خواطر قنبلة قبل برهة الانفجار- قصة قصيرة - يحي الحسن الطاهر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 04:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2012, 12:51 PM

Yahia Elhassan
<aYahia Elhassan
تاريخ التسجيل: 06-13-2011
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خواطر قنبلة قبل برهة الانفجار- قصة قصيرة - يحي الحسن الطاهر

    خواطر قنبلة....قصة قصيرة
    يحي الحسن الطاهر
    كانت الثواني تتقاطر من صنبور الوقت في الساعة الحائطية القديمة المعلقة على باب غرفته ، منسكبة في الجدول الرقراق للأبدية ، كانت بلورات الثواني المتقاطرة تعكس بجلاء لافت ما يجول بالغرفة من أنين مكتوم في جوف القنبلة الموقوتة التي أخفيت بعناية خلف أكداس من مخلفات الأثاثات القديمة للغرفة .
    تك ..تك..تك..
    ...كانت الدقات الخفيضة للقنبلة وهي تسارع الخطى مع انهمار الثواني يشير إلى قرب موعد انفجارها...قم أيها الصغير من مكانك..قم والعب في أي مكان آخر..
    قالت القنبلة وهي تحدق في فزع وشفقة إلى الطفل، الذي لاهيا عن كل ما يدور حوله كان منشغلا بألعابه الصغيرة غير آبه تماما للحضور الطيفي للموت.. وهو يتمشى في بهو الوقت جيئة وذهابا ، مرتديا بنطالا حاكته أنامل قطرات الثواني ، وطرزت حواشيه المدببة بخيوط من لهب مزمجر وانين مكتوم ..
    لا أود أن أنفجر ، قالت القنبلة وهي تحادث ذاتها بتصميم واثق، لا أود أن أكون رسولا للموت ، فأنا أنتمي للحياة ، ولا أدر حقا لم شاء لي القدر أن أكون أنا بالذات بهذه القدرية اللعينة ، كنت أرغب أن أكون شيئا أكثر منفعة ..فأنا أحب الصغار ..ماذا لو كنت أي شيء آخر؟ سيارة تقلهم في نزهاتهم البريئة مع أبوين سعيدين ؟ أو حتى دمية خرساء.. أو ناطقة.. لا يهم ..فقط لا أرغب في هذه الهوية المقيتة ...آلة للموت !! يا للبشاعة
    فجأة سمعت القنبلة صوتا عاليا لوالدة الطفل ، كانت تناديه من بعيد لكي يتناول طعامه ..فرحت وجعلت تحاول أن تلفت نظر الطفل بأن تعلي من دقاتها المخيفة عله ينتبه..ولكن سادرا في غي لعبته الجميلة كان الطفل يمعن في براءة في تجاهل كل همس وصوت.
    تك..تك..تك..
    انهاالحادية عشر إلا خمس دقائق ..قرب موعد الانفجار ..صاحت القنبلة وهي تتحسس الحراك النشيط لجنينها البشع...وتعجبت في حيرة عظيمة :
    كيف تنجب الموت ..كيف لولادة أن تكون إزهاقا للحياة..هذا المولود اللعين موسوم بالخراب ..بالدمار الكلي ..تمنت القنبلة بكل ضراعة :
    ليت شيئا ما يحدث..ليت هذه الأسرة المسكينة تذهب إلى أي مكان..أو ليتني لا أنفجر..أطلت الأم برأسها من باب الغرفة وهي تستغرب عدم حضور طفلها رغما عن نداءها الملح..
    رأتها القنبلة من مكمنها البعيد ...جعلت تناديها:
    هيا أيتها الطيبة ..أنا أتخفى هنا ..هيا أخبري أحدهم ..أنا قنبلة ..ستموتون جميعا ..هيا ...ولكن الأم غير مبالية فيما يبدو ..جاءت لصغيرها معاتبة :
    ألم تسمعني أناديك يا صغيري ؟ هيا أترك اللعب قليلا ..هيا فالجميع في انتظارك ..وسنذهب إلى الحديقة ونشتري لك لعبا جديدة.. وحلوى ..
    فرحت القنبلة ..ولكن فرحتها لم تدم ثوان معدودة حتى سمعت الصغير يغمغم:
    أمي ..لا أريد أن أتناول الطعام الآن ..ولا أريد أي حلوى أو حديقة ...فقط أريد أن ألعب ...
    تك ...تك...تك..
    الحادية عشر إلا ثلاث دقائق..
