|
Re: سرد جميل ..ممتع وشيق للأخ ADNAAN لزيارته مصر لأول مرة ....... (Re: Ridhaa)
|
الحبيب رضا لك التحية والتقدير منتديات رمال كرمة .. من ارقى المنتديات .. به كتاب على مستوى رائع .. منهم من اوردت خواطره ( عدنان ) وكذلك ( هشام عباس ) واخوه الزول الدفعة ( محمد عباس ) وغيرهم كثر .. منتدى غني بكل جميل .. وواحة للمواهب .. لأن كرمة نفسها توحي لإنسانها بالاصالة والجمال والتاريخ .. هي مهد حضارة كوش ( الدفوفة ) .. لك التحية رضا .. وواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سرد جميل ..ممتع وشيق للأخ ADNAAN لزيارته مصر لأول مرة ....... (Re: Ridhaa)
|
الخرطوم – وادي حلفا بادئ ذي بدء هنالك مثل شائع يقول "من لم يزر مصر لم يزر من البلاد شيئاً" وفي مصر هنالك مثل آخر يقول "من لم يزر الإسكندرية لم يزر مصر أبداً"، في يوم الثلاثاء 13 يوليو من العام 2010م وفي شارع الجمهورية الحيوي ذو الإتجاه الواحد بالعاصمة السودانية الخرطوم تم منحي تأشيرة دخول لأراضي جمهورية مصر العربية مدتها 6 شهور متعددة السفريات وكانت سعادتي كبيرة بهذه التأشيرة الذي أعتبرها غالية جداً على نفسي بالرغم من أنها مجانية ولا تأخذ منك من الأيام أكثر من 3 أيام ويمكنك أخذها في نفس اليوم ولكن عليك أن تدفع مقابل ذلك، مصدر سعادتي كان بسبب مفارقتي للسودان لأول مرة في تاريخي فأنا أحاول السفر والخروج من السودان منذ تسعينيات القرن الماضي بدءاً ببرنامج اللوتري وتحديداً منذ العام 1999م ولم أترك أي شئ للصدفة لكي أسافر خارج السودان وحاولت لدول عدة أذكر منها خلاف الولايات المتحدة الأمريكية "أرض الأحلام وبلاد العم سام" الهند وسوريا وأوكرانيا وروسيا وتركيا وفي كل مرة وفي كل سانحة كنت أحاول السفر إلى أمريكا وما زلت وفي بعض المرات كنت أحاول إلى كندا وأستراليا عن طريق تقديم اللوتري أو التقديم للجامعات أو عن طريق المنظمات ولكن لو كان الحظ رجلاً لأعدمته، وبعد ذلك ظهرت وبصورة شائعة تأشيرات "الشنقن" لدول الإتحاد الأوروبي وكنت من أوائل المدركين لهذا الأمر ومنذ أن كانت هذه التأشيرات في حدود الــ 3 ملايين جنيهاً سودانياً بالقديم، وكان هذا الأمر في بدايات العام 2006م على ما أذكر، وقد حاولت كثيراً ولكن كالعادة قد خانني الحظ كثيراً، وما زلت أحاول وسوف أحاول إلى أن يقض الله أمراً كان مفعولاً، وفيما بعد دخلت سفارات اليونان وإسبانيا والنمسا ولكن أيضاً لم يكتب لي النجاح وسوف أحاول مجدداً كما قلت من قبل لأنني أضع أهداف معينة ولا أحسب حساب أي شئ آخر فالدول التي أريد السفر إليها 4 دول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها بريطانيا العظمى ثم كندا ثم أستراليا بسبب المستوى المعيشي العالي في هذه الدول وبسبب اللغة "اللغة الإنجليزية" وبسبب جوازات السفر المحترمة لهذه الدول وبسبب التعليم العالي ولقوة هذه الدول في كل المجالات ولوفرة فرص العمل بها وبكثرة ولأن الإنسان لا يشعر بإنسانيته إلا في هذه الدول بالإضافة طبعاً لبقية الدول الغربية ومن تبع طريقهم، أما الدول العربية فلا أعتقد ذلك ولن أعتقد ذلك، حتى لو كانت معابر لتلك الدول الكبرى. نعود إلى ما بدأناه في الأول سبب زيارتي لمصر هو أن أجد طريقة ما للسفر من أم الدنيا لأوروبا