|
|
 للوطنيين بالخدمة المدنية والجيش والامن : انحازوا للشعب لاسقاط النظام !
|
حول الخروج من المأزق السياسى القائم (1)
مقاربة بين الكفاحين السلمى والمسلح فى التغيير – الحالة السودانية
بكري العجمي
كثر مؤخرا الحديث عن المفاضلة بين الكفاح السلمى والعمل المسلح فى التغيير وهو جدل ليس بالحديث ولكنه إزداد مع دخول القوات الثورية لمناطق أم روابة والله كريم ومكوثها حتى كتابة هذه السطور فى أبى كرشولة. وعلو صوت السلاح على العمل السلمى .وخفوت صوت الاحزاب السياسية ، والاحباط الذى أصاب الحركات الشبابية جراء الهجمة الشرسة التى تعرضوا لها عقب هبة يوليو 2012. والشاهد أن كل الذين كتبوا عن المفاضلة أو المقاربة بين الكفاحين (السلمى ، المسلح) كتبوا بذهنية المكتسبات وايلولة السلطة والهواجس الأمنية وتخوفوا من تمزق الدولة ، ولم يخجلوا من المرور اليها –المكتسبات وايلولة السلطة- عبر منزلق العنصرية والجهوية وكأن الذين كتبوا لم يشعروا بأنهم بفرخون بدون وعى لنسخ جديدة من الطيب مصطفى ولكنها نسخ بثوب أنيق وعبارات مهذبة.
نحاول فى هذه المساحة أن نفرد رؤية أكثر عمقا للمفاضلة بين العمل المسلح والكفاح السلمى ولكى نكون أكثر تحديدا سنطلق على الكفاح السلمى عبارة اللاعنف . واللاعنف يمكن ببساطة أن نعرفه بأنه ( العمل السياسى أو المطلبى الضاغط لأخذ الحقوق فى مراحله الاولى ومن ثم تصعيده رويدا رويدا الى أن يصل لمرحلة اسقاط النظام الحاكم ولا ينتهى دوره عند هذه المرحلة بل يتخطاها الى مرحلة أخرى هى مرحلة تغيير النظام بنظام ديمقراطى ومن ثم المحافظه على مكتسباته وحراسته ضد التسلق والسرقة والمحاصصات السياسية والانقلابات).
اللاعنف ضرورة.
من خصائص اللاعنف التى يجمع عليها المحللون السياسيون أن تكلفة اللاعنف هى كلفة بسيطة مقارنين بينها والكفاح المسلح ، فللاعنف حوالى مئين وسيلة يطلق عليها أسلحة اللاعنف ، يستخدم كل سلاح منها فى الموقف المناسب لها ، وتتطور هذه الاسلحة بتطور الموقف اللاعنيف ، والموقف اللاعنيف هو النقطة التى يضع فيها الناشطون السياسون السلطة الحاكمة فى ما يعرف ب(المعضلة السياسية ، أو الدايلمه) والدايلما هى تطوير الموقف اللاعنيف من نقطة الى نقطة أخرى. بإيقاع أسرع من ايقاع الحلول والتنازلات التى تقدمها الحكومة. فبهذه الطريقة يمكن للناشطين أوالمعارضة أن يسيطروا على العمل المعارض ككل فكلما أحرزوا انتصارا فى نقطة معينة كلما طالبوا بمطالب أخرى لها علاقة بالمكتسبات التى تحصلوا عليها ، وقد رأينا ذلك فى حادثة (بوعزيزى) إذ تصاعدت المطالب من معاقبة الشرطية التى كانت السبب فى اضرام النار فى جسد محمد بوعزيزى سريعا جدا للمطالبة بإقالة الوزير ثم إسقاط النظام بإيقاع سريع لايمكن لأى نظام مجاراته. الى أن سمعنا (إرحل) .وليس بعيدا عن ذاكرتنا التصاعد السريع الذى كانت تسير به مطالب الثوار المصريين وعدم اقتناعهم بما قدمه نظام مبارك بإعلانه أن مبارك لن يترشح لا هو ولا أحد ابنائه للرئاسة ، ثم تعيينه نائب له بعد حوالى ثلاثة عقود ظل فيها منصب النائب شاغرا. لكن ذلك لم يشفع له لأن المطالب تصاعدت الى اسقاط النظام وبعدها سمعنا كلمة (أرحل).
