للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 12:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-06-2012, 07:36 PM

محمد مصطفي مجذوب
<aمحمد مصطفي مجذوب
تاريخ التسجيل: 09-22-2010
مجموع المشاركات: 1298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيين

    جائني بالبريد من الصديق الاستاذ الكريم جمال كرار ترجمة بابكر فيصل بابكر الرائعة للنص الكامل لخطاب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان برينستون ليمان بمركز مايكل أنصاري بالمجلس الأطلنطي للعلاقات الدولية والذي قامت بنشرة سودانايل وانا اعيد نشره هنا لاهمية ليمان وخطورة ما كتب.والذي يأتي غالبا في شكل خارطة طريق
    Quote:
    أود في البدء أن أتقدم بالشكر لمركز مايكل أنصاري لإتاحته الفرصة لمناقشة قضية هامة تخص علاقة الولايات المتحدة بأفريقيا. أنا مُمتن لجي بيتر فام مدير المركز لترتيب وإدارة لهذه الجلسة.

    السودان والسودانيين

    عند الحديث عن السودان غالباً ما يتم التركيز على إتفاق السلام الشامل والعلاقات بين السودان وجنوب السودان. على الرغم من أنَّ هذه الموضوعات تشكل أهمية كبرى إلا أنها في بعض الأحيان تطغى على أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان.

    في 12 أبريل من هذا العام وجه الرئيس أوباما رسالة عبر الفيديو إلى الشعب السوداني في السودان وجنوب السودان قال لهم فيها " إنَّ مستقبلكم مشترك". " لن يستطيع شعب منكم العيش بسلام إذا كان جاره يشعر بالتهديد. لن يشهد أياً منكم تنمية وتقدم إذا رفض جاره أن يصبح شريكاً له في التجارة". كان الرئيس يخاطب جوهر سياستنا تجاه السودان. كان هدفنا من إتفاق السلام الشامل بمجرَّد أن إختار الجنوب الإستقلال هو وجود دولتان قابلتان للحياة تتعايشان بسلام وتستفيدان من فرص التعاون الإقتصادي والتنمية. بدون ذلك, بدون أن تكون الدولتان قويتان ومسالمتان ومتطورتان إقتصادياً فإنَّ حظوظ كلاً منهما ستكون في خطر.

    حتى الآن إتسمت علاقاتنا مع السودان بالإضطراب. لقد ظللنا لقرابة عقد من الزمن على خلاف بشأن دارفور, و على وضع المفاوضات مع جنوب السودان, ومؤخراً النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق. في وقت سابق خلال عقد التسعينيات وضعت الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب الدولي. مع تطور الصراع في دارفور و الإتهامات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان ضد حكومة السودان فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على السودان. معظم هذه العقوبات تمَّ تحويله إلى قوانين ما تزال سارية حتى اليوم.

    هذا ليس وضعاً يفسح المجال بسهولة لتطبيع العلاقات. لقد فرض هذا الوضع قيوداً على تفاعلنا في المستويات العليا, وقد أثر ذلك على قدرتنا على القيام بدور أكثر نشاطاً في المفاوضات في إطار اتفاق السلام الشامل. وقد تولد عنه الشك والعداء العام في كثير من الأحيان بين بلدينا. قبل كل شيء, حرم بلدينا من تحقيق الفوائد المرجوة من وجود علاقة طبيعية : العلاقات السياسية والأمنية,والفوائد الاقتصادية التي يمكن أن يجنيها البلدان. ليس من مصلحتنا أن تكون العلاقات مع السودان سيئة. في أوقات سابقة كان لدينا برامج مساعدة حيوية في مجالات التعليم والزراعة, وغيرها من المجالات. حتى في ظل الظروف الراهنة فإنَّ سفارتنا تساهم في تلبية الاحتياجات الإنسانية وبناء القدرات, ولكن مع التطبيع يمكننا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير. ويحزننا نحن الذين نعرف التاريخ الغني والتقاليد, والثقافة, وحسن الضيافة التي يتمتع بها الشعب السوداني أن لا نكون على علاقة دافئة وودية كما كنا في الماضي.

    لكن كيف ننتقل إلى علاقة أفضل ؟ ليس من المعقول أن ندعي أن القضايا التي بيننا ليست مهمة أو ليست ذات صلة بطبيعة علاقتنا. كما أنه ليس من السهل الفصل بينها – القضايا - إلى الحد الذي يمكن أن نتجاهل بعضها ونقوم بحل البعض الآخر. علينا أن نكون صريحين مع بعضنا البعض بخصوص مصادر الخلافات وما يتوقعه كل طرف من الآخر.

    الاقتراح الذي أريد طرحه اليوم هو أن حل هذه القضايا أمر جيد بالنسبة للسودان كما هو الحال بالنسبة للعلاقة مع الولايات المتحدة. وأعتقد, ويحدوني الأمل أن يعتقد السودانيون كذلك , أنَّ أية شروط, أو اقتراحات، أو توصيات من طرفنا بخصوص تطبيع العلاقات ستكون مفيدة أيضاً للسودان, وهذا ليس لأننا أوسع حكمة, أو أكثر معرفة وخبرة وفهماً للسودان من السودانيين أنفسهم, ولكن لأن هدف التطبيع بالنسبة لنا كما قلت هو وجود دولة سودانية مسالمة وقابلة للحياة, ومتطورة اقتصادياً وشريكة في المجتمع الدولي. الشروط التي نبحث عنها هي تلك التي نعتقد بصدق انها تتفق مع مصالح السودانيين في السلام والتنمية. و قد يختلف السودانيون مع بعض هذه الشروط. لكن أود أن أطلب أن يختلفوا معنا ليس من باب الشك في دوافعنا ولكن لأنهم يرون طرق أفضل لتحقيق هذه الأهداف. وسنكون كلنا آذاناً صاغية.

    لبَّ الموضوع

    بعد الفراغ من اتفاقية السلام الشامل وانفصال الجنوب كانت أمام السودان فرصة وكذلك كانت هناك بعض التحديات الهائلة. كانت الفرصة هى تجديد نفسه , حيث أضحي بمختلف المعايير بلداً جديداً,بحدود جديدة، و توازنات جديدة في التركيبة العرقية والدينية, و كذلك فتحت أمامه طرقاً جديدة للحكم. هذه العملية لا تزال جارية و يمكن لهذا البلد الجديد أن ينظر إلى الوراء للإسترشاد بلحظات فخر في تاريخ ما بعد الاستقلال . ولكن حجر العثرة في سبيل هذا التجديد يتمثل في النزاعات و تركة السياسات والممارسات الضارة السابقة. لا يمكن للسودان التعامل مع المشاكل المستمرة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق وأماكن أخرى من البلاد بنفس نظام الحكم الذي لا يلبي حاجة ساحة سياسية أكبر، ومطالبة أكبر بتقاسم الثروة والفرص, وبالمزيد من الديمقراطية. إنَّ محاولة قمع هذه المطالب عسكرياً أدى إلى استمرار الصراع. هذه هى الحلقة المفرغة التي تحرم السودان من الفجر الجديد.

    لكن لماذا يسبب هذا قلقاً للولايات المتحدة ؟ بصراحة أكثر, ما شأننا نحن ؟ أود أن أقول أن هذه القضايا هي في صلب الخلافات بيننا. إنَّ النظر إلى أشكال القمع العسكرية أو غيرها يضع السودان في صراع ليس فقط مع الولايات المتحدة ولكن مع الكثيرين في المجتمع الدولي. حماية حقوق الإنسان, وقواعد الحرب, والممارسات الإنسانية أضحت مجالاً لإهتمام العالم كله في الوقت الراهن. وقد تم إدماجها في القرارات والقوانين التابعة للأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية الأخرى. وعندما تشكل الممارسات والسياسات التي تنتهك هذه القواعد خطراً على السلام والأمن في المنطقة أو خارجها، فإنها بالتأكيد تؤثر على العلاقات مع الآخرين.

    لكن بالعودة إلى مقترحي الرئيسي فإنَّ هذه القضايا تضر كذلك بالسودان والشعب السوداني. السودان اليوم ينفق أكثر من نصف ميزانيته على قوات الأمن لدعم القتال في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور, و لمعالجة الاضطرابات في الشرق, و في الاشتباكات على طول الحدود مع جنوب السودان. هذا في الوقت الذي يواجه فيه السودان اجراء تعديلات إقتصادية كبيرة بسبب فقدان النفط إلذي ذهب لجنوب السودان. لقد اضطر السودان إلى خفض دعم حيوي كان يذهب للفقراء وللطبقة الوسطى. وهو كذلك يعني تقليص البنية التحتية وغيرها من الاستثمارات. حتى قوات الأمن تواجه التخفيضات. التضخم بلغ الآن حوالي 40٪, والكثير من العائلات تواجه صعوبة في وضع المواد الغذائية الأساسية على طاولة الطعام. لقد أدت هذه الظروف إلى احتجاجات واسعة النطاق كان الرد عليها بالإعتقال, وهناك مزاعم بالتعذيب، وقمع المعارضة. ويحزننا أن نعلم أن ما لا يقل عن سبعة طلاب قتلوا في نيالا في 31 يوليو. لا ينبغي أن تكون هذه هى الكيفبة التي يتم بها التعامل مع المعارضة. يمكن للسودان أن يجرب السلام, وليس فقط السلام مع جنوب السودان, ولكن السلام داخلياً. نفس القضايا التي تقف حائلاً في طريق السلام هي التي تعوق تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. بالتالي كيف يمكننا المضي قدماً ؟ وأنا على يقين إنه بإستطاعتنا التقدم.

    دور الولايات المتحدة

    كان هناك الكثير من النقاش حول التاريخ الحديث للعلاقات بين الولايات المتحدة والسودان. في الواقع هناك الكثير من الاتهامات من داخل السودان. لقد اتهمت الولايات المتحدة باستمرار ب "تحريك قوائم المرمى", تغيير الشروط التي تمكننا من إحراز تقدم, على سبيل المثال، موضوعات مثل إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب و دعم تخفيف عبء الديون وما شابه ذلك. هناك اتهامات بأننا في الواقع لا ندعم فقط ولكننا نعمل بنشاط على تشجيع تغيير النظام. و ليس من المستغرب أن الشك يدور في أذهان بعض السودانيين حول المدى الذي سيستغرقه تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. اريد أن أوضح هذا بجلاء اليوم, وعلى السودانيين أن يقرروا إن كان ما نسعى إليه هو في الواقع يحقق مصلحتهم أم لا، وإذا كان يستحق القيام به أم لا.

    بداية لا بد من إعطاء خلفية تاريخية. صحيح أنه في المراحل النهائية من المفاوضات حول اتفاق السلام الشامل أشارت الولايات المتحدة الى انَّ توقيع الاتفاق مصحوباً معهُ تأهل السودان بموجب تفاصيل القانون سيُمكن السودان من أن يرى إزالة إسمه من لائحة الارهاب. لكن دارفور غيَّرت البيئة التي يمكن أن تتحقق فيها هذه المصالحة. طوال السنوات من 2004 إلى اليوم، إستهلك الصراع هناك الكثير من الاهتمام ليس فقط من قبل الولايات المتحدة ولكن كذلك من مجلس الامن الدولي. بشق الأنفس تم الوصول لإتفاق حول المساعدات الإنسانية , وتم نشر قوة لحفظ السلام ذات مصداقية, وبدأ التقدم نحو تسوية سياسية. كان هناك الكثير من الخلاف بين بلدينا حول هذه المسألة. حتى اليوم، لا تزال هناك قضايا المساءلة، وتحقيق الأمن في دارفور، وعودة ما يقارب 2 مليون شخص من النازحين داخلياً.

    ومع ذلك عادت الولايات المتحدة لمسألة التطبيع مع اقتراب الاستفتاء في الجنوب والانتهاء من اتفاق السلام الشامل. في نوفمبر 2011 وضع الرئيس أوباما خارطة طريق للتطبيع. في خارطة الطريق قالت الولايات المتحدة انه اذا سمح للاستفتاء المقرر عقده في 9 يناير 2011 أن يمضي قدماً دون تدخل و تم الإعتراف بنتائجه فان الولايات المتحدة سوف تبدأ عملية لإزالة إسم السودان من لائحة الارهاب. لقد كان هناك جدول زمني محدد للقيام بذلك. يتوجب على الإدارة الأمريكية فحص ستة أشهر من النشاط من قبل البلد المعني حتى تتأكد من وجود أي دليل على دعمه للإرهاب الدولي.
    إذا قرَّرت الإدارة أنَّ البلد المعني لم يقم بدعم الإرهاب فإنها تقوم بتحويل القرار للكونغرس الذي يعطي رداً خلال 45 يوماً. قام الإستفتاء في موعده, واعترف السودان بنتائجه, صوَّت جنوب السودان للإنفصال. بعد ذلك بدأ الرئيس أوباما فترة الستة أشهر. كذلك طلبت الولايات المتحدة من البنك الدولى تكوين لجنة فنية لبدء عملية التأكد من أحقية السودان في إعفاء الديون, وكذلك أصدر رخصاً للعديد من الشركات الأمريكية لمساعدة السودان في التنمية الزراعية. وعدت خارطة الطريق بالمزيد من الخطوات في حال التوصل لحل للقضايا الأساسية العالقة بين السودان وجنوب السودان, وحقق جنوب السودان إستقلاله في 9 يوليو.

    تقاطع تطوران هامان مع خارطة الطريق. التطور الأهم كان إندلاع القتال بين الحكومة والحركة الشعبية - الشمال في يونيو 2011 بجنوب كردفان وبلوغه ولاية النيل الأزرق. عادت الدائرة الفظيعة التي تحدثت عنها سابقاً للحدوث مرة أخرى. تحولت الحكومة – كما فعلت في دارفور – لإستخدام القصف الجوي الذي شمل قصف المدنيين, والأسواق, والمواقع غير العسكرية الأخرى. الجيش والمليشيات شرعت في عمليات للإعتقال العشوائي والقتل وحرق القرى. رفضت الحكومة دخول المساعدات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية – الشمال رغم توقعات المجاعة الطاحنة. حتى اليوم هرب أكثر من 200 ألف لاجىء من المنطقتين, وما يزال مئات الآلاف في الداخل يواجهون الخطر. في مثل هذه الظروف فإنَّ المطالب الشرعية التي تنادي بها الحكومة – مثل الإعتراض على وجود جيشين في دولة واحدة – تم التغطية عليها بإنتهاكات حقوق الإنسان والقواعد الحديثة للحرب التي وقعت في المنطقتين. هذه أمور خطيرة, وتجعل من المستحيل على الولايات المتحدة المضي قدماً في التطبيع مع الخرطوم كما كانت تنتوي. ومع ذلك إستمرَّت الولايات المتحدة.

    المشكلة الثانية التي واجهت خارطة الطريق كانت القضايا العالقة بين السودان وجنوب السودان التي لم يتم حلها مع إقتراب 9 يوليو والتي لا يمكن أن نحمل السودان وحده مسئوليتها لأنها قضايا شائكة و تشمل تفاوضاً بين طرفين. لذلك قدمت الولايات المتحدة للحكومة السودانية في نوفمبر 2011 مقترحاً بوقف القصف على المدنيين في هاتين المنطقتين, والسماح بوصول المساعدات الإنسانية, والبدء في محادثات سياسية مع الحركة الشعبية – شمال, مقابل أن تستمر عملية شطب إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ولكن السودان لم يستجب. خلاصة القول, في كل مرة نكون فيها مستعدون للمضي قدماً في تحسين علاقاتنا, فإنَّ الحرب والإنتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان تعوق جهودنا.

    لا أحبذ المضي قدماً في هذه التفاصيل التاريخية لأنها كانت مصدراً للجدل والإتهامات بسوء النية, و إتهامات الطرف الآخر بكسر قواعد السلوك الدولي, وما إلى ذلك. أنا لا أريد إعادة صياغة تلك الحجج هنا. ذلك لن يوصلنا إلى أي نتيجة . بدلاً من ذلك، أريد أن نتطلع إلى الأمام, أن ننظر إلى الحالة و الوقت اللذان لم تكن فيهما العلاقات فقط مطبَّعة بين بلدينا بل كانا يعملان سوياً من أجل السلام والتنمية.

    أسمحوا لي أن أعيد التأكيد على أن الولايات المتحدة تريد أن تكون لها علاقات طبيعية و مثمرة مع السودان. لدينا الكثير من التاريخ المشترك. لدينا أهداف مشتركة عديدة. لدينا فرصة للتعاون المثمر من أجل السلام والاستقرار والتنمية.

    سيناريو متخيَّل للعلاقة الجديدة

    اسمحوا لي أن أطلب منكم أن تتخيلوا تلك العلاقة وما يمكن أن تكون عليه. سيكون في السودان حكومة على استعداد لمعالجة القضايا الأساسية التي سببَّت له النزاع الداخلي ونتجت عنها هذه الظروف الاقتصادية الصعبة. هذه هي القضايا الأساسية للحكم التي ظلت قيد المناقشة في البلد. الحكومة ستظهر نفسها بصورة الحكومة المسؤولة، والملتزمة بالديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، و ستعمل على مأسسة هذه المبادىء من خلال عملية دستورية تستند الى قاعدة واسعة, عملية يتم فيها إشراك الناس من جميع أنحاء البلاد. إذا كانت نوايا الحكومة واضحة وذات مصداقية للشعب السوداني فأنها ستكون ذات مصداقية للمجتمع الدولي. ستنهي الحكومة أي قصف للمدنيين وتدعو إلى وقف الأعمال العدائية في المنطقتين وتشرع في محادثات سياسية مع خصومها هناك. وسترحب بالعرض المقدم من المجتمع الدولي لتقديم الإغاثة الإنسانية الملحة لشعبها في المنطقتين وبالتالي تجنب المزيد من المعاناة الإنسانية. العملية الدستورية ستعالج قضايا الحكم في دارفور ووضع حد للصراع هناك. وسيتم وضع برامج مستدامة إنتظرها الناس طويلاً لتحقيق العدالة , وتسوية قضايا الأراضي والتعويضات والعودة الطوعية . ستسعى الحكومة إلى إيجاد حل سريع وذو مغزى للقضايا العالقة مع جنوب السودان, بما يسمح بإستئناف إنتاج النفط وتصديره, و ترسيم الحدود, والاتفاق على كيفية حل قضايا الحدود المتنازع عليها مثل قضية أبيي. ستستأنف التجارة بين البلدين وهو الأمر الذي سيخفف من المعاناة الاقتصادية للعديد من المواطنين على جانبي الحدود.

    تخيَّلوا معي رد فعل المجتمع الدولي و خصوصاً الولايات المتحدة. سنستخدم نفوذنا لضمان إستجابة الحركة الشعبية –الشمال الى وقف القتال في المنطقتين واستعدادها غير المشروط للمشاركة في القضايا السياسية والأمنية التي أدت إلى هذا الصراع. سنستخدم جميع مواردنا ونفوذنا للتأكد من أن جنوب السودان سيرد بنفس الروح وأن تكون هناك مقترحات سريعة وذات مغزى من جنوب السودان لضمان سلمية الحدود , والتجارة، والتعاون. سندعم استخدام قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في اى دور يمكن أن تقوم به في هذا الصدد, كمراقبين, ومحققين, أو بتواجدهم على الحدود أو أى مكان يتفق حوله البلدان. سنقوم – ومعنا شركائنا الدوليين - بإرسال إشارة قوية إلى كل المجموعات المسلحة بأنَّ مبررات القتال لم تعد موجودة, وأنَّ من يواصل منها القتال سيتعرض للعقوبات.

    ليس هذا فحسب بل سيكون هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير. يمكنني تصور القوات المسلحة السودانية و لم يعد ينظر إليها كأحد الجيوش التي تنتهك المعايير الدولية ولكن كجيش محترف بدرجة كبيرة وله علاقات قوية مع العديد من الدول ذات السمعة المماثلة. وهذا الإصلاح يمكن أن يتم , ولكنه كغيره من التغييرات قد يستغرق بعض الوقت ولكن الاتجاه سيكون واضحاً من التغيير في السياسات المذكورة أعلاه. أستطيع أن أرى عودتنا إلى العلاقات المهنية التي ربطتنا مع القوات المسلحة السودانية في فترة سابقة. ستكون هناك مرة أخرى تبادلات بين مدارسنا و كلياتنا العسكرية. ويمكن أن تساهم القوات المسلحة السودانية في قوات حفظ السلام في أفريقيا وخارجها. وسيتطور اهتمامنا المشترك بمكافحة الارهاب بصورة أقوى.

    الأهم من ذلك كله سيكون هناك تعاون اقتصادي. سوف تعمل الولايات المتحدة مع المجتمع الدولي لحشد الدعم الاقتصادي للسودان لمساعدته على تجاوز الفترة الإنتقالية بعد خسارته جزءً كبيراً من إيراداته النفطية السابقة. وهذا سيكون جزءً من التسوية مع جنوب السودان لإستئناف إنتاج النفط. الإدارة الأمريكية سيكون لديها الأرضيَّة لإجراء مشاورات مع الكونغرس لرفع العقوبات التي حالت دون وصول السودان إلى الدعم المقدم من مؤسسات التمويل الدولية, واستخدام النظم المصرفية الدولية. من المؤكد أنَّ هناك بلداناً أخرى ستتحرك في نفس الاتجاه أيضاً. و هو ما سيُمكن السودان من الإستغلال الكامل لموارده الزراعية والمعدنية الغنية . أخيراً, يمكن للولايات المتحدة استئناف عملية إزالة إسم السودان من لائحة الارهاب, وهو الأمر الذي سينهي تلقائياً بعض العقوبات والقيود الأخرى.

    قد يجادل البعض في أن توجهات السياسة العامة التي وصفتها أعلاه والتي من شأنها أن تضع السودان في اتجاه جديد هي أهداف أمريكية لا تعكس بالضرورة احتياجات السودان. في الواقع لقد دعت لهذه الأفكار طائفة واسعة من المجتمع السوداني. لقد تمَّت الدعوة إليها من قبل السياسيين وأحزاب المعارضة والطلاب الذين سعوا بشجاعة ليكون لهم صوت مسموع في هذه القضايا, وأولئك الذين حملوا السلاح. وكذلك جرى الترويج لها أيضاً من قبل البعض في الحكومة و في الحزب الحاكم, والأجهزة الأمنية. لقد تحدَّث عضو بارز في حزب المؤتمر الوطني في الآونة الأخيرة عن ضرورة " قيام وحدة وطنية قوية ودائمة تنبني على دستور توافقي. منظور الدستور الجديد – كما قال - يجب أن يكون واسعاً بما يكفي ليشمل قضايا مثل تقاسم السلطة و اللامركزية و التنمية الاجتماعية والاقتصادية, والعلاقات بين المركز والأطراف, وتعريف أشمل للعدالة ". والمح عضو الحزب الحاكم إلى الجانب المضىء في ثورات الربيع العربي التي أعطت زخماً لقضية الديموقراطية, وقال إنَّ " صعود الحركات الإسلامية في العديد من البلدان العربية, وفي تركيا قبل ذلك يجب أن يؤكد للإسلاميين الحاكمين في السودان أنَّ النظام الديموقراطي يمكن أن يعمل لصالحهم."

    مسارات التجديد

    لقد عاش السودان وقتاً طويلاً من تاريخه في حالة حرب. عندما يتحدث الناس عن التغيير, وخاصة تغيير النظام, فإنهم يعنون في كثير من الأحيان التغيير العنيف, لكن السودان لا يحتاج الى المزيد من الحروب. الالتزام بالحرب لن ييحدث التجديد الذي يستحقه السودان . من المؤكد أنَّ الحل لا يتمثل في المزيد من الحروب و المزيد من الوفيات والنزوح . الحرب و العنف لا يمثلان ضرورة لتحقيق التغيير. ما يتطلبه الأمر ( أى التغيير) هو التزام عدة أطراف من الطيف السياسي داخل وخارج الحكومة, من مختلف الأحزاب والمناطق, وحتى من أولئك الذين شاركوا من قبل في الأعمال القمعية و لكنهم يجدونها اليوم غير مجدية, بالعمل معاً لإيجاد طريقة جديدة للمضي قدماً. تحقيق التغيير لا يعني الحرب إنما يعني التزام من أولئك الذين لديهم الفرصة, والموقف, والجماهير, ونوعية القيادة القادرة على تجميع الأمَّة في صعيد واحد حول المسار الجديد. وهذا بالطبع سيكون تحدياً صعباً من العديد من النواحي. سوف تكون هناك مناقشات, ومقاومة للتغيير من جهات عديدة, الجدل سينصبُّ حول طريقة ومدى سرعة التغيير, وطالما كان هذا النقاش جزءً من العملية السياسية فإنَّ إدارته ممكنة من قبل قيادة قوية وملتزمة.

    إذا أمكن تمرير هذا المسار فإنَّ الولايات المتحدة سوف تستجيب. وسوف نعمل على إقامة علاقة جديدة ومثمرة. بالنسبة للولايات المتحدة سيوفر هذا المسار وسيلة لتحقيق هدفنا رقم واحد الذي أكدَّه الرئيس أوباما مراراً وتكراراً : السلام لجميع السودانيين. مع السلام ستزدهر علاقتنا في كل النواحي . مع السلام سيصبح السودان شريكاً مرغوباً فيه من أجل السلام في المنطقة, وفي كل أفريقيا. مع السلام ستعرف حياة السودانيين إمكانيات جديدة، و ستتجدد, وسيعرفون حياة أفضل لأطفالهم, ولأحفادهم, وللجميع .

    المصدر http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-19-45-21/4...layout=default&page=
                  

08-07-2012, 11:24 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48819

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: محمد مصطفي مجذوب)
                  

08-07-2012, 11:42 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37012

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: سارات التجديد

    لقد عاش السودان وقتاً طويلاً من تاريخه في حالة حرب. عندما يتحدث الناس عن التغيير, وخاصة تغيير النظام, فإنهم يعنون في كثير من الأحيان التغيير العنيف, لكن السودان لا يحتاج الى المزيد من الحروب. الالتزام بالحرب لن ييحدث التجديد الذي يستحقه السودان . من المؤكد أنَّ الحل لا يتمثل في المزيد من الحروب و المزيد من الوفيات والنزوح . الحرب و العنف لا يمثلان ضرورة لتحقيق التغيير. ما يتطلبه الأمر ( أى التغيير) هو التزام عدة أطراف من الطيف السياسي داخل وخارج الحكومة, من مختلف الأحزاب والمناطق, وحتى من أولئك الذين شاركوا من قبل في الأعمال القمعية و لكنهم يجدونها اليوم غير مجدية, بالعمل معاً لإيجاد طريقة جديدة للمضي قدماً. تحقيق التغيير لا يعني الحرب إنما يعني التزام من أولئك الذين لديهم الفرصة, والموقف, والجماهير, ونوعية القيادة القادرة على تجميع الأمَّة في صعيد واحد حول المسار الجديد. وهذا بالطبع سيكون تحدياً صعباً من العديد من النواحي. سوف تكون هناك مناقشات, ومقاومة للتغيير من جهات عديدة, الجدل سينصبُّ حول طريقة ومدى سرعة التغيير, وطالما كان هذا النقاش جزءً من العملية السياسية فإنَّ إدارته ممكنة من قبل قيادة قوية وملتزمة.


    وهل ترى امريكا في توجهات نظام الانقاذ الحالية اي نذر للتحول الديموقراطي..او التقيد واحترام المعايير الدولية لحقوق الانسان..
    اذا كان النظام نفسه لا يحترم مبادرات منتسبيه -مبادرة نافع -عقار ويتخبط في متاهته
    وهل امريكا حتى هذه اللحظة وهي تعرف اتفاقية نيفاشا جيدا وانها قادرة على حل كل مشاكل السودان العالقة في الشمال تقوم بالدور المطلوب
    هل امريكا مع تفكيك النظام ام اسقاطه بالفصل السابع حتى هذه اللحظة مع الاخذ بمعاناة النازحين بالملاييين في كل السودان وفي مناطق العلميات
    ولماذا لا توفر للمعارضين والاكاديميين السودانيين برنامج متخصصة عن السودان في فضائية الحرة التي صنعت خصيصا لنشر الوعي بالديموقراطية نفسها في الشرق الاوسط حتى تتكون الكتلة الحرجة المذكورة اعلاه القيادة الملتزمة بالتغيير وباقل خسائر...
                  

08-10-2012, 01:03 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37012

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: adil amin)

    الاخ العزيز مجذوب
    تحية طيبة
    عليك الله في خارطة طريق اوضح من نيفاشا الجابوها الجمهورييين وما قدر الديموقراطيين استثماراها لصالح السودان لاسباب تتعلق بالربيع العربي

    وهذا ايضا مقال مهم جدا للمبعوث الامريكي السابق
    جبتو ليك هنا للمقارنة

    أبعد من دارفور
    بقلم بقلم اندرو ناتسيوس (المبعوث الأمريكي السابق إلى السودان)

    ترجمة محمد المكي ابراهيم

    نقلا عن منبر الشاهد
    لم تستحوذ قضية دولية على اهتمام الشعب الأمريكي كما فعلت الفظائع التي حدثت في دارفور فقد قادت الحكومة السودانية وحركة الاستعلاء العرقي المعروفة باسم الجنجويد حركة تطهير عرقي مرعبة ضد القبائل الإفريقية دمرت فيها 2700 قرية ونتيجة للعنف الذي أطلقته والمجاعات والإمراض التي تسببت فيها لقي حتفهم قرابة ربع مليون سوداني معظمهم في عامي 2003 و2004 كما هرب مليوني شخص إلى معسكرات اللجوء. وقد اعتبرت إدارة بوش تلك الفظاعات إبادة للجنس البشري ونظمت المؤسسات الدينية ومنظمات حقوق الإنسان والطلاب الأمريكيين حملات وطنية لضمان اهتمام واشنطن بالأزمة. وحاليا تأتي دارفور في طليعة أجندة السياسة الخارجية لمرشحي الرئاسة عن الحزب الديمقراطي والجمهوري وبينما تـنضج هذه الأزمة على نار هادئة تتفاقم أزمة أخرى اكبر وأخطر حول بقاء السودان نفسه فهنالك تيارات أخرى أشد خطورة من المجزرة الدار فورية يمكن أن تقود البلد قريبا إلى مزيد من إراقة الدماء.وهنالك توترات قديمة بين عرب وادي النيل الذين انفردوا بالسلطة على مدى قرن كامل وبين الجماعات المهمشة على أطراف البلاد وهي توترات تنذر بالتحول من جديد إلى أزمة قومية. ويحدق الخطر أيضا بالاتفاق الهش الموقع سنة 2005 لإنهاء الحرب الأهلية بين عرب الشمال والمسيحيين والأرواحييين في الجنوب إذ أن التوترات الجديدة بين تلك الجماعات كادت تنفجر في قتال شامل قريبا من نهاية العام الماضي وقد أصبح مستحيلا حل تلك الأزمة أو أزمة دارفور دون أخذ الاثنين معا في الاعتبار.وبالإضافة لكل ذلك كان الشعب النوبي في وادي النيل على شفا التمرد بسبب مشروع خزان يهدد بتدمير موطنهم. كما كانت اتفاقية 2006 مع البجا والرشايدة في شرق البلاد على حافة الانهيار.وقد يكون العام القادم هو الأهم في تاريخ ما بعد الاستقلال السوداني فإما أن يجري السودان انتخابات تعددية حرة ونزيهة ويضع نهاية لعقدين من الحكم الاتوقراطي أو يتناثر إلى أجزاء ويدخل منطقته القابلة للتفجير في واحدة من أضرى أزماتها.

