|
اغتراب الآباء ... وتغرُّب الأبناء!
|
اغتراب الآباء ... وتغرُّب الأبناء! تطاولت بنا سنوات الغربة، وتمددت في كل الاتجاهات. فبعد أن وفدنا إلى هذه الديار المباركة فرادى، تكونت الأسر الصغيرة، ثم تفرعت، وكبر البنون والبنات، وأضحوا يعدون العدة لحزم أمتعتهم للشروع في غربة أخرى، لينهلوا من العلم، وينفعوا به أنفسهم وأهلهم في مقبل الأيام، ويبنوا حياتهم، ومستقبل وطنهم المثخن بالجراح والأزمات، المحتاج لطاقاتهم ومعارفهم، عساه يعود إلى سيرته الأولى مصنعاً للرجال والكفاءات. لقد انتظرنا الوطن كثيراً، لكننا لم نعد، ولم يبق بأيدينا وأعمارنا سوى الأمل بأن يكون حظ أولادنا وبناتنا أوفر، للمساهمة في إعادة بناء الوطن. و لا نملك إلا إن نوصيهم بتقوى الله في أنفسهم، وفى أهلهم، وفى وطنهم، داعين لهم بالتوفيق والسداد. ونسأل الله إن يلم شملنا جميعاً، وأن يردهم سالمين غانمين. ولكن يبقى عشمنا الأكبر في القائمين على أمر التعليم في بلادنا، بتوفير مؤسسات تعليمية على مستوى عال، فأبناؤنا أولى بهم التعليم في أوطانهم لأسباب عدة، قد لا يتسع المجال لذكرها، وأولها ربطهم بوطنهم وتراثه وثقافته، بدلاً من دفعهم للاغتراب والهجرة في هذه السن المبكرة، التي يكون تأثرهم فيها بثقافة الآخرين أكبر من تأثيرهم عليها. نقول ذلك ونتمنى أن تقوم الدولة بدورها كاملاً في هذا الشأن، خصوصاً أن ما يدفع من أموال ضخمة للدراسة في الخارج أولى به الوطن، إذا قام القائمون على أمر التعليم بتوفير التعليم العالي الرفيع المستوى وكل معيناته لأبناء المغتربين قاطبة. وهو أمر ليس مستحيلاً لأن بلادنا كانت تعج بالجامعات القوية والمعاهد المشهود لها وبالأساتذة الذين أضحوا خير سفراء لنا في مغترباتنا ومهاجرنا. ونسأل الله اللطف والتخفيف.
|
|

|
|
|
|