|
وقفة وداع للزميل الشهيد عبدالحى الربيع احد شهداء طائرة تلودى
|
إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافى الأرحام .. وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي ارض تموت إن الله عليم خبير (صدق الله العظيم )
كلما أمسكت بكتاب الله ألوذ به من غياهب الحياة الدنيا بغية اغتنام جرعة روحانية بين السطور الجليلة وجدت يدي وعيني تسبقني لهذه الآية الكريمة التي تختتم سورة لقمان لما فيها من قضية طالما وقفت عندها مدارك البشر الضئيلة أمام قدرات فاطر السموات والأرض العلى القدير ,, ألا وهى قضية الإنسان كونه مسيرا أو مخيرا .. ففي بعض الأحيان تراودني فكرة أن الإنسان بطبيعة الحال مسير وفقا لما ترسمه له الإرادة السماوية وتارة أخرى أنه مخير لأن الله سبحانه وتعالى أودع فيه نورين هما اللب والقلب وبهما يتخير مسلكه في الحياة سواء خيرا أم شرا ويجنى ثمرة ما قدمت يداه ويحاسب على ذلك إما بالإثابة أو الجزاء .
ففي صباح يوم الأحد أول أيام عيد الفطر المبارك توضأ وصلى الفجر وجلس يسبح لله يحمده ويستغفره .. وهو لا يعلم أنها خاتمة أعماله لهذه الحياة فسبحان من اليه الرجعى فقد أبت نفسه إلا أن يأتي الله طاهرا نقيا .. ساعتها سرت في مسارب النفس موجة تباريح الحنين والشوق الضارب في شعاب السنين حين أضحى في لحظة من عمر الزمان ولم يمهله الشوق إلى الله فقد عرجت روحه إلى بارئها وذهب في ضيافة الرحمن في ملكوته وهو يحمل التقى والصلاح .
عندما تمددت أجنحة الحزن وتكسرت أشرعة الوجد في لوعة الزمن المفقود على شواطئ الشوق وخبأ إلى الأبد خفقان الود والحنين وتوقف القلب الكبير الحاني عن النبض .. حينها طرز قميص الليل بغرة الفجر وباح بسره ليخلع الليل ثياب الظلمة الحالكة مفسحا المجال أمام الصبح المسفر ، وعندما تناثرت عقود النجوم في حضرة الجوزاء وانطفأ قنديل الثريا مؤذنا برحيل البدر وحان موعد صلاة العيد .. وقتها أذن الله برحلة الوداع أن تبدأ فكانت بداية النهاية لآخى وصديقي وزميلي ( عبدا لحى الربيع )
رحل عنا خلسة وترك جرحا غائرا لن يندمل وغصة ومرارة نتجرعها فقد أسبلت جفناه وراح في نومة أبدية لا صحوة بعدها إلا يوم العرض عليه سبحانه وتعالى .. اللهم أجزل له العطاء بقدر ما أعطى وبذل .. اللهم أنه عبدك أتاك وليس له زاد إلا تقواك فأبسط يدك اليه وأجعله مع الكرام البررة المتكئين على الأرائك وأسقيه برحمتك من الرحيق المختوم وأجعله من الذين في سرر مرفوعة ونمارق مصفوفة وذرابى مبثوثة .. نسألك أن تفرغ علينا صبرا نعبر به بؤرة أحزاننا وأن تسبغ علينا نصرا من عندك وتعيننا على شدائد الدهر ونوائبه .
وفى هذه اللحظات هرعت إلى المصحف الشريف اقلب صفحاته الجليلة وتوقفت عند ما تدرى نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .. صدق الله العظيم ومن هذه اللحظات لم استطع حبس دموعي فسالت على خدي وبت في قلق من مواجهة ذات المنقلب وتسلل الشيطان بوساوسه الكريهة إلى نفسي .. وحاولت قدر طاعتى صرف هذا الخاطر من ذهني وذهبت فورا لأتوضأ وأسجد لله العزيز القدير مستغفرا ومنيبا اليه . إنا لله وإنا اليه راجعون .. ولاحول ولاقوة إلا بالله .
تاج السر
|
|

|
|
|
|
|
|
|