    لا زال بمقدور إدارة بوش الحئوول دون وقوع الكارثة فقد لعبت دورا مركزيا في التوصل إلى اتفاق السلام الشامل التي أنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب في 2005 حيث قامت بتسهيل التفاوض بين الأطراف ثم تعهدت بأن تكون احد ضامني الاتفاق.وعندما عينني الرئيس بوش مبعوثا خاصا إلى السودان في أكتوبر 2006 كلفني أيضا بمراقبة تنفيذ الاتفاق وبالإضافة لذلك أسست الولايات المتحدة للعون الإنساني الدولي وصارت تتكفل بستين بالمائة من الأموال المستخدمة في إدارة معسكرات النازحين واللاجئين.إلا أن جهود واشنطن غير متساوقة مع أكثر مشاكل السودان إلحاحا وذلك لأن واشنطن تصرف قسما كبيرا من ميزانياتها على أزمة دارفور وليس على دعم اتفاق السلام الشامل ولابد من إزالة عدم التوازن ذاك وبسرعة لان السلام لن يستتب في دارفور ما لم يتأسس بين الشمال والجنوب وأفضل ما تستطيع واشنطن ان تفعله ليس مواجهة الخرطوم وإنما التعامل معها وكسبها إلى صفها حتى بوجه اعتراض الحركات المناصرة لدارفور.ومهما بلغ استهجاننا للنظام السوداني لما قام به من الفظائع فان السخط الأخلاقي ليس بديلا للسياسات العملية التي تستهدف إنقاذ الأرواح وتعزيز الاستقرار.

    بوابات الجحيم
    كان جنوب السودان من أكثر مناطق العالم فقرا وذلك بالرغم من ثرواته النفطية والمعدنية وإمكانياته الزراعية ونتيجة لذلك وللتهميش الذي عاناه من قبل الحكومة المركزية في الخرطوم فان قبائل جنوب السودان التي تدين بالمسيحية أو الارواحية ظلت في حالة من الثورة ضد العرب الذين يقطنون وادي النيل الشمالي والمنطقة التي تعرف باسم المثلث العربي وغطت ثوراتهم معظم الوقت الذي انقضى منذ استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1956.وقد توصل الطرفان إلى اتفاق سلام عام 1972ولكن بسبب التأخير في تطبيقه هبت ثورة جديدة عام 1983هذه المرة بقيادة جون قرانق الزعيم الكاريزمي والعقيد السابق في الجيش الحكومي وحامل درجة الدكتوراه من جامعة ولاية أيوا.وطيلة العقدين التاليين تكبد الشمال خسائر جمة ولكن ما يقدر بمليونين ونصف من الجنوبيين لاقوا حتفهم وتحول 4،6 مليونا منهم إلى لاجئين.وفي مطالع عام 2003 أصاب الإرهاق طرفي الحرب فبدأت محادثات السلام بين حزب المؤتمر الوطني بالخرطوم وحركة تحرير السودان تعطي بعض البشائر ولكن عند تلك النقطة بدأت ثورة جديدة في دارفور يقودها تحالف بين قبائل الفور والمساليت والزغاوة.وكان التصحر والانفجار السكاني في المنطقة قد جعل الأعراب البدو من رعاة الإبل ينافسون المزارعين الأفارقة على الأراضي الخصبة وهي بدورها قلتلية ومتناقصة وتعقدت الأمور بسبب الاضطهاد الذي تمارسه الخرطوم ومحاولاتها لإضعاف قبيلة الفور ذات الغلبة في المنطقة مما عقد الأمور أكثر فأكثر.وفي عام 2003 شجع قرانق ثوار دارفور على ممارسة مزيد من الضغط على الخرطوم بمطالبتها باتفاقية لاقتسام السلطة على غرار الاتفاقية التي كان يفاوض عليها.وفي محاولتهم جذب انتباه المؤتمر الوطني إلى مطالبهم قام الثوار بهجمات مدمرة على قواعد عسكرية ومراكز شرطة في دارفور ولكن تلك الإستراتيجية أتت بنتائج عكسية ففي خشيته من أن تمتد تلك النشاطات إلى مناطق أخرى قام المؤتمر الوطني بحملات تطهير عرقي في كل قرى الإقليم المتمرد. وقد وصف المتخصص في الشئون الأفريقية اليكس دي وال تلك الفظائع بأنها "إستراتيجية لمكافحة التمرد بأرخص الأسعار."

    أثناء ذلك كانت الخرطوم تواصل التفاوض مع قرانق وكان الجنوب قد أصبح قويا من الناحية العسكرية وغدت حقول بتروله رابحة كما كان عبء الحرب باهظا بما جعل الخرطوم لا تغامر بترك مائدة التفاوض.وفي يناير 2005 وبعد وساطة من تحالف أوروبي/ أفريقي تقوده الولايات المتحدة وقع الأطراف على اتفاق السلام الشامل وبذلك تأسس نظام كونفدرالي خلق في الخرطوم حكومة الوحدة الوطنية وهي حكومة ائتلافية يقودها المؤتمر الوطني وتشمل الحركة الشعبية لتحرير السودان وفي جوبا أقيم حكم شبه ذاتي لجنوب السودان تسيطر عليه الحركة الشعبية. ونص الاتفاق على أن تنال حكومة الجنوب نصف ريع النفط المستخرج من الجنوب كما نصت على قيام انتخابات تعددية عام 2009 وإجراء استفتاء عام 2011 ليقرر الجنوبيون هل ينفصلون عن بقية البلد.

    لقد كانت اتفاقية السلام الشامل نجاحا جزئيا،فقد أقيمت الحكومتان الجديدتان وجرى تحويل ثلاثة مليارات من ريع النفط لصالح خزينة الجنوب وأخذ اقتصاد الجنوب بالازدهار وأهم من ذلك أن الحرب توقفت وبدأ ملايين النازحين في العودة ولكن العديد من الجنوبيين لا زالوا يشيرون إلى أن عناصر التغيير في الاتفاقية والتي تتهدد قبضة المؤتمر الوطني على السلطة لم يتم تنفيذها والواقع أن الطرفين كادا يستأنفان القتال بسبب تلك العناصر نفسها ففي مارس من العام الماضي أوقفت الخرطوم مؤقتا دفعيات النفط التي تعتمد عليها حكومة الجنوب لتمويل الجيش والخدمة المدنية.وفي يونيو من نفس العام ألغى الرئيس عمر البشير الأوامر القاضية بسحب قادة الجيش الشمالي الميدانيين من الجنوب رغم أن الاتفاقية نصت على سحبهم في مطلع يوليو 2007(ملحوظة تم إخلاء القوات الشمالية من الجنوب بحلول يناير 2008) وبعد ذلك رفضت الخرطوم مقترحات الجنوب السخية لإنهاء مشكلة ابيي وهي منطقة متنازعة غنية بالنفط كما أنها الوطن التاريخي لأقوى قبيلة في الجنوب. وكان المؤتمر الوطني يجرجر قدميه فيما يختص بصياغة فانون انتخابي جديد وإجراء تعداد سكاني عام 2009 .وردا على ذلك سحب سلفا كير ميارديت( رئيس حكومة الجنوب وقائد الجنوبيين بعد موت جون قرانق في منتصف 2005 ) حزبه من حكومة الوحدة الوطنية في سبتمبر الماضي.وبحلول أكتوبر اقتربت الأزمة من المواجهة العسكرية بسبب آراء المتطرفين على الجانبين ومبالغاتهم حول قواهم العسكرية مع التقليل من شأن قوة الخصم..وعلى ذلك تمركزت قوات كبيرة من الجيشين على مناطق الحدود المتنازع عليها ووقعت ثلاث مناوشات راح ضحيتها عشرة جنود وهنالك أعلن البشير التعبئة في صفوف المليشيات العربية التي قتلت آلاف الجنوبيين في الثمانينات. وفي النهاية تم حسم الخلافات على الورق وعاد سلفا كير وقادة آخرون إلى الحكومة المركزية في نهاية عام 2007 إلا أن عظمة النزاع وهي قضية آبيي ظلت على حالها وسيطرة القيادة في الجيشين تعتبر ضعيفة على أحسن الفروض.وهكذا يظل واردا أن يقوم قائد محلي بتفجير القتال من جديد بما يمكن أن يتطور إلى حرب شاملة. ومع ذلك فهنالك أشياء أهم من اتفاقية السلام تتعرض للخطر على رأسها مستقبل الدولة السودانية ففي حين يتوجب على الشمال والجنوب أن يتعاونا في تنفيذ اتفاقية السلام فأنهما يتحفزان للتنافس في الانتخابات المقررة .ومثل هذه التوترات لو حدثت في ديمقراطية مستقرة لكانت مدعاة للمرارة والمواجهة والتآمر ولكنها في بلد كالسودان يمكن أن تقود إلى الحرب.وكما قال لي دبلوماسي محترم في أكتوبر الماضي:"لو عاد الشمال والجنوب إلى القتال فان ذلك سيفتح أبواب الجحيم."

    تعتبر سياسات المؤتمر الوطني معينا لا ينضب لعدم الاستقرار في السودان وهو سليل للجبهة القومية الإسلامية التي كانت بدورها تنادي بالإسلام السياسي وهي الحزب الذي انقلب على آخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في عام 1989 بمساعدة من البشير الذي كان وقتها جنرالا في القوات المسلحة.ومنذ ذلك التاريخ تخلى المؤتمر الوطني عن الخط الأساسي للجبهة القومية الإسلامية في نشر الإسلام في أفريقيا واستبدله بهدف أكثر بساطة هو البقاء في الحكم.وفي 1998 استبعدوا حسن الترابي زعيم الجبهة القومية ومنظرها الرئيسي الذي دعا بن لادن إلى السودان. وفي ابتعاده عن رؤى الترابي ركز الزعيم الجديد حسن البشير على تطوير ثروة البلاد النفطية حديثة الاكتشاف وهي خطوة ساعدتهم على البقاء في السلطة ولكنهم خلال ذلك ارتكبوا جرائم كثيرة وسرقوا أموال النفط وفقدوا ولاء طوائف عديدة فتقلص تأييدهم بشكل حاد حتى في مناطق نفوذهم التقليدية في المثلث العربي..ورغم حاسة البقاء بينهم فان زعماء المؤتمر الوطني يفتقرون إلى النظر الاستراتيجي فهم منظمون بشكل قوي حين يأتي أوان التكتيك الدفاعي قصير المدى وما عدا اتفاقية السلام الشامل فإنهم لم يطوروا استراتيجيات بعيدة المدى للتعامل مع مشاكل السودان الكبرى فهم يحذقون ردود الأفعال وكسب الوقت بإطالة أمد التفاوض وأسلوب "فرق تسد" ولكنهم لم يبحثوا عن مخرج من المأزق الذي أدخلوا أنفسهم فيه.وهم على استعداد لقتل أي شخص وإحداث ما لا يحصى من الخسائر في صفوف المدنيين وانتهاك كل مبادئ حقوق الإنسان لكي يظلوا في السلطة دون أي اعتبار للضغط الدولي لأنهم يخشون ( محقين) من الانتقام المحلي والملاحقة الدولية عن محاكمات جرائم الحرب.

    يعتقد الكثير من قادة المؤتمر الوطني أن الغرب –خاصة الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة التي يعتبرونها واجهة للغرب-يريد نزع السلطة منهم وصولا لتفكيك السودان.ويرون في قوة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قناعا لتحقيق تلك الإستراتيجية ويخشون أن تقوم تلك القوات بجمع الإثباتات للفظائع التي وقعت عامي 2003 و2004تمهيدا لمحاكمات بجرائم الحرب أمام محكمة لاهاي الجنائية. ويرون أن قوات الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 3000والتي تعمل على الحدود التشادية /السودانية هي طليعة للغزو وذلك أيضا من الأسباب التي جعلت المؤتمر الوطني يسعى للإطاحة بالرئيس التشادي إدريس دبي في مطالع عام 2008.والواقع انه كلما تزايد ضغط المجتمع الدولي لعقد محاكمات جرائم الحرب وكلما تزايد نشاط المنظمات الغربية من اجل دارفور كلما ازدادت شراسة المؤتمر الوطني في مقاومة قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وسوف تزداد حتى لوتم نشر تلك القوات بالكامل.وعموما

    يقف الدخل النفطي المتزايد للسودان وراء قدرة المؤتمر الوطني على مواجهة الضغط الدولي المتزايد فتلك الأموال تمكن المؤتمر من شراء المعارضين في الداخل كما تضمن استمرار النمو الاقتصادي المتراوح بين 12 إلى 14 بالمائة سنويا ويساعد في رفاهية سكان المثلث العربي وتدعم جهاز أمنهم الضخم وبذلك تقوم بتحصين المؤتمر ضد الضغوط الدولية فقد ثلمت على سبيل المثال شفرة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها إدارة كلينتون عام 1997 والتي قام بتوسيعها وتمديد سريانها الرئيس بوش العام الماضي وهي عقوبات ألحقت الضر ر بالعمل المصرفي والمالي في السودان وجعلت رجال الأعمال يطالبون الحكومة بتطبيع العلاقات مع العالم الخارجي إلا أن الضغط لم يكن كافيا لتحقيق الانعطاف السياسي المبتغى فالعقوبات مضرة ولكنها لا تتهدد بقائية المؤتمر الوطني.أما تشديد العقوبات فليس خيارا وكذلك الحال مع خيار إغلاق الشريان النفطي للبلاد لان ذلك سيحرم الجنوب من الريع الذي تعتمد عليه بقاء واستقرار الجنوب.ولقد قال لي قادة جنوبيون أنهم سيعتبرون قطع الأموال النفطية عن الجنوب كعمل من أعمال الحرب.


    اللعب الخشن
    من أسباب عدم الاستقرار التكتيكات المتشددة التي مارستها الحركة الشعبية مؤخرا نحو العرب الشماليين نتيجة إحساسها بالإحباط من فشل الدبلوماسية العالمية والضغط الدولي في إجبار الخرطوم على تنفيذ اتفاق السلام.ففي الخريف الماضي انسحب القادة الجنوبيون من الحكومة القومية وذلك قبيل بدء المفاوضات بين الحكومة وثوار دارفور في سرت بليبيا وكان مقصودا بتلك الخطوة الضغط على المؤتمر الوطني وعلى حين كان المؤتمر يأمل في التوصل إلى حل تفاوضي لقضية دارفور كان قادة الجنوب يكذبون دعواها في تمثيل الحكومة الوطنية بكاملها. وكان دبلوماسي غربي رفيع قد قال لي إن المؤتمر الوطني غير معتاد على رؤية الجنوبيين يلجأون الى اللعب الخشن وذلك بالضبط ما يمارسونه الآن. وحاليا يتحقق أبشع كوابيس المؤتمر الوطني فالكثير من خصومه على أطراف البلاد بدأوا يتحالفون ضده تحت لواء الحركة الشعبية وأثناء محادثات سرت للسلام قام الجنوبيون بمجهود كبير لتوحيد 27 من حركات دارفور ولم يكن هدفهم فقط تسهيل عملية السلام في دارفور التي أصابها الشلل جراء التقاتل بين فصائلها بل أيضا خلق تحالف عسكري بين كل المجموعات المهمشة التي تعارض المؤتمر.ومضت الحركة الشعبية ابعد قليلا حين أتت إلى جوبا بالشيخ موسى هلال قائد الجنجويد الشهير والذي يقول البعض أنه سيواجه تهمة جرائم الحرب.وكان هلال قد ضاق ذرعا بالمؤتمر الوطني الذي أوكل لقبيلته تنفيذ الأعمال القذرة ولم يكن مستبعدا أن يقوموا بتسليمه للمحكمة الجنائية إنقاذا لأنفسهم.وكان رد فعل المؤتمر على البادرة الجنوبية مشوشا ومتعجلا إذ عرضوا على هلال منصبا رفيعا في الحكومة القومية فقبله.والواقع أن تحالفا عريضا بدأ يتشكل في جامعات البلاد وكلياتها التي كانت دائما طليعة الرأي في البلاد.

    ويتجلى التغيير في موازين القوي في تطور القوى العسكرية لكل من الطرفين فان المؤتمر الوطني لم يتملك احتكارا مطلقا لاستخدامات العنف في البلاد على عكس الدكتاتوريات الشمولية لكيم أيل سونغ في كوريا الشمالية وصدام حسين في العراق.ويتمتع جيش الحركة الشعبية بخبرة عقدين من حرب العصابات وفي منتصف التسعينات كانت له اليد العليا على وحدات قوات الحكومة النظامية وبحلول عام 2001 كان يتهدد سيطرة الخرطوم على حقول النفط الرئيسية وقد ظلت الاستخبارات الغربية تقلل من شأن تلك القوات وتبالغ في أهمية الضغط الدولي على المؤتمر الوطني فيما يتعلق بالبدء في التفاوض لإنهاء النزاع بين الشمال والجنوب عام 2002 .والواقع أن الخرطوم كانت قد أخذت تخسر الحرب فقد كان النزاع يستنفد خزينتها وكان الثوار الجنوبيون يتهددون حقول النفط ويقال إن تكلفة الحرب فاقت حصة الدخل النفطي الذي يرسله الشمال حاليا إلى الجنوب ولذلك وجد المؤتمر الوطني أن توقيع اتفاق سلام سيزيد من فرصه للبقاء.

    منذ ذلك التاريخ تدخلت ثلاثة عوامل لتضعف المؤتمر الوطني وقواته المسلحة أولها أن أكثر من ألف ضابط من الذين تلقوا تدريبهم في الغرب او ذوي القدرات القيادية قد تم إجبارهم على التقاعد الباكر في عامي 2005 و2006 باعتبارهم مجموعة يمكن أن تقود انقلابا على المؤتمر الوطني وبذلك تم تنظيف الجيش من العناصر الخطرة وبنفس الوقت جرى إخلاؤه من القيادات القديرة. وثاني تلك العوامل هو رفض عشرات الألوف من الجنود ذوي الأصول الدار فورية الذين رفضوا القتال ضد أهلهم فتم استبعادهم واحتل مكانهم خيالة الجنجويد المرعبين وغير المؤهلين.والعامل الثالث هو فقدان الروح المعنوي للقوات اثر هزائمها المتلاحقة .وفي أغسطس 2006 أمر البشير بهجوم شامل للقضاء على ثوار دارفور مرة واحدة وذلك على عكس نصيحة ########ه وقد تحول الهجوم إلى إحراج للحكومة ففي كل موقعة كان الجيش الحكومي يخرج مهزوما رغم ان طيران الحكومي المتواضع كان مسيطرا على الأجواء بالكامل ورغم أن الدروع التابعة للجيش الشمالي كانت اقوي من دروع القوات الجنوبية.وإذا كان نابليون محقا في قوله إن الروح المعنوي هو ثلاثة أرباع القوة العسكرية فان قوى الخرطوم كانت جد محدودة وحسب ما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش وفصلية جين لشئون الدفاع فان المؤتمر الوطني حاول أن يعوض بالتفوق التقني ما كان يفتقر إليه في الأفراد فاشترى ببلايين الدولارات أسلحة وأنظمة جديدة من الصين وإيران ودول الاتحاد السوفيتي السابق وكان ذلك إستراتيجية يائسة لن تعطي قوات الشمال التفوق على جيش الحركة الشعبية الذي يتحلى بروح معنوي لا يضاهى وتزداد قدرته على الدفاع عن أراضيه بفضل مساعدات الحكومة الأمريكية.
    أبعد من دارفور(2)
    للمؤتمر الوطني أسباب أخرى تجعله يستشعر الاستهداف فان عرب السودان النيلي يمثلون 5% من مجموع السكان ويخشون أن يكون المثلث العربي كله مهددا بأن يستولي عليه الجنوبيون الذين هاجروا إلى الشمال هربا من الحرب الأهلية .وقياسا بما شاهدته عند زيارتي الأولى للخرطوم عام 1989 يمكنني القول إن المدينة كانت عربية الملامح وقتئذ ولكنها تبدو الآن افريقية بشكل واضح وقد قال لي الرئيس البشير على انفراد انه ربما أصبح آخر رئيس عربي للسودان.وحتى العرب المعارضين للنظام يقرون بعدم اطمئنانهم إلى مستقبل البلاد. وحتى الآن عاد 1،6 مليون من النازحين الجنوبيين إلى مواطنهم ولكن مليونين آخرين فضلوا البقاء في الشمال رغم الضغط العربي الذي يريدهم أن يتوجهوا جنوبا.وحاليا تفيض شوارع الخرطوم بخليط من الخوف والغضب (الخوف مما قد يحدث إذا استؤنفت الحرب والغضب من مؤامرات مزعومة ووعود منكوثة). وعندما توفي قرانق في حادث المروحية في يوليو 2005 قام كثير من الجنوبيين بأعمال شغب وقتلوا العرب وأحرقوا ونهبوا المحال التجارية لاعتقادهم انه قد اغتيل. ولا زال العرب يتحدثون عن تلك الأحداث وتستشعر قيادة المؤتمر الوطني الخوف والرهبة وتقوم الحكومة بتفتيش دوري عن السلاح من بيت إلى بيت .وأثناء المراحل الأولى لأزمة دارفور نشر المؤتمر الوطني روايات تقول إن هنالك مؤامرة في الخرطوم تفرخ وسط طلاب دارفور الجامعيين المنتمين لإحدى القبائل الثائرة وتم إلقاء القبض على المعنيين لاستجوابهم ومنذ ذلك الوقت اختفوا في دهاليز نظام السجون السوداني. ويشير بعض قادة المؤتمر إلى الجنوبيين بوصفهم سرطانا يسري في البلاد وأنهم سيرحبون بانفصال الجنوب ولم يكن مثل ذلك الشعور متوقعا قبل سنة حين كان المؤتمر يردد بلا انقطاع أن القوى الغربية لم تكن تبذل أي جهد للحفاظ على وحدة البلاد

    إن الموقف متفجر وقد يرغب المتشددون في الجنوب في إثارة مواجهة مع الشمال على أساس الاعتقاد بأن جيشهم يمكنه أن يتفوق في ميادين القتال. ويعارض بعضهم محاولة التراضي حول ابيي ويطالبون بالحدود القصوى وإزاء ذلك يحشد المؤتمر الميلشيات العربية التي ارتكبت فظائع ضد الجنوبيين في الحرب الأهلية نتيجة توجس المؤتمر من غزو جنوبي وقد ظل هذا الأخير يحاول تعميق الخلافات بين أجنحة الحركة الشعبية (بين الصقور والحمائم وبين الدينكا المسيطرين والقبائل الصغيرة وبين المتنفذين والمحرومين في جوبا حيث ينتشر الفساد وتشح الخدمات). ونظرا لتناقص استعدادات الشمال الحربية وتنامي المعارضة للنظام في الشمال وخوف القيادات من فقدان السيطرة على الأمور فانه قد نشأت لدى عرب وادي النيل عقلية الحصار التي سوف تعقد أي محاولة لحل الأزمة السودانية.
    الطريق الخطا
    إذا استمر الشمال في عرقلة تطبيق اتفاق السلام الشامل فانه من المؤكد أن يلجا الجنوبيون إلى القتال ومتى استؤنف القتال فانه لن يكون بوسع الخرطوم حصر رقعته الجغرافية كما فعلت في الماضي. ومع توافر مقر دائم في جوبا مسنود بجيش كبير فان الحرب ستأتي بسرعة إلى الخرطوم ومن المتوقع أن تتسبب للجانبين في خسائر عالية في الأرواح وتتسبب أيضا في عنف ثأري كبير.

    إن انهيار السودان يعني أكثر من أزمة إنسانية واسعة الإبعاد إذ أنه يعني أيضا كارثة أمنية واقتصادية ومن شأن تفكك السودان أن يزعزع الاستقرار في البلدان التسعة المجاورة له بما فيها تشاد الغنية بالبترول وليبيا وحلفاء الولايات المتحدة في مصر وإثيوبيا وذلك بقذف كتل من اللاجئين عبر الحدود واجتذاب جماعات خطرة إلى داخلية البلاد.وقد كان بن لادن متمركزا في السودان في أوائل التسعينات وفي عام 2007 هددت القاعدة بإرسال المجاهدين إلى السودان لمنازلة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في حالة نشرها في دارفور.وبالمثل ستكون العواقب الاقتصادية لانهيار السودان فادحة الخطورة فالنفط السوداني يمثل الآن حصة صغيرة ولكنها متزايدة من الإمداد العالمي ويقول بعض المهندسين إن الاحتياطي السوداني ربما كان الأكبر بين مصادر العالم غير المكتشفة وإذا توقف الإمداد فجأة عن الصين والهند وماليزيا وغيرهم من عملاء السودان النفطيين فإنها ستبحث عن النفط في أماكن أخرى فترفع بذلك أسعاره العالمية وأيضا سعره داخل الولايات المتحدة . وأمام تلك الرهانات العالية فانه ينبغي أن يكون هدف الولايات المتحدة الاستراتيجي الأكبر في السودان هو تخفيف سرعة قوى التفكيك فبل فوات الأوان .وحتى الآن كان العائق الأكبر أمام السياسة الأمريكية في السودان هو التناوب بين الحملة الإيديولوجية لتخليص السودان من المؤتمر الوطني وبين التوجه البراغماتي الذي يدعو إلى الإصلاح التدريجي. وقد سعت واشنطن في تغيير النظام حتى عام 1990 فواجهت الخرطوم وسعت في عزلها ولكن البراغماتية هي التي قادت إلى المحادثات الأخيرة التي تمخضت عنها اتفاقية السلام الشامل.

    لقد أفرزت المقاربة القائمة على تغيير النظام عدة صعوبات والحقيقة أن ضغوط واشنطن القوية (العقوبات الاقتصادية وتصنيف البلد كراع للإرهاب والهبوط بمستوى التمثيل الدبلوماسي)أجبرت الخرطوم على طرد بن لادن في منتصف التسعينات ولكن إذا تذكرنا أن المؤتمر الوطني لازال في السلطة فان ذلك يعني فشل تلك السياسة. وليست الولايات المتحدة حاذقة بوجه خاص في تغيير النظم وفي السودان بالذات يبدو ذلك مهمة صعبة فالسودان اكبر وأكثر تعقيدا من أفغانستان والعراق وليس بمقدور ذلك التغيير التصدي للتحديات التي طالما كررها على مسمعي جون قرانق وهي كيفية التخلص من أنصار المؤتمر إذا تمت إزاحته من السلطة.وكان من رأي قرنق انه لو قدر لحركته استلام السلطة في البلاد فان مشكلتها ستكون كيفية التعامل مع مليون أو مليوني سوداني كانوا يسيطرون على كل مستويات الدولة في البلاد على مدى عقدين من الزمان فالمؤتمر يحكم ليس فقط عن طريق مجلسه بل أيضا عن طريق عضوية حزبه الممتدة والخدمة المدنية التي استولوا عليها وابعدوا عنها المحترفين إلى جانب مئات الألوف من العملاء والمخبرين في أجهزة الأمن والاستخبارات..

    إن البنية التحتية للمؤتمر ضخمة ومعقدة ولا تقف عند حد ولن تختفي من الوجود إذ ليس لها مكان تذهب إليه.وقياسا على التجارب الأخيرة في دول البلقان والكونغو وهايتي والعراق وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق فان النظام السوداني لن يذهب في هدوء إذا انغلقت أمامه كل السبل.وإذا أطيح بحكم المؤتمر فانه سيعيد تشكيل نفسه تحت الأرض على هيئة مليشيات قبلية أو مافيا إجرامية.وما لم يتم تمثيل مصالح العرب النيليين في حكم ائتلافي أو بإجراءات دستورية فان بقايا النظام سوف تتسلل إلى النظام الجديد أو تزعزع استقراره.وقد هدد عدد من قادة المؤتمر في مجالس خاصة بأنهم سيجعلون البلد غير قابلة للحكم في حالة إزاحتهم من السلطة. وبسبب الكراهية القبلية التي خلقها واستغلها النظام عبر السنين فانه من الممكن أن تندلع الفوضى وأعمال الثأر على نطاق واسع وسيكون الجميع في خطر خاصة في الخرطوم الكبرى.

    وليس هذا كله سوى سبب واحد من الأسباب التي جعلت سياسة المواجهة الغربية(التي كنت في احد الأيام من مؤيديها) تعجز عن حل مشكلة دارفور أو مشكلة السودان.وقد كان مؤيدو الولايات المتحدة وموظفوها يأملون أن يؤدي الضغط المتوالي إلى إزاحة المؤتمر الوطني ولكنه يبدو جليا الآن أن تلك السياسة ودون أن تقصد جعلت الحكم يمعن في التحدي ويلجأ إلى مزيد من العنف. ويبدو من الملاحظة المتأنية لسلوك المؤتمر انه يصبح متوحشا وغير مسئول حين يشعر بالخطر سواء جاء الخطر من داخل السودان أو من المجتمع الدولي ومع تزايد الضغوط الدولية في السنوات القليلة الماضية تدعمت علاقات الحكم باحمدي نجاد في إيران وأوغو شافيز في فنزويلا.وفي العام الماضي أجاز الكونجرس الأمريكي قانونا يحمي حكومات الولايات والبلديات والجامعات والشركات من الدعاوى المدنية التي يقيمها ضدها المساهمون متى سمحت ببيع أسهمها لشركات تنشط في السودان وبعد شهر واحد حاولت الحكومة السودانية الإطاحة بالحكم في تشاد وقصفت أهدافا في دارفور وشنت هجمات أرضية على قوات الأمم المتحدة في دارفور.

    أنقذوا السودان
    سياسة الترغيب هي الآن السياسة الوحيدة التي يمكن أن تحقق النجاح فبعد آن أوضحت التجارب أن المؤتمر يمكن أن يقاوم الضغط الخارجي نظرا لتزايد ثروته النفطية فهنالك فرص أوسع أمام سياسة تعرض المكافآت مقابل التعاون بدلا من سياسة تتأسس على معاقبة العناد.وعلى واشنطن أن تمنح الخرطوم فرصة لتطبيع العلاقات بطريقة متصاعدة مقابل قيامها بخطوات لحل مشكلة دارفور وتنفيذ خطوات التحول (الديمقراطي) المنصوص عليها في اتفاق السلام.ويولي المؤتمر اهتماما خاصا لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب مما يهني رفع العقوبات وإتاحة الحصول على التقنيات الأمريكية في مجال تصفية النفط ويقول الخبراء النفطيون أن ذلك من شأنه رفع عائدات النفط بمقدار 40%.وتحاول إدارة بوش الآن اتخاذ سياسة براغماتية تسمح بتلك التدابير ولكن تحول دون ذلك المعارضة داخل الكونجرس وفي صفوف مؤيدي دارفور.وسيكون ذلك من سوء الحظ لأن الترغيب جاء بنتائج طيبة في الماضي فقد نشأت عنه اتفاقية السلام الشامل وهي الخطوة المتقدمة الوحيدة التي اتخذتها حكومة البشير حتى اليوم. وبالمقابل يجب على إدارة بوش أن تكون في طليعة الساعين لتطبيق تلك الاتفاقية وان تمضي مع مبادرات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لإيجاد حل تفاوضي لمشكلة دارفور وفي تطبيقه من كلا المنظمتين وذلك انه لا يمكن إنقاذ دارفور إذا لم ننقذ السودان وإنقاذ السودان يتوقف على إنفاذ وتطبيق الاتفاق. والمشاهد الآن إن الإعداد للانتخابات يمضي بخطوات سلحفائية لان المؤتمر يعلم أن فرص الفوز بها ضئيلة ويتخوف كثير من السودانيون أن تتخذ الحكومة من انعدام الأمن في دارفور ذريعة لإلغائها الأمر الذي سيكون كارثيا لأن إلغاء الانتخابات أو سرقتها عن طريق التزوير أو تأجيل استفتاء عام 2011 سيقود إلى الحرب.وخير وسيلة لإقناع المؤتمر بالتخلي عن التكتيكات التسويفية هي عرض مزيد من الحوافز مع تفادي السلبيات.ومن الممكن أن يسمح قادته بإجراء الانتخابات ويتقبلوا وجود قوات حفظ السلام في دارفور لو وجدوا تطمينا بأنهم لن يتعرضوا للمحاسبة لو خسروا الانتخابات ولن يحاكموا أمام المحكمة الجنائية الدولية.وكانت واشنطن قد وافقت على التعاون مع المحكمة(التي عارضت إنشاءها في البداية) تحت ضغط بعض الدوائر الأمريكية التي كانت تطالب بمعاقبة المؤتمر عن فظائع عامي 2003- 2004الا أن التهديد بالمحاكمة يهدد فرص السلام ويلاحظ أن اتفاقية السلام الشامل لم تقل كلمة واحدة عن معاقبة مرتكبي جرائم الحرب أو تعويض الضحايا إذ أن قرانق أدرك أثناء المفاوضات انه إذا طالب بذلك فلن يتحقق السلام بين الشمال والجنوب(وكان يعرف أيضا أن الجنوبيين قد قاموا بنصيبهم من الفظائع) وبدلا من محاكمات جرائم الحرب يمكن إتباع نموذج جنوب أفريقيا في لجان الحقيقة والتسوية.

    ولاشك أن ترغيب الخرطوم سيكون له انعكاسات موجبة على عملية السلام بين الشمال والجنوب فواشنطن وحدها لا تستطيع إنقاذ السودان. والسودانيون- السودانيون وحدهم –هم الذين يستطيعون ذلك ولكن واشنطن تستطيع دعم القوى الشمالية و الجنوبية التي تريد أن تختط طريقا نحو السلام .ولذلك يجب أن تكون بؤرة اهتمام سياستنا الخارجية منع العودة للقتال مع تطوير معادلات لاقتسام الثروة وإيجاد تسوية لمشكلة أبيي وهي نقطة هامة فإذا قدر للحرب أن تعاود الاشتعال فان ابيي ستكون شرارتها الأولى. وفي ذلك الصدد يمكن أن تساعد كل من السعودية والصين لما يكنه السودان لقادتها من الاحترام وقد سبق لهما أن اقنعا الرئيس البشير بقبول قوات الأمم المتحدة في دارفور وبنفس الروح يتوجب على واشنطن الضغط على الفرقاء (بما فيهم أحزاب السودان التقليدية)لكي يخططوا منذ الآن لما قد يسفر عنه استفتاء عام 2011 في حالة مضي الجنوبيين مع خيار الانفصال وهو الاحتمال المرجح.كما يجب على الإدارة إتباع خريطة طريق لتحسين العلاقات مع السودان وذلك مقابل تسوية سياسية في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام بالكامل. ومن شأن تحسن العلاقات إقناع الرئيس البشير بالتخلي عن الخط المتشدد للمؤتمر الوطني والتعاون مع المعتدلين فيه ورعاية التحول السلمي إلى الديمقراطية التعددية أو على الأقل إلى مجتمع خال من الإقصاء.وقد استخدمت واشنطن مقاربة مشابهة وبنجاح تام في جنوب إفريقيا في مطلع التسعينات وكذلك في بوروندي في نهاية القرن.ويتخوف قادة المؤتمر من تغير السياسة الأمريكية إلى غير صالحهم في عهد الرئيس الأمريكي الجديد وبذلك لن يكون أمامهم من وقت ابعد من نهاية العام الحالي لترتيب علاقاتهم مع واشنطن وهذه نقطة شددت عليها في محادثاتي معهم.ومن أسف أن التقارب سيواجه مقاومة معتبرة في الولايات المتحدة بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن القتل (بمئات الألوف) لا زال مستمرا في دارفور مما ينتج عنه انحياز شرس لجانب دارفور في الكونجرس.وظني أن التفاهم مع الخرطوم سيعني التخلي عن خيار التدخل العسكري الأرعن فليس منظورا أن تقوم أي حكومة في العالم بغزو السودان أو محاصرة موانئه على البحر الأحمر لان تلك الخطوات تمثل عملا عدائيا يقود إلى الحرب ويمثل مخاطر جسيمة .وفي كل الأحوال ربما كان استخدام القوة الجوية ضد السودان أمرا مبررا اثنيا أو سياسيا في حالتين فقط كأن تشن الخرطوم هجوما غير مبرر على الجنوب أو إذا حاولت إغلاق معسكرات اللجوء في دارفور بالقوة وذبح أو إعادة سكانها إلى مواطنهم بالقوة.والواقع إن أي استخدام للقوة من جانبنا يعني تهديدا للجهد الإنساني الذي يبقي على حياة مليونين من نزلائها. وحاليا تناقصت حالات الموت في دارفور عن مستوى عامي 2003 و2004 ومع التأكيد على قيمة كل نفس بشرية إلا أن التدخل العسكري يمكن أن يقود إلى ضحايا اكبر عددا من معدلات الخسائر الحالية وذلك أن الوقت المناسب للعمل العسكري قد فات ولو كان هنالك وقت لذلك فهو في حين اشتداد المذابح عامي 2003/4 حيث سقط 96بالمائة من إجمالي الضحايا.ومن ناحية فقدت الخرطوم سيطرتها على تلك المناطق وليس سهلا استعادتها ورغم اعتقاد الجنوبيين بأن الهجوم الشمالي أمر متوقع إلا أنني اعتقد انه ليس احتمالا بسبب الضعف العسكري للنظام وفي ضوء ميل المؤتمر لحماية نفسه بأي ثمن من الدبلوماسية الدولية فقد تكون الضغوط المحلية الداخلية الوسيلة المتاحة لضمان تعاونهم.ويمكن لواشنطن أن تزيد من دعمها للحركة الشعبية وتساعد الجنوب على تطوير قوة عسكرية ذات وزن وقد كان ذلك مبادرة وجهني بتشجيعها كل من الرئيس بوش وكوندوليزا رايس وان أتعامل معها كأولوية عامي 2006-7..ومع ذلك فان ميول الجنوبيين إلى سياسة الاقترب من الحافة كادت تفجر حربا في الخريف الماضي ولكنها أفلحت في حمل الخرطوم على الاستجابة –مؤقتا- لمطالبهم. وتتقدم واشنطن في ذلك المسعى بحرص شديد بحيث لا تشجع الحركة الشعبية أكثر من اللازم ولكنه ينبغي عليها تفعيل ذلك المسعى حتى تردع الخرطوم من العدوان وبنفس الوقت تضغط على المؤتمر لتحقيق بعض الإصلاح ويقتضي ذلك في البدء تقليص حجم القوات الجنوبية التي تمثل حاليا استنزافا كبيرا لقدرات حكومتها كما يقتضي إخضاع القوات لسلطة مدنية وضمان أن يكون هدفها الأساسي هدفا دفاعيا وكل ذلك مع تزويدها بالتدريب التكتيكي وتقوية قبضة القيادة للحئول دون قيام حرب نتيجة لحادث عارض وبشكل عام تشديد قبضة الزبط والربط في كل مستوياتها. وعلى الحكومة الأمريكية أيضا أن لا تزود الجنوبيين بأنظمة تسليح يمكن استخدامها لأغراض هجومية إذ أن المتشددون يمكن أن يستخدموها لإثارة الخرطوم ولكن الحكومة الأمريكية يجب أن تهرع لمساعدة الجنوب وتزود الجنوب بدفاعات جوية لردع أي هجوم جوي يقوم به الشمال والواقع إن بناء جنوب قوي عسكريا وسياسيا واقتصاديا هو أفضل بوليصة تأمين بوجه مساعي الشمال لقفل الباب أمام الإصلاح أو لزعزعة استقرار الجنوب. وقد خصص الكونجرس 167 مليون في ميزانية 2007 لإعادة تعمير الجنوب وهي غير كافية لتأمين السلام ويجب تخصيص المزيد من الاعتمادات.وفي العام الماضي حين لا زلت مبعوثا خاصا للسودان طلب مكتبي 600 مليون لبرنامج لإعادة التعمير تشرف عليه وكالة التنمية الدولية ولكننا استلمنا مبلغ120 مليونا فقط وينبغي الآن اعتماد الجزء المتبقي.

    على واضعي السياسة الأمريكية أن لا ينسوا أبدا ما حدث في دارفور عامي 2003/2004 إلا أن التركيز على الماضي قد يضر بمستقبل البلد كله وخلال العام المقبل (وهو عام ذو أهمية قصوى ) ينبغي أن تمارس واشنطن سياسة ترغيب حكيمة متعددة الظلال وبذات الوقت جريئة أي سياسة جيدة وصحيحة.وعلى واشنطن أن تتذكر أيضا انه ليس مضمونا النجاح حتى للسياسات الجيدة والصحيحة . وقد يكون المؤتمر عصابيا وميالا لاختلاق العقبات وقد تكون الحركة الشعبية متوجسة من الخرطوم وقدرات واشنطن محدودة ولا تستطيع اتخاذ خطوات فعالة للحيلولة دون تفكك السودان ولكن بالنظر إلى إمكانية وقوع كارثة إنسانية مرعبة فان العواقب الإستراتيجية لانهيار البلد والتكلفة العالية لإعادة تعميرها لا تترك أمام واشنطون أي خيار سوى الاستمرار في المحاولة.

    من الارشيف

    ابعد من دارفور...بقلم اندرو نتاسيوس(المبعوث الامريكي السابق للسودان)
                  

08-07-2012, 02:08 PM

محمد مصطفي مجذوب
<aمحمد مصطفي مجذوب
تاريخ التسجيل: 09-22-2010
مجموع المشاركات: 1298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: Yasir Elsharif)

    صدقت يا عادل من يقنع من لا يقراء ومن يقراء ولا يفهم
    شكرا لك علي الطلة وعلي نقل الامر لباب اخر اخر . فكم تمنيت لو انتبه الناس لما جاء في هذا الخطاب وهو كما قلت خطة طريق درجت الجهات الامريكية لتعويمها في سيل من المقالات هنا وهناك حتي لا يقال انها امور دبرا بليل
    ولك ودي
                  

08-07-2012, 07:47 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37012

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: محمد مصطفي مجذوب)

