سهلٌ علي ،وبإستخدام منطق رياضي بسيط، أن أثبت أن الذي يتهم الآخرين بالعلمانية هو أيضاً علماني،،فأنظروا معي الي الإفادتين التاليتين: فحسب تعريفهم للعلمانية ،أقر أعدائها انها كل شئ أو تشريع لا يستند الي مرجعية دينية(الكتاب أو السنة النبوية)ــ ــــــــــــــــــــــ(1) التهمة بالعلمانية ليست مذكورة في الدين(لا في الكتاب ولا في السنة النبوية). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(2) من (1) و(2) يتضح أن كل من يتهم الآخرين بالعلمانية هو الآخر علماني،،إذ انه يستند الي تهمة لم يتم ذكرها في القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الشريفة! الذين يقولون ان الدين قد شمل كل شئ وأن تشريعاته وتعريفاته هي شاملة، صالحة لكل زمان ومكان ،،فمن أين أتيتم،إذاً، بتهمة العلمانية يا هؤلاء؟؟؟! والأدهي أن كلمة علمانية هي غير موجودة ،من الأصل، في معجم اللغة العربية القديم، ذلك الذي عرف في زمن الرسول الكريم و من بعده الصحابة ،التابعين، وتابعي التابعين..! لم يقف الأمر عند هذا الحد ،فقد إستند متهمي الآخرين بالعلمانية في تعريف المعني ، إستندوا الي الكلمة الأعجمية (سيكيولارزم ) (Secularism) و........... لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (النحل الآيه 103)،، فأنتم،إذاً، لا تركبون مع العلمانيين في سرج واحدٍ فحسب،،وإنما أمركم لا يخلوا،أيضاً، من إلحاد،،! وإذ أقول إلحاد،،فإنني لم أخرج من إطار الدين، مثلما خرجتم أنتم...! فما قولكم يا هؤلاء...؟؟! وإذ أترك أولئك معلقين ما بين السماء والأرض،،أعود الي تأملاتي في العلمانية،،ذلك المنتج البشري الساحر الذي إستوعب أنصاره وأعدائه في نفس الوقت ..! فإنني قد توقفت في الآية الكريمة : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) (الأحزاب 72) فلم يتفق السلف في تعريف واحد لتلك الآية،،وإذا أخذنا في الإعتبار أن السماوات والجبال كلها تعبد الله، فإن الأمانة المقصودة هي شئ مختلف رفضت حمله كل المخلوقات عدا الإنسان ،،إنها الأشياء التي لم ينزل فيها تشريع مباشر،،تركت للإنسان يمارس فيها الظلم والجهل..الخطأ والصواب،، ومن الملاحظ أن التجربة البشرية في حالة تطور مستمر،،تقع في الأخطاء،،تمر بمنعطفات الفشل، والتاريخ ملئ بالظلم والجور،،وما فتئنا نحن ننهل من ذلك المعين الآسن في حين إنفكت الكثير من الأمم في رحاب العدل،الحرية، والإنتاج،، الذين يبحثون عن حلول سماوية لمسائل التكليف البشري ،حالهم مثل حال قوم موسي حينما قالوا لنبيهم:( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (المائدة 24) والقوم ،عندنا، لم يقعدوا بأنفسهم فحسب، وإنما أقعدوا بمساحة كانت مليون ميل ، جعلوها تشكو الظلم،العوز ،وسوء المنقلب،، والأدهي أن كل المجاعات الطاحنة التي مرت بالبلاد(منذ مجاعة سنة ستة)،،حدثت في عهود هرب حكامها الي السماء متملصين من إمور التكليف البشري طالبين من الله ورسوله القتال بدلاً عنهم؛؛؛والقتال الذي نقصده ،هنا، هو القتال لكبح النفوس الظالمة من أجل بسط العدل وإعمال العقل في إنفاذ الحكم الراشد ،إعطاء كل ذي حق حقه،،ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وإذا كانت حدود الله الثابته لا تزيد عن سبع، فأين نضع قوانين حركة المرور، قوانين الطيران ، قوانين العمل،،وفي أي صنف يكون تعاطي المخدرات ؟؟! لا مفر،عندي، سوي إعادة التأمل في آية الأمانة وإمور التكليف البشري،،فنعلم ونرتاح أن العمل بنية تلك الآية فيه مخرج للجميع،، فنبحث ونمحص في تجارب البشرية نأخذ السوي منها، نعمل العقل بحرية بعيدا عن لغة التهديد والوعيد ؛تلك اللغة التي آذت آذاننا ما يزيد عن الربع قرن من الزمان الكئيب،، التأمل مفتوح للجانبين: العلمانيين الواعين بعلمانيتهم وكذلك الآتين اليها،بالمشاهرة، عبر شباك الدين..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة