|
فيلم هندي نهايتو معروفة: القبض على الرئيس الهارب في الحفرة
|
قيل أن العاقل من يتعظ بغيره، ونقول في السودان ان كثرة التكرار تعلم، ولكن يبدو أنه فرض علينا أن نشاهد نفس المشاهد في هذا الفيلم كل مرة فقط يختلف الممثلون. كنت قد أرسلت رسالة للبشير ورهطه، ولا أدري ان كان اطلع عليها أو لا، وكنت أمني النفس قليلاً من التشويق في الفيلم الدائر الآن، بل كنت أظن وان بعض الظن اثم، أن اللغة الهادئة التي تخاطب العقل ربما تضيف للسيناريو شيئاً جديداً، ولم أضع في الحسبان أن بهرجة السلطة والطغيان أذهبت العقل، فكأنما رسالتنا تلك كانت تخاطب كرة شراب. شيئ مدهش أمر هذه السلطة، يكون المرء ممتحنا امتحاناً مكشوفاً، وبخراته في جيبه، والكتاب مفتوح، والمراقبون يساعدون المرء بالايماءات والاشارات، ومع ذلك يرسب المرء ويسقط سقوطاً مريعاً. كنت منتظراً أن اسمع البشير بعد الأحداث الدامية التي جرت خلال الأيام الفائتة، وكنت متأكداً بأن كلامه سيأتي متناقضاً، بحسب أن الرجل أضعف من سمعت في الخطابة، يصر على الارتجال بتكنيك خطابي أخرق، ويستخدم لغة الجسد في ابتذال لا يضاهيه فيها أحد، ولكنني كنت منتظراً أن اسمعه وهو يخيب ظني ويعترف بالأزمة التي يعيشها نظامه، ولكنه كأي خائن في فيلم الديكتاتور الهندي، نفى وجود المظاهرات من أساسها، بل وليكسب حديثه صدقية، قال انه تجول في عربة مكشوفة في شوارع العاصمة والتحم مع الجماهير التي كانت تحييه، ولم ينسى أن يصف الفئة التي تظاهرت متيمناً بمن سبقه، وصفاً يندم عليه عندالقبض عليه في الحفرة، فتفتق ذهنه بوصفهم شذاذ الآفاق. يا لبؤسنا وبؤس هذا السيناريو المكرر، نعلم يقيناً أن الرجل في قرارة نفسه يتوجس خيفة من مصيره المحتوم، كيف لا وهو من قال في ثقة قبلاً أنه في حين خروج الشعب ضده سيخرج لهم ليرجمونه بالحجارة، وهو الآن يشحذ همم القوات النظامية مشدداً ان دورها هو الحفاظ على النظام الذي هو نظامه هو، والأمن الذي هو أمنه هو، ولم يمتلك جراءة أن يقول لهم أقمعوهم، حتى ولو اضطررتم لابادتهم جميعاً. وانطلاقاً من خطاب البشير، يمكننا أن نتوقع ما يلي من أحداث ومشاهد، عنف منقطع النظير في قمع التظاهرات، اعلام مبتذل يمارس كذب يشابه كذب طفل ذو خيال واسع، غطاء من الفتاوي الدينية التي تحرم الخروج على الحاكم وممكن أن تساعدها بعض أحلام يرويها أهل الصلاح حول صلاح البشير وتقواه وهو يلبس أبيض في أبيض ويركب جواداً أبيض ويأكل أرزاً أبيض وهلمجرا، ثم هروب عظيم، وليضني الشعب البحث في الحفر عن رئيس تائه. على البشير أن يعلن في فسحته القادمة أين يريد أن يتجول حتى يتم تحضير ثلة من شذاذ الآفاق ليمارسوا فعل التظاهر أمامه، حتى تتسلى نفسه المضطربة، ولا يموت وفي نفسه شيئ من حتى، وقبلاً عليه توجيه زبانيته في البدء بحفر الحفرة
بشرى محمد حامد الفكي أحد ضحاياهم الذين لا يعلمون
|
|

|
|
|
|