|
أرأيت كيف خبا ضياء النادي! في رثاء الدكتور أحمد عثمان
|
أرأيت كيف خبا ضياء النادي ! في رثاء أبي الوليد الدكتور أحمد عثمان هاشم الإمام محيي الدين [email protected] بأفئدة ملتاعة ، وزوافر حرّى ، وأسى أطبق على القلوب ، وأنفس تخفي من الحزن أضعاف ماتبدي ، وأعين تدمع ، ودّع المجتمع السوداني بالولايات المتحدة الأمريكية ، الأخ الماجد ، والصديق الصادق الصدوق الدكتور أحمد عثمان ، فلله نشكو دهراً غيّبه ، ولم تشبع العين منه ، ولله نشكو قبراً ضمه على حين غرّة . لقد كان أحمد ، رحمه الله ، مستقيماً ، حسن الخلق ، ذا وجه واحد ، ظاهره كباطنه ، لا يعرف المداهنة ولا الرياء ، وكان شديد الوفاء لأصذقائه خاصة ، ولمجتمع السودانيين عامة ، ولقد كانت فترة رئاسته للجالية السودانية بمنطقة واشنطن ، شاهداً على هذه الخصال الطيبة . فإن تكن الأيام فرّقت بيننا فقد بات محموداً أخي حين ودّعا وإذا كان أحمد قد حلّى مكانه ، وذهب إلى ربه ، فما كان هيّاباً للموت ، ولا متردداً من لقائه ، بل كان صابراً على المرض الخبيث ، صبر الفوارس المؤمنين الموقنين بأن ( كل نفس ذائقة الموت ) وأن المؤمن مبتلى ، وأنّ ما عند الله خير وأبقى . هذا وإني لأرجو أن ينال أحمد منزلة الشهداء على ابتلائه بهذا المرض الخبيث ، فقد ورد في الأثر أنّ المبطون شهيد ، فإن كان الموت بسبب ( الإسهال) ينزل المرء منازل الشهداء ، فما بالك بهذا المرض ! نسأل الله أن ينزله هذه المنزلة ، وليس ذلك على الله بعزيز . والمؤمن لايبلغ الدرجة التي كتبها الله له في الجنة بعمله ، فيبتليه بالمرض حتى يطهره من الذنوب ، فيبلغ هذه المنزلة ، وإنّا لنرجو أن يكون الله قد غسله بهذا الابتلاء بالثلج والماء والبرد ، ونقّاه من الخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد بينه وبين خطاياه كما باعد بين المشرق والمغرب . إنّ الموت سبيل الأولين والآخرين ، وإنّ الأبدان والأرواح أمانة وعارية يردها المرء حين يحين أوانها ، وإنّ المنية إذا أقبلت لا تُدفع ، ولكن أحمد كدأبه يتقدمنا في كل ملمة ، والموت نقّاد يتخير الأخيار فيستأثر بهم ، وإنّ في ذلك لعزاء يطفيء حرقة الوجد . ما أقسى الموت ، وما أشد فراقك على النفس يا أبا الوليد ، ولكننا نعزي النفس عنك بالتأسي ، فقد وارى التراب الأنبياء والرسل ، وضمت القبورالأتقياء والصالحين ، وما هذه الدنيا ، الدنية كاسمها ، بدار قرار فيؤسف عليها ، فالمرء فيها كالضيف أو كالطيف ، راحل لا محالة ، فليحسن العمل ، وليتزود لما بعد الموت . ولئن مات أحمد بعيداً عن أهله وعشيرته ، فقد كان مجتمع السودانيين في الولايات المتحدة عامة ، ومنطقة واشنطن خاصة أهله وعشيرته ، بكوه بما لا مزيد لباك ، وفقدوه كما فقده أهله بل أشد . هذا عزائي أُقدمه للأخت الثكلى، سلوى الفحل ، زوجه ، ( من عزّى ثكلى ، كُسي من رداء الجنة / الحديث ) ، ولابنه وابنته ، ولأهله أينما حلوا ، وللجالية السودانية ، ولكل من علمنا من إخوانه وأحبابه ومن لم نعلم ، فلا شك أنّ العزاء يخفف على المُصاب ، ويذهب همه ، و يزيل غمه ، ويعينه على الصبر والرضا بالقضاء والقدر ، ولقد كان النبي ، صلى الله عليه وسلّم ، يعزي أصحابه ، ومازال المسلمون يعزي بعضهىم بعضا . إنّا نعزيك لا إنّا على ثقة من الحياة ولكن سنة الدّين إنّ لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فاصبروا واحتسبوا آل أحمد .
|
|
|
|
|
|