|
أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق
|
(1)
اليوم ومنذ أن إستيقظت باكراً تعتريني حالة من الحزن والرهق المقيت تطوقني وتبعثرني في مساحة من الألم لا أجد لها سبب ولكن على مايبدو أنها تراكم إنكسارات قديمة نفضت عن نفسها الغُبار و إستيقظت معي باكراً في هذا الصباح
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(3)
أخر مرة إلتقينا فيها قبل ساعات من إقلاع الطائرة التي سوف تحلق به صوب البلاد التي كانوا يصطادون لها أهلنا من أدغال أفريقيا لكي يعمروها .. قال لي يومها: هذه البلاد التي أنجبتنا تُدخل الريح من بابها ويخرج أهلها من النوافذ ويحلقون إلى بلاد الحرية.. قبل أيام نشرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وبائعات الشاي في شارع النيل، أن صديقي الذي غادرني قبل سنوات وجدوه معلقاً على تمثال الحرية على حبل يلتف طرفه بشعلة الثمثال والطرف الآخر حول عنقه..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(7)
ياصديقي، بالأمس تعاطينا الوجع معاً أنت وأنا وصديقنا الآخر الذي سوف يحمل حقيبته وينضم إلى قوافل تحدو عكس إتجاه الوطن، حيث الغربة والغيمات التي تمطر دون أن يستنشق عبق أرض الوطن.. ياصديقي هذه البلاد رحيمة حتى عندما تقسو علينا فإنها تصبح مثل أُم في أزمنة الحروب والجوع عندما تعجز عن سد رمق طفلها فإنها تضعه في حقيبة وتضعه على عتبة باب شخص ميسور الحال أو جوار دار إيواء يوفر له دفء وحليب وحنين في صدر أم بديله، وتظل هذه الأم تراقب طفلها يكبر من على البعد، الموجع في الأمر ياصديقي أن هذه الأم تكون قد فقدت طفلها إلى الأبد.. نعم هذه البلاد مثل هذه الأم ولكنها لا تضعنا داخل حقيبة بل تمنحنا بكفها حقيبة وبالأخرى تودعنا وقد تفقدنا إلى الأبد.
ياصديقي لقد قرأت ذات يوم كلمات لست أذكر أين قرأتها أو حتى من كتبها، حيث قال كاتبها: "الوطن حيث أنت" على أي حال هذا الكاتب لم يكن صادقاً، فالوطن أسمى من يابسة أرض عالية نقف عليها لننجو من الطوفان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
Quote: على أي حال هذا الكاتب لم يكن صادقاً، فالوطن أسمى من يابسة أرض عالية نقف عليها لننجو من الطوفان |
الأخ طارق شكرا ليك كتير تعجبني مثل هذه الكتابة صادقة... شفيفة.....حنونة....... عميقة..... راقية..........! أتفق معك الوطن اسمي من يابسة
Quote: ياصديقي، بالأمس تعاطينا الوجع معاً أنت وأنا وصديقنا الآخر الذي سوف يحمل حقيبته وينضم إلى قوافل تحدو عكس إتجاه الوطن، حيث الغربة والغيمات التي تمطر دون أن يستنشق عبق أرض الوطن
|
قبل يومين حصلت لي حالة مشابهة هطلت أمطار غزيرة بمدينتي في الغربة ودون ارادتي خرجت مهرولا عليّ أستنشق ريحة دعاش...... وحين لم اجدها خرجت خارج المدينة لعلي اسمع رغاء بعير او شاة تيعر أوتغريد طائر او حتي نابح ###### صديقي المحامي المقيم بالسلطنة سأله أحد أعمامة من البادية قائلا: يا صالح المطر إذا جاكم بسووا شنو ليجيبه صالح : المطر عيل نشوف الظلط سايل إنحنا ساكنين في عمارات مقفلة......! ليرد البدوي قائلا " المطر أني كان ما شميت دعاشو والله ملصت نعالي مشيت حفيان خايض ألمي ولا توبي إتبل مرقتو شريتو بقول أني مطرت كيف......!
الدكتور ودنمر عندما كان بمدينة الضباب لنيل شهادة الدكتوراه ورأي الغيم الراحل من النافذة و كان الجو جميلا ولكنه لم يستمتع به وحين مازحنه ولا طفنه الشقراوات اصبح يردد من الدوبيت
الغيم الربط فينا ودفق وشّالو مسّ حسسنا ما خلا القليب فوق حالو قنيف كورس الصيد الصيادي حبالو ياهو الغرّز النوم من عيوني وسالو
لك المحبة ودمت سمحا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(8)
في ذلك الزمان، حيث لا هواتف ولا بريد إلكتروني ولا حتى إنترنت .. زمان الخطابات الورقية والمظاريف المزركشة الأطراف باللون الأزرق والأحمر.. أكثر ماكان يعجبني عندما أكتب خطاب لأحدهم هي جملة "أما بعد"
أما بعد أن داهمتنا التكنلوجيا بعجالة أمرها وأصبحنا مسعورين بالركض خلف جنونها وتساقطت الأشياء الجميلة كأوراق الشجر، لا يسعني سوى أن أحتفظ بخطاباتي القديمة ورائحة الأوراق الداكنة اللون قليلا .. وأحتفظ أيضا بجملة:-
"أما بعد"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(9)
يوماً جلست ألعب الشطرنج .. نظرت إلى الجنود في المقدمة صامدون يتلقون الموت بصدورهم و خلفهم يختبئ الملك و الوزير و الفرسان على الأحصنة و الفيلة و فوق الطوابي .. عندها قررت عدم اللعب كما هو معتاد بأن أقدم الجنود إلى الأمام.. و لكنني في هذه المرة أخرجت الفرسان الذين يمتطون الأحصنة و الفيلة و أخرجت الملك أيضاً و معه الوزير .. و بكل تأكيد لم تكن المعركة لصالحي فمات الفرسان و الوزير و أخيراً لم يكن هنالك مفر يلجأ إليه الملك .. بعدها تركت رقعة الشطرنج و وقفت أمام النافذة و في عقلي يدور حديث بأن:- الملوك الظالمون و البطانة الفاسدة يجب علينا ألا نحميها لأن ظلمهم يعتمد على هواننا ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(11)
مابين النورس والبحر حكايات وحياة يكتنفها الوُد، كما أن مابين الورد والفراشات فِراشٌ زاهي من الحنين والحبُ فالنورس والبحر والورد والفراشات جميعها موجودة في قلوب الأحباء من البشر, الاحباء الذين نُحلق فرحاً لفرحهم ونفتح لهم القلوب على مصراعيها ليدخلوا في سلامٍ ويقفون مع بعضهم البعض في فرحٍ مبين.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(12)
يا لهذا الوجع و أنا سائر في طرقات الخرطوم أحلم بوطن إنساني فأسمع أحدهم ينادي :- السلام .. السلام .. السلام .. بصوت خافت بالكاد يخرج من فمه .. إلتفت إليه فإذا به رجل طاعن في السن تبدو عليه ملامح الرهق و الإنكسار .. و ملامحة ملامح باهتة لبقايا الذي إرتحلوا جنوباً .. ذهبت نحوه .. و عليكم السلام يابا يا ولدي أنا داير نمشو دار السلام و ما معاي قروش .. داير لي قروش حبة كدة نمشو بيهو في نفسي قلت له أنت لست بحاجة لجنيهات توصلك فقط و لكنك بحاجة أيضاً لكسرة خبز تسد فجوة جوعك نظرنا لبعضنا البعض بحميمية و إنسانية .. كانت هنالك أشياء أعمق من أن تخرجها الألسن .. إنصرف هو و إنصرفتُ أنا و كلي يقين بأننا اليوم سائرون .. و غداً ثائرون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أفتح صدرك للريح وسير .. محض خواطر من دفتر عتيق (Re: طارق رحيم)
|
(14)
هذه البلاد (السودان) أحبها رغم أنها عندما ترفع جُلبابُها ينكَشِفُ حال البسطاء و الفقراء فيها .. و أحبها عندما ترفع جُلبابُها أكثر فتنكشف سوءة الذين ينامون فيها على تُخمةٍ من أمرِهِم .. هذه البلاد أحبها رغم أنها كلها عورة .. و رغم أن جُلبابُها مثقوب من كل الإتجاهات أحبها جداً جداً جداً ..
| |
|
|
|
|
|
|
|