|
|
 معاوية يسن يقود نجاح اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور وردي
|
وجيتا لتونا من اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور وردي وكانت فعلا احتفالا يليق بقامة الاستاذ وردي فقد ابدع د. صلاح علي محجوب كالعادة وكذلك الاستاذ معاوية الذي اثرى اللقاء بمنهجية والقى علينا ندوة قل ان تجود به سوح اللقاءات الثقافية وسوف تنزل تباعا الصور من عدة كاميرات
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يسن يقود نجاح اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور و (Re: Zomrawi Alweli)
|
الاخ زمراوى
تحية طيبة
لا شك ان ما قدمه الاستاذ معاوية يسن تلك الليلة .. دراسة و سفر .. يعد لحاله انجازا غير مسبوق و توثيقا علميا لمسيرة أحد أهم العلامات الفنية و الثقافية السودانية .
وردي لم يكن مغنيا أو فنانا أو مثقفا نخبويا ، وردى نبضا سودانيا خالصا ، أفترش كل السودان ارضا ،و لم يعرف سماء غيره
و نهل من كل ثقافاته .. و قدمها ايضا لكل السودان .. قيما و معانى و الحانا ، ستبقي ما بقي السودان..
الدراسة التى قدمها معاوية يسن ، أيضا نموذجا لما يجب أن تكون عليه .. الكتابات و المحاضرات و الندوات .. فهو سفر اكاديمي بجدارة ، قلّ أن نجد مثله عمقا و الماما و رؤية .
أما تعقيب الاستاذة الرائدة نفيسة أحمد الامين و هي من مؤسسات الاتحاد النسائي السوداني ، قبل مايو و عبود و أول تنظيم نسائى سودانى بالمملكة المتحدة و هي أول سودانية تعمل في قمة الجهاز التنفيذي كنائبة لوزير الشباب 1971م. و شاهدا على ما قدمه وردي لنساء السودان من خلال تلك القصيدة التى غناها لنساء السودان و التى لا يعرفها أو يسمعها الكثيرون كانت إضافة لجانب أخر من إسهامات الراحل المقيم محمد عثمان وردى ..
أما التشكيليين فقد قدموا .. أعمالا .. تليق بهم و بوردى .. و تفوقوا على أنفسهم .. و ليتها تطبع فى كتيب .. أنيق نراه ضمن الفعاليات القادمة و ليتها أيضا توزع فى السودان ..
لكم التهنئة مجددا و للجنة المنظمة و لكل من شارك فى تحقيق هذا العمل.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يسن يقود نجاح اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور و (Re: عبدالغني كرم الله)
|
كلمة الدكتور صلاح علي محجوب
رئيس اللجنة العليا لفعاليات وردي الوطن
مهرجانات وردي الوطن
المهرجان الأوّل
31/05/2012م
كلمة الافتتاح للجنة العليا لمهرجانات وردي الوطن
صلاح محجوب
الحمد لله الذي جعل ما لا أذنٌ سمعت نعمة من نِعمِ الجنّة، ونصلي ونسلمُ على من اجتمعت القلوبُ على حبّه أنّى ما وُجِدت وأينَ، سيّدِنا محمّدٍ المبعوثِ رحمة للعالمين وعلى آله وصحابته أجمعين.
السادة ضيوفـَنا الكِرام،
السلام عليكم ورحمة الله الكريم المنّان.
عطّر سماواتِ الوطن، بإرث سيبقى ما بقِى الزمن، ألهبَ المشاعر من فيضِ كلِّ شاعر، وتغنـّى وتمنـّى للوطن. مخــرَ من بحرِ الفنِّ عُبَابَه، دون أن تبتـلّ في يده الرَّبابة. ربابةُ الغلابة، زفّ كلّ محبٍّ لمُحبِّه، وأحرق في محرابِ الوطنِ الكبيرِ قلبَه، زفراتٌ حرّى وأهاتٌ راقصة، وملاحمُ كُبرى وألحانٌ هامسة. جمع على حبّه الطفلَ اليافع، ومن في ريعانه اليانع، والكبيرَ الدانِف، وظلّ لحنـُه شفاءً للسقيم المُدنَف.
تشرّب (الصّمدُ الشافع ) حبّ المترة في صواردة، ودار الولدُ القانع، مع القادوس كالعبادة، تربالٌ يافع، ليس دوران الساقية في مفهومه مواجع، كما كان للصغار من أترابه. بل يوحي له أنينها الشجن: والشجنُ هو فقدُ الأمِّ الحنينةِ قبلَ أنْ يبدأ الزمن.
ويلهمُه نبضُ الساقية الحزينُ أن يحمل الطنبور ليعزف الألحان .. معلناً مولد الشاعرٍ الفنّان. وموعدٌ مع القدر أن يصبحَ ورديُّنا نبضَ أمّة، يبزُّ أقرانـَه واللـُّمة.
كما الخليل وكما دهب خليل، يدندن لحنَ ( النوب) لحنَ الذهب، يصير اللحنُ بعد حين نشيداً للوطن، ولا سياج للوطن. صورادة ؟ كلا، بل انطلق. عبري وإشكيت وفركة؟ كلا، دعِ القلق، ومن ثـَمّ انطلق. أمدرمان ومتولي عيد؟ لا بل الهمّ أكبر. هاجـِر مع الطيرِ واعبُرْ. إفريقيّا شرقيّها وغربيّها؟ لا سياج للوطن .. لا سياج للوطن.
إنـّه وردي الوطن
وقالت الوثيقة قد رحل، استنكرت الجموعُ: لا نراه قد رحل، ما خفـَتَ صوتُ الطنبورِ ما اضمحل، ثمّ إنّنا لا نرى المحل. شدْوُه كما كان دوْمَاً يشنّفُ الأذن، عطرُه الفوّاحُ قولُه اللماحُ ما زال بيننا، هل توقف الزمن؟ قال الطبيب لا أسمع نبضَه، لقد توقف قلبُه، إنّ السمّاعةَ لا تكذب، اسألوا الطبيبَ المجرِّب. وهل نسمعُ من الطبيب غيرَ الكذب؟ أما كذبَ الطبيبُ على أبي الطيّب وأخطأ التشخيص؟ فقال فيه المتنبّي ( والمتنبّي شيّال حال):
يقول لي الطبيبُ أكلتَ شيئاً * * * وداؤك في شرابك والطعام
فيتحدّاه المتنبّي بأنّ طبّه لا يستطيعُ أن يُشخصَ حالته التي سبرَ هو غوْرَها حين قال:
وما في طبّهِ أنّي جــوادٌ * * * أضرّ بجسمِه طــولُ الجمـــامِ
يا طبيبنا إنّ طبّك في (مطب)، هذا الرجل من ذهب ولا يصدأ الذهب، وبلده نوبيا مشتقٌّ اسمها من (النوب)، ألا تدري ما هو الذهب؟
يا طبيبَنا إنّ وردي يسعى بيننا، إنّ وردي حيٌّ في دواخلنا.
هذا هو المنطلق (حيٌّ في دواخلنا)، تنادينا بها جميعاً لنقيم لوردي الوطن مهرجاناتٍ تقهرُ حزنَ من حـَزِن، وتنهضُ بهمّةِ من رأى رأيَ الطبيِبِ الذي قلـّبَ لنا ظهرَ المِجَن. وردي الوطن حيٌّ في دواخلنا ... مهرجاناتٌ تترى، أوّلُ قطرِها الليلة.
وتلحق بها بعد شهرٍ مُزنةٌ أخرى، مُزنةٌ نوبيّة حفلها مهيب، تمتنع فيه لغة الضاد، وينتشي الناطقون بغيرها وقد جمعنا لها - في عناقٍ- الأضداد ( عزم ترهاقا وإيمان العروبة). يحييها نوبة جنوب الشمال نوبة إخناتون، ونوبة شمال الجنوب نوبة تهارقا الميمون.
وتتلوها ديمة إفريقيّةٌ هتون: ما فشلت فيه منظمةُ الوحدة الإفريقيّة، وسليلـُها العليل الاتحاد الإفريقيّ، ووكالة أنبائهما ( بانا)، نجح فيها وردي حين أتانا ينسِجُ شرقيَّها بغربيِّها. دانت القلوب بحبّه تيّمها اللحنُ الذي هيمن، وشُغِفت بحبِّ ملحـِّنِها المُدندن وإن لم تفهمِ المنطوق.
قال لي محمّد ياسين إنّه كان في منفذ ( وردي فون) يبيع شرائط الغناء حين أتاه ذلك النيجيريّ المتين يطلبُ شريط ( واهرو هتـّا مِن جكره).. يقولُ: لم نستبين.. وردّدها المتين ( واهرو هتـّا مِن جكره)...ردّدها مثنى وثلاث ورُباع، وضربوا هم أخماساً في أسداس، حتى قيّض الله لزائرٍ تفسيرَها ( لعله كان من أهل المِزاج) قال: يريد ( واهرب حتّى من ذكراك)، فتأمّل.
هو إذن مهرجان يعبّر فيه أهل إريتريا وأثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وغيرهم عن حبّهم لمن جمع بينهم.
ثمّ يأتي الغيثٌ العميم مهرجان أصدقاء أبي عركي... هي المفاجأة الكُبرى، إذن نترك شأنها، حتى نملأ دنّها في ليلة العُرس الجميل.
والسيل الكاسحُ هو سيل رابطة الصالحيّة الرياضيّة التي يتحوّلُ موسمُها الرياضيّ مهرجاناً ورديّاً، سنسمع عنه كلّ تفصيل.
ثمّ يأتي رذاذ المهرجانِ الجامعِ الخاتم.
لم نحدّد موعداً قاطعاً لكلِّ مهرجان، ولكنّا ننشرُ مهرجاناتِنا ما بين (مايو) الذي (انجلى) وأكتوبر الأخضر القادم، أكتوبر ( الدرد) الذي يستوي به ( العيشُ الملـبِّن).
أمّا المهرجانُ الفاتحُ الأوّلُ:
مهرجانُ الليلة، فهو لقمةُ سائغة زيّنا لها الأشداق حين قامت لها على ساق جمعيّةُ الصحفيين السودانيين، التي تنظمها وتتكفـّلُ بكلِّ شأنها إلا القليل. ومحاضِرُ اليوم بين أقرانه القُدّام والذروة والسّنام، هو صحفيّ ناقدٌ مؤرّخ باحث موثـّق، أرّخ للغناء السودانيّ كما لم يفعل أحد حين اكتفى الموثـِّقون بالشهادات الشفهيّة، هو أستاذنا معاوية ياسين، وبعد أن تسمعوا قوله المُبين، ( حوّطوه ) بالمعوِّذتين و(يس).
تزدانُ هذه الليلة وتأخذ هذه القاعات وهذه الحوائط زخارفـَها المُوَشَّاة بفعل مجموعة نذرت نفسها للفن (بيت التشكيليين السودانيين)، واصلوا الليل بالنهار يسابقون الزمن، في لجان مهرجانات وردي الوطن. منهم من هو جزء من اللجان ومنهم من هو خارجها، يضعون البصمة وينتزعون البسمة، يلوّنون كلّ ما يخصّنا بلونِ يجلب المسرّة، في كلّ مرّة.
وينتهي حفلنا اليوم بأغاني شجيّة.. نماذج فنيّة من الأغاني الورديّة يشدو بها مدثر ياسين وسيّد زمرواي ومجموعة الفنّانين يدخلون على قلوبنا السرور، حتى نحلق في فضاءات الطيور.
أحبّتي:
بعد ذا، ترقبوا سُحبَ السماءِ: غيمةً وقطراً، وديمةً وغيثاً وسيلاً، هي تترى، هي قطرات مهرجاناتِ وردي الوطن. ودمتم جميعاً للوطن، و(حدق العيون ليك يا وطن).
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يسن يقود نجاح اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور و (Re: Zomrawi Alweli)
|
...
العزيز، زمراوي..
طبت، وطاب سعيكم، وألف بركة وسعد، لكل من شاهد تلكم الحفل، للحي، وردي، ولبناته أغنياته، وهن أجمل من سحر القلب والعقل.. ومسحن الدمع، ورفعن الواقع من الواضة، وحرضن اليائس، ولهن من الفضائل، ما لا يحصى، ولكل من أصغى لهن (أي بناته، أي أغنياته)، لابد له تجربه، وشكر يخصه، وعمل نفيس قمن به، في نفسه، وروحه..
للحق، تعرفت على أستاذ معاوية يسن، من خلال عدة مقالات رصينة، في مجلة الخرطوم الجديدة، وشدني إخلاصه وعمقه وبساطته، معا، في جس تاريخ الغناء والموسيقى في بلادي.. وصرت مواظب على متابعة الحلقات، وأظن أمتع مقال قرأته، في حياتي عن الفن، هو كتيب صغير، للأستاذ أبشر الطيب (عن الحقيبة وصلاح أحمد محمد صالح)، وهو كتيب صغير، لكنه مسبوك، كتب بعشق ووله، فجاء قمة في الجمال، لأغاني، كانت (سلة غذاء الوجدان)، عبر ما يقارب قرن من تاريخ بلادي، ولاشك أغاني الحقيبة، ومقاربة لمقولة (الأسد مجموعة خراف مهضمومة)، فالذوق السوداني، هو مجموعة أغاني حقيبة مهضومة، فكل ضحكة أرتسمت على الوحه، أو لوحة رسمت في معرض، أو بسمه، أو قصة دونت في كتيب، لاشك لتلكم الأغاني فضل عليها، واثر فيها، ..
أما المقال الثاني، الذي شدني، فهو مقال لأستاذ معاوية حسن يسن، بل هو مقال، ولقاء بين وردي ويسن، جرى في بلاد الضباب..
كان لقاء شافي، طيب، بسيط، عميق، شعرت بأن وردي أجرى اللقاء حافي، ومتكئ، مثل جلسة الاعتراف في المسيحية، والتي تكون في ضوء يغري بالحميمية، والاعتراف، وصدق الحكي، فحكى بصدق، ولاشك (إصغاء)، يسن له، جعله يكشف ويتداعى لأعماق جميلة، وطفولية في تجربة وردي، وللحق ليس كل من حمل قلم ومسجل هو من يجري اللقاء، ففن الإصفاء نفسه، يقري الضيف بالاسترسل (أكرم محدثك بالإصغاء إليه)، فطربت لداك الحوار، حتى الهمس التاريخي الغرائبي (زنوج جامايكا، هم نوبة هربوا من تعسف الفراعنة، واستعبادهم لبناء الاهرامات)، يعني بوب مارلي، ووردي أولاد عم، وبرضو مايكل جاكسون،
المهم..
حتى وردي (الشروم)، كان ظاهرا في اللقاء،... يضحك بلطافة فتبدو اسنانه الشروم، ألطف ما يكون، ..
وبعد دلك اللقاء صرت أبحث عن كتابه القيم (من تاريخ الغناء والموسيقى في السودان - من أقدم العصور وحتى 1940م)، بغلافه الأسود الجميل، وتلك الربابات الخشبية، التي تحمل بداخلها صور كرومة، والعبادي وخليل فرح، بتصميم من الياس فتح الرحمن، وتقديم بسيط، خلف الغلاف للاستاد محمد المكي ابراهيم قال فيه:
(للكاتب باع لا يجارى، فهو المؤرخ المحقق، والصحفي الشاهدعلى عصره، والرجل الدي التقي بالمبدعين المعنيين، وسمع منهم، وناقشهم، وجادلهم، واطلع على روياتهم...)