أو لأمريكا أو لأستراليا وفي نفس الوقت لكي أزور هذه الدولة التاريخية التي تشعرك بأنك قد عشت في كل العصور وفي كل الدهور منذ فجر التاريخ وحتى الآن في العصور الحديثة، مصر دولة عظيمة جداً وفي كل شئ، في شوارعها وفي مقاهيها وفي إنسانها وفي مزارعها وفي جبالها وفي مدنها وفي أريافها وفي نيلها وفي صحاريها وفي وديانها وفي بحارها وفي حاراتها وفي كل شئ، بإختصار لم يكذب الفيلسوف والمؤرخ اليوناني هيرودوت عندما قال عن مصر "مصر هبة النيل"، يكفي أنها دولة مذكورة في القرآن الكريم، وهي أرض الأهرامات ومدينة الأقصر والنوبة والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ونهر النيل ...إلخ، وقد زارها معظم الأنبياء ومعظم الصحابة ومعظم العظماء والعلماء والمشاهير ورجال الدين ورجال التاريخ وفي كل العصور ولأكثر من 7000 عام. بعد منحي تأشيرة الدخول لمصر قررت أن أسافر عن طريق وادي حلفا لكي ألقي نظرة ولو من على البعد على القرى النوبية التي تقع شرق نهر النيل ولكي أزور مدينة وادي حلفا الجميلة ولكي أحس بمتعة السفر عن طريق بحيرة النوبة "بحيرة ناصر"، فأقصى قرية كنت قد قمت بزيارتها هي كجبار وكانت في تسعينيات القرن الماضي، قمت بإكمال إجراءات السفر العادية في الخرطوم والتي أقطن بها منذ العام 1993م ولم أبارحها كثيراً إلا في أعوام محدودة كما درست سابقاً في مدينة دنقلا "مدرسة دنقلا النموذجية الثانوية العسكرية بنين" وزرت في السودان عدة مدن كحلفا الجديدة وود مدني وغيرهم من المدن، الإجراءات التي تسبق تأشيرة الدخول إلى مصر مملة جداً ولا معنى لها، وبعد ذلك حجزت تذكرة سفر إلى وادي حلفا وأذكر أنني قد سافرت عن طريق سفريات "أبو خليل" الشهيرة جداً، تحركنا من منطقة السجانة قبل آذان الصبح وتوجهنا نحو مدينة بحري ومن ثم إتخذنا طريق شريان الشمال وفي الطريق مررنا بعدة مدن وقرى وبدون ترتيب معين "الدبة – دنقلا – السليم – فريق - كدرمة – دلقو – سعدنفنتي – أبوصارة – عبري – صواردة - ...إلخ"، ووصل البص السفري بنا إلى مدينة وادي حلفا عند الساعة الرابعة مساءاً على ما أذكر وفي السوق الشعبي تحديداً بمدينة وادي حلفا، وهنالك ألتقيت بأحد معارفي من قرية "سعدنفنتي" وكنت قد نسقت معه مسبقاً، ومكثت معه في منزله العامر بــ"بلوك 1" أي مربع واحد بمدينة وادي حلفا لمدة 3 أو 4 أيام إن لم تخني الذاكرة وله مني كل التحايا والتقدير على كرمه الحاتمي مع شخصي الضعيف، وخلال إقامتي الطيبة معه قمنا ببعض الإجراءات الروتينية التي تسبق الشخص المسافر إلى مصر قبل الإبحار عن طريق ميناء الشهيد الزبير محمد صالح بوادي حلفا، وفي اليوم المقرر للسفر أُبلغنا بأن نحضر إلى مباني الميناء قبل مواعيد الرحلة بــ 4 ساعات أو أكثر، ذهبت مبكراً عن طريق عربة "الركشة" حتى لا أضع نفسي في مواقف حرجة وضيقة، ذُهلت عندما رأيت ذلك المبنى ولم أميزه جيداً هل هو مبنى أم عنبر للسجناء!!!؟ وما يغيظك أكثر هو السلحفائية التامة في الإجراءات وفي تقديم الخدمات للمسافرين، كأنهم مسخرون لذلك العمل، بمعنى أنهم لا يأخذون رواتبهم عليه!!! وفوق كل هذا وذاك تدفع أموالاً كثيرة وطائلة، ولكني صبرت على كل ذلك فهمي الأول والأخير هو مغادرة ذلك الميناء البائس والفقير والمتهالك جداً والوصول لتلك العبارة التي تنتظرنا في مرسى الميناء الشرقي لبحيرة النوبة، بعد إكتمال إجراءات السفر أمر المسئولين أن نذهب لركوب حافلة ما وهي قديمة وبائدة وأعتقد أن عمرها أكثر من 30 عاماً وهي وسيلة المواصلات الرسمية والتي تقوم بإيصال المسافرين من مبنى الإجراءات حتى المرسى المحدد للعبارة "الباخرة"، ركبنا تلك العربة المتهالكة على مضض ووصلنا المرسى وبعد ذلك تم إدخالنا إلى داخل العبارة وإسمها "ساق النعام" وعمرها أكثر من 50 عاماً وكنت هنالك منذ الساعة الثانية عشر ظهراً، قال لي أحد المسافرين معي وهو رجل مسن بأن هذه العبارة عمرها أكبر من عمر السدّ العالي، على كل حال لم يحتاج ذلك الأمر إلى شرح مطول من ذلك الرجل الهرم، كما أن هنالك عبارة أخرى تسمى بـ "سيناء" وهي التؤام الأخرى لهذه العبارة، وتلاحظ وجود بعض المراكب متوسطة الحجم بالقرب من مرسى وادي حلفا وهي كلها تجارية وتستخدم في نقل البضائع ما بين مصر والسودان وتسمى عند أهل البحر ومن يقربهم بــ "السنابك" جمع "سنبك"، كالعادة إنتظرنا داخل العبارة كثيراً فهي لا تتحرك إلا عند الساعة الخامسة مساءاً وتسير ببطء شديد عبر بحيرة النوبة الإصطناعية، ولكنها تحركت في الموعد تماماً كم قالوا لنا، ولأول مرة أشعر بقيمة الوقت.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سرد جميل ..ممتع وشيق للأخ ADNAAN لزيارته مصر لأول مرة ....... (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
أما عن مصر .. فنظرة أهلنا لمصر .. مختلفة تماماً عن الباقين .. مصر في ثقافة اهلنا تعنى شيء آخر .. ( مصر لو ما تغنيك تستر حالك ) هي جملة كنا نسمعها من الاجداد ونحن صغار كان يطلق عليها ( مسور قلا ) وهي لغة عربية مخففة بالنوبية والمقصود منها ( مصر القلعة )و حتى هذا العمر الطويل لم ازر مصر ولكني سوف اقضي بها باقي عمري ان كان في العمر بقية لأن السودان اصبح لا يطاق ، رغم ان والدي وجدي كانوا بها رحمهم الله .. وما زال الصندوق ( السحارة ) لجدي جاثم من بيت القديم .. وسبب اسفار أهلنا كانت لاسباب أن ارض الزراعة ضيقة وهي ساقية بأفدنة محددة على النيل وعندما تضيق الارض كان من له المقدرة والقدرة على السفر يتركون الساقية لأخاهم الاضعف لكي يزرع ويأخد النصيب الأكبر .. وهذا كان نوع من الايثار والتنازل .. وكان ذلك الاخ يرعى الاسرة ويحافظ عليها لحين عودة اخاه .. ويستفيد من ريع الساقية لنفسه ما عدا الارضية وهي رمزية بسيطة توزع للاخوان .. هذه واحدة من الاسباب التي دعت أهلنا الى الاغتراب المبكر .. على عكس مناطق الزراعة المطرية والتي تكون فيها مساحات واسعة تكفي الجميع .. او المناطق الاخرى التي بها مشاريع على النيل .. وحب مصر ليس له علاقة بالسياسة وبمن يحكم مصر .. ولكن آباء كانوا يذكرون عهد الملكية بكل إعجاب ومعزة .. فكنت اسمع من بعض الاباء رحمهم الله وصف خيالي عن مصر في ذلك الزمان .. ونذكر هنا ان حكم عبدالناصر اصابهم بنوع من الاحباط .. وفي تقديرهم فإن مصر اكبر من عبدالناصر هذا عن الاباء بعيداً عن الساسية والنظريات .. والاخ او الابن عدنان كاتب السطور ذهب الى مصر وفي مخيلته هذه الصورة الجميلة والزاهية عن مصر .. لك التحية رضا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|