بيان من الحزب الديمقراطي الليبرالي

بيان من الحزب الديمقراطي الليبرالي
حول قرار البنك المركزي الغاء تمويل العقارات والعربات

اصدر بنك السودان المركزي عبر قطاع المؤسسات المالية والنظم قرارا يوم أمس الموافق 13 مايو 2014 لكل المصارف يحظر فيه تمويل العربات والعقارات ويشمل ذلك شراء وتطوير الاراضي وشراء وتطوير العقارات، عدا تمويل المصرف للسكن الشعبي عبر للصندوق القومي للإسكان وتمويل استصلاح الاراضي الزراعية، وكذلك حظر تمويل العربات بكافة انواعها عدا الشاحنات والحافلات فوق سعة 25 راكب
إن هذا القرار مُعيب، اذ يضرب في العمق سياسة تمويل السكن الشعبي عن طريق الارباح الناتجة من الاستثمار في الاسكان الاستثماري. وقد اعلن الصندوق القومي للسكن من قبل انه عاجز عن توفير كل التمويل المطلوب للسكن الشعبي نظرا لزيادة حجم الطلب على السكن الشعبي في مقابل تعثر الارباح التي يجنيها السكن الاستثماري، فكيف به الحال اذا تم منع تمويل السكن الاستثماري كلية ؟.
إن هذا القرار يشكل ضربة لقطاعي الاسكان والنقل وخصوصا قطاع السكن الشعبي المهمل. ولو كانت الدولة تسعى في حل حاجة الانسان السوداني للسكن الشعبي لكانت سنت قوانين تشريعية تقضي باعتبار حق الانسان في السكن اللائق حق دستوري ينعم به جميع مواطني السودان وفقا للمواثيق الدولية المتعلقة "بحق الانسان في السكن اللائق" . (راجع التعليق العام رقم 4: الحق في السكن الملائم (المادة 11(1) من معاهدات حقوق الانسان)
إن صدور هذا القرار دون اي حزمة من السياسات البديلة عبر أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية يجعل منه قراراً غير صائب و لا يصب في مصلحة الانسان السوداني . إن عدم استصحاب سياسات بديلة ممثلة في الغاء الجمارك على مواد البناء المستخدمة في الاسكان الشعبي و استصلاح الاراضي السكنية و مدها بالخدمات مما يجعل سعر الاراضي في متناول الجميع و غير عرضة للمضاربة وعدم تخصيص (بدل سكن) مناسب مضاف لمرتبات الموظفين والعاملين ، بحيث يكون مناسبا لاقساط شراء مسكن شعبي و بحيث لا تنطوي التكاليف الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن على تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها، بالاضافة لعدم وضع معايير ملزمة للمواءمة البيئية و الاجتماعية و التقنية في خطط الاسكان الشعبي ، بشكل يجعلها مناسبة و لائقة للسكن الكريم ووفقا للمعايير الصحية والبيئية المقبولة ، يجعل من هذا القرار فارغ المحتوى وعديم المضمون.
كما إن تزامن هذا القرار مع فضائح الفساد في الاستثمارات العقارية والتي يشتبه في تورط مسؤولين كبار بها، و تزامنه مع العجز في الميزانية وأزمة سيولة النقد الاجنبي وغيرها من المصاعب المالية التي يعاني منها النظام، يجعل التحليلات تصب في ان هذا القرار يهدف لرفع يد الدولة من القطاع الخدمي ووضع العبء على عاتق المستثمر السوداني والأجنبي من خلال "خصخصة" مزعومة وغير مصحوبة بأي سياسات بديلة لمكونات القطاع الخدمي بما فيها الاسكان والنقل .
إن هذا القرار على النمط الاشتراكي والذي يذكرنا بقرارات الانقاذ التعسفية الأولى كان يمكن ان يكون سليما في حالة كانت هناك سياسة اسكانية سليمة وسياسات مشجعة للاستثمار تسهل للمستثمرين الخاصين الاستثمار في قطاع السكن الشعبي وتقديم التمويل والتسهيلات لهم في ذلك بما يشمله من توفير البنية التحتية وإلغاء او تخفيض الجمارك على مواد البناء الخ، وفي نفس الوقت فرض رقابة مالية صارمة تلاحق التلاعب والمضاربة واستغلال النفوذ والشركات التي تعجز عن سداد مديوناتها.
ولكن القرار اعلاه خاطئ تماما في الوضع الحالي حيث يعمل بتجفيف التمويل على ابعاد أي مستثمر جديد من السوق وإبقاء اللاعبين الحاليين فيه مع ما لهم من ارتباطات بالدولة وممارسات فساد ، وهو بهذا يقيد حركة السوق الحر والنشاط الخاص الذي من شانه ان ينمي اقتصاد الدولة. كما يجبر القرار البنوك بعد ابعادها من هذين القطاعين على الدخول في مجالات اخرى اسهلها المضاربة بالنقد الاجنبي كأفضل بديل في ظل انهيار العملة المحلية. كما يجعل المناخ العام غير مهيأ اطلاقا لتشجيع الاستثمار المحلي عبر شركات سودانية ، مما سيفرض على المستثمرين السودانيين الاستثمار خارج السودان وعلى الأجانب على الخروج من هذا القطاع؛ وبهذا يحقق القرار نتائج معاكسة تماما لما يريد .
ان الحزب الديمقراطي الليبرالي يدعو الى الغاء هذا القرار فورا نسبة لإضراره الجسيمة بقطاعي السكن والنقل وحرية النشاط الاقتصادي ونمو عجلة الاقتصاد والتوظيف الخ، ويدعو اتحاد اصحاب العمل السوداني والصندوق القومي للسكن للتدخل والضغط من اجل الغاء هذا القرار وغيره من القرارات الانفعالية غير المدروسة. كما نناشد جميع فئات المجتمع، وخصوصا الموطنين المتضررين من سياسات التخطيط العمراني والإسكان الحالية، والمقاولين والمستثمرين في السكن والكيانات الهندسية و المعمارية وغيرهم من أصحاب الشأن لرفض هذا القرار و للدفاع عن "حق الانسان السوداني في السكن اللائق"، مع ضرورة المطالبة بتضمين هذا الحق في الدستور الدائم الذي يجب أن يشارك في صياغته جميع قطاعات المجتمع السوداني.
كما يجدد الحزب هنا مرة اخرى التزاماته بحل قضية الاسكان كما طرحها في برنامجه الخاص بالإسكان ووفقا لتوصيات مؤتمر القوى الديمقراطية المنعقد بالقاهرة ، كما يجدد التزامه بخلق اقتصاد سوق اجتماعي حر بعيدا عن فساد الانقاذ واقتصاد المافيا السائد، بحيث لا تؤثر حركة السوق سلبيا على القطاع الخدمي بل تدعمه وتطوره وتنميه، وسيحقق الحزب ذلك من خلال عدة حزم تخطيطية تضبط حركة السوق وتجعله خاليا من الفساد والاحتكار والمضاربة.

الحزب الديمقراطي الليبرالي
14 – مايو - 2014

صورة الى :
1- اتحاد اصحاب العمل السوداني
2- الصندوق القومي للإسكان
3- وزارة التخطيط العمراني
4- وزارة الاستثمار
5- وزارة العمل
6- بنك السودان المركزي