نبدأ المشاركة في اسبوع دارفور . من آخر الاحداث البارزة على السطح .. وهو ما اعلنه البشير من انتصار كامل على القوات المقاتلة والتي تتخذ من دارفور مسرحا لعملياتها ، وهي تنحصر في حركتين او ثلاث . حسب ما تواتر من تصريحات .. لكن ربما عمليا في الميدان تزيد هذه الحركات فكما هنالك قوات مسماة الجنجويد تحدثنا عنها من قبل ، فكذلك توجد مليشيات قبلية لا تتبع للحركة ولا للحكومة ، ففي ظل تتدفق السلاح وانعدام الامن ، هنالك تصفية حسابات وثارات متبادلة ، اي ان الوضع شائك ومعقد . ولكن نعرف ان طرفي الصراع في هذه الحرب هما قوتين . واحدة تمثلها الحكومة واخرى تمثلها حركة تحرير السودان كقوة رئيسية وقوات اخرى تنسق معها في الميدان ، وحين اعلن البشير انتصاره الكامل على هذه القوات وسحقها حسب تعبيره ، مد الجميع اعناقهم لرؤية دارفور بعد الحرب كما صورها خطابه ، ولكن كان شكل المسرح مختلف .. فهنالك عمليات تجري في كل شبر من دارفور وهنالك حرب تدور رحاها بعضها قبلي وبعضها بين الثوار والحكومة وبعضها نهب وحرق من سفهاء وجدوا ظروف مواتيه لممارسة نشاطهم . اذن ثبت بالرؤية ان هذه دولة يكذب رئيسها على الملأ ، دون خجل . وبالتأكيد هي ليست الكذبة الاولى فرئيس ابتدر انقلابه بالكذب والتضليل . لابد ان تكون نهاية وخاتمته كذب مستمر .. ولكن لماذا هذا الاعلان وفي هذا الوقت بالذات .. هل هو مجرد اوهام بالانتصار لم يستطع البشير تحقيقها في حربه في الجنوب .. ولم يحقهها في الشرق .. فأراد ان يوهم نفسه بأنتصار في دارفور .. ام هذا تكتيك عسكري سياسي .. لتضليل الرأي العام وفرض حلول لا توقف نزيف الدم بل تزيد النار اشتعالا .. اعتقد ان البشير عبر استخباراته يعرف ان الحرب لم تنتهي ، وانها ستطول اكثر واكثر مالم يتم التعامل بعقلية سياسية مع الحرب بدلا من الحلول العسكرية الفاشلة .. وان هذه الحرب ربما لن يستطيع طرفاها سواء كانت الحكومة او حركة تحرير السودان ايقافها في الوقت القريب حتى وان توصلوا لاتفاق سلام .. فهنالك قوى كثيرة مسلحة تتضارب مصالحها ، ولا تخضع لسلطة اي من الطرفين وخصوصا المليشيات القبلية .. فهذه لوقت طويل متوقع ان تواصل قتالها وتصفية حسابات شخصية وثارية .. وهنالك مجموعات تنهب وترتبط مصلحتها بأستمرار الحرب .. تصعب السيطرة عليها دون خطة واضحة يتكاتف الجميع لانفاذها .. فدارفور منذ نهاية الثمانينات وهي تعاني من ظاهرة النهب المسلح التي لم تستطع الحكومة ايقافها .. رغم ان وقتها كانت هنالك سلطات ادارة اهلية وكيانات قبلية تقلل من فرص لجؤ النهب الى وكر القبيلة لكن اليوم وفي ظل الغياب الكامل لاي سلطة فمن الصعب توقع نهاية قريبة لهذه الحرب ، ولست متشائما لكن معرفتي بما يجري تجعلني ارى الواقع كما هو لا كما يصوره اي طرف من الاطراف ... وما اعلنه البشير من انتصار وهمي هو محاولة لعقد مؤتمر وهمي لتمرير قرارات وهمية وصورية وتزييف ارادة اهل دارفور وتصوير تلك القرارات كأنها المطلب العام لاهل دارفور ولخدعة البسطاء بأن الحكومة ستحقق هذه المطالب ، بينما نحن نعلم وغيرنا يعلم ان المؤتمرات لا تحل اي اشكالية .. وقد جربها اهل دارفور وهنالك رفوف مليانة بتوصيات مؤتمرات الصلح التي وان وجدت طريقها للتنفيذ لما جرى ما جرى من مذابح .. ولكن ستظل العقلية التي تخطط للحرب لا ترى بؤسها وشناعتها . ان القرارات الخاصة بأعادة اللاجئين دون خطة واضحة متفق عليها وتجيئ بعد سلام حقيقي بين المقاتلين والحكومة هي محرقة اخرى فكيف وفي ظل القتال الدائر ان تتم اعادة اللاجئين الى قرى محروقة قبل عملية اعادة التعمير وتوفير اللازم للعودة .. ام ان الحكومة تريد ان تدخل المواطنين في معادلة الحرب وذلك يشبه باعادتهم كرهائن حتى تجبر المقاتيلن على الابتعاد عن المنطقة والا سيصوبون الرصاص الى اهلهم .. فقد سبق وان اتهمت الحكومة المقاتيلن هناك باتخاذ المواطنين كدروع بشرية فهل يا ترى تريد الحكومة وتخطط لما سوقت له في اعلامها ؟ ان حقيقة الاوضاع الان انعدام كامل للامن .. معارك متفرقة تدور ، طرق مقطوعة ونازحين على اطراف المدن بالالاف .. ظروف حياتية صعبة جدا .. وسلاح بيد كل شخص .. فكيف انتهت الحرب ؟ هل الحرب هي كورة يصفر الحكم معلنا نهايتها ، ام هنالك تقاليد في كل الحروب وهي توقيع احد طرفيها لاستسلامه او الوصول لاتفاقية تتوقف بموجبها الحرب وتبدأ مرحلة جديدة من السلم ولم يحدث اي من هذا ، وظل البشير وحده يصفر بينما اللعيبة مستمرون في رمي الجلة ، ورد في اتفاقية ابشى بند طالبت به حركة تحرير السودان .. وهو تجريد قوات الجنجويد من اسلحتهم .. قبل التوقيع على اي اتفاق .. هذا بند عادل جدا .. ولكن الاعدل منه تجريد اي مواطن في دارفور من سلاحه وان ينحصر حمل السلاح على القوات النظامية فقط ، فالحكومة تعلم والحركة ايضا انه في ظل هذه الظروف لن تستطيع الحكومة مجرد الاشارة الى هذا ، فالحكومة تعرف ان الجنجويد هم قوة خلقتها هي ـ لكنها لا تسيطر عليهم كما ظهر لنا جليا من الاحداث .. واذا رضخت لتنفيذ هذا الطلب فستكون اوجدت خصم يعرف خططها جيدا .. وكذلك المليشيات القبلية الاخرى التي لا تتبع للحركة او الحكومة لا احد يستطيع اقناعها بتسليم سلاحا مالم تكن هنالك قناعة بتوقف الحرب بين القبائل . وتحقيق امن نسبي لها لتعيش .. وبالتالي نحن في مواجهة ظروف معقدة ، وعلى من يقاتلون الان ادراك عواقبها الوخيمة على مواطن دارفور .. اما تصريحات البشير فقد كذبها الواقع ولن تخدع احد ، ونحن وحدنا ابناء الاقليم علينا ان ننتبه لما يراد تمريره من اجنده وعلينا ان نكن حريصين على ايجاد حل لمعادلة السلاح الذي بيد المواطنين وان نوسع الهدف الذي من اجله رفع السلاح ليشمل الجميع . ونواصل
Quote: اذن ثبت بالرؤية ان هذه دولة يكذب رئيسها على الملأ ، دون خجل . وبالتأكيد هي ليست الكذبة الاولى فرئيس ابتدر انقلابه بالكذب والتضليل . لابد ان تكون نهاية وخاتمته كذب مستمر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ابنوس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست