وداعا سامي ... شكراُ لكم/ن جميعاً

Quote: حزنانة تبكيك المدارس والجوامع والكنائس في 1988 وكنت عائدا من كريمة الى عطبرة في بطن قاطرة ، جلست قرب فنان مجيد شاب ، يغني بالغناء الشايقي . غنى غنية رثاء لصديق اسمه محمد قُتل في حرب الجنوب ، وكان مقطعها الأول يقول "حزنانه تبكيك المدارس والجوامع والكنائس " . لم اسمع في حياتي أغنية أشد حزنا من تلك الاغنية، ولم إلتق ذلك الفنان او أسمع عنه من بعد ، ونسيت اسمه في زحام الدنيا ولم انس احساسه بتلك المرثاة. في فترة لاحقة سمعت مرثاة رشا شيخ الدين لشاب آخر قُتل في حروبات الجنوب، وكتبنا عشرات المراثي والتعازي في شباب مثل الورد قتلوا في جبهات القتال وفي شوارع المدن، وعن اناس تشردوا وطفشوا ونساء فقدن اولادهن وازواجهن وحرائر اغتصبن وبلد ناخ عليها الدمار وباض فيها طائر الشؤم وأفرخ، حتى دخل ذلك الطائر الى بيتنا، وأخذ الموت سامي. يوم أمس وعشية اعياد الميلاد والدنيا في حالة صمت وكأنها تتوقع كارثة ، كتبت لي بنت اختى وئام في رسالة على التلفون"سلام عادل. سامي استشهد اليوم في الغرب" . عرفت من المقصود بعقلي ولكن قلبي رفض أن يقبل فسألتها أي سامي تقصدين؟ " أجابت: " ولد ست النساء خالتي" ، فانفطر القلب وتناثرت حباته فرطاً ولا يزال. أتصلت بنسا (كما نسميها) ولم يرد تلفونها وحمدت القدر لأني لم أكن اعرف ما ينبغي ان اقول والجرح لا يزال طريا والألم فادحا، وفضلت ان انتظر بالعزاء الى الغد. تقطع قلبي اليوم وانا اعزي ست النساء وايناس وسوسن، واسمع بكائهن المر ومراثيهن على فقد أصغر شباب العائلة واكثرهم رزانة ، سامي " الصغير الما شاف شي" كما قالت سوسن. تهشمت روحي وانا اسمع حزن الرجال المغطي بالصبر الجميل في كلمات ابيه الحاج محمد ادريس واخوانه محمد ومصعب وخاله عصمت . جرت دموعي في مقلتي وأنا أصبّر ست النساء ولا كلمات تخفف وقع الألم ونار الفقد. بكيت على حالي وعلى حالهن وعلى وطني، وبكيت اني في غربتي الطويلة لم اعرف سامي كما يجب، ففي كل زياراتي المتعددة كان هو في كليته يدرس او مسافرا يعمل، ليذهب الآن في رحاب الموت دون ان يكون قد جلس مع خاله كما يحب، ودون ان نكون قد شفنا عديله ونثرنا ضريره وربطنا حريره. ما اصعب ان يرحل الابن عن الدنيا قبل أبيه وأمه . ما اصعب عذاب الوالد وهو يرثي ابنه الذي رافقه صغيرا وتعشم فيه كبيرا، فقطع الموت في لحظة ما بناه الوالدان في سنين. ليس هناك عذاب أكبر من هذا العذاب. ليس هناك عزاء في فقد الولد. لا اخاف من شيء في الدنيا غير ان يجري مكروه لأماليا وانا حي. ادفع كل عمري ما تقدم منه وما تبقى من اجل ان تطول حياتها حتى تعيش كهولتها، وحتى ارى ابنائها وبناتها. أبذل نفسي وأقدم روحي فداءاً من اجل ان تمضي الحياة عادية ، بحيث يرحل الاباء والامهات قبل الابناء والبنات، فهذه سنة الحياة وهكذا يجب ان تكون. سامي ود ست النساء أختي ضحية اخرى للحرب العبثية اللعينة . روح بريئة اخرى ذهبت الى مستقرها قبل الاوان. شاب آخر أهدر البلد شبابه وحرق قلب امه واخواته واخوانه لقاء العبث. هو شهيد لواجبه الذي آمن به – عمل الشرطة وخدمة أمن المواطن- ولكنه قربان اخر في معركة لا مننصر فيها ابدا، ومهزوم فيها الوطن وكل ابناءه وبناته وعائلاته. من هو المسؤول عن موت سامي وهو ضابط شرطة لا جندي في جيش؟! من الذي يجمع الشرطة والجيش في متحرك واحد او معسكر واحد او نقطة واحدة ؟ ولمّ ؟؟ من هو المسؤول عن اشعال السودان حربا ودمارا ؟! هل تحول اهل الشمال الى محتلين في الغرب وجبال النوبة والنيل الازرق؟! هل تحول وطننا الى كانتونات حتى نقول لاولادنا لا تذهبوا في خدمة هنا وهناك من أقاليم الوطن؟! لقد أشتغل عصمت اخي سنوات في جوبا في المطافي، وكان يمكن حينها ان يقتل عشوائيا، كما مات سامي. عمل ابن اخت لي آخر في دارفور وجُرح هناك وبعدها منعته امه واباه الرجوع ، فهل كان واجبنا ان نمنع سامي من الذهاب الى مكان تأدية واجبه؟! هل نحقق رغبة اللئام في تقسيم السودان قبل ان يتقسم؟؟ هل يمكن ان يكون عمل الشرطي هو حماية الأمن، في بلد يخرب الأمن كبارها ويشعلون بالنار ديارها؟! قُتل سامي وادخل موته الحزن وسط اسرة ممتدة، ولكنه لم يكن الوحيد، فحسب حركة تحرير السودان قُتل 120 في هذه الواقعة من جيش وشرطة، وقُتل 7 من أعضاء الحركة . دعنا نقول ان هذه الارقام مبالغ فيها، وان كل القتلى من الجانبين كانوا 50 شخصا . هذا يعني 50 بيتا مباشرا ملفح بالحزن والموت ، وما لا يقل عن 500 بيت اذا حسبنا حسابات القرابة والمصاهؤة والجيرة، وهذا كله في يوم واحد اسود حزين. هؤلاء كلهم ضحايا: من يموتون من الجانبين ضحايا واهلهم ضحايا والسودان هو الضحية الاولى والاخيرة. آن لنهر الدم أن يقف، وآن لفيض الاحزان ان ينضب. الموت حق وحقيقة، ولكن الناس يجب ان تموت في بيوتها واسرتها وبعد عمر طويل، لا في غض شبابها وقبل ان تحقق احلامها. حق للاب والام ان يموتا قبل ابنائهما ، لا ان يبكياهما في شيخوختهما وهم الذين كانوا يتوقعون ان يصبحوا لهم السند، وان يروا فيهم الحفيد والولد. قلبي معك يا ست النساء . قلبي معك يا بنت أبي وأمي. قلبي مع كل ام فقدت ابنها في يوم أمس، من الجانبين. قلبي مع كل طفلة فقدت ابيها، وكل خطيبة فقدت حبيبها، وكل ارملة فقدت زوجها. قلبي مع كل طفل تيتم وام اثكلت وأمراة ترملت واخت فقدت حنان الأخ وأخ فقد كتف الأخ وسنده. قلبي معكن يا ايناس وسوسن ومع كل اخوات الضحايا من الجانبين. قلبي معكم يا محمد ومصعب. قلبي مع كل من فقد عزيزا طوال سنين الحرب الملعونة في السودان. دمعي يذرف من أجلكم وروحي تبكي معكم. شكري يذهب لأهل المنطقة الذين واروا جسد سامي الطاهر الثري. قلبي معهم ايضاً في عذاباتهم ومعاناتهم التي لا اعرفها ولكني احسها. قلبي مع اسر الضحايا من الجانبين ومع السودان، وروحي اكثر اصرارا على العمل من اجل السلام، وعلى محاصرة تجار الحرب حتى لا تهدر ارواح اضافية، وحتى يتوقف سيل الاحزان. حزينة هي الدنيا عليك اليوم يا سامي. حزنانة هي السماء في وارسو ولا شك انها حزنانة في عطبرة. حزنانة هي الجوامع والكنائس والمدارس. حزنانة تبكي على السودان الذي كان ، وعلى ابناء وبنات السودان. لتهنأ روحك البريئة يا سامي بالسلام الابدى. لتحملك ارض بعيدة في جوفها ايذانا بخلق حياة جديدة. لتمطرك السماء شآبيب من الرحمة والحنان. لتحيا ذكراك شاهدا وشهيدا ، شاهدا على حال الزمان وبؤس السودان وشهيدا للواجب وما آمنت به من احلام. لتبق حياً في قلوبنا وارواحنا وذكرانا ما عشنا على هذه البسيطة، حتى ننتقل الى عالمك الذي لا حزن فيه. خالك المحب عادل عبد العاطي 25 ديسمبر 2012

