|
التفكير بعقلية التغيير
|
التفكير بعقلية التغيير
في طريقة التفكير السائدة في السودان شكل علاقات المنظمات المختلفة،الأحزاب/الرؤساء، الشركات/المدراء ،المبدعين/مؤيدنهم .. الخ، شكل علاقات المنظمات والمؤسسات المختلفة ومن يديرونها يشبه شكل علاقة المريدين، الحواريين (المفتقرين للرأي، للمال، للعلم، للخطط، وللقرب من الله)، بالشيوخ (المالكين للمال والرأي والمعرفة والقداسة) .حتى وإن جاءت بالزعيم/الشيخ/المدير/ المبدع توازنات لا علاقة لها بما يترأسه، كالعمر، أو أن يكون من الأسرة صاحبة العمل مثلاً . الأساس المادي(الإجتماعي) لطريقة التفكير السائدة كامن في علاقات إنتاج شبه الإقطاع، فيها مثلاً شيخ القبيلة يملك القطعان والمراعي وتشتغل عليها باقي القبيلة بما يقيم أودها ويجعلها تستمر في الحياة. إذا إحتاجوا يلجأون لشيخ القبيلة وأرابيبها، وإن أرادوا الزواج إتجهوا لهم، وإن فاجتهم الحرب يلجأون لشيخ القبيلة والفقير والأرابيب فرسان القبيلة لرد المعتدي. العلاقات دي في أوان بداياتها وحتى بزوغ علاقات الإنتاج الرأسمالية ومعها البرجوازية والعمال كانت تقوم بتطوير المجتمع وتحميه ، ولكن بدخول الإستعمار الإنجليزي على الخط وإدخاله لآلة الدولة الحديثة بدون تنوير وديمقراطية وحقوق وحريات، كان الإستعمار محتاجاً لنظام إداري وطريقة تفكير سائدة تخدمه فعالة وقائمة على الأرض، ولذا قام بتركيب الدولة الإستعمارية، آلة النهب الحديثة، فوق نظام شبه الإقطاع القائم بقبائله وشيوخه ومكوكه وأرابيبه وأمراؤه وعمده. أصبح عندنا تركيب غير متجانس لمنتج حداثي بكل مؤسساته التشريعية والقانونية والتنفيذية وهو دولة النهب الإستعماري، مركب على علاقات شبه الإقطاع القبلية الطائفية. وأصبح عندنا مجتمع شبه حضري يحكم ويدار من قبل أسر زعماء الطوائف وشيوخ القبائل، وطريقة حياة عصرية ليبرالية عند بعض الحضريين محاطة بالهجوم الكثيف عليها من قبل طريقة تفكير شبه الإقطاع، طريقة التفكير السائدة. لو أن التدخل الإستعماري لم يحدث قط، لقامت القوى الحية في المجتمع بواجبها في تطوير طريقة تفكير جديدة بعيداً عن الأبوية والذكورية والقداسة والعنصرية التي تسم طريقة التفكير السائدة آنذاك. ولذا ولأن الإستعمار بهذا الربط بين القوى الطائفية والقبيلة مع الدولة الحديثة أنتج لنا مركباً ووقائع جديدة لا تسري عليها مناهج التغيير المجربة، لذا لابد للمثقفين والنشطاء والثائرين من إجتراح طرق ومقاربات جديدة، لفصل القوى القبيلة والطائفية عن الدولة الحديثة، وإشاعة التنوير والديمقراطية والحريات والحقوق بديلاً عن الأبوية والوصائية والقداسة والعنصرية. في طريقة التفكير الجديدة من المفترض أن يأتي الزعيم ويخرج من نتاج عمله ومبادراته وقدراته على الأرض، وليس لميزة ورثها أو إدعاها.لا يجب أن تقوم تنظيمات التغيير على زعيم أو حلقة ضيقة من المميزين، بالطبع هناك مبادرين ومنجزين سيقومون بالمباداة، ولكن يجب أن تحتوى لوائح هذه المنظمات على ما يجعلها لا ترتمي في أحضان طريقة التفكير السائدة التي تريد ان تغيرها، مثل إتاحة المنافسة للعضوية بشفافية لإظهار قدراتها. وأهم بند في رأيي في منظمات التغيير هو: أن لا يسمح للرئيس بغير مدة رئاسة واحدة، حتى لا يسهموا في خلق شيخ أو زعيم دكتاتوري جديد. على منظمات التغيير أن تعلى من أصوات المؤسسات داخلها: كأن تصرح وحدة الإعلام بدلاً من أن يصرح فلان وعلان. هذا على أن لا يؤخذ ما أقوله في كلامي بحرفيته، فللأفراد وقدراتهم دور عظيم، ويجب أن يبرز هذا الدور ولكن في توازن مع ديمقراطية وشفافية وقيادة المؤسسات.
|
|
|
|
|
|