|
ترى أ حقا زرت تلك السيدة ووصلت كلماتي المتعثرة إليها؟؟
|
" الذين يتابعون بوست الأبيض الثانوبة .. يالها من مدرسة ، لا شك أنهم طالعوا هذا المقال فمعذرة للإعادة " .... مع مستر كيبويل أستاذ الإنجليزية القادم إلى مدرستنا الأبيض الثانوية من نيو كاسل قرأنا رواية (أبك يا بلدي الحبيب) للكاتب الجنوب إفريقي الأبيض ألان باتون وكيبويل كان يحثنا على التحدث معه باللغة الإنجليزية وكان يأتينا أحيانا ببعض المجلات الإنجليزية يشجعنا على قراءتها ومن ضمن تلك المجلات كانت مجلة لايف الأمريكية (الحياة في أمريكا) المجلة كانت كثيرة الصور والألوان والمواضيع، بعضنا كان يحاول القراءة والكثيرون منا يكتفون فقط بالتفرج على الصور الجميلة الملونة، وكنت من ضمنهم أقلب المجلة ذات الصفحات العريضة وأتمعن في صورها وفي الحياة في أمريكا وربما تمنيت ذلك اليوم أن أزور تلك البلاد يوما ما.. لكن صورة بالأبيض والأسود كانت تملأ صفحة المجلة من أعلاها إلى أدناها وتمتد حتى تحتل بعضا من الصفحة المقابلة أخذت جل إهتمامي، الصورة لإمرأة سوداء ترتدي من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها سوادا ويغطي وجهها وشاح شفاف أسود أيضا لكنه يبدي وجها به مسحة من الجمال لم تقدر الأحزان الكبيرة التي كانت تعتصرها على إخفائه، وفي أسفل الصورة طفلة صغيرة متعلقة بأرجل أمها وملامح الطفلة تؤكد أنها في صغر لم تكن تعي معه ما كانت تكابده الأم. حينما اكتملت جولة المجلة بيننا في الفصل تناولها منا مستر كيبويل وأخذ يقرأ لنا العناوين الكبيرة الهامة ويتحدث لنا عنها ، حدثان مهمان نشرتهما المجلة في ذلك الزمان أولها الغزو السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا وكان منظرا الدبابات السوفيتية وهي تقتحم أسوار براغ وتتجول في طرقاتها مشهدا مهيبا.. الحدث الثاني الهام كان إغتيال أمريكا لداعية حقوق الإنسان الأسود مارتن لوثر كنج، تعرفنا في تلك الحصة على مارتن لوثر وشدتنا إليه مواقفه، وتملكتنا مشاعر الحزن والغضب وأحببنا الرجل. هكذا مع مستر كيبويل الأبيض القادم من نيوكاسل كنا نقرأ عن عنف الرجل الأبيض ضد الإنسان الإفريقي في موطنه في جنوب افريقيا وها نحن معه أيضا نشاهد نموذجا حيا للؤم بعض البيض في أمريكا، مارتن لوثر يناضل داعيا إلى نيل الحقوق سلميا والرصاص الأبيض يقول له لا سبيل للحقوق فأنت في أرض لا تعرف حقوقا لغير البيض. أما المرأة التي توقفت عندها مليا فقد كانت أرملة مارتن لوثر كنج السيدة كوريتا كنج ، والطفلة الصغيرة هي إحدى بناته هنا كانت تجربتي الأولى في التحدث بالإنجليزية، فأول شخص أتحدث إليه بلغة إنجليزية سليمة واضحة كانت السيدة كوريتا كنج أرملة مارتن لوثر ، نعم تجاوزت كل من حولي وبدأت حديثي للإنجليزية مع إحدى عظيمات العالم. فعندما آويت إلى فراشي تلك الليلة رأيت نفسي أزور السيدة كنج وأقابلها وجها لوجه وهي في نفس زيها الأسود ذاك ويغطي وجهها نفس الوشاح وصغيرتها تلك تتشبث بقدميها، وقفت أمامها وتفوهت ببضع كلمات أواسيها بها في فقد زوجها، وأحسست بإيماءة من وجهها تعبر عن تقدير....
|
|
|
|
|
|
|
|
|