|
الفتى اللاتينى ذو القميص الاحمر..
|
العالم تقوده المؤامرات و الصراعات الخشنة كذا و الناعمة , الزعماء المحبوبون من قبل شعوبهم حياتهم قصيرة , معظمهم ماتوا فى ظروف غامضة و اعمارهم لم تتجاوز الستون عاماً , الامبريالية تغار من زعيم يعشقه شعبه ولا ترضى الا ان تنال منه و لن يهدأ لها بال الا بعد ان تراه محمولاً على النعش , تصريحات الرئيس الامريكى بعد وفاة المناضل الفنزويلى تدل على ان القوى الامبريالية لا تريد للامم الطموحة ان تتقدم , لقد قال اوباما (ان امريكا تأمل فى ان تكون مرحلة ما بعد شافيز افضل) و هذا القول فيه اشارة ضمنية لرغبة امريكا القوية فى ذهاب شافيز , ان الرئيس الفنزويلى رابط قبل وقت ليس بالبعيد مع العمال و الكادحين فى منجم أوشك ان يدفن تحت ركامه عدد مقدر من العمال , هذه الوقفة كانت بمثابة رسالة من هذا المناضل اللاتينى الى كل طغاة العالم أن العامل و الوزير سواسية كأسنان المشط , لقد بكاه شعبه مُر البكاء و منهم من حزن له حزناً اشد من حزنه على والده , أنه الرئيس الذى يقبل ايادى شعبه فى مشاهد احتفالية غاية فى الروعة الادهاش , التجرد و التفانى و عشق التراب حد الثمالة تجسد فى شخص هذا الشافيز , امريكا اللاتينية ودود ولود دائماً ترفد الكون برجال من أمثال تشى جيفارا الذى بحث عن الموت فى سبيل حربه على الظلم فى كل اركان الدنيا و اخيراً وجده فى تراب القارة التى احبها و جاب سهولها و جبالها بدراجته الهوائية. الامبريالية العالمية لا ترحم و لا يهتز لها جفن و هى تزهق ارواح الشرفاء و الصادقين مع شعوبهم و الباحثين عن اسباب الرفاه لمجتمعاتهم , لقد أدمنت آذان البسطاء سماع اخبار موت قادتهم الوطنيون دون التدقيق و المراجعة و التحقيق فى الموت الذى يحدث فجأة لرئيس دولة تحيط به رعاية صحية قمة فى المسئولية و المتابعة و المراقبة, ان المساكين من شعوب القارة الافريقية و اللاتينية لا يعلمون ان قارتهم مستباحة من قبل ذوى العيون الزرق من حاخامات النظام العالمى الجديد الذى اصبح يتفنن فى الخلاص من القادة الصادقين مع شعوبهم عقب انهيار الترسانة الشرقية , لقد مات ملس زناوى رئيس وزراء اثيوبيا دون ان تقوم القارة الافريقية و منظماتها بالتحقيق فى هذا الموت الدراماتيكى و قبل وفاته كانت وفاة زعيمين من دول غرب افريقيا بذات السيناريو و لا حياة للافارقة , فى هذه الايام تستبيح فرنسا مالى ولا صوت للمنظمات المدنية و الجمعيات الافريقية , فى العام 2005 قتل بطل السلام الشامل السودانى الدكتور جون قرنق و لم ينطق كلا الطرفين ببنت شفة , طرفا الشراكة السياسية حينها الجما من قبل ذات الامبريالية المتجبرة و المسيطرة , الانعتاق و التخلص من براثن الاشرار ليس سهلاً فى عالم اليوم ,لان الشر اصبحت له مؤسساته السرية و العلنية و شعوب كثير من الدول لا تعى ولاتدرى بما يخطط تجاهها للقضاء على احلامها و آمالها , القادة جلهم ضعفاء ضمير و فاقدى أهلية فى أن يكونوا على رأس الهرم الادارى لشعوبهم . الجماهير التى خرجت عقب انتشار نبأ وفاة المناضل اللاتينى تشبه تلك الجماهير التى خرجت فى العام 1981 فى تشييع ملك الراستا العملاق بوب مارلى ملهم جيل ثورات التحرر العالمية التى قلبت الموازيين والمعايير الثورية رأساً على عقب فى عقدى الستينيات و السبعينيات من القرن المنصرم , ذات النحيب و ذات الدموع الهادرة التى أنهمرت فى سبيل وداع الراستا مان هاهى الان تعاود الهطول من أعين هذه الشعوب اللاتينية التى قدر لها ان تُكلم و تصدم فى الرحيل المُر لخيار مناضليها الذين تمرغت جباههم بغبار ارضهم التى احبوها , كانت النساء اللائى تبدو من ملامح وجوههن البساطة و المسكنة يتهيجن فى هيستيريا بكاء تجبرك ان تنساق وراء احترام هذا الفتى اللاتينى صاحب القميص الاحمر , أنه حدث خلده التاريخ فى هذا اليوم السادس من مارس من هذه السنة الوتر , احتشدت ميادين وساحات فنزويلا للرجل الذى قال:( بالامس كان الشيطان يقف هاهنا) فى أشارة الى الرئيس الامريكى السابق بوش الابن عندما جاء هوقو شافيز ووقف أمام الجمعية العامة للامم المتحدة و اراد ان يلقى خطابه , هكذا الثوريون لا يدلسون ولا ينافقون ولا يخافون , ولا يرتعدون للموت ان هو باغتهم أم جاهرهم , القيم الثورية صاحبت مسيرة شافيز فى كل مراحله العمرية انبعث فى قلبه حب الفقراء و المعوزين و العائشين على ###### الارصفة و على جنبات المحلات التجارية الكبرى المغلقة بالاقفال الضخمة , لقد جاء نائبه من ذات الشريحة العمالية التى هى اساس التنمية فى كل بلاد الدنيا , جاء من رئاسة اتحاد السائقين , من صميم البيئة التى تعرف قيمة العمل تطبيقاً وليس تزويراً , علّم شعبه ضرورة ان يكون القائد آتياً من طبقة الكادحين و العاملين لانه يستشعر ما لا يستشعره القادمين من خلفيات برجوازية او من شريحة رجال المال و الاعمال و المشغوليات الربحية المحضة التى لا تهتم الا لزيادة مداخيلها. لتكن جذوة النار الثورية اللاتينية و الافريقية مستمرة و متقدة بعد ذهاب شافيز و لتكن تجربته منارة للقادم من المناضلين الباحثين عن السبل المؤدية الى رفاهية شعوبهم و خيرها , فالشعوب لا تحظى بامثال هذا الفتى اللاتينى ذو القميص الاحمر الا لماماً , فهى مسيرة نضال و كفاح قادها بايمانه العميق بمبادئه التى تستهدف تحقيق العيش الكريم للعامل و سائق الحافلة و المزارع و الطالب و الصنائعى و الام المربية التى هى مصدر الالهام لامثال هذا الفتى اللاتينى ذو القميص الاحمر.
|
|
|
|
|
|