|
نموذج جنائي 31( ب ) إعدام
|
احتجبت الشمس خلف برج الحراسة , خجلى تخشى ان يندي جبينها ما بدا وشيك الحدوث , واكتفت بخيط من الضوء ارسلته عبر نوافذ السقف القرميدي المائل عله يبدد النذر اليسير من ظلمة الغرفة و رائحتها المقبضة . كشف خيط الضوء الواهن عن مشنقة عتيقة الطراز, تسقى ارضيتها الخشبية وقود الكيروسين لحمايتها من دابة الارض , تتلمظ مفاصلها و اشداقها و ذراعها الحديدية بالشحم و يتدلى من سقفها لسانها السليط ذو الانشوطة الجلدية المتظاهرة كذبا بالرفق بالاعناق . اما مؤخرتها المنتنة فليست سوى هوة رطبة مضمخة بالانفاس الاخيرة لبؤساء سلكهم حظهم العاثر في حبالها فكان اخر ما طرق مسامعهم صدى تهشم فقراتهم العنقية بفعل الشنق القضائي. تثاءبت الغرفة العجوز ثم باعدت شدقيهاو حركت جفنيها فتراءى لها آمر السجن ببزته العسكرية المزدانة باوسمة و نياشين و صقور وحمائم لاهثا دون ان يحمل عليه احد, متكبرا متجبرا يعلو محياه الصلف ليخفي قلقه وارتباكه فيزعق باقصى ما تسمح به حباله الصوتية ليأمر حراس السجن بمنع اقتراب اي مخلوق من الزنازين الشرقية وبتشديد الحراسة على ذوي المحكومين ,ثم عبرالمسافة الفاصلة بين مكتبه والشرقيات نحو اربعة وعشرين مرة و في كل مرة كان يطالع الوجوه الغاضبة الصامتة فيزدرد لعابه المر , و في شوطه الاخير اعترضه نجل احد المحكومين و كان قد اوتي بسطة في القول فجادله بحق استلام جثة ابيه لتجهيزها ودفنها و ان الدين و العرف و القانون يسند قوله و يدعم حجته , رد آمر السجن بان الاستحكامات الامنية تقتضي تنفيذ الاعدام ثم التجهيز والدفن بمقبرة واحدة , وفي الواقع ظل الجنرال يردد تلك العبارات دون تفارق ذهنه المخاوف من تكرار التمرد الذي جرى قبل نحو عشر سنوات واطاح بسلفه الى مزبلة الجنرالات , انه يخشى ان يناله سخط السلطان و تلحق تاريخه العسكري سوءة الضعف فشمخ انفه في كبر ليظهر جبروته و ليحبس عن مخه حق المسيل ثم زجرالشاب زجرة واحدة احظيت بقدر من الدم واللعاب و كذبة بلقاء ضلت طريقهاالى طرف لسانه. (يتبع)
|
|
|
|
|
|