|
الدوائرُ والمرايا
|
الدوائرُ و المرايا
"كلما حللتُ عُقدةً / طال حبلُ المسافةِ بيننا" – عدنان الصائغ
1/
لك أن تتنزّلَ من بين أردانِكَ... مُلتبساً، ممسوساً بك كما ينبغي.
لك أن تُمسّدَ شحمةَ البياضِ... تربكَ خدّ الغمامِ، تروي شِفاه الضحكةِ النجلاءِ، بأُغنيةِ البزوغِ/تختلي.
إذن... لك أن تُرفرفَ غمّازتيكَ، تُفرقعان بوجهِ تحناني دِفءً، دِفءٌ يطفئني/يعتلي.
لك أنفاسَ الشجرِ، يتشجّرُ على ضفتيكَ غبشٌ، يُرمّمكَ الشغبُ، يَحتملكَ النذرُ، بأشجانِكَ يرتمي.
لك أن تبحثَ في زوايا الصدًى عن يديكَ... لك زغزغتها، لك الائتلافَ بها، لك الالتحامَ بأدرانِ من صافحتْ، لك ضحكتها اليتيمةَ الشارِدةَ، مجروحةً بمسامٍ حبكها صوتُكَ، فلم تأبه للمزاميرِ/تنتهي.
إذن... فلك النواحَ تُداعبهُ بأظافِرِ العبوسِ، فتنتشيّ الجراحُ، يتغشّانا المطرُ/نكتوي.
2/
يُمكنك أن تفتحَ جمري/تلهبني. يُمكنك اقتحاميّ برداً واحتِراقا، يُمكنك تنقيط المسارِ، إنقاصَ الدوائرِ... إذن... لا تُغادرني بكُلِّ هذا اللطفَ، يختلُّ قدري/أنكفئ...
بينما كُلُّ هذا، وأقلّ... . . . لك أن تتسلّلَ خيطاً مُمغنط الإيحاءِ، لك المُكُوثَ شارِداً في شُرفِ البهجةِ، لك أن تلوكَ أوداجَها تحت ذريعةِ الضوءِ، لك أن تبهجَها، لك أن تقلقَها بجناحين، لتربِكَ المسارَ... لك المدارَ، نحنحةَ الخيلِ للغزلِ.
حينما تقفَ على ساعِدِ بصرِكَ، كل ذلك لكَ، وأقلَّ... فتعالَ يحفُكَ النضارُ، تُخاصرُكَ المداراتُ/تلتقي...
لك أن تعبرني، أو تعتبرني مكيدةً حُبكتْ باقتدارٍ، كي تزلَّ... فيا قضائي: أنا الآن موقِناً، أنتظرُكَ مفتوحاً بكَ هكذا، كبحرٍ... لنغرقَ بمحارٍ، وقرارٍ، وفنارٍ مُكلَّلِ.
لك أن تلجأ لك، فتخرجني ملءَ الصمتِ صمتاً، لك أن نحتارَ... ولك أن نمضي في تصاريفِ الأوتارِ، قتلى بالخللِ.
كمدينةٍ كشط الضوءُ صخبَها، المُنبعثَ من مقدِرةِ السُّراةِ، على اِرتيادِ نتوءاتٍ قريبةٍ... لكَ أن تذخّرَ أبعادكَ صخباً بانتظارِهم... لك البصرَ، ووردةً بلا أبوابٍ، شائكةً مُتفتِّحةً كنهارٍ وأنجمِ.
3/
هل مشيتُ بخاصِرتِكَ أبعد من نُقطةٍ، إذن... فرسمُ الإيابِ بلا محطَّاتٍ عليكَ، عليَّ فضّ الانتظارِ/تجشُّمي.
أهديتني خنجراً للمسافةِ، وكلِمةً للأصدِقاءِ، وأعيناً ماطِرةً للوطنِ، وبيتاً منك يطردُ حُمّى الهذيان... لك أن تختبرني: مبتورُ المسافةِ والوطنِ، تتناوبُني الأقدارُ... يرجمُني غضبي.
لكَ أن تكونَ يتيماً كما أنتَ، أو تأخُذني يا شغبي إليكَ... فنُنشئُ بأوردتي المثقوبةِ وطناً، وبمحطَّاتِ الشجنِ رهِقي.
لا آبه إن طَرقني عداكَ، سينفتحُ على مِصراعيهِ ظِلّي، يُدوخُني السُكُونُ، فالبيتُ لكَ والمتاعُ والإزارُ، ونزفي، ونزقي.
4/
بالأمسِ... ساعةُ الهُواجِسِ المُحتدِمةِ، كُنا قريبين... تلامسنا كنافِذةٍ ورياحٍ لا تنثني...
لكَ أن تُحدّثني مُتلاطمُ المزاجِ، مُلتهبُ الأفكارِ، فمثلكَ يُسُورُني وجعي...
وبينما بالإمكانِ رفضي، ترفضني: إذن... لك أن تُعلمُني كيف أُثارَ بموكِبي.
يُمكنكَ أن تكتحلَ بأشجاني، رتق ضحكاتي المُلتهِبة، شهر تذمُّري.
لك أن تنتقي من خطواتي نحوكَ، اندِحاري وتأزّمي/ انتِشائي وتبعثري.
....
لك الأصابِعَ والدوايةَ، لك الدَوائِرَ والمرايا، لك كُلَّ تمثُّلي.
19/11/2006م
http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi...538812&func=flatview
|
|
|
|
|
|