فُلُبُس مُرقص محروس…علمٌ من أقباط عطبرة نشرت هذا المقال يوم 2-يوليو-2007 في منبر سودانيز اونلاين،،واعيد نشره الان بمناسبة اختيار السيدة رجاء نيقولا عبد المسيح في المجلس السيادي. لقد شكل هذا الاختيار لفتة بارعة وذكية لان طائفة الاقباط تمثل جزءا فاعلا وايجابيا من المجتمع السوداني. كما ان اختيارها يمثل رسالة عميقة في التسامح الديني المميز للمجتمع السوداني السمح المُسالم. ****** إضافة إيجابيه للقومية السودانية تلكم التي أفرزها وجود الأقباط منذ زمن غير قصير...وقد تميز القوم بالصدق الشديد والتعامل الراقي والاحترافية العالية ..وهى بعض من صفات يتلمسها كل من يتعامل معهم . مثَّل الأقباط وعبر تاريخهم –الليس بالقصير- إضافة نوعيه- إيجابيه- للقوميات السودانية. وقد احتلوا ،بما يملكونه من سلوك احترافي راقي، مراكزاً اقتصادية ووظيفيه مرموقة في الهرم الاجتماعي. وقد فطن المجتمع السوداني لميزات الأقباط الكثيرة...فلهَج شعراءه بكلمات الثناء لهم...وخفقت قلوبهم للقبطيات بما يملكنه من جمال أخّاذ وتهذيب جَم...فها هو قمة الحقيبة السامقة سيد عبد العزيز ينثر الدرر في قصيدته الخالدة "في بنانك ازدهت الزهور":
في الروضة غنى العندليب وردد غناه الطيور فتيانها يوم عيد الصليب زادن جمال ونضار وطيب يا مداعب الغصن الرطيب *** تعجبني والشيء العجيب هادى وأليف ماك النفور بي عِفّتك صُنت السِفُور بالأصل والفرع النجيب زادن جمال ونضار وطيب
ومن الملاحظ ان شاعرنا الفذ سيد عبدالعزيز قد احترم ملبس موصوفته القبطية بل واعتبر ذلك غير منافياً للعفة في تعبير جمالي بليغ. وللعطبراوي ،حسن خليفة، أغنيه رائعة نُظمت في إحدى القبطيات:
يا سلوة المحزون يا قيثارة القلب الجريح يا درة فاقت على الأتراب بالقد المليح يا زهرة انفاسها كالعطر عبقّت الضريح أهوى جمالك والشعور يزينه القول الصريح قد هزني منك الجمالُ فجئت بالشعر الفصيح فترفقي يا هذه فالناسُ من جسدٍ وروح
تزخر مدينة عطبرة بتعداد كبير من قومية الأقباط...يعيشون بطمأنينة وسلام مع القوميات الأخرى...ويساهمون بجدية ونشاط في إعطاء المدينة طابعها الحياتي المميز. الذين عاشوا في المدينة العمالية لابد أنهم قد تمتعوا بخدمات التطبيب الممتازة التي كان يقدمها العَلَم العطبراوي د.فُلُبُس مرقص محروس...طبيب الأطفال والشباب والشيوخ. تطل عيادة د.فُلُبُس على ميدان المولد من الجانب الجنوبي وهى عياده كبيره تزخر بسجلات المرضى-ربما-ومنذ الخمسينات من القرن الماضي ودائما ما يأتي أهلنا من بربر للتطبيب عند د.فُلُبُس محروس...وعندما كنت صغيراً كنت دائماً أسمع عبارة: إنتو بس تمشوا لي دكتور فُلُبُس ولم تكن الأمراض شائعة في ذلك الحين بالصورة المخيفة التي تحدث الآن...وذلك بفضل البيئة السليمة التي خلّفها الاستعمار...وبفضل الاحترافية العالية والسلوك الإنساني القويم للأطباء في ذلك الزمان..(!)...فبادلهم المجتمع وفاءً بوفاء...ووداً بود.
ومن الطرائف التي يتناقلها اهلنا عن د. فُلُبُس أن قريباً لنا ويدعى الشيخ الدود -وكان يعمل بالسكة حديد- قد ذهب لعيادته شاكياً ألماً في بطنه...فقال له دكتور فُلُبُس مرضك ده بسبب أكل الشطة...تاني ما تأكل شطه فرد قريبنا الذى يتمتع بروح الفكاهة: أعذرني يا دكتور. أنا باكلها ...وبجيك...! ونحن بصدد الحديث عن أقباط عطبرة...لا يفوتنا أن نذكر الأعلام الأخرى...فهناك مكرم تكلا، وهو شخص متعدد الأغراض كان يعمل في توصيل الكهرباء للمنازل...وغطى حتى المدن القريبة من عطبرة؛ وما زالت توصيلاته موجوده بمنزل جدنا ببربر حتى اليوم...ثم عمل مكرم تكلا بعد ذلك كمتعهد لأنابيب الغاز ولا ننسى-أيضاً-حبيب بسطا وأولاده وكان يملك متجراً فاخراً لبيع الأدوات المختلفة وهناك محلات الطير الأبيض-لا أذكر اسم صاحبها- وهى بقاله لبيع المأكولات المختلفة...ولا أنسى حتى اليوم مذاق الجبنة جيدة الحفظ والتخزين التي كنت أشتريها من تلك المحلات...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة