|
ما أشبه الليلة بالبارحة - "على باب الخروج"
|
Quote: هذه النص قرأته قبل أعوام وأحتفظت به بين أوراقي حتى اهترأ الورق، وأحتفظ النص بكامل ألقه وبهاءه إِوجاعه، وإيلامه تلطم الكلمات وتزيل غشاوة العادية أحرفه كالإبر تحفز الوعي و الحواس و الذاكرة، ويقشعر الجلدُ علق في ذاكرتي دون جهد كأنما أعدت كتابته أو أعاد كتابة شئ ما في فهمي للأمكنة والمزاج و الوطن و العزلة و الغبن، لزمن طويل التصقت هذه الكلمات بذاكرتي:
(الآن أخرج ليس من جلدي ولا نهري ولكنى أطير اليوم مغبوناً الي ذاك المكان.)
كُنت كلما حانت الساعة التاسعةِ مساءً وحانت مواعيد الرحيل وجدتني أردد هذ المقطع حتى حفظوه جميعاً، فباتو كلما حزمت رحيلي اخذوا يرددونه
(الآن أخرج ليس من جلدي ولا نهري ولكنى أطير اليوم مغبوناً الي ذاك المكان.)
أو هذا المقطع الذي ارتبطت به لزمن طويل حتى قذف بي بعيداً، كأنه تعاويذ لعنة تصيب الأمكنة
(لماذا القعود وغيرك يرحل ذات مساء ذات صباح ذات ظهيرة ؟!! )
طلبت قبل أيام من (نادر) ارساله إليّ، كنت قبل أعوام قد بعثت به إليه، متوسلاً إحتفاظه بأكداس من خيول الذاكرة، ارسله (سامي)، "ناكتاً" إياه من غيابة (السيبر)،
كتبه - هاشم صديق- في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بعيداً عن وطنٍ أشقاه (ومن لم يُشقِ) واصابه الشقاء من (ابناءه) العصاة، ما يتضح منذ بداية النص (على أبواب الخروج) في تداعٍ ممتلئ بالمرارة والحنق والغضب، النص يعج بكلمات حادة حارقة ليست غريبة عن كتابة و شعر هاشم صديق و إن كان النص غريباً عن التطور اللاحق الذي ظهر في شعره متمثلاً عادية الأحداث اليومية التي يحدثه بها الصحاب أو يقراها في صحف الخرطوم تحت نيمته الأثيرة، يتلبس النص وينبئ عن عزلة تتخطى عزلة المكان إلى عزلة وجودية ينادي فيها الحبيبة و الصديق والوطن، الالتباس الذي يظهر في نصوصه قديمها و جديدها بجانب التناص الذي يتعمده مع نصوصه القديمة في متون النصوص الجديدة.
اقراوا و توجعوا |
|
|
|
|
|
|