والآن أنا أسير صفحات الكتاب، وود الرضي (هو جد لأمي)، والعبادي، وظهور العود في الغناء، والكمان والخواجة الايطالي، ومحمدية، فشكرا لتاريخ الدلوكة، والطار، والجيتار...
التي أحيت الفكر والشعور والبدن..
فالرقص فن (سئلت راقصة ماهرة، أين روحك؟
فقالت: روح العالم في عقله
وروح الشاعر في قلبه
وروح العازف في يده
ورح الراقصة في جسدها كله....
فشكر للكون، بموسيقاه، ورقص الوجود، كله، في فلك يسبحون...
فشكرا لوردي، ولكم، وليسن الفنان، مثلهم..
فله، ولكم، ولوردي عظيم محبتي..
ومن لا يشكر الناس، لا يشكر الله..
وأعتراف، بأن وردي فنان خالد، بمعنى الكلمة، وهو عبقري، حتى تحس بأنه كان ألف فنان، بما انجزه، وفي طريقة واسلوب عشقه للبلاد، والفن، والتاريخ..
كأن اختصر حياة شعب في فنه، كل الحياة..
محبتي
عبدالغني كرم الله
حي الأزهري
جنوب الخرطوم، ظهر اليوم
....
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: معاوية يسن يقود نجاح اولى فعاليات تأبين الراحل المقيم الامبراطور و (Re: عبدالغني كرم الله)
|
دفـقــة حـزن على عـاشــق الوطـن
نفيسة أحمد الأمين
في رحاب الله يا محمد.. يا عاشق الوطن، يا علماً خفاقاً في ساحات النضال الوطني، يا متيماً بحب البسطاء والمقهورين، يا صابراً على جراحات الزمن الغائرة، يا قوى العزم والارادة والشكيمة، يا متجاوزاً لساقط القول والفعل، يا شامخاً وسمحاً ومتسامحاً.
سعيت جادة لوداعك قبل مغادرتك الوطن للعلاج فلم أوفق، وحاولت كثيراً سماع صوتك عبر الهاتف وأنت بلندن لأطمئن على صحتك وكذلك لم أوفق... وكنت أمني النفس بلقائك مهنئة ببلوغ العافية وسلامة العودة للوطن ولكن خالق الكون كان له قضاء آخر ونحن بقضائه مؤمنون فلا حول ولا قوة إلا بالله.
عرفتك يا محمد عن قرب منذ النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي وأنا نسبياً حديثة عهد بالحياة الزوجية في صحبة زوجي الراحل كمال الدين عثمان لتلقي العلم والتخصص بعاصمة الضباب لندن... التقيتك لأول مرة مع زوجي والقطار يسير بنا الهوينا مبطئاً على أنغام الموسيقى ثم متوقفاً في محطة وارسو عاصمة بولندا وأنت ورفاقك تستقبلون وفود الشباب القادمة في هذا القطار من غرب أوربا للمشاركة في مهرجان الشباب العالمي في صيف 1955م - وكنت السودانية الوحيدة في ذلك القطار. والتقينا مرة أخرى في صيف 1957م للمشاركة في مهرجان الشباب العالمي بموسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي آنذاك، والحديث عن تلك المؤتمرات شأن آخر. ثم بعدها استقبلناك زائراً كريماً مرحباً بك في لندن وقضيت معنا أياماً لا تنسى.
ولقاءات بلاد الغربة خاصة في ذلك الزمان تكشف عن معادن الرجال وما أروع معدنك يا محمد، فقد وجدتك أصيلاً (ود بلد وأخو بنات) معتزاً وفخوراً بسودانيتك محباً لوطنك وأسرتك ومتعلقاً بها، شغوفاً بحب والدتك. المرأة في نظرك مخلوق رائع حباها خالق الكون بسر الوجود.. وهي بالنسبة إليك الأم والأخت والزوجة والابنة (وبت الفريق) وزميلة الدراسة والعمل، ورفيقة دروب النضال الشائكة الوعرة، لها في الحياة حقوق انسانية وعليها واجبات مثلها مثل الرجل.
