الندوه –التدشينيه- الأخيره للأستاذ نقد بجامعة الخرطوم كانت بمثابة الماء الذى سكب على أجحار الكثير من الديناصورات الذين توافدوا من كلِ فجٍ عميق...
فكنتُ(شخصى الضعيف) وعبدالمنعم آدم-الملقب بأبى الجِلَب- ومعاذ خيال ومأمون ود تربيه ضمن ديناصورات كثيره تشرفت بحضور اللقاء الجماهيرى كثيف الحضور...
وقد إجتررنا الكثير من الذكريات ونحن نتمايل على أنغام الأناشيد الثوريه...ومقاطع الشِعِر التى (تُكَلِّب) لها شُعَيْرات الجِلِد:
مليون سلام يا شعبنا
ترَرَم...ترَمْ
مليون حباب يا شعبنا
ترَرَم...ترَمْ
والإغتراب حال اليخونك ويزدريك يا شعبنا
ترَرَم...ترَمْ
ومقاطع:
حارنك نحنا ودايرنك
والما من شعبنا ما منك
وإن كنت قد علقت على هذا المقطع الأخير هامساً فى أذن عبدالمنعم:"لابد من تجنب مثل هذه اللغه الإقصائيه"
ولم يكن وجودنا فى تلك الندوه من أجل مشاهدة صديقنا "محى الدين الجلاد" فحسب...فيبدو أن فى دواخلنا حنيناً-ما زال- لأيامٍ خالدات-مضت- لن ننسى فى-يومٍ من الأيام-ذكراها...
محى الدين الجلاد هو إنسان سودانى أصيل...يتمتع بكرم الشخصيه السودانيه ونُبلها ..وإن لم يخلو من (لَحْلَحَة) أهلنا الشوايقه الزائده...!
واحترامنا للأستاذ نقد هو خاص...فالرجل ضمن سياسيين قلائل لم يستطع أحد-مهما بلغ من قلة أدب- أن يطعن فيه...أو فى سلوكه...أو فى أخلاقه...
نقد هو-بدوره- شخص سودانى أصيل...يلبس الجلابيه والعمامه...يواسى فى الأتراح... ويبشر فى الأفراح...ويُبسملُ-عند الملمّات-ببسم الله الرحمن الرحيم...
ونعتبره مع قادة الأحزاب الوطنيه الأخرى- مثل السيد الصادق المهدى والسيد محمد عثمان الميرغنى والاستاذ على محمود حسنين- نعتبره بمثابة أب لهذه البلاد مديدة الأطراف...
نعودُ لتفاصيل الندوه ومحتويات حديث الأستاذ نقد ونقول أن إدانته لزيارة "عبدالواحد" للكيان الإسرائيلى قد نزلت علينا برداً وسلاماً...
فكل من يحمل قضيه عادله لا ينبغى له أن يبدل ظالماً بظالم...وجباراً بجبّار...وطاغياً بطاغيه...مهما بلغت به درجة الإحباط...
التفاوض مع الكيان الإسرائيلى ينبغى أن يظل ورقة ضغط رابحه من أجل أن ينعم الشعب الفلسطينى بالحياه الكريمه الآمنه...وكافة حقوقه السياسيه دونما نقصان...
وجود الكيان الإسرائيلى القائم على أساس دينى هو وقود النار الأساسى الذى أشعل بذور التطرف الدينى فى بلدان الشرق الأوسط...وهذه رسالةٌ-منا- لكل (مُتعلمنٌ) فطير لم يفطم من فراش طفولته- السياسيه- بعد...!
كما طالب الأستاذ نقد بضرورة إرجاع المتسللين السودانيين للكيان الإسرائيلى إلى البلاد... وقد نبه لتعرضهم للإستعلاء العرقى...وإستغلالهم فى المهن الهامشيه...!
دعا الأستاذ نقد الى ضرورة رجوع لاجئى دارفور الى قراهم...وضرورة إرجاع الحواكير الزراعيه الى اصحابها الأصليين...كما نادى بضرورة نزع سلاح الجنجويد...
وقد أزيدُ-والحديث لى- الى طلبه الأخير ضرورة نزع السلاح من كل المليشيات حتى لا تتكرر المذابح ذات الضغائن القبليه...
تحدث الأستاذ نقد بشئ من الراديكاليه عن الوجود الأجنبى بالبلاد وعن المفارقه بتعداد القوات الدوليه ب 26 الف فى مقابل 3 آلاف جندى هم تعداد جيش المستعمر الأنجليزى الممتد لحوالى ال60 عاماً...!
تخوف الأستاذ نقد من أن يطيب المقام للوجود الأجنبى بالبلاد...ومن أن يخلق إمتدادات سودانيه تكون لها مصلحه فى بقائه الدائم...
كما تحدث عن خطه إستراتيجيه للولايات المتحده-وسبعه وصَفَهم بالكبار- لتصدير بترول أفريقيا عبر أنابيب يكون السودان مركزاً لها. وقد تنبأ بأن تطالب شركة شيفرون بنصيبها من بترول السودان فى المستقبل-القريب-المنظور.
ومن المفارقات أن الأستاذ نقد قد عدّد روسيا البيضاء ضمن السبعه-الإستعماريين-الكبار..!
الندوه ظللتها روح الحداثه والعصر..فكنا نسمع رنات الموبايل هنا وهناك..وإنتشرت زجاجات البارد والمياه الصحيه...لكن كل ذلك لم يغير من راديكالية الأستاذ كثيراً...َ!
لاحظنا-أيضاً-ورغم الحشد الجماهيرى الكثيف الذى زاد كثيرا عن الكراسى المرصوده...لاحظنا قلة وجود العنصر النسائى...فكانت الندوه "عزّابية" الطابع..وفى هذا سؤال يحتاج للإجابه..
وجود الإخوه الجنوبيين وأهلنا من الغرب كان ظاهراً وكثيفا..وفى هذا محمده-نظنها-كبيره
روح الدعابه والظرف والكاريزما التى يتميز بها الأستاذ نقد كانت حاضره بوضوح وتعليقاته الساخره كانت مثار إستحسان الجماهير...
إمرأه (فارزه عيشتها) كانت ضمن الحضور...تحمل فى يدها ميكرفون وقفت فجأه أثناء حديث الأستاذ صائحه عبر ميكروفونها: دايرين إغاثه.....دايرين إغاثه...فما كان من الأستاذ نقد –وبلغه سودانيه خالصه- إلا وأن علق:بسم الله الرحمن الرحيم...!