هذه الورشة تستهدف الاستخدام الأمثل للكيماويات للمحافظة على التنوُّع الإحيائي واستدامة الانتاج الزراعي في الوقتِ نفسِه .
الوفاق – 8/4/2015م
|
|
|
|
|
|