وبالتأكيد الامر ليس بهذه السهولة فهو يحتاج لوعى بأسلحة اللاعنف ، وبكيفية ما عرفه د.حيدر ابراهيم (بتنظيم الاحساس بالظلم) وبعد ذلك تكوين القيادات المقنعة للشارع ، واستقطاب الصامتين بالفعل اللاعنفى ، استقطابا مبنى على الفعل والمشاهدة وادارة الحراك فى الشارع ، ولفترات قد تمتد طويلا.
مقارنة بين اللاعنف والعمل المسلح:
المشاركة: الحراك السلمى الكل فيه مشارك ، بالطبع هناك المبادرين الشجعان فى مراحله الاولى ولكن سرعان ما تنخرط فيه كافة قطاعات الشعب وبجميع فئاتها وبإختلاف أعمارها رجالا ونساء ، شابات وشباب. وحينما تنجح ثورتهم يكون الجميع قد شارك فيها فعلا وبالتالى لا يكون هناك اشخاص اصحاب فضل على الآخرين في التغيير.
العمل المسلح يقوم به فئة قليلة مقارنة بالذين يخرجون فى الثورة السلمية. وبالتالى حينما يحدث التغيير يشعر هؤلاء أنهم أصحاب فضل على الاخرين الذين لم يقاتلوا ولم يفقدوا زملائهم فى الميدان. وهذا ما يبرر أن هناك أنظمة أتت عن طريق الكفاح المسلح ومن ثم أصبحت أنظمة دكتاتورية. أو أنها أعطت شعوبها حريات وديمقراطية مشروطه ، أو ارتبطت تاريخيا بكاريزما القائد المهلم الذى لا يتنازل عن السلطة الا اذا رغب هو فى ذلك. ففى التغيير اللاعنيف تختفى الكاريزما ويتم تداول السلطة عن طريق الصندوق ويحترم الاغلبية حقوق الاقليات بلا من ولا أذى. وهذا هو ما يجعلنا ننادى بالتغيير السلمى.
أضف الى كل ما ذكرنا أن التغيير السلمى تذوب فيه النعرات العرقية ففى الشارع الكل يهتف هتاف واحد ، والكل يشعر بأن الذين هم بجواره هم أقرب الناس اليه بغض النظر عن لونهم و خلفيته الاثنية و نوعهم (رجل , أمراءة). والذى يحمى السلطة هو شخص بعيد عنهم وجدانيا حتى ولو كان أشقاؤهم. وبهذا ما ان نخرج بثورة سلمية حتى تذوب كل النعرات العرقية التى افتعلتها الانقاذ للهروب عبرا من مساءلة التاريخ.
الجبهة الثورية والموقف من الكفاح السلمى:
فيما يبدو أن الجبهة الثورية واعية بكل ما ذكرناه آنفا وخير دليل على ذلك التصريح الذى جاء على لسان الناطق بلسان نائب رئيسها د.جبريل ابراهيم بأن الخرطوم اذا ما تحركت فى حراك سلمى جاد لتغيير النظام فإن الجبهة الثورية غير راقبة فى اطلاق النار داخل الخرطوم (راديو دبنقا) وقبله كان السيد مالك عقار فى يوليو العام الماضى قد صرح بأن الحراك الثورى السلمى اذا نحج فى تغيير النظام فإنهم مستعدون لوضع السلاح أرضا. كان ذلك بعد هبة يوليو 2012 .
هذا يدل على أن الكل راغب فى تغيير حقيقى لا بد أن يخرج الدولة بكامل تاريخها من النفق المظلم الذى أدخلتنا فيه (الانقاذ).
وعليه فإن اللحظة التاريخية تحتم على قوى المعارضة السلمية بكافة قطاعاتها الشبابية والطلابية والأحزاب وكل المستنيرين ، تحتم عليهم المبادرة بالفعل والتحرك للخروج من هذا المأزق متناسين الاطماع السياسية بالخروج الشجاع للشارع. وعلى الوطنيين فى الخدمة المدنية والجيش وحتى جهاز الامن الانحياز للشعب بكل تجرد وشجاعة. وعلى الكل أن يبادر بإستخدام آليات اللاعنف و(العمل) السلمى الفعلى الذى هو أفضل طريق للخروج بالوطن الى بر الامان.
|
|
  
|
|
|
|
فتحي البحيري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست