|
أوراق من مفكرة كديس - الجزء الأول
|
تمطت الكديسة سانتوت في كسل شديد في ذلك الصباح الشتوي الباكر، وهي ترمق زوجها الكديس سانتو بعين ملئوها الشفقة والحب، فقد كان جالسا تحت ظل شجرة ليف في حوش ذلك البيت الذي يسكنونه بمعية أسرة سودانية، وكان سانتو مصابا بحالة نفسية صعبة نظرا لعدم توفر ( العضة ) والتي باتت عزيزة في هذه الأيام على بني البشر فضلا عن الكدايس. كان سانتو يجلس طوال يومه في ظل شجرة الليف يجمع ما يستطيع من أغصان الليف الجافة ويقوم بتجويفها ثم يشعل فيها النار ليقوم بتدخينها وهو يردد جملته المعتادة والتي لا يمل تردادها صبح مساء: منعول أبوكي بلد .. دنيا خاينة ما بتدي حريف .. نياااااااااااااااااااااااااااااو منعول أبوكي بلد .. دنيا خاينة ما بتدي حريف .. نياااااااااااااااااااااااااااااو ويشرد سانتو بنظره بعيدا ويتخيل كمية اللحوم وبقايا الطعام والعظام التي كان ينعم بها في شبابه قبل أن يتزوج سانتوت وقبل تردي الأحوال الاقتصادية، وتقوده خيالاته بعيدا إلى أيام الضبيحة الأسبوعية في بيت حاج نورين ويتذكر جيدا أنه كان يتعفف عن بقايا اللحم والشحم المتساقط من الضبيحة ويأبى إلا أن يقدم له صحن شية أسوة بباقي أفراد الأسرة، ويتذكر كذلك أنه كان لا يطعم صحن الشية إلا إذا وضع له صحن أم فتفت مع شطة بالألتي ... وعندما يتذكر هذه الذكريات المؤلمة يردد: الشية الشية .. الله لي أنا كان قريبة جيبوها ليا ... الله لي أنا و كان بعيدة لازماها جية .. الله لي أنا الشية الشية .. .. الله لي أنا
|
|
|
|
|
|