Quote:

Quote: الليله تبكيك المدن الليله تبكيك القري وحتي التمر والجروف الفي الشمال والنيل القاسم الوطن تبكيك رمال الغرب وتبكيك املاح الشرق. وحتي الجنوب حزنان عليك. آه وآه وكل الاهات والآلام والبكاء لن يكفيني ولكن هذهالحياة وهذه مشيئه الله وهذا ما أراد الله. سامي الاخ الذي لم تلده أمي نعم الاخ ونعم الصديق ونعم الرفيق حتي ريل الصغيرة تبكيه بحرقه و بشده وتتذكر مداعبته وألقابه وتشاهد معه مباره المريخ والهلال. ويبدأ الضحك والمداعبه كان نواره بيتنا والله لم نري منه شئ غير الابتسامه والكلمه الطيبه والمعامله الحسنه. رحل عنا ونحن في انتظار عودته بشرنا بخبر قدومه قبل أسبوعين وقبل يومين صدمنا باستشهاده انقسم قلبي وأنشطر عليك. لن ننساك يا سامي. أديت واجبك كمجاهد تجاه دينك وكمواطن تجاه وطنك وكولد صالح تجاه اهلك وعشيرتك والكثير من أبناء الوطن ضحوا بأرواحهم ولكن اين الحصاد وأين النتائج حكومه ملعونه شتت الأسر وفرقت الأحباب. اللهم تقبل روحه واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء اللهم اغسل جسده بالماء البارد والثلج اللهم وسع قبره واجعله روضه من رياض الجنه وثبت أهله وألزمنا الصبر. الحمدلله الزي لا يحمد علي مكروه سواه انا لله و انا اليه راجعون.

Quote: سامي صديقي يرفض عقلي حقيقة انه رحل لا استطيع تتصديق هذه الحقيقه او استيعاب انه لن يعود كما قال لي قبل اسابيع ( يا اومه ما بحصل عرس حسام بس راس السنه معاكم .. ) قلت لي حسام خلى العرس تعال ببراحتك قال خلاص (فرجت ) يوم 30 معاكم. ! يا عادل قتل سامي بعد انتهاء خدمته قبل ايام من عودته سوسن منتظراهو في عطبره عشان تعمل كرامة مولودها بعد ما يصل ... سامي ليس ابن خالتي فقط سامي صديقيي و اخي سامي ليس كابناء خالاتي الاخرين له مكانه خااصه ففي قلبي يصعب علي تصديق رحيله و انه لن يعود... لو كان البكاء يعيد شخصا لعاد سامي من بكائنا عليه ثلاثة ايام نبكي فقده و نبكي اكثر لاننا نبكيه الان لان بكائنا يعني انه قد فارق الحياه و هذه هي الحقيقه المره التي يصعب تصديقها ... سامي حي في قلبي و سيظل به للأبد سيظل سمووي الذي احبه جدا ..

Quote: سامي ياأبن اختي فارقتنا والشوق ونحن في لهفه الي لقاك الكل ينتظر عودتك أمك ابوك اخوانك اخواتك اهلك جميعا واحبابك يرقبون ذلك البدر القادم من خلف السحاب ولكن شاءت الأقدار واراده الله ان تكون بدرا في جنات النعيم مرافقا للشهداء والصديقين سامي قلبي مفطور لفراقك جثم الحزن علي صدري مره أخري لرحيل أمي واليوم رحيك انت ياطيب القلب يانقي السريره يا عطوف علي الصغير وموقر للكبير يكسو وجهك الحياء والأدب والنقاء وصفاء السريره ورثت طبع اباك الطيب وعزته وأحترامه وعطفه وحبه للناس وورثت عن امك الحنان والبذل والعطاء ونقاء النفس واليد واللسان كنت متفردا بين الجميع بخصالك النبيله وروحك النقيه.. لك الرحمن ياأبن اختي ولأهلك الصبر والسلوان ..خالك المحزون ..عصمت