    قم أيها العاق ...قالت القنبلة في غيظ عظيم ..وهي تنظر إلى الطفل الذي كان يصيح في عربته الصغيرة وهي تجرى في أنحاء الغرفة..ومضت فكرة مشرقة كبرق سني في خاطرها:
    أليس من خواص مادتي أن تجتذب الحديد؟حسنا دعني أحاول أن أجتذب هذه العربة اللعينة وحين يحاول الطفل الوصول إليها فحتما سيهتدي إلى مكمني...سيحاول بفضول الأطفال المعهود أن يتعرف علي..وهاهي أمه هناك مازالت تستصرخه أن يأتي ..وحين تراني في يديه الصغيرتين... ولا أبال بعدها بما سيحدث لي حين يأخذوني إلى أحدهم.. كي يبطل مفعولي..لن أبالي حتى لو ألقي بي بعيدا ..هناك..بلا هوية .. كانت الخواطر تنفجر من خيال القنبلة ...ولكن من قال بأن بداخلي مغناطيسا؟ وحتى لو كان هنالك واحدا.. فهو لا يجتذب سوى الموت والدمار فيما يبدو...ولكن هل تبقى وقت لذلك ..جعلت تحدق في ساعة الحائط.. بينما جنينيها يتدافع في أحشائها.. ويتلوى..أحست بدنو مخاضها ..ثم حدث شيء غريب ..قام الطفل يجري باحثا عن عربته ..صارت ترقبه في لهفة ...هاهو يدنو مني ...ماذا أفعل ..ها انه يبتعد ..وأمه تساعده في البحث ...الثواني لها ثمنها يا سيدتي...صاحت القنبلة.. وهي تتلوى بأنين من مخاضها الوشيك ومن فزعها بما يحمله مخاضها من موت..هيا يا سيدتي..أنا هنا...تحت الطاولة..هيا ..أراك تماما ...نعم ..أنحني قليلا ...هنا ..نعم..هنا...
    تك...تك...تك...
    الحادية عشر إلا دقيقتين فقط..
    لم تتمكن القنبلة إن توقف سيل ذكرياتها التي صارت تنهمر بقوة متحدية..انهمار الثواني..وهذا الرنين المزعج في جوفها منذرا بدمار وشيك..رأت نفسها في زمان بعيد ...مجرد كتلة خامدة من الحديد.. ملقاة في جوف صخرة ..كان الهدوء يغلف كل شيء حينها بغلالاته الشفافة ..كان هناك نهر يهدر أسفل الصخرة ..ولكن مالهدير موجه يشبه هذا الرنين المخيف للثواني المتسارعة بوجيبها إلى الاغتسال في نهر الأبدية ؟ تساءلت القنبلة أتكون هذه إشارة لما سيكون عليه حالها فيما سيجيء من الوقت ؟ ثم هذا الطفل ..أقسم إني رأيته يمرح تحت الصخرة مع أخوته ..وأذكر تماما إن أمه كانت تناديه ..تماما مثلما تفعل الآن ... وكان هو يتغافل .. وكل شيء ..وكنت مغتاظة جدا وقتها من تغافله ..ولكني لا أخفي إنني كنت أجد له عذرا فيه...فالأطفال لا يحبون سوى اللعب...كنت أحاول أن أتواصل بشكل ما مع أمه ..كي تسمح له بالمزيد من الوقت .. وكانت أمه منشغلة عني تماما ...لماذا يبدو البشر بهذا الغباء أحيانا ؟ كثيرا ما شهدت بعض الحيوانات الصغيرة وهي ترعي بجانبي ...تقبل على خطر ما ...مثل السقوط من جرف الصخرة ..وحين أنبهها ...سرعان ما تدرك وتنسحب بسرعة وهدوء .. ماهذا ..أكاد أجن ..أيتكرر كل شيء ..حسنا ..لعلي خلقت كي أكون قنبلة ..ولكني أرفض هذه القدرية..نعم أرفضها ...وسترون ما سأفعل ..تك..تك..تك..لن أنفجر مطلقا ...وليكن ما يكون ..نعم سأكون استثناءا لرفض القدر ..سأنتج قدري الخاص الذي اخترت ..
    الحادية عشر إلا دقيقة ..
    أحست القنبلة بيد صغيرة وطرية تلمس أحشائها ..رأت الصغير ينظر إليها في ذهول ..كلا ..يبدو إنها مجرد هلوسة ...فهاهو ذاك يجري بعيدا ..ويمسك بالعربة فرحا ...أمي ...قد وجدت العربة ..تعالوا نأكل هنا ...ما رأيك..
    لا ...صاحت القنبلة بأعلى صوتها ...لا تأكلوا هنا فتصبحوا وجبة شهية لجنيني الشره ..لا أذهبوا بعيدا ...بعيدا ..اعتراها الإعياء والوهن الذي تعرفه كل من عرفن المخاض..إعياء ما قبل الولادة..
    جاءت الأم عجلى إلى الطفل..
    تعال يا صغيري ...هيا ..أعددت لك كل ما تحب من طعام...
    تك ...تك...تك..
    هيا أيها الصغير الشقي...هيا أذهب مع أمك ..
    ثوان معدودة تبقت ...
    صارت الثواني تتقاطر ببطء أكثر بصورة أدهشت القنبلة...أيكون قد حدث شيء ما ؟ تساءلت وهي تحدق إلى ساعة الحائط التي كانت تسير كالمعتاد ...إنها هلوستي إذن ...لا أود أن أنفجر..ماذا أفعل؟
    جدة 29/10/2011
    قصة قصيرة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de