أنا لا أكذب المعجزات والخوارق وقناعتي أن هناك كوىً وزوايا في الكون وفي الموجودات لم تفتح بعد، ومع ذلك أتحسس العالم بعقل نقدي متشكك ونظرة علمية قدر الإمكان، وأعمل على تغيير الواقع إنطلاقاً من الشروط المادية التي بها يتحقق هذا الواقع ويعيد إنتاج نفسه مراراً علي الصعيد المادي وعلى صعيد الذهنية (الأيدولوجيا) والوعي. إذا حدثت معجزة ما، فإنني أنظر لها (بذاتها) حسب شروط المعجزة.مثل أن نحاكم معجزة طيران شخص ما حسب قوانين الديناميكا،أو محاكمة نص خارق تبعاً لقوانين النقد الأدبي، ومن بعد ربما أفغر فاهي مع المندهشين. ولكن ما يهمني حقاً في المعجزة هو تأثيرها الموضوعي على الواقع وعلى الذهنية والوعي. تأثيرها هذا هو ما سيجعلني أقف معها أو ضدها (ولن أكذبها إذا كانت حقاً معجزة). إذا أخذنا كمثال الإمام محمد أحمد المهدي، فقياس مهديته (بذاتها) يتم بناءاً على الرؤية الدينية والتي إنطلق منها ليقول بمهديته، وقد تفاوتت الرؤي الدينية في الحكم عليه ربما الى الحد الذي لايؤمن بمهديته إلا أنصاره. لهذه المهدية، صحت أم لم تصح، تأثيرات على الواقع والذهنية السائدة، نتج عن هذا التأثير خطاب وطني إستهدف الإستعمار التركي ونجح في قيادة الذهنية والوعي المضادين في المجتمع السوداني ، وحشد مختلف جماعات الشعوب السودانية ولأسباب متباينة ضد الإستعمار التركي حتي نجح في إقامة أول دولة سودانية وطنية. الحشود التي إلتفت حول الإمام المهدي لم تكن كلها تؤمن بمهديته، ولكنه كان يمثل البطل الوطني الذي سيحرر البلاد من الإستعمار، أي أن الأفكار التي يحملها رغم إنها تنطلق من الذهنية الصوفية وتختلط ببدايات الذهنية السلفية إلا أن محتواها التحرري الوطني كان يقف مع السوداني المقهور من قبل التركي. المحصلة الكلية للوعي الذي أنتجته الثورة المهدية كانت في الإتجاه التاريخي الصاعد للإنسان السوداني.
بالعودة لمحسن خالد، قد يحاكم العديدون أفكاره بذاتهاوفي أنساقها الأدبية ويجدونها مبدعة وغريبة ويكتبها بإسلوب جاذب وخلاق، كل هذا وإن أقررت به لا يهمني إلا في حدود (فغر فاهي). ما يهمني حقاً هو تأثير كتابات محسن خالد على الواقع وعلى الذهنية السائدة وعلى الأفكار، وفي كل ما يهمني لم يبدع ولم يجدد، لم يزل محسن خالد يغرف من نفس البئر القديم الذي عطن مائه، التكفير.
مقارنة محسن خالد في (محتوى) كتاباته مع الأستاذ محمود محمد طه في رأيي مقارنة ظالمة وقد جانبها الصواب، فبينما خطاب الأستاذ موجه للإنسانية ويعلي من قيمة المحبة، فخطاب محسن خالد موجه للعقل السلفي عند المسلمين ويرفع راية الكراهية.
(عدل بواسطة aydaroos on 05-23-2013, 09:15 AM) (عدل بواسطة aydaroos on 05-23-2013, 12:18 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة