|
سكران في الانتخابات الفرنسية
|
ما أن تأتي هذه الانتخابات الفرنسية إلا وتقفز إلى ذاكرتي حادثة شخصية مرت بي , قبل عامين أو ثلاث أعوام من الآن , أثناء الأنتخابات السابقة التي كانت تُحدد مجلس البلدية في كل منطقة , حينها لم أكن أمتلك ذاك الحق الشريعي كإنسان , لا هنا بين جزيئات هذه الأرض الباردة أو في ذاك البلد الأصلي الذي انتمي له جغرافياً ونفسياً . المهم , صباح ذلك الأحد اليتيم , تآمرت السماء على السُكان , فهطلت أمطار مُتقطعة , لم تنهمر أو تتوقف من الأساس , ظلت هكذا بين هذا وذاك , بل أصبح الجو غاتم وغائم في آن واحد , أذكر ذلك كأنه حدث قبل ثوان معدودة ,كنت في طريقي إلى مركز المدينة , وأنا أدخن سيجارة الصباح أمام الملأ , وإذا بي أُفاجأ بشخص يصيح : ( يا سيد ,, يا سيد ) , تلفت يمنةً ويسرة , لم أجد أحد بالقرب مني , تيقنت حينها أنني هذا السيد المقصود , وبقية القول في بنية اللاوعي الدونية : ( رجلٌ ابيض , يدعو أسود أفريقي , افطس الأنف والتفاصيل , بكلمة سيد , وبأحترام ملحوظ وواضح ) لعمري أن ذلك أمر جلل , يشيب منه الرأس ويتفتق الضمير أيضاً . في الواقع هذا النوع من البشر داخل فرنسا , ارتبط في اللاوعي العام, بالفاقة أو السؤال عن شيئين لا ثالث لهما , إما أن يسألك بعض المال , ثم يسرد في خشوع , حكاية مأساوية عن التشرد والجوع , أو يسألك سجارة يطفي بها شبق ادمانه لأنثى تُجهز على الرئتين , ثم تقضي عليهما فيما بعد . توقفت , ثم لا شعورياً , وضعت يدي في الجيب الذي أضع فيه عُلبة السجائر , لكن فاجأني الرجل , وسألني عن مركز الأنتخابات داخل الحي الذي أقطن فيه , حقيقةً تراجعت قليلاً من رائحة الرجل , لقد داهمت أنفي وكسرت مخارج الحروف التي أنطقها بشق الأنفس , كان متسخاً , ومتهلهلاً , تكالبت الأوساخ على ملابسه , من ثَم صنعت فتحات للتهوية على أثماله , مختلفة المساحات والمواقع , يستطيع صاحب أي نظارة كثيفة العدسات أن يشاهد تلكم الفتحات بالعين المجردة لا غير , بينما - نتبجح نحن داخل مفردات الأخلاق السودانية - لنُعطي هذا النوع من المسخ البشري لقب (صعلوك) من الدرجة الممتازة , أو نُصنفه من فئة الحالات الميؤوس منها , بإختصار عندما يظهر في مكان عام , خلسة , البعض يُتمتم : ( أعوذ بالله العظيم ) , وهنالك من يدير رأسه في الاتجاه الآخر , ثم يقول سراً : ( نسأل الله السلامة ) أو يقول : ( ربنا يهديه ويهدي أمة محمد جميعاً ) , أما المحافظين , فينصرفون في التو واللحظة , احتجاجاً على وجوده في حاضرة المكان والزمان. لا أخفي – أعزائي - هول المفاجأة , لعثم شفتاي فعجزا عن النُطق , وشعرت أنني سيء الظن إلى أبعد الحدود , بل حقيقةً شعرت أنني أنتمي إلى شعب أكثر وضاعةً وحقداً. جمّعت قواي المبعثرة واصفاً الطريق لهذا السكران , لقد كان يخيط الشارع من أعلاه إلى أدناه بمهارة فائقة , بل حتى أنه لا يستطيع أن يرتكز على قدمين مستقميتين , يصنعا زاوية قائمة على سطح مستوٍ وخال من الشوائب الأيدولوجية والنفسية والديكتاتورية أيضاً , تنبهت إلى نفسي , واطلقت عنان بصري في اتجاه غيمتان تتصارعان بمساحة ضيقة بين سحب متشابكه فوق بعضها البعض , وسألت نفسي هل سيأتي يوماً يصوت فيه الأصحاء داخل السودان ؟ وتناسيت تعمداً السكارى والمواطنيين ذوي العجز الأخلاقي والثقافي , فهذه مرحلة متافيزيقية بعيدة , على ما يبدو من واقع الحال . في بدايات هذا العام , وقبل الدورة الانتخابية الأولى باسبوعين فقط , فتحت صندوق بريدي الخاص , فإذا بي أجده كما هو , بخيره وشره , خطاب مُغلق يحمل شعار البلدية التي أحتل جزءاً منها , وبجانبه شعار دولةٍ , ارتبطتُ بها بعلاقة عدائية مستترة من الطراز الممتاز , لست استثناءاً صارخاً أنما هي فكرة عامة , فكل العرب والأفارقة يعانون من هذا الشعور العدائي والعنصري في ذات الوقت , ربما هو نوع من تفريغ عُقدة الدونية التي نحملها اتجاه كل ما هو ابيض , أو نوع من تعليل الفشل السيادي والسياسي , وربما ؟ , وربما ؟؟! , يوجد عدد لا بأس به من التعليلات البيزنطية أو النفسية , أطلق عليها ما شئت !! لقد كان يحمل لي هذا الخطاب , بطاقة انتخابية , تحمل اسمي , وعنواني , ورقمي داخل الدفاتر الانتخابية , حينها استطعت تحديد بُقع الضوء التي تفصلينا عن هؤلاء الذين نذكرهم بأقبح الصفات الاجتماعية , وفي ذات والوقت لعنت اليوم الذي جاء فيه أولئك عنوةً , يغتصبون أقل حق يمكن أن شعرك أنك تنتمي إلى رقعة صغيرة من العالم تسمى دولة السودان , بشقيه الحديثين .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: سكران في الانتخابات الفرنسية (Re: aydaroos)
|
حبيبنا حاتم مشتاقين و الله
Quote: مرة أضحك و مرة أبكي و مرة تغلبني القراية كتابة الجن .. و بالذات التعشيق ما بين الحالة هنا و الحالة هناك مبروك حق الإنتخاب في بلاد الفرنجة، و عقبال ما تجي تصوت هنا |
اليوم ده عيدروس مستلف مني وعيي و سابقني لأي قول سمح .. بس عزائي إنه بيقوله أحسن مني :)
أنا عملت بطاقتي المتواضعه جدا لإنتخاباتنا المخجوجه الفاتت و لسه قاعده في الدرج بعد ما قررت إني ما أشتغل بالموضوع غايتو يكون إسمي عملت محاولة (شروع في الإنتخاب) و عقبال ما ننتخب كلنا في جو صحي و معافى و لو بعد حين !!
كامل الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سكران في الانتخابات الفرنسية (Re: aydaroos)
|
سلامات ع,عيدروس
في الحقيقة الحكومة السودانية من أفضل الحكومات في العالم , فهي حكومة تهتم كثيراً بمواطنها لدرجة أنها تريحهم من التعب المشقة للوصول لمراكز التوصيت , وتتبرع فخراً , أن تصوت عن الجميع , فهذا نوع من الرفاهية غير المتوفرة حتى في دول العالم الأول حتى يُقال أنهم يتبعون نظرية عادل أمام في مسرحية الزعيم إلا وهي اصوات الأموات التي تمثل قمة الوطنية وبالتالي تعتبر الأموات - خاصة الشهداء في الجنوب - كأحياء وتقوم بالتصوت نيابة عنهم وفنحن والحمدلله لنا عدد لا بأس بهم من الأولياء ,,, وبما أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ,,, فالحكومة أضافت بنداً جديداً في دستور نحن دائماً غامضون بما أن الشهداء أحياءا عند ربهم يرزقون ’’’ فنحن عنهم في الدنيا مصوتون وقسماً لنجلعن الشعب في بيوتهم يرتاحون
مع تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سكران في الانتخابات الفرنسية (Re: mustafa bashar)
|
الاخ ناذر محمد خليفة والله شكر ليك كثير أتمنى الواحد يقدر يواصل كده
الاخ مصطفى بشار سلامات
Quote: وجاتك وجاهة من قعاد بره، وجاهة ازالت (عمشك) ياجميل!! |
بالمناسبة الكبر خش ,,, والذاكرة طشت العمشة ذادت اتخيل النظارة بتاعتي قاعدة من ما طلعت بره السودان ولم رجعت راحت هناك ....؟ وأنا لي هسع مُحتار في المسألة دي ؟؟!!
| |
|
|
|
|
|
|