Quote: بكيتك ياسامي...وعندما يختطف منا الموت الاخيار بكيتك ياسامي وسط الجموع _بكيتك مع الاهل مع امك واهلك والاخوات_بكيت مع صديقتك وئام _بكيتك مع اقرب اصدقائك واقرب الناس اليك وبكيتك مع بكاء الاطفال _ بكيتك اخا وبكيتك صديقا وبكيتك ابن خالة _بكيت طفولتنا وتذكرتك ومر شريط الذكريات _تذكرت كيف كنا نقرأ سويا وكم عسكرت ف بيتكم شهرا لنقرأ لامتحانات الشهادة السودانية_ تذكرت كم لبثت ف منزلنا شهورا لتتقلنا انا وامي واخواتي ف غياب ابي بالسعودية _تذكرت لعبنا الكره والتمارين سويا_تذكرت زياراتك المنتظمه للاهل عند اجازاتك _تذكرت حفل تخرجي بالبيت وتذكرت تكفلك بتصديق الحفل من الشرطه _ تذكرتك يااخي واخخ من ذكراك _تذكرت وجهك البرئ ومداعباتك لي وهنا ايضا تذكرت ان الموت حق لكن استنكرت لما دوما يخطف منا الاخيار ويرحل بهم لماذا وقد جهز اهلك العده لاستقبالك وعمل كرامتك بانهاء خدمتك ف تلك البقعة الملتهبه ف دارفور وفي نفس اللحظه ياسامي كرهت هذا الوطن كرهت وطن كما هو غّرب خالي من قبل نفس الوطن الذي استشهدت من اجله وقضاياه كرهت وطنا وحكومة وجيشا ينسحب ويدعكم ف الخط الامامي لتواجهون الموت_ اينسحب الجيش ف بلد ليترك الشرطه مكشوفه لتواجه الموت الا في السودان _ الا تبا لك من وطن وايا تبا لك ياسودان_ تري من المسؤول عن رحيلك ياسامي غير هذا المدعو بالسودان فلترقد روحك الطاهرة ياسامي بسلام _روحا اخذت غدرا بيد الموت _لترقد روحك بسلام بقدر ما اعطيت ووفيت وكفيت انا لله وانا اليه راجعون ابن خالتك وصديقك وحبيبك ايمن اخخ من ذكراك ياسامي...

Quote: سامي لأنه لم يكن كوزا ؛ ولم تكن امه كوزه أو ابيه كوزا ؛ فقد ارسل ليقضي سنة الشدة في دارفور ؛ وهو لم يحضر زواج اخته سوسن في العام الماضي؛ كما لم يحضر ولادتها قبل اسابيع ؛ وقد أجلت كرامة الولادة وكرامة المولود حتى يرجع سامي؛ والذي كان قد انهي خدمته وكان يفترض ان يصل الى عطبرة يوم 30 ديسمبر هذا ؛ وقد وصلت المجموعة التي يفترض ان تغيره في نقطته؛ ولكن يبدو ان يد المنون كانت اسرع. هناك معلومات أيضا ان قوات الجيش قد انسحبت من الميدان؛ وتركت افراد الشرطة امام موت محقق .

Quote: قلبي معك يا ست النساء . قلبي معك يا بنت أبي وأمي. قلبي مع كل ام فقدت ابنها في يوم أمس، من الجانبين. قلبي مع كل طفلة فقدت ابيها، وكل خطيبة فقدت حبيبها، وكل ارملة فقدت زوجها. قلبي مع كل طفل تيتم وام اثكلت وأمراة ترملت واخت فقدت حنان الأخ وأخ فقد كتف الأخ وسنده. قلبي معكن يا ايناس وسوسن ومع كل اخوات الضحايا من الجانبين. قلبي معكم يا محمد ومصعب. قلبي مع كل من فقد عزيزا طوال سنين الحرب الملعونة في السودان. دمعي يذرف من أجلكم وروحي تبكي معكم.