    الاخ محمد مصطفى مجذوب
    رمضان كريم
    ما تشتغل بقلة المداخلات اوعدم اهتمام البعض بما جلبته هنا...الناس الهنا انا عارفا كويس..بعضهم دخل الساحة السياسية من منازلهم ومنتظر تجي اية من السماء تظل اعناقهم لها صاغرين
    المشروع الذى تريد ان تروجه امريكا مع الربيع العربي والفوضى الخلاقة هو مشروع الاخوان المسلمين المدور بي السودان من 1964 ،وعبر الاختيارت الانتخابية السيئة للناخب العربي المغييب كما حدث في تونس ومصر وهم يعتقدون اذا سقط نظام الانقاذ الاخواني في السودان في هذه الفترة..سيخرج للعالم كل مخازيه ويشكل دعاية سيئة للاسلاميين..لذلك يحجبون معاناة الشعب السوداني عبر الابواق المعروفة ،كمان العرب انفسهم يعتقدون ان السودان زائدة دودية لا يعنيهم امر شعبه لذلك يغيب في الفضائيات التى يهيمن عليها الاشقاء العرب
    الرهان على عودة الجمهوريين في امريكا هوالافضل للسودانيين..لاستئناف اتفاقية نيفاشا خارطة الطريق الوحيدة للدولةالمدينة الفدرالية الديموقراطية الحقيقية للسودان
    لذلك تشكيل الكتلة الحرجة يجب ان يكون وفقا لتحالفات استراتيجية وليست تكتيكية
    وتفرز الكيمان على اساس
    من يؤمنون باتفاقية نيفاشا ومن لا يؤمنون بها
    من يؤمنون بتفكيك النظام على الطريقة الافريقية ومن يؤمنون باسقاطه على الطريقة العربية
    واذا ظللنا في هذا التشرزم والتوهان سندخل الفصل السابع وتباعته المعروفة
    لذلك الاجدى للمؤتمر الوطني ان يراهن من الان على تفكيك نفسه والاستعداد لانتخابات حرة باشراف الامم المتحدة من التسجيل الى اعلان النتيجة بعد اعادة هيكلةالسودان باسس جديدة (الغاء الولايات واعادة الاقاليم الخمسة القديمة وبحدودها بتاعة 1956
    هذا هو التحدي الذى تريده امريكا اذا كانت تريد خارطة طريق دستورية لتغييرنظام الشمال في السودان
    انا شخصيا اعول على 18 مليون ناخب سوداني ذكي متى ما توفرت منابر حرة وليس معارضة السودان القديم التي عفا عنها الزمن وتوقفت في سنة 1964

    (عدل بواسطة adil amin on 08-07-2012, 07:49 PM)

                  

08-07-2012, 08:34 PM

على عجب

تاريخ التسجيل: 06-23-2005
مجموع المشاركات: 3881

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: adil amin)

    ,
                  

08-07-2012, 09:05 PM

محمد مصطفي مجذوب
<aمحمد مصطفي مجذوب
تاريخ التسجيل: 09-22-2010
مجموع المشاركات: 1298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: adil amin)

    الاخ عادل
    تحية طيبة مرة اخري
    في حقيقة الامر لم افكر او يشغل بالي
    Quote: قلة المداخلات اوعدم اهتمام البعض بما جلبته هنا
    . فما انا كاتب المقال ولا ناشره . فتوجس الناس من المشاركة ربما مرده الي اسباب عدة قد ياتي في مؤخرتها إن لم يكن اضعفها عدم اهتمام الناس. فالسودان في حدقات عيون من كتب ومن لم يكتب ومن تداخل ومن لم يسعفه حظه بالمشاركة. ولكن درج الناس علي الابتعاد عن المواضيع ذات العيار الثقيل.

    انت صادق في قولك إن ترويج الولايات المتحدة لمشروع اسلمة الربيع العربي يقوم علي استراتيجية نسف النسيج الاسلامي من الداخل . فالصحوة الاسلامية ودخول الناس لحظيرة الاسلام زوافاتا ووحدانا في الغرب ازعجت ساسة الغرب واهل كنسها وديرها ورهبانها . وقد اعذر نا من انذر في محكم اياته بقولة ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) فلهم دينهم ولنا ديننا.

    ما يهمني في هذه العجالة هو غياب اهل الفكر السياسي والاقتصادي ،، وهذا المنبر بلا شك يعج بهم ، عما يخطط ويدبر لهذا البلد من الغرب وفي الغرب الذي عقد عزمه علي تمزيقة الي اربع شرائح. ومما يؤسف له ان من تولوا امور هذه البلاد يعانون من قصر نظر قعد بهم عن فهم مداورات ومساجلات الغرب . فلو كان يدير شئون البلاد من حكم فعدل ، ومن تولي فاصلح ، لكان قد وضع نصب عينية معالجة تهتك النسيج الاجتماعي وانهيار البني التحتية دفعا لشرزمة ساقوها سياقة لتقويم بنيان يتهتك من تحتهم وصولجان حكم سلطت عليه دابة الامر فقضي نحبة او يكاد .
    ولا اخالفكم النظر في قولكم
    Quote: لذلك الاجدى للمؤتمر الوطني ان يراهن من الان على تفكيك نفسه والاستعداد لانتخابات حرة باشراف الامم المتحدة من التسجيل الى اعلان النتيجة بعد اعادة هيكلةالسودان باسس جديدة (الغاء الولايات واعادة الاقاليم الخمسة القديمة وبحدودها بتاعة 1956 هذا هو التحدي الذى تريده امريكا اذا كانت تريد خارطة طريق دستورية لتغييرنظام الشمال في السودان
    فمرد الامور الي نصابها هو المدخل السليم ونقطة البداية بدلا من النظرة الضيقة والتي غلب عليها طابع ( إن غلبك سدها ...وسع قدها)
    ولك احترامي ومودتي
                  

08-10-2012, 01:31 PM

abdelrahim abayazid
<aabdelrahim abayazid
تاريخ التسجيل: 06-19-2003
مجموع المشاركات: 4521

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: محمد مصطفي مجذوب)

    الاعزاء
    محمد مصطفي
    عادل امين

    مطلوب منا مجهودات جبارة لتغيير مفهوم امريكا واوربا وطريقة التعامل
    فليس لاي دولة ان تقرر لنا كيف نحكم او من يحكمنا



    As Sudan Deteriorates, Inclusion Seen as Key to Sustainable Peace
    by jon grosh , Monday, July 09, 2012
    Tags:
    africafragile states
    A series of protests in and around Khartoum after President Bashir’s announcement of a fiscal austerity program in June is the latest indication of a rapidly deteriorating political situation in Sudan. Almost a year since the establishment of South Sudan as the 193rd member of the United Nations, Sudan and South Sudan continue to face a host of complex issues unresolved by the Comprehensive Peace Agreement (CPA). Ongoing confrontations over border demarcations and sharing of oil revenue, along with an increasingly stressed economy in Sudan, are fueling discontent across the population, drawing the region nearer to political and economic crisis.

    At a recent International Peace Institute meeting, participants discussed a number of short- and long-term suggestions to avert such an eruption and proactively generate change in a planned and peaceful manner. These were the key takeaways:

    Key Conclusions

    Parties in the region, with the help of the international community, should immediately begin taking steps toward planned and mindful change in the region.

    The international community should maintain focus and pressure to assure that border-monitoring mechanisms laid out in Security Council Resolution 2046 of May 2, 2012 and in the June 29 border security agreement are effectively enforced.

    Dialogue between the parties should recognize the concerns of marginalized communities in Sudan and South Sudan.

    The Blue Nile and South Kordofan states should reengage in popular consultation as mandated by the CPA.

    The international community should support inclusive dialogue by offering more “carrots,” including mediation and economic support and fewer “sticks,” such as sanctions and public condemnations.

    Sudan should create an interim government of technocrats in Sudan not represented by any party, during which time a new constitution can be drafted. Sudan should encourage multiparty participation.

    Analysis

    While partly a consequence of a non-diversified economy, Sudan’s fiscal crisis and growing inflation rates are also affected by an inability to negotiate and implement its agreements with South Sudan. The government’s failure to strike a deal on oil revenues has placed additional stress on the people by harming the economy and necessitating the need for austerity measures that target already marginalized populations. Hence, long-time acrimony between north and south continues to complicate the region’s leading challenges.

    Many observers believe the north/south hostility can be traced in part to past policies in Khartoum that asserted a single Arabic identity upon a multi-ethnic Sudanese population, often benefiting those willing and able to assimilate under such an identity. Non-Arabs in the south were unable to assimilate and were frequently marginalized as a result. Over time they began to cultivate an African identity that was increasingly separate from and defiant of the privileged identity in the north. This polarization contributed to increased tensions between the north and south and led to a civil war.

    During the six-year implementation period of the CPA, both the north and the south missed numerous opportunities to repair this rift and to build cooperation and trust within the region. The international community allowed the rift to widen by shifting its focus to Darfur and other crises in the region and neglecting the unifying ambitions of the CPA.

    Recent efforts by the international community have proven temporarily effective in dampening conflict, most notably through the African Union Roadmap of April 24, 2012, and Security Council Resolution 2046 of May 2, 2012. These documents have called on both countries to end hostilities in the disputed border areas and to reach a peaceful settlement on a range of outstanding issues from the CPA. The international community should maintain focus to assure that border-monitoring mechanisms are effectively enforced. Such minimizing of hostilities will produce a favorable environment for addressing the more complex longer-term challenges to sustainable peace.

    Sustainable peace hinges on the level of inclusion taking place in dialogue and governance in the region. Sudanese should acknowledge that it is morally unattainable for either the north or south to forget each other. By asking, “What is the future of these countries?” the two countries can begin to discover areas of collaboration among different parties and begin building trust.

    A key recommendation from the IPI meeting was that in order to institutionalize collaboration and inclusion, Sudan should reform its government to make it more representative of a diverse Sudanese population. Sudan needs a new constitution. In writing this constitution, the conversation should not be about secularism versus sharia law, since secularism would be counter to a representative democracy in Sudan. It should be about different norms of Islamic governance that don’t produce divisions within a diverse population.

    Without planned and peaceful changes in governance and dialogue, today’s situation in Sudan and South Sudan is likely to continue to deteriorate.

    Jon Grosh is the editor-in-chief at the Journal of International Affairs.


    هذا المعهد يعد من اهم المراكز الاستشارية للحكومة الامريكية
                  

08-10-2012, 09:37 PM

محمد مصطفي مجذوب
<aمحمد مصطفي مجذوب
تاريخ التسجيل: 09-22-2010
مجموع المشاركات: 1298

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: للاهمية : خطاب المبعوث الامريكي الخاص تحت عنوان السودان والسودانيي (Re: abdelrahim abayazid)

    الاخ عبد الرحيم ابايزيد
    السلام عليكم ورحمة الله وكل عام وانتم ومن احببتم بخير
    صدقت يا عبدالرحيم في مدي اهمية وخطورة هذا المعهد وتأثيره في اتخاذ القرار ومع تحفظي علي بعض تحليل الكاتب إلا انني اتفق تماما مع قوله
    Quote:
    Without planned and peaceful changes in governance and dialogue, today’s situation in Sudan and South Sudan is likely to continue to deteriorate.
    يتبقي ان اشير هنا الي أن العلة ستبقي دائما وابدا في التفاصيل او كما يقال بالانجليزي The Devil is in the details
    عموما انا كنت ومازلت اتمني لو قام المنبر بافراز منابر او صفحات فرعية تخصصية للحوار الهادف والجاد بغية عسي ان يفتح الله سبحانة وتعالي علينا بصييغ سودانية سودانية لكيفية معالجة ما آل اليه الحال من تردي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيه إذ بت اخشي ان يأتي علينا يوم لا يكون امامنا إلا ما يجود به علينا اهل الغرب واهل الشرق والعرب العاربة والمستغربة من حلول تخدم مصالحهم هم ومن ورائهم في المقام الاول ونضحي كأننا يابدر لا رحنا ولا جينا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de