وبدون وعي منه نطق الرئيس البشير بالعلة التي ترقد ناراً في عقله الباطن بل وفي صدره وجعلت نظامه ينفث كل حقده على أهل الجزيرة ومشروعهم وقياداتهم التاريخية التي وُلدت من رحم الأرض أزاهيراً وقمحاً ووعداً وتمني ونشرت الوعي وسط الناس وهيأت لهم من كريم العيش إنتزاعاً بالنضال لا ترجياً وإنبطاحاً ورضى ًبفتات الفساد وقسمة التلاعب بالتقاوي والسماد مثل قياداته المنبوذة المارقة وقد شبت بالضرر والمحاق على أرض الخير كنبات البودة السامة التي تحرق الزرع و تفتك بالضرع !
لم ينسى البشير زيارته الأولى التي شق فيها أرض الجزيرة بعد إنقلابه المشئؤم بفترة قصيرة ليستطلع رأي المزارعين وأهل المصلحة على الآرض حول سرقته للسلطة .. فجاءت النتيجة أن رفضه الناس من الوهلة الأولى ، وأحبطته تقارير ذئابه المصاحبة أن الزيارة سلبية مائة المائة !
فأعملت أجهزته المهلوعة والمرعوبة من نتيجة ذلك الإستفتاء العفوي الذي قال له لا .. أعملت الالات قمعها و إعتقالاتها في مراكز وبؤر الوعي التي تنير عقول الناس من شرفاء المزارعين الذين لم ينكسروا يوماً في وجه السلطان على مدى كل العهود ..! فكان الراحل شيخ الأمين محمد الأمين الذي رفع تمثيل الفلاح في السلطة الى مرتبة الوزير حينما يأتي الى الخرطوم حاملاً مطالب المزارعين وهورئيس الإتحاد المفوض منهم ولم يكن مفروضاً عليهم وليس المُشترى كعباس الترابي يا مشير ..!
إذ كانت تهتز لخطواته دواوين الحكم وإذا ما عاد غاضباً .. هرعت وراءه حكومة الخرطوم الى بركات تستجدي رضاء جماهيره لأنها تعلم إذا قال ما هو في مصلحتهم أطاعوه لثقتهم فيه لا خوفاً من تسلطه !
هؤلاء الذين تتهمهم يا مشير بأنهم ربوا المزارعين .. فذلك شرف لهم يستحقون عليه الأوسمة والنياشين التي لم تكن لتضعها على صدرك الواجف ممن ربوهم لولا أنك تعلمت على حسابهم و بعثت للخارج من وفرة جيوبهم وعرق كدهم ..لتأتي في نهاية المطاف وتعض يد السودان ممثلاً في كف الجزيرة الطاهرة وتنقلب على شرعيته بتنصيب نظامك الذي ولده عسكرك سفاحاً من رحم الأخوان وتحت جنح الليل !
ولعلك تعرف جيداً ذلك الأسد الهصور الشيخ يوسف أحمد المصطفى أمد الله في ايامه قريبك الذي يربض الآن في قريتك صرار وقد رفض كل رشاوي حكمك ليقول ولو كلمة حلوة واحدة ترضيك في حق حكمكم الذي دمر أحلام أهله وهاهو في خريف عفته يسخر من ركوب أقاربك وأبناء عمومتك في القرية للفارهات ويتمرقون في أصول المشروع التي ذهبت اليهم مجاناً وقد كانوا حتى الأمس القريب يتوقون لمجرد تملك الدواب للتنقل بها ! ما أروع جسارة شيخ الأمين وصحبه شيخ برقاوي وشيخ جابر عثمان وشيخ يوسف حينما أفحموا جمال عبد الناصر الذي كانت ترتجف له فرائص الزعماء .. بأنهم جاءوا اليه قبيل إعلان إستقلال السودان ممثلين لمزراعيه ليقولوا له لا نريد سوداناً يكون ذيلاً تابعاً لمصر وإنما ظهراً قوياً ونداً كبيراً يسندها ..! فيما أنت .. ذهبت لترقد تحت أقدام السيسي وتقول له .. فداك حلايب وشلاتين .. فقط دعني أعيش وفي ستين داهية كيزان مصر !
أولئك هم الرجال الأفذاذ بحق وكانوا نسيجاً متفانياً ونظيفاً من كل أطياف العمل السياسي وليس الشيوعيين فقط .. فهم من مثلوا المزارع في مؤتمر الشباب في هلسنكي في منتصف الخمسينيات هل سمعت بها وبهم أمثال شيخ الإزيرق وشيخ الوالي وشيخ ابراهيم زين الدين وشيخ كشكوش .., فكانت تنحني لهم قبعات الخواجات لأنهم يمثلون قطن السودان الذي حرقتموه أنت و فسدة نظامك وجعلتموه رماداً اسوداً بضرام حقدكم المتقد في الصدور وقد كان يهز موازين بورصات العالم بثقله ويزغلل بنصاعة بياضه العيون الزرق في زمان أولئك !
هم الرجال الذين كان يتراقص لهم قادة الصين ورومانيا وانجلترا وتشيكو سلفاكيا والمانيا وسويسرا وكبريات دول إنتاج الجرارات والحاصدات تودداً حينما كانوا يذهبون بانفسهم لا عبر السماسرة في نظامك لشراء مايرونه صالحاً من الآليات وبدون عمولات توضع في حسابات ماليزيا !
وأزيدك من الشعر بيتاً .. هل سمعت بالراحل الشيخ الخير حاج أحمد رئيس إتحاد مزارعي سنار في أواخر الستينيات الذي نبذ نظام نميري حينما حاد عن جادة الطريق في سياساته حيال المزارعين .. فأعتقله أمنه على خلفية مزاعم تأييد إنقلاب هاشم العطا 1971 من قبيل تصفية الحسابات معه ، وحينما زاره نميري في السجن لإسترضائه بودمدني .. قال له كيف ترسل يا شيخ الخير برقية تأييد لهاشم العطا بمساحة كف اليد وقد كنت صديقا لي ورافقتي في رحلة أروبا الشرقية وكنت الإمام الذي يصلي بالوفد !
.. فرد عليه شيخ الخير حاج أحمد بكل الجسارة وبدون أدنى خوف وهو مستلقيِ على فراشه ولم يكلف نفسه بالنهوض حتى للسلام على النميري وكان في قمة هياجه وسطوته الدموية ايامها ..! بل كانت برقيتي لهاشم بمقدار الزراع هكذا ماداً ساعده كله.. فماذا أنت فاعل بي يا جعفر!
هؤلاء هم من ربوا مزارعي المشروع على مبدأ الكرامة والعفة والشجاعة .. وليس الإنكسار والذلة التي يتلوث ويتلون فيها من صنعتهم ليكونوا مثل الحمار الأجرب الذي ُربط في مربط الحصان المطهم الأصيل !
فإعترافك هذا ياريس البلاد المغيب عن حالة العباد .. هو وسام في صدر الأحياءِ منهم .. و شاهدٌ من ذهب علي مراقد من رحلوا وتركوا حسن السيرة وسيذكرهم التاريخ في صفحاته بحروف النور .. أما أنت و نظامك الذي دمر المشروع ودمى قيادات إتحادك المصنوعة بخيوط الفساد .. فمكانكم مذابل قادم الأيام القريبة .. هذا إن هي تواضعت وقبلت بأن ترموا فيها !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
معاوية عبيد الصائم
Haju Muktar
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست