|
عندما تخلُدُ للسَّهَر !
|
عندما تخلُدُ للسَّهَر !
شاذلي جعفر شقَّاق
[email protected]
تمسح وجهكَ صباحاً ..تركض مع الراكضين خلفها ..تلهث وتعرف أنَّها عدَّاءةٌ من الطرازِ الأوَّلِ ، ولكن لا بدَّ ممَّا ليس منه بُد ..تحاول أنْ تلتمس العزاء في ملامح الوجوه الحالكة ؛ فكلُّنا في التماس سُبُل الوصول إليها شرْقُ ..وراءَكِ يا لقمة العيش العزيزة وإنْ طال السفر والرَّهَق والنَّصَب .. وراءَكِ وإنْ تشعَّبتْ الدروب واستعصمتْ بالشوك والوعورة ..تجري عمليةً حسابيةً سريعةً في ذهنك ، كم بقي من (المرتَّب) ؟ ..تضحك .. بل قل كم بقي ممَّا عجز عنه المرتَّب ؟!! تعدُّ على أصابع يديك ، كم ولداً لديك والمدارس على أبواب العام الدراسي الجديد ..تسرِّح عينيكَ ، تبشمان مشهداً من هنــا وهنــاك ، تلوح في خاطرك قصَّةٌ قصيرةٌ جدَّاً : ((كـان صباحاً خانقاً بكلِّ ما تحمل الكلمةُ مِن معانٍ حقيقيَّةٍ ومجازيَّة .. بَشَم أحدُهــم منْ فراغِ الخصاصة ، وشَتَم الواقعَ مِن أعلى رأسه إلى أخمص قدمَيْهِ .. تجشَّأَ جارٌ له حتى عفَّر الفراغَ برذاذِ التُخْمةِ ورِيحهـــا قائلاً يا لكَ مِن عميلٍ مأجورٍ خائنٍ للوطن ))!! تدفعها (القصة القصيرة ) بيديك كلتيهما ..ينبت للحكومة لسانان أرقطان على الصُّحُف اليومية - التي تحجَّمت بفعل الاقتصاد – أحدهما يعتزم رفع الدعم عن الوقود ، وثانيهما يعترض ! ولن يحدث إلاَّ ما يتوافقان عليه طبعاً وهو : زيادة الطين بِلَّة !! تهشُّ على عينيك لتثنيهما عن الاستغراق ؛ فينبت للحكومة في موضعٍ آخر أيضاً لسانان ، الأول ينتوي افتتاح العام الدراسي في ميقاته ، بينما يخشى الآخر غليان الصيف وزمهرير الهجير و (كتمة ) الجوِّ الخريفيِّ الخانق التي يُمكن أن تتفجَّر في أية لحظة رياحاً وأعاصيرَ وأمطاراً وسيولاً تقتلع أشجار السيَّال الضخمة من جذورها! ستحمد الله على فرضية تأجيل افتتاح المدارس غضَّ النظر عن السبب ..عسى أن ينبلج الفرَج ..ستصل إلى موقع عملك باكراً تستقبلك المحسوبية في أبهى زينتها ، كاسيةً عاريةً ، معطَّرةً مبطَّرة ..تضرب بأرجلها ليُعلَم ما يُخفى من زينتها ..تخادع بالقول حتى يطمع الذي في قلبه مرضٌ ، وفي جسمه (شوية مُروَّة ) ..تمشي مشيتها التي تصلح للمعالي والتعالي بالنعالِ .. وتتيه تيهاً ، وتمكِّن عاشقها من صحن خدِّها ، وتُعطي قُبْلتَها – كما ولاَّدة بنت المستكفي بالله عشيقة بن زيدون - مَن يشتهيها ! تنظر إليها شذراً مِن أعلى رأسها إلى أخمص قدميها المُزيَّنين بالخلاخل ..تعرض عنك مخلِّفةً وراءها ضحكةً ماجنةً وعطراً تحسبه نفيساً ! تنغمس في واجباتك لا تلوي على شئٍ إلاَّ بعض الوخذات التي تنوشك بين الفينة والأخرى نتيجة تذكر الواقع والحال (المائل ) ! تُنهي يومك ..تتأبَّط خيبتَك ..تقفل راجعـاً ..تسرِّح عينيك ..يبشمان مشهداً من هنــا ومن هنــاك ..تدخل دارك سالماً خالي الوفاض إلاَّ من الصبر الجزوع ! تُلقي بجسدك على سريرك لتخلدَ إلى السَّهَــر ! وهكذا وهكذا ، إذنْ فأنتَ محمَّد أحمد !! إيَّاك أن تندهش إذا ما رفعتَ رأسك صباحاً ووجدتَ هذه الأبيات تحت وسادتك : وغفوتُ فى بيتِ القصيدِ محصنَّاً صلَّى ..توكَّل .. واستخارا ورفعتُ للحلم البعيد بيارقاً ما هزَّ منكبَه ولكن كلَّما دانيته؛ انزاح عنِّىَ أو توارى ! ما لى وللسُّدُفِ البعيدة إننى بالكاد ألمس مرقدى متأبِّطاً رهقَ النهارِ دثارا أنا ما نفضتُ سريرتى لكننى فرَّقتُ بين البوح والصمتِ اللعينِ شجارا !!!
* نُشر بالوفاق اليوم الخميس 14/6/2012م
|
|
|
|
|
|