وجدتك يا محمد خلوقاً حلو المعشر.. شاباً فتياً محتشماً جوهراً ومظهراً.. كريماً شهماً مقداماً ودوداً بشوشاً مرحاً حاضر المزحة اللطيفة الهادفة الساخرة أحياناً... وجدتك مولعاً بالثقافة والمعارف الانسانية... مبدعاً متميزاً... الابداع يجري في عروقك ويتخلل مساماتك وتعتبره وقوداً دافعاً للحراك المجتمعي في جميع المجالات ومنقياً للنفس البشرية من نزاعات الشرور والآثام، وهو وسيلة فاعلة للتواصل بين شعوب العالم، وخلاصة القول أصبحت يا محمد معرفتي بك اضافة عظيمة ثرة لرصيدي في العلاقات الانسانية وهو أعظم رصيد اعتز به والفضل في ذلك يرجع بعد الله إلى زوجي الراحل فقد كنت عزيزاً لديه.
ودارت عجلة الزمن والتقينا مرة أخرى في السودان في ظروف متقلبة ومتباينة ونشأت بين أسرتينا علاقة أخوية انسانية متجردة، ولكنك كنت بكل أسف في أغلب تلك الفترات الوطنية مغيباً إما في المعتقل أو في المنفى الاجباري الاختياري وكنت أطمئن على أحوالك من أسرتك الكريمة وقد تألمت كثيراً لما كنت تعانيه وتكابده بسبب البعد عن والدتك الحبيبة التي أقعدها المرض تماماً لزمن طويل.
وسارت الأيام وسعدنا بخروجك للحياة العامة مرة أخرى من منفاك الذي طال أمده وبمشاركاتك الوطنية المرموقة بكل قيمك ومثلك في علاقاتك الانسانية وروحك العالية وطيبتك وحسن معشرك... ورغم قسوة الأيام وتقدم العمر ظللت أنت أنت محمد بكل دواخلك النقية الرائعة، لم تتصرف قط بردة الفعل حيال من ظلموك أو تجنوا عليك لم تحقد ولم تعادِ ولم تخاصم من اختلفوا معك سياسياً لأنك لم تختلف معهم انسانياً فما أعظمك يا انسان.
لقد تركت معاناتك المتواصلة بصماتها فقط على صحتك البدنية الغالية فرحلت عن دنيانا الفانية في هدوء يا عاشق الوطن ويا رمز الانسانية وتركتنا مع الأحداث الوطنية والعالمية كمن يحارب تحت سماء مكشوفة والله وحده يعلم ما تخبئ الأيام القادمات... رحلت يا محمد ولم تترك مالاً ولا عقاراً... لا أرصدة ولا مزارع ولا مصانع ولا مؤسسات ولا... ولا... ولكنك تركت إرثاً عظيماً من الخلق الرفيع والنضال الوطني والتضحيات والصبر على المكاره وكذلك من فنون التعامل مع بني البشر بكل أنواعهم وقطاعاتهم... تركت دروساً قيمة للأجيال القادمة... جعل الله ما قدمته وكل ما قاسيته وعانيته في ميزان حسناتك.
رحمك الله يا عاشق الوطن بقدر ما كافحت وعانيت وبقدر ما أعطيت وأفنيت، وبقدر ما أسعدت وأرضيت، وأنزل على قبرك الطاهر شآبيب رحمته الواسعة، وبوأك مكاناً علياً في جنات الخلد والرضوان، وألزم الجميع في فقدك الصبر والثبات على اليقين والايمان.
«إنا لله وإنا إليه راجعون»
وإنا بقضائه وقدره راضون..
| |
|
|
|
|
|
|
| |
Zomrawi Alweli
Elmosley
محسية
اسعد الريفى
ABUHUSSEIN
عبدالغني كرم الله
لؤى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست