|
Re: بركة بالعودة حيدر المكاشفي (Re: محمد إبراهيم علي)
|
عمود بشفافية في جريدة الصحافة الصادرة اليوم
Quote: أنـفخ بـطـنك أطرف وأذكى تعليق على خبر عودتنا لكتابة هذه الزاوية التي اختفت لمدة تطاولت حتى قاربت العام إلا بضعة أيام، سمعته من قارئ عادي بسيط من غمار الناس أشعث أغبر ذي طمرين، قال لي بعد أن بارك العودة «أنفخ بطنك» ولا أدري لماذا لم يقل «أنفخ قلمك»، فأنفخ بطنك عبارة شائعة في أوساط «العتالة» لهم التحية والتقدير، يتبادلونها في مقام الحض والتشجيع لتحمل المشاق وحمل الأثقال التي تنوء بحملها العصبة ذو البأس والقوة دعك من فرد واحد، فإذا ما رأى العتالي أخاه العتالي وهو يحاول دون جدوى رفع حمل ثقيل، صاح فيه يحثه ويحمسه ويستثير عضلاته «أنفخ بطنك»، وللعتالة غير هذه العبارة أهازيج ومجادعات ومربعات وأراجيز ينشدونها ليستعينوا بها على مشاق مهنتهم الشاقة، كما لهم أيضاً بعض الإفتراعات والاجتراحات والمسكوكات اللغوية التي تخصهم وحدهم مثل سائر المهن الأخرى في ما يمكن تسميته بـ «اللغة المهنية»، إذ لكل مهنة وصنعة مصطلحات وعبارات لا يفهمها من هو خارجها.. وعلى ذكر نفخ البطن تحضرني بهذه المناسبة عبارة أخرى مؤداها «أشرب بطنك» وفي رواية «أشفط بطنك»، ولعلها عبارة عسكرية متداولة في مجتمع «التعلمجية»، فقد سمعتها مرة من «تعلمجي» صارم القسمات غليظ الصوت يصرخ بها في وجه مستجد في طابور بيادة أخلَّ بروز بطنه شيئاً ما بالحذية، ومن أهمية الحذية في تراث الجندية أن العسكريين يتباهون بأن نابليون بونابرت كان يأخذ الحذية في جيشه باطلاق رصاصة من مسدسه حتى إذا ما صادفت أي نتوء أو بروز يخل باستواء الصف إنتاشته، ومن عموم ما فهمته من العبارة أنها تأتي في سياق التهيئة لتلقي المزيد من النداءات والتعليمات في حصص وتمارين البيادة الشاقة.. واقع الحال أن الكتابة في عمومها مهمة شاقة وثقيلة، فما بالك إذا إعتورتها واكتنفتها بعض الأحوال والظروف التي تزيد من مشقتها وثقلها وربما كانت سبباً في «ثقالتها»، فهي في هذه الحالة تحتاج فعلاً لـ «نفخ البطن» مصداقاً لوصية قارئنا الذكي الظريف، أو ربما جعلتك من جهة أخرى «تشرب بطنك» ليستوي وقوفك في الصف فلا تشذ أو تنشز وتحتاج لأن «يواسوك» غير مأسوف عليك، غير أنني في الحقيقة لا أرغب في نفخ بطني ولا في شربها وإنما أريدها كما كان عليه حالها قبل نحو عام، ولكن لا ضير أن أنفخ إذا توافق الجميع على نفخ بطونهم من أجل حمل هم الوطن الثقيل بكل تجرد ومسؤولية ونكران ذات شخصية أو حزبية للعبور به إلى بر الأمن والأمان والاستقرار، وعندها ما أعظم الاصطفاف خلف الوطن والشعب دون حاجة إلى «تعلمجي» يصرخ فيك لأخذ الحذية بشكلها الصحيح، ولكن فقط أسأل الله أن يجنبني داء «الديسجرافيا» الذي هو القصور في الكتابة، وأن يجنب من يطالعونني داء «الدسلكسيا» الذي هو القصور في القراءة، وأسأله تعالى أن لا يوردني مورد ذاك التلميذ الذي كتب نصف سطر ووضع قلمه ورفع رأسه بينما لا يزال زملاؤه منهمكون في كتابة الموضوع الذي أمرهم معلمهم بالكتابة فيه، وكان حول مجريات مباراة شاهدتها، وكان ذلك التلميذ شاهد ما شافش حاجة فكتب «بسبب الأمطار تأجلت المباراة»... وباسم الله والوطن والشعب نبدأ.. |
| |
|
|
|
|